الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطاف الشريف وَذكر اسْمه وَذَلِكَ فِي سنة إِحْدَى ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وآَله انْتهى وَهَذَا الْحجر بَاقٍ إِلَى يَوْمنَا ثمَّ توفّي الْمُسْتَنْصر لعشر بَقينَ من جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَرْبَعِينَ وسِتمِائَة وَكَانَت خِلَافَته سِتّ عشرَة سنة وَعشرَة أشهر وعمره اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ سنة وَأَرْبَعَة أشهر رَحمَه الله تَعَالَى
(خلَافَة المستعصم بِاللَّه)
أبي أَحْمد عبد الله بن الْمُسْتَنْصر بِاللَّه مَنْصُور بن الظَّاهِر بِأَمْر الله مُحَمَّد بن النَّاصِر لدين الله أَحْمد هُوَ آخر الْخُلَفَاء العباسيين بالعراق أمه أم ولد حبشية اسْمهَا هَاجر بُويِعَ لَهُ بالخلافة عِنْد موت أَبِيه الْمُسْتَنْصر كَانَ لينًا هينَاً قَلِيل الرَّأْي بعيد الْفَهم فوض جَمِيع أُمُوره إِلَى وزيره مؤيد الدّين بل مدمر الدّين ابْن العلقمي الرافضي فَكَانَ سَبَب هَلَاكه وَزَوَال ملكه كَمَا سَيَأْتِي ذكره وَكَانَ للمستنصر أَبِيه ابْنَانِ أَحدهمَا يُسمى بالخفاجي كَانَ شَدِيد الرَّأْس شَدِيد الرَّأْي شجاعاً صَعب المراس وَالثَّانِي هَذَا المستعصم وَكَانَ هيناً لينًا ضَعِيف الرَّأْي فاختاره الْأَمِير الشرابي على أَخِيه الخفاجي ليستبد هُوَ بِالْأَمر ويستقل بأحوال الْملك فَإِنَّهُ لَا يخشاه كَمَا يخْشَى من أَخِيه الخفاجي فَلَمَّا توفّي الْمُسْتَنْصر أخْفى الْأَمِير إقبال مَوته نَحوا من عشْرين يومَاً حَتَّى دبر الْولَايَة للمستعصم وبويع لَهُ بالخلافة ففر أَخُوهُ الخفاجي إِلَى العربان وتلاشى أمره وَفِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بنى إقبال الشرابي مدرسة بِمَكَّة على يَمِين الدَّاخِل من بَاب السَّلَام إِلَى الْمَسْجِد ورباطَاً فِيهِ عدَّة خلاوي ووقف بِالْمَدْرَسَةِ كتبا ذهبت شذر مذر إِلَّا قَلِيلا والمدرسة بَاقِيَة إِلَى الْآن وعلوها مجلسان مطلان على بَاب السَّلَام وَبهَا كتب وَقفهَا بعض أهل الْخَيْر مِمَّن أدركناه رَحِمهم الله تَعَالَى كَذَا فِي
الْأَعْلَام للقطب النهروالي نِسْبَة إِلَى نهروالا قَرْيَة من قرى الْهِنْد أَو الْعَجم وَفِي موسم السّنة الْمَذْكُورَة حجت وَالِدَة المستعصم بِاللَّه وَهِي أم ولد حبشية اسْمهَا هَاجر كَمَا تقدم وَكَانَ فِي خدمتها الْأَمِير إقبال الشرابي الدوادار وَمَعَهُ سِتَّة آلَاف خلعة وَتصدق بِنَحْوِ سِتِّينَ ألف دِينَار وعدت جمال ركب أهل بَغْدَاد تِلْكَ السّنة فَكَانَت فَوق مائَة وَعشْرين ألف بعير ثمَّ عَادَتْ إِلَى بَغْدَاد وَفِي سنة أَربع وَخمسين وسِتمِائَة كَانَ ظُهُور النَّار قَالَ أَبُو شامة فِي كتاب الروضتين جَاءَنَا كتب من الْمَدِينَة