الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَبَاحِثُ الْعَامِّ]
تَعْرِيفُ الْعَامِّ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ (رضي الله عنه) : لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُ الْخُصُوصَ وَالْعُمُومَ حَتَّى وَرَدَ عَلَيْنَا الشَّافِعِيُّ (رضي الله عنه) . وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: شُمُولُ أَمْرٍ لِمُتَعَدِّدٍ سَوَاءٌ كَانَ الْأَمْرُ لَفْظًا أَوْ غَيْرَهُ، وَمِنْهُ: عَمَّهُمْ الْخَبَرُ إذَا شَمِلَهُمْ وَأَحَاطَ بِهِمْ، وَلِذَلِكَ يَقُولُ الْمَنْطِقِيُّونَ: الْعَامُّ مَا لَا يَمْنَعُ تَصَوُّرَ الشَّرِكَةِ فِيهِ كَالْإِنْسَانِ. وَيَجْعَلُونَ الْمُطْلَقَ عَامًّا. وَاصْطِلَاحًا: اللَّفْظُ الْمُسْتَغْرِقُ لِجَمِيعِ مَا يَصْلُحُ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ، أَيْ يَصْلُحُ لَهُ اللَّفْظُ الْعَامُّ كَ " مَنْ " فِي الْعُقَلَاءِ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَ " كُلُّ " بِحَسَبِ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ، لَا أَنَّ عُمُومَهُ فِي جَمِيعِ الْأَفْرَادِ مُطْلَقًا. وَخَرَجَ بِقَيْدِ " الِاسْتِغْرَاقِ " النَّكِرَةُ، وَبِقَوْلِهِ:" مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ ": أَسْمَاءُ الْعَدَدِ، فَإِنَّهَا مُتَنَاوِلَةٌ لِكُلِّ مَا يَصْلُحُ لَهُ لَكِنْ مَعَ حَصْرٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ عَلَيْهِ:(بِوَضْعِ وَاحِدٍ) ، لِيَحْتَرِزَ بِهِ عَمَّا يَتَنَاوَلُهُ بِوَضْعَيْنِ فَصَاعِدًا كَالْمُشْتَرَكِ.
وَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ الْعَامَّ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى اللَّفْظِ بِمُجَرَّدِ مُسَمَّيَاتِهِ، مِثْلَ: الْعَشَرَةِ، وَالْمُسْلِمِينَ لِمَعْهُودٍ، وَضَمَائِرِ الْجَمْعِ، كَمَا يُطْلَقُ التَّخْصِيصُ عَلَى قَصْرِ اللَّفْظِ عَلَى بَعْضِ مُسَمَّيَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَامًّا. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ:" مُسَاوَاةُ بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ لِبَعْضٍ "، وَنُوقِضَ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ، فَإِنَّ أَحَدَهُمَا مُسَاوٍ لِلْآخَرِ، وَلَيْسَ بِعَامٍّ وَقَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ: أَقَلُّ الْعُمُومِ شَيْئَانِ، كَمَا أَنَّ أَقَلَّ الْخُصُوصِ وَاحِدٌ. وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ: وَهُوَ الشُّمُولُ، وَالشُّمُولُ حَاصِلٌ فِي التَّثْنِيَةِ، وَإِلَّا فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ التَّثْنِيَةَ لَا تُسَمَّى عُمُومًا، لَا سِيَّمَا إذَا قُلْنَا: أَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثٌ، فَإِذَا سَلَبَ عَنْهَا اسْمَ الْجَمْعِ فَالْمَعْلُومُ أَوْلَى، ثُمَّ إنَّ الْقَفَّالَ يُجَوِّزُ تَخْصِيصَ لَفْظِ الْعُمُومِ إلَى الثَّلَاثَةِ، وَلَا يُجَوِّزُ تَخْصِيصَ اللَّفْظِ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ تَنَافٍ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: الْعُمُومُ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْأُصُولِ: هُوَ الْقَوْلُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى شَيْئَيْنِ، فَصَاعِدًا. وَالتَّثْنِيَةُ عِنْدَهُمْ عُمُومٌ لِمَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْجَمْعِ، وَالشُّمُولُ الَّذِي لَا يُتَصَوَّرُ لِلْوَاحِدِ، وَحَصَلَ مِنْ هَذَا خِلَافٌ فِي التَّثْنِيَةِ: هَلْ لَهَا عُمُومٌ؟ وَهُوَ غَرِيبٌ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: اللَّفْظُ الْوَاحِدُ الدَّالُّ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى شَيْئَيْنِ
فَصَاعِدًا. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: " فَصَاعِدًا " عَنْ لَفْظِ " التَّثْنِيَةِ "، وَأَرَادَ " بِالْوَاحِدِ " مُقَابِلَ الْمُرَكَّبِ حَتَّى يَشْمَلَ الِاثْنَيْنِ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُ فِي " الْمُسْتَصْفَى " أَنَّ قَوْلَهُ:" وَاحِدٌ وَمِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ " فَصْلٌ وَاحِدٌ، وَاحْتِرَازٌ بِهِ عَنْ قَوْلِهِمْ: ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا، فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَى شَيْئَيْنِ، وَلَكِنْ بِلَفْظَيْنِ لَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَمِنْ جِهَتَيْنِ لَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ. وَأَرَادَ بِالْجِهَتَيْنِ: الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ. وَقَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ: اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ دَلَالَةَ: " ضَرَبَ " عَلَيْهِمَا فَبَاطِلٌ، لِأَنَّهَا الْتِزَامِيَّةٌ، وَدَلَالَةُ الْعَامِّ عَلَى مَعْنَاهُ بِالْمُطَابَقَةِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ دَلَالَتَهَا عَلَى ذَاتِهِمَا فَكَذَلِكَ، لِخُرُوجِهِ عَنْهُ بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَعْهُودٍ وَنَكِرَةٍ، وَقَدْ نَلْتَزِمُهُ فَنَقُولُ: إنَّهُمَا عَامَّانِ لِدَلَالَتِهِمَا عَلَى شَيْئَيْنِ فَصَاعِدًا، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، أَمَّا أَوَّلًا: فَلَا نُسَلِّمُ دُخُولَهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ. وَأَمَّا ثَانِيًا: فَلِأَنَّهُ اخْتَارَ فِي " الْمُسْتَصْفَى " أَنَّ الْجَمْعَ الْمُنَكَّرَ لَيْسَ بِعَامٍّ. وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ، وَإِلْكِيَا الْهِرَّاسِيّ: اشْتَهَرَ مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْعُمُومَ هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَغْرِقُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ عُمُومٌ، وَمَا دُونَهُ عُمُومٌ، وَأَقَلُّ الْعُمُومِ اثْنَانِ، وَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَعُمَّ الشَّيْءُ نَفْسَهُ كَانَ مَا زَادَ عَلَيْهِ يَسْتَحِقُّ بِهِ اسْمَ الْعُمُومِ، قَلَّ أَمْ كَثُرَ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ، مِنْ الْوَاقِفِيَّةِ: إنَّا نَقُولُ، بِالْعُمُومِ، لَا نَقُولُ بِالِاسْتِيعَابِ، وَهُوَ الْخُصُوصُ فِي عِبَارَةِ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ لِمَنْ يَحْمِلُ الْخِطَابَ عَلَى ثَلَاثَةٍ: إنَّهُمْ أَهْلُ