الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا بأس بالسواك الرطب بالغداة والعشي للصائم
ــ
[البناية]
البخاري تعليقاً، فقال: وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه، وجهل من قال رواه البخاري، وإنما يقال في مثل هذا ذكره، ولا يقال رواه.
والآخر: عن أبي هريرة أخرجه ابن أبي شيبة من حديث أبي زرعة قال: كان أبو هريرة يقبض على لحيته فيأخذ ما فضل عن القبضة، ولكن يعارض هذا حديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«احفوا الشارب وأعفوا اللحى» ، أخرجه البخاري ومسلم ويمكن أن يجاب عنه أن المراد بإعفاء [اللحى أن لا تحلق كلها كما يفعله المجوس، والدليل عليه ما جاء في رواية مسلم من] رواية أبي هريرة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«جزوا الشوارب واعفو اللحى، خالفوا المجوس» فإن المجوس كانوا يحلقون لحاهم ويتركون شواربهم ولا يأخذون منها شيئاً أصلاً ".
وفي " المحيط " اختلف في إعفاء اللحية قال بعضهم: يتركها حتى تكثف وتكبر، والقص سنة فما زاد على قبضة قطعها، ولا بأس بنتف الشيب وأخذ أطراف اللحية إذا طالت، ولا بأس بالأخذ من حاجبه وشعر وجهه ما لم يشبه المخنثين.
[السواك للصائم]
م: (ولا بأس بالسواك الرطب) ش: أي لا بأس للصائم استعمال السواك م: (بالغداة والعشي للصائم) ش: يعني في أول النهار وآخره، وإذا كان بالرطب فلا بأس به فباليابس أولى، وكذلك إذا كان مبلولاً بالماء أو غير مبلول، ولفظ " الجامع الصغير " لا بأس بالرطب بالماء للصائم، في الفريضة بالغداة والعشي] .
وقال الكاكي: اعلم أن محمداً ذكر في الأصول أنه لا بأس أن يستاك بالسواك الرطب، ولم يذكر أن رطوبته بالماء أو بالرطوبة الأصلية التي تكون في الأشجار، ولا ذكر أنه بريقه أو بالماء فلولا رواية " الجامع " لكان لقائل أن يقول: إذا كان رطباً بالريق لا بأس به، أما إذا كان بالماء فيكره لما فيه من الحوم حول الحمى، ولما نص ها هنا بالماء أو لأن ذلك إشكال ولا يعتبر بما قاله أبو يوسف وهو أنه يكره بالمبلول لما فيه من إدخال الماء في الفم، لأن ما يبقى من الرطوبة بعد المضمضة أكثر مما يبقى بعد السواك.
وقد روي «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر عائشة رضي الله عنها ببل السواك بريقها ثم يغسله ويتوضأ» كذا في " الفوائد الظهيرية "، وقال شيخ الإسلام: شرط محمد رضي الله عنه في الكتاب الفريضة قيل مراده إذا توضأ للمكتوبة وإلا فيكره، وقيل: أراد الصوم الفرض إبطالاً لقول من زعم أنه يكره في الفرض، وهو المروي عن مالك فإنه قال يكره السواك في الفرض بعد الزوال دون النفل، لأن المستحب في النوافل الإخفاء، ولو ترك السواك لا يؤمن أن تظهر رائحة [من] فمه فيظهر للناس أنه صائم، وقيل أراد الوضوء الفرض وعندنا لا بأس في الأحوال كلها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
وقال أحمد رضي الله عنه: لا يكره بعد الزوال في النفل، ويكره في الفرض، وقال مالك رحمه الله يكره السواك الرطب بالغداة والعشي لما فيه من تعريض الصوم على الفساد وبسبب دخول الرطوبة، ولكن ذكر في " شرح الوجيز " عن مالك لا يكره في المشهور عنه، وعندنا يكره بعد الزوال وهو رواية عن أحمد لما روى حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم: " قال «إذا صمتم فاستاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي، فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه إلا كانتا نوراً بين عينيه يوم القيامة» ، وعن علي رضي الله عنه مرفوعاً مثل ذلك، إلى هنا كلام الكاكي.
وقوله: وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر
…
إلى آخره، وحديث حبان رواه الطبراني والدارقطني والبيهقي رحمه الله من طريقه في حديث كيسان أبي عمر القصار عن عمرو بن عبد الرحمن عن حبان عن النبي صلى الله عليه وسلم
إلخ، وكيسان أبو عمر ضعفه ابن معين والساجي وقال الدارقطني: ليس بالقوي.
