الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن دخل في صلاة التطوع، أو في صوم التطوع ثم أفسده قضاه
ــ
[البناية]
يصلين أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد " واستدل أصحابنا في هذا الباب بما روى الترمذي عن أشعث بن سوار عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجل مات وعليه صيام: " يطعم عنه كل يوم مسكيناً» قلت: وقال الترمذي ولا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه والصحيح عن ابن عمر أنه موقوف وضعفه عبد الحق في " أحكامه ".
حدثنا شعيب وابن أبي ليلى وقال البيهقي: لا يصح هذا الحديث قال: محمد بن أبي ليلى كثير الوهم، وروى أصحاب نافع عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قوله.
وروى أبو بكر الرازي في شرحه لمختصر الطحاوي قال حدثنا ابن نافع قال حدثنا محمد بن بشير عن محمد بن عبد الله بن سعيد المستملي عن إسحاق الأزرق عن شريك عن ابن أبي ليلى، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من مات وعليه رمضان فليطعم عنه مكان كل يوم نصف صاع لمسكين» ".
فإن قلت: روى البخاري من حديث عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من مات وعليه صوم صام عنه وليه» وروى أيضاً بإسناده إلى مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال «جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال: " نعم فدين الله أحق أن يقضى» ".
قلت: المراد من حديث عائشة رضي الله عنها الإطعام الذي يقوم مقام الصوم مجازاً، بدليل حديث ابن عمر.
وأما حديث ابن عباس ففي متنه اضطراب لأنه في رواية عطاء ومجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما «قالت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أختي ماتت» كذا في الصحيح وفي رواية الحكم عن سعيد عن ابن عباس «قالت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم إن أمي ماتت وعليها صوم نذر» كذا في الصحيح أيضاً، ولا يصح الاحتجاج به على أنا نقول إنما ذكر فيه القضاء وذلك يحصل بالإطعام فلا يراد الصيام.
فإن قلت: يرد عليكم الحج حيث يقضي عن الميت.
قلت: لا إيراد لأن كلامنا في العبادة البدنية خالصة والحج عبادة تتعلق بالبدن والمال جميعاً.
[الحكم فيمن دخل في صوم التطوع أو صلاة التطوع ثم أفسده]
م: (ومن دخل في صوم التطوع) ش: يعني شرع فيه م: (أو في صلاة التطوع) ش: أي شرع في صلاة التطوع م: (ثم أفسدها قضاه) ش: وهو قول أبي بكر رضي الله عنه وابن عباس
خلافا للشافعي رحمه الله له: أنه تبرع بالمؤدى فلا يلزمه ما لم يتبرع به.
ولنا: أن المؤدى قربة وعمل فتجب صيانته بالمضي عن الإبطال
ــ
[البناية]
رضي الله عنهما وإبراهيم النخعي والحسن البصري ومكحول وداود وإسماعيل بن علية م: (خلافا للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) ش: وبقوله قال أحمد، وقال مالك يلزمه الإتمام لكن لو أفسدها لعذر كالسفر لا يلزمه القضاء في أحد الروايتين عنه وبه قال أبو ثور م:(له) ش: أي للشافعي رحمه الله م: (أنه تبرع بالمؤدى) ش: بفتح الدال المشددة م: (فلا يلزمه ما لم يتبرع به) ش: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91] وهو محسن فيما يفعل، فلو وجب عليه القضاء يكون عليه سبيل هذا كمن أخرج درهمين، ليتصدق بهما فتصدق بأحدهما، لا يلزمه التصدق بالآخر.
م: (ولنا: أن المؤدى قربة وعمل فتجب صيانته بالمضي عن الإبطال) ش: قال الله تعالى {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] والنهي عن الإبطال يوجب الإتمام فإذا ترك الإتمام الواجب عليه يجب عليه القضاء كالنذر.
فإن قلت: إبطال العمل غير متصور لأنه قبل العمل عدم وبعده متلاش لأنه عرض وحال الموجود غير الموجود على التمام، وأيضاً الإبطال إذا طرأ على الموجود برفعه وإذا قارنه يمنعه، والمنع في الموجود لا يسمى إبطالاً.
قلت: لو لم يتصور إبطال العمل لم يرد به النهي كما في الآية المذكورة، والنهي لا يقتضي التصور لا محالة ومطلقه للتحريم والترديد المذكور غير وارد لأن البطلان في اللغة هو الذهاب والتلاشي فإذا أضيف إلى العمل لا يراد به ذهاب ذاته وتلاشيه بل يراد به فوات الفرض المتعلق [به] ، وهو الثواب هنا.
فإن قلت: روى أبو داود والترمذي والنسائي حديث أم هانئ مرفوعاً «الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر» وقال الأترازي وفي بعض الروايات «إن شئت فاقضه وإن شئت فلا» ثم قال ذلك محمول على عدم وجوب القضاء على الفور.
قلت: قوله وفي بعض الروايات إلخ ليس بمذكور في رواية المذكورين ويكفي هنا أن يقول هذا الحديث مختلف في لفظه وتكلم عليه البيهقي رضي الله عنه، وقال النسائي وفيه سماك بن حرب وقد اختلف عليه وليس هو ممن يعتمد عليه إذا انفرد في الحديث.
فإن قلت: روى البخاري عن أبي جحيفة رحمه الله قال «آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، الحديث، وفيه فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً فقال: كل فإني صائم فقال: ما أنا بآكل حتى تأكل وفيه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال عليه الصلاة والسلام: صدق
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
سلمان وجعله عليه الصلاة والسلام[....] بقوله صدق سلمان ولم يأمره بالقضاء» .
