الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا تجري عند القدرة لعدم إتعاب النفس، والشرط العجز الدائم إلى وقت الموت؛ لأن الحج فرض العمر،
وفي الحج النفل تجوز الإنابة حالة القدرة؛ لأن باب النفل أوسع. ثم ظاهر المذهب أن الحج يقع عن المحجوج عنه
ــ
[البناية]
قال الأصحاب: وهو الأظهر، ولو كان مرض لا يرجى زواله، فحج غيره فبرأ لا يجزئه في الأظهر، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله في الأظهر، ولو حج الصحيح قبل العجز ثم عجز لم يجزه بالإجماع.
م: (ولا تجري) ش: أي النيابة. م: (عند القدرة لعدم إتعاب النفس، والشرط العجز الدائم) ش: أي شرط جواز النيابة في الحج عن الغير هو العجز المستمر الدائم. م: (إلى وقت الموت) ش: حتى لو قدر المحجوج عنه حج بعد أداء المأمور بحج ثانيًا فلا يسقط عنه الفرض، كما في الشيخ الفاني إذا قدر على الصوم بعد أداء الفدية يجب عليه الصوم. م:(لأن الحج فرض العمر) ش: هذا دليل لكون الشرط هو العجز الدائم، بيانه: أن الحج لما كان فرض العمر. وقدر على أدائه في أثناء عمره، وجب عليه، وجعل فعل النائب فيما مضى كأن لم يكن.
فإن قيل: القدرة على الأصل تبطل الخلف قبل حصول المقصود بالخلف، وقد حصل بالخلف، وهو حصول المشقة بتنقيص المال.
فالجواب: إن لم نسلك في هذه المسألة مسلك الأصل والخلف وإنما قلنا: إن الحج مركب من أمرين أحدهما يحتمل النيابة والآخر لا يحتملها. فقولنا بأحدهما عند القدرة، فلم تجز النيابة، وبالآخر عند العجز فجوزناها لكن شرطنا لكونه وظيفة العمر أن يكون العجز دائمًا لما مر.
واعترض بيان كونه وظيفة العمر، لا يصلح دليلًا على اشتراط العجز الدائم لتخلفه عنه، فإنه شرط لجواز الفدية للشيخ الفاني عن الصوم. والصوم ليس وظيفة العمر. والجواب أن الدليل يستلزم المدلول ولا ينعكس، وكل ما كان وظيفة العمر يشترط فيه العجز الدائم، ولا يلزم أن كل ما يشترط فيه العجز الدائم يكون وظيفة العمر.
[الإنابة في حج النفل]
م: (وفي الحج النفل تجوز الإنابة حالة القدرة؛ لأن باب النفل أوسع) ش: ولهذا تجوز الصلاة النافلة مع القدرة على القيام، لكن للأمر ثواب النفقة بالاتفاق؛ لأن وقوع النفل عن الأمر بالنص على خلاف القياس، وهو حديث الخثعمية، وهو ورد في الفرض؛ لأنها قالت: إن فريضة الحج أدركت
…
فبقي النفل على أصل القياس، وقال الفراء في " الذخيرة ": المذهب كراهة النيابة في النفل، وذكر النووي رحمه الله في " شرحه " أن في النيابة في الحج للنفل قولين والصحيح جوازها. م:(ثم ظاهر المذهب) ش: كراهة النيابة في النفل، وذكر النووي رحمه الله. م:(أن الحج يقع عن المحجوج عنه) ش: وهو الأمر هذا في الفرض بالنص على ما يجيء، وأما في نفل، فيقع عن المأمور بالاتفاق.
وبذلك تشهد الأخبار الواردة في هذا الباب
ــ
[البناية]
واعترض عليه الأترازي رحمه الله حيث قال: قال بعضهم في هذا الموضع الحج النفل يقع عن المأمور بالاتفاق، وللأمر ثواب النفقة، وذلك خلاف الرواية ألا ترى إلى ما قال الحاكم الجليل الشهيد في " مختصر الكافي " الحج التطوع عن الصحيح جائز.
ثم قال: وإذا حج الصحيح عن نفسه فهو تطوع، قال: وفي الأصل تكون الحجة عن الحج. م: (وبذلك) ش: أي وبوقوع الحج عن المحجوج عنه. م: (تشهد الأخبار الواردة في الباب) ش: أي في الباب الواردة في الحج عن الغير.
فمن جملة الأخبار ما أخرجه ابن ماجه عن محمد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس، قال: حدثني حصين بن عون رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، «إن أبي أدركه الحج، ولا يستطيع أن يحج إلا معترضا فسكت ساعة، ثم قال: حج عن أبيك» . قال العقيلي قال أحمد بن محمد بن كريب منكر الحديث.
وأخرجه البيهقي عن محمد بن سيرين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره، قال البيهقي رواية محمد بن سيرين عن ابن عباس رضي الله عنهما مرسلة، قال صاحب " التنقيح ": قال أحمد وابن معين وابن المديني: لم يسمع ابن سيرين من ابن عباس رضي الله عنهما، قال وقد روى البخاري في " صحيحه " حديثًا من رواية ابن سيرين عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ومنها ما أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن شعبة عن النعمان بن سالم عن عمرو بن أوس عن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه رجل من بني عامر، «قال: يا رسول الله: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، قال: حج عن أبيك واعتمر.» قال الترمذي: حديث حسن صحيح، واسم أبي رزين لقيط بن صبرة، رواه أحمد رحمه الله في " مسنده " وابن حبان في " صحيحه "، والحاكم في " مستدركه "، وقال: على شرط الشيخين.
ومنها ما رواه الطبراني من حديث سودة أم المؤمنين رضي الله عنها «أن رجلًا قال: يا رسول الله أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج فأحج عنه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته، أكان يجزئ عنه؟ " فقال: نعم، قال: " حج عنه» .