الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
32 - باب فِي الاسْتِعاذَةِ
1539 -
حَدَّثَنا عُثْمانُ بْن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا وَكِيعٌ، حَدَّثَنا إِسْرائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنْ خَمْسٍ مِنَ الجُبْنِ والبُخْلِ وَسُوءِ العُمْرِ وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ وَعَذَابِ القَبْرِ (1).
1540 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، أَخْبَرَنا المُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مالِكٍ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ والكَسَلِ والجُبْنِ والبُخْلِ والهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ"(2).
1541 -
حَدَّثَنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قالا: حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - قَالَ سَعِيدٌ: الزُّهْرِيُّ - عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجالِ". وَذَكَرَ بَعْضَ ما ذَكَرَهُ التَّيْمِيُّ (3).
1542 -
حَدَّثَنا القَعْنَبِيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ المَكِّيِّ، عَنْ طاوُسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هذا الدُّعَاءَ كَما يُعَلِّمُهُمْ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ يَقُولُ:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذابِ جَهَنَّمَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذابِ القَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ"(4).
(1) رواه النسائي 8/ 266، وابن ماجه (3844)، وأحمد 1/ 22، والبخاري في "الأدب المفرد"(670).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1376) لشواهده.
(2)
رواه البخاري (2823)، ومسلم (589/ 49) بعد حديث (2706).
(3)
رواه البخاري (6363، 6369).
(4)
رواه مسلم (590).
1543 -
حَدَّثَنا إِبْراهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنا عِيسَى، حَدَّثَنا هِشامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو بهؤلاء الكَلِماتِ:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ، وَعَذابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ الغِنَى والفَقْرِ"(1).
1544 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمَّادُ، أَخْبَرَنا إِسْحاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الفَقْرِ والقِلَّةِ والذِّلَّةِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ"(2).
1545 -
حَدَّثَنا ابن عَوْفٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الغَفّارِ بْن دَاوُدَ، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابن عُمَرَ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحْوِيلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ"(3).
1546 -
حَدَّثَنا عَمْرُو بْن عُثْمانَ، حَدَّثَنا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنا ضُبارَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي السَّلِيكِ، عَنْ دُوَيْدِ بْنِ نافِعٍ، حَدَّثَنا أَبُو صالِحٍ السَّمَّانُ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشِّقَاقِ والنِّفاقِ وَسُوءِ الأَخْلاقِ"(4).
1547 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، عَنِ ابن إِدْرِيسَ، عَنِ ابن عَجْلَانَ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الخِيانَةِ فَإِنَّها بِئْسَتِ البِطانَةُ"(5).
(1) رواه البخاري (6368، 6377)، ومسلم (2705).
(2)
رواه النسائي 8/ 261، وأحمد 2/ 305، والبخاري في "الأدب المفرد"(678).
وصححه الألباني في "المشكاة"(2467).
(3)
رواه مسلم (2739).
(4)
رواه النسائي 8/ 264. وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (1198).
(5)
رواه النسائي 8/ 263، وابن ماجه (3354).
وحسنه الألباني في "صحيح الجامع"(1283).
1548 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ عَنْ أَخِيهِ عَبَّادِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبا هُرَيْرَةَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الأَرْبَعِ: مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دُعاءٍ لا يُسْمَعُ"(1).
1549 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ المُتَوَكِّلِ، حَدَّثَنا المُعْتَمِرُ قَالَ: قَالَ أَبُو المُعْتَمِرِ: أرى أَنَّ أَنَسَ بْنَ مالِكٍ، حَدَّثَنا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ صَلاةٍ لا تَنْفَعُ". وَذَكَرَ دُعاءً آخَرَ (2).
1550 -
حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلالِ بْنِ يِسافٍ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الأَشْجَعِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ عَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو بِهِ قَالَتْ: كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ، وَمِنْ شَرِّ ما لَمْ أَعْمَلْ"(3).
1551 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ح، وحَدَّثَنا أَحْمَدُ، حَدَّثَنا وَكِيعٌ - المَعْنَى - عَنْ سَعْدِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ بِلالٍ العَبْسِيِّ، عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ، عَنْ أَبِيهِ فِي حَدِيثِ أَبِي أَحْمَدَ شَكَلِ بْنِ حُمَيْدٍ - قَالَ - قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي دُعاءً. قَالَ:"قُلِ: اللَّهُمَّ إِني أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي"(4).
1552 -
حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنا مَكِّيُّ بْنُ إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ
(1) رواه النسائي 8/ 263، وابن ماجه (3837)، وأحمد 2/ 340.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1384).
(2)
رواه ابن حبان (1015). وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(172/ 1).
(3)
رواه مسلم (2716).
(4)
رواه الترمذي (3492)، والنسائي 8/ 255، وأحمد 3/ 429.
وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(1292).
سَعِيدٍ، عَنْ صَيْفِيٍّ مَوْلَى أَفْلَحَ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي اليَسَرِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْمِ، وَأَعُوذُ بكَ مِنَ التَّرَدِّي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الغَرَقِ والحَرَقِ والهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطانُ عِنْدَ المَوْتِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا"(1).
1553 -
حَدَّثَنا إِبْراهِيمُ بْن مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي مَوْلًى لأَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي اليَسَرِ زادَ فِيهِ:"والغَمِّ"(2).
1554 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنا قَتادَةُ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البَرَصِ والجُنُونِ والجُذامِ وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ"(3).
1555 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن عُبَيْدِ اللهِ الغُدانِيُّ، أَخْبَرَنا غَسَّانُ بْنُ عَوْفٍ، أَخْبَرَنا الجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذاتَ يَوْمٍ المَسْجِدَ فَإِذا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصارِ يُقالُ لَهُ: أَبُو أُمامَةَ. فَقَالَ: "يا أَبا أُمامَةَ، ما لِي أَراكَ جالِسًا فِي المَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاةِ". قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: "أَفَلا أُعَلِّمُكَ كَلامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللهُ عز وجل هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ". قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: "قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ والكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ والبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجالِ". قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللهُ عز وجل هَمِّي، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي (4).
(1) رواه النسائي 8/ 282، وأحمد 3/ 427.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(1388).
(2)
انظر السابق.
(3)
رواه النسائي 8/ 270، وأحمد 3/ 192.
وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(1281).
(4)
رواه البيهقي في "الدعوات الكبير"(305) من طريق المصنف. =
باب الاستعاذة
[1539]
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق)[عمرو بن عبد الله](1) السبيعي، نسبة إلى سبيع، بطن من همدان (عن عمرو بن ميمون، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتعوذ)[بالله تعالى](2)(من خمس) ثم فسرها فقال (من الجبن) بضم الجيم، وسكون الموحدة، وهو [ضعف القلب](3) وعدم الشجاعة، واستعاذ منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما فيه من التقصير عن أداء الواجبات في الجهاد وغيره؛ ولما فيه من التقصير عن القيام بحقوق الله تعالى وإزالة المنكر والإغلاظ على العصاة، ولأنه بشجاعة النفس وقوتها المعتدلة تتم العبادات ويقوم بنصر المظلوم.
(والبخل) بضم الباء، وسكون الخاء، ويقال بفتحها، قال البخاري في "صحيحه" (4): البخْل والبخَل واحد مثل الحُزْن والحَزَن، وقد استعاذ منه صلى الله عليه وآله وسلم لقوله تعالى:{وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (5)، وقوله عليه السلام: "أي داءٍ أدوى من
= وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" 2/ 272.
(1)
في (ر): هو عبد الله بن عمرو.
(2)
سقط من (ر).
(3)
في (م): صرف العلم.
(4)
ذكره البخاري عقيب قوله: باب التعوذ من البخل 8/ 79.
(5)
الحشر: 9. والتغابن: 16.
البخل؟ ! " (1). ومعنى ذلك أن البخل يؤدي إلى منع حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين، ويمنع رفده ومعروفه عن المحتاجين، وينسي عشرة (2) أهله وأقاربه، بالسلامة من البخل يقوم بحقوق المال وسعة الجود والإنفاق ومكارم الأخلاق ويمنع الطمع [فيما ليس له](3).
(وسوء العمر) بضم العين والميم وسوء العمر والرد أي: إلى أرذل العمر والهرم (4) بمعنى واحد، والسبب (5) في الاستعاذة من ذلك ما فيه من الحزن (6) واختلال العقل والحواس والضبط والفهم وتشويه بعض المنظر والعجز عن كثيرٍ من الطاعات، والتساهل في بعضها، كما قال تعالى:{وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا} (7) فيعود العالم جاهلًا ويصير إلى حال من لم يميز ومن [متعه الله](8) بصحته لم يزدد بطول العمر إلا خيرًا يستكثر من الحسنات ويستغفر من السيئات.
(وفتنة الصدر) لعل المراد به فتنة حب الدنيا الذي محله صدر الآدمي، [وللبخاري:"أعوذ بك من فتنة الدنيا"(9)] (10) وأي فتنة
(1) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(296).
(2)
في (ر): غيره.
(3)
من (ر).
(4)
في (م): الهدم بغض المنظر.
(5)
في (م): ليت.
(6)
في (م): الحروف.
(7)
النحل: 70.
(8)
في (م): تبع.
(9)
"صحيح البخاري"(2822).
(10)
من (ر).
أعظم من فتنة حب الدنيا وزهرتها والتكاثر منها؟ ! وروى ابن أبي الدنيا: "احذروا الدنيا فإنها أسحر من هاروت وماروت"(1). وفي الصحيحين من رواية أبي سعيد: "إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من (2) بركات الأرض"(3).
وروى البيهقي في "الشعب": "لا تشغلوا قلوبكم بذكر (4) الدنيا"(5). وفي حديث أبي موسى الأشعري: "من أحب دنياه أضر بآخرته"(6). و"حب الدنيا رأس كل خطيئة"(7).
(وعذاب القبر) فيه إثبات عذاب القبر وفتنته، وهو مذهب أهل الحق خلافًا للمعتزلة.
[1540]
(حدثنا مسدد، ثنا (8) المعتمر) بن سليمان [(قال: سمعت أبي) سليمان](9) بن طرخان التيمي (10) البصري (قال: سمعت أنس ابن
(1)"ذم الدنيا"(132). قال الذهبي في "الميزان" 4/ 522، والألباني في "الضعيفة" (34): منكر لا أصل له.
(2)
زاد في (م): زهرة الدنيا.
(3)
"صحيح البخاري"(6427)، و"صحيح مسلم"(1052).
(4)
في (ر): بحب.
(5)
"شعب الإيمان" 7/ 361 (10584) من حديث محمد بن النضير الحارثي مرسلًا.
(6)
أخرجه أحمد 4/ 412، وابن حبان في "صحيحه"(709).
وقال الحاكم في "المستدرك" 4/ 308: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(7)
رواه ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا"(9)، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" 7/ 328 (10501). قال الألباني في "الضعيفة" (1226): موضوع.
(8)
في (ر): و.
(9)
سقط من (ر).
(10)
في (م): المسمى.
مالك رضي الله عنه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من العجز) هو ما يترك فعله مع عدم المقدرة (1) عليه (والكسل) ما يتركه وهو قادر على فعله، وإنما استعاذ منهما؛ لأنهما يمنعان العبد من أداء حقوق الله تعالى وحقوق نفسه وأهله وولده، وتضييع (2) النظر في أمر معاده وأمر دنياه، وقد أمر المؤمن بالاجتهاد في العمل والإجمال في الطلب، وأن لا يكون كلًّا ولا عيالًا على غيره، ويحتمل أن يكون العجز على ظاهره من عدم القدرة، وقيل: هو ترك ما يجب فعله والتسويف به، ويحتمل أن يراد به عموم أعمال الدنيا والآخرة والكسل فترة تقع بالنفس تثبط (3) العمل (والجبن والبخل) تقدما (والهرم) هو الكبر في السن (4)، وفي الحديث:"إن الله لم يضع داءً إلا وضع له دواء إلا الهرم"(5) جعل الهرم داءً تشبيهًا بالداء الذي يحصل في الضعف؛ لأن الموت يتعقبه كالأدواء (وأعوذ بك من عذاب القبر) من لم يوفق للجواب [يعذب إلى يوم القيامة](6).
(وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات) يعني: الحياة والممات، والمحيا إما مصدر أو اسم زمان، والممات (7) زمان الموت، وفتنة
(1) في (ر): العذر.
(2)
في (م): يضع.
(3)
غير واضحة في (م).
(4)
في (ر): النفس.
(5)
سيأتي تخريجه في باب: الرجل يتداوى.
(6)
في (م): يقال.
(7)
في (ر): الموت.
الحياة هي الامتحانات التي تحصل للآدمي في حياته، واختلفوا في المراد بفتنة الموت، فقيل: المراد (1) فتنة القبر، وقيل: يحتمل أن يراد به الفتنة عند الاحتضار.
[1541]
(حدثنا سعيد بن منصور) بن شعبة الخراساني، يقال: ولد بجوزجان ونشأ ببلخ (وقتيبة بن سعيد قالا: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن) الإسكندراني القارئ المدني، أخرج له الشيخان.
(قال سعيد) بن منصور في روايته: يعقوب بن عبد الرحمن (الزهري) حليف [بني زهرة](2)(عن عمرو بن أبي عمرو) مولى المطلب (عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت أخدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكنت أسمعه كثيرًا يقول (3): اللهم إني أعوذ بك من الهم) وهو يكون بمكروه يتوقع حدوثه (4)(والحزن) بضم الحاء، وسكون الزاي، وبفتحهما (5) لغتان، وهو يكون بمكروه واقع وماضٍ، وأصل الهم [الشر، وورد](6) في البخاري: "والعجز والكسل والجبن (7) والبخل"(8). (وضلع) بالضاد واللام (الدين) ثقله وشدته (9) وقوته، وهو الذي لا يجد دائنه من حيث
(1) من (ر).
(2)
في (م): أبي هريرة.
(3)
سقط من (ر).
(4)
في (ر): حذرته.
(5)
في (ر): بفتحها.
(6)
في (ر): ضد السرور، و.
(7)
في (ر): الخبث.
(8)
"صحيح البخاري"(2893).
(9)
غير واضحة في (م).
يؤديه، والضلع الاعوجاج، [أي: يثقل] (1) صاحبه حتى يميل عن الاستواء والاعتدال ويعوج.
قال صاحب "العين": هو مأخوذ من قول العرب: حمل يضلع. أي: ثقيل، ودابة مضلع لا تقوم بالحمل (2). [ولعلمه المعبر عنه في الرواية الأخرى](3)(وغلبة الدين)(4) هو الذي يغلب عن وفاء الديون التي عليه وهو في معنى المعسر (وذكر بعض ما ذكره) سليمان بن طرخان (التيمي) البصري (5).
[1542]
(حدثنا) عبد الله بن مسلمة (القعنبي، عن مالك، عن أبي الزبير) محمد بن مسلم بن تدرس (المكي) أحد أئمة التابعين.
(عن طاوس، عن عبد الله بن عباس) رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن) فيه ما كان من شفقته صلى الله عليه وآله وسلم على أمته وإرشادهم إلى مصالحهم دينًا ودنيا، ويعلمهم هذا الدعاء لشدة حاجتهم إليه، ونفعهم (6) كما في السورة من القرآن في كل صلاة (يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم) هو موافق لقوله تعالى: {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا
(1) في (ر): الذي ينتقل.
(2)
كتاب "العين"(ضلع).
(3)
سقط من (ر).
(4)
كذا بالنسخ الخطية. وهو خلاف ما عند المصنف في "السنن" ومصادر التخريج وهو: غلبة الرجال.
(5)
سقط من (ر).
(6)
في (م): بعضهم.
عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} (1)، وفيه إثبات عذاب جهنم والإيمان به (وأعوذ بك من عذاب القبر) وهو ضرب من لم يوفق (2) للجواب بالمطارق الحديد.
(وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال) وقد حذرت الأنبياء صلوات الله عليهم من فتنته وأن دلائله باطلة كاذبة، وفيه حجة لمذهب الشافعي على صحة وجوده وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مقدورات الله [زيادة في فتنته](3) من إحياء الميت الذي يقتله ومن الخصب معه وجنته وناره واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، ثم يعجزه الله بعد ذلك ويبطل أمره ويقتله عيسى عليه السلام (4).
(وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات) تقدما.
[1543]
(حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي) الفراء الحافظ.
(أنا عيسى) بن يونس بن أبي إسحاق عمرو الهمداني، أخرج له البخاري.
(حدثنا هشام) بن عروة (عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام.
(عن عائشة) رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات: اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار) الفتنة هنا هي
(1) الفرقان: 65.
(2)
في (م): يقو.
(3)
سقط من (ر).
(4)
"شرح النووي على مسلم" 18/ 58.