الشَّرِيفَة فِيهَا لما كَانَت لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَالِث جُمَادَى الْآخِرَة ظهر بِالْمَدِينَةِ دوِي عَظِيم ثمَّ زَلْزَلَة عَظِيمَة فَكَانَت سَاعَة بعد سَاعَة إِلَى خَامِس الشَّهْر الْمَذْكُور فظهرت نَار عَظِيمَة فِي الْحرَّة الشرقية قريبَاً من قُرَيْظَة نرَاهَا من دُورنَا من دَاخل الْمَدِينَة كَأَنَّهَا عندنَا وسالت أَوديَة مِنْهَا وَادي شظا سيل المَاء وطلعنا نقصدها فَإِذا الْجبَال تسير نَارا وسارت هَكَذَا وَهَكَذَا كَأَنَّهَا الْجبَال وطار مِنْهَا شرر كالقصر وفزع النَّاس إِلَى الْقَبْر الشريف مستغفرين تَائِبين واستمرت هَكَذَا أَكثر من شهر وَقَالَ الذَّهَبِيّ كَانَت تدب دَبِيب النَّمْل وَكَانَت تحرق كل مَا مرت عَلَيْهِ من الْحِجَارَة وَغَيرهَا فَكَانَت الْحِجَارَة تذوب كَمَا يذوب الرصاص وَكَانَت لَا تحرق أَشجَار الْمَدِينَة على مشرفها الصَّلَاة وَالسَّلَام وَكَانَ نسَاء الْمَدِينَة يغزلن على ضوئها ثمَّ انطفأت بعد مُدَّة قريبَة من شهر وَمَعَ ذَلِك مَا كَانَ لَهَا حرارة وَمَا كَانَت تُؤثر فِيمَن وصل إِلَيْهَا ذكر أَن أَمِير الْمَدِينَة الشَّرِيفَة أرسل رجلَيْنِ ليتحققا أَمر هَذِه النَّار فَلَمَّا وصلا إِلَى قربهَا وَشَاهدا عدم حَرَارَتهَا تقربا إِلَيْهَا حَتَّى إِن أَحدهمَا أخرج نشاباً فَأدْخلهُ النَّار فذاب نصله وَلم يَحْتَرِق الْعود فَقلب النشاب وَأدْخلهُ النَّار فَاحْتَرَقَ الريش وَلم يَحْتَرِق الْعود لِأَن السِّهَام كَانَت من أَشجَار الْمَدِينَة وَذَلِكَ من معجزاته عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام قَالَ اليافعي فِي تَارِيخه وَهَذِه النَّار هِيَ الَّتِي ذكرهَا رَسُول الله
فَقَالَ تظهر فِي آخر الزَّمَان نَار شَرْقي الْمَدِينَة تضيء لَهَا أَعْنَاق الْإِبِل ب بصرى من أَرض
الشَّام قلت الَّذِي ذكره الْحَافِظ الذَّهَبِيّ أَن لفظ الحَدِيث لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تخرج نَار بِأَرْض الْحجاز تضيء لَهَا أَعْنَاق الْإِبِل ب بصرى ثمَّ قَالَ وَأمر هَذِه النَّار متواتر وَهُوَ مصداق مَا أخبر بِهِ الْمُصْطَفى
وَقد حكى غير وَاحِد مِمَّن كَانَ ب بصرى أَنه رأى فِي اللَّيْل أَعْنَاق الْإِبِل فِي ضوئها والصادق لَا ينْطق عَن الْهوى
ثمَّ كَانَ أَن مؤيد الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْملك صَار وَزِير المستعصم وَكَانَ رَافِضِيًّا سباباً مستولياً على المستعصم عدوا لَهُ وَلأَهل السّنة يداريهم فِي الظَّاهِر وينافقهم فِي الْبَاطِن وَكَانَ دائراً على طمس آثَار السّنة وإعلاء منار الْبِدْعَة فَصَارَ يُكَاتب هولاكو قَائِد التتار ويطعمه فِي ملك بَغْدَاد ويخبره بأخبارها ويعرفه بِصُورَة أَخذهَا وبضعف الْخَلِيفَة وبانحلال الْعَسْكَر عَنهُ وَصَارَ يحسن للمستعصم توفير الخزائن وَعدم الصّرْف على الْعَسْكَر وَالْإِذْن لَهُم فِي الذّهاب أَيْن شَاءُوا وَيقطع أَرْزَاقهم ويشتت شملهم بِحَيْثُ إِنَّه أذن مرّة لعشرين ألف مقَاتل فَذَهَبُوا ووفر علوفاتهم من الخزانتين وَكَانَ التتار جائلين فِي الأَرْض يقتلُون وَيَأْسِرُونَ ويخربون الديار ونارهم فِي غَايَة الاشتعال والاستعار والمستعصم وَمن مَعَه فِي غَفلَة عَنْهُم إخفاء ابْن العلقمي عَنهُ سائْر الْأَخْبَار إِلَى أَن وصل هولاكو خَان إِلَى بِلَاد الْعرَاق واستأصل من بهَا قتلَا وأسراً وَتوجه إِلَى بَغْدَاد وَأرْسل إِلَى الْخَلِيفَة يَطْلُبهُ فَاسْتَيْقَظَ من نوم الْغرُور وَنَدم على غفلته حَيْثُ لَا ينفع النَّدَم وَجمع من قدر عَلَيْهِ وبرز إِلَى قِتَاله وَجمع من أهل بَغْدَاد خاصته وَمن عبيده وخدامه مَا يُقَارب أَرْبَعِينَ ألف مقَاتل لكِنهمْ مرفهون بلين المهاد وساكنون على شط بَغْدَاد فِي ظلّ ثخين وَمَاء معِين وفاكة وشراب واجتماع أحباب مَا كابدوا حربَاً وَلَا ذاقوا طَعنا وَلَا ضربا وعساكر الْمغل ينوفون على مائَة ألف مقَاتل فَوَقع التصاف والتحم الْقِتَال وزحف الْخَمِيس إِلَى الْخَمِيس يَوْم الْخَمِيس عَاشر محرم سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة وصبر أهل بَغْدَاد
على حر السيوف صَبَرُوا مضطرين على طعم الحتوف وأعطوا الدَّار حَقّهَا واستقبلوا غمام السِّهَام وبلها وودقها واستمروا كَذَلِك من إقبال الْفجْر إِلَى إدبار النَّهَار فعجزوا عَن الاصطبار وانكسروا أَشد انكسار وولوا الأدبار وغرق كثير مِنْهُم فِي دجلة وَقتل أَكْثَرهم شَرّ قتلة وَوضعت التتار فيهم السَّيْف وَالنَّار فَقتلُوا فِي ثَلَاثَة أَيَّام مَا ينوف على ثَلَاثمِائَة ألف وَسبعين ألفا وَسبوا النِّسَاء والأطفال ونهبوا الخزائن وَالْأَمْوَال وَأخذ هولاكو جَمِيع النُّقُود وَأمر بحرق الْبَاقِي وَرمى كتب مدارس بَغْدَاد فِي دجلة وَكَانَت لكثرتها جِسْرًا يَمرونَ عَلَيْهَا ركبانَاً وَمُشَاة وَتغَير لون المَاء بحبرها إِلَى السوَاد فَأَشَارَ الْوَزير على الْخَلِيفَة بمصانعتهم وَقَالَ أَنا فِي تَقْرِير الصُّلْح فَخرج ووثق لنَفسِهِ بَينهم وَرجع إِلَى الْخَلِيفَة وَقَالَ إِن الْملك هولاكو قد رغب فِي أَن يُزَوّج ابْنَته بابنك الْأَمِير أبي بكر ويبقيك فِي منصب الْخلَافَة كَمَا أبقى صَاحب الرّوم فِي سلطنته وَلَا يُؤثر أَن تكون الطَّاعَة لَهُ كَمَا كَانَ أجدادك مَعَ سلاطين الديلم والسلجوقية وينصرف عَنْك بجُنُوده فيجيب مَوْلَانَا إِلَى هَذَا فَإِن فِيهِ حَقنا لدماء من بَقِي من الْمُسلمين وَيُمكن بعد ذَلِك أَن تفعل مَا تُرِيدُ فَالرَّأْي أَن تخرج إِلَيْهِم فَخرج الْخَلِيفَة فِي أَعْيَان دولته فَأنْزل فِي خيمة ثمَّ دخل الْوَزير فاستدعى