الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(خلَافَة الْهَادِي)
مُوسَى بن الْمهْدي مُحَمَّد بن الْمَنْصُور عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب بن هَاشم كَانَ شجاعاً كَرِيمًا وَكَانَ فِي صغره لَا يزَال فاتحاً فَمه خلقةَ فَوكل أَبوهُ غُلَاما ينبهه على إطباق فَمه كلما رَآهُ فاتحه فَيَقُول لَهُ مُوسَى أَطبقْ فَكَانَ يُقَال لَهُ لذَلِك فِي صغره مُوسَى أطبق كَانَت وِلَادَته سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَمِائَة وَقَالَ سلم الخاسر جَامعا بَين التهنئة للهادي بالخلافة والعزاء بِأَبِيهِ الْمهْدي مُحَمَّد فَقَالَ من // (الطَّوِيل) //
(لَقَدْ قَامَ مُوسَى بِالخِلَافَةِ والهُدَى
…
وَمَاتَ أميرُ الْمُؤمنِينَ مُحَمَّدُ)
(فَمَاتَ الَّذِي عَمَّ البريَّة فَقَدُهُ
…
وقَامَ الَّذِي يَكْفِيكَ مَنْ تتفقَّدُ)
وَقَالَ مَرْوَان بن أبي حَفْصَة من // (الطَّوِيل) //
(لَقَدْ أَصْبَحَتْ تختالُ فِي كُلِّ بلدةٍ
…
بقَبْرِ أميرِ المؤمنينَ المَقَابِرُ)
(وَلَو لم تُسَكَّنْ بِابْنِهِ بَعْدَ موتِهِ
…
لَمَا بَرحَتْ تَبْكِي عَلَيْهِ المنابرُ)
(وَلَو لم يَقُمْ موسَى عليهَا لَرجَّعَتْ
…
حَنِينًا كَمَا حَنَّ الصفايا العَشَائِرُ)
بُويِعَ بالخلافة بعد موت أَبِيه وَكَانَ الْهَادِي مُقيما بجرجان يحارب أهل طبرستان وَكَانَ الرشيد لما توفّي الْمهْدي والعسكر مَعَه بماسبذان نَادَى فِي النَّاس بالعطاء تسكيناً لَهُم وَقسم فيهم فَلَمَّا استوفوها تنادوا بِالرُّجُوعِ إِلَى بَغْدَاد وتسابقوا إِلَيْهَا واستيقنوا موت الْمهْدي فَأتوا بَاب الرّبيع وأحرقوه وطالبوه بالأرزاق وفتقوا السجون وَقدم الرشيد بَغْدَاد فِي أَثَرهم فَبعث الخيزران إِلَى الرّبيع وَيحيى فَامْتنعَ يحيى خوفًا من غيرَة الْهَادِي وَأمر الرّبيع بِسنتَيْنِ للجند فسكنوا وَكتب الْهَادِي إِلَى الرّبيع يتهدده فَاسْتَشَارَ يحيى فِي أمره وَكَانَ يَثِق بوده فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَن يبْعَث ابْنه الْفضل يعْتَذر عَنهُ ويصحبه الْهَدَايَا واللطف فَفعل فَرضِي الْهَادِي عَنهُ
فَأخذت الْبيعَة بِبَغْدَاد للهادي وَكتب الرشيد بذلك إِلَى الْآفَاق وَبعث نصر إِلَى الْهَادِي بجرجان فَركب الْبَرِيد إِلَى بَغْدَاد قَالَ الصولي وَلَا يعرف خَليفَة رَكِبَ خيل الْبَرِيد إِلَّا الْهَادِي من جرجان إِلَى بَغْدَاد فَقَدمهَا فِي عشْرين يَوْمًا واستوزر الرّبيع وَهلك لمُدَّة قَليلَة من وزارته وَاشْتَدَّ الْهَادِي فِي طلب الزَّنَادِقَة وقتلهم وَفِي سنة تسع