الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا " إذْ مَا " فَهِيَ مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وَكُلُّهَا تَدْخُلُ فِي إطْلَاقِهِمْ أَنَّ أَسْمَاءَ الشُّرُوطِ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ، وَلِمَا فِيهَا مِنْ الْإِبْهَامِ وَعَدَمِ الِاخْتِصَاصِ بِوَقْتٍ دُونَ غَيْرِهِ.
وَأَمَّا " أَيُّ حِينٍ " عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ يَصِلُهَا مِنْ أَيِّ الْمُقَدَّمَةِ.
وَأَمَّا " كَمْ " الِاسْتِفْهَامِيَّة لَا الْخَبَرِيَّةُ، فَإِنَّمَا عُدَّتْ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ بِهَا سَائِغٌ فِي جَمِيعِ مَرَاتِبِ الْأَعْدَادِ، لَا يَخْتَصُّ بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ، كَمَا أَنَّ " مَتَى " سَائِغَةٌ فِي جَمِيعِ الْأَزْمَانِ، وَ " أَيْنَ " فِي جَمِيعِ الْأَمَاكِنِ، وَ " مَنْ " فِي جَمِيعِ الْأَجْنَاسِ فَإِذَا قِيلَ: كَمْ مَالُكَ؟ حَسُنَ الْجَوَابُ بِأَيِّ عَدَدٍ شِئْتَ.
[الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ الْأَسْمَاءُ الْمَوْصُولَةُ]
ُ سِوَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ " مَا، وَمَنْ، وَأَيٍّ "، وَهِيَ " الَّذِي، وَاَلَّتِي " وَجُمُوعُهُمَا مِنْ " الَّذِينَ، وَاَللَّاتِي، وَذُو الطَّائِيَّةِ " وَجَمْعُهَا، وَقَدْ بَلَغَ بِذَلِكَ الْقَرَافِيُّ نَيِّفًا وَثَلَاثِينَ صِيغَةً، وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ " الَّذِي " مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْإِفَادَةِ " وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: جَمِيعُ الْأَسْمَاءِ الْمُبْهَمَةِ تَقْتَضِي الْعُمُومَ، وَقَالَ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ:" مَنْ، وَمَا وَأَيُّ، وَمَتَى " وَنَحْوُهَا مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُبْهَمَةِ لَا تُسْتَوْعَبُ بِظَاهِرِهَا، وَإِنَّمَا تُسْتَوْعَبُ بِمَعْنَاهَا عِنْدَ قَوْمٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِبْهَامَ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَقَالَ أَصْحَابُ الْأَشْعَرِيِّ إنَّهُ يَجْرِي فِي بَابِهِ مُجْرَى اسْمٍ مَنْكُورٍ، كَقَوْلِنَا: رَجُلٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا، فَلَا يُصَارُ إلَى أَحَدِهِمَا إلَّا بِدَلِيلٍ. وَالْإِبْهَامُ لَا يَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ، بَلْ يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ. انْتَهَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَائِلَ: بِأَنَّ " مَنْ، وَمَا " إذَا كَانَتَا مَوْصُولَتَيْنِ لَا تَعُمَّانِ، يَقُولُ بِأَنَّ " الَّذِي وَاَلَّتِي " وَفُرُوعَهُمَا لَيْسَتْ لِلْعُمُومِ.
أَمَّا الْحُرُوفُ الْمُوصَلَةُ فَلَيْسَتْ لِلْعُمُومِ اتِّفَاقًا.
وَإِنَّمَا يَكُونُ " الَّذِي " إذَا كَانَتْ جِنْسِيَّةً، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} [البقرة: 4]{إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: 101]{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى} [النساء: 10] وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعُمُومَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُسْتَفَادٌ مِنْ الصِّيغَةِ. أَمَّا الْعَهْدِيَّةُ فَلَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ} [غافر: 30]{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] أَوْ نَحْوِهِ.
وَعَدَّ الْحَنَفِيَّةُ مِنْ الصِّيَغِ الْأَلِفَ وَاللَّامَ الْمَوْصُولَةَ الدَّاخِلَةَ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، فَلَوْ قَالَ لِعَبِيدِهِ: الضَّارِبُ مِنْكُمْ زَيْدًا حُرٌّ، وَلِنِسَائِهِ: الدَّاخِلَةُ مِنْكُنَّ الدَّارَ طَالِقٌ، عَتَقَ الْجَمِيعُ وَطُلِّقَ الْكُلُّ؛ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ بِمَعْنَى الَّذِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ إنَّهَا اسْمٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْعَلَ لِمَا فِي الصِّفَةِ مِنْ الْجِنْسِيَّةِ وَتَكُونُ مُشْعِرَةً بِذَلِكَ وَمَنَعَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا عُمُومَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ الْمَوْصُولَةِ، قَالَ: لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ دَاخِلَةٌ فِي الْمُوصَلَاتِ، فَلَهُ حُكْمُ الْعُمُومِ لِجَمِيعِ أَحْوَالِهِ، وَخَرَجَ مِنْ هَذَا أَنَّ اسْتِدْلَالَ الْأُصُولِيِّينَ فِي إثْبَاتِ الْعُمُومِ مِنْ الْمُشْتَقَّاتِ الْمُعَرَّفَةِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، مِثْلُ:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5]{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: 2]{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: 38] ، لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ نَظَرٌ، لِمَا قَدَّمْنَا.