الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَأَكْرِمْ زَيْدًا إنْ اسْتَطَعْت، أَوَّلًا كَأَكْرِمْهُ إنْ قَامَ. ثُمَّ قَدْ يُوجَدُ دَفْعَةً كَالتَّعْلِيقِ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ، فَالْحُكْمُ عِنْدَ أَوَّلِ وُجُودِهِ. وَقَدْ يُوجَدُ عَلَى التَّعَاقُبِ كَالْحَرَكَةِ وَالْكَلَامِ؛ فَعِنْدَ آخِرِ جُزْءٍ، إذْ الْعُرْفُ بِوُجُودِهِ حِينَئِذٍ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، كَالطَّهَارَةِ لِمَنْ نَوَى وَهُوَ مُنْغَمِسٌ فِي الْمَاءِ، وَلِمَنْ تَوَضَّأَ نَاوِيًا، وَقُلْنَا بِتَفْرِيقِ الِارْتِفَاعِ، فَالْحُكْمُ عِنْدَ وُجُودِ دَفْعَةٍ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يُعَدَّ وُجُودُهُ حَقِيقَةً، وَلَا تَحَقُّقَ لِوُجُودِهِ إلَّا كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْقِسْمِ الثَّانِي
[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ الشَّرْطُ وَالْمَشْرُوطُ قَدْ يَتَّحِدَانِ]
[الْمَسْأَلَةُ] الْخَامِسَةُ: الشَّرْطُ وَالْمَشْرُوطُ قَدْ يَتَّحِدَانِ، نَحْوُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَدْ يَتَعَدَّدُ الشَّرْطُ، وَيَتَّحِدُ الْمَشْرُوطُ، بِأَنْ يَكُونَ لِلْمَشْرُوطِ الْوَاحِدِ شَرْطَانِ، فَإِنْ كَانَا عَلَى الْجَمْعِ لَمْ يَحْصُلْ الْمَشْرُوطُ إلَّا بِحُصُولِهِمَا مَعًا، كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ، وَكَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَإِنْ كَانَ عَلَى الْبَدَلِ حَصَلَ الْمَشْرُوطُ بِحُصُولِ أَحَدِهِمَا، كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ، أَوْ كَلَّمْت [زَيْدًا] فَأَنْتِ طَالِقٌ.
قَالَ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ وَمَتَى زِيدَ فِي شَرْطِهِ زِيدَ فِي تَخْصِيصِهِ لَا مَحَالَةَ، فَإِنَّهُ يَحُطُّهُ فِي كُلِّ دَفْعَةٍ عَنْ رُتْبَةِ الْإِطْلَاقِ. قَالَ: وَيَنْشَأُ مِنْ جَوَازِ مَشْرُوطٍ لِمَشْرُوطٍ أَنْ لَا يُشْعِرَ انْتِفَاءُ الشَّرْطِ بِانْعِكَاسِ حُكْمِ الْمَشْرُوطِ إلَّا فِي الْعُمُومِ وَقَدْ يَتَعَدَّدُ الْمَشْرُوطُ، وَيَتَّحِدُ الشَّرْطُ بِأَنْ يَكُونَ لِلشَّرْطِ الْوَاحِدِ مَشْرُوطَاتٌ، فَإِمَّا عَلَى الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ: إنْ زَنَيْت جَلَدْتُك، وَعَزَّرْتُك، فَإِذَا حَصَلَ الزِّنَى حَصَلَ اسْتِحْقَاقُ الْأَمْرَيْنِ. وَإِمَّا عَلَى الْبَدَلِ، كَقَوْلِهِ جَلَدْتُك أَوْ عَزَّرْتُك، وَالْمُحَقَّقُ أَحَدُهُمَا.
[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ تَأْخِيرُ الشَّرْطِ عَنْ الْمَشْرُوطِ فِي اللَّفْظِ]
[الْمَسْأَلَةُ] السَّادِسَةُ: لَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّرْطِ أَنْ يَكُونَ مُتَأَخِّرًا عَنْ
الْمَشْرُوطِ فِي اللَّفْظِ، حَتَّى يَكُونَ كَالِاسْتِثْنَاءِ؛ بَلْ الْأَصْلُ تَقْدِيمُهُ، لِأَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ فِي الْوُجُودِ، وَلِأَنَّهُ قِسْمٌ مِنْ الْكَلَامِ، فَكَانَ لَهُ الصَّدْرُ كَالِاسْتِفْهَامِ وَالتَّمَنِّي. وَيَجُوزُ تَأَخُّرُهُ لَفْظًا، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ.
قَالَ فِي " الْمَحْصُولِ ": وَلَا نِزَاعَ فِي جَوَازِ تَقْدِيمِهِ، وَتَأْخِيرِهِ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْأَوْلَى، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَحْرَى هُوَ التَّقْدِيمُ، خِلَافًا لِلْفَرَّاءِ
قُلْت: قَوْلُهُ لَا نِزَاعَ فِي تَقْدِيمِهِ وَتَأْخِيرِهِ مَرْدُودٌ، فَمَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّ الشَّرْطَ لَهُ صَدْرُ الْكَلَامِ كَالِاسْتِفْهَامِ، فَلَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ الْجَوَابُ. فَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ شُبِّهَ بِالْجَوَابِ، وَلَيْسَ بِجَوَابٍ. وَجَوَّزَهُ الْكُوفِيُّونَ، فَنَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، تَقْدِيرُهُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلَا تَقْدِيرَ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ؛ بَلْ هُوَ جَوَابٌ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ، وَرَدٍّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا افْتَرَقَ الْمَعْنَيَانِ، وَهُمَا مُفْتَرِقَانِ. فَفِي التَّقْدِيمِ مَبْنَى الْكَلَامِ عَلَى الْجَزْمِ، ثُمَّ طَرَأَ التَّوَقُّفُ، وَفِي التَّأْخِيرِ مَبْنَى الْكَلَامِ مِنْ أَوَّلِهِ عَلَى الشَّرْطِ. وَبِهَذَا يَظْهَرُ قَوْلُ الْإِمَامِ: إنَّ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ الشَّرْطِ. وَمَا حَكَاهُ عَنْ الْفَرَّاءِ غَرِيبٌ. وَقَالَ الصَّفِيُّ: فِي صِحَّةِ النَّقْلِ نَظَرٌ وَإِنْ صَحَّ النَّقْلُ فَضَعْفُهُ بَيِّنٌ
وَقَالَ " شَارِحُ اللُّمَعِ ": يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ الشَّرْطُ فِي اللَّفْظِ، كَمَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ، قِيَاسًا عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ.
قَالَ: وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَقْصِدَ إلَى الشَّرْطِ. فَإِنْ جَاءَ بِهِ عَلَى جِهَةِ الْعَادَةِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَفِي الْوَقْتِ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَصْدُ وَجْهَانِ