وَسِتِّينَ كَانَ ظُهُور حُسَيْن الْمَقْتُول بفخ وَهُوَ الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْحسن بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب وقصته مَعْرُوفَة وَكَانَ للهادي بغض بالرشيد بِمَا كَانَ الْمهْدي أَبوهُمَا يؤثره عَلَيْهِ أخيراً وَكَانَ رأى أَنه دفع إِلَيْهِمَا قضيبين فأورق قضيب الْهَادِي من أَعْلَاهُ وأورق قضيب الرشيد كُله وَتَأَول ذَلِك بقصر مُدَّة الْهَادِي وَطول مُدَّة الرشيد وحسنها فَلَمَّا ولي الْهَادِي أجمع على خلع أَخِيه الرشيد والبيعة لِابْنِهِ جَعْفَر بن الْهَادِي مَكَانَهُ وفاوض فِي ذَلِك قُوَاده فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك يزِيد بن مزِيد وَعلي بن عِيسَى وَعبد الله بن مَالك وَوضع الشِّيعَة على الرشيد ينتقصونه وَيَقُولُونَ لَا نرضى بِهِ وَنهى الْهَادِي أَن يسَار بَين يَدَيْهِ بالحربة فاجتنبه النَّاس وَكَانَ يحيى بن خَالِد يتَوَلَّى أُمُوره فاتهمه الْهَادِي بمداخلته وَبعث إِلَيْهِ وتهدده فَحَضَرَ عِنْده مستميتاً وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن حملت النَّاس على نكث الْأَيْمَان فِيهِ هَانَتْ عَلَيْهِم فِيمَن توليه وَإِن بَايَعت لجَعْفَر بعده كَانَ ذَلِك أوثق لِلْبيعَةِ فَصدقهُ وكف عَنهُ وَعَاد أُولَئِكَ الَّذين خلعوه من القواد والشيعة فأغروه بِيَحْيَى وَأَنه الَّذِي منع الرشيد من خلع نَفسه فحبسه الْهَادِي فَطلب الْحُضُور للنصيحة فَأحْضرهُ من الْحَبْس فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أتظن النَّاس يسلمُونَ الْخلَافَة لابنك جَعْفَر وَهُوَ صبي ويرضون بِهِ لصلاتهم وحجهم وغزوهم وتأمن أَن يسمو إِلَيْهَا عِنْد ذَلِك أهل بَيْتك فَتخرج من ولد أَبِيك وَالله لَو لم يعقده لَهُ المهديُ لَكَانَ يَنْبَغِي أَن تعقده أَنْت لَهُ حذرا من ذَلِك إِنِّي أرى أَن تقر الْعَهْد لأخيك فَإِذا بلغ ابْنك أَتَيْتُك بأخيك فَخلع نَفسه وَبَايع لَهُ فَقبل الْهَادِي قَوْله وَأطْلقهُ
وَلم يقنع القواد ذَلِك لأَنهم كَانُوا حذرين من الرشيد فَأرْسل إِلَى الرشيد وضيق عَلَيْهِ واستأذنه فِي الصَّيْد ومضَى إِلَى قصر مقَاتل فنكره الْهَادِي وَأظْهر جفاءه وَبسط الموَالِي فِيهِ ألسنتهم ثمَّ خرج الْهَادِي إِلَى حَدِيثَة الْموصل فَاشْتَدَّ مَرضه هُنَالك واستقدم الْعمَّال شرقاً وغرباً وَلما ثقل تآمر الْقَوْم الَّذين بَايعُوا جعفراً فِي قتل يحيى بن خَالِد ثمَّ أَمْسكُوا خوفًا من الْهَادِي ثمَّ توفّي الْهَادِي فِي شهر ربيع سنة سبعين وَمِائَة وَقيل إِنَّمَا