الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويكره للرجال على ما قيل إذا لم يكن من علة، وقيل: لا يستحب لما فيه من التشبه بالنساء،
ولا بأس بالكحل ودهن الشارب لأنه نوع ارتفاق، وهو ليس من محظورات الصوم، وقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاكتحال يوم عاشوراء
ــ
[البناية]
ولا يكره، وإن لم يكن موضع التشبه لأن مضغ العلك يورث هزال الجنين م:(ويكره) ش: أي العلك م: (للرجال على ما قيل) ش: ذكره فخر الإسلام م: (إذا لم يكن) ش: أي العلك م: (من علة) ش: أي من أجل علة في فمه، لأن الاشتغال به عند عدم العلة اشتغال بما لا يفيد م:(وقيل: لا يستحب) ش: أي العلك للرجال م: (لما فيه من التشبه بالنساء) ش: وقد ورد النهي عن تشبه الرجال بالنساء.
فإن قلت: قد ذكر قبله، ويكره فقوله ولا يستحب تكرار.
قلت: قال بعضهم لا فرق بينهما، وليس كذلك بل بينهما فرق لأنه يجوز أن يكون الشيء غير مستحب وغير مكروه كالمباحات في المشي والقيام والقعود في الأمر المباح.
[الاكتحال والسواك للصائم]
م: (ولا بأس بالكحل) ش: بفتح الكاف مصدر من كحل يكحل كحلاً مثل نصر ينصر نصراً ويجوز أن يكون بالضم فيكون اسما بمعنى الاكتحال، والأول أولى م:(ودهن الشارب) ش: كذلك يجوز فيه الوجهان وفتح الدال أولى، فيكون بمعنى الادهان م:(لأنه) ش: أي كل واحد من الكحل والدهن [ليس] من ممنوعات الصوم، فإذا لم يمنعا الصوم فلا بأس بهما لأنه نوع ارتفاق [وهو ليس من محظورات الصوم]، وقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاكتحال يوم عاشوراء) ش: لم يتعرض أكثر الشراح إلى ذكر حديث الاكتحال يوم عاشوراء غير أن السروجي قال في " شرحه ": الندب إلى صوم عاشوراء قد صح ولم يرد الندب إلى الاكتحال فيه في ما علمت من كتب الحديث، ثم قال: روى شمس الأئمة السرخسي رحمه الله عن ابن مسعود رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم عاشوراء من بيت أم سلمة رضي الله عنها وعيناه مملوءتان كحلاً كحلته أم سلمة،» انتهى.
قلت: روى البيهقي رضي الله عنه في " شعب الإيمان " من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبداً» ، ثم قال: إسناده ضعيف فجويبر ضعيف والضحاك لم يلق ابن عباس، ومن طريقه، روى ابن الجوزي في " الموضوعات "، ونقل عن الحاكم فيه حديثاً موضوعاً وضعه قتلة الحسين رضي الله عنه انتهى.
وجويبر، قال فيه ابن معين: ليس بشيء، وقال أحمد: متروك، وأما الضحاك لم يلق ابن عباس فروى ابن أبي شيبة في " مصنفه "، حدثنا أبو داود عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة، قال لم يلق الضحاك ابن عباس إنما لقي سعيد بن جبير فأخذ عنه التفسير.
وإلى الصوم فيه.
ــ
[البناية]
وروى ابن أبي شيبة أيضاً عن أبي داود عن شعبة قال: أخبرني ناس قال: سألت الضحاك هل رأيت ابن عباس، قال: لا.
وروى ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق ابن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اكتحل يوم عاشوراء لم ترمد عينه تلك السنة كلها» وقال: وفي رجاله من ينسب إلى تفضيل [....] عليه في أحاديث الثقات.