قلت: كان الفطر لعذر الضيافة وقد أمر بالقضاء في غيره من الأحاديث.
وقال الكاكي: وروي «عن عائشة رضي الله عنها وحفصة رضي الله عنها قالتا: " كنا صائمتين متطوعتين فأهدي لنا طعام فأفطرنا فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته حفصة عن ذلك فقال صلى الله عليه وسلم: اقضيا يوماً مكانه» ، ذكره في " الموطأ "، والترمذي، والنسائي انتهى.
قلت: لم أره في الترمذي، ولا النسائي وإنما رواه البزار، والطبراني في " الأوسط "، وفي إسناده حماد بن الوليد. قال فيه أبو حاتم: شيخ، وضعفه الجمهور. وفي الطبراني أيضاً، عن أبي هريرة «أهديت لعائشة وحفصة هدية، وهما صائمتان فأكلتا منها فذكرتا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال: " اقضيا يوماً مكانه ولا تعودان» ، وفي إسناده محمد بن أبي سلمة المكي ذكره العقيلي في " الضعفاء "، وقال: لا يتابع على حديثه.
وروى ابن حزم هذا الحديث، عن جرير بن حازم، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمر، عن عائشة رضي الله عنها، ثم قال: وقد صح القضاء بالإفطار في ذلك.
ويروى في " الموطأ ": من عدة طرق مرسلاً، وقال الدارقطني: فيه فرج وجرير فخالفهما حماد بن زيد، وعباد بن العوام، ويحيى بن أيوب رضي الله عنهم فرووه عن يحيى بن سعيد على وهم من وصله من العدول الثقات، وقال ابن الحصار أيضاً: هذا سند صحيح، ورجاله رجال الصحيحين، ولا يضره الإرسال، وقال أبو الفرج: لا يقبل طعن الدارقطني، إذا انفرد به لما عرف من عصبيته.
فإن قلت: أخرج مسلم «عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: " دخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل عندكم شيء؟ قالت: لا قال: إني إذا صائم " ثم أتى يوماً آخر فقلنا يا رسول الله أهدي لنا حيس فقال أرنيه فلقد أصبحت صائماً فأكل» فعلم أنه غير لازم.
قلت: زاد النسائي فيه ولكن يصوم يوماً مكانه وصحح هذه الزيادة أبو محمد بن عبد الحق.
فإن قلت: روى الدارقطني عن أم سلمة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يصبح صائماً وهو يريد الصوم فيقول أعندكم شيء فنقول لعله يصبح صائماً فيقول بلى» ، ولكن لا بأس إن أفطر ما لم يكن نذراً أو قضاء من رمضان.
قلت: في سنده محمد بن عبد الله العذري ولا يحتج به.
وإذا وجب المضي وجب القضاء بتركه. ثم عندنا لا يباح الإفطار فيه بغير عذر في إحدى الروايتين لما بينا، ويباح بعذر، والضيافة عذر لقوله صلى الله عليه وسلم «أفطر، واقض يوما مكانه»
ــ
[البناية]
فإن قلت: روى أبو أحمد من حديث جعفر بن الزبير عن القاسم، عن أبي أسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من صام تطوعاً فهو بالخيار ما بينه وبين نصف النهار» .
قلت: جعفر بن الزبير متروك، وكان رجلا صالحا ذكره القرطبي، فلو كان ثابتا لكان بيانا لصحة الشروع في الصوم؛ لأنه لا يصح شروعه بعد نصف النهار.
م: (وإذا وجب المضي وجب القضاء بتركه) ش: لأنه لو لم يلزم القضاء يلزم إبطال العمل واللازم منتف بقوله تعالى {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] ، فينتفي الملزوم، وهو عدم لزوم القضاء.
م: (ثم عندنا لا يباح الإفطار [فيه) ش: أي في الصوم وكان هذا بيان لمبنى الاختلاف وهو أن] الإفطار بعد الشروع ليس بمباح. م: (بغير عذر في إحدى الروايتين لما بينا، ويباح بعذر) ش: وذكر الكرخي رحمه الله والرازي رحمه الله: عن الأًصحاب أنه لا يباح له الفطر إلا بعذر.
م: (والضيافة عذر) ش: أي على الأظهر وفي " المبسوط " و " المجتبى " والأظهر عن أبي حنيفة رضي الله عنه أن الضيافة عذر، وهو رواية هشام عن محمد وروى الحسن عن أبي حنيفة رضي الله عنه لا تكون عذراً، وفي " المرغيناني " الصحيح من المذهب أن صاحب الدعوة إذا كان يرضى بمجرد حضوره لا يفطر ومسألة اليمين على هذا التفصيل.
وفي " المحيط ": إن حلف بطلاق امرأته يفطر في التطوع دون الفرض وهو قول أبي الليث وقال في " الدراية " واختلف المشايخ فيمن حلف بطلاق امرأته أن يطلق قال أبو الليث:
الأولى: أن يفطر وقال نصير وخلف بن أيوب لا يفطر ودعه يحنث وهذا كله قبل الزوال وبعده لا يفطر إلا إذا كان في تركه عقوق الوالدين أو أحدهما، وفي الفرض والواجب لا يفطر إلا بعذر والضيافة ليست بعذر وكذا السفر الذي أنشأه فيه وعذر فيما عداه، والمرض عذر في الأيام كلها ذكر ذلك في " الذخيرة " وروى بشر عن أبي يوسف إذا كان صائماً في ظهار أو نذر أو قضاء رمضان [لا يفطر] وإن أفطر يصوم يوماً مكانه.
م: (لقوله صلى الله عليه وسلم) ش: أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «أفطر، واقض يوما مكانه» ش: قال الأترازي: