الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشمس، وإفاضة الإمام لخوف الزحام فلا بأس به؛ لما روي أن عائشة رضي الله عنها بعد إفاضة الإمام دعت بشراب فأفطرت ثم أفاضت.
قال: وإذا أتى مزدلفة فالمستحب، أن يقف بقرب الجبل الذي عليه الميقدة يقال له: قزح لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف عند هذا الجبل، وكذا عمر رضي الله عنه ويتحرز في النزول عن الطريق كيلا يضر بالمارة فينزل عن يمينه أو يساره، ويستحب أن يقف وراء الإمام لما بينا في الوقوف بعرفة.
ــ
[البناية]
الخوف علة من العلل م: (لما روي أن عائشة رضي الله عنها بعد إفاضة الإمام دعت بشراب فأفطرت ثم أفاضت) ش: هذا رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه "، حدثنا أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تدعو بشراب تفطر ثم تفيض.
[المبيت بالمزدلفة]
[جمع المغرب والعشاء بمزدلفة]
م: (وإذا أتى مزدلفة فالمستحب أن يقف بقرب الجبل الذي عليه الميقدة) ش: بكسر الميم، موضع كان أهل الجاهلية يوقدون عليه النار، يقال لذلك الجبل قزح، بضم القاف كذا في " المغرب "، وقيل إنها كانون آدم صلى الله عليه وسلم م:(يقال له: قزح) ش: أي يقال لذلك الجبل قزح، بضم القاف وفتح الزاي وبالحاء المهملة، وهو غير منصرف للعدل والعلمية، كذا قاله الكاكي.
قلت: هو عدل تقديري، كأنه معدول عن قازح كزفر عن زافر، وفي الحديث لا يقول قوس قزح من أسماء الشياطين، قيل سمي بقزح لتسويله الناس بحثه إلى المعاصي من القزح وهو الجنين، وقيل من القزح وهو الطريق والألوان التي في القوس الواحدة قزحة، ويمكن هذا أيضاً يسمى الجبل به لكونه ذات طرائق وألوان.
م: (لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف عند هذا الجبل) ش: يعني جبل قزح رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي رضي الله عنهم واللفظ للترمذي قال: «وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة
…
» الحديث، فلما أصبح أتى قزح فوقف عليه، وروى الحاكم في المستدرك عن جابر رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حين وقف بعرفة هذا الموقف، وكل عرفة موقف» وقيل حين وقف على قزح قال هذا الموقف، وكل المزدلفة موقف.
م: (وكذا عمر رضي الله عنه) ش: أي وكذا وقف عمر رضي الله عنه على قزح، وهذا غريب يعني ليس له أصل. م:(ويتحرز في النزول عن الطريق كيلا يضر بالمارة فينزل عن يمينه أو يساره) ش: وقال الكرخي: وإذا جاء الإمام المزدلفة، وهي المشعر الحرام، وهي التي أقصيت من وادي عرفات إلى بطن محسر فانزل بها حيث شئت عن يمين الطريق وعن يساره، ولا تنزل على جادة الطريق فتؤذي الناس، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم:«مزدلفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن محسر» وأما النزول على الطريق فهو ممنوع بالمزدلفة وغيرها، لأنه يقطع الناس عن الاجتياز.
م: (ويستحب أن يقف) ش: أي الحاج م: (وراء الإمام لما بينا في الوقوف بعرفة) ش: أشار به
قال: ويصلي الإمام بالناس المغرب والعشاء بأذان وإقامة واحدة. وقال زفر رحمه الله: بأذان وإقامتين اعتبارا بالجمع بعرفة. ولنا رواية جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «جمع بينهما بأذان، وإقامة واحدة؛» ولأن العشاء في وقته فلا يفرد بالإقامة إعلاما، بخلاف العصر بعرفة لأنه مقدم على وقته، فأفرد بها لزيادة الإعلام.
ــ
[البناية]
إلى قوله - لأنه يدعو ويعلم فيعوا ويسمعوا - م: (قال: ويصلي الإمام بالناس المغرب والعشاء بأذان وإقامة واحدة) ش: وفي أكثر النسخ قال: ويصلي الإمام، أي قال القدوري رحمه الله في مختصره.
م: (وقال زفر: بأذان وإقامتين اعتبارا بالجمع بعرفة) ش: أي قياساً عليه، واختاره الطحاوي وبه قال الشافعي في قول وأبو ثور وابن الماجشون المالكي، وفي قول الشافعي رحمه الله بإقامتين دون الأذان.
م: (ولنا رواية جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بينهما بأذان وإقامة واحدة) ش: أي جمع بين المغرب والعشاء بأذان وإقامة واحدة، يعني في المزدلفة، وهذا رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا حاتم بن إسماعيل عن محمد بن جعفر بن محمد عن جابر بن عبد الله قال:«صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء يجمع بأذان واحد وإقامة واحدة ولم يسبح بينهما» وهذا حديث غريب، فإن الذي في حديث جابر الطويل عند مسلم أنه صلاهما بأذان وإقامتين وبلفظه «ثم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئاً» .. الحديث. وعند البخاري أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما قال «جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء، يجمع كل واحد بينهما بإقامة ولم يسبح بينهما ولا على أثر واحدة بينهما» وهذا مخالف لرواية ابن أبي شيبة. وقال الأترازي رحمه الله: والترجيح لقولنا بأن نقول إن حديث جابر رضي الله عنه مضطرب كما ترى، لأنه حدث في رواية بأذان وإقامتين، وفي رواية بأذان وإقامة.
قلت: إنما يصح الحكم بالاضطراب لو كانت زيادة روايته مخرجتين في " الصحيح "، والرواية التي تخبر بأذان واحد وإقامة واحدة ليست في " الصحيح ".
م: (ولأن العشاء في وقته) ش: أي مؤداة في وقته م: (فلا يفرد بالإقامة إعلاما) ش: أي لأجل الإعلام، لأنه معلوم في جميع أهل الموقف م:(بخلاف العصر بعرفة؛ لأنه) ش: أي لأن العصر م: (مقدم على وقته فأفرد بها) ش: أي بالإقامة م: (لزيادة الإعلام) ش: فإن قلت: يرد عليكم الفوائت لأنه إن شاء أذن وأقام لكل صلاة، وإن شاء اقتصر على الإقامة، فينبغي أن يكون هذا كذلك.
ولا يتطوع بينهما؛ لأنه يخل بالجمع، ولو تطوع، أو تشاغل بشيء أعاد الإقامة لوقوع الفصل، وكان ينبغي أن يعيد الأذان أيضا كما في الجمع الأول بعرفة إلا أنا اكتفينا بإعادة الإقامة، لما روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب بمزدلفة ثم تعشى ثم أفرد الإقامة للعشاء» ولا تشترط الجماعة لهذا الجمع
ــ
[البناية]
قلت: الفوائت كل واحد منها صلاة على حدة فينفرد كل منهما بالإقامة، بخلاف الصلاتين بالمزدلفة، فإنهما صارتا كصلاة واحدة، بدليل أنه لا يجوز التطوع بهما، فلأجل هذا أفرد كل واحدة بالإقامة.
م: (ولا يتطوع بينهما) ش: أي بين المغرب والعشاء بالمزدلفة م: (لأنه يخل بالجمع) ش: ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتطوع بينهما م: (ولو تطوع) ش: أي بينهما م: (أو تشاغل بشيء) ش: مثل التعشي وافتقار النية ونحو ذلك م: (أعاد الإقامة لوقوع الفصل) ش: فيحتاج إلى إعلام آخر. قال الكاكي رحمه الله قال شيخي العلامة رحمه الله يسوي بين التطوع والتعشي والتشاغل بشيء آخر في إعادة الإقامة، وهو يوافق ما ذكر في " المبسوط "، ولكن اشترط في " المبسوط " الأسبيجابي، الذي اختصره في " مبسوط " البزدوي إلى إعادة الإقامة، وإلى إعادة الأذان والإقامة في النفس وغيره.