وأما الحديث الذي رواه شمس الأئمة عن ابن مسعود الذي ذكرناه الآن فما رأيت أحدا من أهل هذا الشأن ذكره عن ابن مسعود وإنما الحديث رواه الحارث بن أبي أسامة حدثنا سعيد بن زيد عن عمرو بن خالد عن محمد بن علي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن حديث ابن أبي ثابت عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «انتظرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج في رمضان إلينا فخرج من بيت أم سلمة وقد كحلته وملأت عينه كحلاً» قال شيخنا زين الدين: هذا ليس بصريح في الكحل للصائم إنما ذكر في رمضان فقط، ولعله كان في رمضان في الليل.
وقال الترمذي رحمه الله: " باب ما جاء في الكحل للصائم " حدثنا عبد الأعلى بن واصل حدثنا الحسن بن عطية حدثنا أبو عاتكة عن أنس رضي الله عنه قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: اشتكت عيني فأكتحل وأنا صائم؟ قال: " نعم» ثم قال الترمذي: حديث [أنس] ليس إسناده بالقوي ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء، وأبو عاتكة يضعف، قال البخاري فيه منكر الحديث، وقال أبو حاتم الرازي: ذاهب الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة، واسم أبي عاتكة طريف بن سلمان وقيل: سليمان، وقيل سلمان بن طريف، وروى ابن عدي في " الكامل " والبيهقي من طريقه والطبراني في الكبير من رواية حبان بن علي عن محمد بن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل بالإثمد وهو صائم» ومحمد هذا، قال البخاري فيه: منكر الحديث، وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء.
وروى ابن ماجه من رواية بقية الزبيدي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: «اكتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم» والزبيدي هذا هو سعيد بن [أبي سعد] الزبيدي قال الترمذي: هو من مجاهيل شيوخ بقية ينفرد بما لا يتابع عليه. وقال شيخنا زين الدين رحمه الله: ليس بمجهول بل مشهور بالضعف، ضعفه ابن عدي والدارقطني والخطيب.
م: (وإلى الصوم فيه) ش: أي وندب أيضاً إلى الصوم في يوم عاشوراء لما روى البخاري ومسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من أسلم يوم عاشوراء فأمره أن يؤذن في الناس: " من كان لم يصم فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم
ولا بأس بالاكتحال للرجال إذا قصد به التداوي دون الزينة ويستحسن دهن الشارب إذا لم يكن من قصده الزينة
ــ
[البناية]
فإن اليوم يوم عاشوراء» " وروى مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام يوم عاشوراء ويحثنا عليه ويتعاهدنا عنده»
…
الحديث وروي فيه أحاديث كثيرة.
م: (ولا بأس بالاكتحال للرجال إذا قصد به التداوي دون الزينة) ش: لأن الزينة للنساء، وقال الأترازي رحمه الله: يعني اكتحال الرجل بالكحل الأسود مباح إذا قصد به التداوي، فأما الزينة فلا. قلت: لم أدر ما فائدة قيد الكحل بالأسود، وليس الكحل إلا الأسود، وقال السروجي: ولا بأس بالاكتحال للرجال في الصوم وغيره لقصد التداوي دون الزينة.
قلت: اختلفوا فيه فذهب الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق إلى كراهة الكحل للصائم، وحكى ابن المنذر عن الشافعي رحمه الله في جوازه بلا كراهة وأنه لا يفطر به، سواء وجد طعمه في حلقه أم لا، وقال شيخنا زين الدين: وكذا روي عن عطاء والحسن البصري والنخعي والأوزاعي وأبي حنيفة رضي الله عنه وأبي ثور رضي الله عنه وحكي عن مالك وأحمد أنه إذا وجد طعمه في الحلق أفطر، وحكي أيضاً عن سليمان التيمي وسليمان بن المعتمر وابن شبرمة وابن أبي ليلى أنهم قالوا: يبطل به صومه، وقال قتادة: يجوز بالإثمد ويكره بالصبر.
وقال الثوري وإسحاق: يكره، وفي " سنن " أبي داود عن الأعمش قال: ما رأيت أحداً من أصحابنا يكره الكحل للصائم، وفي المجتبى لو وجد طعم الكحل في حلقه أو دماغه لا بأس به لدخول رائحة المسك والعود والثوم ورائحة الغذاء ودخان النار فإنها غير معتبرة بالإجماع، ولو بزق ورأى أثر الكحل، ولونه في بزاقه لا يفسد عند الأكثر.
