الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(خلاف عَمْرو بن سعد الْأَشْدَق ومقتله)
كَانَ عبد الْملك بعد رُجُوعه من قنسرين أَقَامَ بِدِمَشْق زَمَانا ثمَّ سَار لقِتَال زفر بن الْحَارِث الْكلاب بقرقسيا واستخلف على دمشق عبد الرَّحْمَن بن أم الحكم الثَّقَفِيّ ابْن أُخْته وَسَار مَعَه عَمْرو بن سعيد فَلَمَّا بلغ بطْنَان انْتقض عَمْرو وَأسرى لَيْلًا إِلَى دمشق وهرب ابْن أم الحكم عَنْهَا فَدَخلَهَا وَهدم دَاره وَاجْتمعَ إِلَيْهِ النَّاس فخطبهم وَوَعدهمْ وَجَاء عبد الْملك على أَثَره فحاصره بِدِمَشْق وَوَقع بَينهمَا الْقِتَال أَيَّامًا ثمَّ اصطلحا وكتبا بَينهمَا كتابا وأمنه عبد الْملك فَخرج إِلَيْهِ عَمْرو وَدخل عبد الْملك دمشق فَأَقَامَ أَرْبَعَة أَيَّام ثمَّ بعث إِلَى عَمْرو ليَأْتِيه فَقَالَ لَهُ عبد الْملك بن يزِيد بن مُعَاوِيَة وَهُوَ صهره وَكَانَ عِنْده لَا تأته فَإِنِّي أخْشَى عَلَيْك مِنْهُ قَالَ وَالله لَو كنت نَائِما مَا أيقظني ووعد الرَّسُول بالرواح إِلَيْهِ ثمَّ آتى بالْعَشي وَلبس درعه تَحت القباء ومضَى فِي مائَة من موَالِيه وَقد جمع عبد الْملك عِنْده بني مَرْوَان وَحسان بن بَحْدَل الْكَلْبِيّ وَقبيصَة بن ذُؤَيْب الخزاعيي وَأذن لعَمْرو فَدخل وَلم يزل أَصْحَابه يَجْلِسُونَ عِنْد كل بَاب حَتَّى بلغ غَايَة الدَّار وَمَا مَعَه إِلَّا غُلَام وَنظر إِلَى عبد الْملك وَالْجَمَاعَة حوله فأحس بِالشَّرِّ فَقَالَ للغلام انْطلق إِلَى أخي يحيى وَقل لَهُ يأتيني فَلم يفهم عَنهُ وَأعَاد عَلَيْهِ فَيُجِيبهُ الْغُلَام لبيْك وَهُوَ لَا يفهم فَقَالَ لَهُ اغرب عني ثمَّ أذن عبد الْملك لحسان وَقبيصَة فلقيا عمرا وَدخل فأجلسه مَعَه على السرير وحادثه زَمنا ثمَّ أَمر بِنَزْع السَّيْف فَأنْكر ذَلِك عَمْرو وَقَالَ إِنَّا لله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ عبد الْملك أتطمع أَن تجْلِس معي متقلدَاً سَيْفك فَأخذ عَنهُ السَّيْف فَقَالَ لَهُ عبد الْملك يَا أَبَا أُميَّة إِنَّك حِين خلعتني حلفتُ بِيَمِين إِن أَنا رَأَيْتُك بِحَيْثُ أقدر عَلَيْك أَن أجعلك فِي جَامِعَة فَقَالَ بَنو مَرْوَان ثمَّ تطلقه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ نعم وَمَا عَسَيْت أَن
أصنع بِأبي أُميَّة فَقَالَ بَنو مَرْوَان أبر قسم أَمِير الْمُؤمنِينَ يَا أَبَا أُميَّة فَقَالَ عَمْرو قد أبر الله قسمك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَأخْرج من تَحت فرَاشه جَامِعَة وَأمر غُلَاما فَجَمعه فِيهَا وَسَأَلَهُ أَن يُخرجهُ على رُءُوس النَّاس فَقَالَ أمكراً عِنْد الْمَوْت ثمَّ جذبه جذبة أصَاب فَمه السرير فَكسر ثنيته ثمَّ سَأَلَهُ الْإِبْقَاء فَقَالَ عبد الْملك وَالله لَو علمتُ أَنَّك تبقى إِن أبقيت عَلَيْك وَتصْلح قُرَيْش لأبقيتك وَلَكِن لَا يجْتَمع رجلَانِ مثلنَا فِي بلد فشتمه عَمْرو وَخرج عبد الْملك إِلَى الصَّلَاة وَأمر أَخَاهُ عبد الْعَزِيز بقتْله فَلَمَّا قَامَ إِلَيْهِ بِالسَّيْفِ ذكره الرَّحِم فَأمْسك عَنهُ وَجلسَ وَرجع عبد الْملك من الصَّلَاة وغلقت الْأَبْوَاب فَمَا غلظ على عبد العزز ثمَّ تنَاول عمرَاً فذبحه بِيَدِهِ وَقيل أَمر غُلَامه ابْن الزعيزعة فَقتله وفقد النَّاس عمرا مَعَ عبد الْملك حِين خرج إِلَى الصَّلَاة فَأقبل أَخُوهُ يحيى فِي أَصْحَابه عبيده وَكَانُوا ألفا وَمَعَهُ حميد بن حُرَيْث وَزُهَيْر بن الْأَبْرَد فهتفوا باسمه ثمَّ كسروا بَاب الْمَقْصُورَة وضربوا النَّاس بِالسُّيُوفِ وجرحوا الْوَلِيد بن عبد الْملك واقتتلوا سَاعَة ثمَّ خرج عبد الرَّحْمَن بن أم الحكم الثَّقَفِيّ بِالرَّأْسِ فَأَلْقَاهُ إِلَى النَّاس وَألقى إِلَيْهِم عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان بدر الْأَمْوَال فانتهبوها وافترقوا ثمَّ خرج عبد الْملك إِلَى النَّاس وَسَأَلَ عَن الْوَلِيد فَأخْبر بجراحته وأتى بيحى بن سعيد وأخيه عَنْبَسَة فحبسهما وَحبس بني عَمْرو بن سعيد ثمَّ أخرجهم جَمِيعًا وألحقهم بمصعب حَتَّى حَضَرُوا عِنْده بعد قتل مُصعب فَأَمنَهُمْ ووصلهم وَكَانَ بَنو عَمْرو أَرْبَعَة أُميَّة وَسَعِيد وَإِسْمَاعِيل وَمُحَمّد وَلما حَضَرُوا عِنْده قَالَ أَنْتُم أهل بَيت ترَوْنَ لكُم على جَمِيع قومكم فضلا لن يَجعله الله لكم وَالَّذِي كَانَ بيني وَبَين أبيكم لم يكن حَدِيثا وَإِنَّمَا كَانَ قَدِيما فِي أنفس أوليائكم على أوليائي فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ سعيد يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ تعد علينا أمرَاً كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام قد هدم ذَلِك ووعد جنَّة وحذر نَارا وَأما عَمْرو فَهُوَ ابْن عمك وَقد وصل إِلَى الله وَأَنت أعلم بِمَا صنعت وَإِن أَخَذتَنَا بِهِ فبطن الأَرْض خير لنا من ظهرهَا فَرَق لَهُم عبد الْملك وَقَالَ أبوكم خيرني بَين أَن يقتلني أَو أَقتلهُ فاخترتُ قَتله على قَتْلِي وَأما أَنْتُم فَمَا أَرغبني فِيكُم وأوصلني لقرابتكم وَأحسن جائزتهم