المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(مسير عبد الملك إلى العراق ومقتل مصعب) - سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي - جـ ٣

[العصامي]

فهرس الكتاب

- ‌(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

- ‌(مناظرة ابْن عَبَّاس للخوارج)

- ‌(التقاء الْحكمَيْنِ بدومة الجندل)

- ‌(الْآيَات فِي شَأْن عَليّ كرم الله وَجهه)

- ‌(الْأَحَادِيث فِي شَأْن أبي الحسنين كرم الله تَعَالَى وَجهه)

- ‌(ذكر أقضيته رضي الله عنه

- ‌(ذكر شَيْء مِمَّا أثر من حكمه وكلماته وأشعاره)

- ‌(خلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي مُحَمَّد الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنهما

- ‌(مَنَاقِب الْحسن بن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(صفته رضي الله عنه

- ‌(لمقصد الرَّابِع وَفِيه سَبْعَة أَبْوَاب الْبَاب الأول فِي الدولة الأموية)

- ‌(خلَافَة مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان)

- ‌(عهد مُعَاوِيَة لِابْنِهِ يزِيد بالخلافة)

- ‌(وَفَاة مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان)

- ‌(صفة مُعَاوِيَة)

- ‌(ذكر مناقبه)

- ‌(بيعَة يزِيد بن مُعَاوِيَة)

- ‌(توجه الْحُسَيْن بن عَليّ إِلَى الْكُوفَة واستشهاده بكربلاء)

- ‌(مَنَاقِب الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(ولَايَة الْوَلِيد بن عتبَة على الْحجاز وعزل عَمْرو بن سعيد)

- ‌(خلع أهل الْمَدِينَة يزِيد ووقعة الْحرَّة وحصار مَكَّة)

- ‌(وَفَاة يزِيد وبيعة مُعَاوِيَة ابْنه وَملكه)

- ‌(إِظْهَار ابْن الزبير لِلْبيعَةِ)

- ‌(انْتِقَاض أَمر ابْن زِيَاد ورجوعه إِلَى الشَّام)

- ‌(بيعَة مَرْوَان ووقعة مرج راهط)

- ‌(مُفَارقَة الْخَوَارِج لِابْنِ الزبير)

- ‌(خُرُوج سُلَيْمَان بن صُرَدَ فِي التوابين من الشِّيعَة)

- ‌(خلَافَة عبد الْملك بن مَرْوَان بعد وَفَاة أَبِيه مَرْوَان)

- ‌(وثوب الْمُخْتَار بِالْكُوفَةِ وأخباره)

- ‌(مسير ابْن زِيَاد إِلَى الْمُخْتَار وَخلاف أهل الْكُوفَة عَلَيْهِ وغلبه إيَّاهُم)

- ‌(شَأْن الْمُخْتَار مَعَ ابْن الزبير)

- ‌(مقتل ابْن زِيَاد)

- ‌(مسيرَة مُصعب إِلى الْمُخْتَار وَقَتله إِيَّاه)

- ‌(خلاف عَمْرو بن سعد الْأَشْدَق ومقتله)

- ‌(مسير عبد الْملك إِلَى الْعرَاق ومقتل مُصعب)

- ‌(أَمر زفر بن الْحَارِث بقرقيسيا)

- ‌(مقتل عبد الله بن الزبير)

- ‌(ولَايَة الْمُهلب حَرْب الْأزَارِقَة)

- ‌(ولَايَة الْحجَّاج على الْعرَاق)

- ‌(وثوب أهل الْبَصْرَة عل الْحجَّاج)

- ‌(مقتل ابْن مخنف وَحرب الْخَوَارِج)

- ‌(خلَافَة الْوَلِيد بن عبد الْملك)

- ‌(عمَارَة الْمَسْجِد النَّبَوِيّ على يَد عَامله على الْمَدِينَة عمر بن عبد الْعَزِيز)

- ‌(وَفَاة الْحجَّاج)

- ‌(خلَافَة سُلَيْمَان بن عبد الْملك)

- ‌(خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز رضي الله عنه وأرضاه)

- ‌(خلَافَة يزِيد بن عبد الْملك)

- ‌(خلَافَة هِشَام بن عبد الْملك)

- ‌(خلَافَة الْوَلِيد بن يزِيد)

- ‌(خلَافَة يزِيد بن الْوَلِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان)

- ‌(خلَافَة إِبْرَاهِيم بن الْوَلِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان)

