الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَوَائِدُ
الْكَلَامُ الْمُطْلَقُ إذَا نُوِيَ بِهِ مُقَيَّدٌ، كَالْكَلَامِ فِي الْعَامِّ إذَا نُوِيَ بِهِ الْخَاصُّ، وَقَدْ رَدَّهُ الْقَرَافِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَى الْمُطْلَقِ بِنَاءً عَلَى قَاعِدَتِهِ أَنَّ الْعَامَّ فِي الْأَشْخَاصِ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ وَالْأَزْمَانِ وَالْأَمْكِنَةِ. قَالَ: فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مَعَ الْحَنَفِيَّةِ فِي أَنَّ تَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ هَلْ يَجُوزُ فِي غَيْرِ الْمَلْفُوظِ أَيْ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْتِزَامًا أَمْ لَا؟ وَقَدْ سَبَقَ رَدُّ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ.
[مَسْأَلَةٌ إفَادَةُ الْمَصْدَرِ الْعُمُومَ]
قِيلَ: إنَّ مُجَرَّدَ الْمَصْدَرِ يَدُلُّ عَلَى اسْتِيعَابِ الْأَفْرَادِ، وَحَكَاهُ فِي " الْمَحْصُولِ " فِي الْكَلَامِ عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ غَالِبٌ فِي اللُّغَاتِ عَنْ ابْنِ جِنِّي وَهُوَ بَعِيدٌ؛ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ مُسْتَغْرِقٌ بِاعْتِبَارِ الصَّلَاحِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْجَمْعِ الْمُنْكَرِ.
وَزَعَمَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يُشْعِرُ بِعُمُومٍ وَلَا خُصُوصٍ، قَالَ: مَنْ قَالَ إنَّهُ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فَقَدْ زَلَّ، لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْفِعْلِ عَلَى رَأْيٍ، أَوْ الْفِعْلُ مِنْهُ عَلَى آخَرَ، وَيَسْتَحِيلُ تَخَيُّلُ الْعُمُومِ فِي الْفِعْلِ، وَلَوْ اقْتَرَنَتْ بِهِ قَرِينَةُ عُمُومٍ، فَالْعُمُومُ مِنْهَا لَا مِنْهُ، كَمَا لَوْ اقْتَرَنَتْ بِالْفِعْلِ، وَأَوْرَدَ أَنَّ وَصْفَهُ بِالْكَثْرَةِ نَحْوُ ضَرْبًا كَثِيرًا يَقْتَضِي أَنَّهَا أَحَدُ مَحْمَلَيْهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ، وَالْمَوْصُوفُ لَا يُشْعِرُ بِالصِّفَةِ.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: أَمَّا كَوْنُهُ غَيْرَ مُشْعِرٍ بِالْجَمْعِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ صَالِحًا لِلْإِشْعَارِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ.
وَاخْتَارَ الْإِمَامُ أَنَّهُ غَيْرُ مُشْعِرٍ بِوَاحِدٍ أَوْ جَمْعٍ، وَتَمَسَّكَ بِاعْتِذَارِ سِيبَوَيْهِ عَنْ قَوْلِهِمْ: ضَرَبْته ضَرْبًا كَثِيرًا، نَعْتٌ لِلضَّرْبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي الضَّرْبِ التَّعَدُّدُ، وَالْمَنْعُوتُ لَا يُشْعِرُ بِنَعْتِهِ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِمْ: رَأَيْت رَجُلًا عَالِمًا، فَإِنَّ لَفْظَةَ " رَجُلٍ " لَا تُشْعِرُ بِعَالَمٍ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ خَرُوفٍ ذَلِكَ. وَقَالَ: هَذَا لَمْ يَقُلْهُ سِيبَوَيْهِ، وَلَا هُوَ مَذْهَبُهُ.
قُلْت: وَقَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ مِنْ أَصْحَابِنَا: إذَا قُلْت: أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ، فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا إلَّا طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يَزِيدُ بِهِ الْكَلَامُ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ لِلتَّأْكِيدِ، كَقَوْلِهِ: ضَرَبْت زَيْدًا ضَرْبًا، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ فَيَقَعُ مَا نَوَاهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَأْتِ بِالْمَصْدَرِ. انْتَهَى. تَنْبِيهٌ [إفَادَةُ الْأَفْعَالِ الْوَاقِعَةِ صِلَةً لِمَوْصُولٍ حَرْفِيٍّ الْعُمُومَ]
مَا أَطْلَقُوهُ مِنْ أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِغْرَاقِهِ فِي حَيِّزِ الْإِثْبَاتِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ نَكِرَةٌ، وَقَدْ نَقَلَ الزَّجَّاجِيُّ فِي الْإِيضَاحِ إجْمَاعَ النَّحْوِيِّينَ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ نَكِرَاتٌ، وَلِهَذَا امْتَنَعَ الْإِضَافَةُ إلَيْهَا لِانْتِفَاءِ فَائِدَةِ الْإِضَافَةِ. وَلْيُتَفَطَّنَ لِفَائِدَةٍ حَسَنَةٍ، وَهِيَ إنَّمَا هَذَا فِي غَيْرِ الْأَفْعَالِ الْوَاقِعَةِ جُمْلَةً لِمَوْصُولٍ حَرْفِيٍّ، أَمَّا الْمَذْكُورَاتُ فَإِنَّهَا لِلْعُمُومِ، لِأَنَّك إذَا قُلْت أَعْجَبَنِي أَنْ قَامَ زَيْدٌ، فَمَعْنَاهُ قِيَامُهُ فَهُوَ اسْمٌ فِي الْمَعْنَى فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِ اسْمِ الْجِنْسِ الْمُضَافِ، وَهَذَا يَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ النَّحْوِيِّينَ وَالْبَيَانِيِّينَ.