المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الثالثة تخصيص عموم الكتاب والسنة المتواترة بالقياس] - البحر المحيط في أصول الفقه - ط الكتبي - جـ ٤

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[مَبَاحِثُ الْعَامِّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْعَامِّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ عُمُومِ الشُّمُولِ وَعُمُومِ الصَّلَاحِيَةِ]

- ‌[تَفَاوُتُ صِيَغِ الْأَعَمِّ]

- ‌[مَا يَدْخُلُهُ الْعُمُومُ وَمَا لَا يَدْخُلُهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي عُمُومِ الْمَجَازِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقَائِلُونَ لَيْسَ لِلْعُمُومِ صِيغَةٌ تَخُصُّهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَدْلُولُ الصِّيغَةِ الْعَامَّةِ لَيْسَ أَمْرًا كُلِّيًّا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دَلَالَةُ الْعُمُومِ عَلَى الْأَفْرَادِ هَلْ هِيَ قَطْعِيَّةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَامَّ فِي الْأَشْخَاصِ هَلْ هُوَ عَامٌّ فِي الْأَحْوَالِ وَالْأَزْمِنَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ الْمُكَلَّفُ اللَّفْظَ الْعَامَّ وَلَا يَبْلُغُهُ الْمُخَصِّصُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِالْعَامِّ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ مُخَصِّصٍ]

- ‌[الْعَمَلِ بِالْعَامِّ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ مُخَصِّصٍ]

- ‌[التَّمَسُّكُ بِالْعَامِّ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ طَلَبِ الْمُخَصِّصِ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ]

- ‌[تَفْرِيعٌ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ]

- ‌[الْمَذَاهِبُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْبَحْثُ عَنْ مُخَصِّصٍ]

- ‌[مَثَارَ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ الْبَحْثِ عَنْ مُخَصِّصٍ أَمْرَانِ]

- ‌[هَلْ يُؤَوَّلُ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْبَحْثِ فِي الْمُخَصِّصِ إلَى الْقَوْلِ بِالْوُقُوفِ فِي صِيَغِ الْعُمُومِ]

- ‌[تَقْسِيمُ الصَّيْرَفِيِّ الْعَامَّ إلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[الْبَحْثُ عَنْ مُخَصِّصٍ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصُّورَةُ النَّادِرَةُ هَلْ تَدْخُلُ تَحْتَ الْعُمُومِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ مَا يَمْنَعُ دَلِيلُ الْعَقْلِ مِنْ دُخُولِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ الصُّوَرُ غَيْرُ الْمَقْصُودَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَقْسِيمِ صِيَغِ الْعُمُومِ]

- ‌[الصِّيغَةُ الْأُولَى كُلُّ]

- ‌[اللَّفْظُ الثَّانِي جَمِيعٌ]

- ‌[اللَّفْظُ الثَّالِثُ سَائِرٌ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ وَالسَّادِسُ وَالسَّابِعُ مَعْشَرٌ وَمَعَاشِرُ وَعَامَّةٌ وَكَافَّةٌ وَقَاطِبَةٌ]

- ‌[الثَّامِنُ وَالتَّاسِعُ مَنْ وَمَا الشَّرْطِيَّتَيْنِ أَوْ الِاسْتِفْهَامِيَّتَيْنِ]

- ‌[الْعَاشِرُ أَيُّ]

- ‌[الْحَادِيَ عَشَرَ إلَى آخِرِ الْخَامِسِ عَشَرَ مَتَى وَأَيْنَ وَحَيْثُ وَكَيْفَ وَإِذَا الشَّرْطِيَّةُ]

- ‌[السَّادِسَ عَشَرَ إلَى آخِرِ الْعِشْرِينَ مَهْمَا وَأَنَّى وَأَيَّانَ وَإِذْ مَا وَأَيُّ حِينٍ وَكَمْ]

- ‌[الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ الْأَسْمَاءُ الْمَوْصُولَةُ]

- ‌[الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ]

- ‌[الْجَمْعُ إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ]

- ‌[مَا يُفِيدُهُ جَمْعُ السَّلَامَةِ وَجَمْعُ التَّكْسِيرِ]

- ‌[مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ جَمْعُ الْجَمْعِ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَلْ إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْجَمْعِ]

- ‌[اسْمُ الْجَمْعِ إذَا دَخَلَتْهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ]

- ‌[أَقَلُّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الطَّائِفَةِ]

- ‌[اسْمُ الْجِنْسِ إذَا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ]

- ‌[الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ الْإِضَافَةُ]

- ‌[فَرْعٌ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ فَقَالَ زَوْجَتِي طَالِقٌ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْبَعْضُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْجُزْءِ وَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ إذَا أُضِيفَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ]

- ‌[السَّادِسَةُ النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ إذَا كَانَتْ جَمْعًا]

- ‌[السَّابِعَةُ إنْ كَانَتْ النَّكِرَةُ مُثْبَتَةً لَمْ تَعُمَّ]

- ‌[الثَّامِنَةُ مِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى أَنَّ النَّكِرَةَ الْمَنْفِيَّةَ لِلْعُمُومِ نَفْيَ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ]

- ‌[التَّاسِعَةُ إذَا وَقَعَ الْفِعْلُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ أَوْ الشَّرْطِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إفَادَةُ الْمَصْدَرِ الْعُمُومَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مَرَاتِبِ الصِّيَغِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجَمْعُ الْمُنَكَّرُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ضَمِيرُ الْجَمْعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجَمْعَ الْمُنَكَّرَ مَحْمُولٌ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ أَقَلِّ الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعُمُومِ الْمَعْنَوِيِّ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مَسَائِلَ] [

- ‌الْأُولَى الْمُفْرَدُ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ إذَا جَعَلْنَاهُ لِلْعُمُومِ]

- ‌[الثَّانِيَةُ إذَا عَلَّقَ الشَّارِعُ حُكْمًا فِي وَاقِعَةٍ عَلَى عِلَّةٍ تَقْتَضِي التَّعَدِّيَ إلَى غَيْرِ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ تَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ مَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ الْمُقْتَضَى هَلْ هُوَ عَامٌّ أَمْ لَا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ حَذْفُ الْمَعْمُولِ يُشْعِرُ بِالتَّعْمِيمِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ الْمَفْهُومَ هَلْ لَهُ عُمُومٌ أَمْ لَا]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْمَفْهُومُ يَكُونُ عَامًّا إذَا كَانَ الْمَنْطُوقُ جُزْئِيًّا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ الْمُشْتَرَكُ إذَا تَجَرَّدَ عَنْ الْقَرَائِنِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ فِي عُمُومِ الْفِعْلِ الْمُثْبَتِ إذَا كَانَ لَهُ جِهَاتٌ]

- ‌[صِيَغُ الْفِعْلِ الْمُثْبَتِ الَّذِي لَهُ أَكْثَرُ مِنْ احْتِمَالٍ]

- ‌[قَوْلُ الرَّاوِي كَانَ يَفْعَلُ كَذَا هَلْ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَمْ لَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي عُمُومِ مِثْلِ قَوْلِهِ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً]