فإن قلت: قد ذكر الاكتحال مرة في هذا الباب فما فائدة ذكره ثانياً بعد هذا.
قلت: قال الكاكي أخذاً من " النهاية "، قلنا لكل موضع فائدة، فإنه يستفاد من الأول عدم الفطر به، ولا يلزم منه عدم الكراهة بل يجوز أن يكون الشيء مكروهاً للصائم، وهو غير مفطر كما إذا ذاق شيئا ًبلسانه، وهذه المسألة يعلم أنه مكروه، ثم قد يختلف حكمه بين الرجال والنساء كما في العلك، فعلم [المسألة بالمسألة الثانية أنهما لا يفترقان إذا قصد الرجل شيئاً غير الزينة، مع أن هذا من خواص " الجامع الصغير "، وذلك من مسائل القدوري، والثالث من مسائل الفتاوى.
م: (ويستحسن دهن الشارب) ش: هكذا بفتح الدال قطعاً مصدر من دهن رأسه أو جسده إذا طلاه بالدهن بضم الدال م: (إذا لم يكن من قصده الزينة) ش: قال فخر الإسلام رحمه الله أصل ذلك أن الصوم كف عن الشهوة، وليس في دهن الشارب شهوة لا صورة ولا معنى فلم يكن محظوراً بالصوم وليس يحرم بالصوم الارتفاق ولا يجب به الشعث بخلاف الإحرام، فإنه يحرم
لأنه يعمل عمل الخضاب، ولا يفعل لتطويل اللحية إذا كانت بقدر المسنون وهو القبضة
ــ
[البناية]
به دهن الشارب، وقال الأترازي وقد دل هذا على أنه يستحسن دهن شعر الوجه وبذلك جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه يعمل عمل الخضاب انتهى. قلت: السنة التي جاءت باستحسان دهن شعر الوجه رواه الترمذي، حدثنا يحيى بن موسى قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلوا الزيت وادهنوا به، فإنه من شجرة مباركة» ".
وقوله: " ادهنوا به " يشمل دهن شعر الوجه وغيره من أعضائه، والسنة التي جاءت بالخضاب ما رواه الترمذي أيضاً، قال حدثنا أحمد بن منيع قال حدثنا حماد بن خالد الخياط قال حدثنا فايد مولى لآل أبي رافع «عن علي بن عبيد الله عن جدته وكانت تخدم النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ما كان يكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم قرحة ولا نكبة إلا أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضع عليها الحناء» .
م: (لأنه يعمل عمل الخضاب) ش: أي لأن دهن شعر الشارب يعمل عمل الخضاب وبالخضاب جاءت السنة ولكن إذا لم يكن لقصد الزينة بل لحاجة أخرى يدل عليه ما رويناه عن الترمذي، وفي " المبسوط " لا بأس بالخضاب لأجل النساء ولأجل الحرب. قلت خضابه لأجل النساء لا يخلو عن الزينة على ما لا يخفى.
م: (ولا يفعل) ش: أي الدهن م: (لتطويل اللحية إذا كانت) ش: أي اللحية م: (بقدر المسنون وهو القبضة) ش: بضم القاف، وقال الكاكي: طول اللحية بقدر القبضة عندنا، وما زاد على ذلك يجب قطعه هكذا روي «عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذ من طولها» أورده أبو عيسى في " جامعه ".
قلت: لفظ الترمذي كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها أخرجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ
…
الحديث، وقال: هذا حديث غريب.
قلت: هذا لا يدل على أن الذي كان يأخذه النبي صلى الله عليه وسلم القبضة، نعم جاء أثران فيه أحدهما: عن ابن عمر رضي الله عنهما رواه أبو داود والنسائي من حديث مروان بن سالم المقنع. قال: رأيت ابن عمر رضي الله عنه يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف، وذكره