الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَقُولُ بِصِيَغِ الْعُمُومِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا أَنْكَرَ وَضْعَ صِيَغِ الْعُمُومِ، وَهُنَا جُوِّزَ الِاسْتِعْمَالُ وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَوْفَاةً فِي مَبَاحِثِ الْمُشْتَرَكِ. وَمِمَّا يَفْتَرِقُ فِيهِ حَمْلُ اللَّفْظِ الْعَامِّ عَلَى مَعْنَيَيْهِ وَحَمْلُ اللَّفْظِ الْعَامِّ عَلَى أَفْرَادِهِ، أَنَّ الْعَامَّ يَسْتَرْسِلُ عَلَى آحَادِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْوُجُودِ حَالَ اللَّفْظِ، وَلِهَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ صُرِفَ إلَى الْمَوْجُودِينَ حَالَ الْوَقْفِ، وَلِمَنْ يَحْدُثُ بَعْدَهُمْ لِأَنَّ الصِّيغَةَ عَامَّةٌ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ وَلَهُ مَوَالٍ مِنْ أَعْلَى وَأَسْفَلَ صُرِفَ إلَيْهِمَا، لَا مَنْ يَحْدُثُ مِنْ الْمَوَالِي مِنْ الْأَسْفَلِ.
[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ فِي عُمُومِ الْفِعْلِ الْمُثْبَتِ إذَا كَانَ لَهُ جِهَاتٌ]
[الْمَسْأَلَةُ] الثَّامِنَةُ [مَذَاهِبُ الْعُلَمَاءِ فِي عُمُومِ الْفِعْلِ الْمُثْبَتِ إذَا كَانَ لَهُ جِهَاتٌ]
الْفِعْلُ الْمُثْبَتُ إذَا كَانَ لَهُ جِهَاتٌ لَيْسَ بِعَامٍّ فِي أَقْسَامِهِ، لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ عُرِفَ تَعَيَّنَ إلَّا إذَا كَانَ مُجْمَلًا يُتَوَقَّفُ فِيهِ حَتَّى يُعْرَفَ، نَحْوُ قَوْلِ الرَّاوِي:«صَلَّى بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ» ، فَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ، وَكَذَلِكَ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ، لَا يَعُمُّ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ، وَكَذَلِكَ «قَضَى بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ» وَنَحْوِهِ لِجَوَازِ قَضَائِهِ لِجَارٍ كَانَ بِصِفَةٍ يَخْتَصُّ بِهَا، هَكَذَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ، وَالْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي " اللُّمَعِ " وَسُلَيْمُ الرَّازِيَّ فِي " التَّقْرِيبِ "،
وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ " وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ، وَالْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ.
قَالَ الْقَفَّالُ: قَوْلُ الرَّاوِي فَعَلَ النَّبِيُّ عليه السلام كَذَا، وَقَضَى بِكَذَا وَغَيْرِهِ، لَا يَجْرِي عَلَى عُمُومِ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ اللَّفْظِ إلَّا بِدَلِيلٍ، لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ فِعْلٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفَاعِلَ لَمْ يَشْتَمِلْ كُلُّ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ قِسْمَةُ ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَلَعَلَّهُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُ فِعْلِهِ، فَلَا مَعْنَى لِلْعُمُومِ فِي ذَلِكَ، بَلْ يُطْلَبُ عَلَى مَا وَقَعَ فِيهِ أَوْ بِهِ ذَلِكَ الْفِعْلُ جَمِيعُ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى، فَيَمْضِي عَلَى عُمُومِ اللَّفْظِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ.
قَالَ: فَأَمَّا إذَا رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام أَنَّهُ «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» وَأَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ فَأَمَرَهُ بِكَذَا، فَنَقُولُ: إنَّ الْقَضِيَّةَ وَقَعَتْ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ، وَإِنَّ الْإِفْطَارَ وَقَعَ لِشَيْءٍ مِنْهُ يُوجِبُ طَلَبَ الدَّلِيلِ عَلَى مَا وَقَعَ الْقَضَاءُ فِيهِ، وَكَانَ الْإِفْطَارُ بِهِ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي إلْحَاقِ غَيْرِهِ بِدَلِيلٍ آخَرَ. انْتَهَى.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَكَمَا لَا عُمُومَ لَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَحْوَالِ الْفِعْلِ، فَلَا عُمُومَ لَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَشْخَاصِ، بَلْ يَكُونُ خَاصًّا فِي حَقِّهِ، إلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ مِنْ خَارِجٍ، كَقَوْلِهِ:«صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَقِيلَ: مَا ثَبَتَ فِي حَقِّهِ فَهُوَ ثَابِتٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، إلَّا مَا دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ، وَهُوَ فَاسِدٌ.
قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: وَالْحَاصِلُ أَنَّا لَوْ تَحَقَّقْنَا أَنَّ الْقَضَاءَ فِعْلٌ، فَلَيْسَ بِعَامٍّ،
وَإِنْ كَانَ لَفْظًا، فَإِنْ اخْتَصَّ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ فِي خُصُومَةٍ بِعَيْنِهَا فَكَذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى الْعُمُومِ، فَإِنْ كَانَ لَفْظًا عَامًّا فِي وَضْعِ اللُّغَةِ تَمَسَّكْنَا بِعُمُومِهِ، وَكَذَا الَّذِي يَقْتَضِيهِ تَصَرُّفُ أَصْحَابِنَا. وَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَعْلِيقِهِ " وَغَيْرُهُمَا: وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْجَدَّةَ لَا تَرِثُ مَعَ ابْنِهَا، وَأَوْرَدَ الْخَصْمُ عَلَيْهِمْ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام وَرَّثَ جَدَّةً وَابْنُهَا حَيٌّ فَأَجَابُوا بِحَمْلِهِ عَلَى صُورَةٍ خَاصَّةٍ، أَوْ كَكَوْنِهِ قَاتِلًا، أَوْ مَمْلُوكًا أَوْ كَافِرًا، أَوْ كَانَ ابْنُهَا خَالًا، قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَيْسَ قَوْلُهُ:" وَرَّثَ " عُمُومًا، لِأَنَّ ذَلِكَ قَضِيَّةٌ، وَالْقَضِيَّةُ لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ فِي نَوْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: عُمُومٌ فِي الْأَلْفَاظِ. انْتَهَى. هَذَا مَا وَجَدْته لِقُدَمَاءِ أَصْحَابِنَا، وَأَمَّا كَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَخْرِيجَ قَوْلَيْنِ لَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ فِي " الْأُمِّ " مُجِيبًا عَنْ قَوْلِهِ عليه السلام:«لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» فَقَالَ: وَنِكَاحُ الْمُحَلِّلِ الَّذِي رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعَنَهُ عِنْدَنَا - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - ضَرْبٌ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطْلَقٍ. اهـ.
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا عُمُومَ لَهُ انْتَهَى. وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ عَامٌّ، فَإِنَّهُ احْتَجَّ عَلَى تَأْجِيلِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ ثَلَاثَةَ سِنِينَ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِحَدِيثِ:«ضَرْبُ الْعَقْلِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ» ، قَالَ الْإِمَامُ فِي " النِّهَايَةِ ": قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي بَعْضِ مَجَارِي كَلَامِهِ: لَمْ يَنْقُلْ النَّقَلَةُ وَاقِعَةً قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِضَرْبِ الْعَقْلِ فِيهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ إلَّا الْمَرْأَتَيْنِ، فَأَمْكَنَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَضْرِبَ عَقْلَ الْمَرْأَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، ثُمَّ إذَا قُلْت ذَلِكَ اطَّرَدَ فِيهِ أَنَّ بَدَلَ كُلِّ نَفْسٍ مَضْرُوبٌ
فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ الدِّيَةَ كَامِلَةً كَالرَّجُلِ أَوْ نِصْفُهَا كَالْمَرْأَةِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: قَوْلُ الرَّاوِي: " قَضَى " تَأْسِيسُ شَرْعٍ مِنْهُ، وَلَيْسَ تَمْهِيدًا فِي قَضِيَّةٍ، وَلَمْ يَنْقُلْ عَلَى التَّخْصِيصِ وَالتَّفْصِيلِ فِي قَضِيَّةِ الْجَارِيَتَيْنِ، فَيَضْرِبُ الْعَقْلَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُثْبَتَ لَيْسَ بِعَامٍّ فِي أَقْسَامِهِ، ثُمَّ اخْتَارَ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ:«نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» ، «وَقَضَى بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ» أَنَّهُ يَعُمُّ الْغَرَرُ وَالْجَارُ مُطْلَقًا، وَقَدْ سَبَقَهُ إلَى هَذَا شَيْخُهُ الْإِبْيَارِيُّ، فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي " شَرْحِ الْبُرْهَانِ " سُؤَالًا، وَالْآمِدِيَّ بَحْثًا، فَارْتَضَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَقَامَهُ مَذْهَبًا، وَتَبِعَهُ ابْنُ السَّاعَاتِيِّ فِي " الْبَدِيعِ ". وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي " شَرْحِ الْعُنْوَانِ ": اخْتَارَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ ابْنَ الْحَاجِبِ - عُمُومَ نَحْوِ «قَضَى بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ» بِنَاءً عَلَى عَدَالَةِ الصَّحَابِيِّ، وَمَعْرِفَتِهِ بِاللُّغَةِ، وَمَوَاقِعِ اللَّفْظِ، مَعَ وُجُوبِ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَةُ عَلَى وَفْقِ السَّمَاعِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَعُمُّ، لِأَنَّ الْحُجَّةَ فِي الْمَحْكِيِّ، وَلَا عُمُومَ فِي الْمَحْكِيِّ.
