الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وينبغي للإمام أن يقف بعرفات على راحلته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على ناقته، وإن وقف على قدميه جاز، والأول أفضل لما بينا. وينبغي أن يقف مستقبل القبلة) لأن النبي عليه الصلاة والسلام وقف كذلك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«خير المواقف ما استقبلت به القبلة»
ــ
[البناية]
النسائي أنه متروك.
ومحسر بكسر السين المهملة المشددة، هو بين مكة وعرفات عن يسار الموقف، وقيل رأى النبي صلى الله عليه وسلم الشيطان في بطن عرنة، فنهى عن الوقوف فيه، فكان هذا نظير النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة الثلاث. وقال بعضهم كانوا ينكرون وينزلون منزلين عن الناس في بطن عرنة وبطن محسر.
[آداب وسنن الوقوف بعرفة]
م: (قال: وينبغي للإمام أن يقف بعرفة على راحلته) ش: وهي من الإبل والبعير القوي على الأٍسفار والأحمال، الذكر والأنثى فيه سواء والهاء فيه للمبالغة وهي التي يختارها الرجل لمركبه ورحله على النجابة وتمام الخلق وحسن المنظر، فإذا كان في جماعة الإبل عرفت م:(لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على ناقته) ش: هذا من حديث جابر رضي الله عنه «ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخيرات، وجعل خيل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة» .. الحديث.
يقال ناقة قصوءا إذا قطع طرف أذنها، ولا يقال جمل أقصى، إنما يقال جمل قصوى على خلاف القياس، وقال ابن دريد في " الجمهرة " القصواء اسم ناقة النبي صلى الله عليه وسلم.
م: (وإن وقف) ش: أي الإمام م: (على قدميه جاز) ش: لحصول المقصود م: (والأول أفضل) ش: أي للوقوف على الراحلة أفضل م: (لما بينا) ش: أشار به إلى قوله - لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على ناقته - م: (وينبغي أن يقف مستقبل القبلة لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف كذلك) ش: هذا أيضاً في حديث جابر الطويل.
م: (وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «خير المواقف ما استقبلت» ش: هذا حديث غريب بهذا اللفظ، وأخرج الحاكم في " مستدركه " عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن لكل شيء شرفاً، وإن أشرف المجالس ما استقبل» م: (به القبلة) ش: الحديث بطوله وسكت عنه الحاكم وفي سنده هشام بن زياد قال الذهبي في " مختصره " هو متروك، وروى أبو يعلى الموصلي في " مسنده " والطبراني في " معجمه الأوسط " من حديث حمزة بن أبي حمزة النصيبي
ويدعو، ويعلم الناس المناسك، لما روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو يوم عرفة مادا يديه، كالمستطعم المسكين» ويدعو بما شاء، وإن وردت الآثار ببعض الدعوات، وقد أوردنا تفاصيلها في كتابنا المترجم " بعدة الناسك في عدة من المناسك " بتوفيق الله تعالى.
ــ
[البناية]
عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكرم المجالس ما استقبل به القبلة» ، ورواه ابن عدي في " الكامل "، وأعله بحمزة النصيبي، وقال إنه يقف الحديث. ورواه أبو نعيم الأصبهاني في " تاريخ أصبهان " في باب العين المهملة من حديث ابن الصلت عن ابن شهاب عن نافع مرفوعاً «خير المجالس ما استقبل به القبلة» .
م: (ويدعو) ش: وهو بالنصب عطف على قوله - أن يقف - أي يدعو الإمام م: (ويعلم الناس المناسك) ش: بنصب يعلم أيضاً عطفا على المنصوب الذي قبله م: (لما روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو يوم عرفة مادا يديه، كالمستطعم المسكين» ش: هذا الحديث رواه البيهقي في " سننه «عن ابن عباس رضي الله عنهما رأيته صلى الله عليه وسلم يدعو بعرفة مادا يديه كالمستطعم المسكين» ورواه البزار في " مسنده " عن ابن عباس رضي الله عنهما عن «الفضل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفاً بعرفة ماداً يديه كالمستطعم، أو كلمة نحو المستطعم» وفي تقديم المستطعم الذي هو صفة فائدة، وفي المبالغة في تحقق المد، فإن الشبهة حينئذ إنما تحصل بحالة الاستطعام، وهي حال الاحتياج.
م: (ويدعو بما شاء) ش: من الأدعية بحسب ما تيسر له ويكثر من الدعاء في هذا اليوم إلى أن تغرب الشمس ويلبي ساعة فساعة في أثناء الدعاء ويدعو الله بحاجته الدينية والدنيوية فإنه مستجاب غير مردود ويجتهد أن تقطر من عينه قطرات من الدمع، فإنه دليل القبول والإجابة، ويدعو لأبويه ولأهله ولإخوانه ولأصحابه ومعارفه وجيرانه، ويلح في الدعاء مع قوة الرجاء للإجابة ولا يقتصر فيه. م:(وإن وردت الآثار ببعض الدعوات) ش: كلمة إن واصلة بما قبلها، ذلك لأن كل الناس ما يقدرون على حفظ الدعوات، وهذا الدعاء مبناه على اليسير، ومن الأدعية المأثورة في هذا اليوم ما رواه الترمذي في " جامعه " مسندا إلى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«خير الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» م: (وقد أوردنا تفاصيلها) ش: أي تفاصيل الدعوات م: (في كتابنا المترجم) ش: أي المسمى م: (بعدة الناسك) ش: بضم العين، الناسك السلاح م:(في عدة) ش: بكسر العين من العدد م: (المناسك بتوفيق الله عز وجل ش: بين العدة والعدة وبين الناسك والمناسك جناس.