- ‌(خلَافَة مَرْوَان بن مُحَمَّد بن مَرْوَان بن الحكم)

- ‌(قيام أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي بالدعوة لبني الْعَبَّاس بخراسان)

- ‌(الْبَاب الثَّانِي)

- ‌(فِي الدولة العباسية)

- ‌(ذكر الشِّيعَة ومبادئ دولهم وَكَيف انساقت إِلَى العباسية من بعدهمْ إِلَى آخر دولهم)

- ‌(قصَّة الشورى)

- ‌(خلَافَة أبي الْعَبَّاس عبد الله بن مُحَمَّد السفاح)

- ‌(خلَافَة أبي جَعْفَر الْمَنْصُور)

- ‌(الْعَهْد للمهدي وخلع عِيسَى بن مُوسَى)

- ‌(خلَافَة الْمهْدي)

- ‌(خلَافَة الْهَادِي)

- ‌(خلَافَة هَارُون الرشيد)

- ‌(خلَافَة مُحَمَّد الْأمين)

- ‌(خلَافَة الْمَأْمُون)

- ‌(خلَافَة المعتصم)

- ‌(خلَافَة الواثق بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة المتَوَكل)

- ‌(خلَافَة الْمُنْتَصر بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة المستعين بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة المعتز بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة الْمُهْتَدي بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة الْمُعْتَمد على الله

- ‌(خلَافَة المعتضد)

- ‌(خلَافَة المكتفي بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة المقتدر بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة عبد الله بن المعتز بن المتَوَكل)

- ‌(خلَافَة القاهر بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة الراضي بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة المتقي لله)

- ‌(خلَافَة المستكفي بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة الطيع بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة الطائع لله)

- ‌(خلَافَة الْقَادِر بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة الْقَائِم بِأَمْر الله)

- ‌(خلَافَة الْمُقْتَدِي بِأَمْر الله)

- ‌(خلَافَة المستظهر بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة المسترشد بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة الراشد بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة أبي عبد الله المقتفي)

- ‌(خلَافَة المستنجد بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة المستضييء بِنور الله)

- ‌(خلَافَة النَّاصِر لدين الله)

- ‌(خلَافَة الظَّاهِر بِأَمْر الله)

- ‌(خلَافَة الْمُسْتَنْصر بِاللَّه)

- ‌(خلَافَة المستعصم بِاللَّه)

- ‌(شرح حَال التتار)

- ‌(الْبَاب الثَّالِث)

- ‌(فِي الدولة العبيدية المسمين بالفاطميين بالمغرب ثمَّ بِمصْر)

- ‌(نسب العبيديين بإفريقية)

الفصل: ‌(مسير عبد الملك إلى العراق ومقتل مصعب)

وَقيل إِن عمرا إِنَّمَا كَانَ خَلعُهُ وَقَتله حِين سَار عبد الْملك لقِتَال مُصعب طلبه أَن يَجْعَل لَهُ الْعَهْد بعده كَمَا فعل أَبوهُ فَلم يجبهُ إِلَى ذَلِك فَرجع إِلَى دمشق وَقيل كَانَ عبد الْملك اسْتَخْلَفَهُ على دمشق فعصى وَامْتنع بهَا وَكَانَ قَتله سنة تسع وَسِتِّينَ

(مسير عبد الْملك إِلَى الْعرَاق ومقتل مُصعب)

