المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وكما يجوز سبع البعير يجوز سبع البقرة فإذا لم يكن - البناية شرح الهداية - جـ ٤

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصوم

- ‌[تعريف الصوم]

- ‌ صوم رمضان

- ‌[سبب فرضية شهر رمضان]

- ‌فصلفي رؤية الهلال

- ‌[صوم يوم الشك وحكم من رأى هلال رمضان وحده]

- ‌[الحكم لو كان بالسماء علة وشهد برؤية الهلال واحد]

- ‌[تعريف الصوم ووقته]

- ‌[الطهارة عن الحيض والنفاس من شروط الصوم]

- ‌باب ما يوجب القضاء والكفارة

- ‌[الحكم لو أكل الصائم أو شرب أو جامع ناسياً]

- ‌[احتلام الصائم]

- ‌[ما لا يفطر الصائم]

- ‌[دهن الشعر أو الشارب في الصيام]

- ‌[اكتحال الصائم]

- ‌[التقبيل والمباشرة للصائم]

- ‌[ابتلاع الصائم الشيء اليسير]

- ‌[حكم القيء بالنسبة للصائم]

- ‌[جماع الصائم عامدا]

- ‌[كفارة المفطر عمدا بجماع أو غيره]

- ‌[صفة كفارة المفطر عمدا في رمضان]

- ‌[الحقنة والقطرة للصائم]

- ‌[ذوق الطعام ومضغ العلك للصائم]

- ‌[الاكتحال والسواك للصائم]

- ‌[السواك للصائم]

- ‌[فصل أحكام المريض والمسافر في الصيام] [

- ‌المفاضلة بين صوم المريض والمسافر وفطرهما]

- ‌[موت المسافر والمريض المفطران في رمضان]

- ‌[حكم الشيخ الفاني في رمضان]

- ‌[حكم من مات وعليه قضاء رمضان فأوصى به]

- ‌[الحكم فيمن دخل في صوم التطوع أو صلاة التطوع ثم أفسده]

- ‌[الحكم لو بلغ الصبي أو أسلم الكافر في نهار رمضان]

- ‌[أحكام المغمى عليه والمجنون في رمضان]

- ‌[الحكم لو أفاق المجنون في بعض رمضان]

- ‌[حكم اشتراط النية في صوم رمضان]

- ‌[حكم أصبح غير ناو للصوم فأكل]

- ‌[حكم من شك في طلوع الفجر أو غروب الشمس فأكل]

- ‌[فصل فيما يوجبه على نفسه من الصيام] [

- ‌حكم نذر صيام يوم النحر]

- ‌باب الاعتكاف

- ‌[حكم الاعتكاف] [

- ‌أركان الاعتكاف وشروطه]

- ‌[مكان الاعتكاف]

- ‌[مكان الاعتكاف بالنسبة للمرأة]

- ‌[خروج المعتكف من المسجد بدون عذر]

- ‌[ما يجوز للمعتكف]

- ‌[ما يحرم على المعتكف]

- ‌[حكم من أوجب على نفسه اعتكاف يومين أو أيام]

- ‌كتاب الحج

- ‌[حكم الحج]

- ‌[شروط وجوب الحج] [

- ‌البلوغ والحرية من شروط وجوب الحج] [

- ‌حج العبد والصبي]

- ‌[حكم حج الأعمى والمقعد]

- ‌[الاستطاعة من شروط وجوب الحج]

- ‌[ما تتحقق به الاستطاعة في الحج]

- ‌[اشتراط الزوج أو المحرم للمرأة في الحج]

- ‌[حكم بلوغ الصبي وعتق العبد بعد شروعهما في الحج]

- ‌[فصل المواقيت المكانية للحج] [

- ‌دخول الآفاقي مكة بدون إحرام]

- ‌باب الإحرام

- ‌[تعريف الإحرام وسننه]

- ‌[حكم التلبية للمحرم ولفظها]

- ‌[رفع الصوت بالتلبية]

- ‌[محظورات الإحرام]

- ‌[ما يباح للمحرم]

