الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فخافه على نَفسه وَكتب لعبد الْملك فَأذن لَهُ أَن يقدم الشَّام حَتَّى يَسْتَقِيم أَمر النَّاس ووعده بِالْإِحْسَانِ فَخرج ابْن الْحَنَفِيَّة وَأَصْحَابه إِلَى الشَّام وَلما وصل مَدين لقِيه خبر مهلك عَمْرو بن سعيد فندم وَأقَام بأيلة وَظهر للنَّاس فَضله وعبادته وزهده وَكتب لَهُ عبد الْملك أَن يبايعه فَرجع إِلَى مَكَّة وَنزل شعب أبي طَالب فَأخْرجهُ ابْن الزبير إِلَى الطَّائِف وعذل ابْن عَبَّاس ابْن الزبير على شَأْنه ثمَّ خرج عَنهُ وَلحق بِالطَّائِف وَمَات هُنَاكَ فصلى عَلَيْهِ ابْن الْحَنَفِيَّة وعاش حَتَّى أدْرك حِصَار الْحجَّاج لِابْنِ الزبير وَلما قتل ابْن الزبير بَايع مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّة لعبد الْملك وَكتب عبد الْملك إِلَى الْحجَّاج بتعظيم حَقه وبَسطِ أمله ثمَّ قدم الشَّام وَطلب من عبد الْملك أَن يرفع عَنهُ ففْعل وَقيل إِن ابْن الزبير بعث إِلَى ابْن عَبَّاس وَابْن الْحَنَفِيَّة فِي الْبيعَة فَقَالَا حَتَّى يجْتَمع النَّاس على إِمَام فَإِن هَذِه فتْنَة فحبس ابْن الْحَنَفِيَّة فِي زَمْزَم وضيق على ابْن عَبَّاس فِي منزله فَأَرَادَ إحراقهما فَأرْسل الْمُخْتَار جَيْشه كَمَا تقدَّم وَنَفس عَنْهُمَا فَلَمَّا قتل الْمُخْتَار قوي ابْن الزبير عَلَيْهِمَا فَخَرَجَا إِلَى الطَّائِف
(مقتل ابْن زِيَاد)
وَلما فرغ الْمُخْتَار من قتال أهل الْكُوفَة آخر سنة سِتّ وَسِتِّينَ بعث إِلَى إِبْرَاهِيم ابْن الأشتر لقِتَال ابْن زِيَاد وَبعث مَعَه بالكرسي الَّذِي يستنصر بِهِ وَهُوَ كرْسِي قد غشاه بِالذَّهَب وَقَالَ للشيعة هَذَا فِيكُم مثل التابوت فِي بني إِسْرَائِيل فَكثر السبئية وأحضر قتال ابْن زِيَاد فَكَانَ لَهُ الظُّهُور فازدادت الشِّيعَة فتْنَة وَيُقَال إِنَّه كرْسِي عَليّ بن أبي طَالب وَإِن الْمُخْتَار أَخذه من ولد جعدة بن هُبَيْرَة وَكَانَت أمه أم هَانِئ بنت أبي طَالب فَهُوَ ابْن أُخْت عَليّ ثمَّ أسْرع إِبْرَاهِيم بن الأشتر السّير وأوغل فِي أَرض الْموصل وَكَانَ ابْن زِيَاد قد ملكهَا كَمَا مر فَلَمَّا دخل إِبْرَاهِيم أَرض الْموصل عبأ أَصْحَابه وَلما بلغ نهر الخابور بعث على مقدمته الطُّفَيْل بن لَقِيط
