الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب إضافة الإحرام إلى الإحرام
قال أبو حنيفة رحمه الله: إذا أحرم المكي بعمرة، وطاف لها شوطا ثم أحرم بالحج فإنه يرفض الحج، وعليه لرفضه دم، وعليه حجة وعمرة. وقال أبو يوسف، ومحمد - رحمهما الله -: رفض العمرة أحب إلينا، وقضاها، وعليه دم لرفضها؛ لأنه لا بد من رفض أحدهما؛ لأن الجمع بينهما في حق المكي غير مشروع، والعمرة أولى بالرفض؛ لأنها أدنى حالا وأقل أعمالا وأيسر قضاء لكونها غير موقتة، وكذا إذا أحرم بالعمرة ثم بالحج ولم يأت بشيء من أفعال
ــ
[البناية]
[باب إضافة الإحرام إلى الإحرام]
م: (باب إضافة الإحرام إلى الإحرام)
ش: أي هذا باب في بيان حكم إضافة الإحرام إلى الإحرام، ولما كانت هذه من أهل مكة، وممن منزله داخل الميقات جناية، وكذا إضافة إحرام العمرة إلى الحجة في الآفاقي عقب باب الجنايات بهذا الباب لكونه نوعًا من الجنايات.
م: (قال أبو حنيفة رضي الله عنه: إذا أحرم المكي بعمرة، وطاف لها شوطا ثم أحرم بالحج فإنه يرفض الحج، وعليه لرفضه دم، وعليه حجة وعمرة) ش: إنما قيد المكي لأن الآفاقي لو أحرم بعمرة فطاف له شوطًا ثم أحرم بحجة يمضي في الحج فيها، ولا يرفض الحج؛ لأن بناء أفعال الحج على أعمال العمرة صحيح في حقه عندنا، وعند الشافعي رضي الله عنه، ومالك: يصح في حق المكي أيضًا لمشروعية القران، والتمتع عندهما، وإنما قيد بقوله: وطاف لها شوطًا؛ لأنه إذا لم يطف للعمرة أصلًا يرفض العمرة بالاتفاق، وقيد بقوله: شوطًا، وأراد به أقل الأشواط، حتى إذا طاف شوطين، أو ثلاثة أشواط كان الخلاف فيه كما ذكره، أما إذا طاف للعمرة أكثر الأشواط يرفض الحج بالاتفاق.
م: (وقال أبو يوسف، ومحمد: رفض العمرة أحب إلينا) ش: لأنها أيسر قضاء، وأداء، وأخف مؤنة، فصارت أولى بالرفض على ما يجيء. م:(وقضاها) ش: أي العمرة. م: (وعليه دم لرفضها؛ لأنه لا بد من رفض أحدهما) ش: أي الحجة أو العمرة. م: (لأن الجمع بينهما) ش: أي الحجة والعمرة. م: (في حق المكي غير مشروع) ش: أي عندنا، خلافًا للشافعي، ومالك رضي الله عنهما؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196](البقرة: الآية 196) . م: (والعمرة أولى بالرفض) ش: من الحج. م: (لأنها أدنى حالا وأقل أعمالا وأيسر قضاء لكونها غير موقتة) ش: لأن العمرة سنة، والحج فريضة؛ لأن أداءها يمكن في جميع السنة إلا خمسة أيام يكره فيها.
م: (وكذا إذا أحرم بالعمرة ثم بالحج ولم يأت بشيء من أفعال العمرة لما قلنا) ش: برفض العمرة أيضًا بالاتفاق، وفي عبارته تسامح؛ لأنه عطف بقوله: وكذا المتفق عليه على المختلف فيه، وفيه تلبيس إذا أحرم بالعمرة ثم بالحج، ومات بشيء من أفعال العمرة كما قلنا هو قوله: لأنها
العمرة لما قلنا. فإن طاف للعمرة أربعة أشواط، ثم أحرم بالحج رفض الحج بلا خلاف؛ لأن للأكثر حكم الكل فتعذر رفضها كما إذا فرغ منها، ولا كذلك إذا طاف للعمرة أقل من ذلك عند أبي حنيفة رحمه الله وله أن إحرام العمرة قد تأكد بأداء شيء من أعمالها، وإحرام الحج لم يتأكد، ورفض غير المتأكد أيسر؛ ولأن في رفض العمرة، والحالة هذه إبطال العمل، وفي رفض الحج امتناعا عنه، وعليه دم بالرفض أيهما رفضه؛ لأنه تحلل قبل أوانه؛ لتعذر المضي فيه
ــ
[البناية]
أدنى حالًا، وأقل أعمالًا وأيسر قضاء. م:(فإن طاف للعمرة أربعة أشواط، ثم أحرم بالحج رفض الحج بلا خلاف؛ لأن للأكثر حكم الكل فيتعذر رفضها كما إذا فرغ منها) ش: أي من العمرة لعدم إمكان الرفض. م: (ولا كذلك إذا طاف للعمرة أقل من ذلك عند أبي حنيفة رضي الله عنه) ش: وفي بعضها: وكذلك بحذف كلمة " لا " من قوله: ولا كذلك، وقال السغناقي رضي الله عنه: قال الإمام حسام الدين رضي الله عنه: الصواب، وكذلك قال الكاكي أيضًا هو المثبت في نسخة المصنف، قال: وكذلك وجدت بخط شيخي.
وقال الأترازي في نسخته: ولا كذلك، هذا جواب سؤال مقدر بأن يقال: لما قال المصنف: فإن طاف للعمرة أربعة أشواط رفض الحج؛ لأن للأكثر حكم الكل، ورد عليه السؤال بأن يقال: كيف يرفض الحج على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه فيما إذا طاف الأقل للعمرة، ولم يوجد الأكثر الذي له حكم الكل؟
فأجاب عنه وقال: ولا كذلك إذا طاف للعمرة أقل من ذلك، إلا أن أبا حنيفة رضي الله عنه لا يعلل لرفض العملة فيما إذا طاف الأقل للعمرة لوجود الأكثر لم يعلل بعلة أخرى، وهي ما ذكره بقوله:
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رضي الله عنه. م: (أن إحرام العمرة قد تأكد بأداء شيء من أعمالها، وإحرام الحج لم يتأكد، ورفض غير المتأكد أيسر) ش: من رفض المتأكد وهذا لأن الحكم جاز أن يكون معلولًا بعلل شتى، وعدم الكل لعلة لا يوجب للكل عدم الحكم. م:(ولأن في رفض العمرة) ش: هذا وجه آخر لقوله: ولا كذلك، أي: والجواب أن في رفض العمرة وجود بعض أفعال العمرة، وأشار إليه بقوله. م:(والحالة هذه) ش: يعني، والحال أنه أتى بشيء من أفعال العمرة. م:(إبطال العمل) ش: بالنصب لأنه اسم إن، يعني أن إبطال العمل في الطواف الذي أتى به.
م: (وفي رفض الحج امتناع عنه) ش: أي ولأن في رفض الحج امتناعًا عن الإبطال، والامتناع أهون في الإبطال؛ لأن ما وقع معتد به، ولا كذلك إذا لم يفعل شيئًا. م:(وعليه دم بالرفض أيهما رفضه) ش: يعني الحج عنده والعمرة عندهما. م: (لأنه تحلل قبل أوانه) ش: بعد أداء الأفعال. م: (لتعذر المضي فيه) ش: لكون الجمع بينهما غير مشروع.