وقال شيخنا في " شرح الترمذي ": اختلف العلماء في حكم السواك للصائم على ستة أقوال:
الأول: أنه لا بأس به للصائم مطلقاً قبل الزوال وبعده بيابس أو رطب، وهو قول إبراهيم النخعي ومحمد بن سيرين وأبي حنيفة رضي الله عنه وأصحابه والثوري والأوزاعي وابن علية، ويروى عن علي وابن عمر أنه لا بأس بالسواك الرطب للصائم، وروي ذلك أيضاً عن مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء.
الثاني: كراهته للصائم بعد الزوال واستحبابه قبله برطب أو يابس، وهو قول الشافعي رحمه الله في أصح قوليه وأبي ثور، وروي عن علي رضي الله عنه كراهة السواك بعد الزوال، رواه الطبراني.
الثالث: كراهته بعد العصر فقط، يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه.
الرابع: التفرقة بين صوم الفرض وصوم النفل، فيكره في الفرائض بعد الزوال، ولا يكره في النفل لأنه أبعد عن الرياء، حكاه المسعودي وغيره من أصحابنا عن أحمد بن حنبل، وحكاه صاحب " المعتمد " من الشافعية رحمه الله عن القاضي حسين.
الخامس: أنه يكره للصائم بالسواك الرطب دون غيره سواء أول النهار أو آخره وهو قول مالك وأصحابه.
السادس: كراهته للصائم بعد الزوال مطلقاً وكراهة الرطب مطلقاً، وهو قول أحمد وإسحاق بن راهويه.
لقوله صلى الله عليه وسلم: «خير خلال الصائم السواك» من غير فصل. وقال الشافعي: يكره بالعشي لما فيه من إزالة الأثر المحمود وهو الخلوف فشابه دم الشهيد. قلنا: هو أثر العبادة، والأليق به الإخفاء، بخلاف دم الشهيد لأنه أثر الظلم، ولا فرق بين الرطب الأخضر وبين المبلول بالماء لما روينا.
ــ
[البناية]
م: (لقوله صلى الله عليه وسلم) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «خير خلال الصائم السواك» ش: هذا الحديث رواه ابن ماجه في " سننه " من حديث مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خير خلال الصائم السواك» والخلال بكسر الخاء المعجمة جمع خلة بالفتح وهي الخصلة، وقال الجوهري: م: (من غير فصل) ش: يعني الحديث مطلقاً لم يفصل فيه بين حال وحال وينتفي به ما قال أبو يوسف رحمه الله أن الرطب بالماء مكروه.
م: (وقال الشافعي: يكره بالعشي) ش: أي يكره السواك للصائم بالعشي وهو بعد الزوال م: (لأن فيه) ش: أي لأن السواك بالعشي م: (من إزالة الأثر المحمود وهو الخلوف) ش: والخلوف: بضم الخاء المعجمة، قال الأترازي بالضم لا غير، قال الخطابي في " شرح غريب الحديث ": إن أصحاب الحديث يقولون بفتح الخاء، وإنما هو ظرف بضم الخاء مصدر خلف فيه يخلف خلوفاً إذا تغير، فأما الخلوف بفتح الخاء فهو الذي بعدهم الخلف، وقال السروجي: فتح الخاء خطأ، قلت: وقال السغناقي: هما لغتان م: (فشابه دم الشهيد) ش: أي فشابه الخلوف دم الشهداء فإن كل واحد منهما أثر عبادة وصف بالطيب، أما في الخلوف ففي قوله صلى الله عليه وسلم:«لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك» . وأما دم الشهيد فقوله صلى الله عليه وسلم: «اللون لون الدم والريح ريح المسك» . وما يكون محموداً عند الله فسبيله الاستبقاء كما في دم الشهيد، حيث قال عليه الصلاة والسلام:«زملوهم بكلومهم ودمائهم» .
م: (قلنا: هو أثر العبادة) ش: أي خلوف فم الصائم أثر العبادة م: (واللائق به الإخفاء) ش: أي اللائق بأثر العبادة الإخفاء فراراً عن الرياء م: (بخلاف دم الشهيد لأنه أثر الظلم) ش: فيبقى عليه ليكون شهيداً له على خصمه يوم القيامة، فأما الصوم فبينه وبين ربه فلا حاجة إلى الشاهد.
م: (ولا فرق بين الرطب الأخضر وبين المبلول بالماء) ش: هذا نفي لقول أبي يوسف رحمه الله حيث قال يكره إذا كان مبلولاً بالماء م: (لما روينا) ش: أراد به قوله عليه الصلاة والسلام: «خير خلال الصائم السواك» ، وقد مر عن قريب.