وَلما صفا الشَّام لعبد الْملك اعتزم على الْعرَاق وأتته الْكتب من أَشْرَافهم يَدعُونَهُ فاستمهله أَصْحَابه فَأبى وَسَار نَحْو الْعرَاق وَبلغ مصعبَاً مسيره فَأرْسل إِلَى الْمُهلب بن أبي صفرَة وَهُوَ بِفَارِس فِي قتال الْخَوَارِج يستشيره وَقد كَانَ عزل عمر ابْن عبيد الله بن معمر عَن فَارس وَحرب الْخَوَارِج وَولى الْمُهلب مَكَانَهُ وَذَلِكَ حِين اسْتخْلف هُوَ على الْبَصْرَة وَجَاء خَالِد بن عبيد الله بن خَالِد بن أَسد إِلَى الْبَصْرَة مختفياً دَاعِيَة لعبد الْملك عِنْد مَالك بن مسمع فِي بكر بن وَائِل والأزد وأمده عبد الْملك بعيد الله بن زِيَاد بن ظبْيَان وحاربهم عمر بن عبيد الله بن معمر ثمَّ صَالحهمْ على أَن يخرجُوا خَالِدا فأخرجوه وَجَاء مُصعب وَقد طمع أَن يدْرك خَالِدا فَوَجَدَهُ قد خرج فسخط على ابْن معمر وسَب أَصْحَابه وضربهم وَهدم دُورهمْ وخلعهم وَهدم دَار مَالك بن مسمع واستباحها وعزل ابْن معمر عَن فَارس وَولى الْمُهلب وَخرج إِلَى الْكُوفَة فَلم يزل بهَا حَتَّى سَار للقاء عبد الْملك قلت هَكَذَا ذكره فِي العبر وَرَأَيْت فِي المروج مَا نَصه كَانَ مُصعب حِين صفا لَهُ الْعرَاق بعد قتل الْمُخْتَار وَأَصْحَابه خرج حَتَّى انْتهى إِلَى الْموضع الْمَعْرُوف بباجميرا مِمَّا يَلِي الجزيرة يُرِيد الشَّام لِحَرْب عبد الْملك بن مَرْوَان فَبَلغهُ مسير خَالِد بن عبد الله بن خَالِد بن أسيد من مَكَّة إِلَى الْبَصْرَة فِي عدَّة من موَالِيه وَولده نَاكِثًا لبيعة أَخِيه عبد الله بن الزبير وداعية لعبد الْملك فحاربه مُصعب فَكَسرهُ فَخرج هَارِبا ببنيه حَتَّى لحق بِعَبْد الْملك وَهُوَ كَمَا ترى مخالفٌ لقَوْل صَاحب كتاب العبر

ص: 248

وَجَاء مُصعب وطمع أَن يدْرك خَالِدا فَوَجَدَهُ قد خرج فسخط على ابْن معمر وسَب أَصْحَابه إِلَى آخِره قَالَ الذَّهَبِيّ يرْوى فِي بعض الْآثَار أَن مصعباً لما سَار عَن الْكُوفَة عشرَة أَيَّام يُرِيد قتال عبد الْملك بن مَرْوَان كتب إِلَى زَوجته سكينَة ابْنة الْحُسَيْن بن عَليّ رضي الله عنه من // (الطَّوِيل) //

(وَكَانَ عَزِيزًا أَن أَبِيت وبَيْنَنَا

سِفارٌ فَقَدْ أصبحْتُ منكِ على عَشْرِ)

(وأَنْكَاهُمَا للعيْنِ واللَّهِ فاعْلَمِي

إِذْ ازددتُّ مِثْلَيْهَا فصرْتُ على شَهْرِ)

(وأَبْكي لعَيْنِي مِنْهُمَا اليَوْمَ أنني

أَخَافُ بألَاّ نَلْتَقِي آخِرَ الدَّهْرِ)

فَلَمَّا جاءها الْخَبَر بِمَوْتِهِ قَالَت من // (الطَّوِيل) //

(فَإِنْ تقتلوه تقتُلُوا الماجِدَ الَّذِي

يرى الموْتَ إِلَّا بالسيُوفِ حَراما)

(وقبلك مَا خَاضَ الحُسَين منِيَّةً

إِلَى السيْفِ حَتَّى أوردُوهُ حِمَامَ)

