الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن المقصود فعل الرمي، وذلك يحصل بالطين كما يحصل بالحجر، بخلاف ما إذا رمى بالذهب أو الفضة فإنه لا يجوز، لأنه يسمى نثارا لا رميا.
قال: ثم يذبح إن أحب ثم يحلق أو يقصر لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نرمي ثم نذبح، ثم
ــ
[البناية]
المذهب الصحيح، ومما يتخذ منه الفصوص كالفيروزج والياقوت والعقيق والبلور والزبرجد في أصح الوجهين، وهو قول أحمد رحمه الله و [.....] مع أنه نوع من الحجر. وبقول الشافعي رحمه الله قال مالك: وقال القاضي من الحنابلة لا يجوز بالدام والحام والكران، وعن أحمد رحمه الله لا يجوز الحجر الكبير، وذهب أبو داود إلى أنه يجوز بكل شيء حتى البعرة والعصفور الميت، وقال ابن المنذر رحمه الله لا يجوز إلا بالحصى، ذكره القرطبي.
م: (لأن المقصود فعل الرمي) ش: هذا تعللينا، ولم يذكر تعليل الشافعي رحمه الله، هو يقول أن المأثور هو الحجر م:(وذلك) ش: أي المقصود من الرمي م: (يحصل بالطين كما يحصل بالحجر) ش: والمقصود هو إهانة الشيطان وهو يحصل بكل ما كان مهاناً في نفسه من أجزاء الأرض، هكذا ذكره الأترازي رحمه الله، وقال الكاكي: المقصود التشبه بإبراهيم صلى الله عليه وسلم في إهانة الشيطان، انتهى.
قلت: في كلام كل منهما نظر، أما كلام الأترازي رحمه الله فإنه قال بكل ما كان مهانا في نفسه، فالياقوت والزمرد والبلخش والزبرجد والبلور والعقيق والفيروزج عزيزة في أنفسها غير مهانة، فعلى تعليله ينبغي أن لا يجوز الرمي بهذه الأشياء، وأما كلام الكاكي رحمه الله فإنه قال: المقصود التشبه بإبراهيم صلى الله عليه وسلم، ففي الرمي بهذه الأشياء لا يوجد التشبه.
م: (بخلاف ما إذا رمى بالذهب أو الفضة، فإنه لا يجوز، لأنه يسمى نثارا لا رميا) ش: فيه نظر، لأن فيه الرمي حقيقة، بل قوله - لأنه يسمى نثاراً - صحيح، وقال الأترازي رحمه الله، لأنه نثار لا رمي، فلم يدل على الإهانة، بل على الإعزاز، وفيه أيضاً نظر، لأن الإعزاز في الياقوت ونحوه مما ذكرنا أقوى وأشد وأظهر فعلى كلامه ينبغي أن لا يجوز ومع هذا يجوز.
[ذبح الهدي والحلق والتقصير للحاج]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله م: (ثم يذبح) ش: بعد رمي جمرة العقبة م: (إن أحب) ش: أي الذبح، يعني إن شاء، وأما على المحبة باعتبار الدم على المفرد مستحب لا واجب، والكلام في المفرد لا في القارن والمتمتع، فإن الدم واجب عليهما م:(ثم يحلق أو يقصر) ش: إنما تردد بين الحلق والتقصير، لأن أحدهما واجب، سواء كان مفرداً أو قارناً أو متمتعاً، لكن الحلق أفضل، وفي " المبسوط " أنه خير بين الحلق والتقصير إذا لم يكن شعره ملبداً أو معقوصاً أو مصفراً، فإن كان لا يتخير بل يلزمه الحلق، وبه قال الشافعي رحمه الله في القديم وأحمد وقال في الجديد يجوز القصر.
م: (لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نرمي، ثم نذبح ثم نحلق ") ش: هذا
نحلق» ولأن: الحلق من أسباب التحلل، وكذا الذبح حتى يتحلل به المحصر، فيقدم الرمي عليهما، ثم الحلق من محظورات الإحرام فيقدم عليه الذبح، وإنما علق الذبح بالمحبة لأن الدم الذي يأتي به المفرد تطوع، والكلام في المفرد، والحلق أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«رحم الله المحلقين» قاله ثلاثا
…
الحديث ظاهر بالترحم عليهم
ــ
[البناية]
غريب، وأخرجه الجماعة إلا ابن ماجه عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك رحمهم الله «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى وأتى الجمرة ورماها ثم أتى منزله منى فنحر ثم قال للحلاق خذ، وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس» .
م: (ولأن: الحلق من أسباب التحلل، وكذا الذبح حتى يتحلل به المحصر) ش: أي الذبح أيضاً من أسباب التحلل كالحلق، وهكذا يتحلل به المحصر، وليس عليه حلق أو تقصير في قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - على ما يجيء بيانه في باب الإحصار م:(فيقدم الرمي عليهما) ش: أي على الذبح م: (ثم الحلق من محظورات الإحرام) ش: أي من ممنوعاته م: (فيقدم عليه الذبح) ش: أي على الحلق، فأخر لذلك م:(وإنما علق الذبح بالمحبة) ش: أي إنما علق القدوري الذبح بقوله إن أحب.
