المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سبب فرضية شهر رمضان] - البناية شرح الهداية - جـ ٤

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصوم

- ‌[تعريف الصوم]

- ‌ صوم رمضان

- ‌[سبب فرضية شهر رمضان]

- ‌فصلفي رؤية الهلال

- ‌[صوم يوم الشك وحكم من رأى هلال رمضان وحده]

- ‌[الحكم لو كان بالسماء علة وشهد برؤية الهلال واحد]

- ‌[تعريف الصوم ووقته]

- ‌[الطهارة عن الحيض والنفاس من شروط الصوم]

- ‌باب ما يوجب القضاء والكفارة

- ‌[الحكم لو أكل الصائم أو شرب أو جامع ناسياً]

- ‌[احتلام الصائم]

- ‌[ما لا يفطر الصائم]

- ‌[دهن الشعر أو الشارب في الصيام]

- ‌[اكتحال الصائم]

- ‌[التقبيل والمباشرة للصائم]

- ‌[ابتلاع الصائم الشيء اليسير]

- ‌[حكم القيء بالنسبة للصائم]

- ‌[جماع الصائم عامدا]

- ‌[كفارة المفطر عمدا بجماع أو غيره]

- ‌[صفة كفارة المفطر عمدا في رمضان]

- ‌[الحقنة والقطرة للصائم]

- ‌[ذوق الطعام ومضغ العلك للصائم]

- ‌[الاكتحال والسواك للصائم]

- ‌[السواك للصائم]

- ‌[فصل أحكام المريض والمسافر في الصيام] [

- ‌المفاضلة بين صوم المريض والمسافر وفطرهما]

- ‌[موت المسافر والمريض المفطران في رمضان]

- ‌[حكم الشيخ الفاني في رمضان]

- ‌[حكم من مات وعليه قضاء رمضان فأوصى به]

- ‌[الحكم فيمن دخل في صوم التطوع أو صلاة التطوع ثم أفسده]

- ‌[الحكم لو بلغ الصبي أو أسلم الكافر في نهار رمضان]

- ‌[أحكام المغمى عليه والمجنون في رمضان]

- ‌[الحكم لو أفاق المجنون في بعض رمضان]

- ‌[حكم اشتراط النية في صوم رمضان]

- ‌[حكم أصبح غير ناو للصوم فأكل]

- ‌[حكم من شك في طلوع الفجر أو غروب الشمس فأكل]

- ‌[فصل فيما يوجبه على نفسه من الصيام] [

- ‌حكم نذر صيام يوم النحر]

- ‌باب الاعتكاف

- ‌[حكم الاعتكاف] [

- ‌أركان الاعتكاف وشروطه]

- ‌[مكان الاعتكاف]

- ‌[مكان الاعتكاف بالنسبة للمرأة]

- ‌[خروج المعتكف من المسجد بدون عذر]

- ‌[ما يجوز للمعتكف]

- ‌[ما يحرم على المعتكف]

- ‌[حكم من أوجب على نفسه اعتكاف يومين أو أيام]

- ‌كتاب الحج

- ‌[حكم الحج]

- ‌[شروط وجوب الحج] [

- ‌البلوغ والحرية من شروط وجوب الحج] [

- ‌حج العبد والصبي]

- ‌[حكم حج الأعمى والمقعد]

- ‌[الاستطاعة من شروط وجوب الحج]

- ‌[ما تتحقق به الاستطاعة في الحج]

- ‌[اشتراط الزوج أو المحرم للمرأة في الحج]

- ‌[حكم بلوغ الصبي وعتق العبد بعد شروعهما في الحج]

- ‌[فصل المواقيت المكانية للحج] [

- ‌دخول الآفاقي مكة بدون إحرام]

- ‌باب الإحرام

- ‌[تعريف الإحرام وسننه]

- ‌[حكم التلبية للمحرم ولفظها]

- ‌[رفع الصوت بالتلبية]

- ‌[محظورات الإحرام]

- ‌[ما يباح للمحرم]

- ‌[آداب دخول مكة]

- ‌[طواف القدوم]

- ‌[حكم طواف القدوم]

- ‌[السعي بين الصفا والمروة]

- ‌[حكم السعي بين الصفا والمروة وكيفيته]

- ‌[خطب الإمام في الحج] [

- ‌النفر إلى منى والمبيت بها ليلة التاسع]

- ‌[الدفع من منى إلى عرفة]

- ‌[الجمع بين الصلاتين بعرفة وخطبة الإمام بها]

- ‌[حدود عرفة]

- ‌[آداب وسنن الوقوف بعرفة]

- ‌[الإفاضة من عرفات بعد غروب الشمس]

- ‌[المبيت بالمزدلفة]

- ‌[جمع المغرب والعشاء بمزدلفة]

- ‌[صلاة الفجر بغلس في المزدلفة والوقوف بها]

- ‌[المزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر]

- ‌[رمي الجمرات]

- ‌[عدد الجمرات وصفاتها]

- ‌[كيفية رمي الجمرات ومقداره]

- ‌[ذبح الهدي والحلق والتقصير للحاج]

- ‌[التحلل الأصغر والأكبر للحاج]

- ‌ طواف الزيارة

- ‌[فصل في بيان مسائل شتى من أفعال الحج]