وَكَانَ مَعَه الْأَحْنَف فَتوفي بِالْكُوفَةِ وَلما بعث عَن الْمُهلب يسير مَعَه إِلَى أهل الْبَصْرَة أَن يكون الْمُهلب على قتال الْخَوَارِج فَرده قَالَ لَهُ الْمُهلب إِن أهل الْعرَاق قد كاتبوا عبد الْملك وكاتبهم فَلَا نتعدى ثمَّ بعث مُصعب عَن إِبْرَاهِيم بن الأشتر وَكَانَ على الْموصل والجزيرة فَجعله على مقدمته وَسَار حَتَّى عَسْكَر فِي مسكن وَسَار عبد الْملك وعَلى مقدمته أَخُوهُ مُحَمَّد بن مَرْوَان وخَالِد بن عبد الله ابْن خَالِد بن أسيد فنزلوا قرقيسيا وحصروا زفر بن الْحَارِث الْكلابِي ثمَّ صَالحه وَبعث زفر مَعَه الْهُذيْل ابْنه فِي عَسْكَر وَسَار عَنهُ فَنزل بمسكن قَرِيبا من عَسْكَر مُصعب وفر الْهُذيْل من زفر وَلحق مُصعب وَكتب عبد الْملك إِلَى أهل الْعرَاق وَكَتَبُوا إِلَيْهِ وَكلهمْ يشرط أَصْبَهَان وَآتى ابْن الأشتر بكتابه مختومَاً إِلَى مُصعب فقرأه فَإِذا هُوَ يَدْعُو إِلَى نَفسه وَيجْعَل لَهُ ولَايَة الْعرَاق فَأخْبرهُ مُصعب بِمَا فِيهِ وَقَالَ مثل هَذَا لَا يرغب عَنهُ فَقَالَ إِبْرَاهِيم مَا كنت لأتقلد الْغدر والخيانة وَلَقَد كتب عبد الْملك إِلَى أَصْحَابك كلهم مثل هَذَا فأطعني واقتلهم أَو احبسهم فِي أَبيض كسري فَأبى عَلَيْهِ مُصعب وأضمر أهل الْعرَاق الْغدر بمصعب وعذلهم قيس بن الْهَيْثَم ولامهم فِي طَاعَة أهل الشَّام فأعرضوا عَنهُ وَلما تدانى العسكران بعث عبد الْملك إِلَى مُصعب يَقُول تعال نجْعَل الْأَمر

ص: 249

شُورَى فَقَالَ مُصعب لَيْسَ بَيْننَا إِلَّا السَّيْف فَقدم عبد الْملك أَخَاهُ محمدَاً وَقدم مُصعب إِبْرَاهِيم بن الأشتر وأمده بالجيش فأزال محمدَاً عَن موقفه فأمده عبد الْملك بِعَبْد الله بن يزِيد فَاشْتَدَّ الْقِتَال وَقتل من أَصْحَاب مُصعب مُسلم بن عَمْرو الْبَاهِلِيّ وَالِد قُتَيْبَة وأمد مُصعب إِبْرَاهِيم بعتاب بن وَرْقَاء فسَاء ذَلِك إِبْرَاهِيم ونكره وَقَالَ قد أوصيته لَا يمدني بعتاب وَأَمْثَاله وَكَانَ قد بَايع لعبد الْملك فجر الْهَزِيمَة على إِبْرَاهِيم فَقتل وَحمل رَأسه إِلَى عبد الْملك وَتقدم أهل الشَّام فقاتل مُصعب ودعا رُءُوس الْعرَاق إِلَى الْقِتَال فاعتذروا وتثاقلوا فَدَنَا مُحَمَّد ابْن مَرْوَان من مُصعب وناداه بالأمان وَأَشْعرهُ بغدر أهل الْعرَاق فَأَعْرض عَنهُ فَنَادَى ابْنه عِيسَى بن مُصعب فَأذن لَهُ أَبوهُ فِي لِقَائِه وبذل لَهُ الْأمان وَأخْبرهُ أَبَاهُ قَالَ أظنهم يَفُونَ لَك بذلك فَإِن أَحْبَبْت فافعل قَالَ لَا تَتَحَدَّث نسَاء قُرَيْش أَنِّي رغبت بنفسي عَنْك قَالَ فَاذْهَبْ إِلَى عمك بِمَكَّة فَأخْبرهُ بصنع أهل الْعرَاق وَدعنِي فَإِنِّي مقتول فَقَالَ لَا أخبر قُريْشًا عَنْك أبدا وَلَكِن الْحق أَنْت بِالْبَصْرَةِ فَإِنَّهُم على الطَّاعَة أَو بأمير الْمُؤمنِينَ بِمَكَّة فَقَالَ لَا تَتَحَدَّث قُرَيْش عَن أنني فررتُ ثمَّ قَالَ لعيسى تقدم يَا بني أحتسبك فَتقدم فِي نَاس وَقتل وَقتلُوا ولج عَلَيْهِ عبد الْملك فِي قبُول أمانِهِ فَأبى وَدخل سرادقه فتحنط وَرمى السرادق فَخرج فقاتل وَدعَاهُ عبيد الله بن زِيَاد بن ظبْيَان إِلَى البرَاز فشتمه وَحمل عَلَيْهِ فَضَربهُ فخرجه وخذل أهل الْعرَاق مصعباً حَتَّى بَقِي فِي سَبْعَة أنفس فأثخنته الْجراحَة فَرجع إِلَيْهِ عبيد الله بن زِيَاد بن ظبْيَان فَقتله وَجَاء بِرَأْسِهِ إِلَى عبد الْملك فَأمر لَهُ بِأَلف دِينَار فَلم يَأْخُذهَا وَقَالَ إِنَّمَا قتلته بثأر أخي وَكَانَ قطع الطَّرِيق فَقتله صَاحب شرطة مُصعب وَقيل إِن الَّذِي قَتله زَائِدَة بن قدامَة الثَّقَفِيّ من أَصْحَاب الْمُخْتَار وَأخذ عبيد الله رَأسه وَأمر عبد الْملك بِهِ وبابنه عِيسَى فدفنا بدير الجاثليق عِنْد نهر دجيل وَكَانَ ذَلِك سنة إِحْدَى وَسبعين قَالَ الذَّهَبِيّ لما بذل لمصعب الْأمان وَقد بَقِي ي سَبْعَة نفر أَبى وبارز فعرقبت فرسه وَبَقِي رَاجِلا فَأقبل عبيد الله بن زِيَاد بن ظبْيَان وَكَانَ قد أثخن