النَّخعِيّ وَنزل ابْن زِيَاد قَرِيبا من النَّهر وَكَانَت قيس مضطغنة على بني مَرْوَان من وقْعَة المرج وجند عبد الْملك يَوْمئِذٍ كُلَيْب فلقي عُمَيْر بن الْحباب السّلمِيّ إِبْرَاهِيم بن الأشتر ووعده أَن ينهزم بالمسيرة وَأَشَارَ عَلَيْهِ بالمناجزة وَرَأى عِنْد ابْن الأشتر ميلًا إِلَى المطاولة فثناه عَن ذَلِك وَقَالَ إِنَّهُم ملئوا مِنْكُم رعْبًا وَإِن طاولتهم اجترءوا عَلَيْكُم قَالَ وَبِذَلِك أَوْصَانِي صَاحِبي ثمَّ عبأ أَصْحَابه فِي السحر الأول يمشي ويحرض النَّاس حَتَّى أشرف على الْقَوْم وَجَاء عبد الله بن زُهَيْر السكونِي بِأَنَّهُم خَرجُوا على دهش وفشل وَابْن الأشتر يحرض أَصْحَابه وَيذكرهُمْ فَقَالَ ابْن زِيَاد وَأَبِيهِ ثمَّ التقى الْجَمْعَانِ وَحمل الْحصين بن نمير من ميمنة أهل الشَّام على ميسرَة إِبْرَاهِيم فَقتل عَليّ بن مَالك الْخَثْعَمِي ثمَّ أَخذ الرَّايَة قُرَّة بن عَليّ فَقتل وانهزمت المسيرة كَمَا كَانُوا وحملت ميمنة إِبْرَاهِيم على ميسرَة ابْن زِيَاد وهم يرجون أَن ينهزم عُمَيْر بن الْحباب كَمَا وعدهم فمنعته الأنفة عَن ذَلِك وَقَاتل قتالا شَدِيدا وَقصد ابْن الأشتر قلب الْعَسْكَر وسواده الْأَعْظَم فَاقْتَتلُوا أَشد قتال حَتَّى كَانَت أصوات الضَّرْب بالحديد كأصوات القَصارين وَإِبْرَاهِيم يَقُول لصَاحب الرَّايَة انغمس برايتك فيهم ثمَّ حملُوا حَملَة رجل وَاحِد فَانْهَزَمَ أَصْحَاب ابْن زِيَاد وَقَالَ ابْن الأشتر إِنِّي قتلت رجلا تَحت راية مُنْفَرِدَة شممت مِنْهُ رَائِحَة الْمسك وضربته بسيفي فقصمته نِصْفَيْنِ فالتمسوه فَإِذا هُوَ ابْن زِيَاد فَأخذ رَأسه وأحرقت جثته وَحمل شريك بن جدير التغلبي على الْحصين من غير سلَاح فاعتنقه وَجَاء بِهِ أَصْحَابه فَقتلُوا الْحصين وَيُقَال إِن الَّذِي قتل ابْن زِيَاد هُوَ ابْن جدير هَذَا وَقتل شُرَحْبِيل بن ذِي الكلاع وَادّعى قَتله سُفْيَان بن يزِيد الْأَزْدِيّ وورقاء بن عَازِب الْأَسدي وَعبيد الله بن زُهَيْر السّلمِيّ وَاتبع أَصْحَاب ابْن الأشتر المنهزمين فغرق فِي الْبَحْر أَكثر مِمَّن قتل وغنموا جَمِيع مَا فِي الْعَسْكَر وطير ابْن الأشتر الْبشَارَة إِلَى الْمُخْتَار فَأَتَتْهُ بِالْمَدَائِنِ وأنفذ ابْن الأشتر عماله إِلَى الْبِلَاد فَبعث أَخَاهُ عبد الرَّحْمَن إِلَى نَصِيبين وغلي على سنجار ودارة وَمَا والاهما من أَرض الجزيرة وَولى زفر ابْن الْحَارِث قرقيسيا وحاتم بن النُّعْمَان الْبَاهِلِيّ حَران والرهَا وسميساط وَعُمَيْر بن الْحباب السّلمِيّ كفر توثا وطور عَبْدَيْنِ وَأقَام بالموصل وأنفذ رُءُوس عبيد الله وقواده إِلَى الْمُخْتَار