الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسمع أَن امْرَأَة قتلت أَبَاك وِلَادَته سنة ثِنْتَيْنِ من الْهِجْرَة بُويِعَ فِي رَجَب سنة أَربع وَسِتِّينَ وَكَانَت الشَّوْكَة وَالْغَلَبَة لِابْنِ الزبيير مدَّته خَمْسَة عشر شهرا وَقيل عشرَة أشهر وَفَاته فِي رَمَضَان سنة خمس وَسِتِّينَ عمره ثَلَاث وَسِتُّونَ وَقيل أَربع وَسِتُّونَ وَقد كَانَ بَايع لوَلَده عبد الْملك ثمَّ بعده لوَلَده الآخر عبد الْعَزِيز وَالِد عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
(وثوب الْمُخْتَار بِالْكُوفَةِ وأخباره)
لما قتل سُلَيْمَان بن صرد وَقدم الشِّيعَة إِلَى الْكُوفَة وَكَانَ الْمُخْتَار مَحْبُوسًا كَمَا مر كتب إِلَيْهِم من السجْن يعدهم ويمنيهم ويعرفهم أَن الَّذِي بَعثه ابْن الْحَنَفِيَّة لطلب الثأر فَقَرَأَ كِتَابه رِفَاعَة بن شَدَّاد والمثنى بن مخرمَة الْعَبْدي وَسعد بن حُذَيْفَة بن الْيَمَان وَيزِيد بن أنس وَأحمد بن شميط البَجلِيّ وَعبد الله بن شَدَّاد البَجلِيّ وبعثوا إِلَيْهِ عبيد الله بن كَامِل مِنْهُم إِنَّا بِحَيْثُ نسرك وَإِن شِئْت أَن نَأْتِيك ونخرجك من الْحَبْس فعلنَا فسر بذلك وأمهلهم ثمَّ شفع فِيهِ ابْن عمر إِلَى عبد الله بن يزِيد وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن طَلْحَة فَأطلق واستحلفاه أَلا يخرج عَلَيْهِم وَنزل بداره وَاخْتلفت إِلَيْهِ الشِّيعَة وَبَايَعُوهُ وَقَوي أمره ثمَّ عزل ابْن الزبير إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن طَلْحَة وَعبد الله بن يزِيد وَاسْتعْمل على الْكُوفَة عبد الله ابْن مُطِيع فَقَدمهَا فِي رَمَضَان سنة خمس وَسِتِّينَ وخطب النَّاس بِأَن ابْن الزبير أمره أَلا يقسم فيئهم فِي غَيرهم وَأَن يسير فيهم بسيرة عمر وَعُثْمَان ثمَّ توعدهم على الْخلاف فَقَالُوا أما فيئنا فَلَا يكون غير ذَلِك وَأما السِّيرَة فسيرة عَليّ الَّتِي سَار بهَا فِي بِلَادنَا وَلَا حَاجَة لنا فِي سيرة عُثْمَان وَلَا عمر فَقَالَ ابْن مُطِيع نسير بِكُل سيرة ترضونها ثمَّ بلغه أَن الْمُخْتَار يَدْعُو لأهل الْبَيْت وبمن اجْتمع لَهُ وأشاروا عَلَيْهِ بحبسه
فَبعث إِلَه فَاعْتَذر بِالْمرضِ وارتاب أَصْحَاب الْمُخْتَار فِيمَا بَلغهُمْ عَن ابْن الْحَنَفِيَّة فَسَارُوا إِلَيْهِ بِمَكَّة يسألونه واستأذنوه فِي اتِّبَاعه فَقَالَ وددت أَن الله انتصَرَ لنا من عدونا بِمن يَشَاء مِنْ خلقه فَرَجَعُوا وأخبروا بذلك الْمُخْتَار وَقَالُوا لَهُ قد أمرنَا بنصرك فَجمع الشِّيعَة وَأخْبرهمْ بِمَا قدم بِهِ أَصْحَابهم من عِنْد ابْن الْحَنَفِيَّة وَأَنه أخْبرهُم رَسُوله وأمركم باتباعي وطاعتي فِيمَا دعوتكم إِلَيْهِ من قتال المحلين والطلب بدماء أهل الْبَيْت وَشهد الوافدون بذلك فاجتمعت الشِّيعَة وَمن جُمْلَتهمْ الشّعب وَأَبُو شُرَحْبِيل وَأَشَارَ عَلَيْهِ بعض أَصْحَابه بِدُعَاء إِبْرَاهِيم بن الأشتر لقوى أَمرهم بِهِ فَمضى إِلَيْهِ الشّعبِيّ فِي جمَاعَة مِنْهُم وَذكر تقدم أَبِيه فِي ولَايَة عَليّ وَدعَاهُ إِلَى الطّلب بِدَم الْحُسَيْن وَأَصْحَابه فَقَالَ عل أَن تولوني فَقَالُوا قد جَاءَ الْمُخْتَار بتولية ابْن الْحَنَفِيَّة وَقد أمرنَا بِطَاعَتِهِ فَسكت إِبْرَاهِيم ثمَّ جَاءَ الْمُخْتَار بِكِتَاب ابْن الْحَنَفِيَّة إِلَى إِبْرَاهِيم يسْأَله النُّصْرَة ويعده بِالْولَايَةِ الْعَامَّة وَفِيه من مُحَمَّد الْمهْدي إِلَى إِبْرَاهِيم بن مَالك الأشتر وَدفعه إِلَيْهِ الشّعبِيّ وقرأه وَقَالَ مازال ابْن الْحَنَفِيَّة يكاتبني فَلَا زيد على اسْمه وَاسم أَبِيه فَشهد جمَاعَة مِنْهُم أَنه كِتَابه وَسكت الشّعبِيّ وَسَأَلَهُ إِبْرَاهِيم بعد انصرافهم فَقَالَ هَؤُلَاءِ الَّذين يشْهدُونَ سادة الْقُرَّاء ومشيخة الْمصر وفرسان الْعَرَب فَكتب أَسْمَاءَهُم عِنْده ثمَّ حمل عشيرته على إِجَابَة الْمُخْتَار وَصَارَ يخْتَلف إِلَيْهِ وتواعدوا لِلْخُرُوجِ منتصف ربيع الأول سنة سِتّ وَسِتِّينَ ونما خبر إِلَى ابْن مُطِيع فَبعث إِلَى رُءُوس النَّاس فِي كل نَاحيَة من الْكُوفَة يوقظهم لذَلِك وَألا يؤتوا من قبلهم فَاسْتَعدوا فَركب إِيَاس بن مضَارب فِي الشَّرْط وأحاط بِالسوقِ وَالْقصر ثمَّ ركب إِبْرَاهِيم بن الأشتر يُرِيد الْمُخْتَار قبل الْموعد بليلتين وَهُوَ مظهر للسلاح وَلَقي إِيَاس بن مضَارب فارتاب بِهِ وأراده على الْإِتْيَان لِابْنِ مُطِيع فَأبى وطعنه فَقتله وافترق أَصْحَاب إِيَاس وَجَاءُوا إِلَى ابْن مُطِيع وَولى مَكَانَهُ ابْن رَاشد على الشرطة وَمضى إِبْرَاهِيم إِلَى الْمُخْتَار وَأخْبرهُ بالْخبر وبعثوا فِي الشِّيعَة وتنادوا بثأر الْحُسَيْن ومضَى إِبْرَاهِيم إِلَى النخع فاستركبهم وَسَار بهم فِي الْمَدِينَة لَيْلًا وَهُوَ يتَجَنَّب الْمَوَاضِع الَّتِي فِيهَا الْأُمَرَاء ثمَّ
