الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك يقول: لبيك بعمرة وحجة معا، لأنه يبدأ بأفعال العمرة، فكذلك يبدأ بذكرها، وإن أخر ذلك في الدعاء، والتلبية لا بأس به، لأن الواو للجمع،
ولو نوى بقلبه ولم يذكرهما في التلبية أجزأه اعتبارا بالصلاة. فإذا دخل مكة ابتدأ فطاف بالبيت سبعة أشواط يرمل في الثلاث الأول منها، ويسعى بعدها بين الصفا والمروة، وهذه أفعال العمرة، ثم يبدأ بأفعال الحج فيطوف طواف القدوم سبعة أشواط ويسعى بعده كما بينا في المفرد، ويقدم أفعال العمرة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196](196 البقرة) والقران في معنى المتعة
ــ
[البناية]
فإن قلت: عطف الماضي على المضارع فيه خلاف، إلا إن كان عنده - سأل - بصيغه الماضي وسؤاله التيسير أن يقول: اللهم إني أريد الحج والعمرة فيسرهما لي وتقبلهما مني.
قلت م: (وكذلك يقول) ش: أي بتقديم العمرة على الحج في التلبية يقول م: (لبيك بعمرة وحجة معا، لأنه يبدأ بأفعال العمرة) ش: في التلبية، لأنه يشرع أولاً في أفعال العمرة م:(فكذلك يبدأ بذكرها) ش: أي بذكر العمرة، يقول اللهم إني أريد العمرة كما ذكرنا الآن م:(وإن أخر ذلك) ش: أي وإن أخر ذلك العمرة أولاً م: (في الدعاء) ش: بأن قال: اللهم إني أريد الحج والعمرة إلى آخره م: (والتلبية) ش: بأن قال لبيك بحجة وعمرة.
م: (لا بأس به، لأن الواو للجمع) ش: دون الترتيب، وقال الكرماني رحمه الله تقديم الحج على ذكر العمرة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال السغناقي رحمه الله في " شرح البخاري " قدم علي رضي الله عنه العمرة على الحج، وروى الترمذي رحمه الله تقديم الحج على العمرة الأول أصح من جهة الرواية، والمعنى لأن أفعالها مقدمة على أفعال الحج وفي " الينابيع " تقديم العمرة على الحج في التلبية أفضل.
[طواف وسعي القارن]
م: (ولو نوى بقلبه ولم يذكرهما في التلبية أجزأه اعتبارا بالصلاة) ش: غير واجب، ولكن ذكر باللسان أن أحوط الذكر فيهما باللسان واجب، بل يكتفي بذكرها عند التلبية غير واجب، ولكن الذكر باللسان أحوط كما في الصلاة م:(فإذا دخل) ش: أي القارن.
م: (مكة ابتدأ فطاف بالبيت سبعة أشواط يرمل في الثلاث الأول منها، ويسعى بعدها بين الصفا والمروة، وهذه أفعال العمرة، ثم يبدأ بأفعال الحج فيطوف طواف القدوم سبعة أشواط ويسعى بعده كما بينا في المفرد) ش: أي في المفرد بالحج م: (ويقدم أفعال العمرة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] (196 البقرة)) بيانه أن الله تعالى جعل الحج غاية ومنتهى إلى التمتع، فيكون المبدأ من العمرة لا محالة، فلما ثبت تقديم العمرة على الحج في التمتع، ثبت أيضاً في القران، لأن القران في معناه وهو معنى قوله م:(والقران في معنى المتعة) ش: لأن في كل منهما جمعاً بين النسكين في سفره. وفي " التحفة " إذا أفرد بالحج ثم قبل الفراغ من أفعال الحج أحرم بالعمرة يصير قارناً أيضاً لكنه أساء لترك السنة.