- ‌[آداب دخول مكة]

- ‌[طواف القدوم]

- ‌[حكم طواف القدوم]

- ‌[السعي بين الصفا والمروة]

- ‌[حكم السعي بين الصفا والمروة وكيفيته]

- ‌[خطب الإمام في الحج] [

- ‌النفر إلى منى والمبيت بها ليلة التاسع]

- ‌[الدفع من منى إلى عرفة]

- ‌[الجمع بين الصلاتين بعرفة وخطبة الإمام بها]

- ‌[حدود عرفة]

- ‌[آداب وسنن الوقوف بعرفة]

- ‌[الإفاضة من عرفات بعد غروب الشمس]

- ‌[المبيت بالمزدلفة]

- ‌[جمع المغرب والعشاء بمزدلفة]

- ‌[صلاة الفجر بغلس في المزدلفة والوقوف بها]

- ‌[المزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر]

- ‌[رمي الجمرات]

- ‌[عدد الجمرات وصفاتها]

- ‌[كيفية رمي الجمرات ومقداره]

- ‌[ذبح الهدي والحلق والتقصير للحاج]

- ‌[التحلل الأصغر والأكبر للحاج]

- ‌ طواف الزيارة

- ‌[فصل في بيان مسائل شتى من أفعال الحج]

- ‌باب القران

- ‌[تعريف القران]

- ‌[المفاضلة بين القران والتمتع والإفراد]

- ‌صفة القران

- ‌[طواف وسعي القارن]

- ‌ دم القران

- ‌[صيام القارن]

- ‌باب التمتع

- ‌[تعريف التمتع]

- ‌[المفاضلة بين التمتع والإفراد]

- ‌[معنى التمتع وصفته]

- ‌[سوق الهدي وإشعاره وتقليده]

- ‌[ما يلزم المتمتع من الدم والصيام]

- ‌ليس لأهل مكة تمتع، ولا قران

- ‌[الحكم لو لم يسق المتمتع الهدي حتى عاد لبلده]

- ‌[الحكم لو قدم الكوفي بعمرة في أشهر الحج وفرغ منها ثم أقام بمكة أو البصرة]

- ‌[الحكم لو حاضت المرأة عند الإحرام]

- ‌[من اتخذ مكة دارا هل يلزمه طواف الصدر]

- ‌[باب الجنايات في الحج]

- ‌[استعمال المحرم الطيب أو الخضاب]

- ‌[تغطية الرأس ولبس المخيط للمحرم]

- ‌[حلق المحرم شعر رأسه أو لحيته ونحوها]

- ‌[فصل في النظر والمباشرة للمحرم]

- ‌[بطلان الحج بالجماع قبل الوقوف بعرفة]

- ‌[كفارة من أفسد حجه بالجماع]

- ‌[حكم من جامع بعد الوقوف بعرفة]

- ‌[حكم من جامع في العمرة قبل تمامها]

- ‌[حكم من جامع ناسيا في الحج]

- ‌[فصل فيمن طاف طواف القدوم محدثا]

- ‌[فصل صيد البر محرم على المحرم] [

- ‌المقصود بصيد البر والبحر وحكم قتل الفواسق]

- ‌[جزاء الصيد ومقداره]

- ‌[قتل المحرم للبعوض والنمل]

- ‌[قطع حشيش الحرم وشجره]

- ‌[باب مجاوزة الميقات بغير إحرام]

- ‌[الحكم لو جاوز الكوفي ذات عرق بلا إحرام]

- ‌ دخل مكة بغير إحرام، ثم خرج من عامه ذلك إلى الوقت، وأحرم بحجة

- ‌[دخول البستاني مكة بغير إحرام]

- ‌[جاوز الوقت فأحرم بعمرة وأفدسدها]

- ‌ خرج المكي يريد الحج، فأحرم ولم يعد إلى الحرم ووقف بعرفة

- ‌المتمتع إذا فرغ من عمرته ثم خرج من الحرم، فأحرم ووقف بعرفة

- ‌باب إضافة الإحرام إلى الإحرام

- ‌ أحرم بالحج ثم أحرم يوم النحر بحجة أخرى

- ‌ فرغ من عمرته إلا التقصير فأحرم بأخرى

- ‌ أهل بحج ثم أحرم بعمرة

- ‌رفض العمرة

- ‌[باب الإحصار]

- ‌[ما يتحقق به الإحصار]

- ‌ أحصر المحرم بعدو أو أصابه مرض فمنعه من المضي

- ‌[ما يفعل المحصر لو كان قارنا]

- ‌[مكان ووقت ذبح دم الإحصار]

- ‌[ما يلزم المحصر بالعمرة]

- ‌[مكان ذبح الهدي للمحصر]

- ‌[حكم من وقف بعرفة ثم أحصر]

- ‌[أحصر بمكة وهو ممنوع عن الطواف والوقوف]

- ‌باب الفوات

- ‌[حكم من أحرم بالحج وفاته الوقوف بعرفة]

- ‌باب الحج عن الغير

- ‌[شروط جواز الحج عن الغير]

- ‌[الإنابة في حج النفل]

- ‌[أمره رجلان بأن يحج لكل واحد منهما حجة فأهل بحجة عنهما]

- ‌[دم الإحصار يلزم الأصيل أم النائب في الحج]

- ‌[دم الجماع يلزم الأصيل أم النائب في الحج]

- ‌[الوصية بالحج]

- ‌[الحاج عن الغير إذا نوى الإقامة بمكة لحاجة نفسه]

- ‌باب الهدي

- ‌[أنواع الهدي]

- ‌ الأكل من هدي التطوع والمتعة والقران

- ‌[الصدقة من هدي التطوع والمتعة والقران]

- ‌ ذبح دم التطوع قبل يوم النحر

- ‌[مكان ووقت ذبح الهدي]

- ‌[الأفضل في ذبح البدن والبقر والغنم في الهدي]

- ‌[كيفية ذبح الهدي]

- ‌[ركوب الهدي]

- ‌[الحكم لو ساق هديا فعطب أو هلك]

- ‌[تقليد دم الإحصار والجنايات]

- ‌[مسائل منثورة في الحج]

- ‌ رمى في اليوم الثاني الجمرة الوسطى والثالثة

- ‌ جعل على نفسه أن يحج ماشيا

- ‌أفعال الحج تنتهي بطواف الزيارة

- ‌[باع جارية محرمة فهل للمشتري أن يجامعها]

الفصل: وكما يجوز سبع البعير يجوز سبع البقرة فإذا لم يكن

وكما يجوز سبع البعير يجوز سبع البقرة فإذا لم يكن له ما يذبح صام ثلاثة أيام في الحج آخرها يوم عرفة

وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: 196][196 البقرة] . فالنص وإن ورد في التمتع فالقران مثله لأنه مرتفق بأداء النسكين، والمراد بالحج - والله أعلم - وقته؛ لأن نفسه

ــ

[البناية]

الله عنه - قال: أشركنا حين كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في البقرة سبعة وفي البدنة سبعة وفي الشاة واحد» وأما الناذر إذا نوى سبع بدنة فلا رواية في، وعلى تقدير التسليم فالفرق أن النذر ينصرف إلى المتعارف كاليمين وبعض الهدي ليس بهدي عرفاً.

[صيام القارن]

م: (وكما يجوز سبع البعير يجوز سبع البقرة) ش: لحديث جابر رضي الله عنه المذكور م: (فإذا لم يكن له) ش: أي للقارن م: (ما يذبح صام ثلاثة أيام في الحج) ش: أي في وقته يبدأ إن أحرم بالعمرة م: (آخرها) ش: أي آخر الثلاثة الأيام م: (يوم عرفة) ش: يصوم قبل التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة.

