الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - باب فاتِحَةِ الكِتابِ
1457 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الحَرّانِيُّ، حَدَّثَنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنا ابن أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أُمُّ القُرْآنِ وَأُمُّ الكِتابِ والسَّبْعُ المَثانِي"(1).
1458 -
حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعاذٍ، حَدَّثَنا خالِدٌ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عاصِمٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَدَعاهُ قَالَ: فَصَلَّيْتُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ قَالَ: فَقَالَ: "ما مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَنِي". قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي. قَالَ: "ألَمْ يَقُلِ اللهُ عز وجل {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} لأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ مِنَ القُرْآنِ - أَوْ فِي القُرْآنِ" - شَكَّ خالِدٌ - "قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ". قَالَ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ قَوْلَكَ. قَالَ: " {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وَهِيَ السَّبْعُ المَثانِي التِي أُوتِيتُ والقُرْآنُ العَظِيمُ"(2).
* * *
باب في فاتحة الكتاب
[1457]
([حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني، حدثنا عيسى بن يونس، ثنا) محمد بن عبد الرحمن (ابن أبي ذئب، عن) سعيد (المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه (3) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ) قال (الحمد لله رب العالمين) استدل به المالكية وغيرهم على
(1) رواه البخاري (4704).
(2)
رواه البخاري (4474).
(3)
قلب الإسناد في (ر) وحرف.
أن البسملة ليست بآية (1) من الفاتحة (2). وجوابه أن قوله {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} اسم للسورة لا أنه أولها، والمراد أن سورة الحمد هي (أم القرآن) سميت أم القرآن؛ لأنها أوله متضمنة لجميع علومه، وبه سميت مكة أم القرى؛ لأنها أول الأرض، ومنها دحيت.
(وأم الكتاب) قال الماوردي في "تفسيره": اختلفوا في جواز تسميتها أم الكتاب فجوَّزه الأكثرون لهذا الحديث وغيره، ومنعه الحسن وابن سيرين زعمًا أن هذا (3) اسم اللوح المحفوظ فلا يسمى به غيره (4). والحديث وغيره حجة (5) عليهما.
(والسبع المثاني) قيل: لأنها سبع آيات، وتثنى في كل صلاة، والمثاني جمع مثنى، وهي التي جاءت بعد الأولى، وتكرر قراءة الفاتحة في الصلاة، أو مثنى من الثناء لاشتمالها على (6) ثناء على الله تعالى [أو من الثنية وهو التكرار ومثنى نزولها، أو تثني البطلة، وهي (7) قسمان ثناء ودعاء، وقيل: المثاني من الثناء، كالمحامد من الحمد، أو من الاستثناء؛ لأنها استثنيت لهذِه الأمة، وقيل: لأن أكثر كلماتها مثنى إلى [وغير الضالين](8) في قراءة عمر وعلي رضي الله
(1) من (ر).
(2)
"مواهب الجليل" 2/ 251.
(3)
من (ر).
(4)
"تفسير الماوردي" 1/ 46.
(5)
غير مقروءة في (م). والمثبت من (ر).
(6)
في (م، ر): هو.
(7)
في (ر): وهو.
(8)
تحرفت في (ر) إلى: دعيت الصالحين.
عنهما (1)، وقيل: السبع الفاتحة، والمثاني القرآن. وقيل: السبع الطوال من البقرة إلى الأنفال مع التوبة. وقيل غير ذلك، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن السبع المثاني هي الفاتحة (2)، فلا نعرج على ما سواه، ولعل من قال غيره لم يطلع على ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم] (3).
[1458]
(حدثنا عبيد الله) بالتصغير (ابن معاذ، حدثنا (4) خالد) بن الحارث أبو عثمان الجهني البصري أخو سليم (5)[روى عن التابعين، وبنو الجهيم بطن من بني تميم](6).
(ثنا شعبة، عن خُبَيب) بضم الخاء المعجمة مصغر (بن عبد الرحمن) الخزرجي [(قال: سمعت](7) حفص بن عاصم) [بن عمر بن الخطاب](8).
(يحدث عن أبي سعيد) الحارث - أو رافع أو أوس [على اختلاف فيه](9).
قال أبو عمر: أصح ما قيل في اسمه الحارث بن نفيع (10).
(1) رواه عن عمر: سعيد بن منصور في كتاب من "السنن"(177)، وابن أبي داود في "المصاحف"(159 - 161) وذكره القرطبي في "تفسيره" 1/ 150 عن عمر وأبي.
