الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بخلاف ما إذا فاته الحج حيث لا يضمن النفقة لأنه ما فاته باختياره. أما إذا جامع بعد الوقوف لا يفسد حجه ولا يضمن النفقة لحصول مقصود الآمر. وعليه الدم في ماله لما بينا، وكذلك سائر دماء الكفارات على الحاج لما قلنا.
ومن أوصى بأن يحج عنه فأحجوا عنه رجلا، فلما بلغ الكوفة مات
أو سرقت نفقته وقد أنفق النصف
ــ
[البناية]
رحمه الله ثم عليه المضي في هذه الحجة الفاسدة؛ لأنه لا يخرج عن إحرام الحج إلا بأفعال الحج لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196](البقرة: الآية 196)، من غير فصل بين الجائز والفاسد وعليه الحج من قابل وليسقط الحج عن الميت حتى يحج المأمور في السنة الثانية على وجه الصحة قضاء للأول وللشافعي رحمه الله في قضاء الحج في السنة الثانية قولان:
أحدهما: أنه عليه الآمر. وأصحهما: أنه عن الأجير، فعلى هذا يلزمه حجة أخرى سوى القضاء للمستأجر، فيقضي عن نفسه ثم يحج عن المستأجر، ويلبث من حج عنه كذا في " شرح الوجيز ".
م: (بخلاف ما إذا فاته الحج حيث لا يضمن النفقة لأنه ما فاته باختياره. أما إذا جامع بعد الوقوف لا يفسد حجه ولا يضمن النفقة لحصول مقصود الآمر. وعليه) ش: أي على المأمور. م: (الدم في ماله لما بينا) ش: وهو قوله لأنه دم جناية. م: (وكذلك) ش: أي وكذلك وجوب الدم في. م: (سائر دماء الكفارات على الحاج لما قلنا) ش: وهو أنه دم جناية ومن هذا علم أن الدماء ثلاثة أنواع: دم نسك كالقران والتمتع، ودم جناية كجزاء الصيد ونحوه، ودم مؤنة كدم الإحصار.
[الوصية بالحج]
م: (ومن أوصى بأن يحج عنه) ش: وفي بعض النسخ قال: ومن أوصى، أي قال محمد رحمه الله في " الجامع الصغير " الوصية فيه خلاف، قال ابن المنذر رحمه الله في " الأشراف ". قال محمد بن سيرين وحماد بن أبي سليمان، وداود بن أبي هند، وحميد الطويل، وعثمان البتي، ومالك، وأبو ثور رحمهم الله: يحج عن الميت من ثلث ماله إذا أوصى.
قلت: وهو قول أصحابنا رضي الله عنهم وهو قول ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهما ويكون من ماله إذا كان ثلثه يكفي. وقال الحسن البصري رحمه الله وعطاء رحمه الله وطاوس رحمه الله والزهري رحمه الله والشافعي رحمه الله وإسحاق رحمه الله وأحمد رحمه الله يخرج من رأس ماله من غير وصية.
لكن الشافعي رحمه الله قال: من ميقاته، وقال أحمد: من بلده أو من حيث أيسر هذا في الحج الفرض، وقال النخعي رحمه الله وابن أبي ذئب رحمه الله: لا يحج أحد عن أحد ذكره النووي رحمه الله. م: (فأحجوا عنه رجلا، فلما بلغ الكوفة مات) ش: إنما قال: بلغ الكوفة؛ لأن محمدًا وضع المسألة في الخراساني.
م: (أو سرقت نفقته وقد أنفق النصف) ش: الواو فيه للحال وقيد النصف اتفاقي، حتى لو أنفق
يحج عن الميت من منزله بثلث ما بقي. وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: يحج عنه من حيث مات الأول.
فالكلام هاهنا في اعتبار الثلث، وفي مكان الحج. أما الأول فالمذكور قول أبي حنيفة رحمه الله. أما عند محمد رحمه الله: يحج عنه بما بقي من المال المدفوع إليه إن بقي شيء وإلا بطلت الوصية اعتبارا بتعيين الموصي؛ إذ تعيين الوصي كتعيينه. وعند أبي يوسف رحمه الله: يحج عنه بما بقي من الثلث الأول؛ لأنه هو المحل لنفاذ الوصية. ولأبي حنيفة رحمه الله أن قسمة
ــ
[البناية]
الثلث أو السدس فالحكم كذلك. م: (يحج عن الميت من منزله بثلث ما بقي) ش: من المال الذي بقي. م: (وهذا) ش: أي هذا المذكور. م: (عند أبي حنيفة رضي الله عنه. وقالا: يحج عنه من حيث مات الأول) ش: وهو الذي أحجوا عنه.
صورة المسألة رجل له أربعة آلاف درهم، أوصى بأن يحج عنه فمات، وكان مقدار الحج ألف درهم، فدفعها الوصي إلى من يحج عنه فتوفي في الطريق، قال أبو حنيفة رحمه الله: يؤخذ ثلث ما بقي من التركة، وهو ألف درهم، فإن سرقت ثانيًا، يؤخذ ثلثه مرة أخرى هكذا.
وقال أبو يوسف رحمه الله: يؤخذ ثلث ما بقي من ثلث جميع المال وهو ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث درهم. فإن سرقت ثانيًا لا يؤخذ مرة أخرى.
وقال محمد رحمه الله: إذا سرقت الألف التي دفعها أولا بطلت الوصية، فإن بقي منها شيء يحج به لا غير؛ لأن تعيين الوصي كتعيين الموصي لكونه نائبًا عنه ولو أفردها الموصي ثم هلكت، بطلت الوصية فكذلك هذا، ولأبي يوسف رحمه الله أن الوصية فعل يعادها بثلث الثلث.
ولأبي حنيفة رحمه الله أن قسمة الوصي وعزله لا يصح إلا بالتسليم إلى الوجه الذي سماه الموصي؛ لأنه لا خصم له لينقبض ولم يوجد التسليم إلى ذلك الوجه فصار كما إذا هلك قبل الإفراز والعزل، وفي ذلك يحج من ثلث ما بقي فكذا في هذا.
م: (فالكلام هاهنا) ش: في موضعين أحدهما. م: (في اعتبار الثلث) ش: والأخرى. م: (وفي مكان الحج) ش: ففي كل منهما اختلاف. م: (أما الأول) ش: أي الموضع الأول، وهو الذي فيه الوصية بالثلث. م:(فالمذكور) ش: وفيما قيل. م: (قول أبي حنيفة رحمه الله. أما عند محمد رحمه الله: يحج عنه بما بقي من المال المدفوع إليه إن بقي شيء وإلا بطلت الوصية اعتبارا بتعيين الموصي؛ إذ تعيين الوصي كتعيينه) ش: أي كتعيين الوصي لأنه قام مقامه.
م: (وعند أبي يوسف رحمه الله: يحج عنه بما بقي من الثلث الأول) ش: مع ما بقي من المال المفرد. م: (لأنه) ش: أي لأن الثلث. م: (هو المحل لنفاذ الوصية. ولأبي حنيفة رحمه الله أن قسمة
الوصي وعزله المال لا يصح إلا بالتسليم إلى الوجه الذي سماه الموصي؛ لأنه لا خصم له ليقبض، ولم يوجد التسليم إلى ذلك الوجه فصار كما إذا هلك قبل الإفراز والعزل، فيحج بثلث ما بقي.
وأما الثاني فوجه قول أبي حنيفة رحمه الله وهو القياس، أن القدر الموجود من السفر قد بطل في حق أحكام الدنيا، قال عليه الصلاة والسلام:«إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث» الحديث، وتنفيذ الوصية من أحكام الدنيا
ــ
[البناية]
الوصي، وعزله المال، لا يصح إلا بالتسليم إلى الوجه الذي سماه الموصي) ش: وهو الحج. م: (لأنه لا خصم له ليقبض، ولم يوجد التسليم إلى ذلك الوجه فصار كما إذا هلك قبل الإفراز والعزل، فيحج بثلث ما بقي) ش: وفي ذلك يحج من ثلث ما بقي فكذلك في هذا.
م: (وأما الثاني) ش: أي وأما الكلام في الثاني وهو مكان الحج. م: (فوجه قول أبي حنيفة رحمه الله وهو القياس، أن القدر الموجود من السفر قد بطل في حق أحكام الدنيا) ش: استدل أبو حنيفة رحمه الله بقوله. م: (قال صلى الله عليه وسلم) ش: أي قال النبي صلى الله عليه وسلم. م: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث
…
» الحديث) ش: هذا الحديث رواه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي رحمهم الله من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له» قوله الحديث يجوز بالنصب على تقدير إقرار الحديث بتمامه، ويجوز بالرفع أي الحديث بتمامه قوله عمله أراد عملًا ودخل فيه ولا يتمه، وإذا بطل عمله في أحكام الدنيا.
م: (وتنفيذ الوصية من أحكام الدنيا) ش: وجب الاستئناف. ألا ترى أنه لو أحرم ثم مات ينقطع ذلك الإحرام حتى لا شيء عليه عندنا وعند الشافعي رحمه الله في قول شيء عليه.
واعترض عليه بأن الحديث الذي استدل به أبو حنيفة رحمه الله ظاهره متروك؛ لأنه يقتضي أن يكون غير هذه الثلاثة من الأعمال منقطعًا، وليس كذلك؛ لأنه يثاب عليها، وما هو كذلك لا يكون منقطعًا.
أجيب: بأن الأعمال كلها على ثلاثة أنواع، أعمال عملها فمضت، وأعمال لم يشرع فيها فهي معدومة، وأعمال شرع فيها ولم يتمها. والطرفان لا يوصفان بالانقطاع.
أما الأول: فلأن الماضي لا يتحمل الانقطاع، لكن يحتمل البطلان بما يحبط ثوابه. نعوذ بالله من ذلك.
وكذلك الثاني؛ لأنه غير موجود وهذا لأن الانقطاع عبارة عن تفرق أجزائه والماضي بجميع أجزائه لا يتصور ذلك. وكذلك الذي لم يوجد بجميع أجزائه، فتعيين الذي شرع ولم يتمه تنفذ الوصية من أحكام الدنيا وهو ليس من الثلاث.
فبقيت الوصية من وطنه كأن لم يوجد الخروج. وجه قولهما وهو الاستحسان أن سفره لم يبطل؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: 100] الآية (النساء: الآية 100) وقال عليه الصلاة والسلام: «من مات في طريق الحج، كتب له حجة مبرورة في كل سنة» .
وإذا لم يبطل سفره اعتبرت الوصية من ذلك المكان. وأصل الاختلاف في الذي يحج بنفسه، وينبني على ذلك المأمور بالحج. قال: ومن أهل بحجة عن أبويه يجزئه أن يجعله عن أحدهما. لأن من حج عن غيره بغير إذنه فإنما يجعل ثواب حجه له، وذلك بعد أداء الحج فلغت نيته قبل أدائه
ــ
[البناية]
م: (فبقيت الوصية من وطنه كأن لم يوجد الخروج. وجه قولهما) ش: أي قول أبي يوسف رحمه الله ومحمد رحمه الله. إنما أخر تعليلهما وقدم تعليل أبي يوسف، وكان يقتضي الحال العكس، يشير بذلك إلى أنه اختار قولهما استحسانًا.
والمأخوذ في الثلث استحسانًا، ولهذا ذكر القياس أولًا، ثم قال: وهو الاستحسان أي قولهما. م: (وهو الاستحسان أن سفره لم يبطل؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: 100] (النساء: الآية 100)) ش: الكلام في إعراب الآية مثل الكلام في قوله الحديث. م: (وقال صلى الله عليه وسلم: «من مات في طريق الحج، كتب له حجة مبرورة في كل سنة» ش: هذا الحديث بهذا اللفظ غريب. وروى الطبراني رحمه الله في " الأوسط " وأبو يعلى الموصلي رحمه الله في " مسنده " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خرج حاجًا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة. ومن خرج معتمرًا فمات، كتب له أجر العمرة إلى يوم القيامة. ومن خرج غازيًا في سبيل الله فمات، كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة» .
م: (وإذا لم يبطل سفره) ش: أي عمله. م: (اعتبرت الوصية من ذلك المكان) ش: لأن الثواب لم يبطل. م: (وأصل الاختلاف) ش: المذكور. م: (في الذي يحج بنفسه) ش: فمات في الطريق وأوصى بأن يحج عنه، فعند أبي حنيفة يحج من وطنه وعندهما من حيث مات فيه. م:(وينبني على ذلك) ش: أي ذلك الاختلاف. م: (المأمور بالحج) ش: إذا مات في بعض الطريق، فعنده يحج من وطنه وعندهما من موضع مات فيه. م:(قال: ومن أهل بحجة عن أبويه يجزئه أن يجعله عن أحدهما) ش: وذلك لأنه يجعل الثواب لأحدهما، وإنما يحصل الثواب بعد الأداء فنفلوا ميتة عنها قبل الأداء.
فبعد ذلك، إذا جعل ثواب حجته لأحدهما جاز. م:(لأن من حج عن غيره بغير إذنه فإنما يجعل ثواب حجه له، وذلك) ش: أي جعل ثواب حجه له. م: (بعد أداء الحج فلغت نيته قبل أدائه) ش: لعدم