الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومعنى التمتع الترفق بأداء النسكين في سفر واحد من غير أن يلم بأهله بينهما إلماما صحيحا، ويدخله اختلافات نبينها إن شاء الله تعالى، وصفته أن يبتدئ من الميقات في أشهر الحج، فيحرم بالعمرة ويدخل مكة فيطوف لها، ويسعى لها، ويحلق أو يقصر، وقد حل من عمرته،
وهذا هو تفسير العمرة
ــ
[البناية]
سوق الهدي، وذلك أن التمتع هو الترفق بأداء النسكين، وربما يكون ذلك بسوق الهدي، وربما يكون بغير سوق الهدي.
[معنى التمتع وصفته]
م: (ومعنى التمتع الترفق) ش: من الرفق، وأراد به الانتفاع م:(بأداء النسكين) ش: وهما العمرة والحج م: (في سفر واحد من غير أن يلم) ش: بضم الياء مصدره الإلمام يقال: ألم م: (بأهله) ش: إذا نزل م: (بينهما إلماما صحيحا) ش: احترز به عن الإلمام الفاسد، فإنه لا يمنع صحة التمتع عند أبي حنيفة رضي الله عنه، وأبي يوسف رحمه الله، والإلمام الصحيح النزول في وطنه من غير بقاء صفة الإحرام، وعند مالك رضي الله عنه: البلد المساوي لبلده، مثل بلده في ذلك. وعند الشافعي، وأحمد رضي الله عنهما: الاعتبار بمسافة القصر.
وقال الأكمل رحمه الله: قال بعض الشارحين: عرف المصنف التمتع بقوله: ومعنى التمتع الترفق
…
إلى آخره، واعترض عليه بأنه غير مانع لدخول من يترفق بهما إذا كان أحدهما في غير أشهر الحج والآخر في أشهر الحج، وكذا إذا وجد النسكان في كل أشهر الحج، لكل أحد فيما حصل في أشهر الحج من هذه السنة في السنة الأخرى، فإنهما ليسا بمتمتعين، وكان الواجب أن يقول التملك التمتع، وهو الجمع بين النسكين في أشهر الحج في سنة واحدة من غير إلمام بأهله إلماماً صحيحاً انتهى.
قلت: أراد بقوله: بعض الشارحين الأترازي رحمه الله فإنه اعترض هكذا في " شرحه " ثم أجاب الأكمل بقوله: والجواب أن ما ذكره المصنف رحمه الله هو تفسير، وأما كون الترفق في أشهر الحج في عام واحد فهو شرطه.
م: (ويدخله) ش: أي يدخل الإلمام الصحيح م: (اختلافات نبينها إن شاء الله تعالى) ش: يعني في هذا الباب م: (وصفته) ش: أي صفة المتمتع م: (أن يبتدئ من الميقات في أشهر الحج، فيحرم بالعمرة ويدخل مكة فيطوف لها، ويسعى لها) ش: يعني بين الصفا والمروة سبعة أشواط م: (ويحلق أو يقصر، وقد حل من عمرته) ش: هكذا ذكره القدوري رحمه الله في صفة عمرة المتمتع، أشار إليه المصنف بقوله:
م: (وهذا هو تفسير العمرة) ش: وهي الإحرام، والطواف، والسعي، والحلق، والتقصير، ثم يحرم بالحج من الحرم ويفعل مثلما يفعل المحرم بالحج فإذا حلق يوم النحر فقد حل من إحرامي العمرة والحج جميعاً.
وكذلك إذا أراد أن يفرد بالعمرة فعل ما ذكرنا، هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء. وقال مالك رحمه الله: لا حلق عليه، إنما العمرة والطواف والسعي، وحجتنا عليه ما روينا. وقَوْله تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} [الفتح: 27] (27 الفتح) الآية، نزلت في عمرة القضاء؛ ولأنها لما كان لها تحرم بالتلبية كان لها تحلل بالحلق كالحج.
