المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌5 - باب في زكاة السائمة - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٧

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌[سُجُودُ القُرْآنِ]

- ‌1 - باب تَفْرِيعِ أَبْوابِ السُّجُودِ وَكَمْ سَجْدَةٍ فِي القُرْآنِ

- ‌2 - باب مَنْ لمْ يَرَ السُّجُودَ فِي المُفَصَّلِ

- ‌3 - باب مَنْ رَأى فِيْهَا السُّجُودَ

- ‌4 - باب السُّجُودِ فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و {اقْرَأْ}

- ‌5 - باب السُّجُودِ فِي ص

- ‌6 - باب فِي الرَّجُل يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَهُوَ رَاكِبٌ وَفِي غَيْرِ الصَّلاةِ

- ‌7 - باب ما يَقُولُ إِذَا سَجَدَ

- ‌8 - باب فِيمَنْ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ

- ‌[كِتَابُ الوِّتْر]

- ‌1 - باب اسْتِحْبابِ الوِتْرِ

- ‌2 - باب فِيمَنْ لَمْ يُوتِرْ

- ‌3 - باب كَمِ الوِتْرُ

- ‌4 - باب ما يُقْرَأُ فِي الوِتْرِ

- ‌5 - باب القُنُوتِ فِي الوِتْرِ

- ‌6 - باب فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الوِتْرِ

- ‌7 - باب فِي الوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ

- ‌8 - باب فِي وَقْتِ الوِتْرِ

- ‌9 - باب فِي نَقْضِ الوِتْرِ

- ‌10 - باب القُنُوتِ فِي الصَّلَواتِ

- ‌11 - باب فِي فَضْلِ التَّطَوُّعِ فِي البَيْتِ

- ‌12 - باب

- ‌13 - باب الحَثِّ عَلَى قِيامِ اللَّيْلِ

- ‌14 - باب فِي ثَوابِ قِراءَةِ القُرْآنِ

- ‌15 - باب فاتِحَةِ الكِتابِ

- ‌16 - باب مَنْ قَالَ: هِيَ مِنَ الطُّوَلِ

- ‌17 - باب ما جاءَ فِي آيَةِ الكُرْسِيِّ

- ‌18 - باب فِي سُورَةِ الصَّمَدِ

- ‌19 - باب فِي المُعَوِّذَتَيْنِ

- ‌20 - باب اسْتِحْبابِ التَّرْتِيلِ فِي القِراءَةِ

- ‌21 - باب التَّشْدِيدِ فِيمَنْ حَفِظَ القُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ

- ‌22 - باب أُنْزِلَ القُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ

- ‌23 - باب جماع أبواب الدُّعاءِ

- ‌24 - باب التَّسْبِيحِ بِالحَصَى

- ‌25 - باب ما يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا سَلَّمَ

- ‌26 - باب فِي الاسْتِغْفَارِ

- ‌27 - باب النَّهْي عَنْ أَنْ يَدْعُوَ الإِنْسانَ عَلَى أَهْلِهِ وَمالِهِ

- ‌28 - باب الصَّلَاةِ علَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌29 - باب الدُّعاءِ بِظَهْرِ الغَيْبِ

- ‌30 - باب ما يَقُولُ إِذَا خَافَ قَوْمًا

- ‌31 - باب فِي الاسْتِخَارَةِ

- ‌32 - باب فِي الاسْتِعاذَةِ

- ‌كِتَابُ الزَّكاةِ

- ‌1 - باب وُجُوبِ الزَّكاةِ

- ‌2 - باب ما تَجِبُ فِيهِ الزَّكاةُ

- ‌3 - باب العُرُوضِ إِذا كانَتْ لِلتِّجارَةِ هَلْ فِيها مِنْ زَكاةٍ

- ‌4 - باب الكَنْزِ ما هُوَ؟ وَزَكاةِ الحُلِيِّ

- ‌5 - باب في زَكاةِ السّائِمَةِ

- ‌6 - باب رِضا المُصَدِّقِ

- ‌7 - باب دُعاءِ المُصَدِّقِ لأَهْلِ الصَّدَقَةِ

- ‌8 - باب تَفْسِيرِ أَسْنانِ الإِبِلِ

- ‌9 - باب أَيْنَ تُصَدَّقُ الأَمْوالُ

- ‌10 - باب الرَّجُل يَبْتاعُ صَدَقَتَهُ

- ‌11 - باب صَدقَةِ الرَّقِيقِ

- ‌12 - باب صَدَقَةِ الزَّرْعِ

- ‌13 - باب زَكاةِ العَسَلِ

- ‌14 - باب في خَرْصِ العِنَبِ

- ‌16 - باب مَتَى يُخْرَصُ التَّمْرُ

- ‌17 - باب ما لا يَجُوزُ مِنَ الثَّمَرَةِ في الصَّدَقَةِ

- ‌18 - باب زَكاةِ الفِطْرِ

- ‌19 - باب متَى تُؤَدى

- ‌20 - باب كَمْ يُؤَدى في صَدَقَةِ الفِطْرِ

- ‌21 - باب مَنْ رَوى نِصْفَ صاعٍ مِنْ قَمْحٍ

- ‌22 - باب في تَعْجِيلِ الزَّكاةِ

- ‌23 - باب في الزَّكاةِ هَلْ تُحْمَلُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ

- ‌24 - باب منْ يُعْطَى منَ الصَّدَقَةِ وَحَدِّ الغِنَى

- ‌25 - باب مَنْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ وَهُوَ غَني

- ‌26 - باب كَمْ يُعْطَى الرَّجُلُ الواحِدُ مِنَ الزَّكاةِ

- ‌27 - باب ما تَجُوزُ فِيهِ المَسْأَلَةُ

الفصل: ‌5 - باب في زكاة السائمة

‌5 - باب في زَكاةِ السّائِمَةِ

.

1567 -

حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّادٌ قَالَ: أَخَذْتُ مِنْ ثُمامَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ كِتابًا زَعَمَ أَنَّ أَبا بَكْرٍ كَتَبَهُ لأَنَسٍ وَعَلَيْهِ خاتَمُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا وَكَتَبَهُ لَهُ فَإِذَا فِيهِ: "هذِه فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ التي فَرَضَها رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى المُسْلِمِينَ التي أَمَرَ اللهُ عز وجل بِها نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم فَمَنْ سُئِلَها مِنَ المُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِها فَلْيُعْطِها وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَها فَلا يُعْطِهِ فِيما دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ الغَنَمُ في كُلِّ خَمْسِ ذَوْدٍ شاةٌ. فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيها بِنْتُ مَخاضٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ خَمْسًا وَثَلاثِينَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيها بِنْتُ مَخاضٍ فابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ فَإِذا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلاثِينَ فَفِيها بِنْتُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَإِذا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ فَفِيها حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الفَحْلِ إِلَى سِتِّينَ فَإِذا بَلَغَتْ إِحْدى وَسِتِّينَ فَفِيها جَذَعَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَإِذا بَلَغَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ فَفِيها ابنتا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ فَإِذا بَلَغَتْ إِحْدى وَتِسْعِينَ فَفِيها حِقَّتانِ طَرُوقَتا الفَحْلِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِذا زادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ فَإِذا تَبايَنَ أَسْنانُ الإِبِلِ في فَرائِضِ الصَّدَقاتِ فَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الجَذَعَةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ فَإِنَّها تُقْبَلُ مِنْهُ وَأَنْ يَجْعَلَ مَعَها شاتَيْنِ - إِنِ اسْتَيْسَرَتا لَهُ - أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ حِقَّةٌ وَعِنْدَهُ جَذَعَةٌ فَإِنَّها تُقْبَلُ مِنْهُ وَيُعْطِيهِ المُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شاتَيْنِ وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الحِقَّةِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ حِقَّةٌ وَعِنْدَهُ ابنةُ لَبُونٍ فَإِنَّها تُقْبَلُ مِنْهُ".

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: مِنْ ها هُنا لَمْ أَضْبِطْهُ عَنْ مُوسَى كَما أُحِبُّ: "وَيَجْعَلُ مَعَها شاتَيْنِ - إِنِ اسْتَيْسَرَتا لَهُ - أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ بِنْتِ لَبُونٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا حِقَّةٌ فَإِنَّها تُقْبَلُ مِنْهُ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ: إِلَى ها هُنا ثُمَّ أَتْقَنْتُهُ: "وَيُعْطِيهِ المُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شاتَيْنِ وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ ابنةِ لَبُونٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا بِنْتُ مَخاضٍ فَإِنَّها تُقْبَلُ مِنْهُ وَشاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ ابنةِ مَخاضٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا ابن لَبُونٍ ذَكَرٌ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيء

ص: 448

وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا أَرْبَعٌ فَلَيْسَ فِيها شَيء إلَّا أَنْ يَشاءَ رَبُّها وَفي سائِمَةِ الغَنَمِ إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ فَفِيها شاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِذا زادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيها شاتانِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ مِائَتَيْنِ فَإِذَا زادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ فَفِيها ثَلاثُ شِياهٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَلاثَمِائَةٍ فَإِذَا زادَتْ عَلَى ثَلاثِمِائَةٍ فَفي كُلِّ مِائَةِ شاةٍ شاةٌ وَلا يُؤْخَذُ في الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلا ذاتُ عَوارٍ مِنَ الغَنَمِ وَلا تَيْسُ الغَنَمِ إلَّا أَنْ يَشاءَ المُصَّدِّقُ وَلا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَما كانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُما يَتَراجَعانِ بَيْنَهُما بِالسَّوِيَّةِ فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ سائِمَةُ الرَّجُلِ أَرْبَعِينَ فَلَيْسَ فِيها شَيء إلَّا أَنْ يَشاءَ رَبُّها وَفي الرِّقَةِ رُبْعُ العُشْرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنِ المالُ إلَّا تِسْعِينَ وَمِائَةً فَلَيْسَ فِيها شَيء إلَّا أَنْ يَشاءَ رَبُّها" (1).

1568 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلي حَدَّثَنا عَبّادُ بْنُ العَوّامِ عَنْ سُفْيانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْري عَنْ سالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كِتابَ الصَّدَقَةِ فَلَمْ يُخْرِجْهُ إِلَى عُمّالِهِ حَتَّى قُبِضَ فَقَرَنَهُ بِسَيْفِهِ فَعَمِلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى قُبِضَ ثُمَّ عَمِلَ بِهِ عُمَرُ حَتَّى قُبِضَ فَكانَ فِيهِ: "في خَمْسٍ مِنَ الإِبِلِ شاةٌ وَفي عَشْرٍ شاتانِ وَفي خَمْسَ عَشَرَةَ ثَلاثُ شِياهٍ وَفي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِياهٍ وَفي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ ابنةُ مَخاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاثِينَ فَإِنْ زادَتْ واحِدَةً فَفِيها ابنةُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَإِذا زادَتْ واحِدَةً فَفِيها حِقَّةٌ إِلَى سِتِّينَ فَإِذا زادَتْ واحِدَةً فَفِيها جَذَعَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَإِذا زادَتْ واحِدَةً فَفِيها ابنتا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ فَإِذَا زادَتْ واحِدَةً فَفِيها حِقَّتانِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِنْ كَانَتِ الإِبِلُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَفي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابنةُ لَبُونٍ وَفي الغَنَمِ في كُلِّ أَرْبَعِينَ شاةً شاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِنْ زادَتْ واحِدَةً فَشاتانِ إِلَى مِائَتَيْنِ فَإِنْ زادَتْ واحِدَةً عَلَى المِائَتَيْنِ فَفِيها ثَلاثُ شِياهٍ إِلَى ثَلاثِمِائَةٍ فَإِنْ كَانَتِ الغَنَمُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَفي كُلِّ مِائَةِ شاةٍ شاةٌ وَلَيْسَ فِيها شَيء حَتَّى تَبْلُغَ المِائَةَ وَلا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلا

(1) رواه البخاري (1454).

ص: 449

يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ مَخافَةَ الصَّدَقَةِ وَما كانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُما يَتَراجَعانِ بَيْنَهُما بِالسَّوِيَّةِ وَلا يُؤْخَذُ في الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلا ذاتُ عَيْبٍ". قَالَ: وقالَ الزُّهْري: إِذا جاءَ المُصَدِّقُ قُسِمَتِ الشّاءُ أَثْلاثًا ثُلُثًا شِرارًا وَثُلُثًا خِيارًا وَثُلُثًا وَسَطًا فَأَخَذَ المُصَدِّقُ مِنَ الوَسَطِ وَلَمْ يَذْكُرِ الزُّهْري البَقَرَ (1).

1569 -

حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الواسِطي أَخْبَرَنا سُفْيانُ بْنُ حُسَيْنٍ بِإِسْنادِهِ وَمَعْناهُ قَالَ:"فَإِنْ لَمْ تَكُنِ ابنةُ مَخاضٍ فابْنُ لَبُونٍ". وَلَمْ يَذْكُرْ كَلامَ الزُّهْريِّ (2).

1570 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ أَخْبَرَنا ابن المُبارَكِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابن شِهابٍ قَالَ هذِه نُسْخَةُ كِتابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الذي كَتَبَهُ في الصَّدَقَةِ وَهي عِنْدَ آلِ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قَالَ ابن شِهابٍ أَقْرَأَنِيها سالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَوَعَيْتُها عَلَى وَجْهِها وَهي التي انْتَسَخَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وَسالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ قَالَ: "فَإِذَا كَانَتْ إِحْدى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَفِيها ثَلاثُ بَناتِ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ ثَلاثِينَ وَمِائَةً فَفِيها بِنْتا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَثَلاثِينَ وَمِائَةً فَإِذا كانَتْ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً فَفِيها حِقَّتانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ خَمْسِينَ وَمِائَةً فَفِيها ثَلاثُ حِقاقٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَخَمْسِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ سِتِّينَ وَمِائَةً فَفِيها أَرْبَعُ بَناتِ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَسِتِّينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ سَبْعِينَ وَمِائَةً فَفِيها ثَلاثُ بَناتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَسَبْعِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ ثَمانِينَ وَمِائَةً فَفِيها حِقَّتانِ وابْنَتا لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَثَمانِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ تِسْعِينَ وَمِائَةً

(1) رواه الترمذي (621)، وابن ماجه (1798)، وأحمد 2/ 14.

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1400).

(2)

رواها أحمد 2/ 15.

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1401).

ص: 450

فَفِيها ثَلاثُ حِقاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَتِسْعِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيها أَرْبَعُ حِقاقٍ أَوْ خَمْسُ بَناتِ لَبُونٍ أي السِّنَّيْنِ وُجِدَتْ أُخِذَتْ وَفي سائِمَةِ الغَنَمِ". فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ سُفْيانَ بْنِ حُسَيْنٍ وَفِيهِ:"وَلا يُؤْخَذُ في الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلا ذَاتُ عَوارٍ مِنَ الغَنَمِ وَلا تَيْسُ الغَنَمِ إلَّا أَنْ يَشاءَ المُصَّدِّقُ"(1).

1571 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رضي الله عنه لا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ. هُوَ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ رَجُلٍ أَرْبَعُونَ شاةً فَإِذا أَظَلَّهُمُ المُصَدِّقُ جَمَعُوها لِئَلَّا يَكُونَ فِيها إلَّا شاةٌ وَلا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ. أَنَّ الخَلِيطَيْنِ إِذا كانَ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةُ شاةٍ وَشاةٌ فَيَكُونُ عَلَيْهِما فِيها ثَلاثُ شِياهٍ فَإِذَا أَظَلَّهُما المُصَدِّقُ فَرَّقا غَنَمَهُما فَلَمْ يَكُنْ عَلَى كُلِّ واحِدٍ مِنْهُما إلَّا شاةٌ فهذا الذي سَمِعْتُ في ذَلِكَ (2).

1572 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلي حَدَّثَنا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنا أَبُو إِسْحاقَ، عَنْ عاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ وَعَنِ الحارِثِ الأَعْوَرِ عَنْ عَلي رضي الله عنه قَالَ زُهَيْرٌ: أَحْسَبُهُ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"هاتُوا رُبْعَ العُشُورِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ شَيء حَتَّى تَتِمَّ مِائَتَى دِرْهَمٍ فَإِذَا كَانَتْ مِئَتَي دِرْهَمٍ فَفِيها خَمْسَةُ دَراهِمَ فَما زادَ فَعَلَى حِسابِ ذَلِكَ وَفي الغَنَمِ في كُلِّ أَرْبَعِينَ شاةً شاةٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا تِسْعًا وَثَلاثِينَ فَلَيْسَ عَلَيْكَ فِيها شَيء". وَساقَ صَدَقَةَ الغَنَمِ مِثْلَ الزُّهْري قَالَ: "وَفي البَقَرِ في كُلِّ ثَلاثِينَ تَبِيعٌ وَفي الأَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَلَيْسَ عَلَى العَوامِلِ شَيء وَفي الإِبِلِ". فَذَكَرَ صَدَقَتَها كَما ذَكَرَ الزُّهْري قَالَ: "وَفي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسَةٌ مِنَ الغَنَمِ فَإِذَا زادَتْ واحِدَةً فَفِيها ابنةُ مَخاضٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِنْتُ مَخاضٍ فابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاثِينَ فَإِذا زادَتْ واحِدَةً فَفِيها بِنْتُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَإِذَا

(1) رواه الدارقطني 2/ 116، والحاكم 1/ 393، والبيهقي 4/ 90.

وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(4261).

(2)

"الموطأ" 1/ 264.

ص: 451

زادَتْ واحِدَةً فَفِيها حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الجَمَلِ إِلَى سِتِّينَ". ثُمَّ ساقَ مِثْلَ حَدِيثِ الزُّهْري قَالَ: "فَإِذَا زادَتْ واحِدَةً - يَعْني واحِدَةً وَتِسْعِينَ - فَفِيها حِقَّتانِ طَرُوقَتا الجَمَلِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِنْ كَانَتِ الإِبِلُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَفي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَلا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَلا تُؤْخَذُ في الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلا ذاتُ عَوارٍ وَلا تَيْسٌ إلَّا أَنْ يَشاءَ المُصَّدِّقُ وَفي النَّباتِ ما سَقَتْهُ الأَنْهارُ أَوْ سَقَتِ السَّماءُ العُشْرُ وَما سَقَى الغَرْبُ فَفِيهِ نِصْفُ العُشْرِ". وَفي حَدِيثِ عاصِمٍ والحارِثِ: "الصَّدَقَةُ في كُلِّ عامٍ". قَالَ زُهَيْرٌ أَحْسَبُهُ قَالَ: "مَرَّةً". وَفي حَدِيثِ عاصِمٍ: "إِذَا لَمْ يَكُنْ في الإِبِلِ ابنةُ مَخاضٍ وَلا ابن لَبُونٍ فَعَشَرَةُ دَراهِمَ أَوْ شاتانِ" (1).

1573 -

حَدَّثَنا سُلَيْمانُ بْنُ دَاوُدَ المَهْري، أَخْبَرَنا ابن وَهْبٍ، أَخْبَرَني جَرِيرُ بْنُ حازِمٍ وَسَمَّى آخَرَ، عَنْ أَبي إِسْحاقَ، عَنْ عاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ والحارِثِ الأَعْوَرِ عَنْ عَلي رضي الله عنه، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِبَعْضِ أَوَّلِ هذا الحَدِيثِ قَالَ:"فَإِذَا كَانَتْ لَكَ مِائَتا دِرْهَمٍ وَحالَ عَلَيْها الحَوْلُ فَفِيها خَمْسَةُ دَراهِمَ وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيء - يَعْني: في الذَّهَبِ - حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينارًا فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينارًا وَحالَ عَلَيْها الحَوْلُ فَفِيها نِصْفُ دِينارٍ فَما زادَ فَبِحِسابِ ذَلِكَ". قَالَ: فَلا أَدْري أَعَلي يَقُولُ فَبِحِسابِ ذَلِكَ. أَوْ رَفَعَهُ إِلَى النَّبي صلى الله عليه وسلم: "وَلَيْسَ في مالٍ زَكاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ". إلَّا أَنَّ جَرِيرًا - قَالَ ابن وَهْبٍ - يَزِيدُ في الحَدِيثِ عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ في مالٍ زَكاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ"(2).