- ‌باب القران

- ‌[تعريف القران]

- ‌[المفاضلة بين القران والتمتع والإفراد]

- ‌صفة القران

- ‌[طواف وسعي القارن]

- ‌ دم القران

- ‌[صيام القارن]

- ‌باب التمتع

- ‌[تعريف التمتع]

- ‌[المفاضلة بين التمتع والإفراد]

- ‌[معنى التمتع وصفته]

- ‌[سوق الهدي وإشعاره وتقليده]

- ‌[ما يلزم المتمتع من الدم والصيام]

- ‌ليس لأهل مكة تمتع، ولا قران

- ‌[الحكم لو لم يسق المتمتع الهدي حتى عاد لبلده]

- ‌[الحكم لو قدم الكوفي بعمرة في أشهر الحج وفرغ منها ثم أقام بمكة أو البصرة]

- ‌[الحكم لو حاضت المرأة عند الإحرام]

- ‌[من اتخذ مكة دارا هل يلزمه طواف الصدر]

- ‌[باب الجنايات في الحج]

- ‌[استعمال المحرم الطيب أو الخضاب]

- ‌[تغطية الرأس ولبس المخيط للمحرم]

- ‌[حلق المحرم شعر رأسه أو لحيته ونحوها]

- ‌[فصل في النظر والمباشرة للمحرم]

- ‌[بطلان الحج بالجماع قبل الوقوف بعرفة]

- ‌[كفارة من أفسد حجه بالجماع]

- ‌[حكم من جامع بعد الوقوف بعرفة]

- ‌[حكم من جامع في العمرة قبل تمامها]

- ‌[حكم من جامع ناسيا في الحج]

- ‌[فصل فيمن طاف طواف القدوم محدثا]

- ‌[فصل صيد البر محرم على المحرم] [

- ‌المقصود بصيد البر والبحر وحكم قتل الفواسق]

- ‌[جزاء الصيد ومقداره]

- ‌[قتل المحرم للبعوض والنمل]

- ‌[قطع حشيش الحرم وشجره]

- ‌[باب مجاوزة الميقات بغير إحرام]

- ‌[الحكم لو جاوز الكوفي ذات عرق بلا إحرام]

- ‌ دخل مكة بغير إحرام، ثم خرج من عامه ذلك إلى الوقت، وأحرم بحجة

- ‌[دخول البستاني مكة بغير إحرام]

- ‌[جاوز الوقت فأحرم بعمرة وأفدسدها]

- ‌ خرج المكي يريد الحج، فأحرم ولم يعد إلى الحرم ووقف بعرفة

- ‌المتمتع إذا فرغ من عمرته ثم خرج من الحرم، فأحرم ووقف بعرفة

- ‌باب إضافة الإحرام إلى الإحرام

- ‌ أحرم بالحج ثم أحرم يوم النحر بحجة أخرى

- ‌ فرغ من عمرته إلا التقصير فأحرم بأخرى

- ‌ أهل بحج ثم أحرم بعمرة

- ‌رفض العمرة

- ‌[باب الإحصار]

- ‌[ما يتحقق به الإحصار]

- ‌ أحصر المحرم بعدو أو أصابه مرض فمنعه من المضي

- ‌[ما يفعل المحصر لو كان قارنا]

- ‌[مكان ووقت ذبح دم الإحصار]

- ‌[ما يلزم المحصر بالعمرة]

- ‌[مكان ذبح الهدي للمحصر]

- ‌[حكم من وقف بعرفة ثم أحصر]

- ‌[أحصر بمكة وهو ممنوع عن الطواف والوقوف]

- ‌باب الفوات

- ‌[حكم من أحرم بالحج وفاته الوقوف بعرفة]

- ‌باب الحج عن الغير

- ‌[شروط جواز الحج عن الغير]

- ‌[الإنابة في حج النفل]

- ‌[أمره رجلان بأن يحج لكل واحد منهما حجة فأهل بحجة عنهما]

- ‌[دم الإحصار يلزم الأصيل أم النائب في الحج]

- ‌[دم الجماع يلزم الأصيل أم النائب في الحج]

- ‌[الوصية بالحج]

- ‌[الحاج عن الغير إذا نوى الإقامة بمكة لحاجة نفسه]

- ‌باب الهدي

- ‌[أنواع الهدي]

- ‌ الأكل من هدي التطوع والمتعة والقران

- ‌[الصدقة من هدي التطوع والمتعة والقران]

- ‌ ذبح دم التطوع قبل يوم النحر

- ‌[مكان ووقت ذبح الهدي]

- ‌[الأفضل في ذبح البدن والبقر والغنم في الهدي]

- ‌[كيفية ذبح الهدي]

- ‌[ركوب الهدي]

- ‌[الحكم لو ساق هديا فعطب أو هلك]

- ‌[تقليد دم الإحصار والجنايات]

- ‌[مسائل منثورة في الحج]

- ‌ رمى في اليوم الثاني الجمرة الوسطى والثالثة

- ‌ جعل على نفسه أن يحج ماشيا

- ‌أفعال الحج تنتهي بطواف الزيارة

- ‌[باع جارية محرمة فهل للمشتري أن يجامعها]

الفصل: ‌[سبب فرضية شهر رمضان]

وسبب الأول الشهر، ولهذا يضاف إليه ويتكرر بتكرره وكل يوم سبب وجود صومه، وسبب الثاني النذر والنية من شرطه، وسنبينه ونفسره إن شاء الله تعالى. وجه قوله: في الخلافية قوله عليه الصلاة والسلام: «لا صيام لمن لم ينو الصيام من الليل» ، ولأنه لما فسد الجزء الأول لفقد النية

ــ

[البناية]

عليه بالسبب، فإن كان من الشارع كشهود الشهر في رمضان يكون الثابت به فرضاً، وإن كان من العبد يكون واجباً كما في النذر فرقاً بين إيجاب الرب وإيجاب العبد.

[سبب فرضية شهر رمضان]

م: (وسبب الأول) ش: معنى فرض م: (الشهر) ش: يعني حضوره م: (ولهذا) ش: أي ولكون الشهر سبب فرض الشهر م: (يضاف إليه) ش: والإضافة دليل السبب ( [ويتكرر بتكرره،] وكل يوم سبب وجود صومه) ش: أي صوم ذلك اليوم، لأن صوم رمضان بمنزلة عبادات متفرقة لأنه يتخلل بين يومين زمان لا يصلح للصوم أداء ولا قضاء وهو الليالي، فصار كالصلاة، كذا اختاره صاحب الأسرار وفخر الإسلام. وقال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: الليالي كأول الأيام سبب في السببية.

م: (وسبب الثاني النذر) ش: أي سبب المنذور المعين النذر م: (والنية من شرطه) ش: أي من شرط الصوم، لأن الأعمال بالنيات م:(وسنبينه) ش: أي سنبين شرط الصوم، أراد به ما يذكره بعد هذا عند قوله - ولأنه صوم يوم فيتوقف الإمساك في أوله على النية المتأخرة المعتبرة وتفسيره إن شاء الله أراد به ما يذكره بقوله والنية - لتعينه لله تعالى، لأن النية عبارة عن تعين بعض المحتملات، فكان ما ذكره تفسير النية.

م: (وجه قوله في الخلافية) ش: أي وجه قول الشافعي رحمه الله في المسألة الخلافية وهو أن النية قبل الزوال يجزئه عندنا خلافاً له م: (قوله عليه الصلاة والسلام) ش: أي قول النبي صلى الله عليه وسلم م: «لا صيام لمن لم ينو الصيام من الليل» ش: هذا الحديث بهذا اللفظ وقع في رواية ابن أبي حاتم قال سألت أبي عن حديث رواه إسحاق بن حازم عن عبد الله بن أبي بكر عن سالم عن أبيه عن حفصة رضي الله عنها مرفوعاً: «لا صيام لمن لم ينو من الليل» ورواه يحيى بن أيوب عن

ص: 6

فسد الثاني ضرورة أنه لا يتجزأ بخلاف النفل لأنه متجزئ عنده

ــ

[البناية]

عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة رضي الله عنها مرفوعاً.

قلت: أيما أصح قال لا أدري، لأن عبد الله بن أبي بكر أدرك سالماً، وروى عنه فلا أدري أسمع هذا الحديث منه أو سمعه من الزهري عن سالم، وقد روي هذا عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن حفصة رضي الله عنها قولها وهو عندي أشبه. ورواه أيضاً الأربعة من حديث عبد الله بن عمر عن أخته حفصة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له» هذا لفظ أبي داود والترمذي ولفظ ابن ماجه «لا صيام لمن لم يفرضه من الليل» وجمع النسائي بين اللفظين، ورواه أبو داود مرفوعاً وموقوفاً.

ورواه الترمذي عن عيسى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر قال: هذا حديث لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، وقد روي عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قوله وهو أصح، ورواه النسائي من طريقين، قال الصواب عندي موقوف، ولم يصح رفعه، لأن يحيى بن أيوب ليس بذاك القوي، ثم أخرجه عن مالك عن الزهري عن عائشة رضي الله عنها وحفصة رضي الله عنها موقوفاً، ورواه مالك أيضاً عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، قوله وروى الدارقطني في سننه من حديث يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له» ، ثم قال ورجاله كلهم ثقات " وأقره البيهقي على ذلك في سننه وفي خلافياته.

قلت: في رجاله عبد الله بن عباد غير مشهور، وقال ابن حبان هو يقلب الأخبار، وفيهم يحيى بن أيوب رحمه الله ليس بالقوي كما مر.

فإن قلت: أخرج الدارقطني أيضاً عن الواقدي بإسناده إلى ميمونة بنت سعد تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «من أجمع الصوم من الليل فليصم، ومن أصبح ولم يجمعه فلا يصم» .

قلت: أعله ابن الجوزي في " التحقيق " والواقدي. قوله - ولم يجمع - قال ابن الأثير من الإجماع وهو إحكام النية والعزيمة، وقال غيره بالتشديد والتخفيف يعني من التجميع والإجماع، ومعنى قوله - لم يفرضه من الليل - أي لم يقطعه ولم يجزمه ويروى [.....] .

