الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ أَزْوَاجِكُمْ فَكَيْفَ تَرَوْنَ أُمَّهَاتِ أَزْوَاجِنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ؟ وَفِي هَذَا بَيَانُ أَنَّ قَوْلَهُ: {مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] وَصْفٌ لِلرَّبِيبَةِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يُقَالَ: هَذِهِ رَبِيبَةٌ لِامْرَأَةٍ لِي، قَدْ دَخَلْتُ بِهَا، وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُقَالَ: هَذِهِ أُمُّ امْرَأَتِي مِنْ امْرَأَةٍ لَمْ أَدْخُلْ بِهَا، وَلِهَذَا بَطَلَ رُجُوعُهُ إلَى الْأُولَى. وَإِنَّمَا يَرْجِعُ الِاسْتِثْنَاءُ وَالشَّرْطُ إلَى جَمِيعِ مَا سَبَقَ إذَا صَلُحَ أَنْ يُذْكَرَ مَقْرُونًا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا سَبَقَ. انْتَهَى كَلَامُ الْقَفَّالِ.
وَشَرَطَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ لِلْعَوْدِ إلَى الْجَمِيعِ مَا سَبَقَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ. فَقَالَ: إذَا كَانَ الْخِطَابُ عَلَى جُمَلٍ مِنْهَا مُسْتَقِلٍّ، وَلَوْ نِيطَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا بِشَرْطٍ لَمْ يَقْتَضِ تَعَلُّقُهُ بِالْكُلِّ، وَكَذَا إذَا تَوَالَتْ أَلْفَاظٌ عَامَّةٌ يَثْبُتُ الْمُخَصِّصُ فِي بَعْضِهَا لَمْ يُوجِبْ التَّخْصِيصَ فِيمَا عَدَاهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] الْآيَةَ. وَاخْتَارَ الرَّازِيَّ التَّوَقُّفَ هُنَا، وَلَا بُعْدَ فِي تَوَقُّفِ الْقَاضِي فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، وَتَكَلُّفُ الْفَرْقِ بَيْنَهَا ضَعِيفٌ.
[حُكْمُ الشَّرْطِ إذَا تَقَدَّمَ عَلَى الْمَعْطُوفِ]
تَنْبِيهَاتٌ [حُكْمُ الشَّرْطِ إذَا تَقَدَّمَ عَلَى الْمَعْطُوفِ]
الْأَوَّلُ: هَذَا إذَا تَأَخَّرَ الشَّرْطُ فَإِنْ تَقَدَّمَ قَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ: اخْتَصَّ بِمَا يَلِيهِ عِنْدَ مَنْ خَصَّهُ بِجُمْلَةٍ. قُلْت: وَصَرَّحَ الصَّيْرَفِيُّ بِأَنَّ الْحُكْمَ فِي تَقَدُّمِ الشَّرْطِ عَلَى الْمَعْطُوفَاتِ كَحُكْمِهِ إذَا تَأَخَّرَ فِي الْعَدَدِ إلَى الْكُلِّ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ، وَمَالِي
صَدَقَةٌ، وَقَصْدُ الشَّرْطِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْجَمِيعِ. وَصَرَّحَ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ بِأَنَّهُ إذَا قُدِّرَ لِلْعُمُومِ شَرْطٌ مُتَقَدِّمٌ أَوْ مُتَأَخِّرٌ اقْتَضَى تَخْصِيصَ الْمَشْرُوطِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ السُّهَيْلِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِ أَدَبِ الْجَدَلِ ": مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ عَوْدُ الشَّرْطِ إلَى الْجَمِيعِ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الشَّرْطُ الْجُمَلَ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ إنْ كَانَ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ رَجَعَ إلَى جَمِيعِ مَا يُذْكَرُ عَقِبَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي آخِرِهِ رَجَعَ إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى رُجُوعِهِ إلَى الْجَمِيعِ أَوْ إلَى أَبْعَدِ مَذْكُورٍ. انْتَهَى. وَهَذَا التَّفْصِيلُ غَرِيبٌ.
وَجَعَلَ شَارِحُ اللُّمَعِ " الْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى رُجُوعِهِ إلَى الْجَمِيعِ أَوْ الْبَعْضِ، " فَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى الْجَمِيعِ تَعَيَّنَ قَطْعًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَكَفَّارَتُهُ} [المائدة: 89] الْآيَةَ فَإِنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَرْجِعُ إلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ بِلَا خِلَافٍ. وَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى رُجُوعِهِ إلَى جُمْلَةٍ مِنْهَا رَجَعَ إلَيْهَا كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ إلَى الطَّلَاقِ لَا إلَى الزِّنَا، لِأَنَّهُ صِفَةٌ، فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ.
[إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ مَنْطُوقًا بِهِ فَهَلْ يَعُودُ إلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ]
الثَّانِي: هَذَا إذَا كَانَ الشَّرْطُ مَنْطُوقًا بِهِ، فَلَوْ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ؛ وَلَكِنْ دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ مِنْ خَارِجٍ فِي بَعْضِ الْمَذْكُورَاتِ، فَهَلْ يَكُونُ كَالْمَنْطُوقِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَرِيبَةٌ لَمْ أَرَهَا إلَّا فِي تَعْلِيقِ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ فِي بَابِ قَسْمِ الْفَيْءِ. إنَّ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى