الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبْرِدُوا الْحُمَّى بِالْمَاءِ) مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْحُمَّيَاتِ لَا يَقْتَضِي الطِّبُّ تَسْوِيغَ ذَلِكَ، وَحَمَلُوهُ عَلَى مَا يَقْتَضِي الْحَالَ اللَّائِقَ بِذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْحُمَّيَات، وَقَوْلُهُ إنَّ التَّطْبِيبَ مِنْ بَابِ الْمُبَاحِ مَمْنُوعٌ.
[الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ دُخُولُ الْمُخَاطِبِ فِي عُمُومِ خِطَابِهِ]
اخْتَلَفُوا فِي دُخُولِ الْمُخَاطِبِ بِكَسْرِ الطَّاءِ فِي عُمُومِ خِطَابِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا، حَكَاهُمَا الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ.
أَحَدُهُمَا: قَالَ: وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْمُخَالِفِينَ إنَّهُ يُتَنَاوَلُ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ عُمُومِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ يُوجِبُ تَخْصِيصَهُ.
وَالثَّانِي: قَالَ: وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا إنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ: وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا وَرَدَ مِنْهُ عليه السلام لَفْظٌ عَامٌّ فِي إيجَابِ حُكْمٍ أَوْ حَظْرِهِ أَوْ إبَاحَتِهِ: هَلْ يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى دُخُولِهِ فِيهِ أَمْ لَا؟ وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إذَا أَمَرَ النَّبِيُّ عليه السلام أُمَّتَهُ بِأَمْرٍ لَمْ يَدْخُلْ
هُوَ فِي الْأَوَامِرِ خِلَافًا لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا، كَذَا قَالَ سُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ ": إذَا أَمَرَ عليه السلام بِأَمْرٍ لَمْ يَدْخُلْ فِي حُكْمِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي اللَّفْظِ مَا يَقْتَضِيهِ، كَقَوْلِهِ: افْعَلُوا كَذَا فَإِنَّكُمْ مُكَلَّفُونَ، وَقِيلَ يَدْخُلُ مُطْلَقًا، وَكَذَا قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ ": ذَهَبَ مُعْظَمُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ الْآمِرَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْخِطَابِ، وَنَقَلَ عَبْدُ الْجَبَّارِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ دُخُولَهُ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ ": الْمَسْأَلَةُ مُصَوَّرَةٌ فِيهِ عليه السلام إذَا كَانَ آمِرًا، وَعَامَّةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ، فَأَمَّا الْأَمْرُ الْوَارِدُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِذِكْرِ النَّاسِ، فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ. هَكَذَا قَالَ، وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِيهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَذْهَبَنَا عَدَمُ الدُّخُولِ، وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي " الرَّوْضَةِ " فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا. وَقَدْ رَأَيْت مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِنَقْلِ " الْمَحْصُولِ " عَنْ الْأَكْثَرِينَ الدُّخُولَ، وَقَدْ عَجِبْت مِنْ نَقْلِ هَؤُلَاءِ الْفُحُولِ، لِأَنَّهُمْ إنَّمَا تَعَرَّضُوا لِلْأَمْرِ، لَا لِلْخَبَرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ، وَقَدْ سَوَّى صَاحِبُ " الْمَحْصُولِ " بَيْنَهُمَا فِي النَّقْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ فِي " الْمَنْخُولِ " حَيْثُ قَالَ بِهِمَا، ثُمَّ قَالَ: وَالْمُخْتَارُ الِانْدِرَاجُ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ فِي أُصُولِهِ "
قَالَ: صَاحِبُ الْمَحْصُولِ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَوْنُهُ أَمْرًا قَرِينَةً مُخَصَّصَةً، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَأَدْخَلَهُ فِي الْخَبَرِ لَا الْأَمْرِ. قَالَ صَاحِبُ الْحَاصِلِ ": وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَعَلَى هَذَا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَقْلِ الْجُمْهُورِ.
وَفَصَّلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، فَقَالَ: اللَّفْظُ يَتَنَاوَلُهُ نَفْسَهُ، وَلَكِنَّهُ خَارِجٌ عَنْهُ عَادَةً، وَقَالَ إلْكِيَا الْهِرَّاسِيُّ: الْقَوْلُ الْمُوجَزُ فِيهِ أَنَّ مُوجِبَ الْخِلَافِ