الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفريع أبواب الوتر
1 - باب اسْتِحْبابِ الوِتْرِ
1416 -
حَدَّثَنا إِبْراهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنا عِيسَى، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحاقَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يا أَهْلَ القُرْآنِ أَوْتِرُوا فَإِنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ"(1).
1417 -
حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا أَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ، عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَعْناهُ، زادَ: فَقَالَ أَعْرابِيٌّ: ما تَقُولُ؟ فَقَالَ: "لَيْسَ لَكَ وَلا لأَصْحَابِكَ"(2).
(1) رواه الترمذي (453)، والنسائي 3/ 228، وابن ماجه (1169)، وأحمد 1/ 110.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1274).
(2)
رواه ابن ماجه (1170).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1275).
1418 -
حَدَّثَنا أَبُو الوَلِيدِ الطَّيالِسِيُّ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ - المَعْنَى - قالا: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ راشِدٍ الزَّوْفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُرَّةَ الزَّوْفِيِّ، عَنْ خارِجَةَ بْنِ حُذافَةَ - قَالَ أَبُو الوَلِيدِ العَدَوِيُّ - قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ عز وجل قَدْ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ وَهِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ وَهِيَ الوِتْرُ فَجَعَلَها لَكُمْ فِيما بَيْنَ العِشاءِ إِلَى طُلُوعِ الفَجْرِ"(1).
* * *
باب تفريع أبواب الوتر واستحباب الوتر
[1416]
(ثنا إبراهيم بن موسى) الرازي الفراء الحافظ (ثنا عيسى) بن يونس (عن زكريا) بن [أبي زائدة](2). (عن أبي إسحاق) السبيعي (عن عاصم) بن ضمرة السلولي الكوفي، وقال ابن المديني وغيره: ثقة (3).
(عن علي قال: قال رسول الله] (4): يا أهل القرآن) قوله: (أوتروا) قد يستدل به أبو حنيفة (5) وغيره على أن الوتر واجب لكونه مأمورًا (6) به (7)، لكن سيأتي بعده ما يرده، وخص الأمر بالوتر بأهل القرآن مع أن كل أحد مأمور به [يدل على أن الوتر ليس بواجب، ولو كان واجبًا لكان عامًّا، وأهل القرآن في عرف الناس هم القراء الحفاظ دون العوام](8)؛ أن
(1) رواه الترمذي (452)، وابن ماجه (1168)، والدارمي (1617). وقال الألباني في "الإرواء" (423): صحيح دون قوله: "هي خير لكم من حمر النعم".
(2)
في (ر): إسحاق المكي. وما أثبتناه هو الصواب.
(3)
انظر: "الجرح والتعديل" 6/ 345.
(4)
هنا ينتهي السقط من (م) المشار إليه آنفًا.
(5)
انظر: "المبسوط" 1/ 309.
(6)
في النسخ الخطية: مأمور. والجادة ما أثبتناه.
(7)
سقط من (ر).
(8)
ساقط من (م).
أهل القرآن هم أحق به من غيرهم، وأولى بالاعتناء به إذا قاموا بالقرآن في قيام الليل أن يجعلوه آخر صلاتهم كما في الحديث:"اجعلوا آخر صلاتكم وترًا"(1)(2).
(فإن الله وتر) فإن الباري تبارك وتعالى واحد في ذاته لا يقبل الانقسام ولا التجزئة، واحد في صفاته وفي بعضها، ولكن لا شبيه له ولا مثل، واحد في أفعاله لا شريك له ولا معين ولا فاعل معه.
(يحب الوتر) معناه [أنه سبحانه](3) فضل الوتر في العدد (4) على الشفع وفي أسمائه ليكون [أدل على معنى الوحدانية](5)، [وقيل: يحتمل أن يكون معناه منصرفًا إلى صفة من يعبد الله تعالى بالوحدانية] (6) والتفرد على سبيل الإخلاص لا يشرك بعبادة ربه (7) أحدًا، ويحتمل أن يكون معناه أنه يأمر بالوتر ويفضل إعمال (8) الوتر في الأعمال وفي (9) كثير من الطاعات كالصلاة (10) وأعداد الطهارات وأكفان الميت وخلق كثير من المخلوقات على عدد الوتر من السماوات والأرض وغيرهما كسِرٍّ (11) من أسرار غيبه في ذلك (12).
(1) أخرجه البخاري (472)، ومسلم (751)(150).
(2)
زاد في (ر): قوله: يجب الوتر ذكرت أوله قال: الوتر ليس بحتم كصلاتكم المكتوبة. ولكن سن رسول الله.
(3)
سقط من (ر).
(4)
في (م): المقدر.
(5)
في (م): أول. . . في صفاته.
(6)
سقط في (ر).
(7)
و (8) سقط من (ر).
(9)
سقط من (ر).
(10)
في (ر): الصلوات.
(11)
سقط من (ر).
(12)
من قوله: (يحب الوتر) إلى هنا جاءت هذِه الفقرة قبل قوله: (يا أهل القرآن).
