الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(خلَافَة المستنجد بِاللَّه)
أَبُو المظفر يُوسُف ابْن المقتفي لأمر الله مُحَمَّد بن المستظهر أَحْمد بن الْمُقْتَدِي كَانَ أديباً فَاضلا أَهلا للخلافة بُويِعَ لَهُ يَوْم وَفَاة وَالِده أمه أم ولد حبشية اسْمهَا طَاوس حكى أَنه قبل أَن يسْتَخْلف رأى فِي مَنَامه أَن ملكا نزل من السَّمَاء فَكتب فِي كَفه خمس خاءات فَلَمَّا أصبح سَأَلَ الإِمَام مُحَمَّدًا الْغَزالِيّ أَو أَخَاهُ أَحْمد عَن تَعْبِير ذَلِك فَقَالَ وَالله أعلم أَنَّك ستلي الْخلَافَة سنة خمس وَخمسين وَخَمْسمِائة فَكَانَ كَذَلِك وَليهَا سنة خمس وَخمسين وَخَمْسمِائة فالخاء الأولى للخلافة وَكَانَ مَوْصُوفا بِالْعَدْلِ والديانة أبطل المكوس وَقَامَ كل الْقيام على المفسدين روى أَنه سجن رجلا كَانَ يسْعَى بِالْفَسَادِ فِي النَّاس فجَاء إِلَيْهِ رجل وبذل فِيهِ عشرَة آلَاف دِينَار فَقَالَ المستنجد لَهُ أَنا أُعْطِيك عشرَة آلف دِينَار على آخر مثله تَأتِينِي بِهِ فأحبسه وأكفي النَّاس شَره وَله شعر متوسط مِنْهُ قَول فِي الْبُخْل // (من السَّرِيع) //
(وبَاخِلٍ أَشْعَلَ فِي بَيْتِه
…
تَكرُّ مِنْهُ لَنَا شمْعَهْ)
(فَمَا جرَتْ مِنْ عيْنِهَا دَمْعَةٌ
…
حَتى جَرَتْ مِنْ عيْنِهِ دَمْعَهْ)
وَقَوله // (من الْخَفِيف) //
(عيَّرَتْنِي بِالشَّيْبِ وهَوَ وقَارُ
…
لَيْتَهَا عَيّرتْ بِما هُوَ عارُ)
(إِنْ تَكُنْ شَابتِ الذَّوَائِبُ مِنِّي
…
فَالليَالِي تزِينُهَا الْأقْمارُ)
وَفِي سنة سبع وَخمسين وَخَمْسمِائة وَهِي السّنة الثَّالِثَة من خِلَافَته جرت الكائنة الغريبة وَهِي مَا ذكره الْعَلامَة السَّيِّد نور الدّين عَليّ السمهودي الْمدنِي فِي كِتَابه خُلَاصَة الوفا وَغَيره فَقَالَ إِن الْملك الْعَادِل نور الدّين رأى النَّبِي
فِي نَومه
لَيْلَة ثَلَاث مَرَّات وَهُوَ يُشِير إِلَى رجلَيْنِ أشقرين يَقُول أنجدني من هذَيْن فَأرْسل إِلَى وزيره وتجهزا فِي بَيته ليلتهما على رواحل خَفِيفَة فِي عشْرين نَفرا وَصَحب مَالا كثيرَاً فَقدم الْمَدِينَة فِي سِتَّة عشر يومَاً فزار ثمَّ أَمر بإحضار أهل الْمَدِينَة بعد كتابتهم وَصَارَ يتَأَمَّل فِي كل ذَلِك تِلْكَ الصّفة إِلَى أَن انْقَضتْ النَّاس فَقَالَ هَل بَقِي أحد قَالُوا لم يبْق سوى رجلَيْنِ صالحَين عفيفين مغربيين يكثران الصَّدَقَة فطلبهما فرآهما الرجلَيْن اللَّذين أَشَارَ إِلَيْهِمَا عليه الصلاة والسلام فَسَأَلَ عَن منزلهما فَأخْبر أَنَّهُمَا فِي رِبَاط بِقرب الْحُجْرَة الشَّرِيفَة فَأَمْسَكَهُمَا وَمضى إِلَى منزلهما فَلم ير غير ختمتين وكتباً فِي الرَّقَائِق ومالا كثيرَاً فَأثْنى عَلَيْهِمَا أهل الْمَدِينَة خيرا فبقى متردداً متحيراً فَرفع حَصِيرا فِي الْبَيْت فَرَأى سرداباً محفوراً يَنْتَهِي إِلَى صوب الْحُجْرَة فارتاعت النَّاس لذَلِك فَقَالَ لَهما السُّلْطَان أصدقاني وضربهما ضربا شَدِيدا فاعترفا بِأَنَّهُمَا نصرانيان بعثهما النَّصَارَى فِي زِيّ حجاج المغاربة وأمالوهما بِالْمَالِ الْعَظِيم ليتحيلا فِي الْوُصُول إِلَى الجناب الشريف وَنَقله وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ فَنزلَا قرب رِبَاطًا وصارا يحفران ليلَا وَلكُل مِنْهُمَا محفظة جلد وَالَّذِي يجْتَمع من التُّرَاب يخرجانه فِي محفظتيهما إِلَى البقيع إِذا خرجا بعلة الزِّيَارَة فَلَمَّا قرب من الْحُجْرَة أرعدت السَّمَاء وأبرقت وَحصل رجف عَظِيم فَقدم السُّلْطَان صَبِيحَة تِلْكَ اللَّيْلَة فَلَمَّا ظهر حَالهمَا بَكَى السُّلْطَان بكاء شَدِيدا وَأمر بِضَرْب رقابهما فقتلا تَحت الشباك الَّذِي يَلِي الْحُجْرَة الشَّرِيفَة الْمُسَمّى الْآن شباك الْجمال ثمَّ أَمر بإحضار رصاص عَظِيم وحفر خَنْدَقًا عظيمَاً إِلَى المَاء حول الْحُجْرَة الشَّرِيفَة كلهَا وأذاب ذَلِك الرصاص وملأ الخَنْدَق فَصَارَ حول الْحُجْرَة سور من رصاص إِلَى المَاء انْتهى وَفِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة ذكر صَاحب الْخَمِيس عَن شمس الدّين صَوَاب الْموصِلِي بواب الْمَسْجِد النَّبَوِيّ والقائم بأَمْره بِإِسْنَاد صَحِيح عَنهُ أَن جمَاعَة من الروافض وصلوا من حلب فأهدوا إِلَى أَمِير الْمَدِينَة الشَّرِيفَة من الْأَمْوَال والجواهر مَا لم يخْطر ببال فَشَغلهُ ذَلِك وأنساه دينه والتمسوا مِنْهُ أَن يخرجُوا جَسَد أبي بكر وَعمر رضي الله عنهما من عِنْد النَّبِي
فَلَمَّا غشيه من حب الدُّنْيَا والتشاغل بالأموال عَن الدّين وافقهم على ذَلِك قَالَ صَوَاب الْموصِلِي الْمَذْكُور فطلبني أَمِير الْمَدِينَة وَقَالَ إِن فِي هَذِه اللَّيْلَة يصل إِلَيْك