ضلال أهل النار والمفضي بهم إلى عذاب النار (1)(وعذاب النار)[الذي لا صبر لأحدٍ عليه](2)(ومن شر الغنى) لفظ البخاري: "وأعوذ بك من شر فتنة الغنى"(3). قال القرطبي: "شر فتنة الغنى" هو الحرص على الجمع للمال [حتى يتكسبه](4) من غير (5) حله ويمنعه من واجبات إنفاقه [وحقوقه (6). ويخاف في الغنى من الأشر والبطر والبخل من إنفاقه](7) في وجوه (8) الخير، ومن إنفاقه في [الإسراف أو في](9) باطل [أو في](10) مفاخرة ومباهاة.
(و) من شر فتنة (الفقر) قال القرطبي: يعني (11) به الفقر المدقع الذي لا يصحبه صبر ولا ورع حتى يتورط صاحبه بسببه فيما لا يليق بأهل الأديان ولا بأهل المروءات حتى لا يبالي بسبب فاقته على أي (12) حرام وثب، ولا في أي ركاكة تورط، وقيل: المراد به فقر النفس
(1) في (ر): القبر.
(2)
سقط من (ر).
(3)
"صحيح البخاري"(6376).
(4)
في (م): حبا لكسبه.
(5)
من (ر).
(6)
"المفهم" 7/ 33.
(7)
من (ر).
(8)
سقط من (ر).
(9)
في (ر): إسراف، و.
(10)
في (ر): ومن.
(11)
في (م): يعبر.
(12)
من (ر).
الذي لا يرده ملك الدنيا بحذافيرها، وليس في شيء من هذِه الأحاديث ما يدل على أن الغنى أفضل من الفقر (1)، ولا أن الفقر (2) أفضل من الغنى؛ لأن الغنى والفقر (3) المذكورين هنا مذمومان باتفاق العقلاء (4). وله موضع غير هذا.
[1544]
(حدثنا موسى بن إسماعيل) أبو سلمة التبوذكي (5).
(حدثنا حماد) بن سلمة (أنا إسحاق بن عبد الله) بن أبي طلحة (عن سعيد بن يسار) بالمثناة تحت والمهملة أبو الحباب. (عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من الفقر) المدقع (6) أو فقر النفس كما تقدم (والقلة) بكسر القاف، أي: قلة المال التي يخشى منها قلة الصبر منه ومن عياله على الإقلال والسخط له وتسليط الشيطان عليه بوسوسته بذكر الأغنياء وما هم فيه، فنسأل الله السلامة، ويحتمل أن يراد بالقلة قلة (7) الخير، وتطلق القلة على العدم فيقال: فلانٌ قليل الخير. أي: لا يكاد يفعله، وفي رواية النسائي:"تعوذوا (8) بالله من الفقر ومن (9) القلة"(10).
(والذلة) بكسر الذال، وقلة المال مع كثرة العيال محنة عظيمة، فإن الطبع إلى التوسع في الدنيا محب، و (11) الولد يطلب (12) ما يشتهي،
(1) و (2) و (3) في (ر): الفقير.
(4)
"المفهم" 7/ 33 - 34.
(5)
سقط من (ر).
(6)
في (ر): الموجع.
(7)
من (ر).
(8)
في (م): نعوذ.
(9)
سقط من (ر).
(10)
"سنن النسائي" 8/ 261.
(11)
في (ر): يحبه.
(12)
في (ر): يطيب.
والزوجة تطلب سعة النفقة، والورع يمنع من التوسع {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} (1)، وكان الإمام أحمد قد (2) امتنع أن يأخذ من بيت المال شيئًا وقنع بكراء حوانيت له كانت تغل في الشهر عشرين درهمًا أو أقل، وأخذ أولاده من الخليفة من بيت المال فهجرهم لذلك، وكانت أم ولده تعاتبه تقول له: أنا معك في ضيق وأولادك يفعلون ويصنعون، فيقول لها: قولي خيرًا. فخرج إليه (3) صبي له (4) صغير يبكي، قال: أي شيء تريد؟ قال (5): زبيب. قال: اذهب فخذ من البقال حبة.
وأعلى الأحوال الرزق الكفاف، وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم [كان يقول] (6):"اللهم اجعل رزق آل (7) محمد كفافًا"(8)، وفي "صحيح ابن حبان" والبيهقي:"خير الذكر الخفي، وخير الرزق أو العيش ما يكفي"(9). وقد فسر طائفة من المفسرين قوله تعالى: {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (10)، قالوا: المراد رزق يوم بيوم، وفي
(1) الأحزاب: 11.
(2)
سقط من (ر).
(3)
و (4) سقط من (ر).
(5)
من (ر).
(6)
في (ر): قال.
(7)
من (ر).
(8)
رواه مسلم في "صحيحه"(1055).
(9)
"صحيح ابن حبان"(809)، و"شعب الإيمان" للبيهقي (548) من حديث سعد بن أبي وقاص. ورواه أيضًا أحمد 1/ 172، 180، 187، وقد ضعفه الشيخ أحمد شاكر في "شرح المسند"(1477، 1559، 1623)، والألباني في "ضعيف الجامع"(2887).
(10)
طه: 131.
حديث ابن الزبير: بعض الذي أبقى للأهل (1) والمال، يعني: إن الرجل إذا أصابته خطة ضيم يناله فيها ذل، فصبر عليها كان أبقى له ولماله، وإذا لم يصبر ومر فيها [طالبًا للعز عود](2) بنفسه وأهله وماله، وربما كان ذلك سببًا لهلاكه (3)، والذل الذي يؤدي إلى انتقاص الآدمي واحتقاره، وقد كان السلف يكرهون أن يذلوا أنفسهم، وليس للمؤمن أن يذل نفسه.
قال الغزالي (4): كالعالم إذا دخل عليه إسكاف فخلى له مجلسه وأجلسه، ثم تقدم وأسوى له نعله، وغدا إلى باب الدار خلفه، فقد تخاسس هذا وأذل نفسه.
قال (5): وهذا غير محمود عند الله تعالى؛ بل التواضع المحمود عند الله هو العدل، وهو أن يعطي كل ذي حق حقه، فينبغي أن يتواضع بمثل هذا لأمثاله [ولمن تقرب منه درجة](6) فمن أحب التملق والتخاسس فقد خرج إلى طرق النقصان، فليرفع نفسه عن ذلك (7).
(و [أعوذ بك من] (8) أن أظلم) بفتح الهمزة وكسر اللام، يعني:(9) أحدًا من المؤمنين، ويدخل فيه ظلم نفسه بمعصية الله تعالى (أو (10) أظلم) بضم الهمزة وفتح اللام، مبني لما لم يسم فاعله، وفيه الاستعاذة بالله تعالى من شر كل ظالم، وأصل الظلم وضع الشيء في
(1) في (م): للأهما.
(2)
في (م): طالب العلو عزيز.
(3)
في (م): لهلاك.
(4)
في (م): العالي.
(5)
سقط من (ر).
(6)
في (م): ولم يصد عنه وأحبه.
(7)
"إحياء علوم الدين" 3/ 368 - 369. بأتم مما هنا.
(8)
سقط من (ر).
(9)
من (ر).
(10)
في (ر): وأن.
غير موضعه، وفي المثل: من يسترعي الذئب فقد ظلمه.
[1545]
(حدثنا) محمد (ابن عوف) بن سفيان الطائي (1)، وثقه النسائي (2).
(حدثنا عبد الغفار بن داود) بن مهران الحراني (3)، شيخ البخاري.
(حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن) القارئ المدني، أخرج له الشيخان.
(عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك) النعمة: لين العيش، ولذلك قيل لريح الجنوب: النُّعامى؛ للين هبوبها، وسميت النعامة؛ للين مشيها، وأنعم الله عليه: بالغ في الفضل عليه، والنعمة هنا مفرد (4) في معنى الجمع، وهي نعم النعم (5) الظاهرة والباطنة، واختلفوا هل لله نعمة على الكافر؟ فأثبتها المعتزلة ونفاها غيرهم. (وتحويل) كذا للمصنف بزيادة الياء، ولفظ مسلم:"وتحول"(6)(عافيتك) فكأنه سأل الله دوام العافية، كما في رواية؛ فإن العافية السلام من الأسقام والبلاء، فإذا دامت العافية لم تتحول عنه، بل استمرت عليه، والعافية ضد المرض (وفجاءة) بضم الفاء ممدود، وهي البغتة من غير مقدمة سبب (7)، وقيده بعضهم:"فجأة" بفتح (8) الفاء وسكون الجيم من غير مدٍّ [على المرة](9)
(1) في (م): الطبري.
(2)
"تهذيب الكمال" 26/ 239.
(3)
من (ر).
(4)
في (م): مقدرة.
(5)
من (ر).
(6)
"صحيح مسلم"(2739)(96).
(7)
من (ر).
(8)
في (م): بضم.
(9)
من (ر).
(نقمتك) بكسر النون وسكون القاف بوزن النعمة، وفيه الاستعاذة من حلول النقمة و (1) موت الفجأة وهي أن يموت بغتة من غير تقدم (2) سبب من مرض ونحوه (وحلول (3) سخطك) يحتمل أن يكون المراد الاستعاذة بالله من جميع الأسباب الموجبة لسخط الله تعالى، وإذا انتفت الأسباب الموجبة لسخط الله حصلت أضدادها، فإن الرضا ضد السخط كما جاء في الصحيح من مسلم وغيره:"أعوذ برضاك من سخطك"(4).
[1546]
(حدثنا عمرو بن عثمان) بن سعيد الحمصي، صدوق حافظ.
(حدثنا بقية) بن الوليد، قال المنذري: هو أحد الأعلام، ثقة عند الجمهور، ولكنه مدلس، يعني: إذا لم يصرح بالحديث. قال النسائي وغيره: إذا قال: حدثنا وأخبرنا فهو ثقة (5).
(حدثنا ضبارة)(6) بضم الضاد المعجمة وتخفيف الباء (7) الموحدة، وهو (بن عبد الله) بن مالك (بن أبي السليك) بضم السين المهملة وفتح اللام وبعد الياء كاف، وضبطه بعضهم: السليل بفتح (8) السين وكسر
(1) زاد في (ر): منه.
(2)
في (م): تمام.
(3)
كذا بالأصول الخطية، وهو خلاف ما في متن "السنن" ومصادر التخريج، وهو:"جميع سخطك".
(4)
تقدم تخريجه في باب الدعاء في الركوع والسجود.
(5)
"تهذيب الكمال" 4/ 198.
(6)
زاد في (ر): تقدم لضبارة عن دويد حديث آخر في كتاب الصلاة برواية ابن الأعرابي وحده في باب المحافظة على أوقات الصلاة.
(7)
سقط من (ر).
(8)
في (ر): بضم.
اللام الأولى، الحضرمي [بن قريش](1) الشامي (2)، كان يسكن اللاذقية، روى له البخاري في "الأدب"(3)، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يعتبر حديثه من رواية الثقات عنه (4).
(عن دويد) بضم الدال المهملة أوله وفتح الواو مصغر (بن نافع)(5) روى عنه الليث وغيره، بصري مستقيم الحديث.
(حدثنا أبو صالح) ذكوان (السمان، قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو يقول: اللهم إني أعوذ بك من الشقاق) قال زيد بن أسلم: الشقاق [المنازعة، وقيل: المجادلة والمخالفة والتفاهة، وأصله من الشق وهو الجانب فكأن كل واحد من المتنازعين](6) في شق غير شق صاحبه (7)، أي: في ناحية غير ناحية الآخر، وقيل: إن الشقاق مأخوذ من فعل ما يشق ويصعب، فكأن كل واحد من الفريقين يحرص على ما يشق على الآخر فاستعاذ منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنه يؤدي إلى المقاطعة والمهاجرة (والنفاق) اسم إسلامي لم يعرفه العرب بهذا المعنى المخصوص به، وهو الذي يستر كفره ويظهر إيمانه، وإن كان أصله في اللغة معروفًا، وهو مأخوذ من النافقاء أحد جحر اليربوع، إذا طلب من واحد هرب من (8) الآخر وخرج منه، وقيل: هو من النفق؛ وهو السرب الذي
(1) كذا في (م)، وفي (ر): أبو قريش. والصواب: أبو شريح القرشي.
(2)
في (ر): الماشي.
(3)
في (م): الأذان.
(4)
"الثقات" 8/ 325.
(5)
في (ر): رافع.
(6)
من (ر).
(7)
"الجامع لأحكام القرآن" 2/ 143.
(8)
من (ر).
يستر فيه؛ لستره كفره، وفي الحديث (1): نافق حنظلة (2). أراد أنه إذا كان عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخلص وزهد في الدنيا، وإذا خرج من عنده ترك ما كان عليه ورغب فيها، فكأنه نوعٌ من مخالفة الظاهر الباطن، وما كان يرضى [لنفسه بهذا أو أصله الحديث:"أكثر منافقي هذِه الأمة قراؤها"(3). أراد بالنفاق ها هنا الرياء؛ لأن كليهما إظهار غير] (4) ما في الباطن.
(وسوء الأخلاق) استعاذ منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لما يترتب عليه من المفاسد الدينية والدنيوية، وروى الطبراني في "الصغير"(5) والأصبهاني عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:"ما من ذنبٍ إلا له توبة إلا صاحب (6) سوء الخلق، فإنه لا يتوب من ذنب إلا عاد في شرٍّ منه"(7). وفي رواية للأصبهاني عن ميمون بن مهران، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"ما من ذنبٍ أعظم [عند الله من سوء الخلق، وذلك أن صاحبه لا يخرج من ذنب إلا وقع في ذنب"(8).
(1) في (ر): حديث حنظلة.
(2)
أخرجه مسلم في "صحيحه"(27502) من حديث حنظلة.
(3)
أخرجه أحمد في "مسنده" 4/ 155 من حديث عقبة بن عامر.
(4)
سقط من (ر).
(5)
(553).
(6)
من (ر).
(7)
"الترغيب والترهيب" لأبي القاسم الأصبهاني (1225)، وهو ضعيف، ضعفه الهيثمي في "المجمع" 8/ 25، والعراقي في "المغني" 1/ 933.
وعلته: عمرو بن جميع، كذبه ابن معين وتركه غيره.
(8)
"الترغيب والترهيب" لأبي القاسم الأصبهاني (1224)، وحديث ميمون مرسل، =
وروى الطبراني عن أنس: ] (1)"إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة، وشرف المنازل، وإنه لضعيف العبادة، وإنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة في جهنم"(2).
[1547]
(وحدثنا محمد (3) بن العلاء) بن كريب الهمداني (عن) عبد الله (ابن إدريس) بن (4) يزيد الأودي (عن) محمد (ابن عجلان) القرشي المدني، مولى فاطمة بنت الوليد بن عتبة (5)، كانت له حلقة (6) في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفتي فيها، أخرج له مسلم.
(عن) سعيد (المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الجوع) المراد به المفرط الذي يضعف عن العبادة ويخل بالعقل، وقد ذكر للجوع الصادق علامات: أحدها أن لا تطلب النفس الأدم، بل يأكل الخبز وحده لشهوة أي خبز كان، [فمهما طلب خبزًا بعينه، أو طلب أدم فليس ذلك بجوع](7) وقيل: علامة الجوع أن يضعف (8) فلا يقع الذباب عليه؛ لأنه لم يبق منه (9) دهينة ولا دسومة؛ فيدل ذلك على خلو المعدة (فإنه بئس الضجيع)[أي: المضاجع](10) أصل الضجيع الذي
= فهو تابعي.
(1)
من (ر).
(2)
"المعجم الكبير"(754). وقال الألباني في "الضعيفة"(3030): منكر.
(3)
من (ر).
(4)
سقط من (ر).
(5)
في (م): عبيد.
(6)
في (ر): خلوة.
(7)
في (م): فهي.
(8)
في (ر): يبصق.
(9)
في (ر): فيه.
(10)
من (ر).
يضاجع (1) غيره، اسم فاعل كالنديم والجليس للمنادم والمجالس (2)، ثم استعير هنا لمن اضطجع وهو جائع، فإن (3) جوعه الذي معه يذهب نومه كما يذهبه الرجل الذي يضاجعه.
(وأعوذ بك من الخيانة) قال القتيبي: أصل الخيانة أن يؤتمن الرجل على شيء فلا يؤدي الأمانة فيه (4). وسيأتي للمصنف في الشهادات (5): "لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة"(6). قال أبو عبيد: لا نراه خص به الخيانة في أمانات الناس، دون ما افترض الله على عباده وائتمنهم عليه؛ فإنه قد سمى ذلك أمانة، فقال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)} (7) فمن ضيع (8) شيئًا مما أمر الله تعالى به، أو ركب شيئًا مما نهى الله (9) عنه فقد خان (10). وكل من عصا الله فقد خان نفسه [إذ جلب](11) إليها الذم في الدنيا، والعقاب في الآخرة.
(فإنها بئس) وللنسائي (12): "بئست"(البطانة) بكسر الباء هو [ما يبطنه](13) الآدمي في باطنه ولا يظهره، وبئس (14) لأقبح ما يكون من
(1) في (م): يضاجعه.
(2)
من (ر).
(3)
في (م): ما فيه.
(4)
"الجامع لأحكام القرآن" 2/ 315.
