الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن أحصر مكة وهو ممنوع عن الطواف والوقوف، فهو محصر؛ لأنه تعذر عليه الإتمام؛ فصار كما إذا أحصر في الحل. وإن قدر على أحدهما فليس بمحصر، أما على الطواف فلأن فائت الحج يتحلل به، والدم بدل عنه في التحلل، وأما على الوقوف فلما بينا
ــ
[البناية]
196 -
) .
قلنا: حكم الإحصار يثبت عند خوف الفوت، وبعد الوقوف بعرفة لا يخاف الفوت؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:«من وقف بعرفة فقد تم حجه» وكان المنع بعد التمام، فلا يكون محصرًا، ومعنى قَوْله تَعَالَى:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 196] أي: فإن منعتم عن إتمام الحج والعمرة، ولكنه يبقى محرمًا إلى أن يطوف للزيارة والصدر ويحلق أو يقصر، وعليه دم لترك الوقوف بمزدلفة، ولرمي الجمار دم، ولتأخير الطواف دم، ولتأخير الحلق دم عند أبي حنيفة رحمه الله فكان عليه أربعة دماء، وعندهما ليس لتأخير الطواف شيء.
فإن قيل: أليس أنكم قلتم: إذا ازدادت عليه مدة الإحرام يثبت حكم الإحصار في حقه، وقد ثبتت زيادة مدة الإحرام هاهنا فلما لم يثبت حكم الإحصار في حقه.
قلنا: ليس كذلك، فإنه يتمكن من التحلل بالحلق إلا في حق النساء، وإن كان يلزمه بعض الدماء فلا يتحقق العذر الواجب للتحلل، كذا في " المبسوط ".
[أحصر بمكة وهو ممنوع عن الطواف والوقوف]
م: (ومن أحصر بمكة وهو ممنوع عن الطواف والوقوف، فهو محصر؛ لأنه تعذر عليه الإتمام، فصار كما إذا أحصر في الحل) ش: حاصله أن الإحصار لا يتحقق عندنا، إلا إذا منع عن الوقوف والطواف جميعًا، وقال الشافعي رضي الله عنه: يتحقق الإحصار بمكة مطلقًا، سواء قدر على الطواف أو لا، لإطلاق قَوْله تَعَالَى:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 196](البقرة: الآية 196)، قلنا: مورد النص فيمن أحصر، خارج الحرم بدليل قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196](البقرة: الآية 196) والنهي عن الحلق مقيدًا ببلوغ الهدي إلى الحرم دليل إلى أنه خارج الحرم.
م: (وإن قدر على أحدهما) ش: أي أحد الاثنين وهما الطواف والوقوف. م: (فليس بمحصر) ش: يعني لا يكون محصرًا يعني لا يتحلل بالدم؛ لأنه بأيهما أحصر، فله أن يأتي بالآخر.
م: (أما على الطواف) ش: أي أما لو قدر على الطواف. م: (فلأن فائت الحج يتحلل به) ش: أي بالهدي. م: (والدم بدل عنه) ش: أي عن الطواف. م: (في التحلل) ش: في حق المحصر بعمرة عن الطواف، فلما قدر على الطواف، وهو الأصل؛ لم يثبت البدل، وهو التحلل بالهدي.
م: (وأما على الوقوف) ش: أي أما لو قدر على الوقوف. م: (فلما بينا) ش: وهو قوله: ومن وقف بعرفة ثم أحصر لا يكون محصرًا. م: (وقد قيل في هذه المسألة) ش: يعني قوله: ومن أحصر بمكة. م: (خلاف بين أبي حنيفة، وأبي يوسف - رحمهما الله -) ش: وهو ما ذكر علي بن جعد رحمه الله عن أبي يوسف رحمه الله، قال: سألت أبا حنيفة رضي الله عنه عن المحرم
وقد قيل في هذه المسألة خلاف بين أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - والصحيح ما أعلمتك من التفصيل، والله تعالى أعلم.
ــ
[البناية]
يحصر في الحرم فقال: لا يكون محصرا. فقلت: أليس أن النبي صلى الله عليه وسلم أحصر بالحديبية وهي من الحرم، فقال: إن مكة يومئذ كانت دار الحرب، فأما اليوم، فهي دار الإسلام، فلا يتحقق الإحصار فيها، قال أبو يوسف رحمه الله: وأما أنا فأقول: إذا غلب العدو على مكة حتى حالوا بينه وبين البيت فهو محصر.
م: (والصحيح ما أعلمتك من التفصيل) ش: أي قال المصنف رحمه الله: والصحيح من الرواية الممنوع من الوقوف والطواف يكون محصرًا باتفاق أصحابنا، وإذا قدر على أحدهما لا يكون محصرًا وهو معنى قوله: ما أعلمتك من التفصيل فافهم، والله ولي العصمة.