الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ} [الحجر: 30] قَالَ: وَالتَّأْكِيدُ لَا يُزِيلُ احْتِمَالَ اللَّفْظِ، وَإِلَّا لَمْ يَدْخُلْهُ اسْتِثْنَاءٌ، وَبِالْجَوَازِ أَيْضًا صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ مِنْ كِتَابِهِمَا.
ثُمَّ قَالَ: وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْمُؤَكَّدِ، وَهَذَا غَلَطٌ لِوُجُودِ الِاحْتِمَالِ بَعْدَ التَّأْكِيدِ كَوُجُودِهِ مِنْ قَبْلُ. اهـ.
وَهَذَا نَظِيرُ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ حَكَاهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَيْضًا فِي جَوَازِ نَسْخِ الْحُكْمِ الْمُقَيَّدِ بِالْأَبَدِيَّةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْهِنْدِيِّ فِي بَابِ النَّسْخِ أَنَّهُ إجْمَاعٌ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ. تَنْبِيهٌ
إذَا عُطِفَ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ الْمُتَنَاوِلِ لَهُ، وَقُلْنَا: إنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ الْعُمُومِ، وَكَأَنَّهُ ذُكِرَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِالْخُصُوصِ، وَمَرَّةً بِالْعُمُومِ - يَجِيءُ فِي تَخْصِيصِهِ هَذَا الْخِلَافُ.
[مَسْأَلَةٌ فِي الْغَايَةِ الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا التَّخْصِيصُ]
اُخْتُلِفَ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْ بَقَائِهِ بَعْدَ التَّخْصِيصِ عَلَى مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ جَمْعٍ كَثِيرٍ، وَنَقَلَهُ الرَّازِيَّ وَالْآمِدِيَّ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ وَصَحَّحَهُ الرَّازِيَّ. وَقَالَ فِي الْآمِدِيَّ: وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا، وَإِلَيْهِ مَال إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ.
قُلْت: وَعِبَارَةُ أَبِي الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ ": الْأَوْلَى الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِ الْعُمُومِ، وَإِيجَابُ أَنْ يُرَادَ بِهَا كَثْرَةٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا، إلَّا أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي الْوَاحِدِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ وَالْإِبَانَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى الْكَثِيرِ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا. انْتَهَى.
وَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: مَا نَسَبَهُ الْآمِدِيُّ إلَى الْجُمْهُورِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ، نَعَمْ اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَالرَّازِيَّ. وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ الْكَثِيرُ. فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: لَا بُدَّ أَنْ يُعْرَفَ مِنْ مَدْلُولِ اللَّفْظِ الْعَامِّ قَبْلَ التَّخْصِيصِ. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَحْصُورٍ. وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ ": لَمْ يَحُدُّوا الْكَثْرَةَ هُنَا، بَلْ قَالُوا: تُعْرَفُ بِالْقَرَائِنِ، وَأَغْرَبَ بَعْضُهُمْ، فَادَّعَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ هُنَا الْكَثِيرَ عَدَدًا؛ بَلْ الْكَثِيرَ وُقُوعًا، وَالْغَالِبَ وُجُودًا بِحَيْثُ يَقْرُبُ أَنَّهُ مِمَّا خَطَرَ بِالْبَالِ عِنْدَ ذِكْرِ اعْتِبَارِ لَفْظِ الْعَامِّ.
وَقَالَ آخَرُونَ: شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مُعْظَمَ الْأَمْرِ إمَّا فِي الْكَثِيرِ وَإِمَّا فِي الِاعْتِبَارِ، أَمَّا فِي الْكَثْرَةِ فَكَمَا إذَا قُلْت: كُلُّ إنْسَانٍ مُصَابٌ، وَكُلُّ مُحْسِنٍ مَشْكُورٌ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي النَّاسِ مَنْ لَمْ يُصَبْ بِمُصِيبَةٍ إلَّا أَنَّهُ يُحَدِّثُ قَائِلَ ذَلِكَ، وَيَحْسُنُ أَنْ لَا يُقْدَحَ فِي كَلَامِهِ. وَأَمَّا فِي الِاعْتِبَارِ فَكَمَا إذَا قُلْت: خَرَجَ النَّاسُ كُلُّهُمْ لِلِقَاءِ الْمَلِكِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ مَنْ لَهُ اعْتِبَارٌ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ النَّاسِ لَمْ يَخْرُجُوا.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَامَّ إنْ كَانَ ظَاهِرًا مُفْرَدًا " كَمَنْ " وَ " الْأَلِفُ وَاللَّامُ " نَحْوُ: اُقْتُلْ مَنْ فِي الدَّار، وَاقْفَعْ السَّارِقَ، جَازَ التَّخْصِيصُ إلَى أَهْلِ الْمَرَاتِبِ: وَهُوَ وَاحِدٌ، لِأَنَّ الِاسْمَ يَصْلُحُ لَهُمَا جَمِيعًا. وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ كَالْمُسْلِمِينَ. جَازَ إلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ، وَذَلِكَ إمَّا ثَلَاثَةٌ أَوْ اثْنَانِ عَلَى الْخِلَافِ.
قَالَهُ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ كَذَا رَأَيْته فِي كِتَابِهِ فِي نُسْخَةٍ قَدِيمَةٍ وَاعْتَمَدَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الْعُدَّةِ " أَيْضًا فَاضْبِطْ ذَلِكَ فَقَدْ زَالَ النَّاقِلُونَ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَنَقَلَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ " عَنْهُ جَوَازَ الرَّدِّ إلَى الْوَاحِدِ مُطْلَقًا وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي " شَرْحِ الْكِفَايَةِ " وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ " عَنْهُ جَوَازَ الرَّدِّ إلَى ثَلَاثَةٍ وَلَا يَجُوزُ إلَى مَا دُونَهَا إلَّا بِمَا يَجُوزُ بِهِ النَّسْخُ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّ " مَنْ، وَمَا " مَحَلُّ وِفَاقٍ فَإِنَّهُ قَالَ لَنَا إنَّ كُلَّ مَا جَازَ تَخْصِيصُهُ إلَى ثَلَاثَةٍ جَازَ تَخْصِيصُهُ إلَى مَا دُونَهَا " كَمَنْ وَمَا " انْتَهَى وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ فَقَالَ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ التَّخْصِيصِ إلَى وَاحِدٍ فِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الصِّيغَةُ جَمْعًا " كَمَنْ، وَمَا، وَالْمُفْرَدُ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ ".
وَحَكَى الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْهُ أَنَّهُ أَلْحَقَ أَسْمَاءَ الْأَجْنَاسِ كَالسَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ، بِالْجَمْعِ الْمَعْرُوفِ فِي امْتِنَاعِ رَدِّهِ إلَى الْوَاحِدِ كَذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ أَنَّ أَلْفَاظَ الْجُمُوعِ مَوْضُوعَةٌ لِلْجَمِيعِ فَفِي التَّخْصِيصِ إلَى الْوَاحِدِ إخْرَاجٌ عَنْ الْمَوْضِعِ وَلَا كَذَلِكَ " مَنْ وَمَا " وَالْمُفْرَدُ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ لِتَنَاوُلِ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ.
قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ " أَيْ "" بِمَنْ، وَمَا " قُلْت وَهُوَ كَذَلِكَ، لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَبِهِ صَرَّحَ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا أَظُنُّ الْقَفَّالَ يَقُولُ بِهِ فِي كُلِّ تَخْصِيصٍ فَإِنَّهُ لَا يُخَالِفُ فِي صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ إلَى الْوَاحِدِ بَلْ الظَّاهِرُ قَصْرُ قَوْلِهِ عَلَى مَا عَدَا الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمُخَصَّصَاتِ بِدَلِيلِ احْتِجَاجِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَلَيْهِ بِقَوْلِ الْقَائِلِ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُمَّ الْخِلَافُ إلَّا لِأَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافٌ مِنْ الْمَنْقُولِ عَنْهُ ثُمَّ قُلْت وَحَكَى أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ الْخِلَافَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ
ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَثْنَى إلَّا أَنْ يَبْقَى أَقَلُّ الْجَمْعِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ إذَا بَقِيَ مِنْهُ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى جَوَازِهِ وَأَنَّهُ يَحِلُّ التَّخْصِيصُ مَحَلَّ الِاسْتِثْنَاءِ، وَقَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَقَلِّ مِنْ الْأَكْثَرِ وَعَكْسِهِ انْتَهَى.
قَالَ صَاحِبُ " الْمَصَادِرِ ": وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَفَّالُ عَجِيبٌ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْبُلُوغُ فِي لَفْظِ " مَنْ " إلَى الْوَاحِدِ أَوْ الِاثْنَيْنِ يَجْعَلُهُ مَجَازًا عِنْدَهُ، فَهَلَّا جَازَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي أَلْفَاظِ الْجَمْعِ،
وَالثَّالِثُ: التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّخْصِيصُ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَالْبَدَلِ فَيَجُوزُ إلَى الْوَاحِدِ، وَإِلَّا فَلَا. حَكَاهُ ابْنُ الْمُطَهَّرِ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَدُّهُ إلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ مُطْلَقًا عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ. حَكَاهُ ابْنُ بَرْهَانٍ وَغَيْرُهُ.
وَالْخَامِسُ: أَنَّهُ يَجُوزُ فِي جَمِيعِ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ مَا بَقِيَ فِي قَضِيَّةِ اللَّفْظِ وَاحِدٌ، وَحَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " التَّلْخِيصِ " عَنْ مُعْظَمِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. قَالَ: وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الشَّافِعِيُّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ " عَنْ سَائِرِ أَصْحَابِنَا مَا عَدَا الْقَفَّالَ وَحَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي أُصُولِهِ عَنْ إجْمَاعِ أَئِمَّتِنَا. وَحَكَاهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الْعُدَّةِ " عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ ": إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَنَسَبَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْإِفَادَةِ " إلَى الْجُمْهُورِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمَصَادِرِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ. قَالَ: إلَّا أَنَّ أَلْفَاظَ الْجَمْعِ كَالرِّجَالِ وَالنَّاسِ، مَتَى بَلَغَ التَّخْصِيصُ مِنْهَا إلَى أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ صَارَ اللَّفْظُ مَجَازًا، بِخِلَافِ لَفْظِ " مَنْ، مَا " فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ مَجَازًا، وَمَا أَظُنُّ أَصْحَابَنَا يُوَافِقُونَ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ وَقَدْ قَالُوا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ: لَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ وَفُلَانَةَ يُقْبَلُ
وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ: يَجِبُ أَنْ لَا يُقْبَلَ لِأَنَّ النِّسَاءَ لَفْظُ الْجَمْعِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى مِنْ عَدَدِ النِّسَاءِ مَا يَكُونُ اللَّفْظُ مُطَابِقًا لَهُ لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ. انْتَهَى. وَكَلَامُ الْقَاضِي مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ الْقَفَّالِ
وَالسَّادِسُ: الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَحْصُولِ ": وَلَا نَعْرِفُهُ لِغَيْرِهِ، أَنَّ التَّخْصِيصَ إنْ كَانَ مُتَّصِلًا، فَإِنْ كَانَ بِالِاسْتِثْنَاءِ أَوْ الْبَدَلِ جَازَ إلَى الْوَاحِدِ، نَحْوُ أَكْرِمْ النَّاسَ إلَّا الْجُهَّالَ، وَأَكْرَمُ النَّاسِ تَمِيمٌ، فَيَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَالِمُ إلَّا وَاحِدًا إنْ كَانَ بِالصِّفَةِ وَالشَّرْطِ فَيَجُوزُ إلَى اثْنَيْنِ نَحْوُ أَكْرَمُ الْقَوْمِ الْفُضَلَاءُ، أَوْ إذَا كَانُوا فُضَلَاءَ. وَإِنْ كَانَ التَّخْصِيصُ بِمُنْفَصِلٍ وَكَانَ فِي الْعَامِّ الْمَحْصُورِ الْقَلِيلِ، كَقَوْلِك: قَتَلْت كُلَّ زِنْدِيقٍ، وَكَانُوا ثَلَاثَةً، وَلَمْ يَبْقَ سِوَى اثْنَيْنِ جَازَ إلَى اثْنَيْنِ. إنْ كَانَ غَيْرَ مَحْصُورٍ أَوْ مَحْصُورًا جَازَ بِشَرْطِ كَوْنِ الْبَاقِي قَرِيبًا مِنْ مَدْلُولِ الْعَامِّ
وَحَاصِلُ مَذْهَبِنَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَسُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ " أَنَّ الْعَامَّ إنْ كَانَ وَاحِدًا مُعَرَّفًا بِاللَّامِ، كَالسَّارِقِ وَنَحْوِهِ جَازَ تَخْصِيصُهُ إلَى أَنْ يَبْقَى وَاحِدٌ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَلِكَ الْأَلْفَاظُ الْمُبْهَمَةُ " كَمَنْ، وَمَا " لَا خِلَافَ فِيهِ، وَفِي مَعْنَاهُ الطَّائِفَةُ، وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ جَمْعًا كَالْمُسْلِمِينَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالرَّهْطِ وَالْقَوْمِ جَازَ تَخْصِيصُهُ إلَى أَنْ يَبْقَى أَقَلَّ الْجَمْعِ، وَفِي جَوَازِ تَخْصِيصِهِ إلَى أَنْ يَبْقَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْمُعْتَزِلَةِ كَمَا قَالَهُ سُلَيْمٌ. الثَّانِي: لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ الْقَفَّالِ انْتَهَى
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ يَجُوزُ التَّخْصِيصُ إلَى أَقَلَّ