الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل ومن طاف طواف القدوم محدثا فعليه صدقة. وقال الشافعي رحمه الله: لا يعتد به لقوله صلى الله عليه وسلم: «الطواف صلاة، إلا أن الله تعالى أباح فيه النطق» ، فتكون الطهارة من شرطه. ولنا قَوْله تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] (الحج: الآية 29)، من غير قيد الطهارة فلم تكن فرضا ثم قيل: هي سنة، والأصح أنها واجبة لأنه يجب بتركها الجابر؛ ولأن الخبر يوجب العمل فيثبت به الوجوب،
ــ
[البناية]
[فصل فيمن طاف طواف القدوم محدثا]
م: (فصل) ش: أي هذا فصل في مسائل فصله عن المسائل التي قبله فلأجل المغايرة بينهما ذكر لفظ فصل.
م: (ومن طاف طواف القدوم محدثا) ش: أي حال كونه محدثاً م: (فعليه صدقة) ش: كل موضع وجبت فيه صدقة فهي نصف صاع من بر أو صاع من شعير أو صاع من تمر إلا ما يجب بقتل جرادة أو قمل، أو بإزالة شعرات قليلة من رأسه أو عضو من أعضائه، فإن فيه يتصدق بما شاء م:(وقال الشافعي: لا يعتد به) ش: أي لا يعتد بطواف المحدث ولا ينجبر بالدم ونحوه م: (لقوله عليه الصلاة والسلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «الطواف صلاة، إلا أن الله تعالى أباح فيه النطق» ش: هذا الحديث تقدم في باب الإحرام، والمصنف استدل به هاهنا للشافعي رحمه الله على أن الطهارة شرط لصحة الطواف، وبقوله قال مالك وأحمد قوله أباح فيه النطق بالإجماع، أي الكلام م:(فتكون الطهارة من شرطه) ش: أي من شرط الطواف، فلا يصح بدونها كالصلاة.
م: (ولنا قَوْله تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] (الحج: الآية 29)، من غير قيد الطهارة فلم تكن فرضا) ش: وجه الاستدلال أن الله تعالى أمر بالطواف وهو الدوران حول الكعبة من غير الطهارة، فلم يكن فرضاً وجه التشبيه في أنه صلاة كمالاً لا حقيقة فهو اقتضاء، ولا عموم للمقتضى عندنا، فثبت كونه صلاة في حق تعلق الجواز والبيت، كما في الصلاة وأما الاستثناء فدل كلام مبتدأ، كأنه، قال ولكن أبيح فيه الكلام لإزالة إشكال الحرمة ألا ترى أنه أبيح فيه المشي والانحراف عن البيت، بخلاف الصلاة، مع أن يحيى بن معين ضعف الحديث، وقال: إنه منقطع.
م: (ثم قيل: هي سنة) ش: القائل بأن الطهارة في الطواف سنة ابن شجاع م: (والأصح أنها واجبة) ش: وهو قول أبي بكر الرازي م: (لأنه يجب بتركها الجابر) ش: فلو لم تكن الطهارة واجبة لما وجب الجابر بتركها م: (ولأن الخبر يوجب العمل فيثبت به الوجوب) ش: أي وجوب الطهارة م:
فإذا شرع في هذا الطواف وهو سنة، يصير واجبا بالشروع ويدخله نقص بترك الطهارة فيجبر بالصدقة إظهارا لدنو رتبته عن الواجب بإيجاب الله وهو طواف الزيارة، وكذا الحكم في كل طواف هو تطوع. ولو طاف طواف الزيارة محدثا فعليه شاة لأنه أدخل النقص في الركن فكان أفحش من الأول فينجبر بالدم، وإن كان جنبا فعليه بدنة، كذا روي عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ ولأن الجنابة أغلظ من الحدث
ــ
[البناية]
(فإذا شرع في هذا الطواف) ش: أي طواف القدوم، هذا جواب عن سؤال مقدر، بأن يقال لما كان أصل هذا الطواف سنة وتركه لا يوجب دماً على ما ذكر في " شرح الطحاوي " ويوجب صدقة على ما ذكر في " الإيضاح " ينبغي أن لا يجب في الحدث شيء لأنه يؤدي للتسوية بين تركه وبين الإتيان به محدثاً.
فأجاب بقوله " فإذا شرع في هذا الطواف " م: (وهو سنة) ش: أي والحال أنه سنة م: (يصير واجبا بالشروع) ش: فإذا وجب بالشروع الملزم فيلزمه م: (ويدخله نقص بترك الطهارة فيجبر بالصدقة إظهارا) ش: أي لأجل الإظهار م: (لدنو رتبته) ش: أي لقرب رتبة طواف القدوم م: (عن الواجب بإيجاب الله، وهو طواف الزيارة) ش: وهاهنا سؤالان.
الأول: أن دخول النقص بترك الطهارة على تقدير كونها سنة في جبر النزاع فلا يوجد في الدليل؟ والجواب أن ترك السنة يوجب نقصاً أو ينجبر بالكفارة، إلا ترى أن من أفاض من عرفات قبل الإمام وجب عليه دم، وقال: لأنه ترك سنة الدفع.
الثاني: أنه منقوض بالصلاة النافلة، فإنها إذا دخلها نقص ينجبر بسجدتي السهو ولم يظهر دنو رتبة النفل عن رتبة الفرض فيها فليكن هاهنا أيضاً كذلك، والجواب أن الشارع جعل الجابر في الصلاة نوعاً واحداً فلا يصار إلى غيره، وفي الحج جعله متنوعاً قد يكون بالدم وقد يكون بالفدية وقد يكون بالصدقة ما أمكن المصير إلى ما تبين منه رتبة النفل عن الفرض، وهذا كله على رواية القدوري التي اختارها المصنف، وأما على ما ذكره الطحاوي وشيخ الإسلام أنه إذا طاف طواف التحية محدثاً فلا شيء عليه، لأنه لو تركه أصلاً لم يجب عليه شيء، فكذا إذا أتى به محدثاً فلا يحتاج إلى شيء من هذه الكلمات.
م: (وكذا الحكم في كل طواف هو تطوع) ش: أي المذكور في طواف القدوم، روي الحكم في كل طواف هو تطوع، وعن بعض مشايخ العراق يلزمه الدم م:(ولو طاف طواف الزيارة محدثا فعليه شاة لأنه أدخل النقص في الركن) ش: لأن طواف الزيارة ركن م: (فكان) ش: أي النقص م: (أفحش من الأول) ش: أي من النقص الذي يدخل في الواجب م: (فينجبر بالدم) ش: لأن الدم على حسب الموجب م: (وإن كان) ش: حال كونه م: (جنبا فعليه بدنة، كذا روي عن ابن عباس رضي الله عنهما) ش: هذا غريب عن ابن عباس م: (ولأن الجنابة أغلظ من الحدث) ش: وهو
فيجب جبر نقصانها بالبدنة إظهارا للتفاوت، وكذا إذا طاف أكثره جنبا أو محدثا، لأن أكثر الشيء له حكم كله. والأفضل أن يعيد الطواف ما دام بمكة ولا ذبح عليه، وفي بعض النسخ: وعليه أن يعيده،
والأصح أنه يؤمر بالإعادة في الحدث استحبابا، وفي الجنابة إيجابا لفحش النقصان بسبب الجنابة وقصوره بسبب الحدث. ثم إذا أعاده وقد طافه محدثا لا ذبح عليه وإن
ــ
[البناية]
الجنابة م: (فيجب جبر نقصانها بالبدنة إظهارا للتفاوت) ش: بين الجنابتين.
م: (وكذا إذا طاف أكثره) ش: أي أكثر طواف الزيارة م: (جنبا أو محدثا، لأن أكثر الشيء له حكم كله) ش: أي تركاً وتحصيلاً. وفي " مبسوط شيخ الإسلام " إذا كان للأكثر حكم الكل في الحج، لأن الشرع أقامه مقام الكل في وقوع الأمن عن الغفران احتياطاً أو صيانة أو تخفيفاً ببيانه أنه عليه الصلاة والسلام قال: " من «وقف بعرفة فقد تم حجه» وكذا لا يفسد بالجماع بعد الرمي بالإجماع، ولو حلق أكثر الرأس كان محللاً، ولما كان هذا الأمر على هذا الوجه اليسير جرينا على هذا الأصل فأقمنا الأكثر مقام الكل في باب التحلل وما يجري مجراه صيانة للحج عن الفوات كما أن الطواف أحد سببي التحلل كالحلق.
م: (والأفضل أن يعيد الطواف ما دام بمكة) ش: وجه ذلك أن فيه تحصيل الخير بما هو من جنسه وكان أفضل م: (ولا ذبح عليه) ش: بناء على أن الطواف الأول وإن كان بغير طهارة يعتد به، وإلا لزم الدم على قول أبي حنيفة رحمه الله بالتأخير، فإذا كان معتداً به بنقصان، وقد أعاده ولم تبق إلا شبهة النقصان، وهي نقصان الطواف بالحدث وهي لا يوجب شيئاً م:(وفي بعض النسخ) ش: أي وفي بعض نسخ القدوري. وقال الكاكي: أي نسخ " المبسوط "، وما ذكرناه هو الصحيح م:(وعليه أن يعيده) ش: أي الطواف وهو يدل على وجوب الإعادة والنسخة التي فيها الأفضل أن يعيد الطواف بمكة يدل على الاستحباب لا الوجوب، فهذه على ما إذا كان الطواف مع الحدث وتلك تحمل على ما إذا كان مع الجنابة، لأن النقص في الحدث [....] وفي الجنابة.
م: (والأصح أنه يؤمر بالإعادة في الحدث استحبابا، وفي الجنابة إيجابا لفحش النقصان بسبب الجنابة وقصوره بسبب الحدث. ثم إذا أعاده وقد طاف) ش: أي والحال أنه قد طاف م: (محدثا لا ذبح عليه) ش: وقال الأترازي رحمه الله: هذا سهو من صاحب " الهداية " رحمه الله لأن تأخير النسك عن وقته يوجب الدم عن أبي حنيفة رحمه الله فكيف لا يكون عليه الذبح إذا أعاد طواف الزيارة بعد أيام النحر قد حصل تأخير النسك عن وقته على أن الرواية في كتب من فقه منه بخلاف ذلك، وبهذا صرح في " شرح الطحاوي " رحمه الله إذا أعاد طواف الزيارة بعد أيام النحر يجب عليه الدم لتأخيره سواء كان إعادته بسبب الحدث أو بسبب الجنابة، انتهى.
قلت: يحتمل أنه مشى هنا على مذهب الصاحبين فلا وجه لنسبة صاحب " الهداية " إلى السهو م: (وإن أعاده بعد أيام النحر) ش: واصل بما قبله فلا يحتاج إلى جواب.
أعاده بعد أيام النحر؛ لأن بعد الإعادة لا تبقى إلا شبهة النقصان، وإن أعاده وقد طاف جنبا في أيام النحر فلا شيء عليه لأنه أعاده في وقته، وإن أعاده بعد أيام النحر لزمه الدم عند أبي حنيفة رحمه الله بالتأخير على ما عرف من مذهبه.
ولو رجع إلى أهله وقد طافه جنبا عليه أن يعود؛ لأن النقص كثير فيؤمر بالعود استدراكا له ويعود بإحرام جديد. وإن لم يعد وبعث بدنة أجزأه لما بينا أنه جابر له، إلا أن الأفضل هو العود. ولو رجع إلى أهله وقد طافه محدثا إن عاد وطاف جاز، وإن بعث بالشاة فهو أفضل لأنه خف معنى النقصان وفيه نفع للفقراء، ولو لم يطف طواف الزيارة أصلا حتى رجع إلى أهله فعليه أن يعود بذلك الإحرام لانعدام التحلل منه وهو محرم عن النساء أبدا حتى يطوف. ومن طاف طواف الصدر محدثا فعليه صدقة لأنه دون طواف الزيارة، وإن كان واجبا
ــ
[البناية]
م: (لأن بعد الإعادة لا تبقى إلا شبهة النقصان)، ش: أي بسبب التأخير لا حقيقة التأخير، لأنه أداه لكن بالحدث، فيكون تأخيراً بطريق التهمة، لأن النقصان عدم من وجه أو بعض العدم، كذا في " الكافي ".
م: (وإن أعاده وقد طاف جنبا) ش: أي والحال أنه قد طاف حال كونه جنباً م: (في أيام النحر فلا شيء عليه لأنه أعاده في وقته، وإن أعاده بعد أيام النحر لزمه الدم عند أبي حنيفة بالتأخير على ما عرف من مذهبه) ش: أي بتأخيره النسك عن أيامه يجب الدم عنده.
واختلف المشايخ في أن المعتبر طوافه الأول أم الثاني. قال الكرخي رحمه الله: المعتبر هو الأول، والثاني جبر له. وقال أبو بكر الرازي: المعتبر هو الثاني وهو الأصح، ورجح في " الإيضاح " قول الكرخي، وهو أقرب إلى الفقه.
م: (ولو رجع إلى أهله وقد طاف جنبا) ش: أي والحال أنه قد طاف جنباً م: (عليه أن يعود؛ لأن النقص كثير فيؤمر بالعود استدراكا له) ش: أي تداركاً لما فاته من المصلحة م: (ويعود بإحرام جديد) ش: لكن هذا إذا جاوز الميقات، أما إذا لم يجاوزه فلا حاجة إلى إحرام جديد م:(وإن لم يعد وبعث بدنة أجزأه لما بينا أنه جابر له) ش: ولأن فيه حق معنى النقصان، وفيه نفع للفقراء أيضاً م:(إلا أن الأفضل هو العود) ش: استثناء من قوله وإن لم يعد وبعث بدنة أجزأه يعني لكن الأفضل أن يعود، لأن استدراك الشيء بجنسه، وهو الطواف أولى من استدراكه بغير جنسه، وهو الفدية.
م: (ولو رجع إلى أهله وقد طاف محدثا إن عاد وطاف جاز، وإن بعث بالشاة فهو أفضل لأنه خف معنى النقصان وفيه نفع للفقراء، ولو لم يطف طواف الزيارة أصلا حتى رجع إلى أهله فعليه أن يعود بذلك الإحرام لانعدام التحلل منه وهو محرم عن النساء أبدا حتى يطوف. ومن طاف طواف الصدر محدثا فعليه صدقة لأنه دون طواف الزيارة، وإن كان واجباً) ش: كلمة إن واصلة بما قبلها، أي وإن كان طواف الصدر واجباً.
فلا بد من إظهار التفاوت. وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه تجب شاة، إلا أن الأول أصح. ولو طاف جنبا فعليه شاة، لأنه نقص كثير، ثم هو دون طواف الزيارة فيكتفي بالشاة.
ومن ترك من طواف الزيارة ثلاثة أشواط فما دونها، فعليه شاة لأن النقصان بترك الأقل يسير فأشبه النقصان بسبب الحدث، فتلزمه شاة فلو رجع إلى أهله أجزأه أن لا يعود ويبعث شاة لما بينا. ومن ترك أربعة أشواط بقي محرما أبدا حتى يطوفها
ــ
[البناية]
م: (ولا بد من إظهار التفاوت) ش: بين الفرض والواجب يعني إذا طاف طواف الزيارة أو أكثره محدثاً تجب الشاة فينبغي أن تلزم الصدقة إذا طاف طواف الصدر أو أكثره محدثاً إظهاراً للتفاوت، وإلا تلزم التسوية بين الفرض والواجب فلا يجوز.
م: (وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه تجب شاة) ش: أي فيما إذا طاف طواف الصدر محدثاً، وهو رواية الكرخي م:(إلا أن الأول أصح) ش: أي وجوب الصدقة أصح، وهو رواية القدوري م:(ولو طاف) ش: أي طواف الصدر م: (جنبا فعليه شاة، لأنه نقص كثير، ثم هو) ش: أي طواف الصدر م: (دون طواف الزيارة فيكتفي بالشاة) ش: أي إذا أدى من طواف الزيارة فيجب في طواف الزيارة جنباً بدنة بعيراً أو بقرة فيجزئه الشاة في طواف الصدر جنباً لأنه لا يلزم التسوية بين الفرض والواجب.
م: (ومن ترك من طواف الزيارة ثلاثة أشواط فما دونها) ش: أي شوطاً أو شوطين م: (فعليه شاة) ش: وقال الشافعي: يلزمه فعل ما ترك ولا يتحلل حتى يفعله، كذا في " شرح الأقطع " ومذهب الشافعي وأحمد ومالك عدد السبع شوط حتى لو ترك طوفة واحدة أو خطوة لم يجزئه ولا يتحلل من إحرامه، لأن تقدير الطواف بالعدد السبع ثابت بالنصوص المتواترة فكان كالمنصوص في القرآن وما يقدر شرعاً بقدر لا يكون لما دون ذلك القدر، وحكم ذلك القدر كما في الحدود وأعداد الركعات، فإنه لا يقوم الأكثر فيها مقام الكل، وكذا في الطواف.
وأشار إلى دليلنا بقوله م: (لأن النقصان بترك الأقل يسيرا فأشبه النقصان بسبب الحدث، فتلزمه شاة) ش: إنما كان كذلك لجانب الوجود راجح وأفعال الحج متجانسة يقبل بعضها الفضل عن بعض، ولهذا إذا أتى ببعض الأشواط ثم اشتغل بعمل آخر ثم أتى بالباقي جاز، بخلاف الصلاة، فإن أفعالها ليست بمتجانسة، وليس بعضها يقبل الفضل عن بعض، لأنه إذا أفسد جزءاً فيها يفسد الجميع، فلم يجز إقامة الأكثر مقام الكل، ولما ثبت التجانس وقبول الفضل في الطواف بحيث لم يتعلق صحة المؤدى بصحة الباقي أقيم الأكثر مقام الكل.
م: (فلو رجع إلى أهله أجزأه أن لا يعود ويبعث شاة لما بينا) ش: أشار به إلى قوله، لأن النقصان بترك الأقل يسير، وقيل: يرجع إلى قوله، لأنه حق معنى النقصان، وفيه نفع للفقراء.
م: (ومن ترك أربعة أشواط) ش: أي من طواف الزيارة م: (بقي محرما أبدا حتى يطوفها) ش: أي
لأن المتروك أكثر فصار كأنه لم يطف أصلا. ومن ترك طواف الصدر أو أربعة أشواط منه فعليه شاة لأنه ترك الواجب أو الأكثر منه، وما دام بمكة يؤمر بالإعادة إقامة للواجب في وقته. ومن ترك ثلاثة أشواط من طواف الصدر فعليه الصدقة، ومن طاف طواف الواجب في جوف الحجر، فإن كان بمكة أعاده لأن الطواف وراء الحطيم واجب على ما قدمناه. والطواف في جوف الحجر أن يدور حول الكعبة ويدخل الفرجتين اللتين بينهما وبين الحطيم، فإذا فعل ذلك فقد أدخل نقصا في طوافه، فما دام بمكة أعاده كله ليكون مؤديا للطواف على الوجه المشروع. وإن أعاده على الحجر خاصة أجزأه لأنه تلافى ما هو المتروك، وهو أن يأخذ عن يمينه خارج الحجر حتى ينتهي إلى آخره ثم يدخل الحجر من الفرجة ويخرج من الجانب الآخر هكذا يفعله سبع مرات.
ــ
[البناية]
في حق النساء، لأنه حل له كل شيء سوى النساء بالحلق، وإنما ما بقي في حق النساء م:(لأن المتروك أكثر فصار كأنه لم يطف أصلا) ش: فلا يجزئه الدم م: (ومن ترك طواف الصدر أو أربعة أشواط منه) ش: أو ترك أربعة أشواط من طواف الصدر م: (فعليه شاة لأنه ترك الواجب أو الأكثر منه) ش: أي أو ترك الأكثر من الواجب م: (وما دام بمكة يؤمر بالإعادة إقامة للواجب في وقته) ش: أي في مطلق الزمان، وهو طواف الصدر، لأنه ليس بموقت بأيام، ولهذا لا يجب شيء بالتأخير عنهما بالاتفاق ولا ذبح عليه، لأنه تلافى الفائت.
م: (ومن ترك ثلاثة أشواط من طواف الصدر فعليه الصدقة) ش: لأن الأصل إنما يجب في ترك كله دم يجب في أقله صدقة كما في الرمي، والمراد بالصدقة أن يجب لكل شوط نصف صاع من بر م:(ومن طاف طواف الواجب) ش: وفي بعض النسخ ومن طاف الطواف الواجب م: (في جوف الحجر) ش: أي الحطيم م: (فإن كان بمكة أعاده) ش: أي أعاد الطواف م: (لأن الطواف وراء الحطيم واجب على ما قدمناه) ش: أراد به قوله عليه الصلاة والسلام: «الحطيم من البيت» ، وعند الشافعي ومالك وأحمد رضي الله عنهم الطواف من جوف الحجر لا يعتد به. م:(والطواف في جوف الحجر أن يدور حول الكعبة ويدخل الفرجتين اللتين بينهما وبين الحطيم، فإذا فعل ذلك فقد أدخل نقصا في طوافه فما دام بمكة أعاده كله ليكون مؤديا للطواف على الوجه المشروع وإن أعاده على الحجر خاصة أجزأه لأنه تلافى) ش: بالفاء أي تدارك م: (ما هو المتروك) ش: وهو الطواف بالحطيم م: (وهو أن يأخذ) ش: إنما ذكر الضمير الراجع إلى الإعادة بالنظر إلى الخبر م: (عن يمينه خارج الحجر حتى ينتهي إلى آخره ثم يدخل الحجر من الفرجة ويخرج من الجانب الآخر هكذا يفعله سبع مرات) ش: وعند الأئمة الثلاثة: تفسيره أن سور الحائط فيطوف حول الحطيم خاصة؛ لأن الحائط ليس من الحطيم هكذا ذكره القدوري، والنووي، وغيره من الشافعية، وفي " المغني ": لا يجزئ الطواف عند الحنابلة، إلا خارج الحائط؛ لأنه عليه الصلاة والسلام هكذا فعله، قلنا: فعله لا يدل على الركنية.