1574 -

حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنا أَبُو عَوانَةَ، عَنْ أَبي إِسْحاقَ، عَنْ عاصِمِ بْنِ

(1) رواه الترمذي (620)، والنسائي 5/ 37، وابن ماجه (1790)، وأحمد 1/ 92. بنحوه مختصرا.

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1404).

(2)

رواه ابن وهب في "الجامع"(187).

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1405).

ص: 452

ضَمْرَةَ، عَنْ عَلي عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ عَفَوْتُ عَنِ الخَيْلِ والرَّقِيقِ فَهاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَلَيْسَ في تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شَيء، فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيها خَمْسَةُ دَراهِمَ".

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوى هذا الحَدِيثَ الأَعْمَشُ، عَنْ أَبي إِسْحاقَ كَما قَالَ أَبُو عَوانَةَ وَرَواهُ شَيْبانُ أَبُو مُعاوِيَةَ وَإِبْراهِيمُ بْنُ طَهْمانَ، عَنْ أَبي إِسْحاقَ، عَنِ الحارِثِ عَنْ عَلي، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوى حَدِيثَ النُّفَيْلي شُعْبَةُ وَسُفْيانُ وَغَيْرُهُما، عَنْ أَبي إِسْحاقَ، عَنْ عاصِمٍ عَنْ عَلي لَمْ يَرْفَعُوهُ أَوْقَفُوهُ عَلَى عَلَيٍّ (1).

1575 -

حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّادٌ، أَخْبَرَنا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ ح وَحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ أَخْبَرَنا أَبُو أُسامَةَ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"في كُلِّ سائِمَةِ إِبِلٍ في أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَلا يُفَرَّقُ إِبِلٌ عَنْ حِسابِها مَنْ أَعْطاها مُؤْتَجِرًا". قَالَ ابن العَلاءِ: "مُؤْتَجِرًا بِها".: "فَلَهُ أَجْرُها وَمَنْ مَنَعَها فَإِنّا آخِذُوها وَشَطْرَ مالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَماتِ رَبِّنا عز وجل لَيْسَ لآلِ مُحَمَّدٍ مِنْها شَيء"(2).

1576 -

حَدَّثَنا النُّفَيْلي حَدَّثَنا أَبُو مُعاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبي وائِلٍ عَنْ مُعاذٍ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم لمَّا وَجَّهَهُ إِلَى اليَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ البَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلاثِينَ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً وَمِنْ كُلِّ حالِمٍ - يَعْني: مُحْتَلِمًا - دِينارًا أَوْ عِدْلَهُ مِنَ المَعافِرِ ثِيابٌ تَكُونُ بِاليَمَنِ (3).

(1) رواه الترمذي (620)، والنسائي 5/ 37، وابن ماجه (1790)، وأحمد 1/ 92.

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1406).

(2)

رواه النسائي 5/ 15، وأحمد 5/ 2.

وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(1407).

(3)

رواه الترمذي (623)، والنسائي 5/ 25، وابن ماجه (1803)، وأحمد 5/ 230.

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1408).

ص: 453

1577 -

حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبي شَيْبَةَ والنُّفَيْلي وابْنُ المُثَنَّى قَالُوا: حَدَّثَنا أَبُو مُعاوِيَةَ، حَدَّثَنا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْراهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعاذٍ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ (1).

1578 -

حَدَّثَنا هارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبي الزَّرْقاءِ، حَدَّثَنا أَبي عَنْ سُفْيانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبي وائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: بَعَثَهُ النَّبي صلى الله عليه وسلم إِلَى اليَمَنِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ لَمْ يَذْكُرْ ثِيابًا تَكُونُ بِاليَمَنِ. وَلا ذَكَرَ يَعْني مُحْتَلِمًا.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَواهُ جَرِيرٌ وَيَعْلَى وَمَعْمَرٌ وَشُعْبَةُ وَأَبُو عَوانَةَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبي وائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ - قَالَ يَعْلَى وَمَعْمَرٌ - عَنْ مُعاذٍ مِثْلَهُ (2).

1579 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا أَبُو عَوانَةَ، عَنْ هِلالِ بْنِ خَبّابٍ عَنْ مَيْسَرَةَ أَبي صالِحٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: سِرْتُ أَوْ قَالَ: أَخْبَرَني مَنْ سارَ مَعَ مُصَدِّقِ النَّبي صلى الله عليه وسلم فَإِذَا في عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنْ لا تَأْخُذْ مِنْ راضِعِ لَبَنٍ وَلا تَجْمَعْ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلا تُفَرِّقْ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ". وَكَانَ إِنَّما يَأْتي المِياهَ حِينَ تَرِدُ الغَنَمُ فَيَقُولُ: أَدُّوا صَدَقاتِ أَمْوالِكُمْ. قَالَ: فَعَمَدَ رَجُلٌ مِنْهُمْ إِلَى ناقَةٍ كَوْماءَ، قَالَ: قُلْتُ: يا أَبا صالِحٍ ما الكَوْماءُ قَالَ: عَظِيمَةُ السَّنامِ، قَالَ: فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَها قَالَ: إِنّي أُحِبُّ أَنْ تَأْخُذَ خَيْرَ إِبِلي. قَالَ: فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَها قَالَ: فَخَطَمَ لَهُ أُخْرى دُونَها فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَها ثُمَّ خَطَمَ لَهُ أُخْرى دُونَها فَقَبِلَها وقَالَ: إِنّي آخِذُها وَأَخافُ أَنْ يَجِدَ عَلي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لي عَمَدْتَ إِلَى رَجُلٍ فَتَخَيَّرْتَ عَلَيْهِ إِبِلَهُ.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَواهُ هُشَيْمٌ عَنْ هِلالِ بْنِ خَبّابٍ نَحْوَهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: "لا يُفَرِّقْ"(3).

(1) رواه الترمذي (623)، والنسائي 5/ 25، وابن ماجه (1803)، وأحمد 5/ 230.

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1408).

(2)

رواه الترمذي (623)، والنسائي 5/ 25، وابن ماجه (1803).

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1408).

(3)

رواه النسائي 5/ 29، وأحمد 4/ 315. بنحوه.

وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(1409).

ص: 454

1580 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبّاحِ البَزّازُ، حَدَّثَنا شَرِيكٌ، عَنْ عُثْمانَ بْنِ أَبي زُرْعَةَ، عَنْ أَبي لَيْلَى الكِنْدي، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: أَتانا مُصَدِّقُ النَّبي صلى الله عليه وسلم فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ وَقَرَأْتُ في عَهْدِهِ: "لا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ". وَلَمْ يَذْكُرْ: "راضِعَ لَبَنٍ"(1).

1581 -

حَدَّثَنا الحَسَنُ بْنُ عَلي، حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عَنْ زَكَرِيّا بْنِ إِسْحاقَ المَكّي، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبي سُفْيانَ الجُمَحي، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ ثَفِنَةَ اليَشْكُري - قَالَ الحَسَنُ: رَوْحٌ يَقُولُ مُسْلِمُ بْنُ شُعْبَةَ - قَالَ: اسْتَعْمَلَ نافِعُ بْنُ عَلْقَمَةَ أَبي عَلَى عِرافَةِ قَوْمِهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُمْ قَالَ: فَبَعَثَني أَبي في طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَأَتَيْتُ شَيْخًا كَبِيرًا يُقالُ لَهُ سَعْرُ بْنُ دَيْسَمٍ فَقُلْتُ: إِنَّ أَبي بَعَثَني إِلَيْكَ - يَعْني: لأُصَدِّقَكَ - قَالَ ابن أَخي: وَأي نَحْوٍ تَأْخُذُونَ قُلْتُ: نَخْتارُ حَتَّى إِنّا نَتَبَيَّنُ ضُرُوعَ الغَنَمِ. قَالَ ابن أَخي: فَإِنّي أُحَدِّثُكَ أَنّي كُنْتُ في شِعْبٍ مِنْ هذِه الشِّعابِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في غَنَمٍ لي فَجاءَني رَجُلانِ عَلَى بَعِيرٍ فَقالا لي: إِنّا رَسُولا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْكَ لِتُؤَدّي صَدَقَةَ غَنَمِكَ. فَقُلْتُ: ما عَلي فِيها؟ فَقالا: شاةٌ. فَأَعْمِدُ إِلَى شاةٍ قَدْ عَرَفْتُ مَكانَها مُمْتَلِئَةً مَحْضًا وَشَحْمًا فَأَخْرَجْتُها إِلَيْهِما. فَقَالا: هذِه شاةُ الشّافِعِ وَقَدْ نَهانا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَأْخُذَ شافِعًا. قُلْتُ: فَأي شَيء تَأْخُذانِ قالا عَناقًا جَذَعَةً أَوْ ثَنِيَّةً. قَالَ: فَأَعْمِدُ إِلَى عَناقٍ مُعْتاطٍ. والمُعْتاطُ التي لَمْ تَلِدْ وَلَدًا وَقَدْ حانَ وِلادُها فَأَخْرَجْتُها إِلَيْهِما فَقالا ناوِلْناها. فَجَعَلاها مَعَهُما عَلَى بَعِيرِهِما ثُمَّ انْطَلَقا. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَواهُ أَبُو عاصِمٍ عَنْ زَكَرِيّاءَ قَالَ أَيْضًا مُسْلِمُ بْنُ شُعْبَةَ. كَما قَالَ رَوْحٌ (2).

1582 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ النَّسائي حَدَّثَنا رَوْحٌ، حَدَّثَنا زَكَرِيّاءُ بْنُ إِسْحاقَ

(1) رواه ابن ماجه (1801).

وحسنه للطريق السابق الألباني في "صحيح أبي داود"(1409).

(2)

رواه النسائي 5/ 39، وأحمد 3/ 414.

وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(276).

ص: 455

بِإِسْنادِهِ بهذا الحَدِيثِ. قَالَ: مُسْلِمُ بْنُ شُعْبَةَ قَالَ فِيهِ: والشّافِعُ التي في بَطْنِها الوَلَدُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَرَأْتُ في كِتابِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سالِمٍ بِحِمْصَ عِنْدَ آلِ عَمْرِو بْنِ الحارِثِ الِحمْصي، عَنِ الزُّبَيْدي قَالَ وَأَخْبَرَني يَحْيَى بْنُ جابِرٍ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُعاوِيَةَ الغاضِري - مِنْ غاضِرَةِ قَيْسٍ - قَالَ: قَالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "ثَلاثٌ مَنْ فَعَلَهُنَّ فَقَدْ طَعِمَ طَعْمَ الإِيمانِ مَنْ عَبَدَ الله وَحْدَهُ وَأَنَّهُ لا إله إلَّا اللهُ وَأَعْطَى زَكاةَ مالِهِ طَيِّبَةً بِها نَفْسُهُ رافِدَةً عَلَيْهِ كُلَّ عامٍ وَلا يُعْطي الهَرِمَةَ وَلا الدَّرِنَةَ وَلا المَرِيضَةَ وَلا الشَّرَطَ اللَّئِيمَةَ ولكن مِنْ وَسَطِ أَمْوالِكُمْ فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَسْأَلْكُمْ خَيْرَهُ وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ بِشَرِّهِ"(1).

1583 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا أَبي، عَنِ ابن إِسْحاقَ، قَالَ: حَدَّثَني عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبي بَكْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ عُمارَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أُبَي بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: بَعَثَني النَّبي صلى الله عليه وسلم مُصَدِّقًا، فَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ، فَلَمّا جَمَعَ لي مالَهُ لَمْ أَجِدْ عَلَيْهِ فِيهِ إلَّا ابنةَ مَخاضٍ، فَقُلْتُ لَهُ: أَدِّ ابنةَ مَخاضٍ؛ فَإِنَّها صَدَقَتُكَ. فَقَالَ: ذاكَ ما لا لَبَنَ فِيهِ وَلا ظَهْرَ، ولكن هذِه ناقَةٌ فَتِيَّةٌ عَظِيمَةٌ سَمِينَةٌ فَخُذْها. فَقُلْتُ لَهُ: ما أَنا بِآخِذٍ ما لَمْ أُومَرْ بِهِ، وهذا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكَ قَرِيبٌ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَأْتِيَهُ فَتَعْرِضَ عَلَيْهِ ما عَرَضْتَ عَليَّ فافْعَلْ، فَإِنْ قَبِلَهُ مِنْكَ قَبِلْتُهُ، وَإِنْ رَدَّهُ عَلَيْكَ رَدَدْتُهُ. قَالَ: فَإِنّي فاعِلٌ، فَخَرَجَ مَعي وَخَرَجَ بِالنّاقَةِ التي عَرَضَ عَليَّ حَتَّى قَدِمْنا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ: يا نَبي اللهِ، أَتاني رَسُولُكَ؛ لِيَأْخُذَ مِنّي صَدَقَةَ مالي، وايْمُ اللهِ ما قامَ في مالي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلا رَسُولُهُ قَطُّ قَبْلَهُ، فَجَمَعْتُ لَهُ مالي، فَزَعَمَ أَنَّ ما عَليَّ فِيهِ ابنةُ مَخاضٍ، وَذَلِكَ ما لا لَبَنَ فِيهِ وَلا ظَهْرَ، وَقَدْ عَرَضْتُ عَلَيْهِ ناقَةً فَتِيَّةً عَظِيمَةً؛ لِيَأْخُذَها، فَأَبَى عَليَّ، وَها هي ذِهِ قَدْ جِئْتُكَ بِها يا رَسُولَ اللهِ، خُذْها، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ذاكَ الذي عَلَيْكَ، فَإِنْ

(1) رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1062)، والطبراني في "الصغير"(555)، والبيهقي 4/ 95، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1410).

ص: 456

تَطَوَّعْتَ بِخَيْرٍ آجَرَكَ اللهُ فِيهِ، وَقَبِلْناهُ مِنْكَ". قَالَ: فَها هي ذِهِ يا رَسُولَ اللهِ قَدْ جِئْتُكَ بِها فَخُذْها. قَالَ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَبْضِها وَدَعا لَهُ في مالِهِ بِالبَرَكَةِ (1).

1584 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنا وَكِيعٌ، حَدَّثَنا زَكَرِيّا بْنُ إِسْحاقَ المَكّي عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَيْفي عَنْ أَبي مَعْبَدٍ، عَنِ ابن عَبّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعاذًا إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ:"إِنَّكَ تَأْتي قَوْمًا أَهْلَ كِتابٍ، فادْعُهُمْ إِلَى شَهادَةِ أَنْ لا إله إلَّا اللهُ وَأَنّي رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطاعُوكَ لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطاعُوكَ لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً في أَمْوالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيائِهِمْ وَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطاعُوكَ لِذَلِكَ، فَإِيّاكَ وَكَرائِمَ أَمْوالِهِمْ، واتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فَإِنَّها لَيْسَ بَيْنَها وَبَيْنَ اللهِ حِجابٌ"(2).

1585 -

حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبي حَبِيبٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنانٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"المُعْتَدي في الصَّدَقَةِ كَمانِعِها"(3).

* * *

باب زكاة السائمة

[1567]

(ثنا موسى بن إسماعيل) قال (4): (حدثنا حماد) بن سلمة، قال البخاري: أخبرني عدد ثقات كلهم عن حماد بن سلمة (قال: أخذت

(1) رواه أحمد 5/ 142، وابن خزيمة (2277)، والحاكم 1/ 398.

وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(1411).

(2)

رواه البخاري (1458)، ومسلم (19).

(3)

رواه الترمذي (646)، وابن ماجه (1808).

وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(1413).

(4)

من (م).

ص: 457

من ثمامة) بضم الثاء المثلثة، وأصله نبت ضعيف كالخوص، سمي به الرجل، وثمامة (بن عبد الله بن أنس) بن مالك تابعي سمع جده أنسًا رضي الله عنه (كتابًا، زعم أن أبا بكر كتبه لأنس) قال الشافعي: [وأحسب في حديث](1) حماد عن أنس أنه قال: دفع إليَّ (2) أبو (3) بكر الصديق كتاب الصدقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر المعنى (4).

قال ابن حجر: وهو كما حسب الشافعي، فقد رواه إسحاق بن راهويه عن النضر بن شميل، عن حماد بن سلمة، قال: أخذنا هذا الكتاب من ثمامة يُحَدِّثُه (5) عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجح البيهقي رواية يونس بن محمد المؤدب (6)، ومتابعة النضر بن شميل له، ونقل عن الدارقطني أنه صححه، وقال ابن حزم: هذا حديث في نهاية الصحة، عمل به الصديق في حضرة العلماء ولم يخالفه [أحد](7). وقد رواه البخاري في مواضع من "صحيحه" في كتاب الزكاة وغيره مطولًا ومختصرًا بسند واحد (8)، وصححه ابن حبان (9)

(1) في (ر): وأخبر بما حدث.

(2)

ساقطة من (ر)، وفي (م): أبي. والمثبت من "الأم".

(3)

ساقطة من (م).

(4)

"الأم" 2/ 7.

(5)

في (ر): بحديثه.

(6)

في (ر): المؤذن.

(7)

ساقطة من (م)، ومكانها في (ر) بياض، والمثبت كما في "التلخيص الحبير" 2/ 339، وانظر:"المحلى" 6/ 20.

(8)

"صحيح البخاري"(1448) وما بعده، (2487)، (6955).

(9)

"صحيح ابن حبان" 8/ 57 (3266).

ص: 458

أيضًا، وغيره (وعليه) أثر (خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: والكتاب مختوم بخاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عند أبي بكر (حين بعثه) إلى البحرين، وهو اسم لإقليم مشهور يشتمل على مدن كثيرة، قاعدتها هجر، والنسبة البحراني (مصدقًا) بضم الميم، وتخفيف الصاد المفتوحة، وكسر الدال المشددة، وأصله الذي يأخذ الصدقة من أربابها، وقال ابن ثابت: يقال ذلك للذي يأخذها وللذي يعطيها، وأما بتشديد الصاد، فهو المعطي فقط؛ لأن أصله المتصدق فأدغمت التاء في الصاد وكان أبو بكر بعثه إلى البحرين عاملًا عليها (وكتبه له، فإذا فيه) رواية البخاري في باب صدقة الغنم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (هذِه فريضة) أي: نسخة فريضة (1)(الصدقة) فحذف المضاف للعلم، وأضيف المضاف إليه مقامه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب هذِه النسخة ووضعها في قراب سيفه، فلما توفي أخذها أبو بكر من القراب وعمل بها مدة حياته، ثم مات فعمل بها عمر بعده، قال القاضي حسين: وكان أبو بكر نسخ كتاب أنس من كتاب كتبه له النبي صلى الله عليه وسلم، وسمي المأخوذ في الزكاة كالجذعة والحقة: فريضة (2) فعيلة بمعنى مفعولة، جمعها فرائض، وفيه دليل (3) على أن اسم الصدقة تقع على الزكاة خلافًا لأبي حنيفة (التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهو ظاهر في رفع الخبر إلى النبي، وأنه ليس موقوفًا على أبي بكر، وقد صرح برفعه في

(1) سقط من (م).

(2)

من (م).

(3)

في (م): دلالة.

ص: 459

رواية ابن (1) إسحاق، وفي معنى فرض ثلاثة أوجه:

أحدها: إنه من الفرض الذي هو الإيجاب، ومعناه: أن الله فرضها (2) والنبي بلغها، فسمي تبليغه فرضًا. وثانيها: إن معناه (3) شرعها بأمر الله. وثالثها: إن معناه: قدرها من قولهم: فرض القاضي النفقة أي: (4) بينها من قوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (5).

(على المسلمين) يستدل به من يقول أن الكافر ليس مخاطبًا بها، وجوابه أن معنى فرضها على المسلمين أنها تؤخذ منهم في الدنيا، والكافر لا تؤخذ منه في الدنيا ولا يخاطب بها، بل يعذب عليها في الآخرة إن لم يسلم، ولا يخاطب بها في حال كفره، وهو محل الخلاف.

(التي أمر الله)[وفي البخاري العطف](6) هكذا رواية الشافعي: التي فرضها الله (7) بغير واو، فتكون هذِه الجملة [بدلًا من الجملة] (8) التي قبلها وهي: التي فرضها (بها نبيه صلى الله عليه وسلم) معناه أنه اجتمع فيها تبليغ الرسول وتقديره، وفرض (9) الله وإيجابه (فمن (10) سئلها) بضم السين

(1) سقط من (م).

