الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مَنَاقِب الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)
هُوَ الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب بن عبد الْمطلب وَرَيْحَانَة النَّبِي
ولد بِالْمَدِينَةِ لخمس خلون من شعْبَان سنة أَربع من الْهِجْرَة على الصَّحِيح وَقيل سِتّ وَقيل سبع قَالَ فِي الْإِصَابَة وَهَذَا القَوْل الآخر لَيْسَ بِشَيْء وَكَانَت والدته البتول علقت بِهِ بعد أَن ولدت أَخَاهُ الْحسن بِخَمْسِينَ يَوْمًا وَقيل بطهر وَاحِد ألقابه الرشيد وَالطّيب والرضي وَالسَّيِّد والزكي وَالْمبَارك والبسيط وَالتَّابِع لمرضاة الله كَانَ الْحُسَيْن أشبه الْخلق بِالنَّبِيِّ
من سرته إِلَى كَعبه وروى أَبُو عمر عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ أَبْصرت عَيْنَايَ وَسمعت أذناي رَسُول الله
وَهُوَ يَقُول لَهُ تَرَق عينَ بقه فرقى الْغُلَام حَتَّى وضع قَدَمَيْهِ على صدر رَسُول الله
ثمَّ قَالَ لَهُ رَسُول الله
افْتَحْ فَاك ثمَّ قلبه ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أحبه فَأَحبهُ روى خثيمَةَ بن سُلَيْمَان بن حيدرة وَقَالَ أَبُو الْحسن بن الهيثمي رِجَاله كلهم ثِقَات عَن أبي هُرَيْرَة ري الله عَنهُ قَالَ أَخذ رَسُول الله
بيَدي فَانْطَلَقْنَا إِلَى سوق قينقاع فَلَمَّا رَجَعَ دخل الْمَسْجِد فَجَلَسَ فَقَالَ أَيْن لُكَع فجَاء الْحُسَيْن يمشي حَتَّى سقط فِي حجره فَجعل أَصَابِعه فِي لحية رَسُول الله
فَفتح رَسُول الله
فَمه وَأدْخل فَاه فِي فِيهِ ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أحبه فَأَحبهُ وَأحب من يُحِبهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة فَمَا رَأَيْته قطّ إِلَّا فاضت عَيْني دموعاً وروى أَبُو بكر بن أبي شيبَة عَن يعلي العامري أَنه خرج مَعَ رَسُول الله
إِلَى
طَعَام دعِي إِلَيْهِ فَإِذا حُسَيْن مَعَ غلْمَان يَلْعَبُونَ فِي طَرِيقه فاستهوى رَسُول الله أم الْقَوْم ثمَّ بسط يَده فَطَفِقَ الصَّبِي يفر هَهُنَا مرّة وَهَهُنَا مرّة وَجعل رَسُول الله
يضاحكه ثمَّ أَخذه رَسُول الله
فَجعل إِحْدَى يَدَيْهِ تَحت ذقنه وَالْأُخْرَى تَحت قَفاهُ ثمَّ أَقَامَ رَأسه فَوضع فَاه على فِيهِ وَقَالَ حُسَيْن مني وَأَنا من حُسَيْن رحم الله من أحب حُسَيْنًا حُسَيْن سبط من الأسباط وروى ابْن أبي عَاصِم عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لما قتل الْحُسَيْن وَجِيء بِرَأْسِهِ إِلَى ابْن زِيَاد فَجعل ينكت بقضيب على ثناياه وَكَانَ حسن الثغر فَقلت فِي نَفسِي لأسوءنك لقد رَأَيْت رَسُول الله
يقبل مَوضِع قضيبك من ثنيته وروى عَن أبي ظبْيَان قَالَ وَالله إِن كَانَ رَسُول الله
يفرج رجلَيْهِ يَعْنِي الْحُسَيْن وَيقبل زبيبته وروى ابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله
يدلع لِسَانه للحسين فَيرى الصَّبِي حمرَة لِسَانه فيهش إِلَيْهِ فَقَالَ عُيَيْنَة بن حصن بن بدر الْفَزارِيّ أَرَاك تصنع هَذَا بِهَذَا فوَاللَّه ليَكُون لي الْوَلَد قد خرج وَجهه وَمَا قبلته فَقَالَ رَسُول الله
من لَا يرحم لَا يرحم رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَة وَعِنْده فَإِذا رأى الصَّبِي حمرَة لِسَانه هش إِلَيْهِ وروى أَبُو الْحسن بن الضَّحَّاك عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ رَأَيْت رَسُول الله
يمص لعاب الْحُسَيْن كَمَا يمص الرجل التمرة
وروى ابْن حبَان وَابْن سعد وَأَبُو يعلى وَابْن عَسَاكِر عَن جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ من سره أَن ينظر إِلَى رجل من أهل الْجنَّة وَفِي لفظ إِلَى سيد شباب الْجنَّة فَلْينْظر إِلَى الْحُسَيْن بن عَليّ وَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله
يَقُول ذَلِك وروى أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ خلونا عِنْد رَسُول الله
إِذْ أقبل الْحُسَيْن فَجعل ينزو على ظهر رَسُول الله
وعَلى بَطْنه فَبَال فقمنا إِلَيْهِ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام دَعوه ثمَّ دَعَا رَسُول الله
بِمَاء فَصَبَّهُ على ثَوْبه وروى سعيد بن مَنْصُور وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن يعلى بن مرّة العامري رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله
حُسَيْن مني وَأَنا من حُسَيْن أحب الله من أحب حُسَيْنًا حُسَيْن سبط من الأسباط وروى الإِمَام أَحْمد عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله
الحسنُ وَالْحُسَيْن سِبطانِ من الأسبَاطِ وروى الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله
من أحَب هَذَا يَعْنِي الْحُسَيْن فقد أَحبَّنِي وروى الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله
اللَّهُمَّ إِني أحبه فَأَحبهُ يَعْنِي الْحُسَيْن وروى أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ بِسَنَدِهِ قَالَ خرج رَسُول الله
من بَيت عَائِشَة فَمر على بَاب فَاطِمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا فَسمع حُسَيْنًا يبكي فَقَالَ رَسُول الله
أما تعلمين أَن بكاءه يُؤْذِينِي
وروى الطبراين فِي الْكَبِير وَابْن سعد عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَن رَسُول الله
قَالَ أَخْبرنِي جِبْرِيل أَن ابْني الْحُسَيْن يقتل بِأَرْض الطف وَجَاءَنِي بِهَذِهِ التربة وَأَخْبرنِي أَن فِيهَا مضجعه وروى الإِمَام أَحْمد عَن ثَابت عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ اسْتَأْذن ملك الْمَطَر أَن يَأْتِي النَّبِي
فَإِذن لَهُ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام لأم سَلمَة احفظي علينا الْبَاب لَا يدْخل أحد فجَاء الْحُسَيْن فَوَثَبَ حَتَّى دخل فَجعل يصعد على منْكب رَسُول الله
فَقَالَ لَهُ ملك الْمَطَر أَتُحِبُّهُ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام نعم قَالَ إِن أمتك تقتله وَإِن شِئْت أريتك الْمَكَان الَّذِي يقتل فِيهِ قَالَ فَضرب بِيَدِهِ فَأرَاهُ تُرَابا أَحْمَر فَأخذت أم سَلمَة ذَلِك التُّرَاب فصرته فِي طرف ثوبها قَالَ فَكُنَّا نسْمع بقتْله بكربلاء وَرَوَاهُ البهيقي من حَدِيث وَهِي بن ربيعَة بن زِيَاد قَالَ أَخْبَرتنِي أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَن رَسُول الله
