الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأن الحجة تجب قضاء لصحة الشروع فيها والعمرة لما أنه في معنى فائت الحج،
وعلى المحصر بالعمرة القضاء، والإحصار عنها يتحقق عندنا. وقال مالك رحمه الله: لا يتحقق؛ لأنها لا تتوقت. ولنا أن النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه رضي الله عنهم أحصروا بالحديبية وكانوا عمارا؛ ولأن شرع التحلل لدفع الحرج، وهذا المعنى موجود في إحرام العمرة، وإذا تحقق الإحصار فعليه القضاء إذا تحلل كما في الحج. وعلى القارن حج وعمرتان، أما الحج وإحداهما فلما بينا، وأما الثانية لأنه خرج منها بعد صحة الشروع فيها.
ــ
[البناية]
م: (ولأن الحجة) ش: دليل آخر. م: (تجب قضاء لصحة الشروع فيها) ش: والشروع الصحيح ملزم. م: (والعمرة) ش: أي وقت العمرة. م: (لما أنه) ش: أي أن المحصر. م: (في معنى فائت الحج) ش: لأن في كل واحد منهما خروجًا عن الإحرام بعد الشروع قبل أداء الأفعال ثم فائت الحج يتحلل بأداء العمرة ويقضي الحج، فكذا هذا.
فإن قيل: العمرة في فائت الحج للتحلل، وهاهنا يحل بالهدي، فلا حاجة إلى إيجاب العمرة.
قلنا: والهدي لأجل لا يسقط العمرة الواجبة بعد تحقق الإحصار، لما أن المحصر في معنى فائت الحج، والعمرة واجبة، كذا ذكره العلامة حميد الدين - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وفي " المستصفى ": الهدي شرع لتعجيل التحلل عن الإحرام لا للتحلل عن الإحرام؛ لأنا لو شرطنا توقف تحلله بالعمرة يؤدي إلى إلحاق الضرر به لعجزه عنها بواسطة الإحصار.
[ما يلزم المحصر بالعمرة]
م: (وعلى المحصر بالعمرة القضاء؛ لأن الإحصار عنها يتحقق عندنا. وقال مالك رحمه الله: لا يتحقق) ش: أي الإحصار عن العمرة. م: (لأنها لا تتوقت) ش: لعدم تحقق الفوات. م: (ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أحصروا بالحديبية وكانوا عمارا) ش: هذا الحديث قد صح من وجوه كثيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أحصروا بالعمرة بالحديبية فقضوها من القابل، وكانت تسمى عمرة القضاء، على أن مالكًا قد أورد في " الموطأ «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أهل بعمرة عام الحديبية» .
م: (ولأن شرع التحلل) ش: أي لأن مشروعية التحلل الكائن الناشئ من امتداد الإحرام. م: (لدفع الحرج، وهذا المعنى موجود في إحرام العمرة) ش: بالشروع، فيشرع التحلل. م:(وإذا تحقق الإحصار فعليه القضاء إذا تحلل كما في الحج) ش: أي كما في المحصر بالحج إذا تحلل فعليه حجة وعمرة. م: (وعلى القارن) ش: أي وعلى المحصر القارن. م: (حجة وعمرتان، أما الحج وإحداهما) ش: أي وأحد العمرتين. م: (فلما بينا) ش: يعني في المفرد من كونه يعني فائت الحج.
م: (وأما الثانية) ش: أي وأما العمرة الثانية. م: (فلأنه خرج منها بعد صحة الشروع فيها) ش: فوجب قضاؤها، فإن بعث القارن هديًا، قال السغناقي رحمه الله: ذكر القارن هنا وقع غلط ظاهر من النساخ، فالصواب أن يقال: فإن بعث المحصر، بيان الغلط من وجهين،
فإن بعث القارن هديا وواعدهم أن يذبحوه في يوم بعينه ثم زال الإحصار
ــ
[البناية]
أحدهما: أنه ذكر وإن بعث القارن هديا، ويجب على القارن بعث الهدي فلأنه يتحلل بالواحد؛ لأنه ذكر قبل هذا في الباب، فإن كان قارنًا بعث بدمين. والثاني: أن المصنف جمع بين روايتي القدوري رحمه الله، و" الجامع الصغير "، وهذه المسألة مذكورة في هذين الكتابين في حق المحصر بالهدي بالحج، ودفع الكاكي هذا عن المصنف فقال: يمكن أن يكون، وهذا المراد من قوله: هدي، أي لكل واحد من الحج والعمرة، أو يكون أراد بالهدي الجنس كما في قول الراوي:«قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاهد ويمين» أن بجنس الشاهد عند إقامة البينة، وقال الأكمل رحمه الله في دفع هذا: لما كان كلام المصنف قبل هذا في القارن لم يرد ذلك النظر.
وقال: م: (فإن بعث القارن هديًا) ش: والهدي إلى الحرم سواء كان ذلك دمين، أو دمًا واحدا وثوبا، وكان ذكر الواجب عليه دمان، وهما هدي القارن، فكأنه قال: فإن بعث القارن دمين فلا منافاة بين هذا وبين ما تقدم، ولا هو غالط في الكلام ولا من فسخه، بل ربما لو قال: فإن بعث المحصر كما بينا في حق القارن، ولو قال: هديين كان غير فصيح؛ لأنه اسم لجنس ما يهدى، ولا شيء إلا إذا قصد الأنواع، وليس بمقصود، انتهى.
قلت: كلامه لا يخلو عن النظر؛ لأن قوله: لأنه اسم جنس، وهذا غير صحيح، وكذلك في كلام الكاكي نظر من هذا الوجه، ووجه آخر أن الأصل عدم التقدير، وقال الأترازي: قيد بالقارن في " الهداية " وليس فيه كثير فائدة؛ لأن الحكم في المفرد بالحج كذلك، ولهذا وضع القدوري رحمه الله هذه المسألة في مطلق المحصر، ولم يقيد بالقارن فقال: وإذا بعث المحصر هديا، ولم يقيد في " الجامع الصغير " أيضًا بالقارن وضع المسألة في المحصر بالحج، على أنه كان ينبغي أن يقول صاحب " الهداية " هديين؛ لأن القارن المحصر يبعث الهديين، انتهى.
قلت: لا يصح نفيه على الإطلاق، وأما نفي الأكمل العدد؛ لأنه قال: لم يرد به هاهنا، ونحن لا نسلم من أن يكون المراد العدد؛ لأن ذكر القارن قبله وبأن عليه دمين قرينة على صحة الإرادة من قوله: هديا هديين، وقول الأكمل، ولو كان غير فصيح لا يقبل هنا؛ لأن هذا في كلام الفصحاء، وكلام الفقهاء في متون الكتب مشحونة بالتسامح، والتساهل في الكلام.
م: (وواعدهم أن يذبحوه في يوم بعينه ثم زال الإحصار) ش: هنا أربعة أوجه: القسمة العقلية؛ لأنه إما أن لا يدرك الهدي، أو يدركهما، أو يدرك الهدي دون الحج أو بالعكس، فذكر المصنف رحمه الله جميع ذلك، فالأول هو قوله: م: (فإن كان لا يدرك الحج والهدي لا يلزمه أن يتوجه) ش: لعدم الفائدة.