قال: وينبغي للناس أن يقفوا بقرب الإمام؛ لأنه يدعو، ويعلم، فيعوا، ويسمعوا، وينبغي أن يقف الحاج وراء الإمام ليكون مستقبل القبلة، وهذا بيان الأفضلية لأن عرفة كلها موقف على ما ذكرنا. قال: ويستحب أن يغتسل قبل الوقوف بعرفة ويجتهد في الدعاء. أما الاغتسال فهو سنة، وليس بواجب، ولو اكتفى بالوضوء جاز كما في الجمعة والعيدين، وعند الإحرام. وأما الاجتهاد فلأنه صلى الله عليه وسلم اجتهد في الدعاء في هذا الموقف لأمته فاستجيب له إلا في الدماء والمظالم
ــ
[البناية]
م: (قال: وينبغي للناس أن يقفوا بقرب الإمام؛ لأنه يدعو، ويعلم، فيعوا) ش: أي فيحفظوا من الوعي، أصله يوعيوا، حذفت الواو لوقوعها بين الياء والكسرة، واستثقلت الضمة على الياء، فحذفت بعد سلب حركتها إلى ما قبلها م:(ويسمعوا) ش: حذفت النون منه ومن قوله - فيعوا - علامة للنصب، لأنهما معطوفان على قوله - أن يقفوا - الذي سقط منه النون لأجل الناصب.
م: (وينبغي أن يقف وراء الإمام ليكون مستقبل القبلة) ش: لأن وجه الإمام إلى القبلة، فشكل من يقف وراءه أن يكون مستقبل القبلة م:(وهذا) ش: أي وقوف الحاج وراء الإمام م: (بيان الأفضلية لأن عرفة كلها موقف) ش: ففي أي موضع من عرفة وقف جاز م: (على ما ذكرنا) ش: أشار به إلى قوله صلى الله عليه وسلم عرفة كلها موقف إلى آخره.
م: (قال: ويستحب أن يغتسل قبل الوقوف ويجتهد في الدعاء. أما الاغتسال فإنه سنة، وليس بواجب) ش: إنما قال أولاً ويستحب أن يغتسل، ثم قال أما الاغتسال فهو سنة، لأنه في صدد الشرح لكلام القدوري، فإنه قال يستحب أن يغتسل فنقله ثم قال: إنه سنة وكل سنة مستحبة من غير عكس، وقيد بقوله - وليس بواجب - لدفع وهم من يتوهم أن الاغتسال سنة مؤكدة، وهي كالواجب في القوة، وما رأيت أحداً من الشراح نبه لمثل هذا الدعاء.
م: (ولو اكتفى بالوضوء جاز كما في الجمعة والعيدين، وعند الإحرام. وأما الاجتهاد فلأنه صلى الله عليه وسلم) ش: أي ولأن النبي صلى الله عليه وسلم م: (اجتهد في الدعاء في هذا الموقف لأمته فاستجيب له إلا في الدماء والمظالم) ش: هذا أخرجه ابن ماجه في " سننه " عن عبد القاهر بن السري عن عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس عن أبيه كنانة عن أبيه عباس بن مرداس «أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة، فأجيب أني قد غفرت لهم ما خلا المظالم، فإني آخذ للمظالم، قال رب إن شئت أعطيت المظلوم الجنة وغفرت للظالم، فلم يجبه، عشيته، فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء، فأجيب بما سأل، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قال فتبسم فقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما بأبي أنت وأمي إن هذه ساعة ما كنت تضحك فيها، فما الذي أضحكك أضحك الله سنك، قال: " إن عدو الله إبليس لما علم أن الله قد استجاب دعائي وغفر لأمتي أخذ التراب فجعل يحثو على رأسه ويدعو بالويل والثبور فأضحكني ما رأيت من جزعه» .
ويلبي في موقفه ساعة بعد ساعة
ــ
[البناية]
ورواه الطبراني في " معجمه " عن ابن أحمد بن حنبل في مسند أبيه وأبي يعلى الموصلي في " مسنده "، ورواه ابن عدي في " الكامل " وأعله بكنانة، وأسند عن البخاري أنه قال: كنانة روى عنه ابنه أنه لم يصح، وقال ابن حبان في كتاب " الضعفاء " كنانة بن العباس بن مرداس السلمي يروي عن أبيه، وروي عنه أنه منكر الحديث جدا، ولا أدري التخليط في حديثه منه أو من أبيه أو من أيهما كان فهو ساقط الاحتجاج بما روى، وذلك لعظم ما أتى من المناكير عن المشاهير.
وروى ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق الطبراني حدثنا إسحاق بن إبراهيم المدبري حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عمن سمع عن قتادة يقول: حدثنا خلاس بن عمرو عن عبادة بن الصامت رضي الله عنهم قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة: " أيها الناس إن الله تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لكم إلا التبعات فيما بينكم، ووهب مسيئكم لمحسنكم، وأعطى لمحسنكم ما سأل فارفعوا بسم الله، وإبليس وجنوده واقف على جبال عرفات ينظرون ما يصنع الله بهم، فإذا نزلت المغفرة دعا هو وجنوده بالويل والثبور» ثم قال هذا حديث لا يصح، والراوي عن قتادة مجهول.
وخلاس ليس بشيء، قال أيوب لا يروى عنه فإنه ضعيف، قوله - إلا في الدماء - جمع دم، والمظالم جمع ملظمة وهو الظلم المتعلق بحق العباد بها، أما في حق الدم الذي وجب قصاصاً فلعجز صاحبه عن الاستغفار. وأما في حق المظالم التي وجبت لبعضهم على بعض فلعجز صاحبه عن الانتصاب وقيل توقف دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة في الدماء والمظالم إلى المزدلفة فاستجيب له فيها في الدماء والمظالم أيضا.
وفي الروحي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تطول على أهل عرفة فباهى بأهل عرفة يوم عرفة فيقول انظروا يا ملائكتي أي انظروا إلى عبادي شعثاً غبراً أقبلوا يضربون إلي من كل فج عميق فاشهدوا أني قد غفرت لهم إلا التبعات التي بينهم "، قال ثم إن القوم أفاضوا من عرفات إلى جمع قال يا ملائكتي انظروا إلى عبادي وقفوا وعادوا في الطلب والرغبة والمسألة اشهدوا أني قد وهبت مسيئهم لمحسنهم وتحملت عنهم التبعات التي بينهم» رواه أبو ذر عن ابن أحمد الهروي في " منسكه ".
م: (ويلبي في موقفه ساعة بعد ساعة) ش: قال الأكمل يعني يستديم ذلك إلى أن يرمي أول
وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يقطع التلبية كما يقف بعرفة لأن الإجابة باللسان قبل الاشتغال بالأركان. ولنا: ما روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم ما زال يلبي حتى رمى جمرة العقبة؛» ولأن التلبية فيه كالتكبير في الصلاة فيأتي بها إلى آخر جزء من الإحرام.
ــ
[البناية]
حصاة من العقبة.
قلت: ليس المراد أن يستمر على التلبية وحدها، بل يلبي ويكبر ويهلل، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وتكون التلبية في أثناء ذلك من غير انقطاع، وذلك لأن التلبية في الإحرام كالتكبير في الصلاة، ولهذا يؤتى في الانتقالات واختلاف الأحوال، كما في التكبير في الصلاة كما يتخلل بين التكبيرات في الصلاة بأشياء، فكذلك ينبغي أن يتخلل بين التلبية بالتكبير والتهليل والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيؤتى بالتلبية إلى آخر جزء من الإحرام، وروى الفضل بن عباس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة» متفق عليه.
م: (وقال مالك: يقطع التلبية كما يقف بعرفة؛ لأن الإجابة باللسان قبل الاشتغال بالأركان) ش: مبنى هذا الكلام أن التلبية إجابة اللسان، والإجابة باللسان قبل الاشتغال بالأركان كتكبيرة الافتتاح في الصلاة.
م: (ولنا: ما روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم ما زال يلبي حتى رمى جمرة العقبة» ش: هذا الحديث أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن الفضل بن عباس وقد ذكرناه الآن، وهو قول ابن مسعود وابن عباس وعطاء وطاووس والنخعي وابن أبي ليلى والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وقالوا يلبي حتى يرمي جمرة العقبة، ويقطعها مع أول حصاة يرميها.
وعند أحمد وإسحاق والظاهرية يقطعها إذا رمى الحصيات السبع بأسرها. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يقطعها إذا زاغت الشمس من يوم عرفة.
م: (ولأن التلبية فيه) ش: أي في الحج م: (كالتكبير في الصلاة فيأتي بها) ش: أي بالتلبية م: (إلى آخر جزء من الإحرام) ش: وهو يكون عند رمي جمرة العقبة، وكان القياس أن تكون التلبية إلى آخر الحج، إلا أن القياس ترك فيما بعد الرمي بعد الإجماع، فبقي ما رواءه على أصل القياس، والقارن مثل المفرد بالحج في قطعه التلبية.
وقال الكرخي: يقطع التلبية في أول حصاة في حجه الفاسد، وأما المحرم بالعمرة فإنه يقطع التلبية حين يستلم الحجر الأسود عندنا، وعند مالك رحمه الله إذا رأى البيت. وعند محمد رحمه الله والذي يفوته الحج يتحلل بعمرة ويقطع التلبية حين يأخذ في الطواف الذي يتحلل به، ويقطع المحصر التلبية إذا ذبح هديه، لأنه أبيح له التحلل.