الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْن البطريق لِأَن القاهر قد ارْتكب أموراً قبيحة لم يسمع بهَا فِي الْإِسْلَام وَكَانَ أهوج طائشاً سفاكَاً للدماء مدمناً للشُّرْب كَانَت لَهُ حَرْبَة يَأْخُذهَا بِيَدِهِ فَلَا يَضَعهَا حَتَّى يقتل بهَا إنْسَانا ولوا الْحَاجِب سَلامَة لأهْلك النَّاس وَحكى أَن رجلا قَالَ صليت فِي جَامع الْمَنْصُور بِبَغْدَاد فَإِذا أَنا بِإِنْسَان عَلَيْهِ جُبَّة عتابية قد ذهب وَجههَا وَبقيت بطانتها وقطنها وَهُوَ يَقُول أَيهَا النَّاس تصدقوا عَليّ بالْأَمْس كنت أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأَنا الْيَوْم من فُقَرَاء الْمُسلمين فَسَأَلت عَنهُ فَقيل لي إِنَّه القاهر بِاللَّه كَانَت مُدَّة خِلَافَته سِتّ سِنِين وَسَبْعَة أشهر ووفاته تَأَخَّرت إِلَى سنة تسع وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة وعمره اثْنَان وَخَمْسُونَ سنة وَثَمَانِية أشهر
(خلَافَة الراضي بِاللَّه)
أبي الْعَبَّاس مُحَمَّد بن المقتدر بن المعتضد بن الْمُوفق بن المتَوَكل بن المعتصم بُويِعَ بالخلافة يَوْم خلع عَمه القاهر سنة سِتّ وَعشْرين وثلاثمائة واستوزر أَبَا عَليّ بن مقلة وَأطلق كل من كَانَ فِي حبس القاهر ثمَّ قبض على ابْن مقلة وَسبب ذَلِك أَن مُحَمَّد بن رائق كَانَ بواسط متغلباً عَلَيْهَا إِلَّا أَن الضَّرُورَة ألجأته إِلَى ذَلِك لاضطراب الْأُمُور عَلَيْهِ ولضعف من يَلِي الوزارة عَن الْقيام بهَا فأحضر الراضي الْقُضَاة وأعلمهم بِأَن ابْن مقلة راسله فِي مُحَمَّد بن رائق فأفتوا بِقطع يَده الْيُمْنَى وَبعد أَيَّام قطع لِسَانه ثمَّ مَاتَ فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَعشْرين وثلاثمائة ودعا الراضي بِاللَّه مُحَمَّد بن رائق فَقدم إِلَى بَغْدَاد فَجعله الراضي أَمِير الْأُمَرَاء وفوض إِلَيْهِ تَدْبِير المملكة وَمن ذَلِك الْيَوْم بَطل أَمر الوزارة بِبَغْدَاد وَلم يبْق إِلَّا اسْمهَا وَالْحكم لِلْأُمَرَاءِ والملوك المتغلبين فَكَانَ قدومه لخمس بَقينَ من ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَعشْرين وثلاثمائة
ثمَّ دخلت سنة خمس وَعشْرين وثلاثمائة وَالدُّنْيَا فِي أَيدي المتغلبين وكل من حصل فِي يَده بلد ملكه ومانع عَلَيْهِ فالبصرة وواسط والأهواز فِي يَد عبد الله اليزيدي وأخوته وَفَارِس فِي يَد عماد الدولة بن بويه الديلمي والموصل وديار ربيعَة وَمُضر فِي أَيدي بني حمدَان الْحسن بن حمدَان وناصر الدولة وَسيف الدولة ومصر وَالشَّام فِي يَد أبي بكر مُحَمَّد بن طغج الإخشيدي وَالْمغْرب وإفريقية فِي يَد الْمهْدي الفاطمي والأندلس فِي يَد بني أُميَّة أَوْلَاد عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة بن هِشَام ابْن عبد الْملك الْأمَوِي وخراسان وَمَا والاها فِي يَد نصر بن أَحْمد الساماني واليمامة وهجر والبحرين فِي يَد أَوْلَاد أبي طَاهِر القرمطي وَلم يبْق فِي يَد الراضي وَابْن رائق سوى بَغْدَاد وَمَا ولاها وتعطلت دواوين المملكة وَنقص قدر الْخلَافَة وَضعف ملكهَا فَتوفي الراضي بِاللَّه خَامِس ربيع الأول سنة تسع وَعشْرين وثلاثمائة بعلة الاسْتِسْقَاء والسحج وَكَانَ أكبر أَسبَاب علته كَثْرَة الْجِمَاع وَكَانَت مُدَّة خِلَافَته ثَلَاث سِنِين وَخَمْسَة أشهر وَعشرَة أَيَّام وعمره اثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ سنة وَهُوَ آخر خَليفَة لَهُ شعر مدون وَآخر خَليفَة انْفَرد بتدبر الجيوش وَالْأَمْوَال وَآخر خَليفَة خطب يَوْم الْجُمُعَة وجالس الندمان وَكَانَت جوائزه وأموره على تَرْتِيب الْمُتَقَدِّمين وَمن شعره قَوْله من // (مجزوء الْخَفِيف) //
(كُلُّ صَفْوٍ إِلى كَدَرْ
…
كُلُّ أَمْنٍ إِلَى حذَرْ)
(وَمصِيرُ الشَّبابِ لِلْمَوْتِ
…
فِيهِ أوِ الْكدَرْ)
(درَّ دَرُّ المَشِيبِ مِنْ
…
وَاعِظٍ يُنْذِرُ البَشرْ)
(أَيُّهَا الْآمِلُ الَّذِي
…
تاهَ فِي لُجَّةِ القَدَرْ)
(أَيْنَ مَنْ كانَ قَبْلَنَا
…
ذهَبَ الْعَيْنُ وَالأَثَرْ)
(رَبَّ فَاغفِرْ لِيَ الْخَطِيئَةَ
…
يَا خَيْرَ منْ غفَرْ)