ولا يحلق بين العمرة والحج؛ لأن ذلك جناية على إحرام الحج، وإنما يحلق في يوم النحر كما يحلق المفرد، ويتحلل بالحلق عندنا لا بالذبح كما يتحلل المفرد، ثم هذا مذهبنا. وقال الشافعي رحمه الله: يطوف طوافا واحدا ويسعى سعيا واحدا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة»
ــ
[البناية]
م: (ولا يحلق) ش: رأسه م: (بين العمرة والحج؛ لأن ذلك جناية على إحرام الحج، وإنما يحلق في يوم النحر كما يحلق المفرد، ويتحلل بالحلق عندنا لا بالذبح كما يتحلل المفرد) ش: قال الكاكي رحمه الله: وقال الشافعي رحمه الله: يحل بالذبح لأنه روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا أحل منهما حتى أنحر» ، ولنا أنه صلى الله عليه وسلم قال في رواية:" لا أحل منهما حتى أحلق "، ولأن التحليل يحصل بالحلق كما في المفرد، وتأويل ما رواه حتى أنحر ثم أحلق بعد، انتهى.
وقال الأترازي رحمه الله: قال بعض الشارحين رحمهم الله وعند الشافعي رحمه الله يتحلل بالذبح، هذا ليس بمشهور عن الشافعي رحمه الله ويحتمل أن يكون ذلك عنه رواية والمشهور عنه أن المحلل هو الرمي انتهى.
قلت: هو لم يجز مذهب الشافعي كما جاز مذهبه حتى قال هذا القول.
م: (ثم هذا مذهبنا) ش: أي إتيان القارن بأفعال الحج والعمرة جميعاً هو مذهبنا، وبه قال جماعة من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين رحمهم الله وقد ذكرناهم عن قريب.
م: (وقال الشافعي رحمه الله: يطوف) ش: أي القارن م: (طوافا واحدا ويسعى سعيا واحدا) ش: وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله - وهو الرواية عنه، وهو قول الزهري والحسن البصري رضي الله عنهما وطاووس وسالم وابن سيرين م:(لقوله عليه الصلاة والسلام) أي لقول النبي صلى الله عليه وسلم م: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» ش: هذا الحديث أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي رحمهم الله عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم «هذه عمرة استمتعنا بها، فمن لم يكن عنده هدي فليحل كله وقد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» وقال الترمذي رحمه الله حسن ومعناه لا بأس بالعمرة في أشهر الحج. وقال أبو داود هذا حديث منكر، إنما هو قول ابن عباس رضي الله عنهما. وقال المنذري رحمه الله وفيما قاله نظر.
وقد رواه أحمد بن حنبل رحمه الله ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار وعثمان بن أبي شيبة رحمه الله عن محمد بن جعفر عن عتبة مرفوعاً، ورواه أيضاً يزيد بن هارون ومعاذ بن معاذ العنبري وأبو داود الطيالسي وعمر بن مرزوق عن شعبة مرفوعاً وتقصير من قصر من الرواة لا يؤثر فيما أثبته الحفاظ.
ولأن مبنى القران على التداخل حتى اكتفي فيه بتلبية واحدة، وسفر واحد، وحلق واحد، فكذلك في الأركان. ولنا أنه لما طاف صبي بن معبد طوافين، وسعى سعيين، قال له عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: - هديت لسنة نبيك؛ ولأن القران ضم عبادة إلى عبادة، وذلك إنما يتحقق بأداء عمل كل واحد على الكمال؛ ولأنه لا تداخل في العبادات المقصودة، والسفر للتوسل، والتلبية للتحريم، والحلق للتحلل
ــ
[البناية]
م: (ولأن مبنى القران على التداخل) ش: أوضح التداخل بقوله م: (حتى اكتفي فيه) ش: أي في القران م: (بتلبية واحدة، وسفر واحد، وحلق واحد، فكذلك في الأركان) ش: أي فكذا يكفي في الأركان وهو الطواف والسعي، حاصل المعنى كما جاء التداخل في الإحرام بالأشياء المذكورة جاء التداخل أيضاً في الطواف والسعي الذين هما من الأركان.
