الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن بعث بهدي واحد ليتحلل عن الحج ويبقى في إحرام العمرة لم يتحلل عن واحد منهما؛ لأن التحلل منهما شرع في حالة واحدة. ولا يجوز ذبح دم الإحصار إلا في الحرم، ويجوز ذبحه قبل يوم النحر عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: لا يجوز الذبح للمحصر بالحج إلا في يوم النحر، ويجوز للمحصر بالعمرة متى شاء، اعتبارا بهدي المتعة والقران، وربما يعتبر أنه بالحلق إذ كل واحد منهما محلل. ولأبي حنيفة رحمه الله: أنه دم كفارة حتى لا يجوز الأكل منه فيختص بالمكان دون الزمان كسائر دماء الكفارات،
ــ
[البناية]
الحج، ويبقى في إحرام العمرة لم يتحلل عن واحد منهما؛ لأن التحلل منهما) ش: أي من الإحرامين. م: (شرع في حالة واحدة) ش: فلم يصح تقديم التحلل عن أحدهما كما في " المدرك ".
فإن قلت: وجب أن يكتفى بهدي واحد؛ لأن الهدي شرع في التحلل، والتحلل عن الإحرامين يقع بتحلل واحد، كما لو حلق قبل الذبح بعد أداء الأفعال.
قلت: ليس هذا كالحلق؛ لأن الحلق في الأصل محظور الإحرام، وإنما صار قربة بسبب التحلل، فكان قربة لمعنى في غيره لا في نفسه، فينوب الواحد عن اثنين كالطهارة الواحدة تكفي للصلاة الكثيرة، وكالسلام الواحد في باب الصلاة، فإنه يكفي للتحلل عن صلوات كثيرة، فأما الهدي شرع للتحلل؛ إلا أنها قربة مقصودة بنفسها بدون التحلل كما في الأضحية، وما شرع قربة مقصودة بنفسها، فلا ينوب الواحد عن الاثنين كأفعال الصلاة.
[مكان ووقت ذبح دم الإحصار]
م: (ولا يجوز ذبح دم الإحصار إلا في الحرم) ش: إنما أعاد هذه المسألة مع أنه ذكرها عن قريب في هذا الباب توطئة لقوله. م: (ويجوز ذبحه قبل يوم النحر عند أبي حنيفة رحمه الله) ش: زيادة في بيان أن دم الإحصار أعرف في الاختصاصية بالمكان، حيث لم يختلف فيه أصحابنا من اختصاصه بالزمان؛ لأنه مختلف فيه، فعند أبي حنيفة رحمه الله يجوز ذبحه قبل يوم النحر.
م: (وقالا: لا يجوز الذبح للمحصر بالحج إلا في يوم النحر، ويجوز للمحصر بالعمرة) ش: أن يذبح. م: (متى شاء) ش: أي بالإجماع. م: (اعتبارا بهدي المتعة والقران) ش: فإنهما موقتان بالزمان، والمكان بلا خلاف، وهذا متصل بقوله: إلا في يوم النحر بالعمرة متى شاء، ففرقنا بينهما احترازًا. م:(وربما يعتبر أنه) ش: أي ربما يعتبر أبو يوسف، ومحمد - رحمهما الله - الذبح. م:(بالحلق؛ إذ كل واحد منهما محلل) ش: هذا بيان وجه الاعتبار بالحلق، أي القياس عليه بيانه أن كل واحد منهما دم يتحلل به عن إحرام الحج، فلا يجوز قبل أوان التحلل كالحلق.
م: (ولأبي حنيفة رحمه الله: أنه) ش: أي أن الذبح. م: (دم كفارة حتى لا يجوز الأكل منه فيختص بالمكان دون الزمان كسائر دماء الكفارات) ش: لأن هذا دم واجب لأجل الخروج عن الإحرام قبل أداء الأفعال، والخروج عن الإحرام قبل أداء الأفعال جناية، فيكون ما وجب لأجله
بخلاف دم المتعة والقران؛ لأنه دم نسك، وبخلاف الحلق؛ لأنه في أوانه؛ لأن معظم أفعال الحج وهو الوقوف ينتهي به. قال: والمحصر بالحج إذا تحلل فعليه حجة وعمرة، هكذا روي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم
ــ
[البناية]
كفارة كما في سائر الجنايات، ولهذا لا يباح له التناول بالاتفاق. والكفارات تختص بالمكان دون الزمان بالاتفاق. م:(بخلاف دم المتعة والقران) ش: هذا جواب عن اعتبارهما، والذي بالحلق بيانه أن هذا الاعتبار غير صحيح. م:(لأنه) ش: أي لأن دم المتعة والقران. م: (دم نسك) ش: وما هو دم نسك يختص بالزمان، فكذا هذا.
م: (وبخلاف الحلق) ش: هذا جواب عن اعتبارهما الآخر، بيانه أن اعتبارهما الذبح بالحلق لا يصح. م:(لأنه) ش: أي لأن الحلق. م: (في أوانه؛ لأن معظم أفعال الحج وهو الوقوف) ش: بعرفة. م: (ينتهي به) ش: أي بوقت الحلق، ووقت الحلق مبدؤه طلوع الفجر من يوم النحر، فلا بد أن يقع الحلق في يوم النحر. وقال صاحب " الأسرار ": قال الله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196](البقرة: الآية 196) ، من غير اشتراط زمان، فالاشتراط بالناس نسخ. م:(والمحصر بالحج إذا تحلل فعليه حجة وعمرة) ش: وفي غالب النسخ قال: والمحصر بالحج، أي قال القدوري رحمه الله: المحصر بالحج
…
إلخ.
م: (هكذا روي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم) ش: قال الأكمل: وابن عباس، وعمر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من فاته عرفة بليل، فقد فاته الحج فيتحلل بعمرة، وعليه الحج من قابل» قال: والحديث عام في الذي فاته الحج لفوات وقت الوقوف، وبفواته في الإحصار لأن كلًا منهما قد فاته عرفة، وقلنا بوجوب العمرة، وأما الحجة فإنها تجب قضاء لصحة الشروع فيها، انتهى.
قلت: المصنف لم يبين من أخرج الذي ذكره، ولو كان له أصل لبينه مخرج الأحاديث، وإنما قال بعد قوله: روي عن ابن عمر رضي الله عنهما
…
إلى آخره، ذكره أبو بكر الرازي عن ابن عباس، وابن مسعود رضي الله عنهما لا غير، وقد ذكرنا فيما مضى ناقلًا عن السروجي أنه قول عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، وعروة رضي الله عنهم، وذكرنا هناك أيضًا أنه قول مالك، والشافعي، وأحمد رحمهم الله في رواية: لا قضاء عليه إلا أن تكون حجة الإسلام.