ويقطع التلبية إذا ابتدأ بالطواف، وقال مالك
ــ
[البناية]
قوله: يحلق أو يقصر، هذا التخيير فيمن لم يكن بشعره علة أو مقصوصاً أو مضفوراً، وإنما لم يذكر طواف القدوم؛ لأنه ليس للعمرة طواف الصدر، وعن الحسن رحمه الله أن لها طواف الصدر م:(وكذلك إذا أراد) ش: أي المتمتع م: (أن يفرد بالعمرة فعل ما ذكرنا) ش: يعني الإحرام، والطواف، والسعي، والحلق، والتقصير. وقال الكاكي رحمه الله بعد قوله: أو يقصر ظاهر كلام المصنف وغيره أن التحلل حتم لمن لم يسق الهدي، وذكره الأسبيجابي، والوبري هو بالخيار إن شاء أحرم بالحج بعدما حل من عمرته بالحلق، أو التقصير، وإن شاء أحرم قبل أن يحل من عمرته، ولو ساق الهدي لا يحلق، وبقولنا قال أحمد، وعند الشافعي رضي الله عنهما ومالك رحمه الله: المتمتع يحلق، أو يقصر ساق الهدي أو لا.
م: (هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء) ش: وقصته «أنه صلى الله عليه وسلم أحرم من المدينة عام الحديبية للعمرة، فلما وصل الحديبية منعه أهل مكة من الدخول فيها وصالح معهم، وحلق ثم جاء السنة الأخرى فأتى بالطواف والسعي ثم حلق قضاء لتلك العمرة» وعام الحديبية كان في سنة ست. م: (وقال مالك رحمه الله: لا حلق عليه) ش: أي على المعتمر م: (وإنما العمرة الطواف والسعي) ش: وقد وجدا، وبه قال إسحاق بن راهويه، وعن ابن عباس رضي الله عنهما الطواف. وقال ابن بطال في " شرح البخاري ": اتفقت أئمة الفتوى على أن المعتمر يحل من عمرته إذا طاف وسعى وإن لم يكن حلق ولا قصر. وقال الشافعي رحمه الله: جماعه قبل الحلق مفسد لعمرته، وقال ابن المنذر: لا أعلم أحداً قاله غيره. قال: وقال مالك، والثوري - رحمهما الله - والكوفيون: عليه الهدي.
م: (وحجتنا عليه) ش: أي على مالك رحمه الله م: (ما روينا) ش: وهو قوله: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء م: (وقَوْله تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] (الفتح: الآية 27) نزلت في عمرة القضاء؛ ولأنها) ش: أي ولأن العمرة م: (لما كان لها تحرم بالتلبية كان لها تحلل بالحلق) ش: والآية المذكورة تدل على ذلك. وفي " الذخيرة " للمالكية: التحلل في العمرة بالحلق؛ لأن السعي ركن فيها كالوقوف في الحج، ويقع التحلل منه برمي الجمرة م:(كالحج) ش: أي كما يقع التحلل في الحج بالحلق، وعند المالكية برمي الجمرة.
م: (ويقطع) ش: أي المعتمر م: (التلبية إذا ابتدأ بالطواف) ش: أي بطواف عمرته، وهذا قول الجمهور م:(وقال مالك رضي الله عنه) ش: لما يقع بصره أو يقطعها.
- رحمه الله: كما وقع بصره على البيت؛ لأن العمرة زيارة البيت وتتم به. ولنا «أن النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء قطع التلبية حين استلم الحجر؛» ؛ ولأن المقصود هو الطواف فيقطعه عند افتتاحه، ولهذا يقطعها الحاج عند افتتاح الرمي.
قال: ويقيم بمكة حلالا؛ لأنه حل من العمرة
ــ
[البناية]
م: (كما وقع بصره على البيت؛ لأن العمرة زيارة البيت وتتم به) ش: أي وتتم الزيارة بوقوع البصر على البيت.
م: (ولنا «أن النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء قطع التلبية حين استلم الحجر» ش: هذا الحديث رواه الترمذي عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر» وقال: حديث صحيح، ورواه أبو داود، ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر» .
م: (ولأن المقصود) ش: أي من العمرة م: (هو الطواف فيقطعه) ش: أي فيقطع التلبية، وكان ينبغي أن يقول: فيقطعها، ولكنه ذكره على تأويل الإهلال، قال الأترازي رحمه الله: والصواب أن يقال: إنما ذكره باعتبار أن التلبية إن كان مصدراً فيجوز فيه التذكير والتأنيث وإن كان اسماً فباعتبار المذكور م: (عند افتتاحه) ش: أي عند افتتاح الطواف، أي ابتدائه بالاستلام.
