الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ السِّيرَافِيُّ: زَعَمَ النَّحْوِيُّونَ أَنَّهُ فِي حُكْمِ تَنْحِيَةِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْمُبْدَلُ مِنْهُ، وَلَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إلْغَاءَهُ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُمْ أَنَّ الْبَدَلَ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، وَلَيْسَ تَبْيِينًا لِلْأَوَّلِ كَتَبْيِينِ النَّعْتِ الَّذِي هُوَ تَمَامُ الْمَنْعُوتِ، وَهُوَ مَعَهُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَحْسُنُ عَدْلُ الْبَدَلِ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي قَوْلِنَا: أَكَلْت الرَّغِيفَ ثُلُثَهُ، يُشْبِهُ الْعَامَّ الْمُرَادَ بِهِ الْخُصُوصُ، لَا الْعَامَّ الْمَخْصُوصَ. تَنْبِيهَانِ
الْأَوَّلُ: إذَا جَعَلْنَاهُ مِنْ الْمُخَصِّصَاتِ فَلَا يَجِيءُ فِيهِ خِلَافُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْأَكْثَرِ؛ بَلْ سَوَاءٌ قَلَّ ذَلِكَ الْبَعْضُ أَوْ سَاوَاهُ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ، كَأَكَلْتُ الرَّغِيفَ ثُلُثَهُ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَيْهِ.
الثَّانِي: يُلْتَحَقُ بِبَدَلِ الْبَعْضِ ذَلِكَ بَدَلُ الِاشْتِمَالِ، لِأَنَّ فِي كِلَيْهِمَا بَيَانًا وَتَخْصِيصًا لِلْمُبْدَلِ مِنْهُ.
[التَّخْصِيصُ بِالْحَالِ]
هُوَ فِي الْمَعْنَى كَالصِّفَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ أَنَّهُ إذَا تَعَقَّبَ جُمَلًا عَادَ إلَى الْجَمِيعِ بِالِاتِّفَاقِ، وَنَحْوُ أَكْرِمْ رَبِيعَةَ، وَأَعْطِ مُضَرَ، نَازِلِينَ بِك. لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْمَحْصُولِ " بِأَنَّا نَخُصُّهُ بِالْأَخِيرَةِ عَلَى قَاعِدَةِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
[التَّخْصِيصُ بِالظَّرْفَيْنِ وَالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ]
ِ نَحْوُ أَكْرِمْ زَيْدًا الْيَوْمَ، أَوْ فِي مَكَانِ كَذَا، وَلَوْ تَعَقَّبَ جُمَلًا، فَظَاهِرُ
كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ الِاتِّفَاقُ عَلَى رُجُوعِهِ إلَى الْجَمِيعِ. وَصَرَّحَ فِي الْمَحْصُولِ " فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ بِأَنَّا نَخُصُّهُ بِالْأَخِيرَةِ، أَمَّا لَوْ تَوَسَّطَ فَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مَسْأَلَةِ:«لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» أَنَّ قَوْلَنَا: ضَرَبْت زَيْدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعَمْرًا، مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يُقَيِّدُونَ بِهِ الثَّانِي أَيْضًا.
وَقَالَ أَبُو الْبَرَكَاتِ بْنُ تَيْمِيَّةَ: فَأَمَّا الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مِثْلُ أَنْ تَذْكُرَ جُمَلًا، ثُمَّ تَقُولَ: عَلَى أَنَّهُ أَوْ بِشَرْطِ أَنَّهُ، يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْجَمِيعِ قَوْلًا وَاحِدًا، لِتَعَلُّقِهِ بِالْكَلَامِ لَا بِالِاسْمِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ اللَّفْظِيِّ. التَّمْيِيزُ
نَحْوُ لَهُ عِنْدِي مِلْءُ هَذَا ذَهَبًا. وَإِنْ تَعَقَّبَ جُمَلًا، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ عَوْدُهُ إلَى الْجَمِيعِ بِالِاتِّفَاقِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي الْحَالِ، وَيَشْهَدُ لِلْخِلَافِ عِنْدَنَا مَا لَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا، فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَفِي قَوْلٍ دِرْهَمٌ وَشَيْءٌ وَالْأَوَّلُ: ظَاهِرٌ فِي الْعَوْدِ إلَى الْجَمِيعِ وَالثَّانِي: ظَاهِرٌ فِي اخْتِصَاصِهِ بِالْأَخِيرَةِ. وَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، هَلْ قَوْلُهُ: دِرْهَمًا، تَفْسِيرٌ لِمَا يَلِيهِ مِنْ الْجُمْلَتَيْنِ، أَوْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْجُمْلَتَيْنِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَحَكَاهُمَا الشَّاشِيُّ فِي " الْحِلْيَةِ " وَنُسِبَ الْأَوَّلُ لِلْإِصْطَخْرِيِّ وَابْنِ خَيْرَانَ. وَالثَّانِي: لِلْجُمْهُورِ. وَبَنَى عَلَيْهِمَا مَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا. فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ، وَعَلَى الثَّانِي يَصِحُّ.