الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جُبَّة صوف وَكسَاء وَكَانَ يلْبسهُ بِاللَّيْلِ وَيُصلي فِيهِ وَكَانَ قد اطرَح الملاهي وَحرم الْغناء وحسم عَن الظُّلم وَكَانَ يشرف على الدَّوَاوِين بِنَفسِهِ وَيجْلس الْكتاب بَين يَدَيْهِ فتبرم بِهِ بابك التركي وانحصر وَكَانَ ظلوماً غشوماً فَأمر الْمُهْتَدي بقتْله فَلَمَّا قتل هَاجَتْ الأتراك وَوَقع الْحَرْب بَينهم وَبَين المغاربة فَقتل من الْفَرِيقَيْنِ أَرْبَعَة آلَاف وَخرج الْمُهْتَدي والمصحف فِي عُنُقه وَهُوَ يَدْعُو النَّاس إِلَى نصرته والمغاربة مَعَه وَبَعض الْعَامَّة فَحمل عَلَيْهِم طنبغا أَخُو بابك فَهَزَمَهُمْ وَمضى الْمُهْتَدي مُنْهَزِمًا وَالسيف فِي يَده وَقد جرح جرحين حَتَّى دخل دَار مُحَمَّد بن أبي دَاوُد فتجمعت الأتراك وهجموا عَلَيْهِ وأخذوه أسيرَاً وَحمل على دَابَّة وَأَرْدَفَ خَلفه سائس بِيَدِهِ خنجر وَأدْخل إِلَى دَار بَعضهم وَجعلُوا يصفعونه وَيَقُولُونَ اخْلَعْهَا فَأبى عَلَيْهِم فَسلم إِلَى رجل مِنْهُم فوطئ مذاكيره حَتَّى قَتله وَتُوفِّي فِي رَجَب سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَت مُدَّة خِلَافَته سنة وَاحِدَة إلاخمسة عشر يَوْمًا عمره ثَمَان وَثَلَاثُونَ سنة وَأَرْبَعَة أشهر
(خلَافَة الْمُعْتَمد على الله
أبي جَعْفَر أَحْمد بن المتَوَكل بن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور لما قتل متغلبة الأتراك الْخَلِيفَة الْمُهْتَدي صبرا عَمدُوا إِلَى الْحَبْس وأخرجوا ابْن عَمه أَبَا جَعْفَر أَحْمد بن المتَوَكل ولقبوه بالمعتمد على الله وَبَايَعُوهُ سنة سِتّ وَخمسين أمه أم ولد اسْمهَا فينان وَكَانَ لَهُ انهماك على اللَّذَّات وَاللَّهْو فَقدم أَخَاهُ طَلْحَة بن المتَوَكل ولقبه بالموفق بِاللَّه وَجعله ولي عَهده ولاه الْمشرق والحجاز واليمن وَفَارِس وطبرستان وسجستان والسند وَكَانَ لَهُ ولد صَغِير اسْمه جَعْفَر ولاه الْمغرب وَالشَّام والجزيرة ولقبه الْمُفَوض إِلَى الله وَعقد لَهما لواءين أَبيض وأسود وَعقد لَهما الْبيعَة وَشرط على أَخِيه الْمُوفق بِاللَّه أَنه إِن حدث بِهِ الْمَوْت وَولده صَغِير كَانَ الْمُوفق ولي عَهده وَإِن كَانَ حِينَئِذٍ وَلَده كَبِيرا كَانَ هُوَ ولي عَهده
وَكتب بذلك معاقدة كتب كل مِنْهُمَا خطة عَلَيْهِ وَكتب الْقُضَاة والعدول خطوطهم عَلَيْهَا وأرسلها إِلَى مَكَّة فعلقت فِي الْكَعْبَة وَمَا أَفَادَ مَعَ هَذَا حذر من قدر كَانَ الْمُوفق عَاقِلا مُدبرا شجاعاً مشتغلا بِأُمُور المملكة ملتفتاً لأمور الرّعية وَكَانَ أَخُوهُ الْمُعْتَمد مكباً على لهوه ولذاته مهملا أَحْوَال الرّعية غير متلفت إِلَيْهَا فكرهه النَّاس وأحبوا أَخَاهُ طَلْحَة الْمُوفق وَظَهَرت فِيهِ نجابات كَثِيرَة وَكَانَ ميمونَاً مظفرا فِي الحروب وَظهر أَيَّام المعتضد طَائِفَة من الزنج وتغلبوا على الْمُسلمين وَكَانَ لَهُم رَئِيس اسْم يهبول يدعى أَنه أرْسلهُ الله إِلَى الْخلق وَادّعى علم المغيبات وَقتل فِي الْمُسلمين ذكر الصولي أَنه قتل ألف ألف وَخَمْسمِائة ألف مُسلم وَكَانَ يستأسر نسَاء الْمُسلمين ويبيعهن فِي الْأَسْوَاق بأبخس ثمن وينادي على الشَّرِيفَة العلوية بِدِرْهَمَيْنِ وَكَانَ عِنْد الزنْجِي الْوَاحِد مِنْهُم عشر شرائف يطؤهن ويمتهنهن فِي الخدم الشاقة وَكَانَ ذَلِك من أعظم المصائب فِي الْإِسْلَام وتملك هَذَا الْكَافِر مدناً كَثِيرَة للْمُسلمين واستأصل أَهلهَا وَجعل دَار مَمْلَكَته وَاسِط ورامهرمز وَمَا والاهما فَانْتدبَ لقتاله الْمُوفق بِاللَّه وَجمع الجموع والعساكر مِمَّن حنكته الحروب ووسمته قوارع الخطوب فاتخذهم جنَانًا ويداً وَرَضي بهم ساعداً وعضداً فركض بهم إِلَى الْأَعْدَاء اللئام الْكَفَرَة الطغام فالتقت الفئتان على ضريبة الْحَرْب وتساقيا كئوس الطعْن وَالضَّرْب فجفلت السودَان من لامع الصارم الْأَبْيَض وفروا كَمَا يفر اللَّيْل الْأسود من النَّهَار المبيض وَقتل أَمِيرهمْ يهبول وَنصر الله مِلَّة الْإِسْلَام ومحا بنوره ذَلِك الظلام واستردت الْمَدَائِن الَّتِي أَخذهَا وَغَيرهَا من الْبِلَاد وَاطْمَأَنَّ الْمُسلمُونَ وكافة الْعباد ولقبوه بالناصر لدين الله وَصَارَ لَهُ حينئذٍ لقبان الْمُوفق بِاللَّه والناصر لدين الله وَدخل إِلَى بَغْدَاد فِي عَظمَة وعلو شَأْن وَرَأس ذَلِك الْكَافِر ورءوس أَصْحَابه على رماح ودعا لَهُ الْمُسلمُونَ وقصدته الشُّعَرَاء بالمدائح وأحبه النَّاس وَبعد صيته واستفحل أمره وَاسْتمرّ أَخُوهُ الْمُعْتَمد على حَاله منهمكاً فِي اللَّهْو وَاللَّذَّات وَله اسْم الْخلَافَة وَجَمِيع الْأُمُور يتلقاها الْمُوفق بِاللَّه النَّاصِر لدين الله فحسده أَخُوهُ الْمُعْتَمد لذهابه بِالذكر والصيت وَأَرَادَ هضمه لاستيلائه على المملكة ورضا النَّاس عَنهُ فَلم يدر