الْفُقَهَاء والأماثل ليحضروا العقد فَخَروا من بَغْدَاد فَضربت أَعْنَاقهم وَكَذَلِكَ تخرج طَائِفَة بعد طَائِفَة فَتضْرب أَعْنَاقهم حَتَّى قتل جَمِيع من فِيهَا من الْعلمَاء والأمراء والحجاب وَالْكتاب واستبقى هولاكو المستعصم أَيَّامًا إِلَى أَن استصفي أَمْوَاله وخزائنه وذخائره ثمَّ رمى رِقَاب أَوْلَاده وَذَوِيهِ وَأَتْبَاعه وَأمر أَن يوضع الْخَلِيفَة فِي غرارة ويرفس بالأرجل حَتَّى يَمُوت فَفعل بِهِ ذَلِك وَفِي رِوَايَة أَن خُرُوج الْخَلِيفَة المستعصم إِلَيْهِ كَانَ قبل وُقُوع شَيْء من الْقِتَال ثمَّ لما خرج وَفعل بِهِ وَمن مَعَه مَا فعل بذل السَّيْف فِي بَغْدَاد وَاسْتمرّ السَّيْف نَحْو أَرْبَعِينَ يَوْمًا فبلغت الْقَتْلَى أَكثر من ألف ألف نسمَة وَلم يسلم إِلَّا من اختفى فِي بِئْر أَو قناة وَاسْتشْهدَ الْخَلِيفَة رحمه الله يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع عشر صفر من سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة وانقطعت بِمَوْتِهِ خلَافَة بني الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب من الْعرَاق
وعدتهم سَبْعَة وَثَلَاثُونَ خَليفَة أَوَّلهمْ عبد الله السفاح ابْن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله ابْن الْعَبَّاس وَآخرهمْ هَذَا المستعصم بِاللَّه عبد الله بن الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أبي جَعْفَر مَنْصُور بن الظَّاهِر بِأَمْر الله مُحَمَّد بن النَّاصِر لدين الله أَحْمد بن المستضيء بِنور الله حسن بن المستنجد بِاللَّه يُوسُف بن المقتفي لأمر الله مُحَمَّد بن المستظهر بِاللَّه أَحْمد بن الْمُقْتَدِي بِأَمْر الله عبد الله ابْن الْأَمِير مُحَمَّد الذَّخِيرَة بن الْقَائِم بِأَمْر الله عبد الله بن الْقَادِر بِاللَّه أَحْمد ابْن الْأَمِير إِسْحَاق بن المقتدر بن جَعْفَر بن المعتضد بن أَحْمد ابْن الْأَمِير طَلْحَة الْمُوفق بن المتَوَكل على الله جَعْفَر بن المعتصم مُحَمَّد بن الرشيد هَارُون ابْن الْمهْدي مُحَمَّد بن الْمَنْصُور أبي جَعْفَر عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس وَكَانَت مُدَّة خِلَافَته سِتّ عشرَة سنة وَأَرْبَعَة أشهر وَسِتَّة أَيَّام وعمره خمس وَأَرْبَعُونَ سنة وَقيل سِتّ وَأَرْبَعُونَ وشهران وَهَذِه السّنة الَّتِي قتل فِيهَا المستعصم تسمى سنة المصائب وَبقيت الدُّنْيَا بِلَا خَليفَة ثَلَاث سِنِين وَنصفا ستٍ وَخمسين وستمائْة وَسبع وَخمسين وثمانٍ وَخمسين وتسعِ وَخمسين إِلَى رَجَب مِنْهَا فأقيمت بِمصْر الْخلَافَة وبويع الْمُسْتَنْصر كَمَا سَنذكرُهُ قَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ عِنْد ذكر قتل الْخَلِيفَة وَمَا أَظُنهُ دفن وَقتل مَعَه جمَاعَة من أَوْلَاده وأعمامه وَبني عَمه وَكَانَت بلية لم يصب الْإِسْلَام بِمِثْلِهَا وعملت الشُّعَرَاء قصائد فِي مراثي بَغْدَاد وَأَهْلهَا وتمثل بقول سبط بن التعاويذي من // (الْكَامِل) //