توفّي بعد أَن عَاد من حَدِيثَة الْموصل وَيُقَال إِن أمه الخيزران دست بعض الْجَوَارِي عَلَيْهِ فقتلنه لِأَنَّهَا كَانَت أول خِلَافَته تستبد عَلَيْهِ بالأموال فعكف النَّاس على بَابهَا وَاخْتلف المواكب إِلَيْهَا فَوجدَ الْهَادِي من ذَلِك فكلمته يَوْمًا فِي حَاجَة فَلم يجبها فَقَالَت قد ضمنتها لعبد الله بن مَالك فَغَضب الْهَادِي وَشَتمه وَحلف لَا قضيتها فَقَامَتْ وَهِي مغضبة فَقَالَ مَكَانك وَالله وَإِلَّا انتفيت من قَرَابَتي من رَسُول الله
لَئِن بَلغنِي أَن أحدا من قُوادي وخاصَتي وقف ببابك لَأَضرِبَن عُنُقه ولأقبضن مَاله مَا للمواكب تَغْدُو وَتَروح عَلَيْك أما لَك مغزلك يشغلك أَو مصحف يذكرك أَو بَيت يصونك إياك إياك لَا تفتحي بابك لمُسلم وَلَا ذمِّي فَانْصَرَفت وَهِي لَا تعقل ثمَّ قَالَ لأَصْحَابه أَيّكُم يحب أَن يتحدث الرِّجَال بِخَبَر أمه فَيُقَال فعلت أم فلَان وصنعت فَقَالُوا لَا نحب ذَلِك قَالَ فَمَا بالكم تأتون أُمِّي فتتحدَثون مَعهَا وَيُقَال إِنَّه لما جَد فِي خلع الرشيد خَافت عَلَيْهِ مِنْهُ فَلَمَّا ثقل فِي مَرضه دست بعض الْجَوَارِي فَجَلَسَ على وَجهه فَمَاتَ وَحكى فِي بغية الخاطر أَن الْهَادِي كَانَ يَدُور يَوْمًا فِي بستانه وَمَعَهُ خواصه وَهُوَ رَاكب على حمَار وَلَيْسَ مَعَه سلَاح فَدخل عَلَيْهِ حَاجِبه فَأخْبرهُ أَن رجلا من الْخَوَارِج جِيءَ بِهِ أَسِيرًا وَكَانَ الْهَادِي حريصَاً على الظفر بِهِ فَأمر بإدخاله فَأدْخل بَين رجلَيْنِ قد أمسكا بيدَيْهِ فَلَمَّا رأى الخارجيُ وَجه الْهَادِي جذب يَدَيْهِ من
الرجلَيْن وَاخْتَرَطَ سيف أَحدهمَا ووثب نَحْو الْهَادِي فَلَمَّا رأى ذَلِك من حول الْهَادِي فروا جَمِيعًا وَبَقِي الْهَادِي وَحده وَثَبت على حِمَاره بركابه وعزم حَتَّى إِذا قرب الخارجيُ مِنْهُ وَكَاد أَن يعلوه بِالسَّيْفِ قَالَ الْهَادِي اضْرِب عُنُقه يَا غُلَام فَالْتَفت الْخَارِجِي حِين سمع ذَلِك وهمَا مِنْهُ فَوَثَبَ الْهَادِي عَن حِمَاره وانتزع السَّيْف من يَده فذبحه بِهِ ذبحا ثمَّ عَاد على ظهر حِمَاره من فوره وتراجع إِلَيْهِ حَاشِيَته وَقد ملئوا رعْبًا وجبناً فَمَا خاطبهم فِي ذَلِك بِكَلِمَة وَاحِدَة وَلم يكن بعد ذَلِك يُفَارِقهُ السَّيْف وَلَا يركب إِلَّا الْخَيل وَفِي مروج الذَّهَب أَنه رفع إِلَى الْهَادِي أَن رجلا من بِلَاد المنصورة من أَرض السَّنَد من أَشْرَافهم ربى غلامَاً سنديُّاً أَو هندياً وَأَن الْغُلَام هوى مولاته فَرَاوَدَهَا عَن نَفسهَا فأجابته فَدخل مَوْلَاهُ فَوَجَدَهَا مَعَه فَجَب