م: (ولأنه لما فسد الجزء الأول لفقد النية فسد الباقي ضرورة أنه لا يتجزأ) ش: أي لأن الشأن لما فسد الجزء الأول من اليوم لعدم النية فيه، فسد الباقي لأن الصوم مساو لجميع اليوم لأنه لا يتجزأ م:(بخلاف النفل لأنه متجزئ عنده) ش: أي لأن النفل يتجزأ عند الشافعي رحمه الله.

ص: 7

ولنا «قوله صلى الله عليه وسلم بعدما شهد الأعرابي برؤية الهلال: " ألا من أكل فلا يأكلن بقية يومه، ومن لم يأكل فيلصم» .

ــ

[البناية]

وفي " الوجيز وشرحه " والتتمة يجوز النفل بنيته في النهار قبل الزوال، وفي النية بعد الزوال قولان، ثم إذا نوى قبل الزوال وبعده وما دناه فهو صائم من أول النهار في الأصح.

وقيل من وقت النية وهو اختيار القفال، ثم على القول الأصح شرط خلو أول اليوم عن الأكل والشرب والجماع، فيه وجهان، أحدهما لا يشترط وهو قول ابن شريح، لأن الصوم محسوب له من وقت النية، فكان ما مضى بمنزلة جزء من الليل، والأصح أنه يشترط وإلا بطل مقصود الصوم، وكذا اشتراط الخلو أول اليوم عن الكفر والجنون والحيض قولان، في قول لا يشترط لما ذكرنا، وفي قول يشترط وهو الأصح، انتهى.

قلت: قول المصنف لأنه متجزئ لا يصح إلا على قول ابن شريح، فافهم.

م: (ولنا قوله صلى الله عليه وسلم) ش: أي قول النبي صلى الله عليه وسلم م: (بعدما شهد الأعرابي برؤية الهلال: «ألا من أكل فلا يأكلن بقية يومه، ومن لم يأكل فليصم» ش: هذا حديث غريب، ذكره ابن الجوزي رحمه الله في " التحقيق ".

وقال إن هذا الحديث لا يعرف، وإنما المعروف إنه شهد عنده برؤية الهلال، فأمر أن ينادي بالناس أن يصوموا غداً، وقد رواه الدارقطني بلفظ صريح أن أعرابياً جاء ليلة شهر رمضان.. فذكر الحديث، واستدل أبو نصر رحمه الله لأصحابنا في " شرحه " للقدوري.

فقال: ولنا ما وري «أن الهلال غم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبحوا جاء أعرابي فشهد برؤية الهلال، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم منادياً فنادى ألا من أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يأكل فيصم» واستدل صاحب " النهاية " بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185](البقرة: الآية 185) أي الشهر لتحصيل الإمساك لله تعالى فيه بالنسبة في أكثر النهار.

فصار لله تعالى كما في شهر رمضان، فلا تثبت الزيادة لأنه نسخ. وفي حديث مشهور

ص: 8

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

عن النبي صلى الله عليه وسلم أصبحوا يوم الشك مفطرين متلومين، أي غير عازمين للصوم ولا آكلين، فإنه بعد الأكل يتعين الفطر، فلا يبقى بعده متلوم وإفطار وإما تحقق التلوم مع الإمساك بلا نية، حتى إن تبين أنه في شعبان أكل، وإن تبين أنه في رمضان فلا حرج، ولو كان الصوم لا يصح بنيته في النهار في الفرض لم يكن للتلوم معنى.

وفي حديث مشهور «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في يوم عاشوراء ألا من أكل فلا يأكلن بقية يومه، ومن لم يأكل فيلصم» . أمرهم بالصوم من النهار، فثبت أنه جائز، وتبعه الكاكي، فذكر جميع ما قاله.

وقال في الحديث الذي احتج به المصنف لا يعرف، وإن المروي «أنه صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً أن أذن في الناس [أن من أكل] فليصم بقية يومه فليصوموا» فقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه رضي الله عنهم.

قلت: الحديث المشهور هو الذي رواه البخاري ومسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه «أنه صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً من أسلم أن أذن في الناس أن من أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يأكل فليصم، فإن اليوم يوم عاشوراء» وقال الطحاوي رحمه الله فيه دليل على من أن تعين عليه صوم يوم ولم ينوه ليلاً أنه يجوز بها قبل الزوال.

فإن قلت: قال ابن الجوزي رحمه الله في التحقيق لم يكن صوم يوم عاشوراء واجباً فله حكم النافلة يدل عليه ما أخرجاه في الصحيحين «عن معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا يوم عاشوراء لم يفرض علينا صيامه فمن شاء منكم أن يصوم فليصم، فإني صائم، فصام الناس» . قال وفيه دليل أنه لم يأمر من أكل بالقضاء.

قلت: معنى حديث معاوية ليس مكتوباً عليكم الآن ولم يكتب عليكم بعد أن فرض رمضان، وهذا ظاهر، فإن معاوية رضي الله عنه من مسلمة الفتح وهو إنما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما أسلم في سنة تسع أو عشر بعد أن نسخ صوم عاشوراء برمضان، ورمضان فرض في السنة الثانية.

«وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان [يوم] عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية، وكان صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، ولما فرض رمضان قال من شاء صامه، ومن شاء تركه» متفق عليه.

