الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وإذا غربت الشمس أفاض الإمام، والناس معه على هينتهم حتى يأتوا المزدلفة لأن النبي صلى الله عليه وسلم دفع بعد غروب الشمس
ــ
[البناية]
وقال القدوري في " شرحه " فإن حلق الحاج قبل أن يرمي جمرة العقبة قطع التلبية لأنه تحلل من الإحرام، والتلبية لا تثبت بعد التحلل، قال: فإن زالت الشمس قبل أن يرمي أو يذبح أو يحلق قطع التلبية في قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - رواه هشام. وروى محمد رحمه الله عن أبي يوسف رحمه الله أنه قال: يلبي ما لم يحلق، أو تزول الشمس من يوم النحر، وروى ابن سماعة عن محمد رحمه الله أن من لم يرم قطع التلبية إذا غربت الشمس يوم النحر.
أما إذا ذبح قبل أن يرمي فقد ذكر الكرخي رحمه الله أن هشاما روى عن أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - أنه يقطع التلبية لأنه تحلل بالذبح، وروى ابن سماعة عن محمد رحمه الله أنه لا يقطعها ما لم يرم أو يحلق، وقال الحسن عن أبي حنيفة ومحمد رحمه الله أنه يقطع التلبية لأنه تحلل بالذبح إنما يقطع التلبية بالذبح، القارن والمتمتع، وأما إذا ضحى المفرد لم يقطعها، لأن تحلله لم يقف على ذبحه.
[الإفاضة من عرفات بعد غروب الشمس]
م: (قال: وإذا غربت الشمس) ش: أي يوم عرفة م: (أفاض الإمام) ش: أي رجع، وإنما قال أفاض اتباعاً لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: 198] [البقرة: الآية 198) م: (والناس معه على هينتهم) ش: أي غير مسرعين، بل على السكينة والوقار، وقال صلى الله عليه وسلم:«ليس البر في إيجاف الخيل ولا في إيضاع الإبل، فعليكم بالسكينة والوقار» . الإيجاف بالجيم نوع من سير الخيل والإيضاع انشراح الخيل في السير، وفي " المبسوط " زعم بعض الناس أن الإيضاع سنة، وإنا نقول به، وتأويل ما روي أن راحلته صلى الله عليه وسلم كانت في ذلك الموضع فنخسها فانبعثت كعادة الدواب لا أنه قصد الإيضاع.
م: (حتى يأتوا المزدلفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دفع بعد غروب الشمس) ش: هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة، فقال: " هذه عرفة وعرفة كلها موقف "، ثم أفاض حين غربت الشمس» .. الحديث.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، «وفي حديث جابر الطويل رضي الله عنه فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس، إلى أن قال ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سبق القصواء» .. الحديث.
وفي حديث أسامة رواه أبو داود عن أحمد بن حنبل «كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما وقعت الشمس دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
ولأن فيه إظهار مخالفة المشركين. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي على راحلته في الطريق على هينته، فإن خاف الزحام فدفع قبل الإمام، ولم يجاوز حدود عرفة أجزأه؛ لأنه لم يفض من عرفة والأفضل أن يقف في مقامه كيلا يكون آخذا في الأداء قبل وقتها، فلو مكث قليلا بعد غروب
ــ
[البناية]
م: (ولأن فيه) ش: أي في الدفع بعد غروب الشمس م: (إظهار مخالفة المشركين) ش: فإنهم كانوا يدفعون من عرفة قبل طلوع الشمس، وقال الأترازي «روي أن النبي صلى الله عليه وسلم عشية يوم عرفة قال: أما بعد فإن هذا يوم الحج الأكبر، وإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون في هذا اليوم قبل غروب الشمس حين يقوم بها رؤوس الجبال، كأنها عام الرحال في وجوههم وإنا ندفع فلا تعجلوا، فدفع بعد غروب الشمس» انتهى.
قلت: هذا الحديث رواه الحاكم في " المستدرك " من حديث المسور بن مخرمة قال: «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات» .. الحديث، ثم قال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، قال فقد صح بهذا سماع المسور بن مخرمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا كما يتوهمه رعاع أصحابنا أن له رواية بلا سماع، وهذا رواه الشافعي والبيهقي رحمه الله أيضاً، والعجب من الأترازي مع دعواه الفريضة كيف يذكر الحديث بصيغة التمريض.
م: (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي على راحلته في الطريق على هينته) ش: - في الطريق - أي في طريق المزدلفة. وفي حديث جابر الطويل قال: «دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شق للقصواء الزمام، حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله وهو يقول بيده اليمنى: أيها الناس السكينة»
…
الحديث.
م: (فإن خاف الزحام) ش: أي وإن خاف الحاج إلحاق الزحام، أي زحمة الناس م:(فدفع قبل الإمام، ولم يجاوز حدود عرفة أجزأه) ش: كذا إذا كان به علة فدفع قبل الإمام م: (لأنه لم يفض من عرفة) ش: بضم الياء وكسر الفاء من الإفاضة، وهو الدفع من عرفات، م:(والأفضل أن يقف في مقامه كيلا يكون آخذا في الأداء قبل وقتها) ش: أي قبل وقت الإفاضة وفيه إشارة إلى أنه إن جاوز عرفة قبل الإمام وقبل غروب الشمس وجب عليه الدم، ولكن إن عاد إلى عرفة قبل الغروب ثم دفع مع الإمام منها بعد الغروب سقط عنه الدم.
وقال زفر رحمه الله لا يسقط، وعن أبي حنيفة رحمه الله يسقط صححه الكرخي، وبه قال مالك والشافعي وأحمد، وإن عاد بعد غروب الشمس لم يسقط بالاتفاق، ولو ند بعيره فتبعه حتى خرج من عرفات إذا أخرجه بعيره فعليه دم، ولا يسقط بالعود، كذا في " المحيط " و " خزانة الأكمل "، وقال أبو يوسف رحمه الله لا أحفظ فيه شيئاً عن أبي حنيفة رحمه الله.
م: (ولو مكث قليلا بعد غروب الشمس وإفاضة الإمام لخوف الزحام فلا بأس به) ش: وكذا