فإن رجع إلى أهله ولم يعده فعليه دم؛ لأنه تمكن نقصان في طوافه بترك ما هو قريب من الربع ولا تجزئه الصدقة. ومن طاف طواف الزيارة على غير وضوء وطواف الصدر في آخر أيام التشريق طاهرا فعليه دم، فإن كان طاف طواف الزيارة جنبا فعليه دمان عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا عليه دم واحد لأن في الوجه الأول لم ينقل طواف الصدر إلى طواف الزيارة لأنه واجب، وإعادة طواف الزيارة بسبب الحدث غير واجب، وإنما هو مستحب فلا ينقل إليه. وفي الوجه الثاني ينقل طواف الصدر إلى طواف الزيارة لأنه مستحق الإعادة فيصير تاركا لطواف الصدر مؤخرا لطواف الزيارة عن أيام النحر فيجب الدم بترك الصدر بالاتفاق وبتأخير الآخر على الخلاف، إلا أنه يؤمر بإعادة طواف الصدر ما دام بمكة ولا يؤمر بعد الرجوع على ما بينا.
ومن طاف لعمرته وسعى على غير وضوء حل فما دام مكة
ــ
[البناية]
م: (فإن رجع إلى أهله ولم يعده فعليه دم؛ لأنه تمكن نقصان في طوافه بترك ما هو قريب من الربع ولا تجزئه الصدقة. ومن طاف طواف الزيارة على غير وضوء) ش: قال الكاكي: يحتمل الجنابة.
قلت: لا يعمل لهذا الاحتمال لأن المراد به الحدث الأصغر جزماً م: (وطواف الصدر في آخر أيام التشريق) ش: حال كونه م: (طاهرا فعليه دم) ش: أي دم واحد، وتجزئه شاة لنقصان الحدث م:(فإن كان طاف طواف الزيارة جنبا فعليه دمان عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: لأن الطواف مع الجنابة في حكم العدل، وهذا يؤمر بالإعادة ما دام بمكة وجوباً لا استحبابا، ولما كان في حكم العدل وجب نقل طواف الصدر إليه؛ لأن العزيمة في ابتداء الإحرام حصلت للأفعال على الترتيب التي شرعت فبطلت نيته على خلاف ذلك الترتيب، فانتقل طواف الصدر إلى طواف الزيارة، فيصير كأنه طاف طواف الزيارة في آخر أيام التشريق، ولم يطف للصدر.
م: (وقالا عليه دم واحد لأن في الوجه الأول) ش: وهو ما إذا طاف طواف الزيارة على غير وضوء م: (لم ينقل طواف الصدر إلى طواف الزيارة لأنه واجب، وإعادة طواف الزيارة بسبب الحدث غير واجب وإنما هو مستحب فلا ينقل إليه. وفي الوجه الثاني) ش: وهو ما إذا طاف طواف الزيارة جنباً م: (ينقل طواف الصدر إلى طواف الزيارة لأنه مستحق الإعادة فيصير تاركا لطواف الصدر مؤخرا لطواف الزيارة عن أيام النحر فيجب الدم بترك الصدر بالاتفاق) ش: بين أبي حنيفة وصاحبيه م: (وبتأخير الآخر) ش: وهو طواف الزيارة م: (على الخلاف) ش: بين أبي حنيفة وصاحبيه، فإنه يجب دمان عنده، ودم واحد عندهما م:(إلا أنه يؤمر بإعادة طواف الصدر ما دام بمكة ولا يؤمر بعد الرجوع على ما بينا) ش: أي عند قوله: ترك طواف الصدر أو أربعة أشواط فعليه شاة - إلى قوله -: وما دام بمكة يؤمر بالإعادة.
م: (ومن طاف لعمرته وسعى على غير وضوء وحل) ش: أي حلق أو قصر م: (فما دام بمكة
يعيدهما، ولا شيء عليه أما إعادة الطواف فلتمكن النقص فيه بسبب الحدث. وأما السعي فلأنه تبع للطواف، وإذا أعادهما لا شيء عليه لارتفاع النقصان وإن رجع إلى أهله قبل أن يعيد فعليه دم لترك الطهارة فيه، ولا يؤمر بالعود لوقوع التحلل بأداء الركن إذ النقصان يسير، وليس عليه في السعي شيء؛ لأنه أتى به على أثر طواف معتد به، وكذا إذا أعاد الطواف ولم يعد السعي في الصحيح.
ومن ترك السعي بين الصفا والمروة فعليه دم وحجه تام؛ لأن السعي من الواجبات عندنا فيلزم بتركه دم دون الفساد. ومن أفاض قبل الإمام
ــ
[البناية]
يعيدهما) ش: أي يعيد الطواف والسعي جميعاً م: (ولا شيء عليه) ش: بعد الإعادة م: (أما إعادة الطواف فلتمكن النقصان فيه بسبب الحدث. وأما السعي) ش: أي وأما إعادة السعي بين الصفا والمروة م: (فلأنه) ش: أي فلأن السعي م: (تبع للطواف، وإذا أعادهما لا شيء عليه لارتفاع النقصان وإن رجع إلى أهله قبل أن يعيد فعليه دم لترك الطهارة فيه، ولا يؤمر بالعود لوقوع التحلل بأداء الركن) ش: وهو الطواف والسعي م: (إذ النقصان يسير، وليس عليه في السعي شيء) ش: قال الكاكي رحمه الله: قوله: ليس عليه معطوف على قوله: فعليه دم لترك الطهارة، وهذا جواب سؤال، وهو أن يقال: لما قام الدم مقام الطواف عند الرجوع إلى أصله صار كأنه أعاد الطواف، ولو أعاده لا يجب عليه إعادة السعي، ولما لم يعد السعي وجب الدم، كما إذا أعاد الطواف ولم يعد السعي على رواية التمرتاشي وقاضي خان وغيرهما؟ فأجاب عن السؤال في " الفوائد الظهيرية " فقال: إنما لزمه دم لعدم إعادة السعي؛ لأن بالإعادة ارتفع المؤدى فبقي السعي قبل الطواف فلا يقع الاعتداد فيلزم الدم، بخلاف ما إذا لم يعد الطواف وأراق الدم حيث لا يرتفع المؤدي.
م: (لأنه أتى به على أثر طواف معتد به، وكذا إذا أعاد الطواف ولم يعد السعي) ش: أي لا شيء عليه م: (في الصحيح) ش: من الرواية، واحترز به عما ذكره في " جامع التمرتاشي "، وقاضي خان وغيرهما أنه لو أعاد الطواف، ولم يعد السعي كان عليه دم، واختار المصنف، وشمس الأئمة السرخسي، والمحبوبي أن لا شيء عليه؛ لأن الطهارة ليست بشرط للسعي، وإن كانت شرطا ًللطواف لاختصاصه بالبيت، واعتباره بالصلاة من وجه لما جاء في الحديث، وإنما الشرط في السعي أن يأتي به على أثر طواف معتد به وطواف المحدث معتد به، ألا ترى أنه تحلل به.
م: (ومن ترك السعي بين الصفا والمروة فعليه دم وحجه تام لأن السعي من الواجبات عندنا) ش: وعند الشافعي ركن، وعندنا واجب م:(فيلزم بتركه الدم دون الفساد) ش: لأن كل نسك ليس بركن فالدم يقوم مقامه كالرمي، قوله: دون الفساد احترازاً عن قول مالك، وأحمد فإن السعي ركن عندهما فيلزم الفساد بتركه. م:(ومن أفاض قبل الإمام) ش: أي قبل غروب الشمس، قال الأترازي: وإنما قدر بقبل غروب الشمس؛ لأنه إذا غربت الشمس وأبطأ الإمام بالدفع يجوز للناس الدفع قبل الإمام، لأن وقت الدفاع قد دخل، وإذا تأخر الإمام فقد ترك السنة فلا يجوز للناس تركها، وبه صرح في " شرح مختصر الكرخي " ودفع قبل الإمام.
من عرفات فعليه دم، وقال الشافعي رحمه الله: لا شيء عليه؛ لأن الركن أصل الوقوف فلا يلزمه بترك الإطالة شيء. ولنا أن الاستدامة إلى غروب الشمس واجبة لقوله صلى الله عليه وسلم: «فادفعوا بعد غروب الشمس» فيجب بتركه الدم، بخلاف ما إذا وقف ليلا لأن استدامة الوقوف على من وقف نهارا لا ليلا
ــ
[البناية]
م: (من عرفات فعليه دم، وقال الشافعي رحمه الله: لا شيء عليه؛ لأن الركن أصل الوقوف فلا يلزمه بترك الإطالة شيء) ش: أي الإطالة إلى جزء من الليل، وهذا المذكور هو أحد قولي الشافعي رحمه الله، وفي قوله الآخر: يجب الدم كقولنا، وبه قال أحمد ومالك، إن لم يجمع بين الليل والنهار في الوقوف لا يكون مدركاً له إذا أدرك النهار، كذا ذكره الكاكي عنه، والجمع بين الليل والنهار ليس بشرط عنده، بل يكفي جزء من الليل لا النهار، وقال السروجي: لم يقل مالك رحمه الله باشتراط الوقوف في شيء من النهار، وإنما ركن الوقوف عنده وقوف لحظة من الليل دون النهار، وعند غيره من الفقهاء الركن منه في جزء من ليل أو نهار.
م: (ولنا أن الاستدامة إلى غروب الشمس واجبة لقوله عليه الصلاة والسلام) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «فادفعوا بعد غروب الشمس» ش: هذا حديث غريب، وذكر الأترازي رحمه الله هذا الحديث، ولم يذكر من حاله شيئاً، وأمر بالدفع في الإفاضة من عرفات، وكان ينبغي أن يستدل في هذا بما في حديث جابر الطويل رحمه الله، «فلم يزل عليه الصلاة والسلام واقفاً حتى غربت الشمس» وروى أبو داود، والترمذي، وابن ماجه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه «أنه عليه الصلاة والسلام أفاض منها حين غربت الشمس» ورواة نسك رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمعوا على أنه أفاض من عرفات بعد غروب الشمس، فعلم أن الاستدامة في الوقوف إلى جزء من الليل واجبة، فلزمه بتركه دم، وهو معنى قوله:
م: (فيجب بتركه الدم) ش: قيل: إذا وقف ليلاً، ولم يقف بالنهار لا يلزمه شيء بالاتفاق، فأولى أن لا يلزمه شيء إذا وقف نهاراً، ولم يقف ليلاً؛ لأن الوقوف بالنهار أصل، وبالليل تبع.
وأجيب: بأن الوقوف المعتد به ركناً بأن الوقوف بالنهار، أو بالليل، إلا أن الواجب هو الوقوف بجزء من الليل لا محالة، ثم إذا وقف بالنهار دون جزء من الليل أتى بالركن دون الواجب، فلزمه دم، وإذا وقف بالليل دون النهار لم يجب عليه شيء؛ لأن الجزء الأول من وقوفه اعتبر ركناً، والجزء الثاني اعتبر واجباً، فلما أتى بالركن والواجب لم يلزمه شيء.
م: (بخلاف ما إذا وقف ليلا؛ لأن استدامة الوقوف على من وقف نهاراً لا ليلاً) ش: أي بالإجماع، وهذا متصل بقوله: ولنا أن الاستدامة إلى غروب الشمس واجبة، قيل: قوله عليه الصلاة والسلام: «من وقف بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد أدرك الحج» ، يقتضي أن لا تكون الاستدامة
فإن عاد إلى عرفة بعد غروب الشمس لا يسقط عنه الدم في ظاهر الرواية؛ لأن المتروك لا يصير مستدركا. واختلفوا فيما إذا عاد قبل الغروب. ومن ترك الوقوف بالمزدلفة فعليه دم لأنه من الواجبات،
ومن ترك رمي الجمار في الأيام كلها فعليه دم لتحقق ترك الواجب، ويكفيه دم واحد؛ لأن الجنس متحد كما في الحلق، والترك إنما يتحقق بغروب الشمس من آخر أيام الرمي؛ لأنه لم يعرف قربة إلا فيها
ــ
[البناية]
شرطاً لا في الليل، ولا في النهار، فكيف جعلتم شرطاً في النهار دون الليل.
وأجيب: بترك ظاهر الحديث في حق النهار بقوله عليه الصلاة والسلام: «فادفعوا بعد غروب الشمس» فبقي الليل على ظاهره، هذا أورده الأكمل في " شرحه "، وأعجبني منه كيف يجب بهذا الجواب، إلا أن الحديث الصحيح كيف يترك ظاهره بحديث لا يعرف دلالة أصله عند المحدثين.
م: (فإن عاد إلى عرفة بعد غروب الشمس لا يسقط عنه الدم في ظاهر الرواية؛ لأن المتروك لا يصير مستدركا) ش: احترازاً بظاهر الرواية عما روى ابن شجاع عن أبي حنيفة رحمه الله، وعن ما ذكر الحسن بن زياد رحمه الله في " مناسكه " أنه يسقط؛ لأنه استدرك ما فاته، فإن الواجب عليه الإفاضة بعد غروب الشمس، وقد أتى به فيسقط عنه الدم، وبه قال الشافعي، وأحمد - رحمهما الله -، وفي " شرح القدوري " وهو الصحيح.
م: (واختلفوا) ش: أي العلماء الثلاثة وزفر م: (فيما إذا عاد قبل الغروب) ش: فعند زفر رحمه الله لا يسقط، وعند الثلاثة: يسقط، وبه قال الشافعي، وأحمد م:(ومن ترك الوقوف بالمزدلفة فعليه دم؛ لأنه) ش: أي لأن الوقوف بمزدلفة م: (من الواجبات) ش: عندنا، وعند الشافعي رحمه الله نفس الوقوف سنة، والمبيت بمزدلفة واجب، واستثني من هذا من جاوزها ليلاً عن علة، أو ضعف، أو خاف الزحام فلا شيء عليه، وقد مرت المسألة.
م: (ومن ترك رمي الجمار في الأيام كلها) ش: وهي الأيام الأربعة آخرها آخر أيام التشريق م: (فعليه دم لتحقق ترك الواجب، ويكفيه دم واحد) ش: يعني في ترك السبعين حصاة كلها م: (لأن الجنس متحد) ش: أي جنس المتروك واحد، وفي قول الشافعي رحمه الله يجب عليه دمان لما أن رمي يوم النحر منفرد بنفسه، ورمي أيام التشريق شيء واحد، والأصح أنه يجب أربعة، وما ذكره في " شرح الوجيز " م:(كما في الحلق) ش: أي في حلق الرأس، فإن حلق ربعه في غير أوانه يوجب الدم، ثم حلق جميعه لا يوجب إلا دماً واحداً، كذا في " المبسوط " م:(والترك) ش: أي ترك الرمي م: (إنما يتحقق بغروب الشمس) ش: من أيام التشريق م: (من آخر أيام الرمي) ش: وهو اليوم الرابع م: (لأنه) ش: أي لأن الرمي م: (لم يعرف قربة إلا فيها) ش: أي في هذه الأيام، يعني معنى القربة غير معقول فيه، وإنما عرفناه قربة لا يفعله عليه الصلاة والسلام في هذه الأيام، فلا يكون قربة في رميها كما لا يكون قربة في إراقة الدم في غير أيام النحر.
