الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لسْتُ أَدْرِي إذْ أَكْثَرُوة العَذلَ فِيهَا
…
أعَدُوٌّ يلومُنِي أمْ صَدِيقُ)
قَالَ حَمَّاد فَأَنْشَدته حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى قَوْله من // (الْخَفِيف) //
(ودعَوْا بالصَّبُوحِ يَوْمًا فجاءَتْ
…
قَيْنَةٌ فِي يَمِينِها إبْرِيقُ)
(قَدَّمَتْهُ على عقارٍ كَعيْنِ الدْدِيك
…
ِ صَفَّي سلافَها الرَّاووقُ)
(مُرَّةٌ قبْلَ مزْجِها فَإِذا مَا
…
مُرِجَتْ لَذَّ طَعْمها مَنْ يَذُوقُ)
(وطفا فَوْقَهَا فقاقيعُ كَالياقُوتِ
…
حُمْرٌ يرِينُهَا التصفيقُ)
(ثمَّ كَانَ المزاجُ ماءَ سَحابِ
…
لَا صَرٍ ي آجِنٌ وَلَا مطرُوقُ)
فطرب هِشَام وَقَالَ أَحْسَنت يَا حَمَّاد وَالله ثمَّ قَالَ يَا حَمَّاد سل حَاجَتك فَقلت إِحْدَى هَاتين الجاريتين ثمَّ ذهبت فَلم أَعقل حِين أَصبَحت إِلَّا والجاريتان عِنْد رَأْسِي وَإِذا عشرَة من الخدم مَعَ كل وَاحِد بدرة فِيهَا عشرَة آلَاف دِرْهَم فَقَالَ أحدهم إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول خُذ هَذَا فَانْتَفع بِهِ فِي سفرك فَأخذت ذَلِك والجاريتين وعدت إِلَى أَهلِي
(خلَافَة الْوَلِيد بن يزِيد)
لما توفّي هِشَام بالرصافة ولي بعده الْوَلِيد ابْن أَخِيه يزِيد وَكَانَ متلاعباً وَله مجون وشراب وندمان وَأَرَادَ هِشَام خلعه فَلم يُمكنهُ وَكَانَ يضْرب من يُؤْخَذ فِي صحبته فَخرج الْوَلِيد فِي خاصته ومواليه وَخلف كَاتبه عِيَاض بن مُسلم ليكاتبه بالأحوال فَضَربهُ هِشَام وحبسه وَلم يزل الْوَلِيد مُقيما فِي الْبَريَّة حَتَّى مَاتَ هِشَام وجاءه مولى أبي مُحَمَّد السفياني على الْبَرِيد بِكِتَاب سَالم بن عبد الرَّحْمَن صَاحب ديوَان الرسائل بالْخبر فَسَأَلَ عَن كَاتبه عِيَاض فَقَالَ إِنَّه لم يزل مَحْبُوسًا حَتَّى مَاتَ هِشَام فَأرْسل إِلَى الْخزَّان أَن يحتفظوا بِمَا فِي أَيْديهم حَتَّى منعُوا هشاماً من كفن ثمَّ خرج عِيَاض بعد موت هِشَام من الْحَبْس وَكتب أَبْوَاب الخزائن ثمَّ كتب الْوَلِيد من وقته إِلَى عَمه الْعَبَّاس بن عبد الْملك أَن يَأْتِي الرصافة فَيُحْصي مَا فِيهَا من أَمْوَال هِشَام
وَولده وَمَاله وحشمه إِلَّا مسلمة بن هِشَام فَإِنَّهُ كَانَ يُرَاجع أَبَاهُ هشاماً بالرفق بالوليد فَانْتهى لما أمره بِهِ الْوَلِيد ثمَّ اسْتعْمل الْوَلِيد الْعمَّال وَكتب إِلَى الْآفَاق بِأخذ الْبيعَة فَجَاءَتْهُ بيعتهم وَكتب مَرْوَان بيعَته وَاسْتَأْذَنَ فِي الْقدوم ثمَّ عهد الْوَلِيد من سنته لابْنَيْهِ الحكم وَعُثْمَان بعده وجعلهما ولي عَهده وَكتب بذلك إِلَى الْعرَاق وخرسان قَالَ الذَّهَبِيّ كَانَ أَبوهُ يزِيد بن عبد الْملك حِين احْتضرَ عهد بِالْأَمر إِلَى هِشَام ابْن عبد الْملك وأخيه بِأَن يكون الْعَهْد من بعده لوَلَده الْوَلِيد بن يزِيد فَلَمَّا مَاتَ هِشَام بُويِعَ لَهُ بالخلافة يَوْم موت عَمه هِشَام وَهُوَ إِذْ ذَاك بالبرية فَارًّا من عَمه هِشَام لِأَنَّهُ كَانَ بَينه وَبَين عَمه هِشَام مُنَافَسَة لأجل استخفافه بِالدّينِ وشربه الْخمر واشتهاره بِالْفِسْقِ والفجور فهم هِشَام بقتْله ففر وَصَارَ لَا يُقيم بِأَرْض خوفًا من هِشَام فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلَة الَّتِي قدم عَلَيْهِ الْبَرِيد فِي صبحها بالخلافة قلق تِلْكَ اللَّيْلَة قلقاً شَدِيدا فَقَالَ لبَعض أَصْحَابه وَيحك قد أَخَذَنِي اللَّيْلَة قلق فاركَبْ بِنَا حَتَّى ننبسط فَسَار مِقْدَار ميلين وهما يتحادثان فِي أَمر هِشَام وَمَا يكْتب إِلَيْهِ من التهديد والوعيد ثمَّ نظرا فرأيا فِي الْبعد رهجاً وصوتاً فَقَالَا اللَّهُمَّ أعطنا خَيرهمْ فَلَمَّا قدم الْبَرِيد وأثبتوا الْوَلِيد معرفَة ترجلوا وَجَاءُوا فَسَلمُوا عَلَيْهِ بالخلافة فبهت ثمَّ قَالَ وَيحكم أمات هِشَام قَالُوا نعم ثمَّ أَعْطوهُ الْكتب فقرأها وَسَار مِنْ فوره إِلَى دمشق فَأَقَامَ على اشتهاره بالمنكرات وتظاهر بالْكفْر والزندقة قَالَ ابْن عَسَاكِر وَغَيره انهمك الْوَلِيد فِي شرب الْخمر ولذاته ورفَض الْآخِرَة وَرَاء ظَهره وَأَقْبل على القصف وَاللَّهْو والتلذذ مَعَ الندماء والمغنين وَكَانَ يضْرب بِالْعودِ ويوقع بالطبل وَيَمْشي بالدف وَكَانَ قد انتهك محارم الله حَتَّى قيل لَهُ الْفَاسِق وَعرف بذلك وَمَعَ هَذَا كَانَ أكمل بني أُميَّة أدباً وفصاحَة وظرفاً وأعرفهم باللغة والنحو والْحَدِيث وَكَانَ جوادَاً مفضالاً وَلم يكن فِي بني أُميَّة أَكثر مِنْهُ إدماناً للشراب وَالسَّمَاع وَلَا أَشد مجوناً وتهتكاً مِنْهُ واستخفافَاً بِالدّينِ وَأمر الْأمة يُقَال إِنَّه وَاقع جَارِيَة وَهُوَ سَكرَان وجاءه المؤذنون يؤذنونه بِالصَّلَاةِ فَحلف ألَا يُصَلِّي
بِالنَّاسِ إِلَّا هِيَ فَلبِست ثِيَابه وصلت بِالْمُسْلِمين وَهِي جنب سكرَى وَقيل إِنَّه صنع بركَة فملأها خمرًا وَكَانَ إِذا طرب ألْقى نَفسه فِيهَا وَيشْرب مِنْهَا حَتَّى يظْهر النَّقْص فِي أطرافها وَحكى الْمَاوَرْدِيّ فِي كتاب أدب الدّين وَالدُّنْيَا عَنهُ أَنه تفاءل ذَات يَوْم فِي الْمُصحف فَخرج لَهُ قَوْله تَعَالَى {وَاَسْتَفتحوُا وخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنيد} إِبْرَاهِيم 15 فَأمر بالمصحف فنصب ورماه بِالسِّهَامِ حَتَّى مزقه وَهُوَ يَقُول // (من الوافر) //
(أتَوعِدُ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ
…
فَها أنَا ذَاكَ جبارٌ عنِيدُ)
(إِذا مَا جِئْتَ ربَّكَ يَوْم حشْرٍ
…
فقُلْ يَا ربِّ مَرَّقَّنِي الوَلِيدُ)
وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث يكون فِي هَذِه الْأمة رجل يُقَال لَهُ الْوَلِيد هُوَ شَرّ من فِرْعَوْن فتأوله الْعلمَاء بالوليد بن يزِيد هَذَا فخلعه أهل دمشق لما ذكر وَقَتله يزِيد ابْن عَمه الْوَلِيد فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَة وَكَانَت خِلَافَته سنة وَاحِدَة قَالَ الْعَلامَة ابْن خلدون وَلَقَد ساءت الْمقَالة فِيهِ كثيرا وَكثير من النَّاس نفروا عَنهُ ذَلِك وَقَالُوا إِنَّهَا شناعات الْأَعْدَاء ألصقوها بِهِ قَالَ الْمَدَائِنِي دخل ابْنه المعمر بن يزِيد على الرشيد هَارُون فسألة مِمَّن أَنْت فَقَالَ من قريشٍ فَقَالَ الرشيد من أَيهَا فَسكت ووجم فَقَالَ لَهُ الرشيد قل وَأَنت آمن وَلَو أَنَّك مَرْوَان فَقَالَ أَنا المعمر بن يزِيد فَقَالَ رحم الله عمك وَلعن يزِيد النَّاقِص فَإِنَّهُ قتل خَليفَة هُوَ مجمع عَلَيْهِ ارْفَعْ حوائجك فَرَفعهَا إِلَيْهِ وقضاها وَقَالَ شبيب بن شيبَة كُنَّا جُلُوسًا عِنْد الْمهْدي وَذكر الْوَلِيد فَقَالَ الْمهْدي كَانَ زنديقا فَقَامَ ابْن علائة الْفَقِيه فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الله تَعَالَى أعدل من أَن يولي