(2)

في (م): أوجبها.

(3)

في (م): مراده.

(4)

في (ر): أو.

(5)

التحريم: 2.

(6)

من (ر)، وانظر: البخاري (1454).

(7)

سقط من (م).

(8)

سقط من (م).

(9)

في (م): أمر.

(10)

في (ر): حين.

ص: 460

وكسر الهمزة (من المسلمين على وجهها) أي: على حسب ما شرعها الله ورسوله في هذا الحديث وغيره (فليعطها) فيه دليل على دفع الأموال الظاهرة إلى الإمام.

(ومن سئل فوقها) أي: زائدًا على ذلك في سنٍّ أو عددٍ (فلا يعطه) في الضمير الذي في يعطه وجهان لأصحابنا، أصحهما أن معناه: لا يعطي الزائد، بل يعطي الواجب على وجهه.

وثانيها: إن معناه: لا يعطي الواجب لذلك الطالب؛ لفسقه (1) بطلب الزائد، بل يخرجه رب المال بنفسه أو يدفعه إلى ساعٍ آخر، قال القاضي حسين: وهذا مذهب المعتزلة في كون الوالي يعزل بالجور، ومذهب أهل الحق أنه لا ينعزل به (2).

قال الماوردي: وهذا إن لم يكن له تأويل، فإن كان له تأويل كما لو كان [مالكيًّا يرى](3) أخذ الكبار من الصغار، فيعطي الواجب قطعًا دون الزيادة، والشاة الواحدة من الغنم تقع على الذكر والأنثى من الضأن والمعز (4) (فيما دون) بنصب النون (خمس (5) وعشرين (6) من الإبل الغنم) [نسخة: خمسة] (7) الغنم: مبتدأ خبره مضمر مقدم، يتعلق به

(1) في (م): لنفسه.

(2)

من (م).

(3)

في (م): ما بكتابة إلى.

(4)

"الحاوي الكبير" 3/ 145. بمعناه.

(5)

في (م، ر): خمسة. والمثبت من "السنن"، وهو الصواب.

(6)

في (ر): عشر.

(7)

سقط من (م).

ص: 461

الجار (1) في قوله: فيما دون، تقديره: الغنم واجب فيما دون خمس وعشرين من الإبل، وإنما قدم الخبر؛ لأن الغرض بيان المقادير التي تجب فيها الزكاة، والزكاة إنما تجب بعد وجوب (2) النصاب؛ فحسن التقديم، واستدل به على تعيين إخراج الغنم في ذلك، وهو قول مالك (3) وأحمد (4)، فلو أخرج بعيرًا عن الأربع والعشرين فما دونها [كان الأولى](5)، ولأن الأصل أن يجب من جنس المال، وإنما عدل عنه [إلى غيره](6) رفقًا بالمالك، فإذا رجع باختياره إلى الأصل أجزأه، فإن كانت قيمة البعير الذي يخرجه مثلًا دون قيمة أربع شياه ففيه خلاف للشافعي وغيره، والذي صححه النووي أنه يجزئ (7) مطلقًا من غير نظرٍ إلى قيمة، وإذا قلنا بالإجزاء فهل يقع كله فرضًا أو أربعة أخماس عن العشرين، والثاني: تطوع، فيه وجهان: أصحهما الأول، كمن ذبح بدنة عن شاة التمتع، ويظهر فائدة الخلاف فيما لو عجل بعيرًا عن عشرين، ثم اقتضى الحال الرجوع فعلى الأول (8) يرجع بجميعه، وعلى الثاني أربعة الأخماس؛ لأن التطوع لا رجوع فيه،

(1) في (ر): الحال.

(2)

في (م): وجوه.

(3)

"المدونة" 1/ 351 - 352.

(4)

انظر: "المغني" 4/ 11.

(5)

من (م).

(6)

سقط من (م).

(7)

في (م): يخرج.

(8)

في (م): الأصح.

ص: 462

ولا خلاف عندنا في إخراج البعير الكامل الذي قيمته قيمة أربع شياه، وإن كان النص لم يرد به (1).

قال السبكي (2): والمعنى الذي اقتضى إخراج البعير ليس (3) مستنبطًا من التنصيص على الشاة أو الشياه (4)، فلم يستنبط من النص معنى يبطله كما فعله من يخرج القيمة، وإنما المعنى الذي ذكرناه مأخوذ من نصٍّ آخر، وهو قطعي؛ فيستدل (5) بذلك على أن الشارع إنما نص على الشاة تخفيفًا ورفقًا، وسيأتي بيان إخراج الغنم في حديث سالم عن أبيه.

(في كل خمس ذود شاة)(6) تقدم الكلام أن في كل خمسٍ من الإبل شاة، ففي خمسٍ شاة، وفي عشرٍ شاتان، كما سيأتي (فإذا بلغت خمسًا وعشرين ففيها ابنة مخاض) فيه أن في خمس وعشرين بنت مخاض، وهو قول الجمهور، إلا ما جاء عن علي أن خمسًا وعشرين خمس شياه، فإذا بلغت (7) ستًّا وعشرين كان فيها بنت مخاض، أخرجه ابن أبي شيبة (8) وغيره عنه (9) موقوفًا ومرفوعًا، وإسناد المرفوع ضعيف (إلى أن تبلغ

(1) في (م): فيه.

(2)

في (م): الشبلي.

(3)

من (م).

(4)

في (ر): الشاة.

(5)

في (م): فيستدرك.

(6)

سقط من (م).

(7)

في (م): صارت.

(8)

"مصنف ابن أبي شيبة"(9983) عن علي موقوفًا.

(9)

من (م).

ص: 463

خمسًا وثلاثين) فيه دليل على أنه لا يجب فيما زاد على الخمس وعشرين إلى خمس وثلاثين شيء غير بنت مخاض؛ خلافًا لمن قال - كالحنفية: يستأنف الفريضة، فيجب في كل خمس من الإبل شاة مضافة إلى بنت مخاض (1) (وإن لم يكن فيها) أي: في إبله (بنت مخاض، فابن لبون) أي: فالواجب ابن لبون (ذكر) للتأكيد أو لتنبيه (2) رب (3) المال؛ لتطيب نفسه بالزيادة، وقيل: احترز بذلك عن الجنس (4)، وفيه بعد.

(فإذا بلغت) الإبل (ستًّا وثلاثين) بعيرًا (ففيها بنت)[نسخة: ابنة](5)(لبون) أي: فواجبها بنت لبون (إلى خمس وأربعين) إلى الغاية، وهو يقتضي (6) أن ما قبل الغاية يجب فيه بنت لبون؛ لأنه الذي اشتمل عليه الحكم المقصود بيانه بخلاف ما بعد الغاية، فلا يدخل إلا بدليل، فيه دليل على أن الأوقاص ليست بعفو، كما سيأتي (فإذا بلغت ستًّا وأربعين، ففيها حقة طروقة الفحل) بفتح الطاء المهملة، أي: مطروقة للفحل، فهي فعولة بمعنى مفعولة كحلوبة بمعنى محلوبة، والمراد أنها بلغت لصلاحية أن يطرقها الفحل، وهي التي أتت عليها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة، [وقيل: هي (7) ما دخلت في السنة الرابعة إلى

(1)"المبسوط" للسرخسي 2/ 206.

(2)

بياض في (ر).

(3)

في (م): لرب.

(4)

بياض في (ر).

(5)

سقط من (م).

(6)

في (ر): مقتضى.

(7)

في (ر): هو.

ص: 464

آخرها، قال الهروي: ما استكملت السنة الثالثة، وسميت حقة؛ لأنها استحقت أن يضربها الفحل، وقيل: لأنها تستحق الحمل والركوب (1)، وقيل: لأن أمها استحقت الحمل من العام المقبل] (2)(إلى ستين) أي: غاية العدد التي تجب فيه الحقة ستين بعيرًا، وفيه دليل على أن فرض النصاب يتعلق بالجميع، وأن الأوقاص التي بين النصابين ليس بعفو، وهو نص الشافعي في "الإملاء". واختيار ابن شريح، وهو الصحيح عن (3) الشافعية، وعليه الأكثرون، ونص الشافعي في أكثر كتبه على أنها عفو (4)(فإذا بلغت إحدى وستين، ففيها جذعة) بفتح الجيم والذال، وهي التي أتت (5) عليها أربع، ودخلت في الخامسة (إلى خمس وسبعين) يتغير [فيه الفرض بتغيير](6) الواجب في هذا بزيادة عشر، وكذا ما قبلها وما بعدها (فإذا بلغت) الإبل (ستًّا وسبعين، ففيها ابنتا لبون) هذا مما يتغير فيه الفرض بزيادة عدد (7) الواجب، وما قبله إلى خمس وعشرين يتغير فيه الفرض بزيادة السن (8) لا غير، وكلاهما من الجنس، وما دون الخمس والعشرين

(1)"غريب الحديث" لابن سلام 3/ 71.

(2)

سقط من (م).

(3)

في (م): عند.

(4)

"الحاوي الكبير" 3/ 89 - 90.

(5)

في (ر): دخلت.

(6)

سقط من (م).

(7)

في (ر): عمل.

(8)

في (ر): الستين.

ص: 465

إلى خمس يتغير الفرض فيها بزيادة العدد من غير الجنس (إلى تسعين) فما بين التسعين إلى الست والسبعين وقص لا زكاة فيه، بل هو عفو على الأصح، كما تقدم.

(فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل) هذِه الرواية المشهورة، التي استحق الفحل أن ينزو (1) على الأنثى، واستحقت الأنثى أن ينزى عليها (2)، وفي رواية (3): طروقتا الحمل (4) بكسر الحاء المهملة، أي (5): لاستحقاقها أن يحمل عليها الحمل ويركب، ومنهم من قال: طروقة (6) الجمل - بفتح الجيم - أن ينزو عليها الجمل، وهذِه الثلاثة الأوجه في طروقة الفحل (7) المتقدمة (إلى عشرين ومائة) الوقص هنا خمس وعشرون وفيما تقدم تسع تسع.

(فإذا زادت على عشرين ومائة) أي: واحدة فصاعدًا، قال أبو حنيفة: يستأنف الحساب، ففي كل خمس تزيد شاة مع الحقتين، فإذا بلغت مائة وخمسًا وأربعين ففيها بنت مخاض مع الحقتين، فإذا بلغت مائة وخمسين ففيها ثلاثة حقاق (8)(ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة)

(1) زاد في (م) بعدها: عليها و.

(2)

زاد بعدها في (ر): الفحل.

(3)

زاد بعدها في (ر): على الآية.

(4)

في (م): الفحل.

(5)

سقط من (م).

(6)

في (ر): طروق.

(7)

في (ر): الحمل.

(8)

انظر: "المبسوط" 2/ 206 - 207.

ص: 466

والصحيح هو قول الجمهور أنها إذا زادت واحدة وجب ثلاث بنات لبون؛ فلا يتغير الواجب قبل الواحدة، وقال الإصطخري: إذا زادت على المائة وعشرين، ولو بعض واحدة وجب ثلاث بنات لبون؛ لصدق اسم الزيادة عليه؛ فإنه قال:"إذا زادت" ولم يقيد بواحدة ويتصور بعض واحدة في الشركة، واحتج الجمهور بالقياس على سائر النصب؛ فإنها لم تتغير إلا بواحد كامل، وبأن السابق إلى الفهم من الزيادة، واستأنسوا لذلك برواية [أبي عمرو] (1) الآتية:"فإن كانت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون"(2).

قال السبكي: وقوله: "في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة". يحتاج إلى مقدمة، وهو أن المائة والعشرين إذا انفردت لا يجب فيها إلا حقتان بالإجماع، وعند زيادة بعير كامل يجب ثلاث بنات لبون، ولا يستأنف إيجاب الشاة في الزائد بإجماع أصحابنا، وعند زيادة [. . .](3) على ما (4) سبق، بل الخلاف في المذهب بالزيادة المغيرة للفرض، مذهب الشافعي (5) أنها داخلة في الجملة، وأن بنات اللبون الثلاث مأخوذة عن (6) المائة وإحدى وعشرين بكمالها (7)، سواء

(1) ستأتي برقم (1570)، وانظر:"المجموع" 5/ 390. بمعناه.

(2)

هكذا في (ر، م)، ولعل الصواب: آل عمر.

(3)

بياض في (ر). بمقدار كلمتين، وفي (م) تشبه: سبق.

(4)

سقط من (م).

(5)

"المجموع" 5/ 390. بمعناه.

(6)

في (م): من.

(7)

في (م): فكأنها.

ص: 467

قلنا: الوقص عفو أم لا، فإن الحادي والعشرين ليس بوقص، ولكنه جزء من النصاب؛ عملًا بقياس النصب، كالخامس والعشرين والسادس والثلاثين؛ فإنه لما غير فرض غيره تعلق الفرض به، وعلى هذا تخصيص عموم قوله:"في كل أربعين بنت لبون وكل خمسين حقة". وقال الإصطخري: يكون الثلاث بنات لبون مأخوذة عن المائة والعشرين، والزيادة واحدًا كان أو بعض واحد وقص معفو عنه (1)، وإن كان شرطًا في تغيير الفرض؛ عملًا بعموم الحديث، فإن الشيء قد يغير حكم غيره، ولا يغير حكم نفسه كالأخوين من (2) الأم يحجبانها إلى السدس ولا يرثان، والعبد إذا وطئ زوجته الحرة حصنها ولا يحصن نفسه (3)، [ويظهر فائدة الخلاف إذا بلغت الواحدة بعد الحول وقبل التمكن، فعند الإصطخري يجب ثلاث بنات بحالها، وعلى المذاهب يسقط منها جزء من إحدى وعشرين جزءًا، وقد بان بهذا على الوجهين أنا لم نخالف الحديث، ولا الأصول كما ادعاه الحنفية.

(وإذا تباين أسنان الإبل) أي: اختلفت وافترقت (في فرائض الصدقات) رواية الشافعي، وابن ماجه: وإن بين أسنان الإبل في فريضة الصدقة (فمن بلغت عنده) من الإبل (صدقة) مرفوعة بأنها فاعل، رواية البخاري: صدقته. (الجذعة) بالنصب، مفعول (وليست

(1) انظر "المجموع" 5/ 390.

(2)

في (م): مع.

(3)

سقط من هنا في (م) ورقتان مخطوط.

ص: 468

عنده جذعة) بأن لم تكن في ملكه، ولكنها مغصوبة أو مرهونة (وعنده حقة، فإنها تقبل منه) اتفق الشافعي والأصحاب على قبولها سواء كان السن الذي نزل إليه مع الجبران يبلغ قيمة الجذعة التي نزل عنها أم لا، ولا نظر إلى التفاوت؛ لأنه جائز بالنص، والحكمة فيه أن الزكاة تؤخذ عند المياه غالبًا، وليس هناك حاكم ولا مقوم، فضبط ذلك بقيمة شرعية بصاع المصراة والفطرة (1) وغيرهما.

(وأن يجعل معها) أي: يدفع مع الحقة (شاتين إن استيسرتا إليه) أي: تيسرتا له، يقال: تيسر الشيء، واستيسر بمعنى (أو عشرين درهمًا) من النقرة الخالصة (2).

قال الإمام: وهكذا دراهم الشريعة حيث أطلقت، وقد استدل بقوله:"أن يجعل"، يعني: المالك ويؤيده (3): "وأن يعطي معها" على أصح القولين أن الخيرة في ذلك إلى المعطي؛ لأنه خيرة بأو التخييرية، فتكون الخيرة فيه إلى الفاعل دون غيره كالكفارة المخيرة (ومن) مبتدأ خبره محذوف نحو (فيها) (بلغت عنده صدقة) برفع صدقة على التنوين (الحقة) منصوب ويجوز رفع الصدقة بلا تنوين وجر الحقة (وليست عنده الحقة) نسخة: حقة، والموجود المعيب كالمعدوم، وأما الموجود النفيس كالحامل ذات اللبن والكريمة إن لم يسمح بها المالك فهي كالمعدومة (وعنده) أعلى منها وهي (جذعة فإنها تقبل منه

(1) في (ر) تشبه: الغرة.

(2)

انظر "المجموع" 5/ 403.

(3)

في المخطوط: وترداه. والمثبت هو المناسب.

ص: 469

ويعطيه المصدق) بفتح الصاد المهملة المخففة كما تقدم [(عشرين درهمًا)](1) من النقرة، فإن لم يكن في بيت المال شيء واحتاج الإمام إلى دراهم يدفعها في الجبران باع شيئًا من مال الزكاة وصرفه في الجبران (أو شاتين) وصفة الشاة أن تكون صحيحة غير معيبة، والخيرة في الشاتين أو العشرين درهمًا إلى الإمام [وقيل: الخيرة إلى] (2) المعطي كما هو ظاهر الحديث (ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده حقة) أي: في ملكه (وعنده ابنة لبون فإنها تقبل منه) ويدفع معها شاتين أو عشرين درهمًا.

(قال أبو داود: ومن ها هنا لم أضبطه عن موسى) بن إسماعيل ضبطًا (كما أحب) بضم الهمزة (ويجعل معها) أي: مع ابنة اللبون (إن استيسرتا إليه شاتين)(3) تقديم الشاتين على الدراهم وقوله: "إن استيسرتا إليه" يدل على أن الأفضل أن يدفع الشاتين وإن كان يجوز له دفع الدراهم؛ لأن الشاتين أقرب إلى الإبل من الدراهم؛ لكونها من النعم ([أو عشرين درهما] (4) ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون وليست عنده إلا حقة) وسنها أعلى من سن ابنة اللبون (فإنها تقبل منه) عند عدم الحقة، أما مع وجودها فلا تقبل منه مع أخذ الجبران ولا من الساعي؛ فإن الشارع لم يجعل الصعود والنزول إلا مع العدم، ولو لزمه ابنة اللبون فأخرج

(1) من المطبوع.

(2)

في المخطوط بياض قدر أربع كلمات. والمثبت ما يوافق ما في كتب الشروح والفقه.

(3)

في المطبوع: "ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له".

(4)

من المطبوع.

ص: 470

بنتي مخاض بلا جبران فوجهان، أصحهما: يجزئ.

(إلى هنا قال أبو داود: ثم أتقنته) من الإتقان (ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين) هكذا ورد تقديم العشرين على الشاتين (ومن بلغت عنده صدقة بنت لبون وليست عنده إلا بنت مخاض) بالرفع (فإنها تقبل منه و) يأخذ (شاتين [أو عشرين درهما])(1) وفي اشتراط الأنوثة في الشاتين وجهان، الأصح: لا يشترط، لكن إن رضي رب المال بالذكر جاز، وإن لم يرض به فوجهان.

(ومن بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليس عنده إلا ابن لبون ذكر فإنه) نسخة فإنها (يقبل منه وليس معه) نسخة: معها. (شيء) من الجبران كما رواه البخاري أيضًا (2)، ولا فرق بين من قدر على تحصيلها وغيره، ولا بين أن يكون ابن اللبون أقل قيمة منها أو لا، ولا جبران للحديث، لكن لو كان من نوع رديء دونها أو كانت سمانًا وهو هزيل لم يجز (ومن لم يكن عنده إلا أربع) من الإبل (فليس فيها شيء) واجب (إلا أن يشاء ربها) أي: مالكها، إلا أن يتطوع (وفي سائمة الغنم) السائمة: التي ترعى بنفسها ولا تعلف، والسوم: الرعي، يقال: سامت الماشية إذا رعت وأسمتها: أخرجتها للمرعى، وهو من السمة وهي العلامة؛ لأنها تسم الأرض برجلها في المرعى، وتقع السائمة على الواحدة والجمع، ويؤخذ من مفهوم سائمة الغنم أن غير السائمة وهي المعلوفة لا زكاة فيها كما هو مقرر في كتب الأصول،

(1) من "السنن".

(2)

"صحيح البخاري"(1448).

ص: 471

والسوم مخصص لعموم اسم الغنم، وتخصيص العموم بالمفهوم جائز وإن منعه صاحب "المحصول"(1)، وقد قال سيف الدين الآمدي: لا أعلم خلافًا بين القائلين بالعموم والمفهوم في جوازه (2). والبقر والإبل ملحقة بالغنم (3)، والمعلوفة لا تجب الزكاة فيها؛ لأنها لا تقتنى للنماء فلا زكاة فيها كثياب البدن وآلة الدار، إذا عرف هذا فالغنم السائمة جميع الحول أو معظمها.

(إذا كانت أربعين) شاة (ففيها) أي: فتجب فيها (شاة) للإجماع وهي جذعة ضأن أو ثنية معز كالأضاحي، ونقل الشافعي أن أهل العلم لم يختلفوا أن لا يؤخذ أقل من الجذعة أو الثنية (4). ثم الشاة فيما زاد عن الأربعين (إلى عشرين ومائة، فإذا زادت على عشرين ومائة) قياس قول الإصطخري (5) أن تعتبر مطلق الزيادة على مائة وعشرين فتجب إذا زادت بعض شاة شاتان، وصورة المسألة: إذا ملك مائة وعشرين شاة وبعض شاة مشترك بينه وبين من لا تصح الخلطة معه، والرواية الآتية:"فإذا زادت واحدة"(ففيها شاتان) من جذع الضأن وثني المعز إذا لم تتمخض الغنم صغارًا في موت الأمهات (إلى أن تبلغ مائتين) لا يجب فيها إلا شاتين.

(1)"المحصول" لابن العربي 1/ 94. و"المحصول" للرازي 3/ 103.

(2)

"الإحكام للآمدي" 2/ 328.

(3)

في المخطوط: بالإبل. والصواب ما أثبتناه. لأنه يعني أنها لاحقة بها في حكم السوم.

(4)

"مختصر المزني" 8/ 137 المطبوع مع "الأم" دار المعرفة.

(5)

انظر: "البيان" 3/ 168، و"المجموع" 5/ 382.

ص: 472

(فإذا زادت على المائتين) أي فيه قول الإصطخري أيضًا في اعتباره مطلق الزيادة (ففيها ثلاث شياه) بالهاء في الوقف والدرج، وهو يدل على أن أصله شوهة، ويدل على هذا أن تصغيره شويهة، وهي تقع على الذكر والأنثى (1)(إلى أن تبلغ ثلاثمائة، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة شاة) مقتضاه أنه لا تجب الشاة الرابعة حتى توفي أربعمائة، وهو قول جمهور العلماء، قالوا: وفائدة ذكر الثلاثمائة لبيان النصاب الذي بعده؛ لكون ما قبله مختلفًا، وعن بعض الكوفيين والحسن بن صالح ورواية عن أحمد: إذا زادت على الثلاثمائة واحدة وجبت الأربع.

(ولا يؤخذ في الصدقة هرمة) بفتح الهاء وكسر الراء وهي الكبيرة التي سقطت أسنانها من الكبر (ولا ذات عوار) بفتح العين المهملة، ويجوز الضم وهي المعيبة، والعور: العيب، وقيل: بفتح العين معيبة العين، وبالضم: العور، والمعتبر في العيب ما يرد به البيع على الصحيح، وفيه وجه: أنه ما يثبت به الرد مع ما يمنع أخذ الأضحية وهو تفريع على الصحيح أن عيب الأضحية لا يثبت به الرد، ويظهر فائدة الخلاف في الشرفاء والحرقاء؛ فإنها تجزئ على الصحيح، وعلى الثاني فيها خلاف كالأضحية وإذا كانت كلها معيبة فالصحيح أن يأخذ الوسط، لكن هل يؤخذ أوسطها عيبًا أو قيمة، فيه وجهان أصحهما أوسطها عيبًا. (من الغنم) وكذا الإبل والبقر قياسًا على الغنم.

(ولا تيس الغنم) وهو فحلها المعد لضرابها (إلا أن يشاء المصدق)

(1)"تحرير ألفاظ التنبيه" ص 103.

ص: 473

بتخفيف الصاد وكسر الدال، وهو العامل الساعي، ومعناه: إلا أن يرى الساعي أخذ ذات العوار والهرمة والتيس؛ لأنه أنفع للمساكين إذا كانت كلها ذكورًا فيأخذ على النظر هذا مقتضى بينه في البويطي وصححه النووي وغيره، وعلى هذا يعود الاستثناء إلى الجميع كما هو المعروف من مذهب الشافعي والأصوليين، وذهب الأكثرون إلى أنه المصدق بتشديد الصاد وهو رب المال المالك، فيكون الاستثناء عائدًا إلى الأخير خاصة وهو التيس المعد لضرابها إذا تبرع به المالك وكانت كلها ذكورًا والمريضة معيبة، وعلى هذا لا تؤخذ الهرمة والمعيبة بحال، ويؤخذ التيس إذا رأى المالك، وصورته: إذا كانت الغنم كلها ذكورًا بأن ماتت الأمهات وبقي الذكور، هكذا نقل النووي التأويلين، قال السبكي: ويرد على الأول أن مقتضاه أخذ المريضة والمعيبة عن الصحاح إذا كانت أكثر قيمة، وكذلك الذكر عن الأنثى، قال: ولا نعلم أحدًا قال ذلك، حتى أنه لو دفع سنًّا أعلى من سنه وأفضل ولكنه معيب لا يؤخذ، ويرد على الثاني أن المريضة تؤخذ من المراض باتفاق الأصحاب، وإنما يقول بهذا التفسير على عمومه مالك حيث يمنع أخذ المريضة من المراض، لكنا نقول أن الحديث خرج مخرج الغالب؛ فإن مرض الشاة كلها نادر، وأما تيس الغنم وهو الفحل فإن كانت كلها ذكورًا فالنهي عنه لكرمه، وإن كان فيها إناث فالنهي عنه لنقصه، وعلى التقدير الأول يؤخذ إذا رضي المالك، وعلى الثاني لا يؤخذ.

(ولا يجمع بين متفرق) بتقديم التاء على الفاء - وفي رواية البخاري

ص: 474

بتقديم الفاء (1) - وتشديد الراء (ولا يفرق بين مجتمع خشية) بالنصب مفعول له أي: لأجل خشية (الصدقة) أي: خشية أن تكثر الصدقة أو خشية أن تقل الصدقة، فلما كان محتملًا للأمرين لم يكن الحمل على أحدهما بأولى من الآخر فيحمل عليهما معًا، لكن حمله على المالك أظهر.

قال مالك في "الموطأ": معنى هذا الحديث أن يكون النفر (2) الثلاثة لكل واحد منهم أربعون شاة وجبت فيها الزكاة على كل واحد منهم، فإذا أظلهم المصدق جمعوها لئلا يكون عليهم فيها إلا شاة واحدة [فنهوا عن](3) ذلك، قال: وتفسير قوله: "ولا يفرق بين مجتمع" أن الخليطين يكون لكل واحدٍ منهما مائة شاة وشاة فيكون عليهما ثلاث شياه، فإذا أظلهما المصدق فرقا غنمهما فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة واحدة، فنهى عن ذلك، قال: فهذا الذي سمعت من ذلك (4).

قال الشافعي: هو خطاب لرب المال من جهة وللساعي من جهة، فأمر كل واحد منهم أن لا يتخذ شيئًا من الجمع والتفريق خشية الصدقة، فرب المال يخشى أن تكثر الصدقة فيجمع أو يفرق لتقل والساعي يخشى أن تقل الصدقة فيجمع أو يفرق لتكثر، فاستدل به

(1) هكذا في رواية أبي ذر الهروي عن الحموي والمستملي، وفي رواية الكشميهني: متفرق. صحيح البخاري" 2/ 116، وانظر: "فتح الباري" 3/ 314.

(2)

في (ر): الفقر. والمثبت من "الموطأ".

(3)

في (ر): فهو أعمى. والمثبت من "الموطأ".

(4)

"الموطأ" 1/ 223.

ص: 475

على من كان عنده دون النصاب من الفضة ودون النصاب من الذهب مثلًا أنه لا يجب ضم بعضه إلى بعض حتى يصير نصابًا كاملًا فتجب فيه الزكاة خلافًا لمن قال يضم على الآخر كالمالكية أو القيم كالحنفية، واستدل به لأحمد على من كان له ماشية لا تبلغ النصاب لعشرين شاة مثلًا بالكوفة مثلها بالبصرة أنها لا تضم باعتبار كونها ملك رجل واحد، ويؤخذ منها الزكاة.

قال ابن المنذر: وخالفه الجمهور فقالوا: يجمع على صاحب المال أمواله ولو كانت في بلدان شتى، ويخرج منها الزكاة (1). واستدل به على إبطال الحيل.

(وما كان من خليطين) يشمل الخليط خلطة لاشتراك وتسمى خلطة شيوع وخلطة اشتراك وخلطة الجور وتسمى خلطة أوصاف وكل منهما مؤثر في الزكاة بالاجتماع والافتراق كما تقدم، وقال أبو حنيفة: المراد بالخليط الشريك فقط، قال: فلا يجب على أحد منهم فيما يملك إلا مثل الذي يجب عليه لو لم يكن خلط (2)، وتعقبه ابن جرير: لو لم تؤثر خلطة الجوار بين الجمع والتفريق في الحكم لبطلت فائدة الحديث ولما كان له معنى، وإنما النهي في الحديث عن أمر لو فعلت كانت فيه فائدة قيد المنهي، قال: ولو كان كما قال لما كان لتراجع الخليطين بالسوية معنى.

(فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية) محمول على الحصة كما إذا كان

(1)"عمدة القاري" 9/ 14 - 15.

(2)

"الحجة" 1/ 486. بمعناه.

ص: 476

المال بينهما نصفين، فإن التراجع بينهما بالسوية أي إذا أخذ الساعي من أحدهما والتراجع يقل في خلطة الشيوع ويكثر في الجوار، أما الشيوع فإن كان الواجب من جنس المال] (1) فأخذه الساعي منه فلا تراجع، وإن كان من غيره كشاة من الإبل رجع المأخوذ منه على صاحبيه بنصف قيمتها، وأما خلطة الجوار فإن لم يمكن الساعي أن يأخذ من نصيب كل ما يخصه فله أن يأخذ فرض الجميع من أيهما شاء وإن أمكن، قال أبو إسحاق: يأخذ من مال كل ما يخصه، ولا يجوز غير ذلك لتعينهما عن التراجع، والأصح وبه قال أبو هريرة والجمهور: يأخذ من حيث المال بل لواحد كما قال أبو إسحاق [بين التراجع](2)؛ لأن المالين كواحد، هكذا قال الرافعي (3). ويوافقه إطلاق الحديث (فإن لم تبلغ سائمة الرجل) الواحد (أربعين) شاة (4)(فليس فيها شيء) من الزكاة، لعل هذا مما يستدل به مالك؛ فإنه قال: لا يجب على الخليطين شيء إلا أن يتم لهذا أربعون ولهذا أربعون، وبهذا قال سفيان الثوري كما حكاه البخاري عنه في "الصحيح"(5)، وحكي عن أبي ثور واختاره ابن المنذر من الشافعية قال مالك في "الموطأ": لا تجب الصدقة على الخليطين حتى يكون لكل واحد منهما ما تجب فيه الزكاة، قال: ويفسر ذلك إذا كان لأحد الخليطين أربعون شاة فصاعدًا والآخر أقل من أربعين

(1) إلى هنا انتهى السقط من (م).

(2)

في (م): ثبت الراجع.

(3)

"الشرح الكبير" 2/ 509.

(4)

من (م).

(5)

البخاري معلقا قبل حديث (1451).

ص: 477

شاة كانت الصدقة على الذي له الأربعون شاة فصاعدًا ولم تكن على الذي له أقل من ذلك صدقة (1)(إلا أن يشاء ربها)[أي: مالكها](2)(وفي الرقة) بكسر الراء وتخفيف القاف (ربع العشر فإن لم يكن) في (3)(المال إلا تسعين ومائة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها)(4) كما تقدم

[1568]

([حدثنا النفيلي) قال: ] (5)(ثنا عباد بن العوام) الواسطي أبو سهل، وثقه أبو حاتم (6) (عن سفيان بن حسين) الواسطي قال النسائي: ليس به بأس (7).

[(عن الزهري](8)، عن سالم) بن عبد الله بن عمر (عن أبيه) عبد الله بن عمر (قال: كتب رسول الله كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عماله) جمع عامل (حتى قُبض) يحتمل أن يراد حتى شارف أن يقبض وقارب وفاته كما في قوله تعالى: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} (9) أي: أشرفن على انقضاء العدة، وقربن منها (فقرنه بسيفه) أي وضعه في مرض موته في قراب سيفه (فعمل به) أي أخذه أبو بكر من قراب سيفه حين (10) مات وعمل

(1)"الموطأ" 1/ 223.

(2)

سقط من (م).

(3)

سقط من (م).

(4)

زاد في (م): أي مالكها.

(5)

من (م).

(6)

"الجرح والتعديل" 6/ 83.

(7)

"تهذيب الكمال" 11/ 141.

(8)

في (م): عن سالمة هذا.

(9)

البقرة: 231.

(10)

في (م): حتى.

ص: 478

بما فيه (أبو بكر حتى قبض) أي: عمل به مدة حياته حتى مات (ثم) أخذه (عمل به عمر حتى قُبض) قال القاضي حسين: كان أبو بكر نسخ كتاب أنس من كتاب كتبه النبي صلى الله عليه وسلم (فكان فيه: في خمس من الإبل شاة) وهكذا (1) أول نصاب الإبل (وفي عشر شاتان) أي: وما بينهما وقص معفو عنه، ويدل عليه ما جاء في رواية:"خمس من الإبل شاة ثم لا شيء في زيادتها حتى تبلغ عشرًا"، قال الأصحاب: ولا يمتنع أن يكون الحكم متعلقًا بمقدار معلوم، ثم يتعلق ذلك المقدار بما زاد عليه كالقطع المتعلق بالسرقة ربع دينار، ثم ما زاد كذلك وكالدم المتعلق بحلق ثلاث شعرات في الإحرام وأنه يتعلق بحلق جميع الرأس.

(وفي خمس) بفتح السين (عشرة) بالفتح أيضًا؛ لأن الاسمان متركبان تركيب بناء (ثلاث شياه) ولا شيء فيما بينهما على الأصح كما تقدم.

(وفي عشرين أربع شياه) ثم لا يزيد بزيادتها شيء حتى يبلغ ما قال (وفي خمس وعشرين بنت مخاض) لها سنة، سميت بذلك لأن أمها لحقت بالمخاض وهي الحوامل، ثم لزمها هذا الاسم وإن لم تحمل أمها ثم لا يزيد بزيادتها شيء (إلى خمس وثلاثين فإذا زادت واحدة)(2) بأن صارت ستًا وثلاثين (ففيها ابنة لبون) أنثى (3) لها سنتان وشرعت في الثالثة ثم لا شيء فيما زاد (إلى خمس وأربعين فإذا زادت واحدة ففيها حقة) بنت ثلاث سنين طروقة الفحل كما تقدم (إلى ستين، فإذا

(1) في (م): هذا.

(2)

من (م).

(3)

في (م): أنها.

ص: 479

زادت واحدة ففيها جذعة) بفتح الذال المعجمة لها أربع سنين (إلى خمس وسبعين) فليس فيها إلا جذعة.

(فإن زادت واحدة) بالرفع بأن صارت ستا وسبعين (ففيها ابنتا لبون إلى تسعين) بعيرا.

(فإذا زادت واحدة (1) ففيها حقتان) طروقتا الفحل كما تقدم.

(إلى عشرين ومائة) ففيهما حقتان (فإن كانت الإبل أكثر من ذلك) ولو بواحدة [كما تقدم](2) لا بعض شاة كما قال الإصطخري (ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين ابنة لبون) كما تقدم.

(وفي الغنم) الغنم اسم جنس مؤنثة لا واحد لها من لفظها يطلق على الذكور والإناث (في كل أربعين شاة شاة إلى عشرين ومائة فإن زادت واحدة فشاتان إلى مائتين فإذا زادت واحدة على المائتين ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة فإن كانت) أي: (الغنم أكثر من ذلك ففي كل مائة شاة شاة) كما تقدم.

(وليس فيها شيء حتى تبلغ المائة) يعني: الرابعة ففيها أربع شياه (ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق مخافة) بالنصب (3)، هذِه مبينة للرواية المتقدمة (الصدقة وما كان من خليطين) الخليط بمعنى المخالط كالنديم بمعنى المنادم والجليس بمعنى المجالس، وهو واحد وجمع، قال الشاعر:

(1) من (م).

(2)

من (م).

(3)

سقط من (م).

ص: 480

إن الخليط أجدوا البين فانصرموا (1)

ويجمع على خلطاء وخلط (فإنهما يتراجعان بينهما (2) بالسوية) أي (3): بالحصة كما تقدم [ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين مفرق مخافة أي: خشية الصدقة كما تقدم](4).

(ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عيب) هذِه الرواية موضحة للرواية السابقة: ذات عوار (قال) الراوي (وقال الزهري: إذا جاء المصدق) بتخفيف الصاد ليأخذ الصدقة الواجبة (قسمت) بضم القاف وكسر السين (الشاء) بالرفع (أثلاثًا) أي إذا اختلفت الشياه في الجودة والرداءة قسم المال فلا يؤخذ الرديء من أجل الفقراء ولا الكرائم من أجل أربابه أخذ من الوسط، وروي نحو هذا عن عمر بن الخطاب، وقاله الإمام أحمد (5) والشافعي ولفظه: إذا اختلفت أغنام الرجل وكان فيها أجناس بعضها أرفع من بعض أخذ المصدق من وسط أجناسها لا من أعلاها ولا من أسفلها وإن كانت واحدة أخذ خير ما يجد انتهى (6).

(ثلثًا شرارًا) رواية: ثلثٌ شرارٌ، [بكسر الشين](7) (وثلثًا خيارًا، وثلثًا

(1) البيت للفضل بن العباس اللهبي، وقال ابن بزي: صوابه: أجدوا البين فانجردوا. انظر: "الصحاح"[غلب]، [خلط]، "تاج العروس"[خلط].

(2)

من "السنن".

(3)

من (م).

(4)

من (م).

(5)

"المغني" 4/ 217.

(6)

"الأم" 2/ 15.

(7)

من (م).

ص: 481

وسطًا) أي: تقسم ثلاثة أثلاث رديء وخيار ووسط (1)[فأخذ المصدق من الوسط)](2) فيأخذ الساعي الوسط إلا أن يشاء ربها، وبهذا جاءت الأحاديث كما سيأتي، فإن تطوع رب المال بأخذ الخيار جاز وله ثواب الفضل (ولم يذكر الزهري البقر) ولا الإبل وإن كانتا في معنى الشاة.

[1569]

([حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ] ثنا محمد بن يزيد الواسطي) شامي الأصل، قال ابن معين وأبو داود: ثقة (3)، قال وكيع: إن كان أحدٌ من الأبدال فهو محمد بن يزيد الواسطي (4)، مات بواسط (5) سنة 188.

([أخبرنا سفيان بن حسين] (6)[بإسناده ومعناه](7) قال: فإن لم تكن ابنة مخاض فابن) بالرفع (لبون) مقبول منه كما تقدم ([ولم يذكر قوله (8)]) (9) في البقر ولا الإبل ولا الغنم.

[1570]

(ثنا محمد بن العلاء [قال: حدثنا])(10) عبد الله (بن المبارك) ابن واضح شيخ الإسلام (عن يونس بن يزيد) الأيلي، ثقة

(1) من "السنن".

(2)

"تهذيب الكمال" 27/ 32.

(3)

"تاريخ بغداد" 3/ 372.

(4)

ساقطة من (ر)، وفي (م): بواسطة.

(5)

من "السنن".

(6)

من (م).

(7)

في "السنن": كلام الزهري.

(8)

و (9) من (م).

(10)

"تهذيب الكمال" 32/ 556.

ص: 482

إمام (1)(عن ابن شهاب قال: هذِه نسخة كتاب (2) رسول الله الذي كتبه) أي: لأبي بكر كما تقدم (في الصدقة وهي عند آل عمر بن الخطاب) يعني عبيد الله بن عبد الله [ابن عمر](3) وسالم بن عبد الله.

(قال ابن شهاب) الزهري (4)(أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر) بن الخطاب (فوعيتها) أي: حفظتها، قال في "الأفعال": وعيت العلم حفظته (5). وأصله من الوعاء الذي يجمع فيه (على وجهها) أي: على جهتها الذي أقرأنيها (وهي التي انتسخ عمر بن عبد العزيز) وغيره (من عبيد (6) الله) بالتصغير (ابن عبد الله بن عمر وسالم بن عبد الله بن عمر. . فذكر الحديث) المتقدم بطوله.