(2)
أخرجه البخاري (4474)، والترمذي (1624)، والنسائي في "المجتبى" 2/ 139، وابن ماجه (3785)، وأحمد 3/ 450 بألفاظ متقاربة وطرق مختلفة.
(3)
من (ر).
(4)
في (ر): ابن.
(5)
في (م): سلم. والمثبت من (ر).
(6)
من (ر).
(7)
في (ر): ثنا.
(8)
من (ر).
(9)
سقط من (ر).
(10)
"الاستيعاب" 4/ 233.
(ابن المعلى) بن (1) لوذان بضم اللام (2) وتخفيف الذال (3) المعجمة من بني زريق الأنصاري الزرقي، لا يعرف في الصحابة إلا بحديثين أحدهما هذا، والثاني قال: كنا نغدو إلى سوق (4) على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [فنمر على المسجد فنصلي فيه، فمررنا يومًا ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم](5) قاعد على المنبر فقلت: لقد حدث أمر، فجلست فقرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذِه الآية:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} (6) حتى فرغ من الآية، فقلت لصاحبي: تعال نركع (7) ركعتين قبل أن ينزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنكون أول من صلى فتوارينا فصليناهما، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلى للناس الظهر يومئذٍ (8). [ذكره](9) في "الاستيعاب"(10)(أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر به وهو يصلي) في المسجد نافلةً (فدعاه) أن يأتيه [زاد
(1) من (ر).
(2)
في (ر): الميم.
(3)
في (ر): الزاي.
(4)
في (ر): السوق.
(5)
سقط من (ر).
(6)
البقرة: 144.
(7)
في (م): ركع.
(8)
أخرجه النسائي في "المجتبى" 2/ 55 مختصرًا، وفي "السنن الكبرى"(11004) بلفظه.
(9)
ساقطة من (م).
(10)
"الاستيعاب" 4/ 233.
البخاري: فلم يجبه (1)] (2).
(قال: فصليت) مسرعًا لآتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم (ثم أتيته قال: فقال: ما منعك أن تجيبني) إذ دعوتك؟ (قال) يا رسول الله إني (كنت أصلي) فكأنه تأول أن من هو في الصلاة خارج عن هذا الخطاب، والذي قاله القاضيان أبو محمد عبد الوهاب وأبو الوليد أن إجابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرض عين، وأن من ترك إجابته يعصي (3) كما سيأتي.
(قال: ألم يقل الله تعالى) في كتابه العزيز: ({يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا}) أي أطيعوا.
قال الداودي: في هذا الحديث تقديم وتأخير، فقوله:"ألم يقل الله {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} " قبل قول أبي سعيد "كنت أصلي"{وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} وحد الضمير، والله ورسوله اسمان؛ لأن استجابة رسول الله كاستجابة الله تعالى، وإنما يذكر أحدهما مع الآخر للتوكيد.
{لِمَا يُحْيِيكُمْ} (4) من علوم الديانات والشرائع؛ لأن العلم حياة كما أن الجهل موت، وقيل: إذا دعاكم للشهادة؛ لقوله تعالى: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون} (5)، فقد استدل بالآية والحديث أن إجابته صلى الله عليه وآله وسلم لا تبطل الصلاة، ومذهب الشافعي أنه يجب على المصلي إذا دعاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يجيبه ولا تبطل صلاته (6).
(1)"صحيح البخاري"(5006).
(2)
من (ر).
(3)
انظر: "فتح الباري" 8/ 157.
(4)
الأنفال: 24.
(5)
آل عمران: 169.
(6)
انظر: "المجموع" 4/ 81 - 82.
ويلحق (1) بذلك ما إذا سأل مصليًا (2) فإنه يجب عليه إجابته ولا تبطل صلاته، وقد قيل في حديث [ذي اليدين](3) أن القوم إنما كلموا النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين كلمهم؛ لأنه كان واجبًا عليهم أن يجيبوه [فعلل صحة](4) صلاتهم بوجوب الإجابة عليهم، وألحق أبو إسحاق (5) من أصحابنا كلام (6) من تكلم بكلام (7) واجب مثل أن يخشى على ضرير (8) أو صبي الوقوع في هلكة (9)، أو يرى حية أو نحوها تقصد غافلًا أو نائمًا، أو يرى نارًا يخاف أن تشتعل في شيء، أو إشراف (10) شخص على الهلاك فأراد إنذاره (11) فلا تبطل الصلاة بهذا الكلام؛ لأنه (12) تكلم بكلام واجب عليه (13) فأشبه كلام من أجاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واختاره (14) جماعة من
(1) في (ر): يلتحق.
(2)
في (م): بالله.
(3)
في (م): ذا اليد.