(بَادَتْ وأهلُوهَا مَعًا فبيوتُهُمْ
…
ببقاءِ مَوْلَانَا الوزيرِ خرابُ)
وَقَالَ بَعضهم من // (الْكَامِل) //
(يَا عصبَةَ الْإِسْلَام نوحِي واندُي
…
حزنا علَى مَا تَمَّ للمستعصِمِ)
(دَسْتُ الوزارةِ كَانَ قَبْلَ زمانِهِ
…
لابْنِ الفراتِ فَصَارَ لابنِ العلقمِي)
قلت يُشِير إِلَى ابْن الْفُرَات وَكَانَ وزيراً فِي خلَافَة المقتدر وَكَانَ آخر خطْبَة خطبت بِبَغْدَاد قَالَ الْخَطِيب فِي أَولهَا الْحَمد لله الَّذِي هدم بِالْمَوْتِ مشيد الْأَعْمَار وَحكم بالفناء على أهل هَذِه الدَّار وَالسيف قَائِم بهَا وَمِمَّا قَالَه تَقِيّ الدّين ابْن أبي الْيُسْر فِي بَغْدَاد من // (الْبَسِيط) //
(لسائلِ الدمعِ عنْ بغدَادَ إخبارُ
…
فَمَا وقوفُكَ والأحبابُ قد سَارُوا)
(يَا زائرينَ إِلى الزوراءِ لَا تَفِدُوا
…
فَمَا بِذَاكَ الحِمى والدارِ ديَّارُ)
(تاجُ الخلافةِ والرَّبْعُ الَّذِي شَرُفَتْ
…
بِهِ المَعَالِمُ قد عفَّاهُ إقفارُ)
(أضحَى لِعَصْفِ البلا فِي رَبْعِهِ أثرٌ
…
وللدموعِ على الآثارِ آثارُ)
(يَا نارَ قَلْبيَ من نارٍ لحَرِّ وغًي
…
شبَّتْ علهخ ووافي الرَّبْعَ إعصارُ)
(علا الصليبُ على أعلَى منابِرِهَا
…
وقامَ بالأمْرِ مَنْ يحويه زُنَّارُ)
(وَكم حريمٍ سَبَتْهُ التُّركُ غَاصِبةً
…
وَكَانَ مِنْ~ دونِ ذَاك السِّتْر أَسْتَارُ)
(وَكم بُدُورٍ على البَدْرِيةِ انخسفتْ
…
وَلم يعدْ لِبُدُورٍ مِنُهُ إبدارُ)
(وَكم ذخائرَ أضحَتْ وَهِي شائعةٌ
…
من النِّهابِ وَقد حازَتْهُ كفارُ)
(وَكم حدودٍ أقيمَتْ من سيوفهِمُ
…
على الرِّقابِ وخطَّت فِيهِ أوزَارُ)
(نادَيْتُ والسَّبْيُ مَهْتُولٌ يَجُرُّهُمُ
…
إِلَى السِّفاحِ من الأعداءِ دعَّارُ)
(إليكَ يَا ربَّنا الشكوَى فأنْتَ ترَى
…
مَا حلَّ بالدِّينِ والباغونَ فُجَّارُ)
وَمن غَرِيب الِاتِّفَاق مَا رَوَاهُ بَعضهم قَالَ لما استولت التتار على بَغْدَاد وَقتلُوا الْخَلِيفَة المستعصم كَانَ بِبَغْدَاد رجل من ذَوي الْيَسَار مَعْرُوف فَلَمَّا سمع بِقرب التتار من بَغْدَاد جعل فِي قاع دَاره مخبأ تَحت الأَرْض وَوضع فِيهِ صناديقه وأمتعته وَسَائِر مَا يعز عَلَيْهِ من أَمْوَال وَغَيرهَا ثمَّ جعل على فَم ذَلِك الْموضع هَيْئَة فَم الخرابة وَجعل تسرب مَائِهَا إِلَى مَوضِع آخر ليخفي أَمر ذَلِك الْموضع عَن الناظرين وَقَالَ فِي نَفسه إِذا دخلت التتار بَغْدَاد خرجت إِلَى الصَّحرَاء فَإِذا خَرجُوا عدت إِلَى دَاري وَمَالِي فَلَمَّا فرغ من إحكام ذَلِك وجد فِي ذخائره سِتا من اللآليء الْكِبَار النفيسة كبارَاً جدا فَقَالَ فِي باله فتح هَذِه المطمورة أَمر عَظِيم وفكر فِي