(5)
في (م): الشهادة.
(6)
سيأتي برقم (3601).
(7)
الأنفال: 27.
(8)
في (م): منع.
(9)
من (ر).
(10)
انظر: "النهاية"(خون).
(11)
في (م): أدخلت.
(12)
"سنن النسائي" 8/ 263.
(13)
في (م): سيبطنه.
(14)
في (ر): ليس.
الذم، فجعل الشارع أقبح ما يخفيه الإنسان في باطنه الخيانة، كما تقدم تفسيرها.
[1548]
(حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الليث، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أخيه: عباد (1) بن أبي (2) سعيد) كيسان، له هذا الحديث فقط (أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الأربع) كذا للنسائي تقديم ذكر (3) الأربع، وفي رواية له تاخيرها، رواه عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو بهذِه الدعوات:"اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ودعاءٍ لا يسمع، ونفس لا تشبع". ثم يقول: "اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع"(4).
(من علم لا ينفع) قال القرطبي: هو الذي لا يعمل به، كما قال عليه السلام:"العلم الذي لا يعمل به كالكنز الذي لا ينفق منه [صاحبه"(5) أتعب] (6) نفسه في جمعه، ولم يصل (7) إلى نفعه (8).
(ومن قلب لا يخشع) لذكر الله، ولا لاستماع كلامه، وهو القلب
(1) في (م): عبادة.
(2)
و (3) من (ر).
(4)
"سنن النسائي" 8/ 263.
(5)
رواه الطبراني في "الأوسط" 1/ 213 (689)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" 1/ 489 (774) من حديث أبي هريرة، وصححه الألباني في "الصحيحة"(3471).
(6)
في (ر): أتعب صاحبه.
(7)
في (م): يصر.
(8)
"المفهم" 7/ 50.
القاسي، فروى الترمذي عن ابن عمر، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله؛ فإن الكلام بغير ذكر الله يورث (1) قسوة القلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي"(2). وفي "مسند البزار" عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"أربع من الشقاء: جمود العين [وقسوة القلب، وطول الأمل] (3) والحرص على الدنيا"(4). (ومن نفسٍ لا تشبع) قال النووي: استعاذ من الحرص، والطمع، والشره، وتعلق النفس بالآمال البعيدة (5).
(ودعاء لا يسمع) أي: لا يجاب [لرواية مسلم: "من دعوة لا يستجاب لها" (6)](7) ومن هذا قول المصلي: سمع الله لمن حمده، أي: استجاب الله دعاء من حمده، كما قال الشاعر (8):
دعوت الله حتى خفت ألا
…
يكون الله يسمع ما أقول (9)
أي: لا يجيب ما أدعو به.
(1) سقط من (ر).
(2)
"سنن الترمذي"(2411). وقد أورده الألباني في "الضعيفة"(920).
(3)
في (ر): وفناء العلم وطول العمل.
(4)
لم أقف عليه عند البزار، وقد أخرجه أبو نعيم في "الحلية" 6/ 175، وابن عدي في "الكامل" 4/ 225 من حديث أنس. وقال الشوكاني في "الفوائد المجموعة" (51): فيه وضاعان. اهـ. وضعفه الألباني في "الضعيفة"(1522).
(5)
"شرح النووي على مسلم" 17/ 41.
(6)
"صحيح مسلم"(2722).
(7)
من (ر).
(8)
في (م) إني.
(9)
انظر: "الزاهر في معاني كلمات الناس" 1/ 60.
[1549]
(حدثنا محمد بن المتوكل) بن عبد الرحمن (1) العسقلاني، قال إبراهيم بن عبد الله بن (2) الجنيد عن ابن معين: ثقة (3)، وقال ابن حبان في (4) "الثقات": كان من الحفاظ (5).
(حدثنا المعتمر) بن سليمان بن (6) طرخان.
(قال: قال أبو المعتمر) سليمان بن طرخان التيمي [والد المعتمر. وسليمان بن طرخان](7)، متفق عليه، لكن لم يجزم بسماعه من [أنس بل] (8) قال:(أرى) بضم الهمزة، أي: أظن (أن أنس بن مالك رضي الله عنه حدثنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من صلاة لا تنفع) أي لا تقبل، وروى الإمام أحمد:"رب (9) قائم حظه من صلاته السهر"(10). وإسناده حسن، وروى محمد بن نصر المروزي في "كتاب الصلاة" من رواية عثمان بن أبي (11) دهرش مرسلًا:"لا يقبل الله من عبد عملًا حتى يشهد قلبه مع بدنه"(12). فظاهر هذا الحديث أن من لم يحضر قلبه مع بدنه في الصلاة لم تنفعه، فإن روح العبادة حضور القلب والخشوع.
(1) زاد في (ر): بن.
(2)
من (ر).
(3)
"تهذيب الكمال" 26/ 358.
(4)
في (م): من.
(5)
"الثقات" 9/ 88.
(6)
من (ر).
(7)
سقط من (ر).
(8)
في (م): إسرائيل.
(9)
في (ر): أن.
(10)
"مسند أحمد" 2/ 373 من حديث أبي هريرة. وصححه ابن خزيمة (1997) وابن حبان (3481) والحاكم 1/ 430.
(11)
سقطت من الأصول الخطية.
(12)
"تعظيم قدر الصلاة"(157).
(وذكر)[بفتح الذال](1)(دعاء آخر) ولفظ ابن حبان في "صحيحه": "أعوذ بك من علم [لا ينفع] (2)، وعمل لا يرفع، وقول (3) لا يسمع"(4). وزاد ابن طاهر المقدسي في رواية: "وأعوذ بك من صلاة لا تشفع".
[1550]
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير) بفتح الجيم بن عبد الحميد الضبي، أصله من الكوفة.
(عن [منصور) بن] (5) المعتمر (عن هلال بن يساف) الأشجعي مولاهم (6) الكوفي.
(عن فروة (7) بن نوفل الأشجعي) يعد في الكوفيين، روى عنه هلال بن يساف عند مسلم.
(قال: سألت عائشة أم المؤمنين) رضي الله عنها (عما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو به) ولفظ النسائي: سأل (8) عائشة: ما كان أكثر ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [يدعو به؟ ](9)(10).
(قالت: كان) أكثر دعائه: (اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت (11) ومن شر ما لم أعمل) (12).
قال النووي: معناه: من شر ما اكتسبته مما قد يقتضي عقوبة في
(1) من (ر).
(2)
سقط من (ر).
(3)
في (م): قلب.
(4)
"صحيح ابن حبان"(83).
(5)
في (ر): سليمان بن أبي.
(6)
سقط من (ر).
(7)
في (م): عروة.
(8)
في (ر): سألت.
(9)
سقط من (ر).
(10)
"سنن النسائي" 8/ 280.
(11)
في (م): علمت.
(12)
في (ر): أعلم.
الدنيا (1) أو نقصًا في الآخرة وإن لم أكن قصدته، قال: ويحتمل أن المراد تعليم أمته الدعاء (2). وقال القرطبي: هذا كقوله في الحديث الآخر: "اللهم إني أعوذ بك من كل شر"(3). غير أنه نبه في هذا على معنى زائد وهو أنه قد يعمل الإنسان العمل لا يقصد به إلا الخير ويكون هو في باطن أمره شرًّا لا يعلمه فاستعاذ منه قال: ويؤيد هذا أنه قد روي في غير رواية (4) مسلم: "من شر ما عملت (5) وما لم أعمل"(6). قال: ويحتمل أن يريد به ما عمل غيره فيما يظن أنه يقتدي به فيه (7).
[1551]
(حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل، حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير) بن عمر بن درهم، الأسدي مولاهم الزبيري الكوفي الحبال.
(وحدثنا أحمد) بن حنبل (حدثنا وكيع المعنى، عن سعد بن أوس) أبو محمد العبسي الكوفي الكاتب، وثقه أحمد العجلي (8)، وقال أبو حاتم: صالح (9).
(عن بلال) بن يحيى (العبسي) بفتح المهملة وسكون الموحدة نسبةً إلى عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان، وبلال صدوق.
(1) في (ر): الدعاء.
(2)
"شرح النووي على مسلم" 17/ 39.
(3)
أخرجه الحاكم في "المستدرك" 1/ 525 من حديث ابن مسعود.
وقال الألباني في "صحيح الجامع"(1260): حسن.
(4)
في (م): كتاب.
(5)
في (م): علمت.
(6)
في (م): أعلم.
(7)
"المفهم" 7/ 46.
(8)
"الثقات"(561).
(9)
"الجرح والتعديل" 4/ 80 (346) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
(عن شتير) بضم الشين المعجمة وفتح المثناة فوق وبعد ياء التصغير راء مهملة (بن شكل) بفتح الشين المعجمة والكاف ثم لام.
(عن أبيه) شكل بن حميد، قال ابن حنبل (في حديث أبي أحمد) محمد بن عبد الله بن الزبير هو (شكل بن حميد) العبسي من بني عبس بن بغيض [سكن الكوفة روى عنه ابنه](1) شتير بن شكل لم يرو عنه غيره، وذكر له أبو القاسم البغوي هذا الحديث وقال: لا أعلم له غيره (2).
(قال) شكل (قلت: يا رسول الله علمني دعاء) وللترمذي: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله علمني تعوذًا أتعوذ به قال: فأخذ بكفي (3).
(فقال: قل: اللهم إني أعوذ بك من شر) ولفظ النسائي: علمني دعاءً أنتفع به قال: قل: اللهم عافني من شر (4)(سمعي ومن شر بصري ومن شر لساني) فيه الاستعاذة من شرور هذِه الجوارح التي هو مأمور بحفظها كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (5)، فالسمع أمانة والبصر أمانة واللسان أمانة، وهو مسئول عنها كما قال تعالى:{إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (6)، فمن لم يحفظها وتعدى فيها الحدود عصى الله تعالى وخان الأمانة وظلم نفسه، وسقطت منزلته عند الله تعالى فبعد عنه (7) بكل جارحة ذات
(1) في (م): عن أبيه.
(2)
"معجم الصحابة" 3/ 324.
(3)
الترمذي (3492).
(4)
"سنن النسائي" 8/ 260.
(5)
المؤمنون: 8.
(6)
الإسراء: 36.
(7)
في (م): به.
شهوة، ولا يستطيع دفع شرها إلا بالالتجاء إلى الله تعالى لكثرة شرها وآفاتها، وللسان خمس وعشرون آفة غالبها خمس:[الكذب والغيبة](1) والمماراة والمدح والمزاح.
(ومن شر قلبي)(2) أي: نفسي، فالنفس هي مجمع الشهوات والمفاسد كحب (3) الدنيا والرغبة والرهبة من المخلوقين وخوف فوت الرزق والحسد والحقد وطلب العلو والعز والجاه والرياسة والكبر والفخر والغضب وسوء الظن والبخل والمن الأذى والعجب والاتكال على العمل وغير ذلك مما لا يستطيع الآدمي على دفع هذِه الشرور إلا بإعانة من الله تعالى (ومن شر منيي) قال الترمذي (4): يعني فرجه (5).
وقال النسائي: يعني ذكره (6). فشهوة النكاح وقيام الذكر محنة عظيمة قلَّ من تخلص منها. قال قتادة في معنى قوله تعالى: {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} (7) قال: هو الغلمة (8) وهو هيجان شهوة النكاح من المرأة والرجل. وعن عكرمة ومجاهد أنهما قالا: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} (9) أي: لا يصبر عن النساء.
وقال فياض (10) بن نجيح: إذا قام ذكر الرجل ذهب ثلث عقله (11). وبعضهم يقول: ذهب ثلث دينه. وفي نوادر التفسير عن ابن عباس {وَمِنْ
(1) في (م): الكرب والفتنة.
(2)
في (ر): نفسي.
(3)
في (م): بحب.
(4)
زاد في (ر): والحاكم في المستدرك.
(5)
"سنن الترمذي"(3492).
(6)
تقدم.
(7)
البقرة: 286.
(8)
في (م): العلة.
(9)
النساء: 28.
(10)
في (ر): عياض.
(11)
"قوت القلوب" لأبي طالب المكي 2/ 287.
شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} (1) قال: قيام الذكر، وهذِه بلية عظيمة إذا غلبت لا يقاومها عقل ولا دين، وهي أقوى آلة الشيطان على ابن آدم. وإليه (2) الإشارة بقوله عليه السلام:"ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذوي الألباب منكن". رواه مسلم عن ابن عمر (3) واتفقا عليه من حديث أبي سعيد (4)، وإنما ذلك لهيجان الشهوة؛ ولهذا استعاذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث من شر منيه.
وروى البيهقي في "الدعوات" عن أم سلمة: "أسألك أن تطهر قلبي وتحفظ فرجي"(5).
[1552]
(حدثنا عبيد الله) بالتصغير (6)(بن عمر)(7) بن (8) ميسرة [القواريري المقرئ](9) شيخ الشيخين. (حدثنا مكي بن إبراهيم) بن بشير بن فرقد الحنظلي البلخي الحافظ (حدثنا عبد الله بن سعيد) بن أبي هند الفزاري المدني. (عن صيفي) بن زياد الأنصاري المدني (مولى أفلح مولى أبي أيوب) الأنصاري، أخرج له مسلم في ذكر الحيات (10). (عن أبي اليسر) بفتح المثناة تحت والسين المهملة بعدها راء واسمه كعب (11) بن عمرو الأنصاري أمه نسيبة، وهو الذي أسر
(1) الفلق: 3.
(2)
في (م): قال.
(3)
"صحيح مسلم"(79).
(4)
"صحيح البخاري"(1462)، و"صحيح مسلم"(80).
(5)
"الدعوات"(256).
(6)
زاد في (م): عن.
(7)
في (ر): عمرو.
(8)
في (م): عن.
(9)
في (ر): الوريدي المقبري.
(10)
في (ر، م): الجان. والمثبت الصواب.
(11)
في (ر): مهب.
العباس بن عبد المطلب يوم بدر (1) وكان رجلًا قصيرًا والعباس رجل طويل ضخم فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لقد أعانك عليه ملك كريم"(2). وهو الذي انتزع راية المشركين وكانت بيد أبي عزير بن عمير يوم بدر، ثم شهد صفين مع علي وبها كانت وفاته (3).
(أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يدعو: اللهم إني أعوذ بك من الهدم) قال في "النهاية": الهدم بسكون الدال، هو: إهدار دم القتيل (4) يقال: دماؤهم بينهم هدم، أي: مهدورة. في حديث: "صاحب الهدم شهيد"(5). فالهدم بالتحريك البناء المهدوم، قال: في الحديث أنه كان يتعوذ من الأهدمين وهو أن ينهار عليه بناء أو يقع في بئر أو أهوية ونحو ذلك (6).
ويحتمل أن يراد بالهدم [المستعاذ به](7) هنا هدم [البيت المعقود](8)، أو السقف لما يترتب عليه فساد ما يحصل الهدم عليه من الأثاث والآلات والحيوانات وغير ذلك، ويحتاج مالكه إلى كلفة في تجديد عمارته والسعي في ذلك، ولا يخفى ما في ذلك من المشقة (وأعوذ بك من التردي) وهو السقوط في بئر أو مهوى أو نحوها.
وفي الحديث أنه قال: في بعير (9) تردى في (10) بئر: "ذكه من حيث
(1) في (م): صار.
(2)
أخرجه أحمد في "مسنده" 1/ 353.
(3)
انظر ترجمته في "الاستيعاب" 4/ 339.
(4)
في (م): القتلى.
(5)
أخرجه النسائي 4/ 13 بهذا اللفظ.
(6)
"النهاية"(هدم).
(7)
في (م): الاستعارة.
(8)
في (ر): البناء المفقود.
(9)
سقط من (ر).
(10)
سقط من (ر).
قدرت" (1). أي: اذبحه في أي موضع أمكن من بدنه إذا لم يتمكن من نحره. والتردي تفعل من الرداء وهو الهلاك.
(وأعوذ بك من الغرق) بفتح الراء مصدر وهو الذي غلبه الماء وقوي عليه [حتى أشرف](2) على الهلاك ولم يغرق فإذا غرق فهو غريق، ومنه الحديث: يأتي على الناس زمان لا ينجو إلا من [دعا الله دعاء](3) الغرق (4). كأنه (5) أراد إلا من أخلص الدعاء عند معاينة الهلاك؛ لأن من أشفى على الهلاك و [لم يمت فإنه](6) يخلص في دعائه طلبًا للنجاة.
(و) من (الحرق) كما تقدم [في الغرق](7) وهو الذي يقع في حريق النار فيلتهب بالنار ولا يموت، ويحتمل أن يراد به وقوع الحريق في زرع أو أثاث أو غير ذلك من الأموال، فإذا وقع في شيء يتجاوز (8) إلى ما لا نهاية له كما في بيوت الخشب ونحوه (والهرم)(9) بفتح الراء؛ لأنه ينتهي بصاحبه إلى الخرف وذهاب العقل فيعود العالم جاهلًا، وقد تقدم.
قوله: (وأعوذ بك) من (أن يتخبطني الشيطان عند الموت) وهو أن يستولي الشيطان عليه عند مفارقته الدنيا فيضله ويحول بينه وبين التوبة،
(1) رواه البخاري معلقًا 7/ 93.
(2)
في (م): فأشرف.
(3)
في (ر): دعاءها.
(4)
رواه ابن أبي شيبة 15/ 91 (29783) والحاكم 4/ 425، والبيهقي في "الشعب" 2/ 40 من حديث حذيفة موقوفًا، ورواه الحاكم 1/ 506 من حديثه أيضًا وقال: عن حذيفة رفعه.
(5)
زاد في (ر): خص.
(6)
في (ر): لمن فاته.
(7)
سقط من (ر).
(8)
من (ر).
(9)
في (ر): الغرق.
أو يعوقه (1) عن الخروج من مظلمة تكون عنده، أو يؤيسه من رحمة الله تعالى ويكرهه الموت ويتأسف (2) على الحياة فلا يرضى بما قضاه الله عليه من (3) الفناء والنقلة إلى الدار الآخرة فيختم له بسوء الخاتمة ويلقى الله تعالى وهو ساخط عليه. وروي أن الشيطان لا يكون في حال أشد على ابن آدم منه في حال الموت يقول لأعوانه: دونكم هذا فإنه إن (4) فاتكم اليوم لم (5) تلحقوه. فنعوذ بالله من شره ونسأله خاتمة الخير وأن يبارك لنا في ذلك (6) المصرع بفضله (7) وكرمه.
(وأعوذ بك أن أموت في سبيلك) أي: قتال الكفار (مدبرًا) أي: ظهري مما (8) يليهم، فمن ولى عن قتال الكفار مدبرًا (9) فهو من أكبر الكبائر إذا لم يزيدوا على ضعف (10) المسلمين، أو رجع متحرفًا لقتال أو متحيزًا إلى فئة من المسلمين.
(وأعوذ بك أن أموت لديغًا) اللديغ الملدوغ فعيل بمعنى مفعول مثل كحيل بمعنى مكحول، وخضيب بمعنى مخضوب ولدغته العقرب (11) بالغين المعجمة لسعته ولدغته الحية عضته.
قال الأزهري: اللدغ بالناب [ويقال: اللدغة](12) جامعة لكل
(1) في (م): يغويه.
(2)
غير واضحة في (م).
(3)
زاد في (م): القضاء.
(4)
من (ر).
(5)
في (م): ثم.
(6)
في (م): ذكر.
(7)
في (ر): بمنه.
(8)
في (م): ما.
(9)
من (ر).
(10)
في (ر): ضعفي.
(11)
من (ر).
(12)
من (ر).
هائمة (1). لعله (2) صلى الله عليه وآله وسلم استعاذ من اللدغ والموت به (3) لكونه عقوبة أهل النار.
[1553]
(حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، أنا عيسى) بن يونس.
(عن عبد الله بن سعيد) بن أبي هند الفزاري قال (حدثني) صيفي (مولى لأبي أيوب) الأنصاري.
(عن أبي اليسر) كعب بن عمرو الأنصاري و (زاد فيه: والغم) وذكره النسائي بلفظ: "اللهم إني أعوذ بك من الهرم (4) والتردي والهدم (5) والغم والغرق والحريق" وأصل الغم: التغطية، وسمي الحزن غمًّا لأنه يغطي السرور، وفلان في غمة أي: في حيرة.
[1554]
([حدثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي] (6).
(حدثنا حماد) ابن سلمة (حدثنا قتادة، عن أنس) بن مالك رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من البرص) بياض معروف، وعلامته [بغض فلا يحمد](7)، وقد برص بكسر الراء فهو أبرص.
(والجنون) وهو زوال العقل، وفي معناه الأعمى هكذا هو مطلق، وفي حديث آخر مقيد فقال:"اللهم إني أعوذ بك من جنون العمل" أي من الإعجاب به (8).
(1)"تهذيب اللغة"(لدغ).
(2)
في (م): لعلمه.
(3)
من (ر).
(4)
في (ر): الهم.
(5)
في (م): الهرم.
(6)
سقط من (ر).
(7)
بياض في (ر).
(8)
من (ر).
ويؤيد هذا الحديث الآخر: أنه رأى قومًا مجتمعين على إنسانٍ فقال: ما هذا؟ قالوا: مجنون. قال: هذا مصاب إنما المجنون الذي يضرب بمنكبيه وينظر (1) في عطفيه ويتمطى في مشيته.
(والجذام) داءٌ معروف يأكل اللحم ويتناثر. أعاذنا الله تعالى منه.
(ومن سيئ الأسقام) السيئ ضد الحسن وهما من الصفات العالية فيقال: فعلة حسنة وفعلة سيئة وأصلها سئويه فقلبت الواو ياء وهذا من عطف العام على الخاص فإن سيئ الأسقام يعم البرص والجنون والجذام، قال بعضهم: يشبه أن يكون استعاذ (2) به من هذِه الأسقام لأنها عاهات تفسد الخلقة وتبقي الشين وبعضها يؤثر في العقل الذي هو ميزان الآدمي وليس هي (3) كسائر الأمراض التي لا تدوم غالبًا كالحمى والصداع وسائر الأمراض التي لا تجري مجرى العاهات، وإنما هي كفارات للذنوب وليست بعقوبات، والله أعلم.
[1555]
(حدثنا أحمد بن عبيد الله) بالتصغير، ابن سهيل (4) شيخ البخاري (الغداني) بضم الغين المعجمة وتخفيف الدال المهملة (5) وبعد الألف نون نسبةً إلى غدانة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة (6).
(أنا)(7)(غسان (8) بن عوف) البصري المازني (أنا) سعيد بن إياس
(1) في (ر): يضرب.
(2)
غير واضحة في (م).
(3)
من (ر).
(4)
في (م): سهل.
(5)
من (ر).
(6)
في (م): مناع.
(7)
في (ر): أبو.
(8)
في (م): عتبان.
(الجريري) بضم الجيم (عن (1) أبي نضرة) المنذر بن مالك العبدي.
(عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار) جالس في المسجد في غير وقت صلاة (يقال (2) له: أبو أمامة) [قال المنذري](3): يشبه أن يكون إياس بن ثعلبة الأنصاري الحارثي (4)، فإن أبا (5) أمامة [أسعد بن زرارة](6) مات سنة إحدى (7) من الهجرة، ويقال: إنه أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة العقبة، وكان [نقيبًا عقبيًّا](8) ولا يكنى عن مثله [برجل من الأنصار](9).
(فقال: يا أبا أمامة، ما لي أراك جالسًا في المسجد في غير وقت صلاة؟ ) يحتمل أن يكون هذا ممن لا يعتاد المجيء إلى المسجد [إلا في وقت الصلاة، وإلا فقد كان جماعة من أهل الصفة وغيرهم يجلسون في المسجد](10) في غير أوقات الصلاة من [غير ديون](11).
(قال: هموم لزمتني) أي دامت علي ملازمة (وديون) من عطف الخاص على العام، فإن الهموم تكون من دين وغيره، وإن (12) كان الدين أعظمهما [(يا رسول الله]) (13) فيه تفقد أحوال الأمير لرعيته
(1) سقط من (ر).
(2)
في (ر): فقال.
(3)
سقط من (ر).
(4)
في (ر): الحازمي.
(5)
من (ر).
(6)
في (م): بن أسعد من.
(7)
في (م): آخر.
(8)
في (ر): تقيًّا عفيفًا.
(9)
سقط من (ر).
(10)
من (ر).
(11)
في (م): دون.
(12)
من (ر).
(13)
سقط من (ر).
والشيخ لتلاميذه، وسؤالهم عن حالهم ليرشدهم إلى ما فيه سلامتهم.
(قال: أفلا أعلمك كلامًا إذا أنت (1) قلته) في كل يوم أو لازمت عليه (أذهب الله همك وقضى [عنك دينك])(2) مفردان بمعنى الجمع، أي: أذهب الله همومك وقضى عنك ديونك، وفيه تعليم المحتاج وإرشاده إلى (3) [ما يزيل ضرورته] (4) وإن لم يسأل. ([قال: قلت: بلى يا رسول الله] (5)، قال: قل كل يوم وليلة إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن) الحزن ضد السرور ولا يكون إلا على ماضٍ بخلاف الهم فإنه يكون للحال والاستقبال.
(وأعوذ بك من العجز والكسل) العجز المتعوذ منه هو عدم القدرة على الطاعات والمصالح الدينية والدنيوية، والكسل المتعوذ منه هو التثاقل عن العبادات الشرعية وعن السعي في (6) تحصيل المصالح الدينية والدنيوية (7)(وأعوذ بك من الجبن) بضم الجيم وسكون الموحدة هو ضد الشجاعة (والبخل) بفتح الباء والخاء لموافقة الكسل في الوزن، وفيه لغة ثانية بضم الباء الموحدة (8) وسكون الخاء المعجمة (9) لغتان قرئ بهما في السبعة (10) فاستعاذته صلى الله عليه
(1) من (ر).
(2)
في (ر): دينه.
(3)
من (ر).
(4)
في (ر): ما نزل ضرورة.
(5)
سقط من (ر).
(6)
في (م): و.
(7)
في (ر): البدنية.
(8)
من (ر).
(9)
من (ر).
(10)
قرأها حمزة والكسائي بالفتح، وقرأها الباقون بالضم. انظر:"السبعة" لابن مجاهد ص 233.
وآله وسلم منهما ومن أمثالهما وإن كان الله قد عصمه من كل شر ليلزم نفسه خوف الله تعالى وإعظامه، وليسن ذلك لأمته فعلمهم كيف الاستعاذة من الأشياء القبيحة لما في الجبن والبخل من التقصير عن أداء [واجبات القيام](1) بحقوق الله تعالى وإزالة المنكر والإغلاظ على العصاة، ولأن شجاعة النفس وقوتها المعتدلة تتم العبادات وتقوم بنصر المظلوم، وبالسلامة من البخل تقوم بحقوق المال وسعة الإنفاق والجود ومكارم الأخلاق.
(وأعوذ بك من غلبة الدين) الذي أكثر وغلب عن وفائه، قال الطبري: إن قال قائل: قد صح تعوذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المغرم ومن غلبة الدين فما أنت قائل فيما [روي عن](2) جعفر بن محمد عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"إن الله مع الدائن حتى يقضى دينه ما لم يكن فيما كره الله". وكان عبد الله بن جعفر يقول: اذهب فخذ لي بدين فإني أكره أن أبيت ليلة إلا والله معي بعدما سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم (3). وروى الإمام أحمد عن عائشة أنها كانت تداين فقيل لها: مالك وللدين ولك عنه مندوحة؟ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "ما من (4) عبد كانت له نية في أداء الدين إلا كان له من الله عون، فأنا ألتمس من
(1) في (ر): الواجبات والقيام.
(2)
في (ر): روى.
(3)
رواه ابن ماجه (2409) والدارمي (2637) وصححه الحاكم 2/ 23.
(4)
من (ر).
الله ذلك العون" (1). وفي رواية أخرى: "من كان عليه دين همه قضاؤه أو هم بقضائه لم يزل معه من الله حارس" (2).
قيل (3): كلا الخبرين صحيح وليس في أحدهما دفعًا للآخر، فأما قوله:"إن الله مع الدائن"، و"من كان له نية في أداء الدين كان له من الله عون"، وفي الحديث:"ثلاثة حق على الله عونهم". منهم المديان الذي يريد أداءه والمديان [الكثير الدين](4) الذي غلبته (5) الديون، وهو مفعال من الدين للمبالغة فهو فيما لم يكن فيما (6) يكره الله تعالى وهو المستدين الذي ينوي بقضاء دينه وعنده في الأغلب (7) ما يقضيه، والله تعالى في عونه على قضائه، وأما الغرم وغلبة الدين الذين استعاذ منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه الدين الذي استدين فيما يكره الله تعالى ولا يجد سبيلًا إلى قضائه وإن طالبه صاحبه فهو معرض لهلاك أموال الناس ومتلف لها فهو متعرض إلى قهر الرجال بالشكوى (8) عليه والملازمة إلى أن يوفي وكذا (9) المستدين الذي لا ينوي وفاء الدين وعزم على جحده فهو عاصٍ (10) لربه وظالم لنفسه (11).
(1) أخرجه أحمد 6/ 99.
وقال الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"(1801): صحيح لغيره.
(2)
أخرجه أحمد 6/ 255.
وقال الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب"(1125): ضعيف.
(3)
من (ر).
(4)
غير واضحة في (م).
(5)
في (م): عليه.
(6)
سقط من (ر).
(7)
زاد في (م): على.
(8)
في (م): فإن الشكوى عليه.
(9)
في (م): ذلك.
(10)
زاد في (ر): منه.
(11)
انظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 10/ 119.
(وقهر الرجال) هم الأشداء الأقوياء الشديدي الخصومة، فإذا استظفروا بالآدمي من جهة (1)[. . . .](2) من جهة أمرٍ من الدنيا أذلوه وقهروه، وربما اشتكوا عليه إلى الحكام وهم ألحن منه في الحجة فيأمر به بالترسيم والحبس وغير ذلك من أنواع الغلبة (3).
(قال: ففعلت ذلك) ولازمت هذا الدعاء صباحًا ومساءً (فأذهب الله تعالى همي) الذي كنت أحذره (وقضى عني ديني) أي: ديوني التي كانت عليَّ الحالَّة والمؤجلة جميعها ببركة هذا الدعاء وصدق نيته في صحة ما أخبر به، بخلاف ما عليه أهل هذا الزمان من ذكر هذا الدعاء (4) إن استعملوه مع عدم الإيقان به وذكرهم له مع الشك هل ينجح أو لا؟ فيخالفوا الحديث:"ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة"(5).
ومن الأدعية المستحبة لمن أصابه همٌّ أو حزن ما رواه الحاكم في "المستدرك" وقال صحيح الإسناد: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا نزل به همٌّ أو غمٌّ قال: "يا حي يا قيوم بك أستغيث"(6). وروى الخوارزمي في "المسلسلات" عن علي رضي الله عنه قال: رآني (7) النبي
(1) في (م): عجزه عن وفاء دينه.
(2)
كلمة غير مقروءة.
(3)
في (م): الغيبة.
(4)
من (ر).
(5)
أخرجه الترمذي (3479) من حديث أبي هريرة. وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وقال الألباني: حسن لغيره. انظر: "صحيح الترغيب والترهيب"(1653).
(6)
"المستدرك" 1/ 509. وفيه: برحمتك. بدلًا من: بك.
(7)
في (م): أتى. والمثبت من (ر).
صلى الله عليه وآله وسلم حزينًا فقال: "يا ابن أبي طالب أراك حزينًا؟ " قلت: ذاك. قال: "مر بعض أهلك أن (1) يؤذن في أذنك فإنه دواء من الهم" قال: ففعلت فزال عني (2).
ومن الأدعية المستحبة لمن كان عليه دَين فعجز عنه ما رواه الترمذي وقال: حسن، والحاكم في "المستدرك" وقال: صحيح الإسناد عن علي رضي الله عنه: أن مكاتبًا جاءه فقال: إني قد (3) عجزت عن كتابتي فأعنِّي، فقال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لو كان عليك مثل جبل صبير دينًا أدَّاه الله تعالى عنك، قال:"قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك"(4). قوله "أغنني" هو بقطع الهمزة المفتوحة وجبل صبير بصاد مهملة [ثم باء موحدة](5) ثم ياء مثناة تحت، هكذا وجد (6) في غير ما نسخة من الترمذي، وقال في الغالب (7) في مادة صبير بكسر الصاد وسكون المثناة تحت [دون باء](8)، وقال: الصير (9) جبل على الساحل بين سيراف (10) وعمان، وقال المنذري: صبير جبل (11) باليمن، وذكره الخوارزمي لكن شرط
(1) من (ر).
(2)
أخرجه ابن الجوزي في "مناقب الأسد الغالب علي بن أبي طالب"(54).
(3)
سقط من (ر).
(4)
"سنن الترمذي"(3563)، و"المستدرك" 1/ 538.
(5)
من (ر).
(6)
سقط من (ر).
(7)
غير واضحة في (م). والمثبت من (ر).
(8)
من (ر).
(9)
في (م): الصين.
(10)
في (م): مراد.
(11)
من (ر).
فيه أن [يدعو به سبعين](1) مرة.
وفي الباب أحاديث كثيرة مذكورة في الدعوات، وبه انتهى كتاب الصلوات والأدعية والتعوذات من تعليق ما تصل إليه الاستطاعة من كتاب أبي داود الأشعث بن قيس السجستاني.
والله تعالى أسأل وأبتهل أن يصلح الأعمال والنيات ممن أصلح منه ما (2) حصل من الخطأ وما سبق به القلم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على سيدنا محمد الهادي إلى الحق والداعي إليه
يتلوه إن شاء الله تعالى كتاب الزكاة.
(1) بياض في (ر).
(2)
في (م): ثم.