وما دامت الأيام باقية فالإعادة ممكنة فيرميها على التأليف، ثم بتأخيرها عنه يجب الدم عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما.
وإن ترك رمي يوم واحد فعليه دم؛ لأنه نسك تام.
ومن ترك رمي إحدى الجمار الثلاث فعليه الصدقة؛ لأن الكل في هذا اليوم نسك واحد فكان المتروك أقل، إلا أن يكون المتروك أكثر من النصف، فحينئذ يلزمه الدم لوجود ترك الأكثر.
وإن ترك رمي جمرة العقبة في يوم النحر فعليه دم؛ لأنه ترك كل وظيفة هذا اليوم رميا، وكذا إذا ترك الأكثر منها. وإن ترك منها حصاة أو حصاتين أو ثلاثا تصدق لكل حصاة نصف صاع إلا أن يبلغ دما فينقص ما
ــ
[البناية]
م: (وما دامت الأيام باقية فالإعادة ممكنة فيرميها على التأليف) ش: يعني على الترتيب، وبه قال الشافعي رحمه الله في قول. وفي قول: يسقط رمي كل يوم يمضي؛ لأنه فات عن وقته م: (ثم بتأخيرها) ش: أي بتأخير الجمرات م: (عنه) ش: أي عن أيامها م: (يجب الدم عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما) ش: أي لأبي يوسف، ومحمد - رحمهما الله - فإن عندهما لا دم عليه.
م: (وإن ترك رمي يوم واحد فعليه دم؛ لأنه نسك تام) ش: قيل: إنه مخير في اليوم الثالث بين النفر، وبين الإقامة تمضي، أي كونه متطوعاً، فكيف يجب بتركه الدم، وأجيب بأن التخيير قبل طلوع الفجر من اليوم الرابع، فأما بعد طلوعه وجب عليه الإقامة، ويجب بتركه الدم كالتطوع إذا تركه بعد الشروع.
م: (ومن ترك رمي إحدى الجمار الثلاث من يوم واحد فعليه الصدقة) ش: يعني إذا ترك من يوم واحد؛ لأن الجمار الثلاث من يوم واحد نسك واحد، وهو معنى قوله م:(لأن الكل في هذا اليوم نسك واحد، فكان المتروك أقل) ش: وهو سبع حصيات، فتجب صدقة لكل حصاة نصف صاع من بر م:(إلا أن يكون المتروك أكثر من النصف) ش: هذا استثناء من قوله عليه الصلاة والسلام: " فعليه الصدقة "، يعني إذا ترك أكثر من الجمار الثلاث، فإن رمى ثمان حصيات، وترك ثلاث عشرة حصاة م:(فحينئذ يلزمه الدم لوجود ترك الأكثر) ش: منها.
م: (وإن ترك رمي جمرة العقبة في يوم النحر فعليه دم؛ لأنه ترك كل وظيفة) ش: يوم النحر من حيث الرمي، وإنما قيد بقوله: رمياً، احترازاً عن الوارد عليه إذا لم يقل كذلك بأن يقال: كيف قلت إن رمي جمرة العقبة كل وظيفة م: (هذا اليوم) ش: والذبح والحلق والطواف أيضاً من وظائف هذا اليوم، فلما قال: م: (رميا) ش: خرجت الأشياء المذكورة، م:(وكذا إذا ترك الأكثر منها) ش: أي يجب عليه الدم أيضاً إذا ترك الأكثر من جمرة العقبة م: (وإن ترك منها حصاة أو حصاتين أو ثلاثا) ش: أي ثلاث حصيات م: (تصدق لكل حصاة نصف صاع، إلا أن يبلغ دما) ش: استثناء من قوله: تصدق لكل حصاة نصف صاع، يعني إذا بلغ قيمة ما تصدق لكل حصاة قيمة الدم م:(فينقض ما شاء) ش: يعني ينقض من الدم ما شاء حتى لا تلزمه التسوية بين الأقل والأكثر.
شاء
لأن المتروك هو الأقل فتكفيه الصدقة. ومن أخر الحلق حتى مضت أيام النحر فعليه دم عند أبي حنيفة رحمه الله، وكذا إذا أخر طواف الزيارة حتى مضت أيام التشريق فعليه دم عنده وقالا: لا شيء عليه في الوجهين وكذا الخلاف في تأخير الرمي وفي تقديم نسك على نسك كالحلق قبل الرمي، ونحر القارن قبل الرمي، والحلق قبل الذبح، لهما أن ما فات مستدرك بالقضاء ولا يجب مع القضاء شيء آخر. وله حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال «من قدم نسكا على نسك فعليه دم»
ــ
[البناية]
م: (لأن المتروك هو الأقل فتكفيه الصدقة. ومن أخر الحلق حتى مضت أيام النحر فعليه دم عند أبي حنيفة رحمه الله، وكذا إذا أخر طواف الزيارة. وقالا: لا شيء عليه في الوجهين) ش: أي في تأخير الحلق، وتأخير طواف الزيارة، والأصل في هذا أن تأخير النسك هل يوجب الدم أم لا؟ فعند أبي حنيفة يوجب، وعندهما لا.
م: (وكذا الخلاف) ش: أي بين أبي حنيفة وصاحبيه م: (في تأخير الرمي) ش: بأن أخر رمي جمرة العقبة في اليوم الأول إلى الثاني، وكذا إذا أخر رمي الجمار من اليوم الثاني أو الثالث إلى الرابع م:(وفي تقديم نسك على نسك) ش: أي وكذا الخلاف بينهم في تقديم نسك على نسك م: (كالحلق قبل الرمي، ونحر القارن قبل الرمي، والحلق قبل الذبح) ش: بيانه حلق المفرد بالحج أو القارن أو المتمتع قبل الرمي، وذبح القارن أو المتمتع قبل الرمي والذبح، بخلاف ما إذا ذبح المفرد قبل الرمي، أو حلق قبل الذبح حيث لا يجب عله شيء؛ لأن النسك لا يتحقق في حقه؛ لأن المفرد يذبح إن أحب، ولا يجب عليه.
واعلم أنه يفعل في يوم النحر أربعة أشياء، الرمي، والنحر، والحلق، والطواف، وهذا الترتيب واجب أم لا؟ اختلف العلماء فيه، فقال أبو حنيفة، والشافعي - رحمهما الله - في وجه ومالك وأحمد - رحمهما الله -: واجب، وعلى قول آخر للشافعي رحمه الله مستحب، أما لو قدم الحلق على النحر جاز، ولا يجب شيء عنده قولاً واحداً، وكذا عندهما، ولو قدمه على الرمي لزمه دم عند الشافعي وعند مالك. وقال أحمد: لو قدم كل واحد على الآخر ساهياً أو جاهلاً لا شيء عليه، وإن كان عامداً ففي وجوب الدم روايتان، وعند أبي حنيفة التقديم، والتأخير يوجب الدم ساهياً أو جاهلاً، وبه قال زفر، ومالك، وعند أبي يوسف، ومحمد رحمهم الله: لا شيء في التقديم، والتأخير، وإنما يجب في حق قول القارن قبل الذبح دم باعتبار الحلق في أوانه جناية على إحرامه، لا باعتبار التقديم والتأخير، وقولهما أصح قولي الشافعي. م:(لهما) ش: أي لأبي يوسف، ومحمد - رحمهما الله - م:(أن ما فات مستدرك بالقضاء) ش: أي بالاتفاق م: (ولا يجب مع القضاء شيء آخر. وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله م: (حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال "من قدم نسكا على نسك فعليه دم) ش: هكذا هو الغالب في النسخ ابن مسعود، وفي بعضها: ابن عباس رحمه الله وهو الأصح، رواه
ولأن التأخير عن المكان يوجب الدم فيما هو موقت بالمكان كالإحرام، فكذا التأخير على الزمان فيما هو موقت بالزمان،
وإن حلق في أيام النحر في غير الحرم فعليه دم
ــ
[البناية]
ابن أبي شيبة في " مصنفه ": حدثنا سلام بن مطيع أبو الأحوص عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن ابن عباس، قال: من قدم نسكاً في حجه، أو أخره فليهد لذلك دماً، وقال الشيخ في " الإمام "، وإبراهيم بن مهاجر ضعيف، وأخرج عن سعيد ابن جبير، وإبراهيم النخعي، وجابر بن زيد أبي الشعثاء نحو ذلك.
م: (ولأن التأخير عن المكان) ش: كالتجاوز عن المقيات بغير إحرام م: (يوجب الدم فيما هو موقت بالمكان كالإحرام) ش: فإنه موقت بميقات م: (فكذا التأخير عن الزمان فيما هو موقت بالزمان) ش: قوله: لأن التأخير جواب عن قولهما، يعني القياس كما قالا إنه لا يجب شيء مع القضاء إلا أنا تركناه استدلالاً بتأخير الإحرام عن الميقات، والقياس: ترك بدلالة النص، كذا في " المبسوط ".
فإن قلت: معهما أيضاً قياس على سائر ما يستدرك من العبادات بالنص، فكان قياساً في خبر التعارض.
قلت: إن قياساً يرجح بالاحتياط، فإن فيه الخروج عن العهدة بيقين.
فإن قلت: ثبت في " الصحيحين " عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه «أنه صلى الله عليه وسلم وقف للناس بمنى يسألونه، فجاء رجل، وقال: نحرت قبل الرمي، فقال عليه الصلاة والسلام: " افعل ولا حرج " فما سئل صلى الله عليه وسلم عمن قدم، أو أخر؛ إلا قال: " افعل ولا حرج» وهذا دليل واضح على أن لا شيء في التقديم والتأخير.
قلت: إنه متروك الظاهر؛ لأنه لا يدل على القضاء أيضاً، ويجوز أن تكون المسائل مفرداً، وتقديم الذبح على الرمي لا يوجب عليه شيئاً. وفي " المستصفى ": كان هذا في ابتداء الإسلام حين لم تستقر أفعال المناسك دل عليه «أنه صلى الله عليه وسلم سئل في ذلك الوقت: سعيت قبل أن أطوف، فقال: " افعل ولا حرج» وذلك لا يجوز بالإجماع، واليوم لا يفتى بمثله؛ ولأن نفي الحرج لا يقتضي انتفاء الكفارة، كما لو تطيب، أو حال من عدد.
م: (وإن حلق في أيام النحر في غير الحرم فعليه دم) ش: يعني إن حلق الحاج، لا للحل في أيام النحر خارج الحرم يجب عليه دم، ولم يذكر له في هذه المسألة خلاف أبي يوسف في " الجامع الصغير "، فلأجل هذا قال بعض المشايخ: يجب عليه الدم في هذه المسألة باتفاق، وقال الصدر الشهيد في " شرح الجامع الصغير ": الأصح أنه على الاختلاف، يعني لا شيء عليه عند أبي يوسف، كما لا شيء عليه عنده إذا حلق المعتمر خارج الحرم، خلافاً لهما، وأثبت الخلاف في
من اعتمر فخرج من الحرم وقصر فعليه دم عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله تعالى -، وقال أبو يوسف رحمه الله: لا شيء عليه قال رضي الله عنه: ذكر في " الجامع الصغير " قول أبي يوسف رحمه الله في المعتمر ولم يذكره في الحاج. وقيل هو بالاتفاق؛ لأن السنة جرت في الحج بالحلق بمنى وهو من الحرم. والأصح أنه على الخلاف، هو يقول: الحلق غير مختص بالحرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أحصروا بالحديبية وحلقوا في غير الحرم. ولهما أن الحلق لما جعل محللا صار كالسلام في آخر الصلاة فإنه من واجباتها، وإن كان محللا، فإذا صار نسكا
ــ
[البناية]
" المنظومة "، والمختلف في الحج والعمرة جميعاً، وهذا الخلاف مبنى على أصل، وهو أن الحلق عند أبي حنيفة رحمه الله يوقت بالزمان دون المكان، حتى إذا حلق بعد أيام النحر في الحرم يجب عليه الدم عند أبي حنيفة، ومحمد، وزفر، خلافاً لأبي يوسف ومحمد، وإذا حلق خارج الحرم في أيام النحر يجب عليه الدم عند أبي حنيفة، ومحمد، وزفر خلافاً لأبي يوسف، ولكن يتحلل في هذه الصورة بالاتفاق.
م: (ومن اعتمر فخرج من الحرم وقصر فعليه دم عند أبي حنيفة ومحمد رضي الله عنهم) ش: لتأخيره عن مكانه، كما يلزمه الدم بتأخيره عن وقته م:(وقال أبو يوسف رحمه الله: لا شيء عليه قال: ذكر في " الجامع الصغير ") ش: أي قال المصنف رحمه الله: ذكر - أي محمد رحمه الله قول أبي يوسف رحمه الله في " الجامع الصغير " م: (في المعتمر أنه لا شيء عليه، وفي " الجامع ") ش: إذا حلق خارج الحرم م: (وقيل هو بالاتفاق) ش: أي قبل وجوب الدم في الحج بالاتفاق إذا حلق خارج الحرم، ولا خلاف فيه لأبي يوسف م:(لأن السنة جرت في الحج بالحلق بمنى، وهو من الحرم) ش: فبتركه يلزمه الجبر.
م: (والأصح أنه على الخلاف) ش: عندهما يجب الدم، وعند أبي يوسف رحمه الله: لا يجب، م:(هو يقول) ش: أي أبو يوسف يقول: م: (الحلق غير مختص بالحرم «لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أحصروا بالحديبية وحلقوا في غير الحرم» ش: هذا الحديث أخرجه البخاري، ومسلم عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم قال:«خرج النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية في بعض عشر مائة من الصحابة.. الحديث، وفيه: فأمرهم بالحلق فحلقوا في الحديبية، وهي خارج الحرم» والحديبية تصغير حدبا اسم موضع قريب من مكة.
م: (ولهما) ش: أي لأبي حنيفة، ومحمد - رحمهما الله - م:(أن الحلق لما جعل محللا) ش: بكسر اللام م: (صار كالسلام في آخر الصلاة فإنه) ش: محلل، ومع هذا هو واجب، ولهذا لو تركه ساهياً يجب سجود السهو وأنه م:(من واجباتها) ش: أي فإن السلام من واجبات الصلاة م: (وإن كان محللا) ش: واصل بما قبله.
م: (وإذا صار نسكا اختص بالحرم) ش: أي عبادة اختص بالحرم؛ لأنه غير معقول المعنى
اختص بالحرم كالذبح، وبعض الحديبية من الحرم فلعلهم حلقوا فيه، فالحاصل أن الحلق يتوقت بالزمان والمكان، عند أبي حنيفة رحمه الله وعند أبي يوسف: لا يتوقت بهما، وعند محمد: يتوقت بالمكان دون الزمان، وعند زفر: يتوقت بالزمان دون المكان. وهذا الخلاف في التوقيت في حق التضمين بالدم، وأما في حق التحلل فلا يتوقت بالاتفاق. والتقصير، والحلق في العمرة غير موقت بالزمان بالإجماع؛ لأن أصل العمرة لا يتوقت به، بخلاف المكان؛ لأنه موقت به. قال: فإن لم يقصر حتى رجع وقصر فلا شيء عليه في قولهم جميعا، معناه: إذا خرج المعتمر ثم عاد؛
ــ
[البناية]
فيختص بالحرم، وبه قال مالك، وأحمد - رحمهما الله - في رواية م:(كالذبح) ش: حيث يختص بالحرم م: (وبعض الحديبية من الحرم) ش: هذا جواب عن تمسك أبي يوسف رحمه الله بالحديبية المذكور، وبه قال الشافعي رحمه الله في الأظهر م:(فلعلهم حلقوا فيه) ش: أي في الحرم الذي هو من الحديبية م: (فالحاصل أن الحلق موقت بالزمان والمكان عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف لا يتوقت بهما، وعند محمد رحمه الله: يتوقت بالمكان دون الزمان، وعند زفر: يتوقت بالزمان دون المكان) ش: قد مر الكلام فيه آنفاً.
م: (وهذا الخلاف في التوقيت في حق التضمين بالدم، وأما في حق التحلل فلا يتوقت) ش: بالزمان والمكان، وإن الكلام في وجوب الدم عند من يقول بالتوقيت يجب الدم بتركه م:(بالاتفاق) ش: لكونه معتداً به بالاتفاق م: (والتقصير والحلق في العمرة غير موقت بالزمان بالإجماع) ش: لنفس العمرة حيث لا يتوقت بالزمان. فإن قلت: في أيام النحر مكروهة فكانت موقتة.
قلت: كراهيتها فيها ليست من حيث إنها موقتة به، بل باعتبار أنه مشغول بأفعال الحج فيها، فلو اعتمر فيها ربما أخل بشيء من أفعال الحج، فكرهت لذلك.
م: (لأن أصل العمرة لا يتوقت به) ش: أي بالزمان، وأصل العمرة الطواف والسعي، فلا يتوقت بالزمان بالإجماع م:(بخلاف المكان؛ لأنه موقت به) ش: أي بخلاف مكان العمرة، فإن أصلها موقت به، وهو الحرم، فكذا يتوقت ما يترتب عليه وهو الحلق، والتقصير، حتى لو حلق خارج الحرم للعمرة فعليه دم عند أبي حنيفة، ومحمد - رحمهما الله -، كما في الحج. وعند أبي يوسف رحمه الله: لا شيء عليه، كذا في " المبسوط ".
م: (فإن لم يقصر حتى رجع وقصر لا شيء عليه في قولهم جميعاً) ش: وفي أكثر النسخ قال: فإن لم يقصر، أي قال محمد في " الجامع الصغير ": فإن لم يحلق المعتمر حتى عاد إلى الحرم، فلا شيء عليه في قول أبي حنيفة وصاحبيه جميعاً؛ لأنه بدل المتروك في مكان م:(معناه) ش: أي قال محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": معنى حكم المسألة م: (إذا خرج المعتمر ثم عاد) ش: ذكر العود إلى الحرم من خواص " الجامع الصغير " م: (لأنه) ش: أي لأن المعتمر م: (أتى به) ش:
لأنه أتى به في مكانه فلا يلزمه ضمانه. وإن حلق القارن قبل أن يذبح فعليه دمان - عند أبي حنيفة رحمه الله: دم بالحلق في غير أوانه؛ لأن أوانه بعد الذبح ، ودم بتأخير الذبح عن الحلق. وعندهما يجب عليه دم واحد، وهو الأول، ولا يجب بسبب التأخير شيء على ما بينا.
ــ
[البناية]
أي بالتقصير أو الحلق م: (في مكان فلا يلزمه ضمانه. وإن حلق القارن قبل أن يذبح فعليه دمان - عند أبي حنيفة - دم بالحلق) ش: أي بسبب الحلق م: (في غير أوانه؛ لأن أوانه بعد الذبح، ودم بتأخير الذبح) ش: أي بسبب تأخير الذبح م: (عن الحلق ، وعندهما) ش: أي، وعند أبي يوسف، ومحمد - رحمهما الله - م:(يجب عليه دم واحد، وهو الأول) ش: وهو دم القران؛ لأنه الواجب أولاً بحكم القران، لكن لفظه يوهم أنه أراد به الدم الواجب بالحلق في غير أوانه.
م: (ولا يجب بسبب التأخير شيء على ما بينا) ش: وفي بعض النسخ: على ما قلنا، وأشار به إلى ما قال، قيل: هذا إنما فات مستدرك بالقضاء ولا يجب مع القضاء شيء آخر، وقال الأكمل رحمه الله: على هذا تقرير المسألة على ما عليه أصل رواية " الجامع الصغير "، فإن محمداً رحمه الله ، قال فيه في القارن حلق قبل أن يذبح فعليه دمان، دم القران، ودم آخر؛ لأنه حلق قبل أن يذحب، يعني على قول أبي حنيفة رحمه الله، وعلى هذا ما ذكره المصنف رحمه الله غير مطابق له؛ لأنه قال: دم الحلق في غير أوانه؛ لأنه بعد الذبح، ودم بتأخير الذبح عن الحلق، وهذا كما ترى يشير إلى أنهما دما جناية، ولم يذكر دم القران، وقال: وعندهما عليه دم واحد وهو الأول، يعني الذي يجب بالحلق من غير رواية؛ لأنه لم يذكر أولاً إلا سواه، ولم يذكر أيضاً دم القران، ومع عدم مطابقته فهو متقاصر لقوله قبل هذا. وقالا: لا شيء عليه في الوجهين جميعاً، إلى أن قال: والحلق قبل الذبح على هذا كان الحق أن يقول: فعليه دمان عند أبي حنيفة رحمه الله دم بالقران، ودم بتأخير الذبح، فكأنه سهو وقع منه أو من الكاتب، ولا يجب في السهو على الإنسان. انتهى.
قلت: هذا الذي ذكره أوجه من قول الأترازي، وقد حط صاحب " الهداية " لأنه جعل الدمين هاهنا جميعاً للجناية، وجعل في باب القران أحدهما للنسك، والآخر للجناية، انتهى.
قلت: يحتمل أن يكون المصنف ذكر هاهنا عادة بعض المشايخ، وهو أن دم القران واجب إجماعاً، ودم آخر بسبب الجناية على الإحرام؛ لأن الحلق لا يجوز إلا بعد الذبح، وهذا واجب أيضاً إجماعاً، ودم آخر عند أبي حنيفة رحمه الله بسبب تأخير الذبح عن الحلق.
فإن قيل: على ما ذكره محمد رحمه الله إنه يجب عليه ثلاثة دماء، إلا أن جناية القارن مضمونة بالدمين.
قيل له: إنما يجب على المفرد فيه دم، فعلى القارن دمان، ولو قادم المفرد الحلق على الذبح لم يجب عليه شي، فلا يضاعف على القارن.