وعن عائشة وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وجابر بن سمرة رضي الله عنهم أن صوم عاشوراء كان فرضاً قبل أن يفرض رمضان، فلما فرض رمضان فمن شاء صام، ومن شاء

ص: 9

وما رواه محمول على نفي الفضيلة والكمال، أو معناه لم ينو أنه صوم من الليل، ولأنه يوم صوم فيتوقف الإمساك في أوله على النية المتأخرة المقترنة بأكثره كالنفل، وهذا لأن الصوم ركن واحد ممتد والنية لتعيينه لله تعالى فتترجح بالكثرة جنبة الوجود.

ــ

[البناية]

ترك، ذكره ابن شداد في أحكامه، وما ترك الأمر بالقضاء، فإن من لم يدرك اليوم كاملاً لا يلزمه قضاؤه كما قيل فيمن بلغ أو أسلم في أثناء يوم من رمضان.

فإن قلت: أخرج أبو داود رحمه الله في سننه عن سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن عبد الرحمن بن مسلمة «عن محمد بن أسلم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال صمتم يومكم هذا، قالوا لا قال: فأتموا بقية يومكم فاقضوه» قال أبو داود يعني عاشوراء.

قلت: هذا حديث مختلف فيه، فقال البيهقي رحمه الله عبد الرحمن هذا مجهول مختلف في اسم أبيه، فلا يدرى من محمد رحمه الله وقال المنذري عبد الرحمن بن مسلم كما ذكره أبو داود، وقيل عبد الرحمن بن سلمة، وقيل ابن المنهال بن سلمة، والحديث رواه النسائي وليس في روايته فاقضوه، وقال عبد الحق رحمه الله في الأحكام الكبرى ولا يصح هذا الحديث في القضاء.

م: (وما رواه) ش: أي وما رواه الشافعي رحمه الله من قوله صلى الله عليه وسلم «لا صيام لمن لم ينو الصيام من الليل» وقد أجاب عنه بقوله - وما رواه - م: (محمول على نفي الفضيلة والكمال [أو معناه لم ينو أنه صوم من الليل] كما في قوله صلى الله عليه وسلم «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» . وقال تاج الشريعة رضي الله عنه: ولئن قال ما ذكرناه حقيقة قلنا نعم، ولكن فيه عمل بعموم النص، وفي معنى الجواز تركه.

لن صوم النفل يجوز قبل الزوال: ولأنه يوم صوم) ش: هذا دليل معقول، وهو أن يقال سلمنا ما رواه ليس بمحمول على شيء مما ذكرناه، فيكون معارضاً لما رويناه فيصار لما بعده من الحجة وهو القياس، وهو معنى - لأنه يوم صوم - لأن الصوم فيه فرض، وكل ما هو صوم يوم.

م: (فيتوقف الإمساك في أوله على النية المتأخرة المقترنة بأكثره كالنفل) ش: لأنه وقت واحد، فبالنية في أوله يترجح جهة الوجوب كما في النفل م:(وهذا) ش: أي توقف الإمساك على ما ذكرناه م: (لأن الصوم ركن واحد ممتد) ش: يحتمل العادة والعبادة وكلما [كان] كذلك يحتاج إلى ما يعينه للعبادة، فلا بد من ذلك وهو معنى قوله.

م: (والنية لتعيينه) ش: أي لتعيين الصوم م: (لله تعالى) ش: فنظر أن وجدت النية من أوله فلا كلام [له] وإلا م: (فتترجح بالكثرة (ش: أي بجودها في أكثر اليوم م: (جنبة الوجود) ش: أي جانب الوجود، لأن الأكثر يقوم مقام الكل في كثير من المواضع، وإذا كان كذلك لم يكن اقتران النية بالشروع شرطاً.

ص: 10

بخلاف الصلاة والحج، لأنهما أركان فيشترط قرانها بالعقد على أدائهما بخلاف القضاء، لأنه يتوقف على صوم ذلك اليوم وهو النفل، وبخلاف ما بعد الزوال، لأنه لم يوجد اقترانها بالأكثر، فترجحت جنبة الفوات. ثم قال في المختصر ما بينه وبين الزوال وفي " الجامع الصغير " قبل نصف النهار وهو الأصح، لأنه لا بد من وجود النية في أكثر النهار، ونصفه من وقت طلوع الفجر إلى وقت الضحوة الكبرى لا إلى وقت الزوال، فتشترط النية قبلها ليتحقق في الأكثر.

ولا

ــ

[البناية]

م: (بخلاف الصلاة والحج) ش: حيث يشترط اقتران النية بحال الشروع فيهما، ولا يجعل الأكثر كالكل م:(لأنهما أركان) ش: مختلفة كالركوع والسجود والوقوف والطواف م: (فيشترط قرانها) ش: أي قران النية م: (بالعقد) ش: أي بحال الشروع م: (على أدائهما) ش: لئلا تخلو بعض الأركان عن النية م: (بخلاف القضاء) ش: هذا جواب عما يقال، لو كان الصوم ركناً واحداً ممتداً والنية المتأخرة فيه جائزة كذلك، لم يكن في القضاء اشتراط النية من الليل، فأجاب عنه بقوله - بخلاف القضاء -.