ذكر الْغُلَام وخصاه ثمَّ عالجه إِلَى أَن برِئ فَأَقَامَ مُدَّة وَكَانَ لمَوْلَاهُ ابْنَانِ فَصَعدَ بهما الْغُلَام السندي إِلَى أَعلَى سور الدَّار فَرَأى سَيّده ابنيه مَعَ الْغُلَام فَقَالَ يَا غُلَام عرضتَ ابنيَ للهلاك فَقَالَ الْغُلَام دع عَنْك هَذَا فوَاللَّه لَئِن لم تَجُب نَفسك بحضرتي الآَن لأرمين بهما فَقَالَ الله الله فِي وَفِي ابنيَ فَقَالَ الْغُلَام دع عَنْك هَذَا فوَاللَّه مَا هِيَ إِلَّا نَفسِي وَإِنِّي لأسمح بهَا من شربة مَاء فأهوي ليرمِيَ بهما فأسرع مَوْلَاهُ فَأخذ المدية فَجَب نَفسه فَلَمَّا رأى الْغُلَام أَنه قد فعل رمى بالصبيين فتقطعا ثمَّ قَالَ هَذَا الَّذِي فعلتُ بفعلك فِي وَقتل هذَيْن الْوَلَدَيْنِ زِيَادَة فَأمر الْهَادِي بِالْكتاب إِلَى صَاحب السَّنَد بقتل الْغُلَام السندي وتعذيبه بأنواع الْعَذَاب وَأمر بِإِخْرَاج كل سندي من مَمْلَكَته فَرَخُصُوا فِي أَيَّامه حَتَّى كَانُوا يتداولون فِي ذَلِك الزَّمَان بأبخس ثمن وَقد قيل فِي مثل هَذَا الْمَعْنى من // (الْبَسِيط) //
(لَا تأمنَنَّ فتَى أسكَنْتَ مهجَتهُ
…
غَيْظًا وتَحْسِبُ أَن الغَيْظَ قد ذَهَبَا)
(لَا تقطَعَنْ ذَنَبَ الأفعَى وتُرْسِلُهَا
…
إنْ كُنْت شَهْمًا فَأتبعْ رأْسَهَا الذَّنَبَا)
وَفِي العقد لِابْنِ عبد ربه ذكر عَن عبد الله بن الضَّحَّاك عَن الْهَيْثَم بن عدي قَالَ إِن سيف ابْن معدي كرب الزبيدِيّ البطل الْمَشْهُور الْمُسَمّى بالصمصامة دخل فِي يَد الْمهْدي فَأعْطَاهُ لوَلَده الْهَادِي فَأخْرج ذَلِك السَّيْف الْهَادِي يَوْمًا فِي مَجْلِسه وَوَضعه بَين يَدَيْهِ ودعا بمكتل دَنَانِير وَقَالَ لحاجبه ائْذَنْ للشعراء فَلَمَّا دخلُوا أَمرهم أَن يَقُولُوا فِي السَّيْف فبدأهم ابْن يَامِين الْبَصْرِيّ فَقَالَ من // (الْخَفِيف) //
(حَازَ صمصامَةَ الزبيديٌ مِنْ دُونِ
…
جمِيعِ الأَنامِ مُوسَى الأَمِينُ)
(سيْفَ عَمْرٍ ووكَانَ فِيمَا سَمِعْنَا
…
خَيْرَ مَا أُغْمِدَتْ عَلَيْهِ الجُفُونُ)
(أَخْضَرُ المَتْنِ بَين خَدَّيْهِ نُورٌ
…
مِنْ فِرِنْدٍ تَمِيدُ فِيهِ العُيُونُ)
(أَوْقدَتْ فَوْقه الصواعِقُ نَارا
…
ثمَّ ساطَتْ بِهِ الذُّعاف المنُونُ)
(فَإِذا ماسلَلْتَهُ بَهَرَ الشمْسَ
…
ضِيَاء فَلم تكُنْ تَسْتبِينُ)
(وكاَّنَّ الفِرِنْدَ والرونَقَ الجَارِيَ
…
فِي صَفْحَتيِهِ مَاءٌ مَعِينُ)
(وكأَنَّ المنُونَ نِيطَتْ إلَيْهِ
…
فَهْوَ فِي كُلِّ جانِبَيْهِ منونُ)
(مَا يُبَالِي مَنِ انتضَاهُ لِحَرْبٍ
…
أَشِمَالٌ سَطَتْ يبه أَمْ يَمِينُ)