قال طاووس والشعبي والنخعي وعطاء والحسن وسعيد بن جبير - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وعلقمة وعمرو بن دينار. وقال شمس الأئمة وهو قول عمر رضي الله عنه وكره صوم يوم عرفة عند الشافعي رحمه الله وقال الأوزاعي، والثوري - رحمهما الله - يصومهن من أول العشر إلى يوم عرفة ويجوز أن يصومها قبل الإحرام بالحج وهو محرم بالعمرة أو حلال. وبه قال عطاء وأحمد - رحمهما الله - وحكى ابن المنذر عن أبي ثور أنه حكى عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه يجوز قبل أن يحرم بالعمرة قلت: هذا غير صحيح، والنقل عند غيرهما، ولا يجوز إلا بعد الإحرام بالعمرة، وكذا ذكره في " المبسوط " و " المحيط " والبدائع " قال هذا بلا خلاف.

م: (وسبعة أيام) ش: أي صوم سبعة أيام م: (إذا رجع إلى أهله لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: 196] [البقرة الآية 196] . فالنص وإن ورد في التمتع فالقران مثله لأنه) ش: أي لأن القارن م: (مرتفق بأداء النسكين) ش: أي العمرة والحج، وقد مر بيانه.

م: (والمراد بالحج) ش: أي في قَوْله تَعَالَى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196](البقرة: الآية 196) م: (والله أعلم - وقته) ش: أي وقت الحج م: (لأن نفسه) ش: أي نفس الحج م: (لا يصلح ظرفاً) ش: لأنه عبارة عن الأفعال المعلومة، والفعل لا يصلح أن يكون ظرفاً لفعل آخر، وهو الصوم، فتعين الوقت، وهذا عندنا وعند أحمد في رواية، حتى لو صام بعد إحرام العمرة يجوز. وعند الشافعي رحمه الله ومالك وزفر رحمه الله لا يصوم الثلاثة إلا بعد إحرام الحج.

لأن الصوم عبادة بدنية فلا يجوز قبل وقتها كالصلاة، قلنا: إنه دم نسك حيث وفقه - الله تعالى - لأداء النسكين في سفرة واحدة، وأثره يظهر في العمرة، فإن الله تعالى من علينا وشرع

ص: 294

لا يصلح ظرفا، إلا أن الأفضل أن يصوم قبل يوم التروية بيوم ويوم التروية، ويوم عرفة لأن الصوم بدل عن الهدي، فيستحب تأخيره إلى آخر وقته رجاء أن يقدر على الأصل، وإن صامها بمكة بعد فراغه من الحج جاز، ومعناه بعد مضي أيام التشريق؛ لأن الصوم فيها منهي عنه. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لا يجوز لأنه معلق بالرجوع، إلا أن ينوي المقام، فحينئذ يجزيه لتعذر الرجوع. ولنا أن معناه: رجعتم عن الحج، أي فرغتم، إذ الفراغ سبب الرجوع إلى أهله، فكان الأداء بعد السبب فيجوز، وإن فاته الصوم حتى أتى يوم النحر لم يجزئه إلا الدم.

ــ

[البناية]

العمرة في أشهر الحج رداً لقول الكفرة، فظهر أثره في العمرة فكانت هي الأصل في باب التمتع والقران، فإذا وجد سبب وجوب الهدي جاز الصوم الذي خلفه للعاجز عنه.

م: (إلا أن الأفضل أن يصوم) ش: هذا استثناء من قوله: - المراد بالحج وقته - أي المراد بالمذكور من قَوْله تَعَالَى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] هو الوقت، لكن الأفضل أن يصوم م:(قبل يوم التروية بيوم ويوم التروية، ويوم عرفة؛ لأن الصوم بدل عن الهدي، فيستحب تأخيره إلى آخر وقته رجاء) ش: أي لأجل رجاء م: (أن يقدر على الأصل) ش: وهو الهدي م: (وإن صامها) ش: أي إن صام سبعة أيام م: (بمكة بعد فراغه من الحج جاز) ش: في أي مكان كان م: (ومعناه) ش: أي معنى هذا الكلام م: (بعد مضي أيام التشريق؛ لأن الصوم فيها) ش: أي في أيام التشريق م: (منهي عنه) ش: لقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا لا تصوموا في هذه الأيام» ، وقد مر في كتاب الصوم، وإنما قيد هذا الكلام بقوله - ومعناه - لأنه لما يذكر هذا القيد.

ولكن المراد هو المراد فيه فلذلك ذكره لأنه يشرح كلام القدوري رحمه الله.

م: (وقال الشافعي رحمه الله: لا يجوز) ش: أي صوم السبعة بمكة، إلا أن يقيم بها م:(لأنه) ش: أي صوم السبعة م: (معلق بالرجوع) ش: إلى أهله فيكون الرجوع شرطاً، فإذا انتفى الشرط انتفى المشروط.

م: (ولنا أن معناه: رجعتم عن الحج، أي فرغتم، إذ الفراغ سبب الرجوع إلى أهله فكان الأداء بعد السبب) ش: أي بعد وجود السبب، وهذا من باب ذكر المسبب وهو الرجوع وإرادة السبب وهو الفراغ وكان الأداء بعد السبب م:(فيجوز) ش: وإنما صير إلى المجاز، لأن الرجوع ليس بشرط بالاتفاق ألا ترى أنه إذا نوى الإقامة بمكة جاز له صوم السبعة بمكة وإن لم يوجد الرجوع إلى أهله، وقد قيل معناه إذا رجعتم إلى مكة، وقيل إذا رجعتم إلى الحالة الأعلى معنى إذا فرغتم من أفعال الحج م:(وإن فاته الصوم) ش: أي صوم هذه الأيام الثلاثة م: (حتى أتى يوم النحر لم يجزه إلا الدم) ش: روى ذلك عن علي رضي الله عنه وابن عباس رضي الله عنه وسعيد بن جبير وطاوس ومجاهد والحسن وعطاء رحمهم الله ووجوب صومها بعد أيام التشريق حماد والثوري وابن المنذر رحمه الله وهو أحد أقوال الشافعي رحمه الله على

ص: 295

وقال الشافعي رحمه الله: يصوم بعد هذه الأيام لأنه صوم موقت، فيقضي كصوم رمضان. وقال مالك رحمه الله: يصوم فيها لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196](196 البقرة) ، وهذا وقته. ولنا النهي المشهور عن الصوم، في هذه الأيام فيتقيد به النص أو يدخله النقص، فلا يتأدى به ما وجب كاملا، ولا يؤدى بعدها؛ لأن الصوم بدل

ــ

[البناية]

ما يجيء الآن.

م: (وقال الشافعي رحمه الله: يصوم بعد هذه الأيام) ش: أي أيام التشريق وللشافعي رحمه الله في هذا ستة أقوال: أحدها: لا صوم، وينقل إلى الهدي، الثاني: عليه صوم عشرة أيام مطلقاً، والثالث: عليه صوم عشرة أيام يفرق بيوم، الرابع: يفرق بأربعة أيام. والخامس: يفرق بمدة إمكان السير.

والسادس: بأربعة أيام، ومدة إمكان السير وهو أصحها عندهم ذكر ذلك كله النووي في " شرح المهذب " وقال النووي رحمه الله: وأخرج ابن شريح وإسحاق المروزي رحمه الله قولاً إنه يسقط الصوم ويستقر في ذمته ولا يجب التتابع في الثلاثة ولا في السبعة، وقال ابن قدامة: ولا نعلم فيه خلافاً م: (لأنه صوم موقت، فيقضي) ش: فإذا فات أداؤه يجب قضاؤه.