اضطجَعَ ذَات يَوْم فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ حائر ثمَّ اضْطجع فرقد ثمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ حائر دون مَا رأيتُ مِنْهُ فِي الْمرة الأولى ثمَّ اضْطجع وَفِي يَده تربة حَمْرَاء وَهُوَ يقلبها فَقلت مَا هَذِه التربة يَا رَسُول الله قَالَ أَخْبرنِي جِبْرِيل أَن ابْني هَذَا يقتل بِأَرْض الْعرَاق قَالَ فَقلت يَا جِبْرِيل أَرِنِي تربة الأَرْض فَقَالَ هَذِه تربَتهَا وروى الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ كَانَ الْحُسَيْن جَالِسا فِي حجره عليه الصلاة والسلام فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل أَتُحِبُّهُ فَقَالَ كَيفَ لَا وَهُوَ ثَمَرَة فُؤَادِي فَقَالَ إِن أمتك ستقتله أَلا أريك مَوضِع قَبره فَقبض قَبْضَة وَإِذا تربة حَمْرَاء
وروى الإِمَام أَحْمد عَن عبد الله بن بجى عَن أَبِيه أَنه سَار مَعَ أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ كرم الله وَجهه فَلَمَّا حازَى شط الْفُرَات قَالَ صبرا أَبَا عبد الله قلت وَمَا ذَاك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ دخلت على النَّبِي
وَعَيناهُ تفيضان بالدمع فَقلت مِم ذَلِك يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْك فَقَالَ قَامَ من عِنْدِي جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام وَأَخْبرنِي أَن ابْني الْحُسَيْن يقتل بشط الْفُرَات وَقَالَ هَل لَك أَن أنعمك من تربته فَقلت نعم فَقبض من تُرَاب فَأَعْطَانِيهَا فَلم أملك عَيْني أَن فاضتا وروى الإِمَام أَحْمد عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله
لَا تدع أحدَاً يدْخل فجَاء الْحُسَيْن فمنعته فَبكى فخليته فَدخل حَتَّى قعد فِي حجره
فَقَالَ جِبْرِيل عليه الصلاة والسلام إِن أمتك ستقتله فَقَالَ عليه الصلاة والسلام تقتله وهم مُؤمنُونَ قَالَ نعم وَأرَاهُ من تربته وَفِي رِوَايَة قَالَ رَسُول الله
يَا جبريلُ أَفلا أراجع رَبِّي عز وجل قَالَ لَا إِنَّه أَمر قد قضى وفُرغَ مِنْهُ وروى الإِمَام أَحْمد عَن فَاطِمَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله
قَالَ لقد دَخَلَ جِبْرِيل عَليّ الْبَيْت وَلم يدْخل عَليّ قبلهَا فَقَالَ ابْنك هَذَا الْحُسَيْن مقتول وَإِن شِئْت أريتك التربة الَّتِي يقتل بهَا فَأخْرج تربة حَمْرَاء وروى الْبَغَوِيّ عَن أنس بن الْحَارِث رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله
يَقُول إِن ابْني هَذَا يقتل بِأَرْض يُقَال لَهَا كربلاء فَمن شهد ذَلِك فلينصره قَالَ فَخرج أنس بن الْحَارِث إِلَى كربلاء فَقتل مَعَ الْحُسَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَجْمَعِينَ وروى الملا عَن أم سَلمَة أَنَّهَا قَالَت ناولني رَسُول الله