فَقَالَ الْهَادِي دُونك السَّيْف والمكَتل فخذْهُمَا فَفرق ابْن يَامِين المكتل وَالدَّنَانِير على الشُّعَرَاء وَقَالَ فِي السَّيْف عوضْ ثمَّ انْصَرف فَبعث إِلَيْهِ الْهَادِي فَاشْترى مِنْهُ السَّيْف بِخَمْسِينَ ألف دِينَار هَكَذَا هَكَذَا قلت وتعجبني أَبْيَات أَرْبَعَة لِابْنِ الرُّومِي فِي وصف السَّيْف حَيْثُ يَقُول من // (الْخَفِيف) //
(خَيْرُ مَا اسْتَعْصَمتْ بِهِ الكَفُّ غضْبٌ
…
ذَكَرٌ جسُّهُ أَنِيثُ المُهُزِّ)
(مَا تَأَمَّلْتَهُ بعَيْنَيْكَ إِلَاّ
…
أرعدتْ صَفْحَتَاهُ من غَيْر هَزِّ)
(مِثْلُهُ أَفْزَعَ الشجَاعَ إِلى الدِّرْعِ
…
فَغَالَى بِهِ عَلَى كُلِّ بَزِّ)
(مَا يُبَالي أَصممت شَفْرتَاهُ
…
فِي مَحزِّ أم جَازَتَا عَنْ مجَزِّ)
قَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ وَعَن مُصعب الزبيرِي عَن أَبِيه قَالَ دخل مَرْوَان بن أبي
حَفْصَة الشَّاعِر على الْهَادِي بن الْمهْدي فأنشده قصيدة من // (الطَّوِيل) //
(تَشَابَهَ يَوْمَا بَأْسِهِ وَنوَالِهِ
…
فَمَا أَحَد يَدْرِي لِأيِّهِمَا الفَضْلُ)
(أَيوْمُ عَطَاهُ الجمَّ أَمْ يَوْمُ بَأْسِهِ
…
...
…
...
…
)
فَلَمَّا فرغ من إنشادها قَالَ لَهُ أَيّمَا أحب إِلَيْك ثَلَاثُونَ ألفا مُعجلَة أم مائَة ألف تدون فِي الدَّوَاوِين فَقَالَ مَرْوَان تعجل الثَّلَاثُونَ ألفا وتدون الْمِائَة ألف فَتلك من الْهَادِي قَلِيل قَالَ الْهَادِي بل يعجلَانِ لَك جَمِيعًا احملوا إِلَيْهِ مائَة وَثَلَاثِينَ ألفا قَالَ نفطويه قيل إِن الْهَادِي قَالَ لإِبْرَاهِيم الْموصِلِي إِن أطربتني فاحتكم فغناه من // (الهزج) //
(سُلَيْمَى أَزْمَعَتْ بَيْنَا
…
فَأَيْنَ لِقَاؤُهَا أَيْنا)
فِي أَبْيَات يسيرَة فَأعْطَاهُ سَبْعمِائة ألف دِرْهَم قَالَ الذَّهَبِيّ كَانَ الْهَادِي يتَنَاوَل الْمُسكر ويلعب ويركب حمارا فارهاً يَعْنِي قبل تِلْكَ الْوَاقِعَة الَّتِي ذكرتها قريبَاً وَكَانَ فصيحاً قَادِرًا على الْكَلَام أديبا تعلوه هبة وَله سطوة وشهامة وَكَانَ طَويلا جسيماً أبيضَ شفته الْعليا تقلص فَلَا يزَال مَفْتُوح الْفَم فَوكل بِهِ أَبوهُ خَادِمًا كلما رَآهُ مفتوحَ الْفَم قَالَ لَهُ مُوسَى أطبق فيفيق على نَفسه ويطبق شَفَتَيْه كَمَا تقدم ذكر ذَلِك مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة سبعين وَمِائَة وسِنهُ ثَلَاث وَعِشْرُونَ سنة وَمُدَّة خِلَافَته سنة وشهران وَقيل فِي سَبَب مَوته غير مَا تقدم وَهُوَ أَنه دفع نديمَاً لَهُ من جرف على أصُول قصب قد قطع فَتعلق النديم بِهِ فَوَقع فَدخلت قَصَبَة فِي مخرجه فَكَانَت سَبَب مَوته فماتا جَمِيعًا