م: (وقال مالك رحمه الله: يصوم فيها) ش: أي في أيام التشريق م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] (البقرة: الآية 196)) ش:، وهذا وقته. ولنا النهي المشهور عن الصوم في هذه الأيام) ش: وهو قوله صلى الله عليه وسلم «ألا لا تصوموا في هذه الأيام» ، وقد مر في الصوم، ويعكر عليه حديث أخرجه البخاري «عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم قالا: لم يرخص في أيام التشريق أن يضمن إلا لمن لم يجد الهدي» وقال البيهقي في " المعرفة ": هذا يشبه المسند، وقال الشافعي رحمه الله بلغني أن ابن شهاب يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وقال الأكمل رحمه الله: وفي التعريض بلفظ المشهور إشارة إلى الجواب عما يقال النص يدل على شرعية الصوم في هذه الأيام بقوله - في الحج - فلا يجوز تقييده بغير أيام التشريق بالخبر، لأنه نسخ بالكتاب، وتقدير الجواب أن الخبر مشهور فيجوز التقييد به.

م: (فيتقيد به النص) ش: أي يتقيد بالخبر المشهور قَوْله تَعَالَى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196](البقرة: الآية 196) ، وقد علم في الأصول أن تقييد المطلق من كتاب الله عز وجل بالخبر المشهور جائز، فيكون العمل بالمقيد نسخاً للإطلاق م:(أو يدخله النقص) ش: يعني يدخل الصوم لورود النهي عن الصوم في هذه الأيام م: (فلا يتأدى به ما وجب كاملا) ش: أي فلا يتأدى بسبب النقص ما وجب كاملاً، وأراد بما وجب كاملاً صوم ثلاثة أيام.

م: (ولا يؤدي بعدها) ش: أي بعد هذه الأيام م: (لأن الصوم بدل) ش: أي عن الهدي، فلو جاز قضاؤه يلزمه أن يكون للبدل بدل، ولا نظير له في الشرع، وذلك لأن أداء الصوم بدل، ثم

ص: 296

والأبدال لا تنصب إلا شرعا، والنص خصه بوقت الحج وجواز الدم على الأصل. وعن عمر رضي الله عنه أنه أمر في مثله بذبح الشاة، فلو لم يقدر على الهدي تحلل وعليه دمان، دم التمتع، ودم التحلل قبل الهدي

ــ

[البناية]

قضاؤه يدل على البدل م: (والأبدال لا تنصب إلا شرعا) ش: يعني البدل على خلاف القياس، لأنه لا مماثلة بين إراقة الدم والصوم، فلا يثبت إلا بإثبات الشارع م:(والنص خصه بوقت الحج) ش: النص هو قوله: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة: 196](البقرة: الآية 196) قوله - خصه - أي الصوم بوقت الحج، حيث قال في الحج، فإذا فات وقته فات هو أيضاً، فيظهر حكم الأصل وهو الدم على ما كان.

م: (وجواز الدم على الأصل) ش: هذا جواب سؤال وهو أن يقال الدم يجوز في أيام النحر والتشريق، وبعدها ينبغي أن يجوز الصوم، لأنه بدله، فقال وجواز الدم بطريق الأصالة لا بطريق البدل، ولم يقيده الشارع بوقت، حيث قال:{فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] فبقي مطلقاً، ففي أي وقت أتى به يجوز، بخلاف الصوم؛ لأنه موقت بوقت الحج.

م: (وعن عمر رضي الله عنه أنه أمر في مثله بذبح الشاة) ش: يعني في قارن لم يجد الهدي ولم يصم حتى أتت عليه أيام النحر، وهذا عن عمر رضي الله عنه غريب، وكذا ذكره في " المبسوط " فنقل عن عمر أنه أتاه رجل يوم النحر فقال: إني تمتعت بالعمرة إلى الحج، فقال: اذبح شاة، قال ما معي شيء، قال: سل أقاربك، قال: ما هنا أحد منهم، فقال: يا فتى أعطه قيمة شاة.

م: (فلو لم يقدر) ش: أي القارن م: (على الهدي تحلل وعليه دمان، دم التمتع، ودم التحلل قبل الهدي) ش: قال تاج الشريعة رحمه الله: إنما يلزم ذلك لوقوع التحلل قبل أوانه.

فإن قلت: التحلل جناية على إحرامين، فينبغي أن يلزمه دمان.