م: (لأنه) ش: أي لأن الإمساك م: (يتوقف على صوم ذلك اليوم وهو النفل) ش: يعني يصوم ذلك اليوم ما تعلقت شرعيته بمجيء اليوم لا لسبب آخر من نحو القضاء والكفارة، فيكون الصوم قد وقع عنه فلا يمكن جعله من القضاء إلا قبل أن يقع كون الصوم منه، وذلك إنما يكون بنية من الليل.

م: (بخلاف ما بعد الزوال) ش: هذا جواب عما يقال إذا كان ركناً واحدا ًممتداً ينبغي أن يكون اقترانها بالقليل والكثير سواء، فأجاب عنه بقوله م:(لأنه لم يوجد اقترانها) ش: أي اقتران النية م: (بالأكثر) ش: أي بأكثر النهار م: (فترجحت جنبة الفوات) ش: لأنه لم يوجد الأكثر الذي يقوم مقام الكل بعد الزوال.

م: (ثم قال في المختصر) ش: أي ثم قال القدوري في " مختصره " المنسوب إليه م: (ما بينه وبين الزوال) ش: هو قوله فيه إذا لم ينو حتى أصبح أجزأته النية ما بينه وبين الزوال م: (وفي الجامع الصغير) ش: أي قال في " الجامع الصغير " أجزأته النية م: (قبل نصف النهار) ش: أي النهار الشرعي، وهو من طلوع الفجر إلى الغروب، ونصف النهار من ذلك وقت الضحوة الكبرى م:(وهو) ش: أي الذي ذكره في الجامع.

م: (الأصح لأنه لا بد من وجود النية في أكثر النهار، ونصفه من وقت طلوع الفجر إلى وقت الضحوة [الكبرى] ، فتشترط النية قبلها) ش: أي قبل الضحوة الكبرى م: (ليتحقق) ش: أي النية م: (في الأكثر) ش: أي في أكثر النهار، وقد مر الكلام فيه في أوائل الباب.

م: (ولا فرق بين المسافر والمقيم) ش: يعني في جواز النية قبل نصف النهار م: (خلافاً لزفر -

ص: 11

فرق بين المسافر والمقيم، خلافا لزفر رحمه الله لأنه لا تفصيل فيما ذكرنا من الدليل

وهذا الضرب من الصوم يتأدى بمطلق النية وبنية النفل وبنية واجب آخر. وقال الشافعي رحمه الله: في نية النفل عابث، وفي مطلقها له قولان، لأنه بنية النفل معرض عن الفرض.

ــ

[البناية]

رحمه الله) ش: فإنه يقول إمساك المسافر في أول النهار لم يكن مستحقاً لصوم الفرض، فلا يتوقف على وجود النية، بخلاف إمساك المقيم.

وفي " المبسوط " ولو نوى المسافر وقد قدم مصراً ولم يكن أكل جاز صومه عن الفرض عندنا، خلافاً لزفر، فإن عنده لا يجوز للمسافر إلا بنية من الليل، لأن إمساك المسافر في أول النهار لم يمكن مستحقاً لصوم الفرض، فلا يتوقف على وجود النية، بخلاف إمساك المقيم.

وفي الصحيح المقيم لا تشترط النية عند زفر رحمه الله، وقال مالك والليث وابن المبارك وأحمد رحمه الله في رواية تكفي نية واحدة في كل رمضان م:(لأنه لا تفصيل فيما ذكرنا من الدليل) ش: يعني المعنى الذي لأجله جوز في حق المقيم وهو إقامة النية في الأكثر معها كما [مقامها] في الجميع موجود في حق المسار أيضاً، لأن الوقت في حق المسافر والمقيم في هذا سواء، وإنما يفارق المقيم في حق الترخص بالفطر، ولم يرخص به، وفي الولوالجي صام المسافر تبيتاً قبل الزوال جاز، لأنه كالمقيم إذ الاختيار تعجيل الواجب.

م: (وهذا الضرب) ش: أي ما يتعلق بزمان معين م: (من الصوم يتأدى بمطلق النية) ش: بأن يقول نويت الصوم م: (وبنية النفل) ش: [أي ويصح نية النفل] بأن يقول نويت أن أصوم تطوعاً م: (وبنية واجب آخر) ش: بأن ينوي كفارة أو غيرها قبل.

وقال الكاكي رحمه الله: قوله بنية واجب آخر مستقيم في صوم [شهر] رمضان، فأما في النذر المعين فلا، لأنه يقع عما نوى من الواجب إذا كانت النية من الليل، ذكره في أصول شمس الأئمة وغيره، فحينئذ قول المصنف، وهذا الضرب لا يبقى على الإطلاق، ثم قال الكاكي رحمه الله: قاله شيخي العلامة.

قلت: هو الشيخ عبد العزيز يمكن أن يقال موجب كلام المصنف رحمه الله أن يتأدى المجموع بالمجموع والبعض بالبعض والبعض بالكل لأن كل فرض يتأدى بالمجموع فيظهر لكلامه وجه الصحة.

م: (وقال الشافعي رحمه الله في نية النفل عابث) ش: من العبث أي لا يكون صائماً لا فرضاً ولا نفلا ً م: (وفي مطلقهما) ش: أي في مطلق النية م: (له) ش: أي للشافعي م: (قولان) ش: في قول يقع عن فرض الوقت، وفي قول لا يقع، والأصح أنه لا يجوز، وبه قال مالك وأحمد رحمه الله م:(لأنه بنية النفل معرض عن الفرض) ش: لما بينهما من المغايرة م: (فلا

ص: 12

فلا يكون له الفرض. ولنا أن الفرض متعين فيه، فيصاب بأصل النية كالمتوحد في الدار يصاب باسم جنسه، وإذا نوى النفل أو واجبا آخر فقد نوي أصل الصوم وزيادة جهة وقد لغت الجهة فبقي الأصل، وهو كاف ولا فرق بين المسافر والمقيم، والصحيح والسقيم عند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - لأن الرخصة كيلا تلزم المعذور مشقة، فإذا تحملها التحق بغير المعذور، وعند أبي حنيفة رحمه الله إذا صام المريض أو المسافر بنية واجب آخر يقع عنه، لأنه شغل الوقت بالأهم لتحتمه في الحال وتخيره في صوم رمضان إلى إدراك العشرة، وعنه في نية التطوع

ــ

[البناية]

يكون له الفرض) ش: لإعراضه بترك النية، ومن هذا يظهر وجه قوله الآخر، لأنه لم يصر معرضاً فيه يجوز.

م: (ولنا أن الفرض متعين فيه) ش: لقوله صلى الله عليه وسلم «إذا انسلخ شعبان فلا صوم إلا رمضان» م: (فيصام بأصل النية) ش: أي فيدرك بأصل النية، وفي " المغرب " الإصابة الإدراك م:(كالمتوحد [في الدار يصاب باسم جنسه) ش: بأن يقال ما حيوان كما يصاب باسم نوعه] بأن يقول عند عدم المزاحمة إذا كان موجوداً، أشار إليه أما إذا كان غائباً فلا، والصوم ها هنا ليس بموجود.

قلت: إنه موجود من حيث الشرعية، وهذا الموجود من حيث الشرعية واحد فيتناوله مطلق الاسم م:(وإذا نوى النفل أو واجباً آخر) ش: أي أو نوى [واجباً آخر] م: (أو نوى واجباً آخر فقد نوى أصل الصوم) ش: وهو جنس النية م: (وزيادة جهة) ش: أي مع زيادة جهة أو نية النفل مع نية واجب آخر.

م: (فقد لغت الجهة) ش: وهو كونه نفلاً أو واجباً آخر، لأن الوقت لا بعد هذه الجهة م:(فبقي الأصل) ش: إذ ليس من ضرورة بطلان الوصف بطلان الأصل.

م: (وهو كاف) ش: أي [ها] هنا الأصل كاف لما شرع فيه من أصل الصوم المستحق م: (ولا فرق) ش: أي في المسألة المذكورة م: (بين المسافر والمقيم والصحيح والسقيم عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله) ش: وبه قال الشافعي ومالك وأحمد رحمه الله م: (لأن الرخصة كيلا تلزم المعذور مشقة) ش: أي لأن الرخصة إنما شرعت كيلا يلحق المعذور مشقة م: (فإذا تحملها) ش: أي المشقة م: (التحق بغير المعذور) ش: فصار كالصحيح الذي لم يرخص له ذلك.

م: (وعند أبي حنيفة رحمه الله إذا صام المريض أو المسافر بنية واجب آخر يقع عنه) ش: أي عن واجب آخر م: (لأنه شغل الوقت بالأهم) ش: وهو إسقاط الفرض عنه م: (لتحتمه في الحال) ش: لأن القضاء لازم في الحال فيؤخذ به م: (وتخيره في صوم رمضان إلى إدراك العشرة) ش: في أيام أخر حتى إذا مات قبل إدراك عدة من أيام أخر ليس عليه شيء.

م: (وعنه) ش: أي وعن أبي حنيفة رحمه الله م: (في نية التطوع روايتان) ش: في رواية

ص: 13

روايتان. والفرق على أحدهما أنه ما صرف الوقت إلى الأهم

قال: والضرب الثاني ما ثبت في الذمة كقضاء شهر رمضان وصوم الكفارة، فلا يجوز إلا بنية من الليل، لأنه غير متعين، ولا بد من التعيين من الابتداء، والنفل كله يجوز بنية قبل الزوال، خلافا لمالك رحمه الله فإنه يتمسك بإطلاق ما روينا. ولنا «قوله صلى الله عليه وسلم بعدما كان يصبح غير صائم " إني إذا لصائم» ، ولأن المشروع خارج رمضان هو النفل فيتوقف الإمساك في

ــ

[البناية]

ابن سماعة يقع عن الفرض، وفي رواية الحسن يقع عما نوى من النفل، لأن رمضان في حقه كشعبان في حق المقيم ونيته في شعبان تقع عما نوى نفلاً كان أو واجباً، فكذا هذا.

م: (والفرق على أحدهما) ش: أي على إحدى الروايتين م: (أنه ما صرف الوقت إلى الأهم) ش: و [هو] إسقاط الفرض عن ذمته، فإنما قصد تحصيل الثواب والثواب في الفرض أكثر.