قُلْت: وَنَقَلَهُ الْآمِدِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَسَبَقَ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْمَحْصُولِ ".
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَهَذَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَفْصِيلٍ، وَهُوَ أَنَّ الْمَحْكِيَّ فِعْلًا لَوْ شُوهِدَ لَمْ يَجُزْ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ، فَلِذَلِكَ وَجْهٌ، وَإِنْ كَانَ فِعْلًا لَوْ حُكِيَ لَكَانَ دَالًّا عَلَى الْعُمُومِ، فَعِبَارَةُ الصَّحَابِيِّ عَنْهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُطَابِقَةً لِلْمَقُولِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَعَدَالَتِهِ، وَوُجُوبِ مُطَابَقَةِ الرِّوَايَةِ الْمَعْنَى الْمَسْمُوعَ. اهـ.
وَقَدْ اخْتَارَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " قَرِيبًا مِنْ هَذَا، فَقَالَ: وَالْأَقْرَبُ فِي هَذَا عِنْدَنَا أَنَّ الصَّحَابِيَّ الْعَالِمَ بِاللِّسَانِ إذَا قَالَ: إنَّ النَّبِيَّ عليه السلام عَبَّرَ عَنْ إثْبَاتِ مَعْنًى وَحُكْمٍ لَيْسَ لَهُ فِي اللِّسَانِ أَلْفَاظٌ مُحْتَمَلَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ رِوَايَتِهِ اللَّفْظَ وَإِنْ ذُكِرَ عَنْهُ مَعْنًى وَهُوَ مِمَّا لَهُ عِبَارَةٌ مُحْتَمَلَةٌ وَجَبَ مُطَالَبَتُهُ بِحِكَايَةِ اللَّفْظِ. اهـ.
وَيَشْهَدُ لِهَذَا أَنَّ الْقَرَافِيَّ جَعَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةً عَلَى جَوَازِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى، فَإِنْ مَنَعْنَاهُ امْتَنَعَتْ الْمَسْأَلَةُ، لِأَنَّ " قَضَى " لَيْسَ هُوَ لَفْظُ الشَّارِعِ، وَإِنْ جَوَّزْنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَشَرْطُهُ الْمُسَاوَاةُ فَإِذَا رَوَى الْعَدْلُ اللَّفْظَ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ " كَالْغَرَرِ "، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَحْكِيُّ عَامًّا، وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ قَدْحًا فِي عَدَالَتِهِ حَيْثُ رَوَى بِصِيغَةِ الْعُمُومِ مَا لَيْسَ عَامًّا، فَلَا يُتَّجَهُ قَوْلُنَا الْحُجَّةُ فِي الْمَحْكِيِّ لَا فِي الْحِكَايَةِ؛ بَلْ الْحُجَّةُ فِي الْحِكَايَةِ، لِأَجْلِ قَاعِدَةِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى. وَفِي الْمَسْأَلَةِ مَذْهَبٌ رَابِعٌ وَهُوَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَتَّصِلَ بِهِ الْبَاءُ فَلَا عُمُومَ لَهُ، كَقَوْلِهِ:«قَضَى بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ» ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهَا لِكُلِّ جَارٍ، بَلْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْقَضِيَّةِ دُونَ الْقَوْلِ، وَبَيْنَ أَنْ يَقْتَرِنَ بِحَرْفِ " أَنَّ "، فَيَكُونُ لِلْعُمُومِ، كَقَوْلِهِ:(قَضَى أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ) ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ ذَلِكَ حِكَايَةُ لَفْظِهِ عليه السلام، فَلِذَلِكَ صَحَّ دَعْوَى الْعُمُومِ فِيهَا، حَكَاهُ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ وَالْإِرْشَادِ "، وَالْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي " شَرْحِ اللُّمَعِ " وَالْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَصَحَّحَهُ،