الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الذَّهَبِيّ وَلم يل الْخلَافَة أحد اسْمه الْحسن بعد الْحسن بن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا غير هَذَا وَوَافَقَهُ فِي الكنية أَيْضا وَمِمَّا نظمه الْعِمَاد الْكَاتِب حِين جَاءَت الْبشَارَة بخلافة المستضيء وَهُوَ بِأَرْض الْموصل قَوْله من // (الْخَفِيف) //
(قد أضاءَ الزمانُ بالمُسْتَضِيِّ
…
وارثِ البُرْدِ وابْنِ عَمِّ النبِيِّ)
(جاءَ بِالحقِّ والشريعةِ والعَدْلِ
…
فيا مرْحَبًا بِهَذَا المَجِيِّ)
(فهنيئَاً لأهْلِ بغدادَ فازوا
…
بعد بؤسَى بكلِّ عيشٍ هنىِّ)
وَكَانَ مَرضه بالحمى ابْتَدَأَ بهَا يَوْم عيد الْفطر فَلَمَّا كَانَ يَوْم السبت سلخ شَوَّال سنة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى وَكَانَت مُدَّة خِلَافَته ثَمَان سِنِين وَثَمَانِية أشهر وَثَمَانِية وَعشْرين يَوْمًا وَقيل تسع سِنِين وَثَلَاثَة أشهر وعمره سبع وَثَلَاثُونَ سنة
(خلَافَة النَّاصِر لدين الله)
أَحْمد بن المستضيء حسن بن المستنجد يُوسُف بن المقتفي لأمر الله مُحَمَّد بن المستظهر بن الْمُقْتَدِي كَانَت فِيهِ شهامة وصرامة وإقدام وعقل ودهاء وَكَانَ مستقلاُّ بِأُمُور الْملك بالعراق مُتَمَكنًا طَالَتْ أَيَّامه وَكَانَت لَهُ دسائس وعيون عِنْد كل أحد من الْأُمَرَاء والعظماء والسلاطين والحكام من الْأَجْنَاس الْمُخْتَلفَة حَتَّى كَانَ يظنّ أَن لَهُ اطلاعاً على المغيبات بُويِعَ بالخلافة بعد موت وَالِده وعمره ثَلَاث وَعِشْرُونَ سنة فَبسط الْعدْل وَأمر بإراقة الْخُمُور وَكسر الملاهي وَإِزَالَة المكوس والضرائب فعمر الْبِلَاد وَبسط الأرزاق وقصدت النَّاس بَغْدَاد وتبركوا بِهِ وَفِي أَيَّامه ظُهُور صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب واستخلاصه بَيت الْمُقَدّس من الفرنج واستيلاؤه على مصر وَإِزَالَة دولة الفاطميين عَنْهَا فَخَطب بهَا للناصر العباسي كَمَا سنذكر ذَلِك عِنْد ذكرهم
وَفِي أَيَّامه مَاتَ السُّلْطَان طغرلبك شاه بن أرسلان بن طغرلبك بن مُحَمَّد بن ملك شاه وَهُوَ آخر مُلُوك الدولة السلجوقية وَكَانَ عدتهمْ نيفاً وَعشْرين ملكا أَوَّلهمْ طغرلبك الَّذِي أعَاد الْخَلِيفَة الْقَائِم إِلَى بَغْدَاد وَمُدَّة دولتهم مائَة وَسِتُّونَ سنة وطالت أَيَّامه فأحيا رسوم الْخلَافَة وامتلأت الْقُلُوب بهيبته وَكَانَ ذَا فكر صائب وَكَانَت أَيَّامه من غرر الزَّمَان وَهُوَ الَّذِي وَقع للشريف قَتَادَة بن إِدْرِيس صَاحب مَكَّة مَعَه تِلْكَ الْوَاقِعَة حِين استدعاه وسأذكرها إِن شَاءَ الله فِي الخاتمة عِنْد ذكر الشريف قَتَادَة وَكَانَ لَهُ إِحْسَان على أهل الْحَرَمَيْنِ وَكَانَت الْكَعْبَة الشَّرِيفَة تُكسَى الديباج الْأَبْيَض زمن الْمَأْمُون إِلَى آخر أَيَّام النَّاصِر هَذَا فكساها الديباج الْأسود وَاسْتمرّ إِلَى زَمَاننَا هَذَا قَالَ فِي قلادة النَّحْر نقلا عَن الْعِمَاد الْكَاتِب فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة فِي خلَافَة النَّاصِر العباسي أجمع المنجمون على اجْتِمَاع الْكَوَاكِب السَّبْعَة فِي برج الْمِيزَان وَيدل ذَلِك على خراب الْعَالم وَأَن تهب ريح مثل ريح قوم عَاد وعينوا الِاجْتِمَاع فِي لَيْلَة نصف شعْبَان من السّنة الْمَذْكُورَة وَفرق الْمُلُوك فَحَفَرُوا حفائر ونقلوا إِلَيْهَا المَاء والزاد قَالَ فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الَّتِي عينوها جلسنا عِنْد السُّلْطَان والشموع تتقد فَلم يَتَحَرَّك اللهب مِنْهَا وَلم تَرَ لَيْلَة مثلهَا فِي ركود رِيحهَا وسكونها وَلَكِن ظهر بعد ذَلِك أَن سُلْطَان التتار خرج فِي تِلْكَ اللَّيْلَة من تِلْكَ السّنة فَكَانَ مِنْهُ مَا كَانَ من الْفساد وعاث فِي أَكثر الْبِلَاد وأفنى خلقا من الْعباد حَتَّى قتل الْخَلِيفَة العباسي المستعصم بِاللَّه بِبَغْدَاد كَمَا سأذكر قصَّته على أتم الْأَحْوَال وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة أمْطرت السَّمَاء يَوْمًا وَلَيْلَة رَمَادا وأظلمت الدُّنْيَا وَعجز النَّاس عَن اطراق الطّرق إِلَى بُيُوتهم من الْأَسْوَاق وَذَلِكَ بِمَدِينَة زبيد بِالْيمن وَوَقعت بردة فِي أَسْفَل وَادي مور من بِلَاد تهَامَة طولهَا مائَة وَسِتُّونَ ذِرَاعا وعرضها عشرَة أَذْرع وسمكها نَحوا من قامتين فَلَمَّا ذَابَتْ سقى بِمَائِهَا أَربع قطع من الأَرْض فِي ذَلِك الْموضع