قلت: إنه خرج بالحلق عن إحرام العمرة، فيكون هذا جناية على إحرام الحج فقط، ولا يلزمه بتأخير الذبح عن الحلق شيء. وفي " المحيط والبدائع " لو قدر على الهدي بعد المال صام ثلاثة أيام قبل يوم النحر لزمه الهدي وبطل صومه، وإن وجده بعدما حلق أو قصر قبل صوم السبعة فلا هدي عليه، وكذا لو لم يحل حتى مضت أيام النحر فلا هدي عليه، وصومه تام.

وفي " المبسوط " وجد الهدي بعد صوم يومين بطل صومه ويجب الهدي، وبعد التحلل لا يجب كالمتيمم إذا وجد الماء بعد فراغه من صلاته، وفي المجرد صام ثلاثة أيام ثم وجد الهدي بعد صومه بطل صومه، وفي قول أبي حنيفة رحمه الله وقال محمد رضي الله عنه في نوادر ابن سماعة لا ذبح عليه، وجاز صومه، سواء وجد الهدي في أيام الذبح أو بعدها. وقال

ص: 297

فإن لم يدخل القارن مكة وتوجه إلى عرفات فقد صار رافضا لعمرته بالوقوف؛ لأنه تعذر عليه أداؤها؛ لأنه يصير بانيا أفعال العمرة على أفعال الحج، وذلك خلاف المشروع

ــ

[البناية]

الحسن وقتادة رضي الله عنهم إذا دخل في الصوم ثم أيسر مضى في صومه، واختاره ابن المنذر، وبه قال الشافعي رحمه الله ومالك وأحمد رضي الله عنهما.

وقال الأترازي في هذا الموضع كلامًا كثيراً، حاصله أنه أراد الإشكال بيانه أن قوله - فلو لم يقدر إلى قوله - قبل الهدي - لفظ القدوري بعينه في " شرحه " لمختصر القدوري ولكن القدوري رحمه الله ساق كلامه في المتمتع وصاحب الهداية نقل ذلك إلى القارن والإشكال أنه هو كيف جعل حكمهما واحداً في الكفارة والمتمتع حكمه في الكفارة حكم المفرد، سواء لأنه محرم بعمرة.

فإذا فرغ منها يجزئه بحجة، وبه صرح في " شرح الطحاوي "، فلما كان كذلك يجب عليه دم واحد للكفارة، كالمفرد إذا جنى، وأما القارن إذا جنى يجب عليه دمان الأجل الجناية إلا أنه لو حلق المفرد قبل الذبح لا يلزمه دم عند أبي حنيفة أيضاً، لأنه لا ذبح على المفرد فلا يتحقق تأخير النسك، فينبغي أن يجب هنا دمان آخران سوى دم النسك بجناية على إحرامين في الحج والعمرة جميعاً، انتهى.

قلت: صاحب الهداية رحمه الله لم ينقل لفظ التمتع إلى القارن قصد الهدي الذي ذكره حتى يرد عليه إشكال، بل نية ذلك أن مراد القدوري رحمه الله من لفظ المتمتع هو القران، لأنه يصح إطلاقه عليه من حيث أن كلاً منهما نسكان في الصورة، وإن كان بينهما فرق في الحكم، ولهذا وقع عند بعض الشراح هنا بعد قوله دم التمتع أو القران.

م: (فإن لم يدخل القارن مكة، وتوجه إلى عرفات فقد صار رافضا لعمرته بالوقوف) ش: هذا لفظ القدوري رضي الله عنه في مختصره، وذكر صاحب " الهداية " تعليله بقوله م:(لأنه) ش: أي لأن القارن م: (تعذر عليه أداؤها) ش: أي أداء العمرة م: (لأنه يصير بانيا أفعال العمرة على أفعال الحج، وذلك خلاف المشروع) ش: لأن المشروع أن يكون الوقوف مرتباً على أفعال العمرة. وقال الطحاوي رضي الله عنه في مختصره إلى عرفات قبل أن يطوف لعمرته، فإن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يقول قد صار بذلك رافضاً لعمرته حين توجه وعليه دم وعمرة مكانها، ويمضي في حجه. وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: لا يكون رافضاً لعمرته حتى يقف بعرفات بعد زوال الشمس.

