الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ ذكر نجيج بن عَليّ المنجم أَن الْمُنْتَصر جلس للهو وَأمر بفرش بِسَاط من ذخائر الخزينة تداولته الْمُلُوك ففرش فَرَأى فِيهِ صُورَة رَأس عَلَيْهِ تَاج وَعَلِيهِ كِتَابَة بِالْفَارِسِيَّةِ فَطلب من يقْرَأ تِلْكَ الْكِتَابَة فأحضر رجل من الْأَعَاجِم فقرأها وَعَبس عِنْد ذَلِك فَسَأَلَهُ الْمُنْتَصر عَنْهَا فَقَالَ لَا معنى لَهَا فألح عَلَيْهِ فَقَالَ هِيَ أَنا الْملك شيرويه بن كسْرَى بن هُرْمُز قتلت قتلت أبي فَلم أمتع بِالْملكِ بعده إِلَّا سِتَّة أشهر فَتغير وَجه الْمُنْتَصر وَقَامَ من ذَلِك الْمجْلس وَترك اللَّهْو الَّذِي أَرَادَهُ وَبَات مغتماً وتوعك ثمَّ رأى فِي لَيْلَة وعكه أَبَاهُ فانتبه فَزعًا يبكي فَقَالَت لَهُ أمه مَا يبكيك فَقَالَ أفسدت ديني ودنياي رَأَيْت أبي السَّاعَة يَقُول لي قتلتني يَا مُحَمَّد لأجل الْخلَافَة وَالله لَا تتمتع بهَا إِلَّا أَيَّامًا قَلَائِل ثمَّ مصيرك إِلَى النَّار فاستمر موهوماً من هَذَا الْمَنَام فَمَا عَاشَ بعد ذَلِك إِلَّا أَيَّامًا قَلَائِل وَكَانَ على حذر من الأتراك يسبهم ويلعنهم وَيَقُول هَؤُلَاءِ قتلة الْخُلَفَاء فَلم يأمنوه فأرادوا قَتله فَمَا أمكنهم الْإِقْدَام عَلَيْهِ لشدَّة محاذرته مِنْهُم فدسوا إِلَى طبيبه ابْن طيفور ثَلَاثِينَ ألف دِينَار عِنْد توعكه ليسمه فقصده بمبضع مَسْمُوم فأحس بذلك وَأَرَادَ قتل الطَّبِيب فَقَالَ لَهُ إِنَّك تصبح طَبِيبا وَتقدم على قَتْلِي فأمهلني إِلَى الصُّبْح فأمهله فَأصْبح مَيتا وَكَانَت وَفَاته لأَرْبَع خلون من بيع الأول سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وعمره سِتّ وَعِشْرُونَ سنة وَقيل خمس وَعِشْرُونَ وَأَرْبَعَة أَيَّام وَمُدَّة خِلَافَته سِتَّة أشهر
(خلَافَة المستعين بِاللَّه)
أَحْمد بن المعتصم بن هَارُون كَانَ فَاضلا دينا أخبارياً مطلعاً على التواريخ متجملا فِي ملبسه وَهُوَ أول من أحدث الأكمام العراض فَجعل عرض الْكمّ ثَلَاثَة
أشبار وَهُوَ عَم الْمُنْتَصر قبله أَخُو المتَوَكل أَبِيه وَإِنَّمَا قَدمته الأتراك وَعدلُوا عَن أَوْلَاد المتَوَكل لأَنهم كَانُوا قتلوا المتَوَكل فخافوا أَن يَلِي الْخلَافَة أحد من أَوْلَاده فَيَأْخُذ بثأر أَبِيه فَاخْتَارُوا من أَوْلَاد المعتصم أَحْمد هَذَا ولقبوه بالمستعين بِاللَّه أمه أم ولد تسمى مُخَارق وَمَا كَانَ لَهُ من الْخلَافَة إِلَّا الِاسْم وَكَانَ المماليك الأتراك مستولين على الْملك وَكَانَ الْأَمر جَمِيعه لكبيري الأتراك وصيف وبغا التركيين حَتَّى قيل فِي ذَلِك // (من الرجز) //
(خَلِيفَةٌ فِي قَفَصٍ
…
بيْنَ وَصِيفٍ وبغَا)
(يَقُولُ مَا قَالَا لَهُ
…
كَمَا تقُولُ البَبَّغا)
والببغا هِيَ الطير الْمُسَمّى بِالدرةِ وَاسْتمرّ كَذَلِك وَهُوَ مترصد لَهما إِلَى أَن ظفر بوصيف فَقتله وهرب باغر الَّذِي كَانَ سَطَا فِي المتَوَكل وَقَتله فَتَنَكَّرت لَهُ الأتراك فَخرج عَنْهُم من سر من رأى إِلَى بَغْدَاد فأرسلوا إِلَيْهِ يَعْتَذِرُونَ ويسألونه العودة إِلَى سر من رأى فَامْتنعَ مِنْهُم فَلَمَّا أَبى قصد الأتراك خلعه فَأتوا إِلَى الْحَبْس فأخرجوا مُحَمَّدًا أَبَا عبد الله بن المتَوَكل ولقبوه المعتز بِاللَّه وَبَايَعُوهُ وعمره تِسْعَة عشر عَاما وَلم يل الْخلَافَة أَصْغَر مِنْهُ وجيشوا على المستعين بِاللَّه جَيْشًا إِلَى أَن خلع نَفسه وَأشْهد الْقُضَاة والعدول على نَفسه بذلك وانحدروا بِهِ إِلَى وَاسِط وحبسوه تِسْعَة أشهر ثمَّ دسوا إِلَيْهِ سعيداً الْحَاجِب فذبحه فِي الْحَبْس فِي ثَالِث شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَجَاء بِرَأْسِهِ إِلَى المعتز وَهُوَ يلْعَب الشطرنج فَقيل لَهُ هَذَا رَأس المخلوع فَقَالَ دَعوه هُنَاكَ حَتَّى أفرغ من اللّعب ثمَّ أَمر بدفنه وعمره إِحْدَى وَثَلَاثُونَ سنة وَثَلَاثَة أشهر وخلافته إِلَى زمَان خلعه سنتَانِ وَثَمَانِية أشهر وَسِتَّة عشر يَوْمًا