[1417]
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا أبو (1) حفه) عمر بن عبد الرحمن (الأبار) بفتح الهمزة وتشديد الباء الموحدة نسبة إلى عمل الإبر جمع إبرة وهي التي يخاط بها الثياب، قال أحمد: ما به بأس (2).
(عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة) عامر (3) وهو ابن عبد الله بن مسعود.
[(عن) أبيه (عبد الله) بن مسعود رضي الله عنهما](4) لكن عامر لم يسمع من أبيه فهو منقطع (عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمعناه) و (زاد) فيه (فقال أعرابي) ليس من حفاظ القرآن (ما تقول) يا ابن (5) مسعود [(قال: ليس) هذا الخطاب (لك ولا لأصحابك) الذين لا يقرؤون القرآن ولا يحفظونه، إنما هو مخصوص بأهل القرآن، وهذا مما يدل على أن الوتر](6) ليس بواجب كما تقدم، إذ لو كان واجبًا لكان الخطاب عامًّا كما أن النكاح ليس بواجب؛ لأن الخطاب فيه للشباب (7) في قوله:"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج"(8). ولو كان واجبًا على المستطيع لكان الخطاب عامًّا كما في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (9)، وينبغي أن يعد هذا من
(1) من (ر).
(2)
انظر: "تاريخ بغداد" 11/ 192.
(3)
من (ر).
(4)
سقط من (ر).
(5)
في (م): لابن.
(6)
في (م): ما تقول بأهل القرآن.
(7)
في (م): جاء من الشباب.
(8)
سيأتي تخريجه في باب التحريض على النكاح.
(9)
آل عمران: 97.
القرائن التي صرفت الأمر من الوجوب إلى الندب وهي كثيرة، وقد (1) جمعت من هذِه القرائن عدة كثيرة لكن شغلت بغيرها.
ومما يدل على أن الوتر [غير واجب ما رواه الترمذي، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي قال: الوتر](2) ليس بحتم كصلاتكم المكتوبة، ولكن سن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"إن الله وتر يحب الوتر فأوتروا (3) يا أهل القرآن"(4).
[1418]
(حدثنا [أبو الوليد) هشام بن عبد الملك] (5) [(الطيالسي) نسبةً إلى الطيالسة التي تجعل على العمائم أصله من فارس، سكن البصرة.
(وقتيبة بن سعيد المعنى قالا: حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب] (6)، عن عبد الله بن راشد) الحميري [أبو الضحاك](7) المصري، ذكره ابن حبان في "الثقات"(8)، وهو (الزوفي) بفتح الزاي وسكون الواو بعدها فاء، وهذِه النسبة إلى زوف [قبيلة من حمير](9) بطن من مراد بن عامر، وفي حضرموت زوف بن حسان بن الأسود
(1) سقط من (ر).
(2)
من (ر).
(3)
سقط من النسخ الخطية، وأثبتناها من "سنن الترمذي".
(4)
أخرجه الترمذي (453)، والنسائي في "المجتبى" 3/ 229، وابن ماجه (1169)، وأحمد 1/ 86 من طريق أبي إسحاق به. وقال الترمذي: حديث حسن.
وقال الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"(592).
(5)
في (م): أبو داود سليمان بن داود بن الجارود.
(6)
من (م).
(7)
في (م): الصحابي.
(8)
"الثقات" 7/ 35.
(9)
من (ر).
[قال البخاري: لا يعرف سماع الزوفي من عبد الله بن أبي مرّة، وليس له غير هذا الحديث](1).
(عن عبد الله بن أبي مرة) وقيل: ابن مرة (الزوفي) بالزاي والفاء كما تقدم، المرادي (2)، شهد فتح مصر واختط بها، قال ابن حبان: إسناده منقطع.
وقال الترمذي (عن خارجة بن حذافة قال أبو الوليد) الطيالسي في روايته هو هو (العدوي) قال الترمذي: حديث خارجة بن حذافة غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي حبيب، وقد وهم بعض المحدثين في هذا الحديث فقال: عبد الله بن راشد الروفي (3)، وهو وهم، انتهى. وخارجة بن حذافة من كبار الصحابة، كان أحد فرسان قريش، يقال أنه كان يعدل بألف فارس، وذكر بعض أهل النسب أن عمرو بن العاص كتب إلى عمر بن الخطاب يستمده بثلاثة آلاف فارس، فأمده بخارجة بن حذافة والزبير بن العوام والمقداد بن الأسود، وولي خارجة القضاء بمصر لعمرو بن العاص.
(قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن الله تعالى قد أمدكم) بتشديد الدال أي: زادكم كما في رواية البيهقي (4) وغيره (بصلاة)(5) قال يونس بن حبيب: مد (6) في الشر وأمد في
(1) سقط من (م)، وانظر:"التاريخ الكبير" 5/ 88 (241).
(2)
من (ر).
(3)
في (ر): الزرقي.
(4)
"السنن الكبرى" 2/ 477.
(5)
بياض في (ر).
(6)
في (م): هذا.