م: (قال: والضرب الثاني) ش: هو القسم الثاني من قوله في أول الباب الواجب ضربان، وقد مر الضرب الأول، وشرع هنا في بيان الضرب الثاني م:(وهو ما ثبت في الذمة) ش: المراد من الثبوت في الذمة كونه مستحقاً فيها من غير اتصال له بالوقت [على ما] قبل العزم على ضرب ما له إلى ما عليه.

م: (كقضاء شهر] رمضان وصوم الكفارة) ش: هو كفارة اليمين والظهار وكفارة قتل الصيد والحلف والمتعة وكفارة رمضان م: (فلا يجوز إلا بنية من الليل، لأنه غير متعين ولا بد من التعيين في الابتداء) ش: لأن صوم القضاء وجب في زمان يوصف تحريم الأكل [فلا يجوز] وإن لم ينو من الليل.

وعلى هذا النذر أيضاً النذر الذي ليس بمعين لا يجوز إلا بنية من الليل وصورته أن يقول لله علي صوم يوم أو صوم شهر م: (والنفل كله) ش: يعني سواء كان من الصحيح أو السقيم أو المقيم أو المسافر م: (يجوز بنية قبل الزوال خلافاً لمالك رحمه لله، فإنه يتمسك بإطلاق ما روينا) ش: وهو قوله صلى الله عليه وسلم «لا صيام لمن لم ينو الصيام من الليل» .

م: (ولنا قوله صلى الله عليه وسلم) ش: قول النبي صلى الله عليه وسلم م: (بعد ما كان يصبح غير صائم: إني إذا صائم) ش: قوله - إني إذا صائم - هو مقول القول والحديث رواه مسلم عن عائشة بنت طلحة «عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ فقلت لا، فقال إني إذا صائم، ثم أتاني يوماً آخر فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدي لنا حيس فقال: أدنيه فلقد أصبحت صائماً فأكل» .

م: (ولأن المشروع) ش: أي الصوم المشروع م: (خارج رمضان هو النفل فيتوقف الإمساك في

ص: 14

أول اليوم على صيرورته صوما بالنية على ما ذكرنا، ولو نوى بعد الزوال لا يجوز. وقال الشافعي رحمه الله: يجوز ويصير صائما من حين نوى، إذ هو متجزئ عنده لكونه مبنيا على النشاط ولعله ينشط بعد الزوال إلا أن من شرطه الإمساك في أول النهار. وعندنا يصير صائما من أول النهار، لأنه عبادة قهر النفس، وهي إنما تتحقق بإمساك مقدر فيعتبر قران النية بأكثره.

ــ

[البناية]

أول اليوم على صيرورته صوماً بالنية على ما ذكرنا) ش: أشار به إلى قوله ولأنه صوم يوم فيتوقف الإمساك في أوله على النية المتأخرة المقترنة بالكثرة كالنفل م: (ولو نوى بعد الزوال لا يجوز) ش: أي ولو نوى الصوم تطوعاً بعد زوال الشمس عن كبد السماء لا يجوز، لأن ما لا يكون محلا لنية صوم الفرض لا يكون محلا لنية صوم النفل.

م: (وقال الشافعي رحمه الله: جاز ويصير صائماً من حين نوى إذ هو متجزئ عنده لكونه مبنياً على النشاط، ولعله ينشط بعد الزوال إلا أن من شرطه الإمساك في أول النهار) ش: وهذا على الأصح من مذهبه، وفي تتمتهم إذا جوزناه بعد الزوال فهو صائم في أول النهار في الأصح، وقيل: من وقت النية، وهو اختيار القفال، وقد ذكرناه.

م: (وعندنا يصير صائماً من أول النهار لأنه عبادة قهر النفس وهي إنما تتحقق بإمساك مقدر فيعتبر قران النية بأكثره) ش: أي بأكثر النهار، وقد مر أن الأكثر يقوم مقام الكل في مواضع كثيرة. وفي المرغيناني لو نوى الإفطار بعد شروعه في الصوم لم يفطر حتى يأكل، وكذا لو نوى الرجوع عنه لا يكون رجوعاً، وكذا لو نوى الكلام في الصلاة لا تفسد حتى يتكلم.

وقال الشافعي ومالك وأحمد رحمهم الله لو نوى الإفطار فقد أفطر، وفي الليل لو نوى الإفطار من الغد بعد نيته يكون رجوعاً ولو أكل أو شرب أو جامع أو نام لا يكون رجوعاً إلا عند المروزي من الشافعية.

وقال الإصطخري رحمه الله هذا خرق للإجماع، وإن نوى أن يصوم غداً، إن شاء الله تعالى صحت نيته، لأن النية عمل القلب دون اللسان، فلا يعمل فيه الاستثناء.

وقال الحلواني: لا رواية لهذه المسألة، وفي القياس لا يصير صائماً كالطلاق والعتاق والبيع، وفي الاستحسان يصير صائماً لأنه لا يراد به الإبطال، بل هو استعانة وطلب التوفيق من الله تعالى: قال المرغيناني رحمه الله: هو الصحيح وبه قال الشافعي رحمه الله في وجه وأحمد رحمه الله في رواية.

ص: 15