م: (ولنا أنه «لما طاف صبي بن معبد طوافين، وسعى سعيين، قال له عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: - هديت لسنة نبيك» ش: هذا الحديث لم يقع هكذا، فقد أخرجه أبو داود والنسائي عن منصور وابن ماجه عن الأعمش كلاهما عن بني وائل «عن صبي بن معبد الثعلبي قال: أهللت بهما معاً فقال عمر رضي الله عنه هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم» وذكر بعضهم فيه قصة، ورواه ابن حبان في " صحيحة " وأحمد وإسحاق بن راهويه وأبو داود الطيالسي وابن أبي شيبة في " مسانيدهم ".
وقال الدارقطني رحمه الله في كتاب " العلل ": وحديث الصبي بن معبد هذا حديث صحيح، وروى محمد بن الحسين في " المبسوط «أن صبي بن معبد قرن فطاف طوافين وسعى سعيين، فذكر ذلك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: هديت لسنة نبيك» . وصبي بضم الصاد المهملة وفتح الباء الموحدة الثعلبي الكوفي ذكره ابن حبان رحمه الله في التابعين الثقات.
م: (ولأن القران ضم عبادة إلى عبادة) ش: أخرى م: (وذلك) ش: أي ضم عبادة إلى عبادة م: (إنما يتحقق بأداء عمل كل واحد على الكمال) ش: ولا يكون إسقاطاً لحدهما لا قراناً م: (ولأنه لا تداخل في العبادات المقصودة) ش: بخلاف العقوبات.
فإن قلت: هذا منقوض بسجدة التلاوة، فإنها عبادة وفيها التداخل.
قلت: المراد العبادة المقصودة، والسجدة لست كذلك، ولأن التداخل لرفع الحرج على خلاف القياس فلا يقاس عليهما ولا يلحق بهما الحج، لأنه ليس في معناها، أي في وجود الحرج.
م: (والسفر للتوسل) ش: جواب عن قوله - ولسفر بهذا - وقوله م: (والتلبية للتحريم، والحلق للتحلل) ش: وقع تكراراً، لأنه ذكره فيما مضى عن قريب، وهو قوله - وبالتلبية غير
فليست هذه الأشياء بمقاصد، بخلاف الأركان، ألا ترى أن شفعي التطوع لا يتداخلان، وبتحريمة واحدة يؤديان، ومعنى ما رواه. دخل وقت العمرة في وقت الحج".
ــ
[البناية]
محصورة
…
إلى آخره. قيل ذكر هناك باعتبار الإفراد أفضل، وهاهنا باعتبار إفراد السعي فيحتاج إلى الجواب عنه بالاعتبارين، ومثله في التكرار غير منكر.
قلت: هذا شرح، والتكرار فيه يزيد وضوحاً.
م: (فليست هذه الأشياء) ش: يعني السفر والتلبية والحلق م: (بمقاصد) ش: وإنما هي وسائل، فجاز التداخل فيها، لأن السفر للتوسل إلى أداء الحج والعمرة، فيكتفى بسفر واحد، والمقصود من التلبية الإحرام، ويحصل إحرامهما بتلبية واحدة، والمقصود من الحلق التحلل، فيحصل ذلك بحلق واحد م:(بخلاف الأركان) ش: نحو الطواف والسعي، والطواف ركن، والسعي واجب، فلا يتداخلان.
وأوضح ذلك بقوله م: (ألا ترى أن شفعي التطوع لا يتداخلان، وبتحريمة واحدة يؤديان) ش: لما أن التحريمة غير مقصودة، فيجزئ التداخل فيه م:(ومعنى ما رواه) ش: هذا جواب عن الحديث الذي احتج به الشافعي رحمه الله أي معنى الحديث الذي رواه الشافعي رضي الله عنه م: (دخل وقت العمرة في وقت الحج) ش: بطريق حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، ويجوز ذلك عند عدم القياس.
كما في قَوْله تَعَالَى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82][يوسف: الآية 82] ، أي اسأل أهلها، وإنما قدر ذلك لأن حقيقة العمرة لا يمكن دخولها في حقيقة الحج، لأن الفرض لا يمكن أن يكون طرفاً لشيء آخر، فتعين المجاز بأن يراد اتحاد الوقت مجازاً، فيكون المعنى يجوز أداء العمرة في أشهر الحج، وذلك لنفي قول أهل الجاهلية أن العمرة لا يجوز أداؤها في أشهر الحج، لا لبيان أن القارن يأتي بطواف واحد وسعي واحد.