- ‌[فَصْلٌ فِي اشْتِمَالِ الْعُمُومِ عَلَى بَعْضِ مَنْ يُشْكِلُ تَنَاوُلُهُ] [

- ‌الْأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَى الْجَمْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى دَلَالَتِهَا عَلَى الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي دُخُولِ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ تَحْتَ الْخِطَابِ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ دُخُولُ الْكَافِرِ فِي الْخِطَابِ الصَّالِحِ لَهُ وَلِلْمُؤْمِنِينَ إذَا وَرَدَ مُطْلَقًا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ الْخِطَابُ بِيَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا يَشْمَلُ الْأُمَّةَ إلَّا بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ الْخِطَابُ بِ يَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ هَلْ يَشْمَلُ الْكُفَّارَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَدْ يَجِيءُ الْخِطَابُ بِيَا أَيُّهَا النَّاسُ لِلْمُشْرِكِينَ خَاصَّةً]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ خِطَابُ الْمُوَاجَهَةِ هَلْ يَشْمَلُ الْمَعْدُومِينَ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ هَلْ خِطَابُ اللَّهِ رَسُولَهُ بِلَفْظٍ يَخْتَصُّ بِهِ يَشْمَلُ أُمَّتَهُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ الْخِطَابُ لِلْأُمَّةِ إنْ اخْتَصَّ بِهِمْ لَا يَدْخُلُ الرَّسُولُ تَحْتَهُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ الْخِطَابُ الْخَاصُّ بِوَاحِدٍ هَلْ يَشْمَلُ غَيْرَهُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ تَطْبِيبُهُ هَلْ يُفِيدُ التَّعْمِيمَ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ دُخُولُ الْمُخَاطِبِ فِي عُمُومِ خِطَابِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ الْمُخَاطَبِ فِي عُمُومِ أَمْرِ الْمُخَاطِبِ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَرَائِنِ الَّتِي يُظَنُّ أَنَّهَا صَارِفَةٌ لِلَّفْظِ عَنْ الْعُمُومِ وَفِيهِ مَسَائِلُ] [

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْخَارِجُ عَلَى جِهَةِ الْمَدْحِ أَوْ الذَّمِّ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ صِحَّةِ دَعْوَى الْعُمُومِ فِيمَا جَاءَ مِنْ الشَّارِعِ ابْتِدَاءً]

- ‌[الْخِطَابُ الْوَارِدُ عَلَى سَبَبٍ لِوَاقِعَةٍ وَقَعَتْ]

- ‌[إذَا كَانَ سَبَبُ الْوَاقِعَةِ شَرْطًا فَهَلْ يَعُمُّ الْخِطَابُ الْوَارِدُ عَلَى تِلْكَ الْوَاقِعَةِ]

- ‌[تَحْقِيقُ مُرَادِهِمْ بِالسَّبَبِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ ذِكْرُ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ الْمُوَافِقِ لَهُ فِي الْحُكْمِ لَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ]

- ‌[ذِكْرُ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ هَلْ يُخَصِّصُ الْعَامَّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا ذُكِرَ الْعَامُّ وَعُطِفَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَفْرَادِهِ مِمَّا حَقُّ الْعُمُومَ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ الْمَعْطُوفَ إذَا كَانَ خَاصًّا لَا يُوجِبُ التَّخْصِيصَ الْمَذْكُورَ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَفْظُ الْعَامِ إذَا كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى عُمُومٍ قَبْلَهُ وَأَمْكَنَ اسْتِعْمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَفْسِهِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَة إذَا وَرَدَ اللَّفْظُ الْعَامُّ ثُمَّ وَرَدَ عَقِيبَهُ تَقْيِيدٌ بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرُهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا كَانَ أَوَّلُ الْكَلَامِ خَاصًّا وَآخِرُهُ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا ذُكِرَ الْعَامُّ ثُمَّ ذُكِرَ بَعْضُ أَفْرَادِهِ بِقَيْدٍ أَوْ شَرْطٍ]

- ‌[مَبَاحِثُ الْخَاصِّ وَالْخُصُوصِ وَالتَّخْصِيصِ] [

- ‌تَعْرِيفُ الْخَاصِّ وَالْخُصُوصِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمُخَصَّصِ]

- ‌[تَعْرِيفُ التَّخْصِيصِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ التَّخْصِيصِ وَالنَّسْخِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحُكْمُ إذَا عُلِّقَ بَعْدَهُ هَلْ يَكُونُ تَعْلِيقُهُ بِمَا دُونَهُ نَسْخًا أَوْ تَخْصِيصًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْخِطَابُ فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ عُمُومَاتُ الْقُرْآنِ مَخْصُوصَةٌ فِي الْأَكْثَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ وَالْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعُمُومُ الْمُؤَكَّدُ بِكُلٍّ وَنَحْوِهَا هَلْ يَدْخُلُهُ التَّخْصِيصُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الْغَايَةِ الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا التَّخْصِيصُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَامُ إذَا خُصَّ هَلْ يَكُونُ حَقِيقَةً فِي الْبَاقِي]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَامُّ إذَا خُصَّ فَإِمَّا أَنْ يُخَصَّ بِمُبْهَمٍ أَوْ مُعَيَّنٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْرِيفِ الْمُخَصِّصِ] [

- ‌أَقْسَامُ الْمُخَصَّص]

- ‌[الْأَوَّلُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْمُخَصَّص]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ مُسْتَثْنًى مِنْهُ عَامٍّ أَوْ مِنْ عَدَدٍ شَائِعٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْجِنْسِ وَمِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شُرُوطُ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُجُودُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ]

- ‌[الْمَذَاهِبُ فِي تَقْدِيرِ دَلَالَةِ الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ يَعْمَلُ الِاسْتِثْنَاءُ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ أَوْ الْبَيَانِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ جَعْلُ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمُخَصَّصَاتِ الْمُتَّصِلَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ التَّحْرِيمِ إبَاحَةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاسْتِثْنَاءُ الْوَارِدُ بَعْدَ جُمَلٍ مُتَعَاطِفَةٍ يُمْكِنُ عَوْدُهُ لِجَمْعِهَا وَلِبَعْضِهَا]

- ‌[الِاسْتِثْنَاءُ الْمُتَوَسِّطُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَدَّدَتْ الْجُمَلُ وَجَاءَ بَعْدَهَا ضَمِيرُ جَمْعٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَقَعَ بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَالْمُسْتَثْنَى جُمْلَةٌ تَصْلُحُ صِفَةً لِكُلِّ مِنْهُمَا]

- ‌[الْمُخَصِّصُ الثَّانِي الشَّرْطُ]

- ‌[هَلْ لِلشَّرْطِ دَلَالَةٌ فِي جَانِبِ الْإِثْبَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَة يَنْقَسِمُ الشَّرْط إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالسَّبَبِ وَالْمَانِعِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي صِيغَتِهِ الشَّرْط]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ حَقِّ الشَّرْطِ أَنْ لَا يَدْخُلَ إلَّا عَلَى الْمُنْتَظَرِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ مِنْ أَحْكَام الشَّرْط إخْرَاجُ مَا لَوْلَاهُ عُلِمَ إخْرَاجُهُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ الشَّرْطُ وَالْمَشْرُوطُ قَدْ يَتَّحِدَانِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ تَأْخِيرُ الشَّرْطِ عَنْ الْمَشْرُوطِ فِي اللَّفْظِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ قَدْ يَرِدُ الْكَلَامُ عَرِيًّا عَنْ الشَّرْطِ مَعَ كَوْنِهِ مُرَادًا فِيهِ]

- ‌[الشَّرْطُ مُخَصِّصٌ لِلْأَحْوَالِ لَا لِلْأَعْيَانِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ وُجُوبُ اتِّصَالِ الشَّرْطِ فِي الْكَلَامِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ الْجُمَلِ الْمُتَعَاطِفَةِ إذَا تَعَقَّبَهَا شَرْطٌ]

- ‌[حُكْمُ الشَّرْطِ إذَا تَقَدَّمَ عَلَى الْمَعْطُوفِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌[دُخُولُ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ الْمَشْرُوطُ هَلْ يَجِبُ أَنْ يَحْصُلَ آخِرَ جُزْءٍ مِنْ الشَّرْطِ أَوْ عَقِبَهُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ لَا يَلْزَمُ فِي الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ أَنْ يَكُونَ اللُّزُومُ بَيْنَهُمَا ضَرُورِيًّا بِالْعَقْلِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ الْحُكْمَ هُوَ الْجَزَاءُ وَحْدَهُ وَالشَّرْطُ قَيْدٌ بِمَنْزِلَةِ الظَّرْفِ وَالْحَالِ]

- ‌[الثَّالِثُ التَّخْصِيصُ بِالصِّفَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَوَسُّطُ الْوَصْفِ بَيْنَ الْجُمَلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فَائِدَةُ الصِّفَةِ]

- ‌[الرَّابِعُ التَّخْصِيصُ بِالْغَايَةِ]

- ‌[التَّخْصِيصُ بِالْبَدَلِ]

- ‌[التَّخْصِيصُ بِالْحَالِ]

- ‌[التَّخْصِيصُ بِالظَّرْفَيْنِ وَالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُمَيِّزِ إذَا وَرَدَ عَلَى شَيْئَيْنِ وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا لِلْمَجْمُوعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجُمْلَتَيْنِ الْمُتَّصِلَتَيْنِ إذَا أَمْكَنَ إفْرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ بِلَفْظِهَا وَحُكْمِهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحُكْمُ فِي الضَّمِيرِ إذَا اتَّصَلَ بِأَحَدِ الْأَجْنَاسِ مَعَ الْعَطْفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا ذُكِرَ حُكْمٌ وَعُقِّبَ بِشَرْطٍ ثُمَّ ذُكِرَ بَعْدَهُ إشَارَةٌ هَلْ تَعُودُ لِلشَّرْطِ أَوْ لِلْأَصْلِ]

- ‌[التَّخْصِيصُ بِالْأَدِلَّةِ الْمُتَّصِلَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[التَّخْصِيصُ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ]

- ‌[الثَّانِي التَّخْصِيصُ بِدَلِيلِ الْحِسِّ]

- ‌[الثَّالِثُ التَّخْصِيصُ بِالدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ وَفِيهِ مَبَاحِثُ] [

- ‌الْبَحْثُ الْأَوَّلُ فِي تَخْصِيصِ الْمَقْطُوعِ بِالْمَقْطُوعِ]

- ‌[الْبَحْثُ الثَّانِي فِي تَخْصِيصِ الْمَقْطُوعِ بِالْمَظْنُونِ وَفِيهِ مَسَائِلُ] [

- ‌الْأُولَى تَخْصِيصُ عُمُومِ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ]

- ‌[الثَّانِيَةُ يَجُوزُ تَخْصِيصُ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ]

- ‌[الثَّالِثَةُ تَخْصِيصُ عُمُومِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي تَخْصِيصِ الْمَظْنُونِ بِالْقَطْعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ تَخْصِيصُ عُمُومِ خَبَرِ الْوَاحِدِ بِالْقِيَاسِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَنَعَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ الْإِجْمَاعَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي التَّخْصِيصِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ يُتْرَكُ الْعُمُومُ لِأَجْلِ السِّيَاقِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ التَّخْصِيصِ بِالْقَرَائِنِ وَالتَّخْصِيصِ بِالسَّبَبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْعُمُومِ بِالْمَفْهُومِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّخْصِيصُ بِفِعْلِ الرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ شَرْعٌ لِأُمَّتِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَقْرِيرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاحِدًا مِنْ الْمُكَلَّفِينَ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الْعَامِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْخِطَابُ إذَا عُلِمَ خُصُوصُهُ وَلَمْ يُدْرَ مَا خَصَّهُ كَيْفَ يُعْمَلُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا ظُنَّ أَنَّهُ مِنْ مُخَصِّصَاتِ الْعُمُومِ]

- ‌[التَّخْصِيصُ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ]

- ‌[تَخْصِيصُ الْحَدِيثِ بِمَذْهَبِ رَاوِيهِ مِنْ الصَّحَابَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالسَّبَبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَخْصِيصُ الْعُمُومِ بِقَضَايَا الْأَعْيَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَخْصِيصِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ إذَا كَانَ هُوَ الْأَعْظَمَ الْأَشْرَفَ]

- ‌[خَاتِمَةٌ لَيْسَ مِنْ الْمُخَصِّصَاتِ عَطْفُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ]

- ‌[الْقَوْلُ فِي بِنَاءِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ]

- ‌[مَسْأَلَةُ تَعَارُضِ الْمُفَسَّرِ وَالْمُجْمَلِ]

الفصل: ‌[الثالثة تخصيص عموم الكتاب والسنة المتواترة بالقياس]

[الثَّالِثَةُ تَخْصِيصُ عُمُومِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِالْقِيَاسِ]

الثَّالِثَةُ: يَجُوزُ تَخْصِيصُ عُمُومِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِالْقِيَاسِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ. وَقَالَ ابْنُ دَاوُد فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ ": إنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ يُصَرِّحُ بِالْجَوَازِ. وَحَكَى الْقَاضِي مِنْ الْحَنَابِلَةِ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَيْنِ. وَبِهِ قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو هَاشِمٍ آخِرًا. وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَسُلَيْمٌ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يَجُوزُ مِنْ طَرِيقِ الْعُمُومِ لَا الْقِيَاسِ، وَبِنَاءً عَلَى رَأْيِهِ فِي جَوَازِ الْقِيَاسِ فِي اللُّغَةِ. وَبِهَذَا كُلِّهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ لَيْسَ بِصَحِيحٍ.

وَكَذَلِكَ حَكَوْا الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا عَنْ الْأَشْعَرِيِّ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. فَإِنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ فِي مُخْتَصَرِ التَّقْرِيبِ " حَكَاهُ هَكَذَا عَنْ الْأَشْعَرِيِّ، وَحَكَى الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ " عَنْ الْأَشْعَرِيِّ قَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ.