م: (لأن الدم الذي يأتي به المفرد تطوع) ش: لأنه مسافر م: (والكلام) ش: يعني في هذا الباب م: (في المفرد) ش: يعني في الحاج المفرد وقد ذكرنا هذا عن قريب م: (والحلق أفضل) ش: أي من التقصير م: (لقوله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله المحلقين، قاله ثلاثاً»
…
الحديث) ش: هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رحم الله المحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله» . وفي رواية البخاري «لما كان الرابعة قال: و " المقصرين»
قوله الحديث - بالنصب، أي آخر الحديث إلخ، ويجوز رفعه على أنه مبتدأ محذوف الخبر م:(ظاهر بالترحم عليهم) ش: أي ظاهر النبي صلى الله عليه وسلم بالترحم على المحلقين.
قال الأكمل: أي كرر الترحم عليهم، وقال الكاكي: المراد به ها هنا التلفظ به مراراً، يعني كرر لفظ رحم الله، وهو قريب من الأول، قال تاج الشريعة حيث قال: ثلاث مرات حيث قال رحم الله المحلقين من ظاهر بين الثوبين، إذ ليس أحدهما فوق الآخر.
قلت: ظاهر من باب المفاعلة وأصله للمشاركة بين اثنين، وها هنا ليس كذلك، بل هو بمعنى فعل كما في قَوْله تَعَالَى {وَسَارِعُوا} [آل عمران: 133] أي أسرعوا، وفي الحديث ظاهر بين درعين، أي ظهر بينهما معناه ليس أحدهما فوق الآخر، ومنه بارز علي رضي الله عنه يوم بدر، أي نصر وأعان، وقال الأترازي رحمه الله: قوله ظاهر الحديث بالترحم عليهم، ورفع لفظ الحديث، فيدل على أن لفظ الحديث هو فاعل، وظاهر فعله، وبالترحم في محل المفعول وليس كذلك، بل فاعل ظاهر هو النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكرنا فافهم.
ولأن الحلق أكمل في قضاء التفث وهو المقصود، وفي التقصير بعض التقصير، فأشبه الاغتسال مع الوضوء، ويكتفى في الحلق بربع الرأس اعتبارا بالمسح، وحلق الكل أولى اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وفي التقصير أن يأخذ من رؤوس شعره مقدار الأنملة.
ــ
[البناية]
م: (لأن الحلق أكمل في قضاء التفث) ش: أي في إزالة الوسخ، لأن قضاء التفث قص الشارب والأظفار ونتف الإبط وحلق العانة، والتفث بالفتحات الوسخ، ومادته بالمثناة من فوق وفاء وتاء مثلثة، وكون الحلق أكمل إجماع، واختلف فيمن وجب عليه الحلق، وليس على رأسه شعر، قيل يجب عليه إمرار الموسى على رأسه، وبه قال مالك وبعض أصحاب الشافعي - رحمهما الله -، لأن الواجب عليه إمرار الموسى على رأسه وإزالة الشعر، إلا أنه عجز عن أحدهما وقدر على الآخر، فما قدر عليه بقي وما عجز عنه سقط، وقال بعضهم يستحب وبه قال الشافعي وأحمد - رحمهما الله - م:(وهو المقصود) ش: أي إزالة التفث هو المقصود.
م: (وفي التقصير بعض التقصير) ش: أي في تقصير شعر رأسه بعض التقصير في إقامة السنة وإنما قيد بالبعض لأن كلاً من الحلق والتقصير جائز، ولكن الحلق أفضل من التقصير، وفيه نوع قصور م:(فأشبه الاغتسال مع الوضوء) ش: فإن المغتسل إذا ترك الوضوء واكتفى بغسله فإنه يجوز، ولكن الأفضل أن يتوضأ أولاً ثم يغتسل، فإن في ترك الوضوء نوع قصور.
م: (ويكتفي في الحلق بربع الرأس اعتبارا بالمسح) ش: في الوضوء، لأن الربع يقوم مقام الكل م:(وحلق الكل أولى اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم) ش: أي أفضل، وبه قال الشافعي رحمه الله، وعنده أقل ما يجزئ ثلاث شعرات أو يقصر بها، وقال مالك وأحمد - رحمهما الله - بحلق الكل أو الأكثر بناء على مسح الرأس، وفي حمل النوازل حلق كله مسنون.
م: (وفي التقصير أن يأخذ من رؤوس شعره مقدار الأنملة) ش: وهذا التقدير مروي عن ابن عمر رضي الله عنهما، وعليه إجماع الأمة والمرأة فيه كالرجل. وفي " الولوالجي " تقصر ربع رأسها مقدار الأنملة - وكذا الرجل تأخذ من كل قرن بقدر الأنملة، ولو تنور حتى زال شعره فهو كالحلق، وبه قال الشافعي رحمه الله، ومن لا شعر له لو أمر موسى لا يأخذ من لحيته أو شاربه. وقال الشافعي رحمه الله يأخذ استحباباً، وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله - لأن ابن عمر رضي الله عنهما فعل ذلك. قلنا: فعل ذلك اتفاقاً لا قصداً، والحلق من يمين الحالق، وعند الشافعي رحمه الله من يمين المحلوق، فاعتبرنا يمين المحلوق، وقال الكرماني ذكره بعض أصحابنا ولم يعزه إلى أحد، بل الأولى اتباع السنة، فإنه عليه السلام بدأ بيمينه.
وقال الكاكي: وقد أخذ أبو حنيفة رحمه الله بقول الحجام حين قال أذن الشق الأيمن من رأسه وفيه حكاية معروفة.