فإن قلت: روى الدارقطني عن ابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد الخدري «أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما بالبيت طوافاً واحداً وبالصفا والمروة طوافاً واحداً» .
قلت: قال ابن الجوزي رضي الله عنه: ابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمه الله هو ضعيف، وقال في " التنقيح ": وعطية أضعف منه، وقيل: ولئن سلمنا صحته فمعناه طاف لهما على صفة واحدة بدليل ما روي عن صبي بن معبد وغيره. وأخرج
قال: فإن طاف طوافين لعمرته، وحجته، وسعى سعيين يجزئه؛ لأنه أتى بما هو المستحق عليه، وقد أساء بتأخير سعي العمرة، وتقديم طواف التحية عليه، ولا يلزمه شيء. أما عندهما فظاهر؛ لأن التقديم والتأخير في المناسك لا يوجب الدم عندهما. وعنده طواف التحية سنة، وتركه لا يوجب الدم، فتقديمه أولى. والسعي
ــ
[البناية]
النسائي رحمه الله في " سننه الكبرى " في مسند علي رضي الله عنه عن حماد بن عبد الرحمن الأنصاري «عن إبراهيم بن محمد رحمه الله قال: طفت مع أبي وقد جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين وحدثني أن عليا رضي الله عنه فعل ذلك، وحدثني أن رسول الله فعل ذلك» .
م: (فإن طاف طوافين) ش: وفي بعض النسخ قال: فإن طاف طوافين أي قال محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " عن يعقوب عن أبي حنيفة رضي الله عنه في القارن فإن طاف طوافين م: (لعمرته وحجته وسعى سعيين يجزئه) ش: قال الأترازي رحمه الله: لو قال صاحب " الهداية " في قوله وسعى بلفظ أو بحرف الفاء لكان أولى، لأن صورة المسألة السعيان بعد الطوافين ولا يفهم ذلك من حرف الواو، ولهذا ذكر محمد رضي الله عنه في " الجامع الصغير " بلفظ ثم حيث قال محمد رحمه الله عن يعقوب عن أبي حنيفة رحمه الله في القارن يطوف طوافين لعمرته ولحجته ثم يسعى سعيين قال: يجزئه وقد أساء، انتهى.
قلت تقديم لفظ - طاف طوافين يشعر أن الطواف كان قبل السعي، وإن كانت الواو للجمع، على أن بعضهم ذكر أنها تجيء للترتيب أيضا وإن كان غير مشهور.
م: (لأنه أتى بما هو المستحق عليه) ش: وهو الطوافان وسعيان م: (وقد أساء بتأخير سعي العمرة، وتقديم طواف التحية عليه) ش: هاهنا مناقشات، الأولى: مع المصنف حيث قال طواف التحية يعني طواف القدوم لأن الظاهر من كلام محمد رحمه الله أن المراد أحد الطوافين، طواف العمرة والآخر طواف الزيارة لا طواف القدوم، ولهذا قال: في جواب المسألة تجزئه. ولمحمد ابن عبادة رحمه الله عما يكون كافياً في الخروج عن عهدة الفرض ولا يحصل الأجر بإتيان السنة وترك الفرض. المناقشة الثانية: مع محمد رضي الله عنه في هذه المسألة كان ينبغي أن يجزئه، لأنه ترك الترتيب المشروع فيبطل، كما إذا قدم السعي على الطواف م:(ولا يلزمه شيء) ش: أي دم.
م: (أما عندهما) ش: أي عند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - م: (فظاهر) ش: يعني عدم اللزوم ظاهر م: (لأن التقديم والتأخير في المناسك لا يوجب الدم عندهما وعنده) ش: أي وعند أبي حنيفة رحمه الله م: (طواف التحية سنة، وتركه لا يوجب الدم، فتقديمه أولى. والسعي