كفا من تُرَاب
أَحْمَر وَقَالَ إِن هَذَا من تربة الأَرْض الَّتِي يقتل بهَا ابْني يَعْنِي الْحُسَيْن فَمَتَى صَار دَمًا فاعلمي أَنه قتل قَالَت أم سَلمَة فَوَضَعته فِي قَارُورَة وَكنت أَقُول إِن يَوْمًا يتَحَوَّل فِيهِ دمَاً ليَوْم عَظِيم وَفِي رِوَايَة فَأَصَبْته يَوْم قتل الْحُسَيْن وَقد صَار دمَاً قَالَت أم سَلمَة فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة قتل الْحُسَيْن سَمِعت قائلَا يَقُول // (من الْخَفِيف) //
(أَيُهَا اٌ لقَاتِلُونَ جَهْلاً حُسَيْنًا
…
أبْشِرُوا بِالعَذَابِ وَالتَّنْكِيلِ)
قَالَت فَبَكَيْت وَفتحت القارورة فغذا الحصيات قد خرجت دمَاً وَأخرج ابْن سعد قَالَ مر عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بكربلاء عِنْد مسيره إِلَى صفّين وحاذى نِينَوَى اسْم قَرْيَة على الْفُرَات فَوقف وَسَأَلَ عَن اسْم هَذِه الأَرْض فَقيل لَهُ كربلاء فَبكى حَتَّى بلت دُمُوعه الأَرْض ثمَّ قَالَ هَاهُنَا مناخ رِكَابهمْ هَاهُنَا مهراق دِمَائِهِمْ فتية من آل مُحَمَّد يقتلُون بِهَذِهِ الْعَرَصَة تبْكي عَلَيْهِم السَّمَوَات وَالْأَرْض وَلما سير بِرَأْسِهِ إِلَى يزِيد فنزلوا أول مرحلة فَجعلُوا يشربون وَالرَّأْس بَين أَيْديهم فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ خرجَت عَلَيْهِم من الْحَائِط يَد مَعهَا قلم من حَدِيد فَكتب سطراً بِدَم وَهُوَ // (من الوافر) //
(أَتَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْنّا
…
شَفاعَةَ جَدِّهِ يَوْمَ االْحِسَابِ)
فَهَرَبُوا وَتركُوا الرَّأْس أخرجه مَنْصُور بن عمار وَذكر غير وَاحِد أَن هَذَا الْبَيْت وجد بِحجر فِي دير رَاهِب فِي كَنِيسَة بِأَرْض الرّوم وَلَا يدْرِي من كتبه فَسَأَلُوهُ فَقَالَ هَذَا مَكْتُوب قبل مبعث نَبِيكُم بثلاثمائة سنة وَقد تقدم ذكر حمرَة السَّمَاء قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وحكمته أَن غضبنا يُؤثر حمرَة الْوَجْه وَالْحق تنزه عَن الجسمية فأظهر تأثر غَضَبه على من قتل الْحُسَيْن بحمرة الْأُفق إِظْهَار لِعظَم الْجِنَايَة قَالَ وَإِذا كَانَ أَنِين الْعَبَّاس وَهُوَ مأسور ببدر منع رَسُول الله
النّوم فَكيف
بِابْنِهِ الْحُسَيْن وَلما أسلم وَحشِي قاتلُ حَمْزَة قَالَ لَهُ غيب وَجهك عني فَإِنِّي لَا أحب أَن أرى من قتل الْأَحِبَّة وَالْإِسْلَام يجب مَا قبله فَكيف بِقَلْبِه
أَن يرى من ذبح الْحُسَيْن وَأمر بقتْله وَحمل أَهله على أقتاب الْجمال سافرات الْوُجُوه ناشرات الشُّعُور وَأخرج أَبُو الشَّيْخ أَن جمعَاً يذكرُونَ أَنه مَا من أحد أعَان على قتل الْحُسَيْن إِلَّا أَصَابَهُ بلَاء قبل أَن يَمُوت وَنقل شبط ابْن الْجَوْزِيّ عَن السّديّ أَنه أَضَافَهُ رجل بكربلاء فتذاكروا هَذَا الْمَعْنى أَي أَنه مَا من أحد أعَان على قتل الْحُسَيْن أَو شركهم فِي دَمه بِوَجْه إِلَّا مَاتَ أقبح ميتَة فكذب المضيف بذلك وَقَالَ إِنَّه مِمَّن حضر وَلم يصبهُ شَيْء فَقَامَ ليصلح السراج فَأَخَذته النَّار فَذهب لطفئها بريقه فالتهب فَمه فَجعل يُنَادي النارَ النارَ وانغمس فِي الْفُرَات وَمَعَ ذَلِك دبت النَّار فِي جسده فَأَحْرَقتهُ قَالَ السّديّ وَأَنا واللِّه رَأَيْته كالحممة وَحكى سبطه عَن الْوَاقِدِيّ أَن شَيخا حضر قَتله فَقَط فَعميَ فَسئلَ عَن سَببه فَقَالَ إِنَّه رأى النَّبِي
حاسراً عَن ذراعه وَبِيَدِهِ السَّيْف وَبَين يَدَيْهِ نطع وَرَأى عشرَة من قاتلي الْحُسَيْن مذبوحين بَين يَدَيْهِ ثمَّ لَعنه وسبه بتكثير سوادهم ثمَّ أكحله بمرود من دم الْحُسَيْن فَأصْبح أعمى وَأخرج أيضَاً أَن شخصا مِنْهُم علق فِي لبب فرسه رَأس الْعَبَّاس بن عَليّ فَرُئِيَ بعد أَيَّام وَوَجهه أَشد سوادَاً من القار فَقيل إِنَّك كنت أَنْضَرُ الْعَرَب وَجها فَقَالَ مَا مرت عَليّ لَيْلَة مذ حملت ذَلِك الرَّأْس إِلَّا وَاثْنَانِ يأخذان بضبعي ثمَّ ينهضان إِلَى نَار تؤجج فيدفعاني فِيهَا وَأَنا أنكص فتسفعني كَمَا ترى ثمَّ مَاتَ على أقبح حَالَة وَذكر الْبَارِزِيّ عَن الْمَنْصُور أَنه رأى رجلا بِالشَّام وَجهه وَجه خِنْزِير فَسَأَلَهُ فَقَالَ إِنَّه كَانَ يلعن عليا كل يَوْم ألف مرّة وَفِي كل جُمُعَة ربعَة آلَاف مرّة وَأَوْلَاده مَعَه فَرَأَيْت النَّبِي
وَذكر منامَاً طَويلا من جملَته أَن الْحسن شكاه إِلَيْهِ فلعنه ثمَّ بَصق فِي وَجهه فَصَارَ وَجهه وَجه خِنْزِير وَصَارَ آيَة للنَّاس وروى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه وَالتِّرْمِذِيّ عَن ابْن عمر أَنه سَأَلَهُ رجل عَن دم
البعوض أطاهر أم لَا فَقَالَ لَهُ مِمَّن أَنْت قَالَ من أهل الْعرَاق فَقَالَ ابْن عمر انْظُرُوا إِلَى هَذَا يسألني عَن دم البعوض وَقد قتلوا ابْن النَّبِي
قَالَ الْعَلامَة سبط ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه مرْآة الزَّمَان وَغَيره الْمَشْهُور أَن يزِيد لما وصل إِلَيْهِ الرَّأْس الشريف جمع أهل الشَّام وَجعل ينكت الرَّأْس بالقضيب الخيرزان وتمثل بِتِلْكَ الأبيات وَقيل بل ترحم على الْحُسَيْن وتنكر لِابْنِ زِيَاد لكنه قَالَ الْمَشْهُور الأول وَجمع بِأَنَّهُ أظهر الثَّانِي وأخفى الأول بِقَرِينَة أَنه بَالغ فِي رفْعَة ابْن زِيَاد حَتَّى أدخلهُ على نِسَائِهِ وبقرينة قَوْله الْبَيْتَيْنِ السَّابِق ذكرهمَا فِيهِ ثمَّ قَالَ وَلَيْسَ الْعجب إِلَّا من ضرب يزِيد ثنايا الْحُسَيْن بالقضيب وَحمل آل النَّبِي
سَبَايَا على أقتاب الْجمال مُوثقِينَ فِي الحبال وَالنِّسَاء مكشفات الْوُجُوه والرءوس وَذكر أَشْيَاء من قْبيح فعله قَالَ وَيُقَال إِنَّه بعث بِالرَّأْسِ مَعَهم إِلَى الْمَدِينَة حِين ردهم إِلَيْهَا وَقيل بل كَانَ الرَّأْس فِي خزانته لِأَن سُلَيْمَان بن عبد الْملك رأى النَّبِي
فِي الْمَنَام يلاطفه ويبشره فَسَأَلَ الْحسن الْبَصْرِيّ عَن تَعْبِير ذَلِك فَقَالَ لَهُ لَعَلَّك صنعت إِلَى آله مَعْرُوفا قَالَ سُلَيْمَان نعم وجدت رَأس الْحُسَيْن فِي خزانَة يزِيد فكسوته خَمْسَة أَثوَاب وصليتُ عَلَيْهِ فِي جمَاعَة من أَصْحَابِي وقبرته فَقَالَ لَهُ الْحسن الْبَصْرِيّ إِن ذَلِك سَبَب رضَا النَّبِي