وقال أبو بكر الرازي رحمه الله في شرحه لمختصر الطحاوي: هذا الخلاف الذي ذكر أبو جعفر لا نعرفه، وإنما نعرف عن أبي حنيفة رحمه الله فيها روايتين، وأما رواية " الجامع الصغير " و " الأصل " فإنه لا يكون رافضاً بالتوجه حتى يقف بعرفات بعد الزوال وروى صاحب

ص: 298

ولا يصير رافضا بمجرد التوجه، هو الصحيح من مذهب أبي حنيفة رحمه الله أيضا. والفرق له بينه وبين أن يصلي الظهر يوم الجمعة إذا توجه إليها أن الأمر هنالك بالتوجه متوجه بعد أداء الظهر،

والتوجه في القران والتمتع منهي عنه قبل أداء العمرة فافترقا. قال: وسقط عنه دم القران لأنه لما ارتفضت العمرة لم يرتفق لأداء النسكين، وعليه دم لرفض عمرته بعد الشروع فيها، وعليه قضاؤها لصحة الشروع فيها، فأشبه المحصر، والله أعلم.

ــ

[البناية]

" الإملاء " عن أبي يوسف رحمه الله عن أبي حنيفة رحمه الله أنه يكون رافضاً بالتوجه وذكر الحاكم الشهيد رحمه الله في " الكافي " عن " نوارد ابن سماعة " قال وفي قول أبي حنيفة رحمه الله هو رافض للعمرة حين توجه إلى عرفات، وعند الشافعي رحمه الله لا يصير رافضاً بالتوجه ولا بالوقف، انتهى.

قلت: وقال الشافعي: رحمه الله لا يكون رافضاً ما لم يأخذ في التحلل، لأن عنده طواف العمرة يدخل في طواف الحج، فلا يلزمه طواف مقصود وعند مالك رحمه الله لا يكون رافضاً ما لم يركع الطواف.

م: (ولا يصير رافضا بمجرد التوجه، هو الصحيح من مذهب أبي حنيفة رحمه الله أيضا) ش: احترز به عن رواية أصحاب الإملاء عن أبي يوسف رحمه الله عن أبي حنيفة رضي الله عنه وقد مر آنفاً م: (والفرق له) ش: أي لأبي حنيفة رضي الله عنه م: (بينه) ش: أي بين التوجه إلى عرفات م: (وبين أن يصلي الظهر) ش: في منزله م: (يوم الجمعة إذا توجه إليها أن الأمر هنالك) ش: وفي بعض النسخ هناك هو قوله: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9](الجمعة: 9) م: (بالتوجه متوجه بعد أداء الظهر) ش: ووجه توجهه أنه مأمور بالتوجه إلى الجمعة وفرض من فروضها بالنص.

م: (والتوجه في القران والتمتع منهي عنه قبل أداء العمرة فافترقا) ش: أي حكم التوجه إلى الجمعة، وحكم التوجه إلى عرفات م:(وسقط عنه دم القران) ش: وفي بعض النسخ قال وسقط أي قال القدوري رحمه الله وسقط وفي بعض النسخ أيضاً وبطل عنه دم القران م: (لأنه لما ارتفضت العمرة لم يرتفق لأداء النسكين) ش: وهما العمرة والحج، وفي بعض النسخ لم يتوقف لأداء النسكين.

م: (وعليه دم لرفض عمرته بعد الشروع فيها، وعليه قضاؤها) ش: أي قضاء العمرة المرفوضة م: (لصحة الشروع فيها) ش: أي في العمرة، لأن الشروع ملزم، ولأن هذا تحليل من إحرامها يعني طوافاً م:(فأشبه المحصر) ش: حيث يجب عليه دم رفضاً «لأنه صلى الله عليه وسلم لما أحصر عام الحديبية بعث البدن للنحر ورجع وقضى عمرته من قابل» كذا في " مبسوط شيخ الإسلام " والله أعلم.

ص: 299