الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: فإذا كان قبل يوم التروية بيوم خطب الإمام خطبة يعلم فيها الناس الخروج إلى منى والصلاة بعرفات والوقوف، والإفاضة، والحاصل أن في الحج ثلاث خطب، أولها ما ذكرنا، والثانية بعرفات يوم عرفة، والثالثة بمنى في اليوم الحادي عشر
ــ
[البناية]
[خطب الإمام في الحج] [
النفر إلى منى والمبيت بها ليلة التاسع]
م: (قال: فإذا كان قبل يوم التروية بيوم) ش: وهو اليوم السابع من ذي الحجة، لأن يوم التروية الثامن منه، كذا في " المغرب " وإنما سمي يوم التروية بذلك، لأن إبراهيم صلى الله عليه وسلم رأى ليلة الثامن كأن قائلاً يقول له: إن الله تعالى يأمرك بذبح ابنك، فلما أصبح رؤي، أي افتكر في ذلك من الصباح إلى الرواح أمن الله هذا، أم من الشيطان؟ فمن ذلك سمي يوم التروية، فلما أمسى رأى مثل ذلك فعرف أنه من الله تعالى، فمن ثم سمي يوم عرفة ثم رأى مثله في الليلة الثالثة فهم بنحره، فسمي اليوم العاشر يوم النحر.
وقال أبو بكر الأنباري: في كتاب الزهد إنما سميت التروية لأن الناس يروون من الماء العطش في هذا اليوم، ويحملون الماء بالروايا إلى عرفة ومنى، وإنما سمي يوم عرفة لأن جبريل صلى الله عليه وسلم علم إبراهيم صلى الله عليه وسلم المناسك كلها يوم عرفة، فقال: أعرفت في أي موضع تطوف؟ وفي أي موضع تسعى؟ وفي أي موضع تقف؟ وفي أي موضع تنحر وترمي؟ فقال: عرفت فسمي يوم عرفة، وسمي يوم الأضحية، لأن الناس يضحون فيه بقربانهم، وقيل: إن آدم عليه الصلاة والسلام لما هبط بالأرض وقع بالهند، وامرأته حواء عليها السلام وقعت بالسند، فلم يلتقيا إلا عشية عرفة، فسمي يوم عرفة، لمعرفة كل منهما الآخر.
م: (خطب الإمام خطبة) ش: أي خطبة واحدة من غير جلسة بين الخطبتين بعد صلاة الظهر م: (يعلم الناس فيها الخروج إلى منى) ش: وهي قرية فيها ثلاث سكك بينها وبين مكة فرسخ، وهي في الحرم، لأنها منحر، والمنحر يكون في الحرم، والغالب على منى التذكير والصرف، وقد تكتب بالألف، وسميت بمنى لأن الحيوانات تساق إلى مناياها، وهو جمع منية وهي الموت وقيل لما تمنى من الدماء أي تراق، وقيل: إن جبرائيل صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يفارق آدم قال له: ماذا تتمنى فقال آدم: الجنة فسمي ذلك الموضع منى.
م: (والصلاة بعرفات) ش: أي يعلم الصلاة بجبل عرفات م: (والوقوف بها والإضافة) ش:.
م: (والحاصل أن في الحج ثلاث خطب أولها ما ذكرناه) ش: وهو الذي ذكر أن الإمام يخطب بمكة يوم التروية م: (والثانية) ش: أي الخطبة الثانية م: (بعرفات يوم عرفة) ش: قبل صلاة الظهر، وهي خطبتان يجلس بينهما جلسة خفيفة، قال أبو حنيفة رحمه الله يبتدئ الخطبة إذا فرغ المؤذنون من الأذان بين يديه كخطبة الجمعة، وقال أبو يوسف رحمه الله: يخطب الإمام قبل الأذان، فإذا مضى صدر من خطبته أذن المؤذنون.
م: (والثالثة) ش: أي الخطبة الثالثة م: (بمنى في اليوم الحادي عشر) ش: يعلم الناس فيها النفر
فيفصل بين كل خطبتين بيوم. وقال زفر رحمه الله يخطب في ثلاثة أيام متوالية، أولها يوم التروية، لأنها أيام الموسم ومجتمع الحاج. ولنا أن المقصود منها التعليم ويوم التروية، ويوم النحر يوم اشتغال، فكان ما ذكرناه أنفع، وفي القلوب أنجع، فإذا صلى الفجر يوم التروية بمكة خرج إلى منى فيقيم بها حتى يصلي الفجر من يوم عرفة؛ لما روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الفجر يوم التروية»
ــ
[البناية]
وطواف الصدر، ولا يحتاج يوم النحر إلى خطبة، لأنهم قد علموا ما يحتاجون إليه في خطبة يوم عرفة، وما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوم النحر، فإنها لم تكن خطبة من خطب الحج، وإنما كانت من خطب الوداع علمهم الأحكام لما علم أنه لا يتحقق مثله بعدها من الاجتماع والكثرة.
م: (يفصل بين كل خطبتين بيوم) ش: أي يفصل الخطيب الذي هو الإمام بين كل خطبتين من الخطب الثلاثة بيوم، وذلك كما ذكره أن الأولى قبل يوم التروية بمكة، والثانية يوم عرفة وبينهما يوم، وهو يوم التروية الثامن من الشهر، والثالثة في يوم الحادي عشر، وبينهما يوم وهو يوم العيد العاشر من شهره.
م: (وقال زفر رضي الله عنه يخطب في ثلاثة أيام متواليات) ش: أي متتابعات م: (أولها يوم التروية، لأنها أيام الموسم) ش: أي لأن هذه الأيام الثلاثة أيام الموسم، وفي " المغرب " موسم الحاج سوقهم ومجتمعهم مشتق من الوسم وهو العلامة م:(ومجتمع الحاج) ش: أي موضع اجتماعهم م: (وذلك أن المقصود تعليمهم ما يقع في هذه الأيام) ش: فيجب أن تكون الخطب فيها.
م: (ويوم التروية، ويوم النحر يوم اشتغال) ش: جمع شغل، أما يوم التروية فيوم حاجتهم إلى الخروج إلى منى، وأما يوم النحر فلاشتغالهم بالحلق والرمي والطواف فلا تفيد الخطبة فيها، وبقولنا قال الشافعي رحمه الله، وعن أحمد رحمه الله لا يخطب في اليوم السابع م:(فكان ما ذكرناه) ش: أي من التفريق بين كل خطبتين م: (أنفع) ش: مما قاله زفر رحمه الله م: (وفي القلوب أنجع) ش: من نجع الوعظ إذا أثر.
م: (فإذا صلى الفجر يوم التروية بمكة خرج إلى منى) ش: يعني بعد طلوع الشمس، وعند عمر ابن عبد العزيز رضي الله عنهما إلى منى قبل الزوال، وبه قال مالك رحمه الله ويستحب أن ينزل عند مسجد الخيف م:(فيقيم بها) ش: أي بمنى م: (حتى يصلي الفجر من يوم عرفة) ش: أي إلى أن يصلي الفجر الذي صبيحة يوم عرفة، وقال الرغيناني: يصلي الفجر بمنى بغلس، وفي مناسك الكرماني رضي الله عنه يصلي في وقته، وفي " الوتري " يصلي في وقته المعروف، فإذا طلعت الشمس على ثبير وهو أعلى جبل بمنى راح إلى عرفة مع الناس وعليه السكينة والوقار، وفي خزانة الأكمل يذهب إلى عرفة بعد صلاة الغداة.
م: (لما روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الفجر يوم التروية بمكة، فلما طلعت الشمس راح إلى منى فصلى