عَلَيْك فَأمر سُلَيْمَان لِلْحسنِ بجائزة حَسَنَة قلت رَأَيْت فِي الذَّهَبِيّ مَا نَصه قَالَ عبد الصَّمد بن سعيد القَاضِي حَدثنَا سُلَيْمَان بن عبد الحميد البهراني سَمِعت أَبَا أُميَّة الكلَاعِي سَمِعت أَبَا كريب قَالَ كنتُ فِي الْقَوْم الَّذين توثبوا على الْوَلِيد بن يزِيد وَكنت فِيمَن نهب خزانتهم بِدِمَشْق فَأخذت سفطاً وَقلت فِيهِ غنائي فركبت فرسي وَجَعَلته بَين يَدي وَخرجت من بَاب توما ففتحته فَإِذا بحريرة قيها قرطاس مَكْتُوب عَلَيْهِ هَذَا رَأس الْحُسَيْن بن
عَليّ فحفرت لَهُ بسيفي ودفنته فَالله أعلم أياً كَانَ ذَلِك فَلَمَّا فعل يزِيد مَا مر كَانَ عِنْده إِذْ ذَاك رَسُول قَيْصر فَقَالَ متعجبَاً إِن عندنَا فِي بعض الخزائن فِي دير حافر حمَار عِيسَى فَنحْن نحج إِلَيْهِ كل عَام فِي الأقطار وننذر النذور ونعظمه كَمَا تعظمون كعبتكم وَأَنْتُم تَفْعَلُونَ هَذَا بِابْن بنت نَبِيكُم فَأشْهد أَنكُمْ على بَاطِل وَقَالَ آخر كَانَ مَعَه بيني وَبَين دَاوُد سَبْعُونَ أَبَا وَإِن الْيَهُود تعظمني وتحترمني وَأَنْتُم تَفْعَلُونَ مَا تَفْعَلُونَ فِي ابْن نَبِيكُم قَالَ وَكَانَت الحرس على الرَّأْس الشريف كلما نزلُوا منزلا رَفَعُوهُ على رمح وحرسوه فرى هـ رَاهِب فِي دير فَسَأَلَ عَنهُ فعرفوه بِهِ فَقَالَ بئس الْقَوْم أَنْتُم لَو كَانَ للمسيح ولد لأسكناه فِي أحداقنا بئس الْقَوْم أَنْتُم لَو كَانَ للمسيح ولد لأسكناه فِي أحداقنا بئس الْقَوْم أَنْتُم هَل لكُم فِي عشرَة آلَاف دِينَار ويبيت الرَّأْس عِنْدِي هَذِه اللَّيْلَة فَقَالُوا نعم فَأَخذه وغسله وطَيبه وَوَضعه على فَخذه وَقعد يبكي إِلَى الصُّبْح لِأَنَّهُ رأى نورا ساطعاً من الرَّأْس إِلَى السَّمَاء ثمَّ خرج عَن الدَّيْر وَمَا فِيهِ وَصَارَ يخْدم أهل الْبَيْت فهنيئَاً لَهُ ثمَّ هَنِيئًا وَكَانَ مَعَ أُولَئِكَ الحرس دَنَانِير أخذوها من عَسْكَر الْحُسَيْن ففتحوا أكياسها ليقتسموها فرأوها خزفاً وعَلى أحد وَجْهي كل مِنْهَا {وَلا تحَسَبن اَللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعمَلُ اَلظالمُونَ} إِبْرَاهِيم 42 وعَلى الآخر {وَسَيَعلَمُ الَّذين ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَب يَنقَلبِوُنَ} الشُّعَرَاء 227 قَالَ أهل السّير لما سيق حَرِيم الْحُسَيْن إِلَى الْكُوفَة كالأسارَى بَكَى أهل الْكُوفَة فَجعل زين العابدين بن عَليّ بن الْحُسَيْن يَقُول إِن هَؤُلَاءِ يَبْكُونَ من أجلنا فَمن ذَا الَّذِي قتلنَا وَأخرج الْحَاكِم من طرق مُتعَدِّدَة أَنه عليه الصلاة والسلام قَالَ قَالَ جِبْرِيل قَالَ رَسُول الله تبارك وتعالى إِنِّي قتلتُ بدمِ يحيى بن زَكَرِيَّا سيعين ألفا وَإِنِّي قَاتل بِدَم الْحُسَيْن بن عَليّ سبعين ألفا وَسبعين ألفا وَقتل هَذِه الْعدة بِسَبَبِهِ لَا يسْتَلْزم أَنَّهَا بِقدر عدَّة القاتلين لَهُ فَإِنَّهَا قتنة أفضت إِلَى تعصبات ومقاتلات تفي بذلك