الخير، قال الله تعالى:{وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} (1)، وقال تعالى:{وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22)} (2)، وقال الأخفش (3): أمددته [إذا أعطيته](4). وعن الفراء واللحياني: مددت بأموال (5) فيما كانت زيادته من مثله (6). فقال: مد (7) النهر وفي التنزيل {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} (8)، وأمددت فيما كانت زيادته (9) من غيره (10) قال تعالى:{يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ} (11)، والملائكة من غير الإنس، وفي هذا حجة للشافعي أن أمدكم بالألف؛ لأنه من غيره إذ الوتر نافلة والأصل الفرائض الخمس المكتوبات (12)، وفي رواية ابن ماجه (13) والبيهقي (14):"إن الله قد أمركم بصلاة"(15) بتخفيف الراء من الأمر.
(وهي (16) خير لكم) قال بعضهم: قوله: "هي (17) خير لكم" يدل على (18) أن الوتر غير (19) واجبة؛ لأنه قال: "لكم" ولو كانت واجبة
(1) الإسراء: 6.
(2)
الطور: 22.
(3)
بياض في (ر).
(4)
في (م): أي: أعظمته.
(5)
من (ر).
(6)
في (ر): قبله.
(7)
في (ر): من.
(8)
لقمان: 27.
(9)
في (ر): الزيادة.
(10)
انظر "لسان العرب"(مدد).
(11)
آل عمران: 125.
(12)
"المجموع" 4/ 19 بمعناه.
(13)
"سنن ابن ماجه"(1168).
(14)
"سنن البيهقي الكبرى" 2/ 469.
(15)
سقط من (ر).
(16)
في (م): وهو.
(17)
في (م): هو.
(18)
سقط من (م).
(19)
في (م): ليس.
لخرج الكلام مخرج الوجوب والإلزام بقوله: عليكم. ونحوه [وقد روي فيه: "قد زادكم صلاة". ومعنى الزيادة في النوافل وذلك أن نوافل الصلوات شفع لا وتر فيها، فقيل: أمدكم وزادكم صلاة تكرير تصلونها، قيل: على تلك الهيئة وهي الوتر](1).
(من حمر) بسكون الميم جمع أحمر (2) بخلاف المضموم الميم، فإنه جمع حمار، وحمر (النعم) وهي الإبل كرائمها وأنفسها عند العرب؛ إذ أنفس أموالها الإبل، وأنفس الإبل الحمر، وكثر استعمال حمر النعم حتى صارت تضرب مثلًا لكل شيء نفيس، وقد كثر وروده في الحديث (وهي) صلاة (الوتر) وقرأ حمزة والكسائي في قوله تعالى:{وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)} (3) بكسر الواو وهي لغة الحجاز وتميم، وقرأ الباقون بالفتح وهي لغة غيرهم (4).
(فجعلها فيما بين صلاة (5) العشاء إلى طلوع الفجر) هكذا تقديره بين صلاة العشاء وقد بين ذلك في رواية الترمذي وأحمد (6) بلفظ: "الوتر (7) جعله الله لكم بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر"، وروي عن ابن مسعود أنه قال: الوتر ما بين الصلاتين (8). وهذا بيان لوقت الوتر وهو ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر الثاني، فلو أوتر قبل صلاة العشاء لم يصح
(1) من (ر).
(2)
في (م): الحمر.
(3)
الفجر: 3.
(4)
انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص 683.
(5)
من (ر).
(6)
سقط من (م).
(7)
سقط من (ر).
(8)
أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(4604).
وتره، ويؤخذ من الحديث أنه لو جمع المسافر تقديمًا أوتر عقب صلاة العشاء وإن لم [يدخل وقت العشاء، وأما غير الجمع، فلو أوتر قبل العشاء لم](1) يصح وتره، وقال الثوري وأبو حنيفة: إن صلى قبل العشاء ناسيًا لم يعد، وخالفه صاحباه فقالا: يعيد (2)، وكذلك قال مالك (3) والشافعي (4) لرواية الترمذي وغيره.
ووقع في تعليق القاضي أبي (5) الطيب وفي "المقنع" للمحاملي: أن وقته المختار إلى نصف الليل أو ثلثه كالفرض والباقي (6) وقت جواز، وهذا منافٍ لقولهم: يسن (7) جعله آخر الليل. كما في الحديث، وقد علم أن التهجد في النصف الثاني أفضل [من الأول](8) فكيف يكون تأخيره مستحبًّا، فيكون وقته المختار إلى النصف؟ قال شيخنا الشيخ (9) سراج الدين البلقيني: الأقرب حمل ذلك على من (10) لا يريد التهجد، وقيل: إن في هذا الحديث دليلًا (11) على أن الوتر لا يقضى بعد طلوع الفجر.
(1) من (ر).
(2)
"المبسوط" 1/ 302.
(3)
"المدونة" 1/ 213.
(4)
"الحاوي الكبير" 2/ 287.
(5)
في الأصول: أبو. والجادة ما أثبتناه.
(6)
في (ر): الثاني.
(7)
زاد قبلها في (م): أن.
(8)
من (ر).
(9)
من (ر).
(10)
في (م): أمر. والمثبت من (ر).
(11)
في الأصول: دليل. والجادة ما أثبتناه.