الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا بلغ الصبي، أو أسلم الكافر في رمضان، أمسكا بقية يومهما قضاء لحق الوقت بالتشبه، ولو أفطرا فيه لا قضاء عليهما؛ لأن الصوم غير واجب فيه.
ــ
[البناية]
هذا ليس بحديث النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من كلام الصحابة رضي الله عنهم.
قلت: هذا وهم فاحش فقد رواه أبو داود الطيالسي في " مسنده " من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال «صنع رجل طعاماً ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحاباً له، فلما أتي بالطعام تنحى أحدهم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " مالك؟ " قال: إني صائم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " أخوك تكلف وصنع لك طعاماً أفطر واقض يوماً مكانه» وروى نحوه الدارقطني من حديث محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وفي آخره يقول «إني صائم كل وصم يوماً مكانه» .
[الحكم لو بلغ الصبي أو أسلم الكافر في نهار رمضان]
م: (وإذا بلغ الصبي، أو أسلم الكافر في رمضان) ش: أي في يوم من أيام رمضان م: (أمسكا بقية يومهما) ش: وكذلك الحائض إذا طهرت والنفساء والمجنون إذا أفاق والمريض إذا برئ والمسافر إذا أقام فحكم هؤلاء في الإمساك عن المفطرات سواء، وهكذا كل معذور زال عذره بعد طلوع الفجر، أما لو زال قبل طلوع الفجر لزمه الصوم. وبقولنا قال أحمد في أصح الروايتين وبعض أصحاب الشافعي رضي الله عنه وأبو ثور وهو قول الأوزاعي، والحسن بن حي وإسحاق، وابن الماجشون وقال الشافعي، ومالك وداود رضي الله عنهم: يستحب الإمساك ولا يلزم لأن هذا شخص لا يلزمه الصوم لا ظاهراً ولا باطناً، فلا يلزمه الإمساك كما في حالة العذر.
م: (قضاء لحق الوقت بالتشبه) ش: يعني لقضاء حق الوقت بالتشبه بالصائمين، ولئلا يعرض نفسه للتهمة، وفي " النهاية ": اختلفوا في إمساك بقية اليوم، أنه على طريق الاستحباب، [لأنه مفطر فكيف يجب عليه الكف عن المفطرات. وقال الشيخ الإمام الزاهد الصفار رحمه الله: الصحيح أن ذلك على طريق الاستحباب] ، انتهى. وعلى قول ابن شجاع لا خلاف بيننا وبين الشافعي رضي الله عنه ومن معه م:(ولو أفطرا) ش: أي الصبي الذي بلغ والكافر الذي أسلم م: (فيه) ش: أي في اليوم الذي بلغ فيه الصبي وأسلم الكافر م: (لا قضاء عليهما؛ لأن الصوم غير واجب فيه) ش:، وقال زفر وإسحاق وأحمد في رواية: يجب القضاء قياساً على الصلاة وإذا بلغ الصبي قبل الزوال يكون صائماً نفلاً إذا نوى الصوم في ظاهر الرواية، لأنه أهل للنفل بخلاف الكافر، وعن أبي يوسف رحمه الله يجوز صومه عن الفرض بخلاف الكافر وقيل الكافر كذلك عنده، ولو أسلم في غير رمضان ونوى قبل الزوال كان صائماً حتى لو أفطر يلزمه قضاؤه. وفي " الخزانة ": لا يصح نفلاً ولا فرضاً بخلاف خروج رمضان حيث يكون نفلاً في حق الصبي ولا يتعلق به اللزوم، وفي " المحيط ": إذا أسلم بعد الطلوع لا يصح صومه لا فرضاً ولا نفلاً.
وصاما ما بعده لتحقق السبب، والأهلية، ولم يقضيا يومهما ولا ما مضى لعدم الخطاب، وهذا بخلاف الصلاة، لأن السبب فيها الجزء المتصل بالأداء، فوجدت الأهلية عنده، وفي صوم الجزء الأول، والأهلية منعدمة عنده، وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه إذا زال الكفر، أو الصبا قبل الزوال فعليه القضاء؛ لأنه أدرك وقت النية. وجه الظاهر أن الصوم لا يتجزأ وجوبا، وأهلية الوجوب منعدمة في أوله.
ــ
[البناية]
وقيل: يصح نفلاً، وفي ظاهر الرواية لا يصح، وإذا قدم المسافر من سفره قبل الزوال وكان قد نوى الإفطار فنوى الصوم أجزأه، وإن كان في رمضان وجب عليه الصوم لزوال المرض في وقت النية، وكذا لو كان مقيماً في أول الوقت فسافر لا يباح له الفطر، ولو أفطر فيهما لا تجب الكفارة.
م: (وصاما ما بعده لتحقق السبب) ش: وهو شهود الشهر م: (والأهلية) ش: الإسلام والبلوغ م: (ولم يقضيا يومهما) ش: الذي بلغ فيه الصبي وأسلم الكافر م: (ولا ما مضى) ش: من الأيام م: (لعدم الخطاب) ش: لأن الخطاب إنما يكون عند الأهلية وكانت منتقية.
فإن قلت: انتفاء الأهلية في أول النهار لا يمنع وجوب القضاء، فإن المجنون إذا أفاق في يوم رمضان قبل الزوال، والأكل ونوى الصوم يقع عن الفرض، ولو أفطر يجب عليه القضاء، مع أن الصوم لم يكن واجباً عليه في ذلك وقت طلوع الفجر.
قلت: لا نسلم أن الوجوب لم يكن ثابتاً عليه في ذلك الوقت بل الوجوب في حقه كان ثابتاً إلا أنه لم يظهر أثره عند الاستغراق، فإذا لم يستغرق ظهر أثر الوجوب.
م: (وهذا بخلاف الصلاة) ش: أي هذا الحكم الذي ذكرنا، وهو عدم وجوب قضاء صوم ذلك اليوم الذي بلغ فيه الصبي أو أسلم الكافر، بخلاف الصلاة يجب قضاؤها إذا بلغ أو أسلم في بعض الوقت م:(لأن السبب) ش: أي السبب في وجوب الصلاة م: (فيها) ش: أي في الصلاة م: (الجزء [المتصل بالأداء، فوجدت الأهلية عنده، وفي صوم الجزء] الأول، والأهلية منعدمة عنده) ش: أي عند الجزء الأول.
م: (وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه إذا زال الكفر) ش: عن الكافر م: (أو الصبا) ش: أي وإذا زال الصبا عن الصبي م: (قبل الزوال فعليه القضاء؛ لأنه أدرك وقت النية) ش: وهذا كمن أصبح ناوياً للفطر ثم نوى قبل الزوال أن الصوم أجزأه، ولا شك أن نية الفطر منافية للصوم لكنها منافية حكماً لا حقيقة، فلا تمنع نية الصوم قبل الزوال، وكذلك الكفر مناف للصوم حكماً لا حقيقة لا تمنع نية الصوم قبل الزوال م:(وجه الظاهر) ش: أي وجه ظاهر الرواية م: (أن الصوم لا يتجزأ وجوبا) ش: أي من حيث الوجوب م: (وأهلية الوجوب منعدمة في أوله) ش: أي
إلا أن للصبي أن ينوي التطوع في هذه الصورة دون الكافر على ما قالوا لأن الكافر ليس من أهل التطوع أيضا، والصبي أهل له. وإذا نوى المسافر الإفطار ثم قدم المصر قبل الزوال فنوى الصوم أجزأه لأن السفر لا ينافي أهلية الوجوب، ولا صحة الشروع، وإن كان في رمضان
ــ
[البناية]
في أول اليوم، بيانه أن الصوم لما لم يجب عليه في أول اليوم لعدم أهلية الوجوب في البقية؛ لأن الصوم الواجب، [
…
] لا يتجزأ فلا يجب القضاء.
م: (إلا أن للصبي أن ينوي التطوع في هذه الصورة) ش: أشار بهذا الاستثناء إلى الفرق بين حكم الصبي وحكم الكافر في هذه الصورة، وهي ما إذا بلغ الصبي قبل الزوال أو أسلم الكافر قبل الزوال وبيان الفرق بينهما أن الصبي إذا نوى التطوع يصح لأنه أهل له قبل البلوغ.
والكافر الذي أسلم ونوى التطوع لا يصح، وهو معنى قوله م:(دون الكافر) ش: لعدم الأهلية م: (على ما قالوا) ش: أشار إلى الاختلاف بين المشايخ فعامة المشايخ على ما ذكر من الفرق، أن الكافر إذا نوى التطوع بعدما أسلم قبل الزوال لا يصح، وأن الصبي إذا نوى كذلك يصح، وذكر في " الجامع الصغير "، الصغير يبلغ والكافر يسلم قال: هما سواء.
وفي " المنتقى ": عن أبي يوسف رحمه الله أنه سوى بينهما، وقال: يكون تطوعاً منهما جميعاً م: (لأن الكافر ليس من أهل التطوع أيضا، والصبي أهل له) ش: هذا التعليل كقول عامة المشايخ الذين فرقوا بينهما، ولا ترد مسألة المجنون؛ لأنه لو أفاق في نهار رمضان، ولم يكن أكل شيئاً فنوى الصوم حيث يقع صومه عن الفرض؛ لأن المجنون إذا لم يستوعب لا ينافي أهلية الوجوب. أما الصبا، والكفر فينافيان أهلية الوجوب.
م: (وإذا نوى المسافر الإفطار) ش: يعني في غير رمضان بدليل قوله فيما بعده: وإن كان في رمضان م: (ثم قدم المصر) ش: أي مصره م: (قبل الزوال فنوى الصوم أجزأه لأن السفر لا ينافي أهلية الوجوب) ش: أي وجوب الصوم، ولهذا يصح أداؤه في السفر م:(ولا صحة الشروع) ش: لأنه لو صام صح م: (وإن كان في رمضان) ش: أي وإن كان المسافر الذي نوى الإفطار وقدم مصره قبل الزوال في رمضان، قال الأترازي: هذا تكرار من المصنف؛ لأن ما قبله أيضاً في مسافر قدم المصر قبل الزوال في رمضان بدلالة التعليل بقوله؛ لأن السفر لا ينافي أهلية الوجوب، ومثل هذا الكلام، لا يستعمل في النفل.
قلت: قال السغناقي: إن المراد من قوله وإن نوى المسافر الإفطار في غير رمضان كما ذكرنا عن قريب فهذا أولى من حمل كلام المصنف على التكرار.
وكذا قال الأكمل؛ أن الأولى في غير رمضان والثانية في رمضان؛ فلا [يلزم] تكرار، وقال تاج الشريعة رحمه الله: قوله: وإذا نوى المسافر الإفطار ثم قدم المصر قبل الزوال فنوى الصوم إن كان مراده من هذا الصوم تطوعاً، فيكون المراد من الوجوب في قوله لا ينافي