م: (وكان ينبغي أن يعيد الأذان أيضا) ش: لقول زفر رحمه الله م: (كما في الجمع الأول) ش: أي كما يعيد الأذان أيضاً في الجمع الأول، وهو الجمع بين الظهر والعصر بعرفة م:(إلا أنا اكتفينا بإعادة الإقامة، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب بمزدلفة ثم تعشى) ش: أي أكل العشاء م: (ثم أفرد الإقامة بالعشاء) ش: أي بصلاة العشاء، وهذا الحديث غريب، وتمثيله بفعل النبي صلى الله عليه وسلم مشكل لأنه قد ذكر أولاً قبل هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بأذان وإقامة واحدة، واحتج به على زفر رحمه الله في إفراد الإقامة، وكان ذلك هو الثابت الصحيح عنده ضرورة، وبعد ثبوته لا يمكنه التمثيل بما ذكره بعد، لأنه لم يصح ولم يثبت، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا مرة واحدة، فكيف يستدل به؟!
فإن قلت: هذه صورة التعارض فيحمل كل واحد على حالته.
قلت: لا يمكن هذا هاهنا لأنا ننفي صحة الحديث الذي ذكره، فمن أين يأتي التعارض حتى يوفق بينهما بذلك. وقال الكاكي رحمه الله إذا ترجحت، أعني الرواية المروية في " الصحيح " انتفت الأخرى، وحملت على سهو الراوي فلا يصح التمسك به انتهى.
قلت: فلأجل ذلك اختار الطحاوي رحمه الله مذهب زفر رحمه الله لصحة دليله وترك الرواية الأخرى.
م: (ولا تشترط الجماعة لهذا الجمع) ش: أي الجمع الذي في المزدلفة.
عند أبي حنيفة رحمه الله؛ لأن المغرب مؤخرة عن وقتها، بخلاف الجمع بعرفة لأن العصر مقدم على وقته. قال: ومن صلى المغرب في الطريق لم تجزئه عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -، وعليه إعادتها ما لم يطلع الفجر. وقال أبو يوسف رحمه الله: يجزيه، وقد أساء، وعلى هذا الخلاف إذا صلى بعرفات. ولأبي يوسف رحمه الله أنه أداها في وقتها فلا تجب عليه إعادتها كما بعد طلوع الفجر، إلا أن التأخير من السنة فيصير مسيئا بتركه. ولهما ما روي «أنه صلى الله عليه وسلم قال لأسامة رضي الله عنه في طريق المزدلفة: " الصلاة أمامك»
ــ
[البناية]
م: (عند أبي حنيفة رحمه الله لأن المغرب) ش: أي صلاة المغرب م: (مؤخرة عن وقتها، بخلاف الجمع بعرفة؛ لأن العصر مقدم على وقته) ش: فروعي منه جمع ما ورد به النص وهو الأداء مع الإمام في حالة الإحرام، وأما الجمع بمزدلفة فلم يخالف القياس، لأن المغرب مؤخرة عن وقتها، وقضاء الصلاة بعد وقتها أمر معقول لوجود المسبب بعد وجود السبب فلم يشترط فيه مراعاة ما ورد به النص وهو الإمام، ولكن الأفضل أن يصلي مع الإمام بالجماعة، لأن الأداء بالجماعة أولى، كذا في " الإيضاح "، وقال الإمام المحبوبي: لا يشترط الإحرام والسلطان أيضاً.
م: (قال: ومن صلى المغرب) ش: أي صلاة المغرب م: (في الطريق) ش: قبل أن يأتي إلى المزدلفة م: (لم يجزئه عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -، وعليه إعادتها ما لم يطلع الفجر) ش: وبه قال زفر والحسن بن زياد - رحمهما الله تعالى - م: (وقال أبو يوسف رحمه الله: يجزئه، وقد أساء) ش: لمخالفة السنة، وبه قال مالك رضي الله عنه والشافعي وأحمد رضي الله عنهما.
م: (وعلى هذا الخلاف) ش: أي بين أبي حنيفة ومحد وبين أبي يوسف رحمهم الله م: (إذا صلى) ش: أي المغرب م: (بعرفات) ش: فعندهما لا يجزئه، وعند أبي يوسف رحمه الله تجزئه، وفي " الإيضاح " وكذا لو صلى العشاء الآخرة بعد دخول وقتها في الطريق، لأنها مرتبة على المغرب فإذا لم تجز المغرب فما رتب عليه أولى بتركه.
م: (ولأبي يوسف رحمه الله أنه أداها في وقتها فلا تجب إعادتها كما في بعد الطلوع) ش: أي كما إذا صلى بعد طلوع الفجر م: (إلا أن التأخير) ش: أي تأخير المغرب ليلة المزدلفة م: (من السنة فيصير مسيئا بتركه) ش: أي بترك التأخير.
م: (ولهما) ش: أي لأبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - م: «ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسامة في طريق المزدلفة: الصلاة أمامك» ش: هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم وكان يسمى حب النبي صلى الله عليه وسلم، قال أسامة «دفع النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء، فقلت له الصلاة فقال الصلاة أمامك» .
معناه: وقت الصلاة، وهذا إشارة إلى أن التأخير واجب، وإنما وجب ليمكنه الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة فكان عليه الإعادة ما لم يطلع الفجر ليصير جامعا بينهما. وإذا طلع الفجر لا يمكنه الجمع فسقطت الإعادة
ــ
[البناية]
.. الحديث، م:(معناه) ش: أي معنى قوله أمامك م: (وقت الصلاة) ش: ومكان الصلاة، لأن الصلاة فعل المصلي، وفعله لا يتصور أن يكون أمامه، فإذا أداها في الطريق فقد أداها قبل الوقت الثابت بهذا الخبر فوجبت الإعادة كما إذا صلى الظهر في منزله يوم الجمعة، فإنه يؤمر بالقضاء حتى يأتي على هذا الوجه الأكمل.
م: (وهذا) ش: أي قوله الصلاة أمامك م: (إشارة إلى أن التأخير) ش: أي تأخير صلاة المغرب م: (واجب، وإنما وجب ليمكنه الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة) ش: ما دام وقت العشاء باقياً م: (فكان عليه الإعادة ما لم يطلع الفجر ليصير جامعا بينهما) ش: أي بين الصلاتين م: (وإذا طلع الفجر لا يمكنه الجمع فسقطت الإعادة) ش: وقال القدوري: إذا كان يخشى أن يطلع الفجر قبل أن يصلي إلى المزدلفة صلى المغرب لأنه إذا طلع الفجر فات وقت الجمع، وكذلك إن صلى العشاء الأخيرة في الطريق بعد دخول وقتها لم تجزئه إلا على تقدير خوف طلوع الفجر.
فإن قلت: قوله صلى الله عليه وسلم قام عن الصلاة.. الحديث خبر واحد يوجب الترتيب، وتجب عليه الإعادة وإن ذهب، وها هنا لم تجب الوقت.
قلت بأن وجوب الإعادة هناك لوجوب الترتيب، وهو قائم ما لم يدخل الأكثر، وها هنا وجوب الإعادة لرعاية الجمع فيفوت إن كان الجمع بفوات وقت العشاء.
فإن قلت: قوله صلى الله عليه وسلم «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» لا تجب الإعادة لو صلى بدون فاتحة الكتاب ناسياً أو عامداً، وها هنا وجبت ما دام الوقت باقيا.
قلت خبر الواحد يوجب العمل على وجه لا يؤدي إلى إبطال الكتاب، ثم ها هنا الإعادة من باب العلم ما دام الوقت باقياً لما أنه صلى قبل الوقت الثابت بخبر الواحد، وقبل الوقت لا يجوز فتجب الإعادة كما في مسألة الترتيب، وأما خبر الفاتحة فقد علمنا به كما يليق بحاله حيث قلنا يوجب صلاة السهو إذا تركها ساهياً، وبالإثم إذا تركها عامداً، أما لو قلنا بالإعادة كان خبر الواحد مبطلاً لإطلاق قَوْله تَعَالَى:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ} [المزمل: 20](المزمل: الآية 20) ، وذلك لا يجوز.
فإن قلت: ففي حديث أسامة أيضاً القول بوجوب الإعادة في الوقت فوجب الإبطال. قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103][النساء: الآية 13] .
قلت: قالوا: الإعادة فيه لنوع فساد اقتضاء خبر الواحد لا لفساد قوي، فلو قلنا بالإعادة بعد الوقت، لكنا قائلين بالفساد لتؤدي فحينئذ كنا مبطلين وجوب قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]