و(قال) فيه (فإذا كانت) الإبل (إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون) فيه دليل على أن الفرض لا يتغير قبل إحدى وعشرين كما تقدم على الصحيح المنصوص عند الشافعي (7)، وفيه حجة على الإصطخري فيما تقدم عنه أنه إذا زادت على مائة وعشرين ولو بعض شاة وجبت ثلاث بنات لبون محتجًّا بقوله في الرواية السابقة:"إذا زادت" ولم يقيد (8).

(1) في (ر): كان. والمثبت من (م).

(2)

سقط من (م).

(3)

تكرر في (م).

(4)

"كتاب الأفعال" لابن القوطية ص 161.

(5)

في "السنن": عبد.

(6)

"الأم" 2/ 9.

(7)

"المجموع" 5/ 390.

(8)

"المدونة" 1/ 352.

ص: 483

واحتج الجمهور بهذا الحديث، وقوله:"ففيها" أي: فالواجب في مائة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون، وهو حجة على إحدى الروايات الثلاث الواردة عن مالك وأحمد أن الإبل إذا زادت على مائة وعشرين يخير الساعي بين حقتين وثلاث بنات لبون (1)(حتى تبلغ تسعًا وعشرين ومائة) ليس فيها غير ثلاث بنات لبون.

(فإن كانت ثلاثين ومائة ففيها ابنتا لبون وحقة) فيه حجة على ما ذهب إليه ابن مسعود والنخعي والثوري (2) وأبو حنيفة: إذا زادت الإبل على عشرين ومائة استؤنفت الفريضة في كل خمس شاة تزاد مع الحقتين إلى خمس وأربعين ومائة [فيكون فيها حقتان وبنت مخاض إلى خمسين ومائة، ففيها ثلاث حقاق وتستأنف الفريضة في كل خمس شاة (3)(حتى تبلغ تسعًا وثلاثين ومائة، فإذا كانت أربعين ومائة ففيها حقتان وابنة لبون) لما تقدم ففي مائة حقتان، وفي أربعين ابنة لبون.

([حتى تبلغ تسعا وأربعين ومائة] (4) فإذا كانت خمسين ومائة ففيها ثلاث حقاق) (5) لأن المائة وخمسين ثلاث خمسينات (حتى تبلغ تسعًا وخمسين ومائة، فإذا كانت ستين ومائة ففيها أربع بنات لبون) ثم كل ما زاد عشرًا بدلت مكان كل بنت لبون حقة (حتى تبلغ تسعًا وستين ومائة، فإذا كانت سبعين ومائة) أبدلت مكان بنت اللبون الرابعة حقة،

(1) في (م): النووي.

(2)

"المبسوط" 2/ 204.

(3)

من "السنن".

(4)

غير واضحة في (م) ولعله يكون سقط.

(5)

من "السنن".

ص: 484

([ففيها ثلاث بنات لبون وحقة) بالرفع (حتى تبلغ تسعًا وسبعين ومائة])(1) فإذا كانت ثمانين ومائة) أبدلت مكان ابنة اللبون الثالثة حقة وحينئذٍ ([ففيها حقتان وبنتا لبون (2) حتى تبلغ تسعًا وثمانين ومائة) (3) ليس فيها إلا حقتان وبنتا لبون (فإذا كانت (4) تسعين ومائة) أبدلت مكان ابنة اللبون الثانية حقة فيجتمع (ففيها (5) ثلاث حقاق وبنت لبون) فثلاث حقاق بمائة وخمسين وبنت لبون بأربعين (حتى تبلغ تسعًا وتسعين ومائة، فإذا كانت مائتين) بلغت قدرًا يخرج فرضه بحسابين مختلفين (ففيها أربع حقاق) لأن المائتين فيها أربع خمسينات (أو خمس بنات لبون) لأن في المائتين خمس أربعينات (أي) بالنصب مفعول مقدم لقوله: وجدت بعده (السنين) تثنية سن (وجدت) وأعربت أي هنا؛ لأن شبهها بالحرف عارضه لزوم الإضافة التي هي من خواص الأسماء وجاء عائدها محذوفًا مقدرًا غير مبتدأ، بل هو منصوب مفعولٌ. (أخذت) التقدير: أخذته، ونظير هذا في الإعراب كقولك: أكرمت أيهم أكرمت. إذا عرفت هذا فمعنى الحديث أنه إذا وجد في مال المالك كلًّا من الصنفين فالواجب أحد الصنفين؛ لأن الصنفين إذا (6) وجدا تعلق بهما الفرضان، وعلى هذا فالذي قطع به الجمهور ونص عليه الشافعي أن

(1) من (م).

(2)

من (م).

(3)

سقط من (م).

(4)

في (م): بلغت.

(5)

سقط من (م).

(6)

في (م): لما.

ص: 485

الساعي يأخذ الأغبط منهما لأهل السهمان مراعاة للمساكين، وذلك منوط بنظر الساعي (1)، وعلى هذا فمقتضاه أن رب المال إذا أخرج لزمه إخراج أغلى الفرضين؛ لأنه وجد سبب العوضين فكانت الخيرة إلى مستحقه أو نائبه كقتل العمد الموجب للقصاص أو الدية، واحتجت الحنابلة بهذا الحديث (2) على أن المالك يخرج أي الفرقتين (3) شاء، وإن كان الآخر أفضل منه.

(وفي سائمة الغنم. فذكر نحو حديث سفيان بن حسين) المتقدم (وفيه: ولا يؤخذ في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار من الغنم، ولا (4) تيس الغنم، إلا إن شاء المصدق) كما تقدم.

[1571]

(ثنا عبد الله بن مسلمة) بن قعنب القعنبي، أحد الأعلام (قال: قال مالك: وقول عمر بن الخطاب: لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع أن يكون لكل رجل أربعون شاة، فإذا أظلهم المصدق) أي: دنا منهم لأجل أخذ الزكاة.

قال الجوهري: أظلك فلان إذا دنا منك، كأنه ألقى عليك ظله، أي: لقربه منك (5)(جمعوها) أي: خلطوا الثلاث أربعينات وجمعوها (لئلا) يجب عليهم ثلاث شياه، ولئن (لا يكون فيها إلا شاة) واحدة في

(1) انظر: "المجموع" 5/ 412.

(2)

سقط من (م).

(3)

في (م): الفرضين.

(4)

من (م).

(5)

"الصحاح" 5/ 1756.

ص: 486

المائة والعشرين (1)(ولا يفرق بين مجتمع) معناه (أن الخليطين إذا كان لكل واحد (2) منهما مائة شاة وشاة فيكون عليهما [فيهما) أي](3): في المائتين والشاتين (ثلاث شياه) إذا خلطا وجمع بينهما (فإذا أظلهما المصدق) بتخفيف الصاد فيهما (4) أي: إذا (5) دنا منهما الساعي لأخذ الزكاة (فرقا غنمهما) فجعلا كل مائة شاة بمفردها حيلة على تقليل الزكاة (فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة) واحدة (فهذا الذي سمعت في ذلك)(6) فيه أن هذا التفسير ليس من كلامه بل نقله عن السلف أو غيرهم.

[1572]

(ثنا النفيلي، ثنا زهير) بن معاوية بن حديج (7) الجعفي، حجة حافظ، لكن في حديثه (عن أبي إسحاق) لين؛ لأنه سمع منه بأخرة.

قال أبو زرعة: ثقة، إلا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط (8).

قال الذهبي: لين (9) روايته عن (10) أبي إسحاق لا من قبله، وأبو إسحاق عمرو (11) بن عبد الله السبيعي أحد الأعلام، له نحو ثلاثمائة

(1) في (م): عشرين.

(2)

و (3) من (م).

(4)

سقط من (م).

(5)

سقط من (م).

(6)

انظر: "المدونة" 1/ 373.

(7)

في (ر): جريج.

(8)

"الجرح والتعديل" 3/ 589.

(9)

من (م).

(10)

زاد في (ر): قبل.

(11)

في (م): عمر.

ص: 487

شيخ (1)، وهو يشبه الزهري في الكثرة (2)، لكنه كان قد اختلط في آخر عمره (3)(عن عاصم بن ضمرة) السلولي الكوفي، روى عن علي، وقال الثوري (4): كنا نحفظ (5) فضل حديث عاصم على حديث الحارث (6).

(وعن الحارث) بن عبد الله ويقال: ابن عبيد الهمداني. ممن اشتهر بصحبة علي، ويقال أنه سمع منه أربعة أحاديث (الأعور، عن علي) بن أبي طالب (قال زهير) بن معاوية (أحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: هاتوا ربع العشر) ثم بين ذلك (ومن كل أربعين درهمًا) فإن عشرها أربعة دراهم [ربعها درهم](7).

قال الخطابي: هو تفصيل لجملة قد تقدم بيانها في حديث أبي سعيد الخدري وهو قوله: "ليس فيما دون خمسة أوسق شيء"، وتفصيل الجملة لا يناقضها (8) أي: بل هو بيان لها (درهمًا)(9) بالنصب بدل من ربع، أي: هاتوا درهمًا من كل أربعين وهو ربع عشرها.

(وليس عليكم شيء حتى تتم) أي: تكمل، والمراد: ليس عليكم

(1) في (م): سنة.

(2)

فىِ (م): المكبرة.

(3)

انظر: "تهذيب الكمال" 22/ 102 (4400).

(4)

في (م): النووي.

(5)

في (م): نعرف.

(6)

انظر: "الجرح والتعديل" 1/ 80، "تهذيب الكمال" 13/ 497 (3012).

(7)

سقط من (م).

(8)

"مختصر سنن أبي داود" المطبوع معه "معالم السنن" 2/ 188.

(9)

في (ر): درهم. والمثبت من (م).

ص: 488

شيء في الأربعين درهمًا حتى تكمل (مائتا درهم) وفيه دفع لما يتوهم من وجوب الزكاة في الأربعين، فإنما ذكرت الأربعين والدرهم منها لبيان ما قبلها وهو ربع العشر، والظاهر أن إعادة البيان والتفصيل لما ذكر معه في الحديث أولى من إعادة الحديث تقدم قبله وبعد عنه، ولعل أن يكون هذا الحديث قبل حديث أبي سعيد إلا أن يدل دليل على ذلك، والله أعلم.

(فإذا (1) كانت) الدراهم (مائتي درهم) وفيه بيان قدر الموجب وهو النصاب الذي تجب فيه الزكاة، وانعقد الإجماع على أنه مائتا درهم، وكان أهل المدينة يتعاملون عند قدوم (2) النبي صلى الله عليه وسلم بالدراهم عددًا، ويدل عليه قول عائشة في قصة بريرة: إن شاء أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة فعلت (3). تعني الدراهم.

(ففيه خمسة دراهم) بميزان أهل مكة (فما زاد) على النصاب (فعلى حساب ذلك) فلا وقص إلا في الماشية، والفرق أن النقود والثمار تتجزأ من غير ضرر بخلاف الماشية، ولا تكمل فضة بذهب ولا عكسه، ويكمل جيد كل واحد منهما بردئه، ويخرج من الجيد إذا اختلفت القيمة، فلو أخرج عن الجيد أو المختلط رديئًا أو عن الخالص مغشوشًا قليل (4) يجزئ ويخرج قيمة ما بينهما ذهبًا، والأصح أنه لا يجزئه، ثم الأصح أنه يسترجعه إن بيَّن عند الدفع (5) أنه زكاة. وقيل: لا، كما لو لزمه

(1) في (م): فإن.

(2)

في (م): قوم.

(3)

رواه مسلم (1504).

(4)

في (م): فقيل.

(5)

في (م): الرفع.

ص: 489

عتق سليمة فأعتق معيبة فإنها تعتق ولا يجزئ. والفرق ظاهر، وعلى الأصح لو كان تالفًا قوّم بجنس آخر وأخرج الوسط، مثاله مائتا درهم جيدة قيمة كل خمسة منها نصف دينار، أخرج عنها معيبة قيمتها خمسا دينار، ويبقى عليه درهم جيد، ولا شيء في المغشوش حتى يبلغ خالصه نصابًا.

(وفي الغنم في) كل (أربعين شاةً) بالنصب على التمييز (شاةٌ) بالرفع مبتدأ مؤخر (فإن لم يكن) غنمة (1)[رواية: سبع وثلاثون](2)(إلا تسعًا وثلاثين) شاة (فليس عليك فيها شيء) واجب (3) إلا أن يتطوع مالكها.

(وساق) حديث (صدقة الغنم مثل) ما تقدم في حديث (الزهري (4) قال: وفي البقر) اسم جنس واحده بقرة يطلق على الذكر والأنثى.

قال الأزهري: يشمل ثلاثة أنواع: الجواميس، وهي أنبل من البقر، والعراب (5)، والدربانية بفتح الدال المهملة المفتوحة ثم راء ساكنة ثم باء موحدة وبعد الألف نون، وهي التي تنقل (6) عليها الأحمال (7).

(في كل ثلاثين) بقرة (تبيع) وسمي بذلك لأنه يتبع أمه، وقيل: لأن قرنيه يتبعان أذنيه، فيه أن أول نصاب البقر ثلاثون فلا شيء فيما دونها

(1) في (م): قسمة.

(2)

سقط من (م).

(3)

سقط من (م).

(4)

زاد في (م): ثم.

(5)

في (م): الضراب.

(6)

في (م): يتعجل.

(7)

"الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" ص 98.

ص: 490

على قول الجمهور، وحكي عن (1) سعيد بن المسيب والزهري (2) أنهما قالا: في كل خمس شاة؛ لأنها عدلت بالإبل في الهدي والأضحية فكذلك في الزكاة. والحديث حجة عليهما، ولأن قياسهما فاسد فإن خمسًا وثلاثين من الغنم تعدل خمسًا من الإبل في الهدي ولا زكاة فيها.

(وفي الأربعين مسنة) وهي التي لها سنتان ودخلت في الثالثة، سميت مسنة (3) بذلك لزيادة سنها، وقيل: التبيع ما له ستة أشهر، والمسنة ما لها سنة. والأول نص الشافعي والأصحاب (4).

(وليس على العوامل) في الركوب والحرث والنضح، وهو إدارة السواقي ونحوها (شيء) وفي الدارقطني من رواية ابن عباس:"ليس في البقر العوامل شيء"(5)، وبذلك قال جمهور أصحاب الشافعي (6)، وبه قال أحمد؛ لأنهما (7) كثياب البدن (8) ومتاع الدار ولا تقتنى للنماء (9).

وفي رواية عن مالك: إن في العوامل والمعلوفة صدقة (10). وقال

(1) من (م).

(2)

رواه عبد الرزاق 4/ 3 (6792)، 20 (6836).

(3)

سقط من (م).

(4)

"المجموع" 5/ 415.

(5)

"سنن الدارقطني" 2/ 103 من حديث ابن عباس مرفوعًا.

(6)

"الأم" 2/ 31.

(7)

في (م): إنها.

(8)

في (م): البدل.

(9)

انظر: "المغني" 4/ 32.

(10)

"الاستذكار" 9/ 147 - 148.

ص: 491

الشيخ أبو محمد وجماعة من الخراسانيين أن ما كان مستعملًا منها ولكنها سائمة أبدًا لا تعلف فالزكاة فيها واجبة، بل هي أولى بالإيجاب؛ لأن فيها توفير المؤنة وفائدة العمل.

(وفي الإبل) زكاة (فذكر صدقتها كما ذكر [الزهري، قال] (1): وفي خمس وعشرين) أي: من الإبل [نسخة خمسة](2)(خمس من الغنم، فإذا زادت واحدة) بالنصب (3)(ففيها بنت مخاض) أخرجه ابن أبي شيبة وغيره عن علي مرفوعًا وموقوفًا (4)، وإسناد المرفوع ضعيف، وأخذ به علي بن أبي طالب والجمهور على أن في خمس وعشرين بنت مخاض كما تقدم (فإن لم تكن ابنة مخاض) في إبله (فابن لبون ذكر) للتأكيد، وقيل: احترز به عن الخنثى (إلى خمس وثلاثين [فإن زادت واحدة) صارت ستًّا وثلاثين (ففيها بنت (5) لبون) ثم لا شيء عليها (إلى خمسة وأربعين] (6) فإذا زادت واحدة ففيها حقة طروقة الجمل) رويت بفتح الجيم والميم، وهي بمعنى الفحل كما تقدم، ورويت طروقة الحمل بكسر الحاء المهملة وسكون الميم أي: يطرقها الحمل (إلى ستين. ثم ساق) الحديث (7)(مثل حديث الزهري) المتقدم.

(1) من "السنن".

(2)

سقط من (م).

(3)

سقط من (م).

(4)

"مصنف ابن أبي شيبة" 6/ 396 (9983) موقوفًا.

(5)

في (ر): ابن. والمثبت من "السنن".

(6)

سقط من (م).

(7)

من (م).

ص: 492

و (قال) فيه (فإذا زادت واحدة يعني واحدة على التسعين) من الإبل (ففيها حقتان طروقتا الجمل) بفتح الجيم والميم (إلى عشرين ومائة، فإذا كانت الإبل أكثر من ذلك (1) ففي كل خمسين حقة) بالرفع (ولا يفرق) بتقديم الفاء على الراء كما تقدم (بين مجتمع، ولا يجمع بين مفترق خشية الصدقة، ولا تؤخذ في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار) بفتح العين على الأفصح.

(ولا تيس) التيس من المعز (2)، والمراد به هنا الفحل كما تقدم في الرواية المتقدمة.

(إلا أن يشاء المصدق) بتخفيف الصاد [وهو المالك](3) لأن أخذه بغير اختيار ضرر عليه، وعلى هذا فالاستثناء (4) مختص بالثالث.

ولفظ الشافعي في البويطي: [لا يأخذ ذات عوار ولا تيس ولا هرمة إلا أن يرى المصدق (5) - يعني: بتخفيف الصاد وهو الساعي - أن ذلك أفضل للمساكين فيأخذه على النظر. انتهى](6)، وهذا أشبه بمذهب الشافعي، والاستثناء يعود إلى جميع ما قبله، فلو كانت الغنم كلها تيوسًا أخرج تيسًا (7). وعن المالكية: يلزم المالك أن يشتري شاة

(1) من (م).

(2)

في (م): الغنم.

(3)

من (م).

(4)

في (ر): فالاستواء. والمثبت من (م).

(5)

"الأم" 2/ 7.

(6)

في (ر): والأكثرون بتشديد الصاد. والمثبت من (م).

(7)

في (ر): تيوسًا. والمثبت من (م).

ص: 493

مجزئة (1). [وقال بعضهم: إنما لم يؤخذ تيس الغنم من جهة الفضيلة. وقيل: الأمر ليس كذلك، وإنما لم يؤخذ لنقصه وفساد لحمه. قاله المنذري](2). (وفي النبات) النبات يطلق على ما له ساق وهو الشجر، وعلى ما لا ساق له، وقد (3) يكون اسمًا بمعنى نابت وهو المراد هنا، ويدخل فيه الزرع والثمار في (ما سقته الأنهار، أو سقته السماء) يعني المطر؛ لأن كل ما علا وارتفع يسمى سماء، وفي الحديث على إثر سماء كانت من الإبل (العشر) بالرفع مبتدأ أخذ بعمومه أبو حنيفة، وقال عطاء: يجب في الحبوب كلها. ومن قال بعدم العموم أخرج ما لا يكال بقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمسة أوسق" قال: ما لا يكال لا يوسق فيه، وخرجت الخضراوات بما رواه البزار والدارقطني عن موسى بن طلحة عن أبيه مرفوعًا قال:"ليس في الخضراوات صدقة"(4).

(وما سقى بالغرب) وهو الدلو العظيمة يملأ به من بئر أو [نهر أو غير ذلك](5)(ففيه نصف العشر) لما يحصل لصاحبه من الكلفة.

(وفي حديث عاصم) بن ضمرة (والحارث) الأعور (الصدقة في كل عام. قال: زهير [حسبه) نسخة] (6): أحسبه (قال) في كل عام (مرة)

(1)"المدونة" 1/ 356.

(2)

في (م): قال في "المطلب": من صدق المال إذا أخرج صدقته والشافعي رحمه الله يستعمله كثير. والأكثرون أنه بتشديد الصاد كما تقدم.

(3)

سقط من (م).

(4)

"مسند البزار" 3/ 156 (940)، "سنن الدارقطني" 2/ 96.

(5)

بياض في (ر، م)، ولعلها ما أثبتناه. وانظر:"النهاية"(غرب).

(6)

في (م): عين.

ص: 494

واحدة. رواه الدارقطني من حديث أنس، وفيه حسان بن سياه ضعيف، وقد تفرد به عن ثابت (1) وابن ماجه والدارقطني والبيهقي والعقيلي في "الضعفاء" من حديث عائشة (2).

وفيه دليل على (3) أن الزكاة تجب في كل حول مرة، وبه قال الثوري (4) والشافعي وأبو عبيد وأصحاب الرأي. وقال مالك: لا يزكيه إلا لحول واحد إلا أن يكون مدبرًا؛ لأن الحول الثاني لم يكن المال عينًا في أحد طرفيه، فلم تجب فيه الزكاة كالحول الأول إذا لم يكن في أوله عينًا (5). والحديث حجة لما قاله الجمهور.

(وفي حديث عاصم: إذا لم يكن في الإبل ابنة مخاض ولا ابن لبون)[قال أصحابنا: إذا لم يكن في ماله ابنة مخاض ولا ابن لبون فوجهان أصحهما يشتري ما يشاء منهما (6) ويخرجه. وقيل: يتعين بنت مخاض؛ لأنهما استويا في العدم فلزمه ابنة مخاض كما لو استويا في الوجود](7)[ولا ابنة لبون](8)(فعشرة دراهم أو شاتان) كذا وجد عند (9) أبي داود [عشرة دراهم](10)، وأصلحه عليه ابن عبد البر:

(1)"سنن الدارقطني" 2/ 91.

(2)

ابن ماجه (1792)، العقيلي 1/ 288، الدارقطني 2/ 90، البيهقي 4/ 95.

(3)

سقط من (م).

(4)

في (م): النووي.

(5)

"المغني" 4/ 250.

(6)

من (ر).

(7)

من (م).

(8)

سقط من (م). وجاءت بعد ذلك في آخر الكلام على الحديث بعد: عشرون درهما.

(9)

في (م): عن.

(10)

من (م).

ص: 495

عشرون درهمًا.

[1573]

(ثنا سليمان بن داود المهري) قال (أنا) عبد الله (ابن وهب) قال: (أخبرني جرير) بفتح الجيم (بن حازم) الأزدي حجة، ولما اختلط حجبه ولده، قال أبو حاتم: تغير قبل موته بسنة (1). (وسمى) رجلًا (آخر عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (عن عاصم بن ضمرة والحارث الأعور، عن علي، عن النبي ببعض أول الحديث وقال: فإذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم) وإن لم تتصرف فيها (وليس عليك شيء يعني في الذهب حتى يكون لك عشرون دينارًا) فيه أن نصاب الذهب عشرون مثقالًا كما أجمع عليه أكثر أهل العلم إلا رواية عن الحسن أربعون دينارًا، والحديث حجة عليه.

(فإذا كانت لك عشرون دينارًا وحال عليها الحول]) فيه اشتراط مضي الحول، وأجمعوا على اشتراطه في الماشية والنقد دون [العشرات كزكاة](2) النقدين ([ففيها نصف دينار] (3) فما زاد فبحساب ذلك) ولا وقص إلا في الماشية [كما تقدم](4).

(قال: ولا أدري أعلي رضي الله عنه يقول فبحساب ذلك) عن نفسه (أو رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول) ورواه ابن ماجه عن عمرة بنت عبد الرحمن إحدى (5) الثقات عن عائشة أنها سمعت النبي

(1)"الجرح والتعديل" 2/ 505.

(2)

في (م): المعشرات إلا بزكاة.

(3)

و (4) من (م).

(5)

في (م): أخبرني.

ص: 496

يقول: "لا زكاة في مالٍ حتى يحول عليه الحول"(1).

(قال ابن وهب: إلا أن جريرًا يزيد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس في مال زكاة حتى يحول الحول")[في روايته على غيره](2) وروى الدارقطني والبيهقي عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس في مال المستفيد زكاة حتى يحول عليه الحول"(3) وكذلك رواه (4) الترمذي ولفظه "من استفاد مالًا فلا زكاة (5) حتى يحول عليه الحول" ثم قال الترمذي: عبد الرحمن ضعيف، ووقفه على ابن عمر أصح (6).

[1574]

(ثنا) أبو عثمان (عمرو بن عون) الواسطي البزاز الحافظ قال (أنا أبو عوانة) اسمه الوضاح (عن أبي إسحاق) عمرو (عن عاصم بن ضمرة، عن علي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد عفوت عن الخيل والرقيق) ورواية الترمذي: "قد (7) عفوت عن صدقة الخيل والرقيق"(فهاتوا صدقة الرقة) قال: سألت البخاري عن هذا الحديث فقال: عندي صحيح. والرقة بكسر الراء وتخفيف [القاف: الورق](8)، لكن حذفت

(1) من "السنن".

(2)

من (ر).

(3)

"سنن الدارقطني" 2/ 90، "السنن الكبرى" 4/ 104.

(4)

من (م).

(5)

زاد في (م): عليه.

(6)

"سنن الترمذي"(631)، (632) مرفوعًا موقوفًا.

(7)

من (م).

(8)

في (م): الفاء و.

ص: 497

الواو من أولها وعوضت الهاء في آخرها كقولهم في الوصل: صلة، وفي الوزن: زنة، وتجمع على رقين (1). وتقول العرب في المثل (2): إن الرقين تغطي أفن الأفين، والأفن بالفاء والنون ضعف الرأي والحمق، أي: الدراهم تستر حمق الأحمق، والرقة والورق تطلقان على الفضة مضروبة كانت أو لم تكن، وقيل: لا يطلقان إلا على الدراهم خاصة.

وفي الحديث دليل على عدم وجوب الزكاة على الخيل والرقيق لأنها تقتنى غالبًا للزينة والاستعمال دون النماء فلا تجب فيها للعقار (3) والإناث، بخلاف النعم فإنها تقتنى للدر والنسل فاحتملت المواساة، وسواء كانت الخيل إناثًا أم (4) ذكورًا خلافًا لأبي حنيفة (5)(من كل أربعين درهمًا درهم، وليس في تسعين ومائة شيء) ولا في أقل من مائتين ولو بحبة.

(فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم) مذهبنا ومذهب جمهور العلماء كافة أن الاعتبار في نصاب الذهب والفضة بالوزن لا بالعدد، وحكى صاحب "الحاوي" وغيره من أصحابنا عن البصري وبشر المريسي المعتزلي أن الاعتبار بمائتي درهم عددًا لا وزنًا حتى لو كان معه مائة درهم عددًا ووزنها مائتان لا شيء فيها، وإن كانت

(1) في (ر): رقيق. والمثبت من (م).

(2)

في الأصول: الإبل. ولعل المثبت الصواب.

(3)

في (م): كالعقار.

(4)

في (م): أو.

(5)

"المبسوط" 2/ 252.

ص: 498

مائتان عددًا ووزنها مائة وجبت الزكاة (1). قال الأصحاب: هذا غلط منهما مخالفٌ للنصوص والإجماع.

(وروى هذا الحديث الأعمش عن أبي إسحاق [كما قال أبو عوانة. ورواه شيبان أبو معاوية وإبراهيم بن طهمان عن أبي إسحاق] (2) عن الحارث عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله) كما تقدم.

(وروى حديث النفيلي: شعبة وسفيان وغيرهما عن أبي إسحاق. وروى عن أبي إسحاق) السفيانان (عن عاصم) بن ضمرة.

(عن علي لم يرفعه أحد) بل (أوقفوه على علي) رضي الله عنه.

[1575]

(حدثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي، قال (ثنا حماد) [ابن سلمة] (3) قال:(أنا بهز بن حكيم ح. وثنا ابن العلاء) هو محمد أبو كريم قال (أنا أبو أسامة) حماد بن سلمة (4).

(عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده) هو بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، والمراد بجده معاوية بلا خلاف، و (5) القعنبي عبد الله بن مسلمة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: في كل [سائمة إبل]) (6) بالإضافة هي الراعية، قال الله تعالى:{فِيهِ تُسِيمُونَ} (7) (في أربعين [بنت

(1)"الحاوي الكبير" 3/ 258.

(2)

في (م): عمرو.

(3)

سقط من (م).

(4)

في (م): أسامة.

(5)

في (م): وحدثنا.

(6)

سقط من (م).

(7)

النحل: 10.

ص: 499

لبون]) (1) يتركبون (لا تفرق) بضم المثناة فوق وفتح الفاء والراء المشددة [ثم قاف](2)(إبل عن حسابها) خشية الصدقة كما تقدم (من) بفتح الميم (أعطاها (3) مؤتجرًا) بضم الميم وسكون الهمزة وكسر الجيم: أي طالبًا الأجر من الله (قال) محمد (بن العلاء: مؤتجرًا بها) أي: طالبًا بها (4) رضا الله وثوابه (فله أجرها) عند الله تعالى.

(ومن (5) منعها) أي: منع إخراجها بخلًا (فإنا) بكسر الهمزة وتشديد النون (آخذوها) بمد (6) الهمزة (وشطر) أي: مع نصف (ماله) قال الحربي: غلط الراوي في لفظ الرواية، إنما هو وشطر ماله، أي: يجعل ماله شطرين فيتخير بينهما المصدق ويأخذ الصدقة من خير الشطرين شاء (7)(عزمة) مرفوع؛ لأنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: وذلك عزمة، [ويجوز بالنصب على الحال والتمييز](8)(من عزمات) بفتح الزاي (ربنا) سبحانه، والعزمة ضد الرخصة، وهو ما يجب فعله مؤكدًا، وذكر الفقهاء أن للشافعي فيها قولين، فقال في القديم: من منع زكاة ماله أخذت منه وأخذ معه شطر ماله عقوبةً له على منع الزكاة لهذا الحديث. وقال في [الجديد: لا](9) يؤخذ منه إلا الزكاة لا

(1) سقط من (م).

(2)

سقط من (م).

(3)

في (م): إعطاء.

(4)

و (5) من (م).

(6)

في (م): على.

(7)

انظر: "النهاية" لابن الأثير 2/ 473 (شطر).

(8)

سقط من (م).

(9)

في (ر): الزكاة. والمثبت من (م).

ص: 500

غير (1). وجعل هذا الحديث منسوخًا فإن ذلك حيث (2) كان العقوبات بالمال ثم نسخ، واستدل للقديم بهذا الحديث، وهذا القول من الشافعي يرد ما ذهب إليه الحربي من تغليط الراوي، فإن الشافعي جعل هذا الحديث للقول القديم في أخذ شطر مال مانع الزكاة.

(ليس لآل محمد منها شيء) وآل محمد هم بنو هاشم وبنو المطلب (3) كما سيأتي.

وفي "صحيح (4) مسلم"(5): ["إن هذِه](6) الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد". وفيه دليل على أن الزكاة حرامٌ على آل محمد وهم بنو هاشم وبنو المطلب (7) بلا خلاف، إلا إذا كان أحدهم عاملًا، والصحيح تحريمه أيضًا، وهل يحل لهم [صدقة التطوع، وجهان](8)، أصحهما [وبه قطع الأكثرون] (9): يحل.

[1576]

(حدثنا النفيلي، قال: حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير.

(عن الأعمش، عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأسدي، أدرك النبي

(1)"المجموع" 5/ 331، 334.

(2)

من (م).

(3)

في (م): عبد المطلب.

(4)

في (م): حديث.

(5)

(1072) من حديث عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث. مرفوعًا.

(6)

من (م).

(7)

في (م): عبد المطلب.

(8)

في (م): الصدقة والتطوع.

(9)

في (ر): أنه. والمثبت من (م).

ص: 501

ولم يره ولم يسمع منه (عن معاذ) ابن جبل (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وجهه إلى اليمن) قاضيًا ومعلمًا وجعل إليه قبض الصدقات من العمال الذين باليمن (أمره أن يأخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعًا أو تبيعة) فيه دليل على أنه يجوز أن يؤخذ على الثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة كما يؤخذ في الأربعين مسن أو مسنة مع وجودهما وعدمهما؛ لأن الأنثى أكمل من الذكر.

(ومن كل أربعين مسنة) وسميت مسنة لزيادة سنها، وعن الأزهري: لطلوع سنها (1).

(ومن كل حالم أي: محتلم) وهو الذي بلغ مبلغ الرجال برؤية (2) المني أو بلوغ السن. وفيه أن الجزية لا [تؤخذ من](3) الصبي والمجنون، ولا تجب عليهما ولا على الخنثى ما دام مشكلًا (دينارا) فيه أن أقل الجزية دينار، [وهذا الدينار إنما أخذه جزية على رؤوس نصارى نجران، وصدقة البقر إنما أخذها من المسلمين، إلا أنه أدرج ذلك في الحديث سبق أحدهما على الآخر والمعنى مفهوم](4)، ولو بذل أكثر من دينار جاهلًا [أن الأقل دينار](5) لم يجز للإمام أن يعلمه (6) أن الواجب دينار، وأنك لو امتنعت من بذل الزائد لم يلزمك

(1)"تهذيب اللغة"(سن).

(2)

في (م): برؤيته.

(3)

في (ر): تجب على. والمثبت من (م).

(4)

سقط من (م).

(5)

من (م).

(6)

في (م): يعرفه.

ص: 502

سواه، بخلاف المزكي فإنه يخبره بأن واجبك كذا.

قال القاضي حسين: والفرق أن ما وجب بالشرع فروعي فيه إيجابه، والجزية وجبت بالمعاقدة والتراضي فروعي بها ما يقع به التراضي.

(أو عدله) بفتح العين؛ لأن عدل الشيء بفتح العين مثله في القيمة وبكسرها مثله في الصورة، والأول هو المراد [في الحديث](1).

(من المعافري) بفتح الميم والعين المهملة (ثياب تكون باليمن) منسوبة إلى معافر وهي حي من همدان لا ينصرف في معرفة ولا نكرة؛ لأنه جاء على مثال ما لا ينصرف من الجمع، وتقول: ثوب معافري. فتصرفه لأنك أدخلت عليه ياء النسبة ولم تكن في الواحد، وقيل: المعافري بضم الميم نسبة إلى رجل باليمن معافر بن زرعة. ويقال: سمي معافر ببيتٍ قاله.

وفيه حجة لما قاله جماعة من الشافعية وصرح به الروياني أن أقل الجزية دينار أو عدله من نقد أو عرض، وعبارة جماعة من الشافعية: أقل الواجب دينار، ويجوز أخذ القيمة عنه.

وذكر الإمام أن الأقل دينار أو اثنا عشر درهمًا مسكوكة من النقرة الخالصة، وأن الدينار مقابل في القواعد بعشرة إلا في الجزية فباثني عشر درهمًا.

[1577]

(ثنا النفيلي وعثمان بن أبي شيبة وابن المثنى قالوا: ثنا أبو معاوية، عن (2) الأعمش، [عن إبراهيم](3)، عن مسروق، عن معاذ)

(1) في (ر): بالحديث. والمثبت من (م).

(2)

في (م): قال: نا.

(3)

من (م).

ص: 503

رواية مالك في "الموطأ": عن طاوس أن معاذ بن جبل أخذ من ثلاثين بقرة تبيعًا، ومن أربعين مسنة، وأبى بما دون ذلك، فأبى أن يأخذ منه شيئًا وقال: لم أسمع من رسول الله فيه شيئًا حتى أقدم عليه وأسأله، فتوفي رسول الله قبل أن يقدم معاذ (1).

وطاوس وإن لم يلق معاذ فسيرته مشهورة، ورواه بعضهم عن مسروق: أن النبي صلى الله عليه وسلم بحث معاذًا إلى اليمن فأمره أن يأخذ (2). وهذا أصح، يعني أنه مرسل (عن النبي بمثله).

[1578]

(ثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء) الموصلي نزيل الرملة (عن أبيه) زيد بن أبي الزرقاء، زاهد عابد صدوق.

(عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل) شقيق (عن مسروق، عن معاذ بن جبل قال: بعثه النبي إلى اليمن، وذكر مثله لم يذكر ثيابًا باليمن [ولا ذكر] (3) يعني: [محتلمًا](4)، ورواه جرير، ويعلى، ومعمر، وشعبة، وأبو عوانة، [ويحيى بن سعيد، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق قال يعلى) بن (5) عطاء الطائفي، نزل واسط، ثقة (6)(ومعمر عن معاذ مثله) [كما تقدم.

(1)"الموطأ" 1/ 259.

(2)

رواه الطيالسي (568)، وعلقه الترمذي بعد حديث (623).

(3)

من "السنن".

(4)

في الأصول: "مسلما" والمثبت من "السنن".

(5)

في (ر): بن. والمثبت من (م).

(6)

"تهذيب الكمال" 32/ 394.

ص: 504

[1579]

(حدثنا مسدد) قال (ثنا أبو عوانة] (1) عن هلال بن خباب) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة أبي العلاء، ثقة (عن ميسرة أبي صالح) مولى كندة، شهد مع علي النهروان (2)، ذكره ابن حبان في "الثقات"(3).

(عن سويد بن غفلة) بفتح الغين المعجمة والفاء [وبعدها لام مفتوحة وتاء تأنيث، كنيته أبو أمية، أدرك الجاهلية وأسلم ولم يهاجر](4)، الجعفي، ولد عام الفيل، قدم المدينة حين دفنوا النبي صلى الله عليه وسلم.

(قال: سرت أو أخبرني من سار مع مصدق) بفتح الصاد المخففة (النبي) أي: ساعيه (فإذا في عهد رسول الله) أي: وصية (5) له ومنه فعهد (6) إلى أخيه (أن لا يأخذ من) زائدة [وقيل: من لبيان الجنس](7)؛ لأنها تعد نفي وزيادتها النفي كثير، كقولك: لا تأكل من الحرام. أي: لا تأكل الحرام (راضعة لبن) أي مرضعة لبن، والرضوعة الشاة التي تُرضع، ونهيه عنها لأن ذات الدر من حرزات المال، ويحتمل أن يكون النهي لحصول الضرر على ولدها، ويحتمل أن يكون النهي عن الشاة الواحدة أو اللقحة الكثيرة الدر (8) يتخذها

(1) من (م).

(2)

في النسخ الخطية: النهر.

(3)

5/ 426.

(4)

سقط من (م).

(5)

في (م): وصيته.

(6)

في (ر): فعمد. والمثبت من (م).

(7)

سقط من (م).

(8)

في (م): الذي.

ص: 505

الإنسان لنفسه لينتفع بلبنها فلا تؤخذ، ويحتمل أن يراد براضعة اللبن الصغيرة التي ترضع فلا تؤخذ.

([ولا تجمع بين مفترق، ولا تفرق بين مجتمع، وكان إنما يأتي المياه (1) حين ترد الغنم الماء) يحتمل أن المراد يعد الغنم على أربابها، وفيه: أن المستحب للساعي أن يعد الماشية عند الماء إن كانت ترده، وإلا فعند أفنيتهم (فيقول: أدوا صدقات أموالكم) فإنها من تمام إسلامكم (فعمد) بفتح الميم أي: قصد ([رجل منهم إلى ناقة] (2) كوماء) [بفتح الكاف والمد أي: عظيمة السنام](3) مشرفية والكوم الموضع المشرف ([قال: قلت: يا أبا صالح ما الكوماء؟ قال) هي (عظيمة السنام])(4) مأخوذ من التراب مكوم (5) كومة فالعظيم منه كوم (6).

([قال: فأبى أن يقبلها) منه (فقال) المالك (إني أحب أن تأخذ خير إبلي) فأبى أن يقبلها قال] (7): فخطم) بفتح الخاء المعجمة والطاء المهملة [أي: قادها بخطامها، والإبل في مسارحها لم يكن لها خطم، ويخطم إذا أريد قودها](8)(له) ناقة (أخرى دونها) أي: وضع

(1) من (م).

(2)

من (م).

(3)

سقط من (م)

(4)

من (م).

(5)

في (م): يكوم.

(6)

في (م): كومة.

(7)

في (ر): فقال المالك. والمثبت من (م).

(8)

سقط من (م).

ص: 506

الخطام في رأسها وألقاها إليه ليأخذها، والخطام: الزمام الذي تقاد به الدابة ([فأبى أن يقبلها، قال: ثم خطم له أخرى دونهما فقبلها) منه (وقال: إني آخذها (1) وأخاف أن] (2) يجد) بكسر الجيم (عليَّ) أي: يغضب علي، يقال: وجد عليه في الغضب موجدة بكسر الجيم ووجدانًا بكسر الواو إذا غضب عليه وتأثر (رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عمدت إلى رجل فتخيرت عليه إبله]) أي: اصطفيت خير (3) إبله فأخذتها منه. فيه دليل على أن الساعي لا يأخذ من المالك خير ماله، وإذا أرسل الإمام ساعيًا يوصيه (4) كما سيأتي.

(قال أبو داود: رواية هشيم) بالتصغير ابن بشير السلمي الواسطي، حافظ بغداد ثقة مدلس، قال يحيى القطان أحفظ من رأيت سفيان ثم شعبة ثم هشيم (5).

([عن هلال بن خباب نحوه إلا أنه قال] (6): لا يفرق) بضم الياء وفتح الفاء، [قال أبو داود: هذا] (7) يحتمل التفسيرين المتقدمين جميعًا.

[1580]

(ثنا محمد بن الصباح البزاز) بتكرير الزاي الجرجرائي (قال: ثنا شريك، عن عثمان بن أبي زرعة)[المغيرة الأعشى](8)(عن أبي ليلى) الأرجح (9) سلمة بن معاوية (الكندي، عن سويد بن غفلة الجعفي قال:

(1) في (م): لا آخذها)، والمثبت كما في "السنن".

(2)

من (م).

(3)

في (م): عليه أخير.

(4)

في (م): فيوصيه بذلك.

(5)

"علل الترمذي الكبير"(33).

(6)

و (7) من (م).

(8)

و (9) سقط من (م).

ص: 507

أتانا مصدق رسول الله وأخذت نبذة، وقرأت في عهده) أي: في (1) وصيته المكتوبة معه، قال (لا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة. ولم يذكر [راضع لبن) فيه] (2).

[1581]

(ثنا الحسن بن علي) الهذلي الحافظ نزيل مكة (قال: ثنا وكيع، عن زكريا بن إسحاق) المكي صاحب عمرو، ثقة مشهور (عن عمرو بن أبي سفيان الجمحي) بضم الجيم أخو حنظلة، وثق (عن مسلم بن ثفنة) بفتح الثاء المثلثة وكسر الفاء وفتح النون، [ويقال: شعبة، وهو حجازي، قاله المنذري، النفثة واحدة نفثات] (3) البعير، وهو ما يقع من أعضائه إذا انسلخ، ويقال: هو ابن سعيد (4). ذكره ابن حبان في "الثقات"(5)(اليشكري) بفتح (6) المثناة تحت وضم الكاف (قال الحسن) بن علي [(يقول) هو (روح بن](7) مسلم بن شعبة) وكذا قال الدارقطني وهم وكيع، والصواب: مسلم بن شعبة (8).

(قال: استعمل نافع بن علقمة أبي) ثفنة أو شعبة (على عرافة)[بكسر العين](9)(قومه) وفي رواية: عرافة قومي. والعريف: هو (10) القائم بأمر

(1) سقط من (م).

(2)

(ر): مع نبي. قال أبو داود: ولا يجمع بينهما.

(3)

في (م): ثفنة واحدة ثفنات.

(4)

في (م): شعبة حجازي.

(5)

7/ 446.

(6)

في (ر): بضم. والمثبت من (م).

(7)

في (م): روح يقول هو.

(8)

"المؤتلف والمختلف" 1/ 205.

(9)

من (م).

(10)

سقط من (م).

ص: 508

القوم، وسمي بذلك لأنه عارف بأحوالهم، وقال الجوهري: العريف: النقيب وهو دون الرئيس (1).

(فأمره أن يصدقهم) بفتح الصاد المخففة وتشديد الدال، أي: يأخذ صدقتهم (قال: فبعثني أبي في طائفة منهم، فأتيت شيخًا كبيرًا يقال له: سعد) الديلي [بكسر الدال، ورواه الشافعي عن سعر أخي بني عدي](2)(3)، ويقال: هو سفر بكسر السين بعدها فاء ساكنة (بن ديسم) بفتح الدال المهملة وإسكان المثناة تحت ثم سين مهملة، [قال ابن ماكولا: جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم يصدقه (4)] (5).

(فقلت) له (إن أبي بعثني إليك يعني: لأصدقك) فيه توكيل العريف في أخذ الصدقة وإن لم يأذن له الإمام في الوكالة في أخذها (فقال: ابن) بالنصب أي: يا ابن (أخي، أي) بالتشديد والنصب مفعول مقدم (نحو) بالتنوين (6)(تأخذون) أي: على أي جهة تأخذون في الزكاة، وما صفة ما تطلبونه (قلت: نختار) منها (حتى إنا) بكسر الهمزة (نسبر) بفتح النون وسكون السين المهملة وضم الباء الموحدة، [وفي بعضها بفتح النون والموحدة والتحتانية المشددة ثم نون من البيان] (7) أي: نختبر ونتبين (8)(ضروع الغنم) حتى ننظر ما فيها من الدر فنأخذ الأنفع

(1)"الصحاح" 4/ 1402.

(2)

سقط من (م).

(3)

"الأم" 3/ 41، "مسند الشافعي" 1/ 239 (652).

(4)

في (ر): يغسله. والمثبت الملائم للمعنى.

(5)

من (ر)، والصواب: جاءه رسول رسول الله، وانظر:"الإكمال" 4/ 298.

(6)

و (7) و (8) سقط من (م).

ص: 509

للمساكين.

(قال ابن أخي: فإني أحدثك) أي (1): بما وقع لي (أني كنت في شعب) بالكسر وهو الطريق في الجبل ([من هذِه الشعاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غنم لي، فجاءني رجلان على بعير فقالا لي: إنا رسولا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك] (2) لتؤدي صدقة غنمك) أي (3): إلينا. فيه دليل على إرسال الاثنين والثلاثة لأخذ الصدقة إذا احتيج إلى ذلك.

(فقلت: ما علي فيها؟ ) رواية النسائي: ما تأخذان (4)(5)؟ (فقالا) عليك (شاة. فعمدت) بفتح العين (إلى شاة قد عرفت مكانها ممتلئة) بالجر أي: ممتلئ ضرعاها (محضًا) بفتح الميم وسكون الحاء المهملة بعدها ضاد معجمة، أي: لبنًا. [نسخة: نحضًا بفتح النون وسكون الحاء المهملة، قال المنذري: هو اللحم الكثير.

قال في "المحيط"] (6): ولا يسمى اللبن محضًا إلا إذا كان خالصًا (7)(و) بطنها (شحمًا، فأخرجتها إليهما فقالا: هذِه شاة) بحذف التنوين (الشافع) مجرور بالإضافة وهو من باب إضافة (8) الموصوف إلى صفته

(1) سقط من (م).

(2)

من (م).

(3)

سقط من (م).

(4)

في (م): تأخذون.

(5)

"المجتبى" 5/ 32، وفيه: ما تأخذون؟ .

(6)

سقط من (م).

(7)

"المحيط في اللغة"(محض).

(8)

من (م).

ص: 510

كقولهم: صلاة الأولى، ومسجد الجامع. والتقدير: هذِه شاة الغنمة (1) الشافع وصلاة الساعة الأولى ومسجد الموضع الجامع.

قال الجوهري: قال أبو عبيد: الشافع التي معها ولدها، سميت شافعًا لأن ولدها يشفعها أو شفعته هي يقال: ناقة (2) شافع في بطنها ولد يتبعها آخر، نقول منه: شفعت الناقة (3). [أي: صارت هي وولدها شفعًا أي زوجًا](4)، ومنه قوله تعالى:{وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)} (5).

(وقد نهانا رسول الله أن نأخذ شافعًا) أي: معها ولدها، ورواية الطبراني بلفظ: فجئت بشاة ماخض حين ولدت، فلما نظر إليها قال: ليس حقنا في هذِه (6).

(قلت: فأي) بالنصب (سن تأخذون؟ قالا) يكفينا حقنا (7)(عناقًا) وهي الأنثى من ولد المعز، وهذا يدل على أن غنمه كانت ماعزة؛ إذ لو كانت ضائنة لم يجز العناق عنها (جذعة أو [ثنية]) (8) استدل به مالك ومن تبعه علئ إجزاء الجذعة من الضأن والمعز (9) لرواية الطبراني: حقنا في الثنية

(1) في (م): الغنم.

(2)

في (ر): ولد. والمثبت من (م)، و"الصحاح".

(3)

"الصحاح" 3/ 1238.

(4)

سقط من (م).

(5)

الفجر: 3.

(6)

"المعجم الكبير" 7/ 170 (6727)، "المعجم الأوسط" 8/ 100 (8095) من حديث سعر الدؤلي.

(7)

من (م).

(8)

من "السنن".

(9)

"المدونة" 1/ 356.

ص: 511

والجذعة (1).

وعند الشافعي: يجوز الجذع من الضأن عن المعز بشرط رعاية القيمة (2)[لاتفاق الجنس](3).

وعند أحمد: لا تجوز الجذعة من المعز، والدليل على ذلك (4) رواية سويد بن غفلة: أمرنا أن نأخذ الجذعة [من الضأن والثنية](5) من المعز. وهذا صريح، وفيه بيان المطلق من الحديثين قبله، وحمل المطلق على المقيد مشهور؛ ولأن جذعة الضأن تجزئ في الأضحية بخلاف جذعة المعز، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بردة في جذعة المعز:"لا تجزئ عن أحدٍ بعدك"(6).

قال الحربي: إنما إجزاء الجذع من الضأن لأنه يلقح، والمعز لا تلقح (7) إلا إذا كان ثنيًا (8) (9) (قال: فأعمد) بفتح الهمزة وكسر الميم، أي: في الحال، ولهذا أتى فيه بصيغة المضارع الصالحة (10) للحال

(1) السابق تخريجه قريبًا.

(2)

انظر: "الأم" 2/ 15.

(3)

سقط من (م).

(4)

في (م): مالك.

(5)

من (م).

(6)

رواه البخاري (955)، ومسلم (1961).

(7)

في (ر): تلحق. والمثبت من (م)، "المغني".

(8)

في (ر): ثيبا. والمثبت من (م)، "المغني".

(9)

"المغني" 4/ 49 - 50.

(10)

من (م).

ص: 512

(إلى عناق (1) معتاط) بضم الميم وسكون العين المهملة ثم مثناة فوق وبعد الألف طاء مهملة (والمعتاط) هو العائط.

قال الكسائي: إذا لم تحمل الناقة أول سنة يحمل عليها فهي عائط وحائل وجمعها عوط وعيط (2) وعوطط وحول وحولل (3)، فإن لم تحمل السنة المقبلة فهي عائط عيط وعوطط وحائل حول وحولل، يقال منه: عاطت الناقة تعوط عوطًا (4).

قال أبو عبيد: بعضهم يجعل عوطط مصدرًا ولا يجعله جمعًا، وكذلك حولل (5). واعتاطت الناقة وتعوطت (6) وتعيطت إذا لم تحمل سنوات، وربما كان ذلك من كثرة شحمها (7)، والمعتاط [من الغنم التي امتنعت من الحمل لسمنها](8)(التي لم تلد ولدًا وقد كان ولادها) هكذا أخرجه أبو داود والنسائي (9) وهذا خلاف ما سبق من تفسير أهل اللغة كما حكاه الجوهري وغيره.

[قال ابن الأثير](10): اللهم إلا أن يقال: إن المراد بقوله: لم تلد

(1) في (م): شاة.

(2)

من (م).

(3)

في (م): حولك.

(4)

من (م).

(5)

"غريب الحديث" 1/ 258.

(6)

سقط من (م).

(7)

"الصحاح في اللغة" 3/ 1145.

(8)

سقط من (م).

(9)

"المجتبى" 5/ 32.

(10)

من (م).

ص: 513

وقد حان ولادها أنها لم تحمل وقد حان أن تحمل. قال: وفيه بعد، لا بل إحالة فإنه من أين يعلم أنها قد حان أن تحمل إلا أن يكون من حيث معرفة السن وأنها قد كانت صغيرة لا يحمل مثلها، وإنما قد (1) قاربت السن التي تحمل مثلها فيه فيكون قد سمى الحمل ولادة. وفيه تعسف وبعد، والله أعلم (2).

([فأخرجتها إليهما فقالا] (3) ناولناها) أي: إياها (فجعلا معهما على بعيرهما)[نسخة: بعير لهما](4)(ثم انطلقا) فيه أن على المالك سوق ماشية الزكاة إلى الساعي والمستحق ويقبضه إياها، ولا يكفي التخلي بينه وبينها دون مانع كما يجب ذلك على من في ذمته حق لشخص؛ فإن الذمة لا تبرأ إلا بقبض شرعي، حتى إنها لو أتلفت (5) قبل القبض كانت من ضمان المالك.

(ورواه أبو عاصم) الضحاك بن مخلد (عن [زكرياء، قال أيضًا: مسلم] (6) بن شعبة كما قال روح) بن القاسم.

[1582]

(ثنا محمد بن يونس النسائي) تفرد عنه أبو داود ووثقه (7)، قال (أنا روح قال: ثنا زكريا بن إسحاق بإسناده بهذا الحديث. قال: مسلم

(1) سقط من (م).

(2)

"جامع الأصول" 4/ 598.

(3)

في (ر): قد كان ولادها. والمثبت من (م).

(4)

سقط من (م).

(5)

في (ر): بلغت. والمثبت من (م).

(6)

في (م): عن مسلم قال زكرياء أيضًا.

(7)

"تهذيب الكمال" 27/ 82.

ص: 514

ابن شعبة: قال فيه: والشافع في بطنها ولد) فيه ما تقدم.

(قال أبو داود: قرأت في كتاب عبد الله بن سالم) الأشعري (بحمص (1) عند أبي (2) عمرو بن الحارث الحمصي، عن الزبيدي) بضم الزاي.

(قال: وأخبرني يحيى بن جابر) الطائي قاضي حمص (عن جبير بن نفير) الحضرمي ([عن عبد الله] (3) بن معاوية الغاضري) بالغين والضاد المعجمتين الشامي عداده (4) في أهل حمص (من غاضرة قيس) قال الجوهري: غاضرة قبيلة من بني أسد وحي من بني صعصعة وبطن من ثقيف (5). [وقال أيضًا في أنس بن خزيمة: غاضرة، وفي بني ضبيعة أيضًا غاضرة](6).

(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من فعلهن) ثلاث مبتدأ، وجاز الابتداء بالنكرة لأنه في التقدير مضاف إلى نكرة، تقديره: ثلاث خصال ثم حذف المضاف إليه (7) وعوض التنوين عنه فهو مثال: خمس صلوات كتبهن الله على العباد. أو لأنه صفة (8) موصوف محذوف هو مبتدأ في

(1) في (م): الحمصي.

(2)

في "السنن": آل.

(3)

من "السنن".

(4)

في (ر): عوادة. وفي (م): عداية. والمثبت هو الصواب.

(5)

"الصحاح" 2/ 770.

(6)

سقط من (م).

(7)

من (م).

(8)

سقط من (م).

ص: 515

الحقيقة أي: خصال ثلاث كما مثل النحاة بقولهم: ضعيف عاذ بقرملة. أي: إنسان ضعيف التجأ إلى قرملة، وهي شجرة ضعيفة (1).

من فعلهن (فقد طعم) بكسر العين أي: ذاق (طعم الإيمان) والذوق إنما يكون في المطعومات كما قال الله تعالى في الماء: {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} (2)، لكن يفترق] (3) فيه بأن شبه الإيمان (4) بالعسل ونحوه مما هو مطعوم حلو للجهة الجامعة بينهما، وهو الالتذاذ وميل القلب إليه فذكر المشبه وأضيف إليه ما هو من خواص المشبه به ولوازمه وهو الذوق بمثل (5) سبيل المجاز، ومثل هذا يسمى (6) بالاستعارة بالكناية.

(من عبد الله وحده) أي: مستلذًّا بعبادته مكثرًا منها كما يستلذ من ذاق طعم العسل به ويكثر من أكله (و) علم (أنه لا إله إلا هو) والظاهر أن هذا من العطف التفسيري الذي هو بيان للمعطوف، وذلك أنه لما علم أنه لا إله إلا هو عبده واستلذ بعبادته، ومن العطف التفسيري {ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ} (7)؛ لأن التطهير (8) تفسير للزكاة (وأعطى زكاة ماله طيبة) منصوب على الحال، أي: دفع الزكاة في حال كون نفسه (بها) طيبة،

(1) انظر: "مغني اللبيب" ص 609.

(2)

البقرة: 249.

(3)

سقط من (م).

(4)

من (م).

(5)

في (م): على.

(6)

من (م).

(7)

البقرة: 232.

(8)

في (م): التكفير.

ص: 516

وذلك أن الإنسان إذا عرف الله ذاق حلاوة [عبادته وطابت](1)(نفسه) بتحمل المشاق والإعراض عن الدنيا بإخراج الزكوات منشرحًا بها صدره، وكثرة الصدقات وأفعال الخير طلبًا لما هو عند الله باقٍ (رافدة عليه) أي: معينة له نفسه على أداء الزكاة لا تحدثه نفسه بمنعها فهي ترفده وتعينه [لما رسخ في نفسه من محبة الله حين عرفه](2)، والرفد هو الإعانة فرافدة بمعنى فاعلة. في (كل عام) إذا حال على ماله الحول، وفيه أن الزكاة تجب في كل عام.

(ولم يعط) فيما وجب عليه (الهرمة) وهي (3) المسنة الكبيرة السن من كل حيوان (ولا الدرنة) بفتح الدال المهملة وكسر الراء وبعدها نون مفتوحة وتاء تأنيث، وهي المعيبة الردية كالجرباء ونحوها، فيجعل الزكاة (4) التي لازمة له كالدرن الذي يلقيه الإنسان عن نفسه، والدرن الوسخ الذي يجتمع على البدن ونحوه.

(ولا المريضة) البين مرضها، لكن المريضة تؤخذ من المراض باتفاق الأصحاب عندنا، وأخذ بعموم الحديث مالك حيث منع من أخذ المريضة من المراض (5). لكن أصحابنا يقولون أن (6) الحديث خرج مخرج الغالب؛ فإن مرض الشياه كلها نادر.

(1) في (ر): عباده وطالب. والمثبت من (م).

(2)

سقط من (م).

(3)

في (ر): في. والمثبت من (م).

(4)

من (م).

(5)

انظر: "المدونة" 1/ 356.

(6)

من (م).

ص: 517

(ولا الشرط) بفتح الشين المعجمة والراء والطاء المهملة أي: الرذيلة كالعجفاء والصغيرة والدبراء (1) ونحو ذلك، قال الجوهري: هنا (2) الشرط بالتحريك رذال المال، قال الشاعر:

ومن شرط المعزى لهن مهور (3)

يقال: الغنم: أشراط المال والأشراط أيضًا الأشراف، قال يعقوب: وهذا الحرف من الأضداد (4).

و(اللئيمة) وهي أردأ المال وأرذله (ولكن من وسط) بفتح السين (أموالكم) فيه تأويلات، أحدها: أن هذا محمول على ما إذا أذن رب المال للساعي أن يأخذ ما شاء فيأخذ خيرها.

الثاني: أن هذا مختص بمن كان في ماله فريضتان كالمائتين من الإبل، فإن الساعي يأخذ الخير من الحقاق وبنات اللبون.

والثالث: أن يأخذ خير المعيب أي: أوسطه عيبًا (5)، كما لو كان ببعضها عيب وببعضها عيبان وببعضها ثلاث، فيأخذ الوسط أو أوسطها في القيمة كما لو كان قيمة بعضها معيبًا خمسين، وقيمة بعضها معيبًا مائة، وقيمة بعضها معيبًا مائة وخمسين، فيأخذ ما قيمته مائة. والرابع:

(1) في (م): الدبر.

(2)

من (م).

(3)

البيت لجرير، وانظر:"غريب الحديث" للخطابي 1/ 509، و"اللسان" (شرط). وهو في "ديوانه" ص 203 بلفظ:

ترى شرط المعزى مهور نسائهم

وفي قزم المعزى لهن مهور

(4)

"الصحاح" 3/ 1136.

(5)

سقط من (م).

ص: 518

أنه يأخذ الوسط، يعني لا من الأعلى ولا من الأدون (1)، ويدل عليه ما بعده.

(فإن الله لم يسألكم خيره) أي: أعلاه (ولم يأمركم بشره) أي: بأدنى أموالكم وأرذله، ولكن بالوسط، فإن الأعلى يضر بالمالك والأدنى (2) يضر بالمستحقين.

[1583]

(ثنا محمد بن منصور) الطوسي العابد، ثقة صاحب أحوال (3)(ثنا يعقوب بن إبراهيم) بن سعد الزهري حجة. قال (ثنا أبي) إبراهيم بن سعد.

قال إبراهيم بن حمزة: كان عند إبراهيم عن محمد بن إسحاق نحو من سبعة عشر ألف حديث في الأحكام سوى المغازي (4).

([عن ابن إسحاق] (5) قال: ثنا عبد الله بن أبي بكر) بن محمد (عن يحيى بن (6) عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة) الأنصاري (7) ثقة (8)(عن عمارة [بن عمرو] (9) بن حزم) الأنصاري، وثق (10) (عن

(1) في (م): الأدنى.

(2)

في (م): الأردأ.

(3)

"تهذيب الكمال" 26/ 501.

(4)

انظر: "تهذيب الكمال" 2/ 92.

(5)

من "السنن".

(6)

في (ر): عن.

(7)

من (م).

(8)

"الثقات" لابن حبان 5/ 523.

(9)

من "السنن".

(10)

"الثقات" لابن حبان 3/ 294

ص: 519

أبي بن كعب قال: بعثني رسول الله مصدقًا) بتخفيف الصاد أي: ساعيًا (فمررت برجل، فلما جمع لي ماله لم أجد (1) عليه فيه إلا بنت مخاض، فقلت له: أدِّ) إلي. كما في رواية أحمد (2)(بنت مخاض، فإنها صدقتك) يعني (3): الواجبة عليك (فقال: ذاك ما لا لبن فيه) أي: لا در في ضرعها (ولا) له (ظهر) يعني (4): يحمل عليه ويركب، زاد أحمد: وما كنت لأقرض لله من مالي ما لا در فيه ولا ظهر (5)(ولكن هذِه ناقة فتية) بفتح الفاء وكسر التاء المثناة فوق ثم ياء المثناة تحت وهي [الشابة القوية](6) على العمل (عظيمة) الجثة (سمينة فخذها) صدقة مالي (فقلت له (7): ما أنا بآخذ ما لم أومر به) أي: بأخذه (وهذا رسول الله منك (8) قريب، فإن أحببت أن تأتيه [فتعرض) بفتح التاء وكسر الراء (عليه ما عرضت علي فافعل) إن شئت] (9) (فإن) عرضت عليه ذلك و (قبله منك قبلته) منك اقتداء برسول الله وامتثالًا لأمره [(وإن رده عليك رددته) عليك (قال: فإني فاعل) ذلك (فخرج معي) وسرنا (وخرج بالناقة التي عرض علي حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا نبي الله أتاني رسولك ليأخذ مني صدقة مالي وايم الله) بوصل الهمزة

(1) بياض في (ر). والمثبت من (م).

(2)

"مسند أحمد" 5/ 142.

(3)

و (4) سقط من (م).

(5)

السابق تخريجه قريبًا.

(6)

في (ر): السائمة الملونة. والمثبت من (م).

(7)

سقط من (م).

(8)

و (9) من (م).

ص: 520

وضم الميم، أصلها وأيمن الله جمع يمين وهو مبتدأ خبره محذوف والتقدير: وأيمن الله قسمي، ثم حذفت النون تخفيفًا لكثرة الاستعمال، وربما حذفوا الهمزة وأبقوا الميم وحدها بعمومه (1) فقالوا: م الله، ثم يكسرونها لأنها صارت حرفًا واحدًا فيشبهوها بياء القسم (ما قام في مالي) أي ثبت واستمر، وليس هو من القيام ضد (2) القعود، ومنه قوله تعالى:{وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} (3) والمراد: ما يعرف عندي لأخذ صدقة مالي ([رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رسوله قط] (4) قبله) أي (5): الذي جاء قبله أو بعده لأخذ الصدقة (فجمعت له مالي) يعني: المواشي التي في مالي، فيه (6) دليل على أن الساعي إذا حضر لأخذ الزكاة وكانت الماشية في المراعي فلا يلزمه أن يذهب إليها [لبعدها لكن له أن يكلف المالك إحضارها إلى الأفنية لبعدها صرح به المحاملي وغيره] (7) وهو مفهوم من نص الشافعي ولو خرج إليها كان أفضل له (8) (فزعم) فيه استعمال زعم [في الصدق] (9) كما في الحديث:"زعم جبريل"(10) رسولك يحتمل أن يكون فيه حذف تقديره

(1) من (م).

(2)

في (م): بعد.

(3)

البقرة: 20.

(4)

و (5) من (م).

(6)

سقط من (م).

(7)

من (م).

(8)

"المجموع" 6/ 170.

(9)

في (م): المصدق.

(10)

رواه الطيالسي (628) من حديث أبي قتادة.

ص: 521

فعدها وزعم (أن ما علي) أي أن الذي يجب علي (1)(فيه بنت مخاض) قال أصحابنا: وإذا أخبره صاحبها بعددها وهو ثقة فله (2) أن يصدقه ويعمل بقوله؛ لأنه أمين وإن لم يصدقه أو هو (3) لم يخبره أو أخبره وصدقه وأراد الاحتياط بعدها عدها (4).

(وذلك) أي: وهذا السن (ما لا لبن فيه ولا ظهر، وقد عرضت عليه ناقة فتية عظيمة ليأخذها، فأبى علي) يقال: يأبى علي وأبى إذا امتنع (وها هي ذه) ذه اسم إشارة للمؤنث لها عشرة ألفاظ هذِه أفصحها (قد جئتك بها يا رسول الله خذها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك الذي عليك) يعني: بنت المخاض كما ذكر الساعي.

(فإن تطوعت بخير) أي مما وجب عليك برضاك واختيارك كان أفضل لك و (آجرك الله فيه) أي: فيما تطوعت به، يقال: آجر الله العبد إذا أثابه على فعله والأجر الثواب والعوض (وقبلناه منك .. )[آجرك الله بمد الهمزة وقصره، يقال: آجره الله وأجره لغتان، وأنكر الأصمعي المد (5). فقال: أَجَرَه بالقصر يأجُرُه ويأجِرُه وأجره يؤجره إذا أثابه وأعطاه الأجر والجزاء، وكذلك من الإجارة للأجير أيضًا](6).

فيه (7) أن الزكاة تؤخذ على وجه الرفق والمواساة، وفي أخذ خيار

(1) في (م): عليه.

(2)

في (ر): فلعله. والمثبت من "المجموع".

(3)

سقط من (م).

(4)

"المجموع" 6/ 170.

(5)

انظر: "مطالع الأنوار" بتحقيقنا 1/ 202.

(6)

من (ر).

(7)

في (ر): ذه. والمثبت من (م).

ص: 522

المال خروج عن ذلك، فإن رضي به المالك قبل منه وكان أفضل له.

(فقال: فها هي ذه) وفي بعض النسخ: ها هي ذي (1) بالياء بدل الهاء (يا رسول الله [قد جئتك بها فخذها قال: فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبضها) منه] (2)(ودعا له [في ماله] (3) بالبركة) وفي رواية النسائي من دعائه صلى الله عليه وسلم لمن دفع الزكاة: "اللهم بارك فيه وفي إبله"(4) وهذا الدعاء مستحب وليس بواجب؛ لأن النبي لما بعث معاذًا لم يأمره بالدعاء كما سيأتي في الحديث بعده، وقيل: إن الدعاء (5) واجب لظاهر الآية والسنة.

[وذكر أحمد في آخر هذا الحديث قال الراوي عن أبي بن كعب وهو عمارة بن عمرو: قد وليت الصدقة في زمن معاوية فأخذت من ذلك الرجل ثلاثين حقة لألف وخمسمائة بعير (6)](7).

[1584]

(ثنا أحمد بن حنبل، ثنا وكيع، قال: ثنا زكريا بن إسحاق المكي، عن يحيى بن عبد الله بن) محمد بن (صيفي) ثقة (8)، ويقال: يحيى بن محمد (عن أبي معبد) نافذ بالنون والفاء والذال المعجمة مولى ابن عباس (عن ابن عباس: أن رسول الله بعث معاذًا إلى اليمن)

(1) من (م).

(2)

سقط من (م).

(3)

سقط من (م).

(4)

النسائي 5/ 30.

(5)

في (ر): الحديث.

(6)

"مسند أحمد" 5/ 142.

(7)

من (ر): وكان موضعها بعد قوله: (بارك فيه) فوضعناها في الموضع المناسب.

(8)

"تهذيب الكمال" 31/ 417.

ص: 523

سنة عشر قبل حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكره البخاري في أواخر المغازي (1)، وقيل: كان ذلك سنة تسع بعد (2) منصرفه من تبوك كما رواه الواقدي بإسناده إلى كعب، وأخرجه ابن سعد في "الطبقات"(3) واتفقوا على أنه لم يزل على اليمن إلى أن قدم في عهد عمر فتوجه إلى الشام فمات بها.

(فقال: [إنك تأتي] (4) قومًا أهل كتاب) هو كالتوطئة للوصية ليستجمع همته عليها؛ لكون أهل الكتب أهل علم في الجملة فلا تكون العناية في مخاطبتهم كمخاطبة الجهال من عبدة الأوثان زاد البخاري وغيره: "فإذا جئتهم"(5)(فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله) وقعت البدأة بالشهادة (6) لله تعالى بالوحدانية ولنبيه بالرسالة [لأنهما أصل](7) الدين الذي لا يصح شيء (8) غيرهما إلا بهما، فمن كان معهم (9) غير موحد فالمطالبة متوجهة إليه بكل واحدة من الشهادتين على التعيين ومن كان موحدًا فالمطالبة له بالجمع بين الإقرار بالوحدانية والإقرار بالرسالة.

(1) البخاري (4341).

(2)

في (م): عند.

(3)

3/ 584.

(4)

في (ر): أتاتي. والمثبت من (م).

(5)

البخاري (1496).

(6)

من (م).

(7)

سقط من (م).

(8)

من (م).

(9)

في (م): منهم.

ص: 524

واستدل به من قال من العلماء أنه لا يشترط التبري من كل دين مخالف دين الإسلام خلافًا لمن قال: إن من كان كافرًا بشيء فهو مؤمن بغيره لم يدخل في الإسلام إلا بترك اعتقاد ما كفر به، والجواب أن اعتقاد الشهادتين يستلزم ترك اعتقاد التشبيه ودعوى نبوة عزير وغيره

تنبيهان: أحدهما: كان أصل دخول اليهودية في اليمن في زمن أسعد بن كريب وهو تبع الأصغر كما حكاه ابن إسحاق.

ثانيهما: قال ابن العربي في "شرح الترمذي": تبرأت اليهود في هذِه الأزمان [من القول](1) بأن العزير ابن الله، وهذا لا يمنع كونه كان موجودًا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك نزل (2) في زمنه واليهود معه بالمدينة وغيرها، فلم ينقل عن أحد منهم أنه رد هذا في ذلك الزمن ولا تعقبه (3). والظاهر أن القائل بذلك طائفة منهم لا كلهم، بدليل أن القائل من النصارى: إن المسيح ابن الله، طائفة منهم لا جميعهم، فيجوز أن تكون تلك الطائفة انقرضت في هذِه الأزمان كما انقلب اعتقاد معظم اليهود عن [التشبيه إلى](4) التعطيل (5) وتحول معتقد النصارى في الابن والأب إلى أنه من الأمور المعنوية لا الحسية فسبحان مقلب القلوب (6).

(1) من (م).

(2)

في (م): نزل.

(3)

"عارضة الأحوذي" 3/ 117.

(4)

من "الفتح".

(5)

في (م): التفضيل.

(6)

"فتح الباري" 3/ 359.

ص: 525

(فإن هم أطاعوك لذلك) أي شهدوا بذلك وانقادوا لما دعوتهم إليه، وفي رواية ابن خزيمة:"فإن هم أجابوك لذلك"(1)، وعدي أطاع باللام (2) وإن كان يتعدى بنفسه لتضمنه معنى انقادوا، واستدل به على أن الكفار غير مخاطبين بالفروع حيث دعوا أولًا إلى الإيمان فقط ثم دعوا إلى العمل، ورتب على ذلك بالفاء (فأعلمهم أن الله افترض (3) عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة) استدل به على أن الوتر ليس بفرض.

(فإن هم أطاعوك لذلك) قال ابن دقيق العيد: يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون المراد إقرارهم بوجوبها عليهم، والثاني: أن يكون المراد الطاعة بالفعل، انتهى (4).

والذي يظهر أن المراد القدر المشترك بين الأمرين، فمن امتثل بالإقرار أو بالفعل كفاه، أو بهما فهو الأكمل، فإن هم أطاعوك لذلك وقد وقع في رواية الفضل بن العلاء بعد ذكر الصلاة:"فإن قبلوا" وبعد ذكر الزكاة: "فإذا أقروا بذلك فخذ منهم"(5). (فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة)(6) وفي رواية: "أن الله افترض عليهم زكاة".

فيه دليل لمالك وغيره على أن الزكاة لا تجب قسمتها على الأصناف الثمانية، فإنه يجوز للإمام صرفها إلى صنف واحد إذا رآه نظرًا ومصلحة

(1) ابن خزيمة (2346).

(2)

في (م): بالأمن.

(3)

في (م): فرض.

(4)

"إحكام الأحكام" 1/ 256.

(5)

رواه البخاري (7372) لكن بلفظ: "فإذا صلوا" بدلا من: "قبلوا".

(6)

سقط من (م).

ص: 526

دينية.

وفيه دليل على أن الإمام هو الذي يتولى قبض الزكاة وصرفها بنفسه أو نائبه، فمن امتنع منها أخذت منه قهرًا ([في أموالهم] (1) تؤخذ من أغنيائهم) يستدل به من لا يرى أن من (2) معه عشرين مثقالًا وعليها مثلها لا تجب عليه الزكاة على ما في يده؛ لأنه ليس بغني إذا كان ما معه مستحقًّا لغيره، فلا يكون غنيًّا بل فقيرًا (فترد على فقرائهم) فيه دليل على أنه يكفي إخراج الزكاة لصنف واحد، وفيه بحث كما قاله ابن دقيق العيد؛ لاحتمال أن يكون ذكر الفقراء لكونهم الغالب في ذلك ولفصاحة المطابقة بينهم وبين الأغنياء كما يقول أصحاب المعاني.

وقد يستدل (3) بهذا الحديث على أنه لا يجوز نقل الزكاة من بلد المال الذي فيه الأغنياء، وفي هذا الاستدلال نظر لاحتمال أن يكون المراد أنها تؤخذ من أغنياء المسلمين من حيث أنهم مسلمون لا من حيث خصوصياتهم.

(فإن هم أطاعوك (4) لذلك فإياك وكرائم) منصوب بفعل مضمر لا يجوز إظهاره.

قال ابن قتيبة: ولا يجوز حذف الواو وكرائم جمع كريمة أي نفائس (5)(أموالهم) وخيارها حذره من ذلك نظرًا لأرباب الأموال

(1) من "السنن".

(2)

سقط من (م).

(3)

في (م): استدل.

(4)

في (م): أطاعوا.

(5)

انظر: "فتح الباري" 3/ 360.

ص: 527

ورفقًا بهم، أي: ولا من شرارها، بل من وسطها كما تقدم قريبًا؛ لأن الزكاة موضوعة للمواساة فلا يناسب ذلك الإجحاف بالأغنياء إلا أن تطيب أنفسهم.

(واتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب) أي تجنب الظلم لئلا يدعو عليك المظلوم، فإن ظلمه سبب لدعائه والضمير في "فإنها" عائد على الدعوة.

قال القرطبي: والرواية (1) الصحيحة "فإنه" بضمير المذكر على أن يكون ضمير الأمر والشأن ويستفاد منه تحريم الظلم وتخويف الظالم واستباحة الدعاء عليه (2). ويدخل في الظلم جميع أنواعه لا ظلم نفسه، فإن الإنسان إذا ظلم نفسه لا يدعو عليها، والنكتة (3) في ذكر الظلم عقب المنع من أخذ الكرائم إشارة إلى أن أخذها من جملة الظلم المنهي عنه، والإشارة بالعطف إلى أن التقدير: اتق نفسك أن تأخذ الكرائم؛ فإنه ظلم، واتق جميع أنواع الظلم، ومعنى:"ليس بينها وبين الله حجاب"، أي: ليس لها صارف يصرفها ولا مانع يمنعها عن القبول وإن كان [الداعي عاصيًا](4) كما جاء في رواية عن أبي هريرة: "دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرًا فجوره على نفسه"(5)

(1) سقط من (م).

(2)

"المفهم" 1/ 184.

(3)

في (ر): النكرة. والمثبت من (م).

(4)

في (م): البدائي عاما.

(5)

رواه أحمد 2/ 367، والطيالسي (2450) وحسن إسناده الحافظ في "الفتح" 3/ 360.

ص: 528

وإسناده حسن.

وليس المراد أن لله حجابًا يحجبه عن الناس، وليس بينها حجاب تعليل للاتقاء وتمثيل للدعاء كمن يقصد دار الحاكم العادل وهو مظلوم، فلا يحجب. قال ابن العربي: وإن كان مطلقًا فهو مقيد بالحديث الآخر أن الداعي على ثلاث مراتب: إما أن يعجل له ما طلب، وإما أن يدخر له أفضل منه، وإما أن يدفع عنه (1) من السوء مثله (2)، وهذا كما قيد مطلق {أَمَّنْ يُجِيبُ} دعوة {الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} (3) بقوله تعالى {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} (4) وفي الحديث أيضًا الدعاء إلى التوحيد قبل القتال، وفيه إيجاب الزكاة في مال الصبي لعموم أغنيائهم وأن الزكاة لا تدفع إلى كافر ليعود الضمير في فقرائهم إلى المسلمين (5).

قال شيخنا شيخ الإسلام: وإذا كان [الكلام في بيان للأركان لم يخل الشارع [منه بشيء](6) كما في حديث ابن عمر "بني الإسلام" وإذا كان] (7) في الدعاء إلى الإسلام اكتفى بالأركان الثلاثة الشهادتين والصلاة والزكاة مع أن نزول الزكاة بعد فرض الصوم والحج قطعًا، وهذِه الثلاثة أشق فإذا

(1) سقط من (م).

(2)

"عارضة الأحوذي" 3/ 120.

(3)

النمل: 62.

(4)

الأنعام: 41.

(5)

في (م): فيه.

(6)

من "الفتح".

(7)

"فتح الباري" 3/ 360.

ص: 529

دعى (1) إليها كان ما سواها أسهل (2) لخفته (3).

[1585]

(ثنا قتيبة) قال (ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب) الأزدي، عالم أهل مصر وحكيمها ومفتيها (عن سعد بن سنان) وسماه جماعة منهم السلماني وسعيد بن أيوب وابن إسحاق وعمرو بن الحارث وابن لهيعة: سنان بن سعد، قال أحمد: لم أكتب حديثه؛ لأنهم اضطربوا فيه وفي حديثه (4) ونقل ابن القطان أن أحمد وثقه (عن [أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال] (5): المعتدي في) أخذ (الصدقة) أي المتجاوز ما حد له في أخذ الزكاة (كمانعها) قال الترمذي في آخر الحديث: على المعتدي من الإثم كما على المانع إذا منع (6)، انتهى.

وذكر المصنف هذا الحديث عقب ما ذكر قبله "وإياك وكرائم أموالهم" يدل على أن أخذ الكرائم من المالك اعتداء عليه كما أن أخذ الرديء من الصدقة اعتداء على المستحقين فعلى الساعي أن يجتهد فيما يأخذ بما يراه مصلحة للملاك والمستحقين.

(1) في "الفتح": أذعن.

(2)

من (م).

(3)

"فتح الباري" 3/ 361.

(4)

في (م): لخصه.

(5)

انظر: كتاب "الضعفاء الكبير" للعقيلي (596)، "الجامع لعلوم الإمام أحمد" 17/ 94.

(6)

"سنن الترمذي"(646).

ص: 530