ص: 250

جراحاً فاختلفا ضربتين سبقه مُصعب بالضربة الأولى إِلَى رَأسه لم تُؤثر ضَربته إِلَّا جرحا وضربه ابْن ظبْيَان فَقتله وَأخذ رَأسه إِلَى عبد الْملك فَسجدَ وَقبض عبيد الله بن ظبْيَان على قَائِم سَيْفه واجتذبه حَتَّى آتى على أَكْثَره سَله ليضْرب بِهِ عبد الْملك حَال سُجُوده ثمَّ تذمم واسترجع فَكَانَ يَقُول بعد ذَلِك ذهب الفتك بَين النَّاس إِذْ هَمَمْت فَلم أفعل فَأَكُون قد قتلت عبد الْملك ومصعباً ملكَي الْعَرَب فِي سَاعَة وَاحِدَة وَكَانَ قَتله يَوْم الثُّلَاثَاء لثلاث عشرَة لَيْلَة خلت من جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة وَدفن هُوَ وَابْنه بدير الجاثليق كَمَا تقدم آنِفا وتمثل عبد الْملك عِنْد مَجِيء رَأس مُصعب بقوله من // (الطَّوِيل) //

(نُعَاطِي الملوكَ الحقَّ مَا قَسَطُوا لنا

ولَيْسَ علينا قَتْلُهُمْ بِمُحَرَّمِ)

وَلما رَجَعَ عبد الْملك إِلَى الْكُوفَة وَدخل قصر الْإِمَارَة وضع الرَّأْس بَين يَدَيْهِ حدث الْمنْقري قَالَ حَدثنِي سُوَيْد بن سعيد قَالَ حَدثنَا مَرْوَان بن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي مُسلم بن الْحَنَفِيّ كنت مَعَ عبد الْملك بن مَرْوَان حِين جِيءَ إِلَيْهِ بِرَأْس مُصعب بن الزبير فَرَأى عبد الْملك فِي اضطرابَاً فَسَأَلَنِي فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ دخلت هَذَا الْقصر يَعْنِي قصر الْإِمَارَة بِالْكُوفَةِ فَرَأَيْت رَأس الْحُسَيْن بَين يَديْ عبيد الله بن زِيَاد فِي هَذَا الْموضع ثمَّ دَخلته فرأيتُ رأسَ ابْن زِيَاد بَين يَدي الْمُخْتَار بن أَي عُبَيْدِ الثَّقَفِيّ ثمَّ دَخَلْتُهُ فَرَأَيْت رأسَ الْمُخْتَار بَين يَدي مُصعب بن الزبير وَهَذَا مصعبْ بَين يَديك فَوَثَبَ عبد الْملك متطيراً وَقَالَ لَا أَرَاك الله الْخَامِس وَأمر بهدم الْقصر حجرا حجرَاً ثمَّ دَعَا عبد الْملك جند الْعرَاق إِلَى الْبيعَة فَبَايعُوهُ وَسَار إِلَى الْكُوفَة فَأَقَامَ بالنخيلة أَرْبَعِينَ يَوْمًا وخطب النَّاس فوعده المحسن وتوعده الْمُسِيء وَطلب يحيى ابْن سعيد بن جَعْفَر وَكَانُوا أَخْوَاله فأحضروه وأمنه ثمَّ ولى أَخَاهُ بشر بن مَرْوَان على الْكُوفَة وَمُحَمّد بن نمير على همذان وَيزِيد بن وَرْقَاء بن رُوَيْم على الرّيّ وَلم يَفِ لَهُم بأصفهان كَمَا اشترطوا عَلَيْهِ وَكَانَ عبد الله بن يزِيد بن أَسد وَالِد خَالِد العشري وَيحيى بن مُصدق الْهَمدَانِي قد لحجأ إِلَى عَليّ بن عبيد الله بن عَبَّاس ولجأ هُذَيْل بن زفر بن الْحَارِث وَعَمْرو بن يزِيد الْحكمِي إِلَى خَالِد بن يزِيد فَأَمنَهُمْ عبد الْملك وصنع عَمْرو بن حُرَيْث

ص: 251

لعبد الْملك طَعَاما فَأحْضرهُ بالخورنق وَأذن للنَّاس عَامَّة فَدَخَلُوا وَجَاء عمر بن حُرَيْث فأجلسه مَعَه على سَرِيره وَطعم النَّاس ثمَّ طَاف مَعَ عَمْرو بن حُرَيْث على الْقصر يسْأَله عَن مساكنه ومعالمه وَلما بلغ عبد الله بن خازم مسير مُصعب لقِتَال عبد الْملك قَالَ أمعه عمر بن معمر قيل لَا هُوَ على فَارس قَالَ فالمهلب وَقيل فِي قتال الْخَوَارِج قَالَ فَعبَّاد بن الْحصين قيل على الْبَصْرَة قَالَ وَأَنا بخرسان من // (الطَّوِيل) //

(خُذِينِي فَأَجْرِينِي حِصَار وَأَبْشِرِي

بِلَحْمِ امرئٍ لم يَشْهَدِ اليَوْمَ نَاصِرهْ)

ثمَّ بعث عبد الْملك بِرَأْس مُصعب إِلَى الْكُوفَة ثمَّ إِلَى الشَّام فنصب بِدِمَشْق وَأَرَادُوا التطواف بِهِ فمنعت من ذَلِك زَوْجَة عبد الْملك عَاتِكَة بنت يزِيد بن مُعَاوِيَة فغسلته ودفنته وانْتهى قتل مُصعب إِلَى الْمُهلب وَهُوَ يحارب الْأزَارِقَة فَبَايع النَّاس لعبد الْملك بن مَرْوَان وَلما جِيءَ بِخَبَر مُصعب لعبد الله بن الزبير خطب النَّاس فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي لَهُ الْخلق وَالْأَمر يُؤْتِي الْملك من يَشَاء وَينْزع الْملك مِمَّن يَشَاء ويعز من يَشَاء ويذل من يَشَاء أَلا وَإنَّهُ لم يذل الله من كَانَ الْحق مَعَه وَإِن كَانَ النَّاس عَلَيْهِ وَقد أَتَانَا من الْعرَاق خبر أحزننا فَإِن لفراق الْحَمِيم لوعة يجدهَا حميمه عِنْد الْمُصِيبَة ثمَّ عبد من عباد الله وَعون من أعواني أَلا وَإِن أهل الْعرَاق أهل الْغدر والنفاق أسلموه وباعوه بأقلٌ الثّمن فَإِن يقتل ثمَّة فوَاللَّه مَا نموت على مضاجعنا كَمَا يَمُوت بَنو أبي الْعَاصِ فوَاللَّه مَا قتل رجل مِنْهُم فِي الْجَاهِلِيَّة وَلَا فِي الْإِسْلَام وَلَا نموت إِلَّا قعصاً بِالرِّمَاحِ وَتَحْت ظلال السيوف أَلا إِنَّمَا الدُّنْيَا عَارِية من الْملك الْأَعْلَى الَّذِي لَا يَزُول سُلْطَانه وَلَا يبيد فَإِن تقبل فَلَا آخذها أَخذ الأشر البطر وَإِن تدبر لم أبك عَلَيْهَا بكاء الضَّرع المهين أَقُولُ قولي هَذَا وَأَسْتَغْفِر الله لي وَلكم وَلما بلغ خبر مُصعب الْبَصْرَة تنَازع فِي ولايتها حمْرَان بن أبان وَعبد الله بن أبي بكر واستعان حمْرَان بِعَبْد الله بن الْأَهْتَم فغلب عَلَيْهَا وَكَانَت لَهُ منزلَة عِنْد بني أُميَّة فَلَمَّا تمهد الْأَمر بالعراق لعبد الْملك بن مُصعب ولي على الْبَصْرَة خَالِد بن

ص: 252