الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب مجاوزة الوقت بغير إحرام وإذا أتى الكوفي بستان بني عامر فأحرم بعمرة
ــ
[البناية]
[باب مجاوزة الميقات بغير إحرام]
م: (باب مجاوزة الوقت بغير إحرام) ش: أي: هذا باب في بيان حكم من جاوز الميقات بغير إحرام، ولما فرغ من بيان حكم الجناية الواقعة بعد الإحرام شرع في باب الجناية الواقعية قبل الإحرام، فاشتركا في معنى الجناية، لكن لما كانت الجناية بعد الإحرام على الكمال قدم بيانها على هذا الباب، والمجاوزة من باب المفاعلة التي تكون بين الاثنين، ولكنها بمعنى الجواز كما في قوله تبارك وتعالى:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133](آل عمران: الآية 133) بمعنى أسرعوا الوقت، قال في " الجمهرة ": الوقت معروف اسم واقع على الساعة في الزمان والحين، فعلى هذا يكون استعمال الوقت في معنى المكان مجازًا كما استعمل المكان في معنى الزمان مجازًا في قَوْله تَعَالَى:{هُنَالِكَ دَعَا} [آل عمران: 38](آل عمران: الآية 38) .
وقال الجوهري: الوقت معروف، والميقات الوقت المضروب للفعل والموضع، يقال: هذا ميقات أهل الشام للموضع الذي يحرمون منه فعلى هذا يكون إطلاق الميقات على مكان الإحرام حقيقة لاستعمال أهل اللغة الميقات في معنى المكان. قال الأترازي رحمه الله: ولا يخلو من تأمل، وقال الأكمل ناقلًا عن غيره:
فإن قيل: كان الواجب أن لا يجب على من جاوز الميقات بغير إحرام شيء؛ لأن المحرم للأشياء الموجبة للكفارة هو الإحرام، والإحرام غير موجود في ذلك الوقت.
فالجواب: أن من جاوز الميقات بغير إحرام ارتكب المنهي عنه، وتمكن به في حجه نقصان، ونقصانه يجبر بالدم إلا إذا تدارك ذلك في أوانه بالرجوع إلى الميقات ملبيًا قبل أن يطوف، انتهى.
قلت: مذهب الحسن البصري، والنخعي، أن الإحرام من الميقات غير واجب، فلا يجب عليه شيء إذا جاوز الميقات بغير إحرام.
وفي " المبسوط ": ولو جاوزه وأحرم انعقد إحرامه إلا عند سعيد بن جبير فإنه قال: لا ينعقد إحرامه، فإن رجع إلى الميقات قبل التلبس بأفعال الحج بالإحرام سقط عنه الدم عند أكثر العلماء.
[الحكم لو جاوز الكوفي ذات عرق بلا إحرام]
م: (وإذا أتى الكوفي) ش: أي الرجل من أهل الكوفة. م: (بستان بني عامر) ش: هو موضع قريب من مكة داخل الميقات خارج الحرم. م: (فأحرم بعمرة) ش: يعني المسألة ما إذا جاوز ذات عرق بلا إحرام، ودخل البستان، وكان من نيته الحج أو العمرة؛ لأنه لو لم يكن من ذلك، ولم يرد دخول مكة في أوان الميقات ثم أنشأ الإحرام لم يجب عليه شيء لحرمة الوقت، وذات عرق
فإن رجع إلى ذات عرق ولبى بطل عنه دم الوقت، وإن رجع إليه ولم يلب حتى دخل مكة وطاف لعمرته فعليه دم، وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله، وقالا: إن رجع إليه محرما فليس عليه شيء لبى أو لم يلب. وقال زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لا يسقط لبى أو لم يلب؛ لأن جنايته لم ترتفع بالعود، وصار حكمه كما إذا أفاض من عرفات ثم عاد إليه بعد الغروب. ولنا أنه تدارك المتروك في أوانه، وذلك قبل الشروع في الأفعال فيسقط الدم، بخلاف الإفاضة؛ لأنه لم يتدارك المتروك على ما مر. غير أن التدارك عندهما بعوده محرما؛ لأنه أظهر حق الميقات كما إذا مر به محرما ساكنا.
ــ
[البناية]
ميقات أهل العراق، وقال القرطبي: ذات عرق عليه، أو عصية بينهما وبين مكة يومان، وبعض يوم.
م: (فإن رجع) ش: أي محرمًا قيدنا به؛ لأنه إذا رجع قبل الإحرام، وأحرم من الميقات لا شيء عليه عندنا، وعند الشافعي. م:(إلى ذات عرق) ش: التخصيص بذات عرق لظاهر حال الكوفي، وإلا فالرجوع إليه وإلى غيره من المواقيت سواء في ظاهر الرواية في سقوط الدم. وعن أبي يوسف رحمه الله أنه قال: ينظر أنه إن عاد إلى ميقات آخر، وذلك الميقات يحاذي الميقات الأول سقط الدم، وإلا فلا. م:(ولبى بطل عنه دم الوقت) ش: أي دم الميقات.
م: (وإن رجع إليه ولم يلب حتى دخل مكة، وطاف لعمرته فعليه دم، وهذا) ش: أي هذا المذكور بالتفصيل. م: (قول أبي حنيفة رضي الله عنه، وقالا: إن رجع إليه) ش: أي إلى الميقات حال كونه. م: (محرما فليس عليه شيء لبى أو لم يلب) ش: وبه قال الشافعي في قول. م: (وقال زفر: لا يسقط لبى أو لم يلب) ش: وبه قال مالك رحمه الله، وأحمد، والشافعي في قول. م:(لأن جنايته لم ترتفع بالعود) ش: جنايته هو ترك الإحرام من الميقات فلا يرجع بعوده إلى الميقات؛ لأن بالعود الواجب عليه إنشاء تلبية واجبة عند الميقات، ووجوب التلبية عند الإحرام لا بعده.
