الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(مناظرة ابْن عَبَّاس للخوارج)
قَالَ الذَّهَبِيّ قَالَ عِكْرِمَة بن عمار حَدثنِي أَبُو زميل قَالَ حَدثنِي ابْن عَبَّاس قَالَ لما اجْتمعت الْخَوَارِج قلت لعَلي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أبرد بِالصَّلَاةِ لعَلي آتى الْقَوْم قَالَ فَإِنِّي أَخَافهُم عَلَيْك قلت كلا فَقَالَ أَنْت وَذَاكَ فَلبس حلتين من أحسن الْحلَل وَكَانَ جهيراً جميلا قَالَ فَأتيت الْقَوْم فَلَمَّا رأواني قَالُوا مرْحَبًا بِابْن عَبَّاس فَمَا هَذِه الْحلَّة قلت وَمَا تنكرون من ذَلِك لقد رَأَيْت على رَسُول الله
حلَّة من أحسن الْحلَل قَالَ ثمَّ تَلَوت عَلَيْهِم {قل مَن حرم يؤمنونَ اللهِ الَّتِي أخرج لِعبَاده} الْأَعْرَاف 32 الْآيَة قَالُوا فَمَا جَاءَ بك قلت جِئتُكُمْ من عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمن عِنْد أَصْحَاب رَسُول الله
وصهره فَأقبل بَعضهم على بعض وَقَالُوا لَا تُكَلِّمُوهُ فَإِن الله تَعَالَى يَقُول {بَل هُم قَوم خَصِمونَ} الزخرف 58 وَقَالَ بَعضهم وَمَا يمنعنا من كَلَام ابْن عَم رَسُول الله
يَدْعُونَا إِلَى كتاب الله فَقَالُوا ننقم عَلَيْهِ خلالا ثَلَاثًا أَحدهَا أَنه حكم الرِّجَال فِي دين الله وَمَا للرِّجَال وَحكم الله الثَّانِيَة أَنه قَاتل وَلم يسب وَلم يغنم فَإِن كَانَ قد حل قِتَالهمْ فقد حل سَبْيهمْ وَإِلَّا فَلَا الثَّالِثَة أَنه محا نَفسه من إمرة الْمُؤمنِينَ فَإِن لم يكن أَمِير الْمُؤمنِينَ فَهُوَ أَمِير الْمُشْركين قَالَ ابْن عَبَّاس هَل غير هَذَا فَقَالُوا حَسبنَا هَذَا فَقَالَ لَهُم أَرَأَيْتُم إِن خرجت لكم من كتاب الله وَسنة رَسُوله
أراجعون أَنْتُم قَالُوا وَمَا يمنعنا قَالَ أما قَوْلكُم إِنَّه حكم الرِّجَال فِي أَمر الله تَعَالَى فَإِنِّي سَمِعت الله تَعَالَى يَقُول فِي كِتَابه {يحكُمُ بِهِ ذوَا عَدل مِنكُم} الْمَائِدَة 95 وَذَلِكَ فِي ثمن صيد أرنب وَنَحْوه قِيمَته ربع دِرْهَم فوض الله تَعَالَى فِي الحكم إِلَى الرِّجَال وَلَو شَاءَ أَن يحكم لحكم وَقَالَ {وَإِن خِفتم شِقَاقَ بَينِهِمَا فَاَبعَثُوا حَكَمَاً مِن أهلِه وَحَكَمَاً مِّن أهلِهَا} الْآيَة النِّسَاء 35 أخرجت من هَذِه قَالُوا نعم قلت وَأما قَوْلكُم قَاتل وَلم يسب فَإِنَّهُ قَاتل أمكُم لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {وأزواجه أمَهاتهم} الْأَحْزَاب 6 فَإِن زعمتم أَنَّهَا لَيست بأمكم فقد كَفرْتُمْ وَإِن زعمتم أَنَّهَا أمكُم فَمَا حل سباؤها فَأنْتم بَين ضلالتين أخرجت من هَذِه قَالُوا نعم قلت وَأما
قَوْلكُم إِنَّه محا سمه من إمرة الْمُؤمنِينَ فَإِنِّي أنبئكم عَن ذَلِك أما تعلمُونَ أَن رَسُول الله
يَوْم الْحُدَيْبِيَة جرى الْكتاب بَينه وَبَين سُهَيْل بن عَمْرو كتاب الصُّلْح والهدنة فَقَالَ يَا عَليّ اكْتُبْ هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول الله فَقَالَ سُهَيْل لَو نعلم أَنَّك رَسُول الله مَا منعناك الدُّخُول وَلَا قَاتَلْنَاك وَلَكِن اكْتُبْ اسْمك وَاسم أَبِيك فَقَالَ
اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَنِّي رَسُولك ثمَّ أَخذ الصَّحِيفَة فمحاها بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ يَا عَليّ اكْتُبْ هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد الله إِلَخ فوَاللَّه مَا أخرجه ذَلِك عَن النُّبُوَّة أخرجت من هَذِه قَالُوا نعم قَالَ فَرجع ثلثهم وَانْصَرف ثلثاهم وَقتل سَائِرهمْ على الضَّلَالَة يَوْم النهروان كَمَا يَأْتِي قَرِيبا ذكره قَالَ عَوْف حَدثنَا أَبُو نَضرة عَن أبي سعيد تفترق أمتِي فرْقَتَيْن تمرق بَينهمَا مارقة تقتلهم أولى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ وَهَكَذَا رَوَاهُ قَتَادَة وَسليمَان التَّيْمِيّ عَن أبي نَضرة قاْل المَسْعُودِيّ فَاجْتمع الثُّلُث الْبَاقِي من الْخَوَارِج فِي أَرْبَعَة آلَاف قلت ظهر أَن المَسْعُودِيّ رجح رِوَايَة أَنهم كَانُوا اثْنَي عشر ألفا فَكَانَ الثُّلُث أَرْبَعَة آلَاف وَبَايَعُوا عبد الله بن وهب الرَّاسِبِي وَلَحِقُوا بِالْمَدَائِنِ وَقتلُوا عَامل عَليّ عَلَيْهَا عبد الله بن خباب ذبحوه ذبحا وبقروا بَطْنه وبطن امْرَأَته وَكَانَت حَامِلا وَقتلُوا غَيرهَا من النِّسَاء وَكَانَ عَليّ قد انْفَصل عَن الْكُوفَة فِي خَمْسَة وَثَلَاثِينَ ألفا ثمَّ سَارُوا إِلَى النهروان وأتى إِلَى عَليّ من قبل عَامله على الْبَصْرَة ابْن عَبَّاس ثَلَاثَة آلَاف فيهم الْأَحْنَف بن قيس وَذَلِكَ سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ فَنزل عَليّ رضي الله عنه إِلَى الأنبار والتأمت عَلَيْهِ العساكر فَسَار حَتَّى أَتَى إِلَى النهروان فَبعث إِلَيْهِم عَليّ بِالْحَارِثِ بن مرّة الْعَبْدي رَسُولا يَدعُوهُم إِلَى الرُّجُوع فَقَتَلُوهُ وبعثوا إِلَى عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن تبتَ من حكومتك وَشهِدت على نَفسك بالْكفْر بايعناك