الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالصَّالِحِينَ وَلم يقم أحد فِي الْخلَافَة إِقَامَته كَانَت مدَّته أربعَاً وَأَرْبَعين سنة وَثَمَانِية أشهر وَقيل خمسَاً وَأَرْبَعين سنة وَكَانَت وَفَاته سنة سبع وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة لعشرة أَيَّام مَضَت من شعْبَان قَالَ ابْن السُّبْكِيّ افتصد الْقَائِم بِأَمْر الله يَوْم الْخَمِيس الثَّامِن وَالْعِشْرين من رَجَب من السّنة الْمَذْكُورَة من ماشرا كَانَ يعتاده قلت ماشرا اسْم لعِلَّة نَعُوذ بِاللَّه من جَمِيع الْعِلَل ثمَّ نَام فانفجر فصاده فَاسْتَيْقَظَ وَقد سَقَطت كل قوته وَحصل الْيَأْس مِنْهُ فَدَعَا حفيده وَولي عَهده من بعده عُمْدَة الدّين أَبَا الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد ابْنه وأحضر إِلَيْهِ الْفُقَهَاء والنقباء وَأشْهد عَلَيْهِ ثَانِيًا بِولَايَة الْعَهْد لَهُ من بعده فَشَهِدُوا ثمَّ توفّي وَكَانَ عمره أربعَاً وَسبعين سنة وَثَمَانِية أشر وَثَمَانِية أَيَّام ومدته أَرْبعا وَأَرْبَعين سنة وَمُدَّة أَبِيه قبله إِحْدَى وَأَرْبَعين سنة فمجموعهما خمس وَثَمَانُونَ سنة وَأشهر وَذَلِكَ مقارب لمُدَّة دولة بني أُميَّة كلهَا
(خلَافَة الْمُقْتَدِي بِأَمْر الله)
هُوَ الْقَاسِم عُمْدَة الدّين عبد الله بن ذخيرة الدّين مُحَمَّد ابْن الْخَلِيفَة الْقَائِم عبد الله ابْن الْقَادِر أَحْمد بن الأْمير إِسْحَاق بن المقتدر بن المعتضد بن الْمُوفق طَلْحَة بن المتَوَكل بن المعتصم بن الرشيد بن الْمهْدي بن الْمَنْصُور بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بُويِعَ لَهُ بالخلافة يَوْم وَفَاة جده الْقَائِم بِأَمْر الله وَذَلِكَ أَنه لما افتصد استدعى ابْن ابْنه هَذَا عبد الله ولقبه الْمُقْتَدِي بِأَمْر الله كَمَا تقدم ذكر ذَلِك فَلَمَّا مَاتَ جده الْقَائِم بِأَمْر الله الْمَذْكُور بُويِعَ بالخلافة يَوْم وَفَاته بِحَضْرَة الإِمَام الْوَلِيّ الشهير أبي إِسْحَاق
الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي صَاحب كتاب التَّنْبِيه والمهذب وَغَيرهمَا أحد أَرْكَان أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة ثمَّ إِن الْمُقْتَدِي جهز الإِمَام الْمَذْكُور إِلَى نسابور إِلَى جلال الدولة ملك شاه السلجوقي سفيراً لَهُ فِي خطْبَة ابْنَته فنجز الشّغل وناظر إِمَام الْحَرَمَيْنِ هُنَاكَ ثمَّ ودعه إِمَام الْحَرَمَيْنِ حَال خُرُوجه وَأخذ بركاب بغلته حَتَّى ركب وَكَانَ الْمُقْتَدِي قد بَايع بالعهد لوَلَده المستظهر بعده ثمَّ لما ولدت ابْنة ملك شاه من الْخَلِيفَة الْمُقْتَدِي ولدا أقبل ملك شاه يُرِيد بَغْدَاد وَأرْسل إِلَى الْمُقْتَدِي يلْزمه أَن يعْزل وَلَده المستظهر عَن ولَايَة عَهده وَيجْعَل ولي عَهده ابْن ابْنَته جَعْفَر مَكَانَهُ وَأَن يخرج من بَغْدَاد وَيَتْرُكهَا وَيذْهب إِلَى أَي بلد شَاءَ فَأرْسل الْمُقْتَدِي يتلطف بِهِ فِي ذَلِك فَأبى إِلَّا شدَّة وغلظة يُرِيد بذلك إِظْهَار التحكم والحيف على الْخَلِيفَة وَطلب الْخَلِيفَة الْإِمْهَال شهرا فَأبى وَقَالَ وَلَا سَاعَة فَأرْسل إِلَى وزيره فاستمهله لَهُ عشرَة أَيَّام فأمهله فَصَارَ الْخَلِيفَة يَصُوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل وَيَضَع خَدّه على التُّرَاب ويناجي حَضْرَة رب الأرباب يَدْعُو على ملك شاه فَاسْتَجَاب الله دعاءه فَهَلَك ملك شاه قبل مُضِيّ الْعشْرَة الْأَيَّام وَكَفاهُ الله تَعَالَى شَره وَمَا رَبك بظلام للعبيد وعدت هَذِه كَرَامَة للخليفة الْمُقْتَدِي وَهَذِه عُقبى كل ظَالِم ومعتدي ذكر أَن الْمُقْتَدِي قدم إِلَيْهِ طَعَام فَتَنَاول مِنْهُ ثمَّ غسل يَدَيْهِ وَهُوَ على أكمل حَال فِي جِسْمه وَنَفسه وَبَين يَدَيْهِ قهرمانته شمس النَّهَار فَقَالَ مَا هَذِه الْأَشْخَاص الَّذين دخلُوا على بِغَيْر إِذن فالتفتت فَلم تَرَ أحدا فَنَظَرت إِلَيْهِ فَوَجَدته قد تغير وَجهه وَاسْتَرْخَتْ يَدَاهُ وانحلت قواه وَسقط إِلَى الأَرْض فَإِذا هُوَ قد مَاتَ فَأَمْسَكت عَن الْبكاء واستدعت الْخَادِم فاستدعى الْوَزير أَبَا مَنْصُور فَبَكَيَا وأحضرا أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد بن الْمُقْتَدِي وَكَانَ أَبوهُ الْمُقْتَدِي قد عهد إِلَيْهِ بالخلافة بعده فعزياه وهنأه وأخفى مَوته ثَلَاثَة أَيَّام حَتَّى توطأت الْبيعَة لِابْنِهِ أَحْمد ولقب بالمستظهر بِاللَّه كَانَت وَفَاة الْمُقْتَدِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَمُدَّة خِلَافَته تسع عشرَة سنة وَثَمَانِية أشهر إِلَّا يَوْمَيْنِ وعمره ثَمَان وَثَلَاثُونَ سنة وَثَمَانِية شهور