م: (وصار حكمه كما إذا أفاض من عرفات ثم عاد إليه بعد الغروب. ولنا أنه تدارك المتروك في أوانه) ش: أي في أوان المتروك، والمتروك قضاء حق الفائت. م:(وذلك) ش: أي أوان المتروك. م: (قبل الشروع في الأفعال) ش: أي في أفعال الحج. م: (فيسقط الدم، بخلاف الإفاضة) ش: جواب عن قول زفر رحمه الله كما إذا أفاض، أراد أن قياسه عليه غير صحيح. م:(لأنه لم يتدارك المتروك) ش: لأن المتروك هنا استدامة الوقوف إلى غروب الشمس، وبالعدة لم يحصل ذلك. م:(على ما مر) ش: أي في الجنايات. م: (غير أن التدارك عندهما) ش: أشار به إلى أن التدارك هل يحصل بمجرد العود، أو مع التلبية، فقال: إن التدارك عندهما أي عند أبي يوسف، ومحمد رضي الله عنهما. م:(بعوده) ش: خلاف كونه محرمًا؛ لأنه أظهر حق الميقات وهو مجاوزته. م: (محرما؛ لأنه أظهر حق الميقات كما إذا مر به) ش: أي بالميقات حال كونه. م: (محرما ساكنا) ش: فلا يلزمه
وعنده رحمه الله: بعوده محرما ملبيا؛ لأن العزيمة في حق الإحرام من دويرة أهله، فإذا ترخص بالتأخير إلى الميقات وجب عليه قضاء حقه بإنشاء التلبية وكان التلافي بعوده ملبيا، وعلى هذا الخلاف إذا أحرم بحجة بعد المجاوزة مكان العمرة في جميع ما ذكرناه. ولو عاد بعدما ابتدأ بالطواف، واستلم الحجر لا يسقط عنه الدم بالاتفاق، ولو عاد إليه قبل الإحرام يسقط عنه بالاتفاق. وهذا الذي ذكرناه إذا كان يريد الحج أو العمرة، فإن دخل البستان لحاجته فله أن يدخل مكة بغير إحرام، ووقته البستان، وهو وصاحب المنزل سواء؛ لأن البستان غير واجب التعظيم فلا يلزمه الإحرام بقصده، وإذا دخله التحق بأهله
ــ
[البناية]
شيء، وكلاهما حالان مترادفان، أو متداخلان.
م: (وعنده) ش: أي عند أبي حنيفة رضي الله عنه. م: (بعوده) ش: أي التدارك بعوده حال كونه. م: (ملبيا) ش: كلاهما أيضًا حالان مثل ذاك. م: (لأن العزيمة) ش: أي الميقات. م: (في حق الإحرام من دويرة أهله) ش: أي لأن الأخذ بما أوجب الله عليه في الإحرام أن يكون من دويرة أهله في حق الآفاقي، قال تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} [البقرة: 196](البقرة: الآية 196) على ما مر فيما مضى.
م: (فإذا ترخص بالتأخير) ش: أي بتأخير الإحرام. م: (إلى الميقات وجب عليه قضاء حقه بإنشاء التلبية) ش: أي قضاء حق الميقات بالإتيان بالتلبية. م: (وكان التلافي بعوده ملبيا) ش: أي بالتدارك في عوده إلى الميقات حال كونه ملبيًا فإذا عاد ملبيًا فقد أتى بجميع المستحق عليه. م: (وعلى هذا الخلاف) ش: أي الخلاف المذكور. م: (إذا أحرم بحجة بعد المجاوزة) ش: عن الميقات. م: (مكان العمرة في جميع ما ذكرناه) ش: من الأشياء.
م: (ولو عاد) ش: على الميقات. م: (بعدما ابتدأ بالطواف، واستلم الحجر لا يسقط عنه الدم بالاتفاق) ش: أي باتفاق علمائنا، والشافعي في قول، ومالك، وأحمد، والفاء في فاستلم تفسيرًا للشروع في الطواف لبيان المعتبر في ذلك الشرط، وإن عاد قبله فعلى الخلاف المذكور. م:(ولو عاد إليه) ش: أي إلى الميقات. م: (قبل الإحرام يسقط عنه بالاتفاق) ش: وذلك لأنه استثناء التلبية الواجبة عند ابتداء الإحرام. م: (وهذا الذي ذكرناه) ش: من الأحكام. م: (إذا كان يريد الحج أو العمرة، فإن دخل البستان لحاجته فله أن يدخل مكة بغير إحرام) ش: كما يجوز للبستاني. م: (ووقته) ش: أي ميقاته. م: (البستان، وهو وصاحب المنزل سواء؛ لأن البستان غير واجب التعظيم) ش: إذ ليس فيه ما يوجب التعظيم. م: (فلا يلزمه الإحرام بقصده) ش: أي البستان.
م: (وإذا دخله) ش: أي البستان. م: (التحق بأهله) ش: أي بأهل البستان سواء نوى الإقامة خمسة عشر يومًا، أو لم ينو، وعن أبي يوسف رحمه الله: لو نوى الإقامة خمسة عشر يومًا فالجواب على ما ذكر، يعني إن نوى أن يقيم به خمسة عشر يومًا جاز له أن يدخله مكة بغير