قَالَ سُلَيْمٌ الرَّازِيَّ: لَا يُتَصَوَّرُ التَّخْصِيصُ عَلَى مَذْهَبِ الْأَشْعَرِيَّةِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ غَيْرُ مَوْضُوعٍ لِلْعُمُومِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُشْتَرَكٌ كَمَا تَقَرَّرَ، فَإِذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَمْ يَكُنْ تَخْصِيصًا وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانُ مَا أُرِيدَ بِهِ اللَّفْظُ انْتَهَى.

وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ " عَنْ الْقَائِلِينَ بِإِنْكَارِ الصِّيَغِ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي الْمَحْصُولِ "، وَلِذَلِكَ اسْتَدَلَّ عَلَى تَرْجِيحِهِ حَيْثُ قَالَ: لَنَا أَنَّ الْعُمُومَ وَالْقِيَاسَ. إلَخْ، لَكِنَّهُ اخْتَارَ فِي الْمَعَالِمِ " الْمَنْعَ، وَأَطْنَبَ فِي نُصْرَتِهِ، وَهَذَا الْكِتَابُ مَوْضِعٌ لِاخْتِيَارَاتِهِ، بِخِلَافِ الْمَحْصُولِ " فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِنَقْلِ الْمَذَاهِبِ وَتَحْرِيرِ الْأَدِلَّةِ، ثُمَّ إنَّهُ صَرَّحَ فِي الْمَحْصُولِ " فِي

ص: 489

أَثْنَاءِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ الْحَقَّ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِيمَا سَيَأْتِي فِي السَّادِسِ.

وَالثَّالِثُ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ وَابْنُهُ أَبُو هَاشِمٍ ثُمَّ رَجَعَ ابْنُهُ وَوَافَقَ الْجُمْهُورَ. وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَسُلَيْمٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِنَّمَا هِيَ رِوَايَةٌ عَنْهُ، قَالَ بِهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ؛ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ، قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي التَّلْخِيصِ ": مِنْهُمْ ابْنُ مُجَاهِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا. وَنَقَلَهُ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ " عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ أَيْضًا، وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي اللُّمَعِ " عَنْ اخْتِيَارِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْأَشْعَرِيِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَيَأْتِي.

وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّهُ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ " وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: زَعَمُوا أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ "؛ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّمَا الْقِيَاسُ الْجَائِزُ أَنْ يُشَبَّهَ مَا لَمْ يَأْتِ فِيهِ حَدِيثٌ بِحَدِيثٍ لَازِمٍ، فَأَمَّا أَنْ يُعْمَدَ إلَى حَدِيثٍ عَامٍّ فَيُحْمَلُ عَلَى الْقِيَاسِ، فَأَيْنَ الْقِيَاسُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؟ إنْ كَانَ الْحَدِيثُ قِيَاسًا فَأَيْنَ الْمُسَمَّى؟

قَالَ: فَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَعْمَلُ فِي الْحَدِيثِ الْعَامِّ، وَإِنَّمَا يَعْمَلُ فِي أَنَّهُ يُبْتَدَأُ بِهِ الْحُكْمُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَكُونُ فِيهِ حَدِيثٌ، أَوْ قِيَاسٌ عَلَى مَوْضِعٍ فِيهِ حَدِيثٌ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ مَنْعُ التَّخْصِيصِ بِالْقِيَاسِ.

وَرَدَّهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَقَالَ: قَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ " قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَاحْتَمَلَ أَمْرُهُ تَعَالَى فِي الْإِشْهَادِ أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ، كَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ عَلَى النَّدْبِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] وَقَالَ الشَّافِعِيُّ. لَمَّا

ص: 490

جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَبَيْنَ الرَّجْعَةِ وَأَمَرَ بِالْإِشْهَادِ فِيهِمَا، ثُمَّ كَانَ الْإِشْهَادُ عَلَى الطَّلَاقِ غَيْرَ وَاجِبٍ، كَذَلِكَ الْإِشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: قَدْ قَاسَ الشَّافِعِيُّ الْإِشْهَادَ عَلَى الرَّجْعَةِ عَلَى الْإِشْهَادِ عَلَى الطَّلَاقِ، وَخَصَّ بِهِ ظَاهِرَ الْأَمْرِ بِالْإِشْهَادِ إذْ ظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ.

قَالَ: وَإِمَّا الْكَلَامُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ ذَلِكَ الْقَائِلُ، فَلَمْ يَقْصِدْ الشَّافِعِيُّ مَنْعَ التَّخْصِيصِ بِالْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَرْكُ الظَّاهِرِ بِالْقِيَاسِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، فَرَوَى حَدِيثَ:«أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ» ، ثُمَّ حَكَى عَنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا: الْعِلَّةُ فِي طَلَبِ الْوَلِيِّ أَنَّهُ يَطْلُبُ الْحَظَّ لِلْمَنْكُوحَةِ، وَيَضَعُهَا فِي كُفْءٍ، فَإِذَا تَوَلَّتْ هِيَ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْوَلِيِّ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا الْقِيَاسُ غَيْرُ جَائِزٍ، لِأَنَّهُ يَعْمِدُ إلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَيُسْقِطُهُ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ يُفْضِي إلَى سُقُوطِ اعْتِبَارِ الْوَلِيِّ وَذَلِكَ يُسْقِطُ نَصَّ الْخَبَرِ، وَاسْتِعْمَالُ الْقِيَاسِ هُنَا لَا يَجُوزُ، إنَّمَا يَجُوزُ حَيْثُ يُخَصُّ الْعُمُومُ انْتَهَى.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ اسْتِنْبَاطَ مَعْنًى مِنْ النَّصِّ يَعُودُ عَلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ تَخْصِيصَ الْعُمُومِ بِالْقِيَاسِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الْعُمُومَ.

الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: إنْ تَطَرَّقَ إلَيْهِ التَّخْصِيصُ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ خُصَّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا. وَحَكَاهُ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ " عَنْ عِيسَى بْنِ أَبَانَ، وَكَذَا الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي اللُّمَعِ "، وَحَكَى الْإِمَامُ عَنْهُ إنْ تَطَرَّقَ إلَيْهِ التَّخْصِيصُ

ص: 491

بِغَيْرِ الْقِيَاسِ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا حَكَاهُ الشَّيْخُ فِي اللُّمَعِ " عَنْ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ.

الرَّابِعُ: إنْ تَطَرَّقَ إلَيْهِ التَّخْصِيصُ بِمُنْفَصِلٍ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا، قَالَهُ الْكَرْخِيّ. وَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ: كُلُّ مَا لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِالْقِيَاسِ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ، فَمَا لَا يَخُصُّهُ أَوْلَى أَنْ لَا يُخَصَّ بِالْقِيَاسِ. وَقَالَ: هَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا، وَنَقَلَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، لِأَنَّ كُلَّ مَا ثَبَتَ بِوَجْهٍ قَطْعِيٍّ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِمِثْلِهِ.

وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ فِي التَّقْوِيمِ ": لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا تَخْصِيصُ الْعَامِّ ابْتِدَاءً بِالْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ إذَا ثَبَتَ خُصُوصُهُ بِدَلِيلٍ يَجُوزُ رَفْعُ الْكُلِّ لَهَا مِنْ خَبَرٍ تَأَيَّدَ بِالْإِجْمَاعِ أَوْ الِاسْتِفَاضَةِ، لَمْ يَقَعْ الْإِشْكَالُ فِي صَارِفِهِ إنَّمَا مِنْ جِنْسٍ دَخَلَ تَحْتَ الْخُصُوصِ، أَوْ مِنْ جِنْسِ مَا بَقِيَ تَحْتَ الْعُمُومِ، فَيَتَعَرَّفُ ذَلِكَ بِالْقِيَاسِ.

الْخَامِسُ: إنْ كَانَ الْقِيَاسُ جَلِيًّا جَازَ التَّخْصِيصُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ قِيَاسَ شَبَهٍ أَوْ عِلَّةٍ فَلَا، نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَسُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ " عَنْ الْإِصْطَخْرِيِّ، زَادَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مَرْوَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَحَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْأَنْمَاطِيِّ، وَمُبَارَكِ بْنِ أَبَانَ وَابْنِ عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَراييِنِيِّ الْقِيَاسُ إنْ كَانَ جَلِيًّا مِثْلُ: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] جَازَ التَّخْصِيصُ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ. وَإِنْ كَانَ وَاضِحًا، وَهُوَ الْمُشْتَمِلُ عَلَى جَمِيعِ مَعْنَى الْأَصْلِ، كَقِيَاسِ الرِّبَا، فَالتَّخْصِيصُ بِهِ جَائِزٌ فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا، إلَّا طَائِفَةً شَذَّتْ لَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِمْ. وَإِنْ كَانَ خَفِيًّا وَهُوَ قِيَاسُ عِلَّةِ الشَّبَهِ فَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ شَذَّ فَجَوَّزَهُ.

ص: 492

وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: قِيَاسُ الْأَصْلِ وَقِيَاسُ الْعِلَّةِ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّ التَّخْصِيصَ بِهِمَا سَائِغٌ جَائِزٌ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ، وَمَنَعَهُ دَاوُد؛ وَأَمَّا قِيَاسُ الشَّبَهِ فَاخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ، ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى الْمُرَادِ بِالتَّخْصِيصِ بِالْقِيَاسِ أَنَّ مَا دَخَلَ تَحْتَ الْعُمُومِ فِي اللَّفْظِ بَيْنَ الْقِيَاسِ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي اللَّفْظِ، لَا أَنَّهُ دَخَلَ فِي الْمُرَادِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ نَسْخًا وَلَا يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالْقِيَاسِ.

وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ وَأَبُو مَنْصُورٍ: أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى جَوَازِ التَّخْصِيصِ بِالْقِيَاسِ الْجَلِيِّ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْخَفِيِّ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ جَوَازُهُ أَيْضًا. وَكَذَا قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى جَوَازِ التَّخْصِيصِ بِالْخَفِيِّ فِي مَوَاضِعَ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْجَلِيِّ وَهُوَ الَّذِي قَضَى الْقَاضِي بِخِلَافِهِ. وَقِيلَ: هُوَ قِيَاسُ الْمَعْنَى، وَالْخَفِيُّ قِيَاسٌ وَقِيلَ: مَا تَتَبَادَرُ عِلَّتُهُ إلَى الْفَهْمِ مِثْلُ: «لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ» .

السَّادِسُ: إنْ تَفَاوَتَ الْقِيَاسُ وَالْعَامُّ فِي غَلَبَةِ الظَّنِّ رُجِّحَ الْأَقْوَى، فَيَرْجِعُ الْعَامُّ بِظُهُورِ قَصْدِ التَّعْمِيمِ فِيهِ وَيَكُون الْقِيَاسُ الْعَارِضُ لَهُ قِيَاسَ شَبَهٍ، وَيُرَجَّحُ الْقِيَاسُ بِالْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنْ تَعَادَلَا فَالْوَقْفُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْغَزَالِيِّ، وَاخْتَارَهُ الْمُطَرِّزِيُّ فِي الْعُنْوَانِ " وَاعْتَرَفَ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ فِي أَثْنَاءِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّهُ حَقٌّ، وَكَذَا قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ شَارِحُ الْمَحْصُولِ " وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ

ص: 493

وَابْنُ التِّلِمْسَانِيِّ، وَاسْتَحْسَنَهُ الْقَرَافِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ، وَقَالَ: لَقَدْ أَحْسَنَ فِي هَذَا الِاخْتِيَارِ أَبُو حَامِدٍ، فَكَمْ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ شَاكِرٍ وَحَامِدٍ.

وَقَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الْعُنْوَانِ ": أَنَّهُ مَذْهَبٌ جَيِّدٌ، فَإِنَّ الْعُمُومَ قَدْ تَضْعُفُ دَلَالَتُهُ لِبُعْدِ قَرِينَتِهِ، فَيَكُونُ الظَّنُّ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ رَاجِحًا عَلَى الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْعُمُومِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ، وَقَدْ يَكُونُ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ، بِأَنْ يَكُونَ الْعُمُومُ قَوِيَّ الرُّتْبَةِ، وَيَكُونَ الْقِيَاسُ قِيَاسَ شَبَهٍ، وَالْقَاعِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ: أَنَّ الْعَمَلَ بِأَرْجَحِ الظَّنَّيْنِ وَاجِبٌ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْغَزَالِيُّ لَيْسَ مَذْهَبًا، وَلَمْ يَقُلْهُ الرَّجُلُ عَلَى أَنَّهُ مَذْهَبٌ مُسْتَقِلٌّ، فَتَأَمَّلْ الْمُسْتَصْفَى " تَجِدُ ذَلِكَ. وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ: إنَّ الظَّنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ الْعُمُومِ أَقْوَى، ثُمَّ يَقُولُ: الْقِيَاسُ تَخْصِيصٌ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُقَلَاءِ أَنَّ أَرْجَحَ الظَّنَّيْنِ عِنْدَ التَّعَارُضِ مُعْتَبَرٌ، وَالْوُقُوفُ عِنْدَ الْمُسْتَوِي ضَرُورِيٌّ، إنَّمَا الشَّأْنُ فِي بَيَانِ الْأَرْجَحِ مَا هُوَ؟ فَفَرِيقٌ قَالُوا: إنَّ الْأَرْجَحَ الْعُمُومُ، فَلَا يُخَصُّ بِالْقِيَاسِ، وَهُوَ الْإِمَامُ فِي الْمَعَالِمِ " وَقَوْمٌ قَالُوا: الْأَرْجَحُ الْقِيَاسُ، فَيُخَصُّ الْعُمُومَ. وَالْقَوْلَانِ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ، كَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ.

السَّابِعُ: الْوَقْفُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي تَعَارَضَا فِيهِ، وَالرُّجُوعُ إلَى دَلِيلٍ آخَرَ سِوَاهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْغَزَالِيِّ، وَاخْتَارَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ "، وَإِلْكِيَا الطَّبَرِيِّ.

قَالَ: وَلَا يَظْهَرُ فِيهِ دَعْوَى الْقَطْعِ مِنْ الصَّحَابَةِ بِخِلَافِهِ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ شَارَكَ الْقَوْلَ بِالتَّخْصِيصِ مِنْ وَجْهٍ، وَبَايَنَهُ مِنْ وَجْهٍ، أَمَّا الْمُشَارَكَةُ فَلِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ تَخْصِيصِ الْعَامِّ بِالْقِيَاسِ إسْقَاطُ الِاحْتِجَاجِ، وَالْوَاقِفُ يَقُولُ بِهِ، وَأَمَّا الْمُبَايَنَةُ، فَهِيَ أَنَّ الْقَائِلَ بِالتَّخْصِيصِ يَحْكُمُ بِمُقْتَضَى الْقِيَاسِ، وَالْوَاقِفُ لَا يَحْكُمُ بِهِ.

ص: 494

الثَّامِنُ: إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مَنْصُوصَةً مُجْزِئَةً عَلَيْهَا جَازَ التَّخْصِيصُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا، قَالَهُ الْآمِدِيُّ

التَّاسِعُ: إنْ كَانَ الْأَصْلُ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ مُخْرَجًا مِنْ عَامٍّ جَازَ التَّخْصِيصُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا.

الْعَاشِرُ: إنْ كَانَ الْأَصْلُ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ مُخْرَجًا مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْعُمُومِ جَازَ التَّخْصِيصُ بِهِ. وَإِلَّا فَلَا. وَهَذَا يُخَرَّجُ مِنْ كَلَامِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ " فِي بَابِ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ: لَا يَمْتَنِعُ التَّصَرُّفُ فِي ظَاهِرِ الْقُرْآنِ بِالْأَقْيِسَةِ الْجَلِيَّةِ، إذَا كَانَ التَّأْوِيلُ مُسَاغًا لَا يَنْبُو نَظَرُ الْمُنْتَصِبِ عَنْهُ، وَالشَّرْطُ فِي ذَلِكَ التَّأْوِيلِ أَنْ يَكُونَ الْقِيَاسُ صَدَرَ عَنْ غَيْرِ الْأَصْلِ الَّذِي فِيهِ وَرَدَ الظَّاهِرُ، فَإِنْ لَمْ يُتَّجَهُ قِيَاسٌ مِنْ مَوْرِدِ الظَّاهِرِ لَمْ يَجُزْ إزَالَةُ الظَّاهِرِ بِمَعْنَى يُسْتَنْبَطُ مِنْهُ، يَتَضَمَّنُ تَخْصِيصَهُ وَقَصْرَهُ عَلَى بَعْضِ الْمُسَمَّيَاتِ، كَمَا فِي جَوَازِ الْإِبْدَالِ فِي الزَّكَوَاتِ. قُلْت: وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا يُسْتَنْبَطُ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ، وَهَذَا يَصْلُحُ تَقَيُّدًا لِلْجَوَازِ، لَا مَذْهَبًا آخَرَ.

وَعِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ، وَهُوَ مَا يُعْرَفُ مِنْ ظَاهِرِ النَّصِّ بِغَيْرِ اسْتِدْلَالٍ:{فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الضَّرْبِ قِيَاسًا عَلَى الْأَصَحِّ، فَيَجُوزُ تَخْصِيصُ الْعُمُومِ بِهِ قَطْعًا، وَالْقِيَاسُ الظَّاهِرُ كَالْمَعْرُوفِ بِالِاسْتِدْلَالِ كَقِيَاسِ الْأَمَةِ عَلَى الْعَبْدِ فِي السِّرَايَةِ وَفِي الْعِتْقِ، فَيَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ، لِخُرُوجِهِ عَنْ الْخِلَافِ بِالْإِشْكَالِ

وَقَالَ شَارِحُ اللُّمَعِ ": الْجَلِيُّ يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِهِ قَطْعًا، وَأَمَّا الْخَفِيُّ

ص: 495

فَإِنْ كَانَ مُسْتَنْبَطًا مِنْ الْأَصْلِ لَمْ يَجُزْ تَخْصِيصُهُ بِهِ قَطْعًا، كَعِلَّةِ الْحَنَفِيَّةِ فِي الرِّبَا أَنَّهُ الْكَيْلُ، فَإِنَّهُمْ اسْتَنْبَطُوهَا مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ، وَهُوَ عَامٌّ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَالْعِلَّةُ الَّتِي اسْتَنْبَطُوهَا تُوجِبُ التَّخْصِيصَ فِيمَا لَا يُمْكِنُ كَيْلُهُ، فَلَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ يَعْتَرِضُ الْفَرْعُ عَلَى أَصْلِهِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَنْبَطٍ مِنْ الْأَصْلِ جَازَ.

تَنْبِيهَاتٌ

الْأَوَّلُ: أَطْلَقَ أَكْثَرُ الْأُصُولِيِّينَ تَرْجَمَةَ الْمَسْأَلَةِ، لَكِنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ لَيْسَ الْقِيَاسَ الْمُعَارِضَ لِلنَّصِّ الْعَامِّ مُطْلَقًا، فَإِنَّ بَعْضَ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى عُمُومِ النَّصِّ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ حُكْمُ الْأَصْلِ الَّذِي يَسْتَنِدُ إلَيْهِ حُكْمُ الْفَرْعِ مَقْطُوعًا بِهِ، وَعِلَّتُهُ مَنْصُوصَةً أَوْ مُجْمَعًا عَلَيْهَا مَعَ تَصَادُقِهِمَا فِي الشَّرْعِ مِنْ غَيْرِ صَارِفٍ قَطْعًا، فَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْقِيَاسِ لَا أَوَفُقُ الْخِلَافُ فِيهِ فِي أَنَّهُ يُخَصَّصُ بِهِ عُمُومُ النَّصِّ، فَيَجِبُ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ تَرْجَمَةِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْإِبْيَارِيُّ شَارِحُ " الْبُرْهَانِ " وَغَيْرُهُ.

وَجَعَلَ الْغَزَالِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي قِيَاسِ النَّصِّ الْخَاصِّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قِيَاسَ نَصٍّ عَامٍّ لَمْ يُخَصَّ بِهِ، بَلْ يَتَعَارَضَانِ، كَالْعُمُومَيْنِ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ الْمَذْهَبُ الثَّانِي.

وَقَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ: هَذَا كُلُّهُ فِي الْقِيَاسِ الْمُسْتَنْبَطِ مِنْ الْكِتَابِ، أَوْ مِنْ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى عُمُومِ الْكِتَابِ، أَوْ عُمُومِ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ، أَوْ عُمُومِ خَبَرِ الْوَاحِدِ فَأَمَّا الْقِيَاسُ الْمُسْتَنْبَطُ مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى عُمُومِ خَبَرِ الْوَاحِدِ فَعَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ أَيْضًا وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى عُمُومِ الْكِتَابِ، فَيَتَرَتَّبُ عَلَى جَوَازِ تَخْصِيصِهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، فَمَنْ لَا يُجَوِّزُ ذَلِكَ لَا يُجَوِّزُ

ص: 496

بِالْقِيَاسِ الْمُسْتَنْبَطِ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ وَأَمَّا مَنْ يُجَوِّزُ ذَلِكَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُجَوِّزَ ذَلِكَ لِزِيَادَةِ الضَّعْفِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجَوِّزَ ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا فِي الْقِيَاسِ الْمُسْتَنْبَطِ مِنْ الْكِتَابِ، إذْ قَدْ يَكُونُ قِيَاسُهُ أَقْوَى مِنْ عُمُومِ الْكِتَابِ، بِأَنْ يَكُونَ قَدْ تَطَرَّقَ إلَيْهِ تَخْصِيصَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَوَقَّفَ فِيهِ لِتَعَادُلِهِمَا إذْ قَدْ يَظْهَرُ لَهُ ذَلِكَ

الثَّانِي: مَثَّلَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ لِلتَّخْصِيصِ بِالْقِيَاسِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2]، وَقَوْلِهِ فِي الْإِمَاءِ:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْأَمَةَ لَمْ تَدْخُلْ فِي عُمُومِ مَنْ أُمِرَ بِجَلْدِهَا مِائَةً مِنْ النِّسَاءِ، ثُمَّ قِيسَ الْعَبْدُ عَلَى الْأَمَةِ، فَجُعِلَ حَدُّهُ خَمْسِينَ جَلْدَةً. فَكَانَتْ الْأَمَةُ مَخْصُوصَةً، وَالْعَبْدُ مَخْصُوصًا مِنْ جُمْلَةِ قَوْلِهِ:{وَالزَّانِي} [النور: 2] بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَمَةِ قَالَ: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج: 36] إلَى قَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: 28] فَاحْتَمَلَتْ إبَاحَةَ الْأَكْلِ فِي جَمِيعِ الْهَدْيِ، وَاحْتَمَلَ فِي الْبَعْضِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ هَدْيَ جَزَاءِ الصَّيْدِ لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ؛ فَكَانَ هَذَا مَخْصُوصًا بِالْإِجْمَاعِ، وَاخْتَلَفُوا فِي هَدْيِ الْمُتْعَةِ، فَذَهَبَ أَصْحَابُنَا إلَى تَحْرِيمِ الْأَكْلِ. وَخَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ، فَكَانَ الْوَجْهُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ وَاجِبٌ، كَوُجُوبِ جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَوُجُوبِ مَا يَنْذُرُ الْمَرْءُ إخْرَاجَهُ مِنْ مَالِهِ، فَقِيسَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي الْمَعْنَى، وَهُوَ الْوُجُوبُ وَكَانَ جَزَاءُ الصَّيْدِ خَارِجًا مِنْ الْعُمُومِ بِالْإِجْمَاعِ، وَهَدْيُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ مَخْصُوصٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى ذَلِكَ، وَتَبِعَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي ذَلِكَ

ص: 497

وَمَثَّلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ إذَا مَاتَ، وَالْمَرْأَةُ حَامِلٌ لَا تَعْتَدُّ مِنْهُ، لِأَنَّهُ حَمْلٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ زَوْجِهَا، وَمَنْفِيٌّ عَنْهُ قَطْعًا فَلَا تَعْتَدُّ مِنْهُ، قِيَاسًا عَلَى الْحَمْلِ الْحَادِثِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَيُخَصَّصُ بِهَذَا الْقِيَاسِ عُمُومُ:{وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] .

الثَّالِثُ: أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَصْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، هَلْ هُوَ مِنْ جِنْسِ الْخِلَافِ فِي الْقَطْعِيَّاتِ؛ أَوْ مِنْ الْمُجْتَهَدَاتِ؟ قَالَ الْغَزَالِيُّ: يَدُلُّ كَلَامُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ فِي تَقْدِيمِ خَبَرِ الْوَاحِدِ عَلَى عُمُومِ الْكِتَابِ، وَفِي تَقْدِيمِ الْقِيَاسِ عَلَى الْعُمُومِ مِمَّا يَجِبُ الْقَطْعُ فِيهِ بِخَطَأِ الْمُخَالِفِ، لِأَنَّهُ مِنْ مَسَائِلِ الْأُصُولِ. قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ إلْحَاقَ هَذَا بِالْمُجْتَهَدَات أَوْلَى، فَإِنَّ الْأَدِلَّةَ فِيهِ مِنْ الْجَوَانِبِ مُتَفَاوِتَةٌ، غَيْرُ بَالِغَةٍ مَبْلَغَ الْقَطْعِ انْتَهَى. وَحِينَئِذٍ فَتَوَقُّفُ الْقَاضِي إنَّمَا هُوَ عَنْ الْقَطْعِ، وَلَا يُنْكَرُ أَنَّ الْأَرْجَحَ التَّخْصِيصُ، وَلَكِنْ عِنْدَهُ أَنَّ الْأَرْجَحِيَّةَ لَا تَكْفِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، لِأَنَّ مَسَائِلَ هَذَا الْفَنِّ عِنْدَهُ قَطْعِيَّةٌ لَا ظَنِّيَّةٌ، وَحِينَئِذٍ فَنَحْنُ نُوَافِقُهُ عَلَى انْتِفَاءِ الْقَطْعِ، وَإِنَّمَا نَدَّعِي أَنَّ الظَّنَّ كَافٍ فِي الْعَمَلِ، فَلَا نَتَوَقَّفُ؛ وَهُوَ لَا يَكْتَفِي بِالظَّنِّ، فَيَتَوَقَّفُ.

الرَّابِعُ: أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ مَسْأَلَةِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْمَعْنَى، فَإِنَّ تِلْكَ لِلشَّافِعِيِّ فِيهَا قَوْلَانِ، وَلِهَذَا تَرَدَّدَ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِالْمَحَارِمِ، لِأَجْلِ عُمُومِ:{أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] وَالتَّخْصِيصُ بِالْمَعْنَى، وَهُوَ الشَّهْوَةُ مُنْتَفِيَةٌ فِيهِمْ، وَكَذَا فِي الْقَاتِلِ بِحَقٍّ مَعَ حَدِيثِ:«الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ» . وَقَوْلُهُ: «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» اسْتَنْبَطُوا مِنْهُ مَا خَصَّصَ جِلْدَ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ. وَقَدْ نَقَّحَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ " الْفَارِقَ بَيْنَ الْمَسَائِلِ، فَقَالَ بَعْدَ

ص: 498

تَجْوِيزِهِ التَّخْصِيصَ بِالْقِيَاسِ: هَذَا فِيمَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الْمَعْنَى، وَأَمَّا مَا لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ مَعْنًى مُسْتَمِرٌّ جَائِزٌ عَلَى السَّيْرِ، فَالْأَصْلُ فِيهِ التَّعَلُّقُ بِالظَّاهِرِ، وَتَنْزِيلُهُ مَنْزِلَةَ النَّصِّ، وَلَكِنْ قَدْ يَلُوحُ مَعَ هَذَا مَقْصُودُ الشَّارِعِ بِجِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ، فَيَتَعَيَّنُ النَّظَرُ إلَيْهِ

وَهَذَا لَهُ أَمْثِلَةٌ مِنْهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الْمُلَامَسَةَ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] فَجَعَلَهَا الشَّافِعِيُّ عَلَى الْجَسِّ بِالْيَدِ، ثُمَّ تَرَدَّدَ نَصُّهُ فِي لَمْسِ الْمَحَارِمِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ التَّعْلِيلَ لَا جَرَيَانَ لَهُ فِي الْأَحْدَاثِ النَّاقِضَةِ وَمَا لَا يَجْرِي الْقِيَاسُ فِي إثْبَاتِهِ، فَلَا يَكَادُ يَجْرِي فِي نَفْيِهِ. فَمَالَ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ إلَى اتِّبَاعِ اسْمِ النِّسَاءِ، وَأَصَحُّ قَوْلَيْهِ: أَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تُنْقَضُ بِمَسِّهِنَّ، لِأَنَّ ذِكْرَ الْمُلَامَسَةِ الْمُضَافَةِ إلَى أَنْ يَقَعَ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْدَاثِ يُشْعِرُ بِلَمْسِ اللَّاتِي يُقْصَدْنَ بِاللَّمْسِ قَالَ فَإِنْ لَمْ يُتَّجَهْ مَعْنًى صَحِيحٌ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى التَّخْصِيصِ، كَقَوْلِهِ عليه السلام «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ» ، فَالْحِرْمَانُ لَا يَنْسَدُّ فِيهِ تَعْلِيلٌ، فَإِذَا انْسَدَّ مَسْلَكُ التَّعْلِيلِ اقْتَضَى الْحَالُ التَّعَلُّقَ بِلَفْظِ الشَّارِعِ: تَرَدَّدَ الشَّافِعِيُّ فِي أَنَّ الْقَتْلَ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا إذَا صَدَرَ مِنْ الْوَارِثِ فَهَلْ يَقْتَضِي حِرْمَانَهُ؟ فَوَجْهُ تَعَلُّقِ الْحِرْمَانِ بِكُلِّ قَتْلٍ، التَّعَلُّقُ بِالظَّاهِرِ مَعَ حَسْمِ التَّعْلِيلِ، وَوَجْهُ إثْبَاتِ الْإِرْثِ التَّطَلُّعُ إلَى مَقْصُودِ الشَّارِعِ، وَلَيْسَ بِخَفِيٍّ أَنَّ قَصْدَهُ مُضَادَّةُ غَرَضِ الْمُسْتَعْجِلِ، وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْقَتْلِ الْحَقِّ؛ وَكَذَلِكَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ فَمَنْ عَمَّمَ تَعَلَّقَ بِالظَّاهِرِ، وَمَنْ فَصَّلَ بَيْنَ الرِّبَوِيِّ وَغَيْرِهِ تَشَوَّفَ إلَى دَرْكِ مَقْصُودٍ. وَهُوَ أَنَّ فِي الْحَيَوَانِ كَمَا نَبِيعُ الشَّاةَ بِهِ نَبِيعُ الشَّاةَ بِلَحْمِهِ.

اعْلَمْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَنْبَطَ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُعَمِّمُهُ قَطْعًا، كَاسْتِنْبَاطِ

ص: 499

مَا يُشَوِّشُ الْفِكْرَ مِنْ قَوْلِهِ عليه السلام: «لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ» ، وَكَاسْتِنْبَاطِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْجَامِدِ الظَّاهِرِ الْقَالِعِ مِنْ الْأَمْرِ بِالْأَحْجَارِ وَهُوَ غَالِبُ الْأَقْيِسَةِ.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَنْبَطَ مِنْهُ مَعْنًى يَعُودُ عَلَيْهِ بِالْبُطْلَانِ، وَلِهَذَا ضَعُفَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ فِي قَوْلِهِ:«فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» ، أَيْ قِيمَةُ شَاةٍ، لِأَنَّ الْقَصْدَ دَفْعُ الْحَاجَةِ بِالشَّاةِ أَوْ الْقِيمَةِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا تَجِبَ الشَّاةُ أَصْلًا، لِأَنَّهُ إذْ وَجَبَتْ الْقِيمَةُ لَمْ تَجِبْ الشَّاةُ، فَلَا تَكُونُ مُجْزِئَةً، وَهِيَ مُجْزِئَةٌ بِالِاتِّفَاقِ، فَقَدْ عَادَ الِاسْتِنْبَاطُ عَلَى أَصْلِهِ بِالْبُطْلَانِ، وَاعْتِرَاضُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ هَذِهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ كَمَا يُجَوِّزُ الْقِيمَةَ يُجَوِّزُ الشَّاةَ، مَرْدُودٌ بِمَا سَأَذْكُرُهُ فِي كِتَابِ الْقِيَاسِ. وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَنْبَطَ مِنْهُ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ. تَرَدَّدَ فِيهِمَا التَّرْجِيحُ وَقَالَ إلْكِيَا فِي الْمَدَارِكِ ": الْمَنْقُولُ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْعُمُومِ بِالْمَعْنَى، لِأَنَّ الْعُمُومَ يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ، ثُمَّ يُبْحَثَ عَنْ دَلِيلِهِ، فَإِنَّ فَهْمَ مَعْنَى اللَّفْظِ سَابِقٌ عَلَى فَهْمِ مَعْنَاهُ الْمُسْتَنْبَطِ، وَإِذَا فُهِمَ عُمُومُهُ، فَكَيْفَ يُتَّجَهُ بِنَاءُ عِلَّةٍ عَلَى خِلَافِ مَا فُهِمَ مِنْهُ؟

قَالَ: وَيُتَّجَهُ لِلْمُخَالِفِ أَنْ يَقُولَ: الْمَعْنَى الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ الْعُمُومِ فِي النَّظَرِ الثَّانِي رُبَّمَا نَرَاهُ أَوْفَقَ لِمَوْضُوعِ اللَّفْظِ وَمِنْهَاجِ الشَّرْعِ، وَذَلِكَ تَنْبِيهٌ إمَّا بِفَحْوَى الْخِطَابِ وَمَخْرَجِ الْكَلَامِ، وَإِمَّا بِأَمَارَةٍ أُخْرَى تَفْصِلُ بِالْكَلَامِ، وَذَلِكَ رَاجِحٌ عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ اللَّفْظِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُقَدَّرُ مُخَالِفًا لِلَّفْظِ، وَلَكِنْ يُقَدَّرُ بَيَانًا لَهُ، فَاَلَّذِي فَهِمْنَاهُ أَوَّلًا الْعُمُومَ، ثُمَّ النَّظَرُ الثَّانِي يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ

ص: 500

الْخُصُوصُ، فَغَلَبَ مَعْهُودُ الشَّرْعِ عَلَى مَعْنَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ. فَرْعٌ وَلَّدْته:

هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَنْبَطَ مِنْ الْمُقَيَّدِ مَعْنًى يَعُودُ عَلَيْهِ بِالْإِطْلَاقِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ جَوَّزَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا الِاسْتِنْجَاءَ بِحَجَرٍ وَاحِدٍ لَهُ ثَلَاثُ أَحْرُفٍ نَظَرًا لِلْمَعْنَى، وَهُوَ الْإِزَالَةُ بِطَاهِرٍ، فِيهِ رَفْعُ قَيْدِ الْعَدَدِ فِي قَوْلِهِ عليه السلام:«فَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ»

ص: 501