(4)
في (ر): فلقد صحت.
(5)
انظر: "المجموع" 4/ 81 - 82.
(6)
بعدها في (م): أن.
(7)
سقط من (ر).
(8)
في (م): مريض.
(9)
في (ر): مهلكة.
(10)
في (م): أشرف.
(11)
في (ر): إنقاذه.
(12)
زاد في (م): من.
(13)
ساقطة من (ر).
(14)
من (ر).
أصحابنا، وهو ظاهر مذهب أحمد (1) وأصح الوجهين عند الأكثرين أنها تبطل بهذا الكلام دون كلام (2) النبي صلى الله عليه وآله وسلم لشرفه، ولهذا أُمِرَ [المصلي أن] (3) يقول: السلام (4) عليك أيها النبي. ولا يجوز أن يقول ذلك لغيره، وها هنا فرع حسن وهو أن المصلي لو كلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابتداءً هل تبطل صلاته أو (5) لا؟ فيه نظر، قال الإسنوي: ويؤخذ من كلام الرافعي أنها تبطل بما عدا النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الملائكة والأنبياء.
(لأعلمنك أعظم سورة من القرآن - أو في القرآن شك خالد -)[بن الحارث التيمي الهجيمي البصري، كنيته أبو عثمان، روى عن التابعين، وبنو الهجيم بطن من بني تميم](6)، ورواية البخاري "قبل أن تخرج"(7) من غير شك، وقوله:"أعظم سورة في القرآن" يريد أن ثوابها أعظم من غيرها، وقد اختلف العلماء (8) في تفضيل بعض (9) السور على بعض، وتفضيل بعض أسماء الله الحسنى على بعض، فقال بعضهم: لا فضل لبعض على بعض؛ لأن الكل كلام الله، والكل
(1)"الإنصاف" 2/ 99.
(2)
من (ر).
(3)
في (م): النبي صلى الله عليه وسلم أنه.
(4)
في (ر): سلام.
(5)
في (ر): أم.
(6)
سقط من (ر).
(7)
سبق تخريجه.
(8)
من (ر).
(9)
ساقطة من (ر).
أسماؤه. وذهب إلى هذا أبو الحسن الأشعري والقاضي أبو بكر بن الطيب وأبو حاتم (1) محمد بن حبان البستي، قال القرطبي: وروي معناه عن مالك (2). والأصح وبه قال قوم: التفضيل؛ لورود الأحاديث الصحيحة فيه.
(قبل أن أخرج (3) من المسجد) فيه تحصيل العلم ونشره في المسجد أفضل من خارجه، وكذا تلاوته.
(قال (4): قلت: يا رسول الله قولك) رواية البخاري: قلت: يا رسول الله [إنك قلت](5) لأعلمنك أعظم سورة من القرآن (6). وفيه تذكير العالم والكبير وغيرهما إذا وعده بشيء ونسيه، وكثرة الاحتراص على تحصيل العلم.
(قال) هي (الحمد لله رب العالمين هي السبع (7) المثاني [التي أوتيت]) (8) قيل: المثاني من التثنية وهو التكرار؛ لأنها تكرر قراءتها في الصلاة (9)(والقرآن العظيم) الواو في القرآن العظيم ليست بواو العطف الموجبة للفصل بين الشيئين.
(1) من (ر)، و"الجامع لأحكام القرآن".
(2)
"الجامع لأحكام القرآن" 1/ 109.
(3)
في (ر): تخرج.
(4)
في (م): فإن.
(5)
سقط من (ر).
(6)
سبق تخريجه.
(7)
من (ر).
(8)
في الأصول الخطية: الذي أوتيته. والمثبت من "سنن أبي داود".
(9)
في (م): القراءة.
قال الكرماني: إنما هي الواو التي تجيء بمعنى التخصيص؛ كقوله تعالى: {وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} (1)، وكقوله تعالى:{فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} (2). قال: والمشهور بين النحاة أن هذِه الواو للوصف بين الشيئين.
قال (3): وفي الحديث دليل على أن الخصوص والعموم إذا تقابلا، فإن العام ينزل على الخاص (4)؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم حرَّم الكلام في الصلاة مطلقًا، ثم استثنى منه (5) إجابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم (6).
(1) البقرة: 98، وفي الأصل زيادة لفظة:(وكتبه) بعد (وملائكته) وهي كذلك في "شرح الكرماني".
(2)
الرحمن: 68.
(3)
ساقطة من (ر).
(4)
في (ر): التخصيص.
(5)
في (ر): هنا.
(6)
"شرح الكرماني" 17/ 3 - 4.