لقِيه بَعضهم فَهَزَمَهُمْ ثمَّ آخَرين كَذَلِك ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمُخْتَار فَوجدَ شبيبَ بنَ رَبعي وحجار بن أبجر الْعجلِيّ يقاتلانه فهومهما وَجَاء شَبَّبَ إِلَى ابْن مُطِيع فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِجمع النَّاس والنهوض إِلَى الْقَوْم فقد قوي أَمرهم فَركب وَاجْتمعَ النَّاس وتوافي إِلَى الْمُخْتَار نَحْو أَرْبَعَة آلَاف من الشِّيعَة وَبعث ابْن مُطِيع شبيب بن ربعي فِي ثَلَاثَة آلَاف وَرَاشِد بن إِيَاس فِي أَرْبَعَة آلَاف فسرح إِلَيْهِم الْمُخْتَار إِبْرَهِيمُ بن الأشتر لراشد فِي سِتّمائَة فَارس وسِتمِائَة راجل ونعيم بن هُبَيْرَة لشيب فِي ثَلَاثمِائَة فَارس وسِتمِائَة راجل واقتتلوا من بعد صَلَاة الصُّبْح وَقتل نعيم فوهن الْمُخْتَار لقَتله وَظهر شبيب وَأَصْحَابه عَلَيْهِم وَقَاتل إِبْرَاهِيم ابْن الأشتر رَاشد بن إِيَاس فَقتله وَانْهَزَمَ أَصْحَابه فركبهم الْقَتْل وَبعث ابْن مُطِيع جَيْشًا كثيفاً فَهَزَمَهُمْ إِبْرَاهِيم ثمَّ حمل على شبيب فَهَزَمَهُ وزحف الْمُخْتَار فَمَنعه الرُّمَاة من دُخُول الْكُوفَة وَرجع المنهزمون إِلَى ابْن مُطِيع فدهش فشجعه عَمْرو ابْن الْحجَّاج الزبيدِيّ وَقَالَ لَهُ اخْرُج واندب النَّاس فَفعل وَقَامَ فِي النَّاس ووبخهم على هزيمتهم وندبهم ثمَّ بعث عَمْرو بن الْحجَّاج فِي أَلفَيْنِ وشمر بن ذِي الجوشن فِي أَلفَيْنِ وَنَوْفَل بن مساحق فِي خَمْسَة آلَاف ووقف هُوَ بكناسة واستخلف على الْقصر شبيب بن ربعي فَحمل ابْن الأشتر على ابْن مساحق فَهَزَمَهُ وأسره ثمَّ مَن عَلَيْهِ وَدخل ابْن مُطِيع الْقصر وحاصره إِبْرَاهِيم الأشتر ثَلَاثًا وَمَعَهُ يزِيد بن أنس وَأحمد بن شميط وَلما اشْتَدَّ الْحصار على ابْن مُطِيع أَشَارَ عَلَيْهِ شبيب بن ربعي بِأَن يستأمنَ الْمُخْتَار وَيلْحق بِابْن الزبير وَله مَا بعده فَخرج عَلَيْهِم مسَاء وَنزل دَار أبي مُوسَى وَاسْتَأْمَنَ الْقَوْم للمختار فَدخل الْقصر وَغدا على النَّاس فِي الْمَسْجِد فخطبهم ودعا إِلَى بَيْعه ابْن الْحَنَفِيَّة فَبَايعهُ أَشْرَاف الْكُوفَة على الْكتاب وَالسّنة والطلب بِدَم الْحُسَيْن وَوَعدهمْ بِحسن السِّيرَة وبلغه أَن ابْن مُطِيع فِي دَار أبي مُوسَى فَبعث إِلَيْهِ بِمِائَة ألف دِرْهَم وَقَالَ تجهز بِهَذِهِ وَكَانَ ابْن مُطِيع قد فرق بيُوت الْأَمْوَال على النَّاس وَسَار ابْن مُطِيع إِلَى وَجهه وَملك الْمُخْتَار الْكُوفَة وَجعل على شريطة عبد الله بن كَامِل وعَلى حرسه كيسَان أَبَا عمْرَة وَجعل الْأَشْرَاف جلساءه وَعقد لعبد الله بن الْحَارِث بن الأشتر