م: (ولهذا) ش: أي ولأجل قطع التلبية عند نسك من المناسك م: (يقطعها الحاج عند افتتاح الرمي) ش: يعني عند أول حصاة من حجرة العقبة يوم النحر؛ لأنه نسك، والحاصل أن قطع التلبية إنما يكون عند نسك من المناسك، وافتتاح الطواف باستلام الحجر نسك فيقطعها عنده، وكذلك يقطع المفرد بالحج عند أول حصاة من جمرة العقبة.
فإن قلت: ينبغي أن يقطع المفرد بالحج التلبية إذا ابتدأ بطواف القدوم لأنه نسك أيضاً.
قلت: التعليل في تعارض النص لا يجوز، وقد ثبت في " صحيح البخاري " عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم أردف الفضل من مزدلفة إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة» .
م: (قال) ش: أي القدوري رضي الله عنه م: (ويقيم بمكة حلالاً؛ لأنه حل من العمرة) وقال في " شرح الأقطع ": هذا الذي ذكره القدوري رحمه الله ليس على وجه الشرط، وإنما معناه إن أراد أن يقيم ليحج من عامه فليقم حلالاً إلى وقت إحرام الحج، وإن لم يرد أن يحج من عامه فلا يقيم.
قال: فإذا كان يوم التروية أحرم بالحج من المسجد،
والشرط أن يحرم من الحرم أما المسجد فليس بلازم؛ وهذا لأنه في معنى المكي، وميقات المكي في الحج الحرم على ما بينا وفعل ما يفعله الحاج المفرد؛ لأنه مؤد للحج، إلا أنه يرمل في طواف الزيارة ويسعى بعده؛ لأن هذا أول طواف له في الحج، بخلاف المفرد؛ لأنه قد سعى مرة، ولو كان هذا المتمتع بعدما أحرم بالحج طاف وسعى قبل أن يروح إلى منى لم يرمل في طواف الزيارة ولا سعى بعده؛ لأنه قد أتى بذلك مرة،
ــ
[البناية]
م: (وإذا كان يوم التروية أحرم بالحج من المسجد) ش: أي المسجد الحرام والإحرام يوم التروية ليس بشرط لازم؛ بل تقديمه على يوم التروية أفضل، وفي " المبسوط " و " المحيط ": ولو قدم الإحرام على يوم التروية جاز، بل هو الأفضل لما أنه أشق، وفيه المسارعة إلى العبادة، وهذه الأفضلية ليست بمختصة لسائق الهدي، بل هي تقديم إحرام الحج للمتمتع أفضل مطلقاً، وبه قال مالك، وقال أصحاب الشافعي رحمه الله لغير واحد: الهدي يستحب أن يحرم به قبل اليوم السادس.
م: (والشرط أن يحرم من الحرم أما المسجد فليس بلازم؛ وهذا) ش: أي عدم لزوم الإحرام من المسجد م: (لأنه في معنى المكي، وميقات المكي في الحج الحرم على ما بينا) ش: أي في آخر فصل المواقيت، وهو قوله: ومن كان بمكة فوقته في الحج الحرم، وفي الحل، وقال الكاكي رضي الله عنه: يمكن أن يؤول المسجد بالحرم لما أن المراد منه المسجد الحرام، والمسجد الحرام عبارة عن جميع الحرم؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28]
…
[التوبة: الآية 28]، وقيل: المراد الحرم، لكن ذكر المسجد لما أن الإحرام منه أفضل م:(وفعل) ش: أي هذا الذي فرع من العمرة وحل ثم أحرم بالحج يفعل م: (ما يفعله الحاج المفرد؛ لأنه مؤد للحج) ش: أي لأنه في صدد أداء الحج وتعلق به أفعال المفرد.
م: (إلا أنه) ش: استثناء من قوله: وفعل ما يفعله الحاج المفرد، يعني إلا أن هذا المؤدي م:(يرمل في طواف الزيارة ويسعى بعده) ش: أي يسعى بين الصفا والمروة بعد طواف الزيارة م: (لأن هذا أول طواف له في الحج، بخلاف المفرد؛ لأنه قد سعى مرة) ش: لأن السعي لا يتكرر ولا يرسل في طواف الزيارة لعدم السعي بعده.
م: (ولو كان هذا المتمتع بعدما أحرم بالحج طاف وسعى قبل أن يروح إلى منى لم يرمل في طواف الزيارة ولا يسعى بعده؛ لأنه قد أتى بذلك مرة) ش: فلا يأتي به مرة أخرى، والمصنف لم يذكر في الاستثناء إلا صورة واحدة وشيئان آخران استثنى أحدهما أن لا يطوف طواف القدوم؛ لأنه في معنى المكي، ولا يسن في حق المكي طواف القدوم بخلاف المفرد بالحج والقارن.
فإن طواف القدوم يسن في حقهما، والآخر أنه يجب عليه الهدي، فيكره الجمع بين النسكين، بخلاف المفرد، فإنه لا يجب في حقه الهدي بل يستحب.
وعليه دم المتمتع، للنص الذي تلوناه. فإن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع على الوجه الذي بيناه في القران. فإن صام ثلاثة أيام من شوال ثم اعتمر لم يجزه عن الثلاثة؛ لأن سبب وجوب هذا الصوم التمتع؛ لأنه بدل عن الدم وهو في هذه الحالة غير متمتع فلا يجوز أداؤه قبل وجود سببه. وإن صامها بمكة (بعدما أحرم بالعمرة قبل أن يطوف جاز عندنا، خلافا للشافعي رحمه الله. له قَوْله تَعَالَى {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] (196 البقرة) ولنا أنه أداه بعد انعقاد سببه، والمراد بالحج المذكور في النص وقته على ما بينا، والأفضل تأخيرها إلى آخر وقتها وهو يوم عرفة لما بينا في القران.
ــ
[البناية]
م: (وعليه دم المتمتع، للنص الذي تلوناه) ش: وهو قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196](البقرة: الآية 196) أي فعليه ما استيسر من الهدي الذي هو من الإبل والبقر والغنم.
م: (فإن لم يجد) ش: أي الهدي م: (صام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة) ش: أي صام سبعة أيام م: (إذا رجع إلى أهله على الوجه الذي بيناه في القران) ش: عند قوله: وإذا لم يكن له ما يذبح صام ثلاثة أيام في الحج آخرها يوم عرفة وقد مضى الكلام فيه هناك مستقصى م: (فإن صام ثلاثة أيام من شوال ثم اعتمر) ش: أي أحرم للعمرة م: (لم يجزه عن الثلاثة؛ لأن سبب وجوب هذا الصوم التمتع؛ لأنه بدل عن الهدي وهو في هذه الحالة غير متمتع) ش: لا حقيقة ولا حكماً أما حقيقة فظاهر، وأما حكماً فكأنه لم يحرم بها م:(فلا يجوز أداؤه قبل وجود سببه) .
م: (وإن صامها بمكة (بعدما أحرم بالعمرة قبل أن يطوف جاز عندنا) ش: وبه قال أحمد رحمه الله في رواية عنه يجوز بعد التحلل من العشرة م: (خلافا للشافعي رضي الله عنه) ش: فإن عنده لا يجوز م: (له) ش: أي للشافعي رحمه الله م: (قَوْله تَعَالَى {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] (البقرة: الآية 196)) وجه الاستدلال به أنه تعالى أخبر أن صيامه يجب أن يكون في الحج وما لم يحرم بالحج لا يجوز.
م: (ولنا أنه) ش: أي أن المتمتع م: (أداه) ش: أي أدى الصوم م: (بعد انعقاد سببه) ش: لأن السبب ما ذكره الله تعالى وهو التمتع بالعمرة إلى الحج؛ لأنه طريق يتوصل به إلى التمتع وأداء المسبب بعد تحقق السبب جائز م: (والمراد بالحج المذكور في النص وقته على ما بينا) ش: يعني في القران، إذ نفس الحج لا يصلح أن يكون ظرفاً، والمراد وقت الحج م:(والأفضل تأخيرها) ش: أي تأخير صيام ثلاثة أيام م: (إلى آخر وقتها وهو يوم عرفة لما بينا في القران) ش: وقد مر في القران أن الأفضل أن يصوم قبل يوم التروية، ويوم عرفة؛ لأن الصوم بدل عن الهدي، فيستحب تأخيره إلى آخر وقته رجاء أن يقدر على الأصل، وإن صام سبعة أيام بعد فراغه من الحج قبل الرجوع إلى أهله جاز عندنا، وإذا فات صوم ثلاثة أيام حتى أتى يوم النحر لم يجزئه إلا الدم، وفيه